من محامد الأوصاف والأفعال / التفكّر فيما يوجب الاعتبار والعمل
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج2، ص 304 ــ 305
2025-07-24
438
ومنها:
التفكّر فيما يوجب الاعتبار والعمل:
فإنّه من أعظم العبادات، فقد ورد أنّ أفضل العبادة إدمان التفكّر في اللّه وفي قدرته[1] وانّ التفكّر يدعو إلى البرّ والعمل [به] [2]، وانّ الفكرة مرآة الحسنات، وكفّارة السيّئات، وضياء القلب، وفسحة للخلق، وإصابة في إصلاح المعاد، واطّلاع على العواقب، واستزادة في العلم، وهي خصلة لا يعبد اللّه بمثلها [3].
وانّ التفكّر في ملكوت السماوات والأرض عبادة المخلصين [4]، وانّ كلّ سكوت ليس فيه فكر فهو غفلة [5]، وانّ تفكّر ساعة خير من قيام ليلة، كما في خبر [6]، ومن عبادة سنة، كما في عدّة أخبار [7]، وعن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: تفكّر ساعة خير من عبادة ستّين سنة [8]، وانّه ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم، وإنّما العبادة التفكّر في أمر اللّه (عزّ وجلّ) [9]، وانّه كان أكثر عبادة أبي ذر رضوان اللّه عليه التّفكر [10]، وانّه ما أوتي لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل، ولا بسط في جسم، ولا جمال، ولكنّه كان رجلاً قويًّا في أمر اللّه، متورّعًا في اللّه، ساكتًا سكينًا، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغنٍ بالعبر [11]، وانّ لقمان عليه السّلام كان يطيل الجلوس وحده، فكان يمرّ به مولاه فيقول: يا لقمان! إنّك قديم الجلوس وحدك، فلو جلست مع الناس كان آنس لك، فيقول لقمان: إنّ طول الوحدة أفهم للفكرة، وطول الفكرة دليل الجنّة [12]، وسُئل عليه السّلام عن كيفيّة التفكّر فقال: إنّه يمرّ بالخربة أو بالدار فيقول: أين ساكنوك؟ وأين بانوك؟ مالك لا تتكلمين [13]؟ وغرضه عليه السّلام من ذلك المثال، والّا فما من شيء تراه العين الّا وفيه موعظة للمتدبّر، كما نبّه عليه السّلام على ذلك في خبر آخر.
وعليك بمراجعة مرآة الرشاد في المقام، فإنّا قد ذكرنا هناك ما يفيدك ولا وجه للتكرار.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أصول الكافي: 2/55 باب التفكّر حديث 3.
[2] أصول الكافي: 2/55 باب التفكّر حديث 5.
[3] مستدرك وسائل الشيعة: 2/282 باب 5 حديث 7، عن مصباح الشريعة.
[4] مستدرك وسائل الشيعة: 2/282 باب 5 حديث 8، عن الآمدي في الغرر عن أمير المؤمنين عليه السّلام.
[5] مشكاة الأنوار: 37 الفصل التاسع في التفكر.
[6] المحاسن: 26 باب 3 ثواب التفكر في اللّه حديث 5، بسنده عن الحسن الصيقل، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: تفكّر ساعة خير من قيام ليلة؟ قال: نعم، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: تفكّر ساعة خير من قيام ليلة. قلت: كيف يتفكّر؟ قال: يمرّ بالدّار والخربة فيقول: أين بانوك؟ أين ساكنوك؟ مالك لا تتكلمين؟
[7] مستدرك وسائل الشيعة: 2/281 باب 5 حديث 2، عن تفسير العياشي.
[8] وسائل الشيعة: 11/153 باب 5 حديث 6.
[9] أصول الكافي: 2/55 باب التفكّر حديث 4.
[10] الخصال: 1/42 حديث 33، بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: كان أكثر عبادة أبي ذر - رحمة اللّه عليه - خصلتين: التفكّر والاعتبار.
[11] تفسير على بن إبراهيم القمي: 2/162 سورة لقمان. وفي المتن ساكنا، بدل: ساكتًا.
[12] تنبيه الخواطر المعروف بمجموعة ورام: 250 باب التفكّر.
[13] المحاسن: 26 باب 3 ثواب التفكّر في اللّه حديث 5.
الاكثر قراءة في التفكر والعلم والعمل
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة