القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
اثبات الخيانة الزوجية عبر الوسائل الحديثة
المؤلف:
ولاء سعد حسن
المصدر:
وسائل الاثبات الحديثة ودورها في مسائل الأحوال الشخصية
الجزء والصفحة:
ص 161-171
2025-07-19
169
تعرف الخيانة باللاتينية (traditio) بانها ( الخطأ الذي يكسر الولاء الواجب الحفاظ عليه فيما يتعلق بشخص ما أو شيء ما سواء من خلال الأقوال أو الأفعال) (1) ، وينصرف معناها الى صورتين رئيستين وهي (الخيانة الجسدية )وتشتمل على فعل الزنا واللواط ، و (الخيانة العاطفية) وتمثل مشاركة رابطة عاطفية عميقة مع شخص آخر غير الزوج ، تختلف التشريعات من حيث الأخذ بكلتا الصورتين كسبب من اسباب الفرقة ، بالنسبة للمشرع الأمريكي فلم ينص في القانون الاتحادي للزواج والطلاق على الخيانة كأساس لطلب التفريق وانما تولت ذلك قوانين الولايات المحلية والتي اختصت بتنظيم الخيانة الجسدية دون العاطفية ، ومن التشريعات المحلية المنظمة لذلك قانون ولاية نيويورك والذي لم يكن يعترف بمنح الفرقة الا على اساس الزنا ثم اضيفت بعض الاسباب التي تعتبر من قبيل الخطأ حتى تعديل المادة (170/7) من قانون العلاقات الأسرية في تاريخ 2010/8/15 والتي أضافت معيار شهادة الزوج على انقطاع العلاقة الزوجية بشكل لا رجعه فيه ) والتي تؤسس لمشروعية منح الفرقة بدون خطأ ، وتنص المادة (170) على (يحق للزوج أو الزوجة إقامة دعوى الطلاق لإصدار حكم طلاق الزوجين وفسخ الزواج بأي سبب من الأسباب الآتية: ((4) ارتكاب فعل الزنا ، بشرط أن يُعرَّف الزنا لأغراض المواد العاشرة ، والحادية عشرة ، والحادية عشرة /أ من هذا الفصل ، على أنه ارتكاب فعل جنسي أو اتصال جنسي منحرف ، يقوم به طواعية المدعى عليه مع شخص آخر غير المدعي بعد زواج المدعي والمدعى عليه ، يشمل الاتصال الجنسي المنحرف، على سبيل المثال لا الحصر ، السلوك الجنسي كما هو محدد في القسم الفرعي الثاني من القسم 130.00 والقسم الفرعي الثالث من القسم 130,20 من قانون العقوبات) وتتناول المادة 130,00 من قانون العقوبات تعريف المصطلحات الواردة بالقانون مثل تعريف صور الجرائم الجنسية اما المادة 130٫25 فتتولى بيان سوء السلوك الجنسي " (1)، ايضاً فقد نظم قانون ولاية فرجينيا الخيانة الجسدية في المادة 20-1 من الفصل السادس (الطلاق والإقرار والبطلان والتي تنص على (أسباب الطلاق من رباط الزوجية : أ . يجوز إصدار مرسوم بالطلاق عن رابطة الزواج (2) للزنا؛ أو اللواط أو اللواط الذي يرتكب خارج الزواج) وقد أورد المشرع مصطلحي ( buggery sodomy ) للتعبير عن اللواط وليس هنالك اي اختلاف بينهما الا من حيث الأصول اللغوية (3) ، وأوردت المادة 18,2-365 تعريفاً للزنا أي شخص ، متزوج، يمارس طواعية الاتصال الجنسي مع أي شخص ليس زوجته / زوجها ، يكون مذنباً بارتكاب الزنا ، ويعاقب عليه باعتباره جنحة من الدرجة الرابعة) ، يعد اثبات الخيانة الجسدية الأصعب من بين اثبات الاسباب الأخرى ويتطلب اثباته اقراراً من قبل الزوج الزاني امام القضاء اذ لا يعتد باعتراف الزوج لزوجه او اي شخص آخر بخيانته خارج قاعة المحكمة ، ونجد هذا المبدأ ثابتاً في السوابق القضائية مثل قرار المحكمة العليا في نيويورك ( اعتراف المدعية بانها أصبحت متورطة عاطفياً مع آخر فلم يتم اثباته من خلال دليل مقنع) (4) ، في ولاية فرجينيا والتي تعد ارتكاب الخيانة الجسدية جنحة من الدرجة الرابعة ولأن التعديل الخامس لدستور الولايات المتحدة (1971) الذي ينص على (لا يجوز اجبار اي شخص في اي قضية جنائية على ان يكون شاهداً ضد نفسه ) فيتمتع الازواج بامتياز (حق الزوج في عدم تجريم الذات) بمعنى ان اقرار الزوج امام القضاء بارتكابه الخيانة سيعرضه للعقوبة و ان الدستور يمنح الشخص حق عدم الاقرار بذلك وبالتالي فلن يستطيع القضاء اجبار الزوج على الاقرار بالخيانة ولا حتى تفسير صمت الزوج على انه ارتكب الخيانة ، وقد جرى تغيير كبير في قانون فرجينيا 801-2231 بشأن تأكيد الحقوق الدستورية في الدعاوى المدنية والذي دخل حيز النفاذ في 2020/7/1 والذي سهل بدوره عملية اثبات الخيانة الجسدية اذ في حالة تذرع الزوج بالحماية الدستورية يستطيع القاضي ان يكون استنتاج سلبي قائم على صمت الزوج المتهم، خاصة اذا اقترن ذلك بشهادة الشهود ، والصور ، والرسائل النصية ، وعادات الإنفاق غير النمطية ، وغيرها من الأدلة المتاحة ، ولا يعني الاستنتاج ان الخيانة قد ارتكبت بالفعل وانما يفسر ان الشخص الصامت كان على استعداد لتحمل هذه المخاطرة وأستمر في امتناعه بتزويد المحكمة حول ذلك (5) ، تعتمد فرجينيا على معيار اثبات متوسط (الاثبات بالأدلة الواضحة والمقنعة) وهو معيار أعلى من معيار اثبات القضايا المدنية (رجحان الأدلة) وأقل من معيار القضايا الجنائية (بما لا يدع مجالاً للشك) ، وتختلف الولايات في تحديدها لمفهوم الزنا لم يعرف قانون الطلاق لولاية كارولينا الجنوبية الزنا ، الا ان السوابق القضائية قد بينت عدم اشتراط الجماع - الاتصال الجنسي لتحقق الزنا وتعتبر بالعلاقة الحميمة الجنسية ، وبالتالي فإنها تتطلب اثبات عنصرين (دافع الزوج للقيام به ) بمعنى ان هنالك بعض الدوافع المتوفرة في حياته الزوجية ولدت له الميل في ارتكابه ، و (ميل الزوج وتحقق فرصة ارتكاب الزنا اي حقيقة أن الزوج كان لديه صديق مقرب أو قضى وقتا بمفرده مع شخص آخر خلف الأبواب المغلقة ، وتشير السوابق القضائية فيما يخص معيار الاثبات استخدامها معيار مختلط ما بين معيار (الاثبات بالأدلة الواضحة والمقنعة) و (رجحان الأدلة) (يجب أن يكون إثبات الزنا واضحًا وإيجابيًا ويجب إثبات الخيانة من خلال رجحان واضح للأدلة) (6)
يتطلب اثبات الخيانة الجسدية اثبات واقعة الجماع اما من بوساطة وسيلة قطعية في دلالتها ويصطلح على الأدلة المستقاة منها الادلة) المباشرة) كأن يتم اثباتها بتسجيل مرئي يتضمن في محتواه تصوير الواقعة مما يتيح للقاضي الاطلاع عليها وكأنه شهدها هو الآخر ، أو من خلال القرائن بمعنى تكوين استنتاجي مبني على مجموعة من الحقائق التي تشير الى استعداد الزوج وميله لارتكاب ذلك ، وتأخذ ولاية كارولينا الجنوبية بذلك فمن خلال قضية Port . Panorst قضت المحكمة بالطلاق المبني على خطأ الزوجة على اساس الزنا معتبرين بالقرائن مثل مكوث الزوجة في ذات غرفة الفندق مع شخص آخر غير الزوج أظهر هذا الدليل كلاً من الميل والفرصة لارتكاب الزنا اثبات الميل والفرصة كافيان لإثبات الدعوى) (7)
ايضاً فقد نظم المشرع العراقي الخيانة الزوجية بمفهومها المطلق الجسدي والمعنوي) كسبب اساسي لمنح الفرقة القضائية وذلك من خلال المادة (40/2) (لكل من الزوجين طلب التفريق عند توافر أحد الأسباب الآتية: 2- إذا ارتكب الزوج الآخر، الخيانة الزوجية. ويكون من قبيل الخيانة الزوجية، ممارسة الزوج اللواط، بأي وجه من الوجوه) ، اما موقف القضاء فكان مختلفاً في التأسيس لمنح الفرقة اذ تمنح الفرقة على أساس المادة (40/1) على اعتبارها من قبيل الضرر وفي مبدأ لمحكمة التمييز قضت باعتبار اللواط من قبيل الضرر على الرغم من أن المشرع أسس ذلك على اساس المادة (40/2) (يحق للزوجة طلب التفريق عند ممارسة الزوج معها فعل اللواط بالإكراه لأن ذلك يعد ضرراً جسيماً يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية النبيلة) ، وبما أن المشرع قد أطلق وسائل الاثبات بالنسبة لأسباب التفريق في المادة (44)( يجوز إثبات أسباب التفريق بكافة وسائل الإثبات بما في ذلك الشهادات الواردة على السماع، إذا كانت متواترة، ويعود تقديرها إلى المحكمة، وذلك باستثناء الحالات التي حدد القانون وسائل معينة لإثباتها) ولأن الخيانة الزوجية هي احدى الاسباب التي تمنح التفريق القضائي والتي لم يحدد القانون وسائل اثباتها ، فان اثباتها يكون بكافة الوسائل كإقرار الزوج الزاني والشهادة وقد سمح المشرع بالشهادة السماعية وهي شهادة الشاهد على الواقعة بناءً على شهادة شاهد رآها (8) مشترطاً فيها التواتر والتواتر خبر جماعة لا يجوز العقل اتفاقهم على الكذب (9) ، وفي قرار لمحكمة التمييز (يجوز اثبات اسباب التفريق بوسائل الاثبات كافة بما فيها الشهادات الواردة على السماع البالغة حد التواتر ) ، ولم ينظم المشرع العراقي في قانون الاثبات نصاب الشهادة ولا تحديد جنس الشاهد بل جاءت النصوص القانونية مطلقة وفي ذلك قضت محكمة التمييز على ( لا ترد دعوى المدعي بحجة عدم اكمال نصاب الشهادة فاذا كان الشاهدان رجلاً وامرأة فان قانون الاثبات لم يتطلب جنس معين في الشهود وانما جاءت نصوصه مطلقة عند ذكر الشهادة كوسيلة من وسائل الاثبات ، عليه فالمطلق يجري على اطلاقه ما لم يقيد بموجب نص كما هو حاصل في المادة (11/ثالثا) بشأن مسائل الاحوال الشخصية هذا بالإضافة الى ان المادة 84/ اثبات أجازت الأخذ بشهادة شخص واحد اذا اقتنعت المحكمة بصحتها مع يمين المدعي وتعتمدها سبباً للحكم) (10) ، وبالتعريج على نص المادة 409 من قانون العقوبات (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من فاجأ زوجته او احد محارمه في حالة تلبسها بالزنا او وجودها في فراش واحد مع شريكها فقتلهما في الحال او قتل احدهما او اعتدى عليهما او على احدهما اعتداء افضى الى الموت او الى عاهة مستديمة )، يتبين لنا ان المشرع اعتبر بمشاهدة الزوج دون الزوجة كوسيلة اثباتية لواقعة الزنا ، يؤخذ على هذا النص فضلاً عن اقتصاره على الزوج دون الزوجة بالرغم من تضرر الطرفين من فعل الزنا لاتفاق التكوين المادي والمعنوي للرجل والمرأة فكما سيؤثر ذلك على الزوج سيؤثر على الزوجة فكان من الأجدر بالمشرع التعامل مع الواقعة دون التمييز بناءً على جنس المتهم اثباته الواقعة بالمشاهدة مقترنة بشرط المفاجأة وحقيقة المشاهدة تحتاج الى اثبات آخر فكما من افتراض أن الزوج شاهد واقعة الزنا من المتصور ان الزوج كان متربصاً وبالتالي ينتفي عنصر المفاجأة ، أو بعد قتل الزوجة مع الشخص الآخر كون مسرح جرمي يشير الى ارتكاب الزنا ، ويستعين القضاء العراقي بكافة الوسائل الحديثة في اثبات الخيانة وجاء في عدة قرارات لمحكمة التمييز (لدى عطف النظر على الحكم المميز فقد وجد انه غير صحيح ومخالف للشرع والقانون ذلك لان الثابت من التحقيقات التي اجرتها محكمة الموضوع وما ورد في التقرير الطبي الصادر من الطبابة العدلية في بابل بعدد 3273 في 2007/12/2 وجود علامات لواطة قديمة لدى المدعية مما يسبب لها ضرراً جسيماً يتعذر معه استمرار الحياة الزوجية النبيلة بين زوجين يسعيان الى حياة زوجية كريمة ولا يمكن ان تستقيم مع مثل هذه الممارسات الشاذة والتي يتيح لها طلب التفريق بسببها عملاً بأحكام المادة 40/1 من قانون الاحوال الشخصية لذا قرر نقض الحكم المميز واعادة الدعوى الى محكمتها للسير فيها وفق المنوال المتقدم) (11) ، (لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للشرع والقانون ذلك ان محكمة الموضوع قد أطلعت على الرسائل الغرامية المضبوطة والصور الفوتوغرافية ومقطع الفيديو الذي يظهر فيه المدعى عليه مع نساء اخريات وبصورة منافية للأخلاق ، واقرار المدعى عليه من ان جهاز الموبايل والسيم كارت يعودان اليه وحسب اقراره في جلسة المرافعة ، وان الرسائل الغرامية مع تلك النساء بلغت (189) رسالة ، بالتالي فان ذلك يشكل ضرراً اصاب مشاعر الزوجة وعواطفها يتعذر معه دوام العشرة الزوجية ويكون موجباً للتفريق طبقاً لنص المادة 40/1 من قانون الاحوال الشخصية لذا قرر تصديق الحكم المميز ) (12) ، وفي قرار آخر لمحكمة التمييز نقضت فيه حكم محكمة الاحوال الشخصية في الكوفة التي ردت دعوى المدعي بالضرر الناجم عن الاتصالات المشبوهة لزوجته مع غيره لدى عطف النظر على الحكم المميز فقد وجد انه غير صحيح ومخالف للشرع والقانون ، لأن محكمة الموضوع ردت الدعوى رغم ان تحقيقاتها توصلت الى ان الصور الفوتوغرافية المنسوبة للمميز عليها والمكالمات الهاتفية المربوط صور منها أيدت ادعاء المميز بوجود علاقة للمذكورة مع الغير ويشكل ضرراً جسيماً ويخل بالحياة الزوجية وحيث ان محكمة الموضوع لم تراع ما تقدم مما أخل بصحة حكمها ، لذا قرر نقضه واعادة الدعوى الى محكمتها لاتباع ما تقدم ) (13) ، (لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للشرع والقانون لأن المميز عليه نسب الى زوجته المميز عليها علاقتها بشخص آخر وتبادلها معه المكالمات الهاتفية عبر جهاز الموبايل وتبين من تفريغ جهازها صحة ذلك كما انها أقرت بما جاء في الادعاء وفي محاضر التفريغ لذا فان الحكم الصادر بالتفريق لضرر جاء متناسباً لذا قرر تصديقه) (14) ، نتبين من مجمل هذه القرارات ان محكمة التمييز تعتبر بجميع وسائل الاثبات الحديثة مثل التقرير الطبي لإثبات الخيانة الجسدية ، والخدمات الالكترونية مثل المكالمات والتسجيلات والرسائل والتصوير في اثبات وجود الخيانة العاطفية معتمداً في ذلك على معيار أساسي (الضرر الذي يتعذر معه ديمومة الحياة الزوجية ايضاً فنلاحظ انه قد ساوى بين جميع هذه الوسائل في حجيتها الاثباتية من حيث الحكم بالتفريق .
وقد نص المشرع الانجليزي من خلال قانون القضايا الزوجية على الزنا كسبب من ضمن الاسباب التي تمنح الفرقة ولم يعرف الزنا بينما تولى الموقع الحكومي للمملكة المتحدة تعريفه على انه ( اتصال جنسي مع شخص آخر من الجنس الآخر) (15) وبالتالي فتستبعد الخيانة العاطفية حتى وان تضمنت دخول الزوج الى المواقع الاباحية وقيامه بالجنس الافتراضي على عكس ما سنجده في القضاء الفرنسي ، ايضاً فمن خلال هذا التعريف نجد ان الواقعة اذا حدثت مع شخص من نفس الجنس (مثلي) فلا يعتبر زنا على الرغم من اعتراف المملكة المتحدة بزواج المثليين وتنظيم قانون مختص يطلق عليه (زواج (الأزواج) من نفس الجنس)) (16) يعد الزنا وفق التشريع الانجليزي من ضمن الاسباب التي تحقق المعيار الاساسي للفرقة ان الزواج قد انهار بشكل لا رجعة فيه وهذا ما جاءت به المادة (1/2) من قانون القضايا الزوجية بنصها على (لا يجوز للمحكمة التي تستمع إلى التماس الطلاق أن تعتبر أن الزواج قد انهار بشكل لا رجوع فيه إلا إذا أقنع الملتمس المحكمة بواحدة أو أكثر من الوقائع التالية: (أ) أن المدعى عليه قد ارتكب الزنا وأن مقدم الالتماس يرى أنه من غير المقبول العيش مع المدعى عليه ) ، ومن هذا النص يتبين لاعتبار الزنا في التفريق لا يكفي مجرد اثبات الواقعة وانما يجب ان يدفع المدعي بعدم قبوله لمواصلة الحياة الزوجية مع المدعى عليه ، ايضاً فان المشرع الانجليزي والذي بدوره يضع شروط قاسية في اثبات واقعة الزنا يشترط ان يتقدم المدعي بدعواه خلال سقف زمني لا يتجاوز ال 6 أشهر من تاريخ علمه بالواقعة، اما بالنسبة لمعيار الاثبات المتبع في ذلك فالقرارات القضائية السابقة تتطلب المعيار الأعلى المتبع في القضايا الجنائية (فيما لا يدع مجالاً للشك )، اما القرارات الحديثة فتفضل السلطة القضائية المعيار المدني في اثبات الواقعة (توازن الاحتمالات) (17) ، يثبت الزنا بالوسائل التقليدية مثل الاقرار (18) والشهادة ، وفي الآونة الحديثة تسمح المحكمة بتقديم الأدلة الالكترونية مثل الصور والفيديو والرسائل النصية التي تؤكد ما حدث بعد التثبت من حقيقتها وعدم تعرضها للتزوير ان تضمن محتواها واقعة الزنا (19) .
اما المشرع الفرنسي فلم يضمن تشريعه مفهوم الخيانة بصورة صريحة كما لم ينصّ على جميع الاسباب وانما نص على الشرط المزدوج لمنح الطلاق المبني على الخطأ والمتمثل بانتهاك واجبات والتزامات الزواج وان يجعل الانتهاك الإبقاء على الحياة المشتركة أمراً لا يطاق (20) ، وتبين المادة (212) من القانون المدني التزامات الزوجين بنصها ( يدين الزوجان لبعضهما البعض بالاحترام والولاء والاغاثة والمساعدة ) ، وتشكل الخيانة انتهاك لواجب الولاء ومن ثم فهو يشكل خطأ زوجيًا يمكن أن يعاقب عليه بإعلان الطلاق على خطأ الزوج الذي انتهك واجب الولاء ، اما عن اثبات الخطأ فتنص المادة 259 من القانون المدني على (يمكن إثبات الوقائع التي يتم الاحتجاج بها كأسباب للطلاق أو كدفاع عن مطالبة بأي طريقة من طرق الإثبات ، بما في ذلك الاقرار ) (21) وبالتالي فان هذا النصّ يستوعب جميع الوسائل من ضمنها الوسائل الحديثة ، ولكن تصطدم بالحدود القانونية لمقبولية الدليل في قاعة المحكمة ، اذ يجب ان لا يتم الحصول على الأدلة عن طريق الاحتيال أو التهديد أو العنف (22) ، كان القضاء يستلزم أن لا ينتهك تقديمها حق الزوج الآخر في الخصوصية ، كاختراق هاتفه الشخصي وتحصيل الدليل ، وكان توجه القضاء الأسري في اعتبار تقديم الرسائل الالكترونية كأدلة على الخيانة الزوجية والذي ينطبق عليها حكم المادة 1316-1 من القانون المدني (يتم قبول المستند المكتوب في شكل الكتروني كدليل بنفس طريقة المستند المكتوب على الورق ، شريطة أن يتم تحديد الشخص الذي انبثقت منه على النحو الواجب وأن يتم إعدادها والاحتفاظ بها في ظل شروط مثل تضمن فعالية سلامتها ) ، بعدم اعتبار الرسائل الالكترونية المتحصل عليها دون علم الزوج اذ جاء في حكم المحكمة الاستئناف في ليون بخصوص اعتبار رسائل الـ SMS والتي تثبت خيانة الزوج (تندرج رسائل البريد الإلكتروني المرسلة عبر الهاتف المحمول في شكل رسائل قصيرة ضمن سرية وسرية المراسلات وأن قراءة هذه الرسائل دون علم مستلمها يشكل انتهاك خطير للخصوصية الشخصية) ، ولكن في حكم محكمة النقض ألغي هذا الحكم وجاءت بمبدأ جديد (أن الدليل الذي يمكن تقديمه بأية وسيلة [بما في ذلك الرسائل القصيرة] إلا عن طريق العنف أو الاحتيال ) (23) ، ولكن لا يُسمح بتثبيت برنامج للتجسس على المواقع التي يزورها الزوج ومراقبتها ، أو اختراق صندوق بريده، أو أي عملية أخرى من هذا النوع تهدف إلى التقاط محادثته أو تبادل الفيديوهات اذ يمثل ذلك عملية احتيالية في تحصيل الدليل وهذا ما أكدت عليه محكمة الاستئناف في ليون (يعتبر الحصول على المستندات مزوراً بشكل واضح ، عندما ذهب الزوج إلى صندوق بريد زوجته لإعادة توجيه الرسائل ، بينما لم تسمح له الزوجة طواعية بالوصول إلى صندوق بريدها ، ولم يعد الزوج مخولاً بالإقامة في منزل الزوجية وأنه قد غادر بأي حال من الأحوال ، في التاريخ الذي دخل فيه صندوق بريد زوجته) (24) ، ايضاً فلم يشترط القضاء ان تكون الخيانة جسدية اذ تذهب بعض السوابق القضائية في اعتبار الخيانة الرقمية المتمثلة بالتسجيل في المواقع الاباحية وارسال الرسائل الحميمية لشخص آخر غير الزوج ، و لا يعتد بمجرد التسجيل في هذه المواقع وانما يجب ان يقترن بالخطورة الكافية او المتكررة ، وفي حكم المحكمة ليون اعترف القاضي بالدليل الذي يثبت (أن الزوج قد سجل في موقع مواعدة لفترة معينة من الوقت ، وأنه يحتفظ بمراسلات حميمة ، ويرسل صورًا مسيئة ) كسبب من اسباب منح الطلاق وفي ذلك اشارة الى (أنه يبحث عن علاقات خارج نطاق الزواج) (25) .
تجرّم الشريعة الاسلامية الخيانة الجسدية سواء كانت زنا (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) (26) (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (27) ، او لواط وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ) (28) اذ جاء في التفاسير القرآنية ان المقصود بالفاحشة إتيان الذكور (29) ، لا تؤثر الخيانة الجسدية بصحة عقد الزواج الا اذا تقدم الزوج الذي تعرض الى الخيانة الى الحاكم الشرعي بطلب ذلك، أو اذا تلاعن الزوجان فاذا ما وجد احد الزوجين زوجه في حالة خيانة جسدية ولم يستطع ان يأتي بأربع شهداء، فله أن يحلف على خيانة زوجه (4) مرات على ذلك، وعلى الزوج المتهم ان يحلف (4) مرات بتكذيب الزوج المدعي (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتِ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ - وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابِ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ - وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ) (39)، ويترتب على اللعان وجوب التفريق بين الزوجين، ويذهب الحنفية الى وجوب ان يكون التفريق من الحاكم الشرعي (31).
الا ان ذلك لم يجعل من الخيانة الجسدية احد الاسباب المعتبرة بالتفريق القضائي ، وبالتالي تستخدم الوسائل التالية في اثبات الخيانة الزوجية :
1 - اقرار الزوج : والذي يتحصل عليه من تسجيل صوتي أو مرئي ، او بكتابة الكترونية يقرّ من خلالها بخيانته ، فبعد التثبت من صحة الدليل تثبت ادانته
2 – التسجيل باستطاعة التسجيل المرئي توفير دليل قطعي على ارتكاب الخيانة ، اما التسجيل الصوتي فلا يمنح ذات القطعية لأنه لا يمنح المشاهدة للواقعة وانما من الممكن اتخاذ الدليل المستنتج كقرينة ترجيحية في موازنة الاحتمالات ، كأن تشير الى ميل الزوج الى اقامة الخيانة خارج العلاقة الزوجية .
- التصوير : تتيح الصور مشاهدة جزء من الحقيقة مثل وجود الزوج مع شخص آخر غير زوجه بوضع مخل ، ولكن قد تكون الصورة المعروضة امام قاعة المحكمة مزورة خاصة بوجود أدوات تحرير الصور التجارية مثل Photoshop أو GIMP المتاحة للجميع ، فقد يتم دمج صورتين لإنشاء وضع يشير الى ارتكاب الخيانة ، يعمد الطب الشرعي الرقمي الى الكشف عن هذا التزوير بوساطة عدة طرق ، فقد يسهل كشف التزوير مع ارفاق العلامة المائية التي تشير الى تحرير الصورة من قبل برنامج معين(32) ، لكن في الحالات التي لا تشير الى استخدام برامج التحرير واذا كان المحرر شخص محترف فسيعمد الخبير الى استخدام تقنيات للكشف عن ذلك معولاً على مستوى الاضاءة أو أنماط الألوان أو الجودة أو الظلال ، المختلفة للصور المدمجة ، مثل تقنية (luminance levels ) التي تكشف عن مناطق العبث حدسياً وذلك بقياس مستويات الاضاءة للصورة وتتبع حدّ النصوع ويشير مستوى الاضاءة غير الطبيعي وجود صورتين مختلفتين تم تركيبها وتشابه هذه التقنية تقنية (HSV) التي تقارن مستوى التشبع اللوني من حيث نقاءه وشدته ، اما تقنية Alternative Filtering Mask) فتستكشف التزييف من خلال تناقضات الصورة مثل الحواف المزدوجة اي وجود صورتين كل صورة تمتلك حافتها الخاصة والتي تظهر للخبير بهيئة حواف مخفية او شبحية والتي تظهر نمطًا مميزًا غير طبيعي مقارنة بالمنطقة المحيطة مما يدل على الدمج ، وقد يضغط المحرر الصورة بعد تعديلها لتصبح بهيئة واحدة لا يمكن الكشف عن زيفها بسهولة ومع ذلك يستطيع الخبير التقني الكشف عن ذلك بواسطة تقنية ( Compression Forgery Detection) لاستخراج أنماط مميزة في الصورة الثنائية أو التركيز على المناطق التي يشتبه في عدم مصداقيتها مع انخفاض قيمة الحد تتمركز وحدات البكسل السوداء على مناطق التلاعب بالصورة ، وذلك لأن المستويات العالية من تنوع كتلة JPEG تُرى عادةً في المناطق ذات الحواف البارزة أو التي تم العبث بها رقميًا ، وتتركز وحدات البكسل البيضاء على المنطقة التي تم العبث بها والتي تم لصقها من صورة ذات عامل جودة أعلى(33)
4- وسائل اثبات النسب (34) : في حالة خيانة الزوجة الجسدية (الزنا) مما نتج عنها ولادة طفل للشخص الآخر ، فباستطاعة الزوج من خلال اثبات نسب الطفل اثبات الخيانة، ايضاً من المتصور اذا استطاعت الزوجة اثبات نسب طفل المرأة الاخرى التي ارتكب معها الزوج (الزنا) الى زوجها ، ونرجئ الى الفصل التالي البحث في تفصيلات وسائل اثبات النسب وتحديد مدى اليقين المتوخى من اعتبارها في الاثبات.
______________
1-Definition de trahison, https://lesdefinitions.fr/trahison
2- Article 130 - NY Penal Law, http://ypdcrime.com/penal.law/article130.htm#p130.20
3- Georgi Vassilev, TRACES OF THE BOGOMIL MOVEMENT IN ENGLISH. ACADEMIE BULGARE DES SCIENCES. Institut d'etudes balkaniques. Etudes 3 balkaniques . 1994, No 3
https://web.archive.org/web/20150810053756/http://bogomilism.eu/Studies/Bugger%20 case.html
4-Mona Golub v Marc Ganz, 2005 NY Slip Op 07761 [22 AD3d 919] October 20, 2005 Appellate Division, Third Department Published by New York State Law Reporting Bureau pursuant to Judiciary Law § 431 ,https://law.justia.com/cases/new- york/appellate-division-third-department/2005/2005-07761.html
5-Amanda Kimble, New Law Makes Proving Adultery Easier in Virginia, Posted on April 8th, 2020, 11112020 . https://www.livesaymyers.com/new-law-makes-proving- adultery-easier-virginia/
6- McLaurin v. McLaurin, 294 S.C. 132, 133, 363 S.E.2d 110, 111 (Ct.App.1987) Gorecki v. Gorecki, 387 S.C. 626 (Ct. App. 2010), 10/11/2020
https://www.courtlistener.com/opinion/1403659/gqorecki-v-gorecki/
7-Panhorst v. Panhorst, Court of Appeals of South Carolina, 390 S.E.2d 376 (S.C. Ct. App. 1990) https://casetext.com/case/panhorst-v-panhorst/case-summaries?PHONENUMBER GROUP=P
8- آياد أحمد سعيد الساري ، الواضح في قانون الاثبات ، ط1 ، العاتك ، بيروت ، 2020 ، ص 248
9- علي حيدر ، درر الحكام شرح مجلة الأحكام ، ج 4 ، ص 297 .
10- ایاد احمد سعيد الساري ، مصدر سابق، ص 248
11- محكمة التمييز الاتحادية 879/ تفريق للضرر / 2008 ، في تاريخ 2008/5/4 منشور
/https://www.hic.iq/qview.406
12- قرار محكمة التمييز الاتحادية ، 1352 / التفريق للضرر / 2014 ، ت: 1244 ، 2014/2/9 .
13- قرار محكمة التمييز الاتحادية ، عدد 5126 / هيئة الاحوال الشخصية والمواد الشخصية / 2017 ، ت / 6301 ، في تاریخ 2017/9/11 .
14- قرار محكمة التمييز الاتحادية ، عدد 41 / هيئة الاحوال الشخصية والمواد الشخصية / 2018 ، ت / 135 ، في تاريخ 6/2/2018
15- Get a divorce , Part of Get a divorce: step by step, https://www.gov.uk/divorce
16- Marriage (Same Sex Couples) Act 2013.
17- Paul McKeown and ADRIAN KEANE, p.111.
18- Frances Burton, FAMILY LAW, Cavendish, London, 2003, p.81.
19- JYN CFORENSICSLAB, WHY YOU MIGHT NEED A COMPUTER FORENSICS EXPERT IN YOUR DIVORCE CASE 01/11/2017
https://computerforensicslab.co.uk/why-you-might-need-a-computer-forensics-expert-in-your-divorce-case/
20- Article 242, Code civil.
21- Article 259, Code civil.
22- Article 259-1, Code civil.
23- N° de pourvoi 07-21.796, Cour de cassation - Chambre civile 1, Cour de cassation, civile, Chambre civile 1, 17 juin 2009, 07-21.796, Publié au bulletin, https://www.leqifrance.gouv.fr/juri/id/JURITEXT000020767832
24- N° de RG: 10/01789, Cour d'appel de Lyon - 2ème chamber, Cour d'appel de Lyon, 21 mars2011 .10/01789 .
https://www.leqifrance.gouv.fr/juri/id/JURITEXT000023772749/
25- N° de RG: 09/06238, Cour d'appel de Lyon - 2ème chamber, Cour d'appel de Lyon, 7 février 2011 . 09/06238
https://www.leqifrance.gouv.fr/juri/id/JURITEXT000023584164/
26- الآية (32) ، سورة الاسراء .
27- الآية (2) ، سورة النور
28- الآية (80) ، سورة الأعراف
29- علي بن محمد بن إبراهيم الشيحي ، تفسير الخازن المسمى لباب التأويل في معاني التنزيل ، ج 2 ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1995 ، ص 454
30- الآية (6-10)، سورة النور.
31- يُراجع في ذلك، وهبة الزحيلي ، الفقه وأدلته الاسلامية ، ج7 ، دار الفكر ، دمشق ، ط2 ، 1985 ، ص 584:556
32- Guzin Ulutas and Gul Muzaffe, A New Copy Move Forgery Detection Method Resistant to Object Removal with Uniform Background Forgery, Article in Francesco Soldovieri, 2016, p.19.
33- Gilbert Peterson, FORENSIC ANALYSIS OF DIGITAL IMAGE TAMPERING Chapter 21 from: Rannenberg Kai, IFIP Advances in Information and Communication Technology, Springer, 2005, p. 263: 267.
34- Frances Burton, Op Cit, p.81 .
الاكثر قراءة في قانون الاثبات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
