توالي الانباء زيادة في اليقين
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 5 ص201-202.
2025-07-18
477
توالي الانباء زيادة في اليقين
قال تعالى : {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5) فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (6) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} [الشعراء : 5 - 7].
قال الشيخ الطوسي : ثم أخبر تعالى عن هؤلاء الكفار الذين تأسف النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على عدولهم عن إيمانهم أنه ليس يأتيهم ذكر من الرحمن يعني القرآن . كما قال تعالى : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ وقال :
إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ ووصفه بأنه محدث ، ولذلك جره ، لأنه صفة ل ذِكْرٍ . وقوله إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ أي يتولون عنه ولا ينظرون فيه .
قال الفراء : إنما قال فَظَلَّتْ ولم يقل « فتظل » لأنه يجوز أن يعطف على مجزوم الجزاء ب « فعل » لأن الجزاء يصلح في موضع ( فعل ، يفعل ) وفي موضع
( يفعل ، فعل ) لأنك تقول : إن زرتني زرتك وإن تزرني أزرك ، والمعنى واحد .
ثم قال : أخبر اللّه تعالى عن هؤلاء الكفار الذين وصفهم بأنهم كذبوا بآيات اللّه وجحدوا رسوله وأنه سيأتيهم فيما بعد ، يعني يوم القيامة أخبار ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ وإنما خص المكذب بإتيان الأنباء ، مع أنها تأتي المصدق والمكذب ، من حيث أن المكذب يعلم بها بعد أن كان جاهلا . والمصدق كان عالما بها ، فلذلك حسن وعيد المكذب بها ، لأن حاله يتغير إلى الحسرة والندم . والاستهزاء السخرية ، وهو طلب اللهو بما عند الطالب صغير القدر .
ثم قال أَوَلَمْ يَرَوْا هؤلاء الكفار إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ من أنواع النبات ، فيستدلوا على توحيده ، بأن يعلموا أن ذلك لا يقدر عليه غيره . ولا يتأتى من سواه ، ممن هو قادر بقدرة ، لأنه لو تأتي من غيره لتأتي منا لأنا قادرون أيضا بقدرة ، فلما استحال منا علمنا استحالة ذلك ممن يجري مجرانا ، فإذا الفاعل لذلك مخالف لنا ، وأنه قادر لنفسه .
ثم أخبر تعالى أن فيما ذكره من إنبات النبات من كل زوج كريم ، لدلالة لمن يستدل بها ، ومن يتمكن من ذلك ، وإن أكثر الكفار لا يصدقون بذلك ، ولا يعترفون به عنادا وتقليدا لأسلافهم ، وحبا للراحة ، وهربا من مشقة التكليف ومعنى كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ يعني مما يأكل الناس والأنعام . . . وقيل :
من الشيء ومشاكله في الانتفاع به . وقيل : من كل زوج كريم من أنواع تكرم عند أهلها . وقيل : من كل نوع معه قرينة من أبيض وأحمر وأصفر . وحلو وحامض ، وروائح وغير ذلك مختلفة .
ثم قال : وَإِنَّ رَبَّكَ يا محمّد لَهُوَ الْعَزِيزُ الغني القادر الذي لا يعجز ولا يغلب الرَّحِيمُ أي المنعم على عباده بأنواع النعم التي ذكرها « 1 ».
______________
( 1 ) التبيان : ج 8 ، ص 7 - 8 .
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة