فضيلة الحج
المؤلف:
الفيض الكاشاني
المصدر:
مفاتيح الشرائع
الجزء والصفحة:
ج1 ص292_295
2025-07-16
347
قال اللّه عز وجل (ولِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللّٰهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعٰالَمِينَ) (1) وقال سبحانه (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ والْعُمْرَةَ لِلّٰهِ) (2)
وفي الحسن في الآية الأولى: يعني به الحج والعمرة جميعا لأنهما مفروضان وفي الثانية يعني بتمامهما أداءهما واتقاء ما يتقي المحرم فيهما (3).
وفي الصحيح: العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج على من استطاع لان اللّه يقول: وأتموا الحج والعمرة للّه (4).
وفيه: من مات ولم يحج حجة الإسلام، لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحج، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديا أو نصرانيا (5).
وفيه: ان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لقيه أعرابي فقال له: يا رسول اللّه أنى خرجت أريد الحج ففاتني وأنا رجل مميل، فمرني أن أصنع في مالي ما أبلغ به مثل أجر الحاج. قال: فالتفت اليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال له: انظر الى أبي قبيس فلو أن أبا قبيس لك ذهبه حمراء أنفقته في سبيل اللّه ما بلغت ما يبلغ الحاج. ثم قال: ان الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئا و لم يضعه الا كتب اللّه له عشر حسنات، و محي عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، فإذا ركب بعيره لم يرفع خفا ولم يضعه الا كتب اللّه له مثل ذلك، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه، فإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه، فإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه، فإذا وقف بالمشعر الحرام خرج من ذنوبه، فإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه، ثم قال: أنى لك أن تبلغ ما يبلغه الحاج، قال أبو عبد اللّه (عليه السلام): ولا يكتب عليه الذنوب أربعة أشهر، ويكتب له الحسنات الا أن يأتي بكبيرة (6).
وفي الصحيح: الحاج على ثلاثة أصناف: صنف يعتق من النار، وصنف يخرج من ذنوبه كهيئة يوم ولدته أمه، وصنف يحفظ في أهله وماله، وهو أدنى ما يرجع به الحاج (7).
وفيه: الحج والعمرة ينفيان الفقر، كما ينفي الكير (8) خبث الحديد، قال الراوي قلت: حجة أفضل أو عتق رقبة؟ قال: حجة أفضل. قلت: فثنتين؟ قال حجة أفضل، فلم أزل أزيد ويقول حجة أفضل حتى بلغت ثلاثين رقبة، فقال: حجة أفضل (9).
والنصوص في فضل الحج والعمرة أكثر من أن تحصى.
ولا يجبان بأصل الشرع الإمرة واحدة، وهي حجة الإسلام وعمرة الإسلام ووجوبهما فوري بالإجماع والنصوص، وقد يجبان بالنذر وشبهه، وبالإفساد وبالاستئجار للنيابة، وبالدخول إلى مكة من خارج الحرم مع انتفاء العذر وعدم تكرار الدخول، فإنه لا يجوز لغيرهما دخولها الا محرما بحجة أو عمرة، الا أن يكون مريضا أو به بطن كما في الصحيحين، أو كان قد اعتمر في شهره ذلك كما في المعتبرين، قيل: يعتبر مضي الشهر بينهما، كما هو ظاهر الموثق:
يرجع الى مكة بعمرة ان كان في غير الشهر الذي يتمتع فيه، لان لكل شهر عمرة وهو مرتهن بالحج (10) ويمكن حمله على الأول (11). وفي رواية في الرجل يخرج في الحاجة من الحرم؟ قال: ان رجع في الشهر الذي خرج فيه دخل بغير إحرام، وان دخل في غيره دخل بإحرام (12).
والأفضل للمريض أن يحرم عنه، كما في الصحيح.
وما عدا ذلك مستحب، كل ذلك مجمع عليه، وأكثره من ضروريات الدين وما ورد في المعتبرة من وجوب الحج على أهل الجدة في كل عام، محمول على تأكد الاستحباب، لمخالفة الوجوب لإجماع المسلمين كافة.
وأعلم أن الحج عبارة عن الإحرام وما يلزمه، ولبس ثوبيه، والتلبية أو ما يقوم مقامها، والوقوف بعرفات، والمبيت بالمشعر، والوقوف به، ورمي جمرة القصوى، وذبح الهدي ان كان، والحلق أو التقصير، وطواف البيت للزيارة وركعتيه، والسعي بين الصفا والمروة، وطواف النساء وركعتيه، والعود إلى منى للمبيت بها ليالي التشريق، ورمي الجمرات الثلاث، ولا يكون في السنة إلا مرة.
والعمرة عبارة عن الإحرام ولوازمه، واللبس، والتلبية أو ما يقوم مقامها وطواف الزيارة وركعتيه، والسعي، والحلق أو التقصير، وطواف النساء وركعتيه ان أفردت عن الحج، ويصح في جميع أيام السنة، وأفضلها ما وقع في رجب، كل ذلك للإجماع والنصوص.
ويستحب العمرة في كل شهر، وهو أقل ما بين العمرتين عند جماعة، للمعتبرة (لكل شهر عمرة) (13) والعماني لا يجوز عمرتان في عام واحد للصحيحين، وحملا على عمرة التمتع جمعا، وفي المبسوط أقل ما بينهما عشرة أيام للخبر وفي سنده ضعف، وجوز جماعة تواليهما مطلقا، لا طلاق الأمر بها، فالأقل من العشرة أو الشهر مكروه.
ويستحب إرسال الهدي والتواعد لإشعاره، واجتناب ما يجتنبه المحرم من ذلك الوقت من غير تلبية إلى يوم النحر وبلوغ الهدي محله، فيحل كما في الصحاح المستفيضة. وفي الفقيه عن مولانا الصادق (عليه السلام) أنه قال: ما يمنع أحدكم أن يحج كل سنة؟ فقيل: لا يبلغ أموالنا. فقال: أما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن أضحية ويأمره أن يطوف عنه أسبوعا بالبيت ويذبح عنه، فإذا كان يوم عرفة لبس ثيابه وتهيأ وأتى المسجد، فلا يزال في الدعاء حتى تغرب الشمس (14) وليس فيه ما يجتنبه المحرم، وهو أوفق للعمومات.
__________________
(1) سورة آل عمران: 79.
(2) سورة البقرة: 196.
(3) وسائل الشيعة 8- 3.
(4) وسائل الشيعة 8- 4.
(5) وسائل الشيعة 8- 20.
(6) وسائل الشيعة 8- 79.
(7) وسائل الشيعة 8- 83.
(8) جمع كورة.
(9) وسائل الشيعة 8- 86.
(10) وسائل الشيعة 8- 220.
(11) بأن يحمل على إيقاع عمرته في شهر آخر غير هذا الشهر وان لم يمض بينهما شهر (منه).
(12) وسائل الشيعة 8- 219.
(13) الوافي 2- 79 أبواب الحج.
(14) من لا يحضره الفقيه 2- 306.
الاكثر قراءة في احكام عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة