القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
حجية وسائل الاثبات العلمية
المؤلف:
ولاء سعد حسن
المصدر:
وسائل الاثبات الحديثة ودورها في مسائل الأحوال الشخصية
الجزء والصفحة:
ص 60-68
2025-07-15
35
كفلت الدساتير والمواثيق الدولية حماية جسد الانسان من الاعتداء عليها باي صورة كما جاء في المادة (3/1) من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي (لكل شخص الحق في احترام سلامته البدنية والعقلية)، وتعدّ الوسائل العلمية في ظاهرها بمثابة اعتداء على هذا الحق خاصة وانها في بعض الحالات تستولي على جميع الآثار البيولوجية المتروكة في مسرح الجريمة على اعتبارها مبرزات جرمية تنفع في تقريب الحقائق سواء كانت هذه الآثار خاصة بالجاني او المجني عليه او الآخرين الذين يعدون اجانب عن ذلك، أو تلك التي تتطلب اجبار الاشخاص على اجراء طبي معين قد يؤدي الى تعريضه لضرر صحي او قد تمثل تطفلاً على حياته الشخصية، من جانب آخر فأنها تثير مشكلة حول موثوقيتها ومدى اليقين الذي تمنحه خاصة وان الوجود الأول لبعض من هذهِ الوسائل كان من اكتشافات علماء الطب الشرعي قبل ان يُعتاد كإجراء علمي او حتى ان يرسخ من قبل المجتمع العلمي مثل ذلك تنميط الdna (البصمة الوراثية) ، لذا فقد أشترط لاعتمادها كوسائل اثباتية عدة شروط تختلف من نظام اثباتي لآخر، سنعالج هذه الشروط التي تمثل (شروط المقبولية) للوسائل العلمية ونبين مدى قيمتها الاثباتية في كل نظام على حِدَةٍ :
1 - نظام الاثبات العراقي : لم ينص المشرع على اية شروط عامة لقبول وسائل الاثبات في قاعة المحكمة وانما نص في المادة 10 على شروط الواقعة المراد اثباتها والتي يجب ان تكون (متعلقة بالدعوى ومنتجة فيها وجائزا قبولها)، ايضاً فلم ينص على ضوابط او شروط خاصة لمقبولية الوسائل العلمية ، وانما منح القاضي صلاحية الاستعانة بالخبير العلمي في المسائل التي تتطلب ذلك وما الوسائل العلمية الانتاج البحوث والنظريات العلمية التي يتوصل اليها العلماء وليس كل ما يصل اليه العلماء يعتد به ، و قد اشارت محكمة التمييز الى هذه الحقيقة في احدى قراراتها ( الطب علم سريع التطور يتصارع قديمه وحديثه صراعا مستمرا وتتباين آراء علماء الطب، مثلا في التشخيص والدواء والجراحة، كما تتردد في تأييد نظرية استغرقت زمانا وفي نقضها زمانا آخر، وإن كثيرا من المسائل الطبية لا زالت محل خلاف عند الأطباء ، فما يراه بعضهم صحيحا يراه آخرون خطأ... على الطبيب مسايرة النظريات العلمية الحديثة والانتفاع بها بعد التأكد من صحتها وتأسيسا على ما تقدم لا يصح تدخل القضاء في المجالات العلمية أو في تقدير النظريات الطبية..) (1) ، ونستشف من هذا القرار ان القضاء هو الآخر منح الطبيب صلاحية اختبار النظريات العلمية الحديثة وعدم الركون الى القديم، ومع ذلك فلم نجد اية ضوابط خاصة للاعتداد بهذه الوسائل في سوح القضاء الذي يعتبرها من قبيل اعمال الخبرة الطبية التي تتطلب عوناً طبياً من شخصاً مختصاً ضليع بكيفيتها للاستعانة بها.
على الخبير العلمي أن يُدلي برأيه او النتائج التي تستنبطها هذه الوسائل ( تحليل طبي ، صورة اشعاعية) وفق القواعد العامة للخبرة على هيئة تقرير طبي اذ جاء في نص المادة (144) (اولا - يعد الخبير تقريرا موقعا من قبله بالمهمة المكلف بها ، ثانيا - يجب ان يشتمل التقرير، على كافة الامور التي توصل اليها والاسباب التي بني عليها رأيه، اما عن مدى القوة الاثباتية لهذا التقرير فقد أوكل المشرع تلك المهمة للسلطة التقديرية للقاضي ، فقد منحه سلطة اعتبارها وسيلة اثبات مستقلة او ان لا يعتبر بها ببعضها او كلها ، اما الفقه فيعدّها قرينة قضائية على اساس المادة 104 التي سنتولاها بشيء من التفصيل في الحجية القانونية للوسائل التقنية .
2- نظام الاثبات الامريكي : اعتمد القضاء الامريكي منذ عام 1923 وحتى أواخر الستينيات في مقبوليته لوسائل الاثبات العلمية على معيار Frye (2) ، اطلق على هذا المعيار Frye نسبة الى James Frye الذي أتهم بجريمة قتل طبيب ، وبعد ضغط الاستجواب الذي تعرض له Frye اعترف بارتكابه جريمة القتل و قبل عدة ايام من محاكمته انكر التهمة وأقر ببراءته ، جراء ذلك اجرى Marston اختبار ضغط الدم الانقباضي لـ Frye والذي يعدّ وسيلة من وسائل كشف الكذب وخلص الى استنتاج ان Frye كان بريئا و قد تم رفض هذه الوسيلة من قبل هيئة المحكمة لأنها لم تستند إلى مبدأ علمي معترف به من قبل المجتمع العلمي (3) ، وقد أيدت محكمة الاستئناف بدائرة العاصمة 293 ف. 1013 هذا الحكم بإصدارها أول حكم ينطبق على العصر الحديث لعلوم الطب الشرعي وكان هذا الحكم رفضا لصحة اختبار كشف الكذب (4) ، يتطلب معيار Frye لمقبولية الوسائل العلمية الجديدة أو المستحدثة المقبولية العامة للوسائل (5) بمعنى ان تكون هذه الوسائل والطريقة العلمية المستخدمة لإنتاج الدليل مقبولة بشكل عام في المجتمع العلمي وان يتم تطبيق هذه التقنية بصورة صحيحة (6).
الا أن معيار Frye لم يكن كافياً في التطور العلمي الذي شهده العصر و في عام 1969 ، تم تقديم مسودة تضمنت قواعد الاثبات الفيدرالية Federal Rules of Evidence وهي عبارة عن مجموعة جديدة من المعايير أعدت من قبل لجنة من المحامين تم تشكيلها بناءً على طلب من المحكمة العليا الأمريكية و بعد التأخير والمراجعات سن الكونغرس القواعد الفيدرالية عام 1975 اي بعد 52 سنة من قرار Frye ، وتضمنت المادة 702 معياراً جديداً لمقبولية الادلة العلمية وهو معيار FRE (7) والذي يعد معيار ليبرالي نظراً لمرونته بالنسبة لمعيار Frye الذي يوصف بانه معيار صارم من حيث قبوله للوسائل العلمية (8) .
وبعد عقدين من النص على معيار FRE رفع ذوي كل من Jason Daubert و Eric Schuller دعوى على شركة Merrell Do Pharmaceuticals المصنعة لعقار الـ Benedictin المضاد للغثيان بدعوى ان هذا العقار والذي تناولته امهات الاطفال اثناء حملهن قد تسبب بالعيوب الخلقية التي ولد بها الطفلين وبالتالي فان الشركة المصنعة للعقار هي المسؤولة عن ذلك الضرر ، وفي المحاكمة الأولى استعانت الشركة بالخبير Dr. Steven H. Lamm. والذي افادت شهادته بان العقار قد خضع لعدد من التجارب على البشر وليس هنالك ما يدل على تسببه للآثار المسخية للجنين ، اما الاطراف المدعية فقد استعانت بشهادة ثمان خبراء وافادت شهادتهم بأن العقار يمكن أن يسبب تشوهات خلقية واستندوا برأيهم ذاك على التجارب المخبرية وتجربته على الحيوانات والدراسات الدوائية والتحليل من الدراسات المنشورة الأخرى ، ولأن هذه المنهجيات لم تحظى بعد بقبولها داخل المجتمع العلمي العام فقد تم رفضها من قبل محكمة المقاطعة ، ولكن استأنفت الاطراف المدعية امام المحكمة العليا حول اي المعايير يجب اعتماده في هذه القضية هل هو معيار Fryeام معيار FRE ؟ (9) قررت المحكمة العليا ان قواعد الاثبات الفيدرالية كانت قد تخطت معيار Frye وتبنت معيار جديد لتحديد مقبولية الوسائل العلمية للإثبات والذي اطلق عليه فيما بعد معيار Daubert (10) ، ويعد قرار المحكمة العليا بقبول معيار Daubert وترجيحه على معيار Frye ثورة في الفلسفة القضائية في الولايات المتحدة الامريكية . اشاد البعض بهذا القرار كونه يسمح لهيئة البت في الوقائع بسماع مجموعة أكبر من آراء العلماء في اتخاذ القرارات بشأن المسائل الفنية ، بينما ابدى الآخرون تحفظهم حول مرونة هذا المعيار الذي سيؤدي الى تقديم وجهات نظر لم يتم تبنيها على نطاق واسع في المجتمع العلمي ايضاً أنه سيمنح الفرصة لبعض من الافكار الزائفة وغير المنطقية واعتبارها كحقائق مقبولة لذا فان المحكمة العليا قد اقترحت ثلاث قواعد رئيسة على القاضي مراعاتها في تحديد مدى دقة المعرفة العلمية التي يتم تقديمها في قاعة المحكمة واعلنت المحكمة بمناسبة ذلك عن عبارتها المعروفة ( على القاضي ان يكون حارس للمعرفة العلمية التي تم تقديمها في القضية وتحديد المعلومات التي كانت مفيدة وذات صلة وما لم يكن كذلك) (11)، وتتلخص هذه القواعد بالآتي :
1 - الصلة : لكي يكون الدليل العلمي الذي تم الحصول عليه بوساطة الوسائل الحديثة مقبولاً في قاعة المحكمة يجب ان يكون ذا صلة ، بمعنى ان يكون هناك توقع بوجود الرابطة السببية ما بين الاستنتاج العلمي المعتمد كوسيلة اثباتية و وقائع القضية المرفوعة (12)، تعدّ الصلة قاعدة عامة تحكم قبول الادلة الاثباتية في قواعد الاثبات الفدرالية وقد تولت المادة 401 تعريف الادلة ذات الصلة بانها( الادلة التي تتجه لجعل وجود أي حقيقة ناتجة عن اثبات الفعل أكثر أو أقل احتمالاً مما ستكون عليه بدون دليل) (13).
2- الكفاية القانونية للدليل : يعني ذلك أن تكون أدلة الخبراء إثباتية وليست ضارة و بمعنى آخر يجب أن يقدم الدليل العلمي للإثبات أو كدليل خاص بوقائع القضية ، ومعنى الضرر ينصرف الى ان الدليل العلمي يعمل كمضلل او مربك للهيئة القضائية ، فإذا كان تأثير الأدلة ضارًا أكثر من ما مثبتاً فللمحكمة أن تستبعد هذه الأدلة (14).
3- الموثوقية : قد تكون الأدلة المستنبطة بواسطة الوسائل الحديثة ذات صلة وتحظى بالكفاية القانونية الا ان هذا لا يكفي لقبولها كدليل للإثبات الا بعد اجتيازها اختبار الموثوقية والذي نصت عليه المادة 702 ، لم يكن هناك قائمة مرجعية أو اختبار قطعي لإثبات الموثوقية لذا فقد اقترحت المحكمة العليا إلى أن أربع معايير مناسبة على الهيئة القضائية النظر فيها لفحص الدليل وبالتالي قبوله (15) و وهي :
1 - قابلية النظرية العلمية أو التقنية للاختبار : اذ يجب ان تستند الوسيلة الاثباتية الى المعرفة وهذا لا يعني ان توفر العلم اليقيني التام لأن العلم يمثل عملية لاقتراح وتوضيح التفسيرات حول العالم والتي تخضع لمزيد من الاختبارات والتنقيح (16) ، ومن خلال الاختبار العلمي يتم اثبات علميتها بخضوعها أوقابلية الخضوع للاختبار العلمي وبالتالي تحقق شرط الموثوقية ويعد هذا الاختبار بمثابة تحدي موضوعي (17).
2 - تحديد معدل الخطأ المعروف أو المحتمل للتقنية أو النظرية عند تطبيقها (18).
3- خضوع النظرية او التقنية لمراجعة الاقران او النظراء العلمية او نشرت في المجلات العلمية (19).
4- القبول العام للنظرية أو التقنية داخل المجتمع العلمي (20) .
ان ما ورد في المادة 702 (يجوز للشاهد المؤهل كخبير... ان يدلي بشهادته في صورة رأي أو غير ذلك ) دلاله على ان المشرع الامريكي لم يحسم الحجية القانونية لهذه الوسائل وانما اكتفى بقبولها تاركاً امر تحديدها لتقدير القضاء وسلطته والقضاء في ذلك على ثلاث رؤى
1. شهادة خبير وهذا ما ذهب اليه المشرع نفسه باعتبارها من اعمال الخبرة ، وفي عام 2009 صدر قرار للمحكمة العليا في قضية . MASSACHUSETTS (21) MELENDEZ-DIAZ v رفضت المحكمة تقارير الخبراء الناتجة عن الاختبارات التحاليل الطبية دون حضور الخبير الذي قام بالاختبار نفسه ليدلي بالشهادة (22) .
2. دليل مادي : يُعنى بالدليل المادي أي شيء ملموس يميل وجوده إلى إثبات حقيقة مادية بمعنى آخر هو أي شيء مادي له صلة مباشرة بالجريمة أو الدعوى المدنية كبقعة دم تم العثور عليها في مسرح الجريمة ، أو عقدًا مكتوبا في نزاع تجاري ممكن ان يساعد في حسم القضية المتنازع فيها ، وتعدّ الأدلة البيولوجية (العينات) شكلاً من أشكال الأدلة المادية المتعلقة بجسم الإنسان ، وقد جاء في قرار للمحكمة العليا الأمريكية في قضية California ( 23) Schmerber اعتبرت استخدام اختبار الدم من قبيل الادلة المادية (24) ، ونجد انها وفق هذا الوصف تنصرف القوة للدليل لا الى الوسيلة ولكن القضاء الامريكي لا يفرق بين الدليل والوسيلة .
3. وسيلة اثبات مستقلة : اذ اعتبرها القضاء الأمريكي في كثير من احكامه انها وسيلة كافية للنفي كما في قضية (25) Elkins v. Summit County اذ قضت محكمة اوهايو ببراءة Elkins بناءً على اختبار الحمض النووي الذي جاءت نتائجه (الاثارالبيولوجية غير عائده لالكينز)
3- نظام الاثبات الانجليزي : لم ينص المشرع الانجليزي على اية ضوابط وشروط لمقبولية الوسائل العلمية في قاعة المحكمة ، وانما اعتبرها من ضمن اعمال الخبرة التي نص عليها في القسم 35 في قانون الاجراءات المدنية ، اما في قاعة المحكمة فان هذه الوسائل نادراً ما يتم استبعادها لعدم ملائمتها ولكن لم يتبنى القضاء الانجليزي اي معيار ثابت يمكن اعتماده لمقبوليتها كما فعل القضاء الامريكي ، على اعتبار بان للمحكمة السلطة النهائية في الحكم على اعتبار الاستنتاجات التي سيقدمها الخبراء او رفضها ، ويتم رفض هذه الاستنتاجات بناءً على اما عدم اكتمال قناعة المحكمة بالدليل الذي يقدمه الخبير من خلال استجواب الخبير العلمي ، او من خلال دحضه بطريقه علمية من قبل خبير الطرف الآخر (26).
يتعامل القضاء الانجليزي مع الوسائل العلمية ليست على قيمة واحده اذ يدرك بان كل وسيلة لها قيمة علمية مختلفة ، لذا نجد ان احكام القضاء تختلف في كل مره كون الحكم الذي يصدره القاضي الانجليزي يراعي فيه الظروف المحيطة والوسيلة العلمية المتبعة في استنتاج الدليل ، وتعد هذه الوسائل بصوره عامة من قبيل القرائن (27) التي كونها تعتمد على استنتاج معين لربطه بنتيجة حقيقية وهذا الاستنتاج يتم من قبل الخبراء ثم يقدم كدليل (28) ، ففي قضية Regina Vs Michael Shirley (29) التي تعد المرة الأولى لإلغاء حكم ادانه سابقة بناءً على نتيجة تنميط الحمض النووي (البصمة الوراثية) اذ قضت محكمة الاستئناف بالبراءة لا فقط بناءً على نتيجة التنميط وانما تم دعم هذه النتيجة بشهادة الخبراء العلميين وشهادة الشهود (30) .
4- نظام الاثبات الفرنسي: لم ينص المشرع الفرنسي على معيار اساسي لمقبولية النظريات العلمية کوسائل للإثبات ، ولم تطرح السوابق القضائية اية شروط او ضوابط ممكن اعتبارها لتأسيس معيار عام في ذلك ، وفي ظل غياب الادوات المعيارية ولأن الوسائل العلمية تؤسس على اساس الخبرة العلمية انتهج القضاء الفرنسي في مواقفه القضائية اما رافضاً للخبرة وادواتها الوسائل العلمية على اعتبار ان المعرفة العلمية اللازمة لبلوغ الحقائق تدخل في حدود المعرفة العامة للقاضي، أو يستعين القاضي بالوسائل العلمية دون الخبير وبالتالي يصدر احكام علمية بشكل مستقل وكثيراً ما يلجأ الى ذلك في بعض حالات اثبات العلاقة السببية بين الخطأ الطبي والضرر (31) ، وفي حكم لمحكمة النقض رفضت الخبرة البيولوجية لنفي النسب (32) ، أو يعترف بالمسافة المعرفية بين المنطق العلمي والقضائي لذا يمنح الثقة للخبراء العلميين (33) وادواتهم ويتفق هذا النهج مع موقف المشرع الفرنسي في حالة الوسائل العلمية العصبية الذي يشير إليه في قانون اخلاقيات البيولوجيا اذ يتم الكشف عن وجود اضطراب عقلي على أساس بيولوجي عصبي بواسطة التصوير الدماغي (التصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير المقطعي بانبعاث البوزيترو، والتصوير الكهربائي للدماغ، وما إلى ذلك ) وبالتالي يتم إثبات المسؤولية الجرمية أو نفيها او التخفيف منها بوسيلة علمية (34) .
دخلت هذه الوسائل الى القضاء الجنائي اولاً في نهاية القرن التاسع عشر وتعرف بالوسائل الارشادية او الموضوعية ويُطلق عليها ايضاً أدلة الخبراء او القرائن القضائية، اذ استعان القضاة بالخبراء لحل الغموض الذي كان في جرائم القتل آنذاك ، استعان قاضي تحقيق محكمة السين في عام 1881 بخبير لتوضيح واقعة قتل سباك في شارع دي كليشي هل تم ثقب عينه بواسطة مفتاح او آلة أخرى؟ هل تم تنفيذ الضربة من الأعلى إلى الأسفل ثم من اليسار إلى اليمين ؟ ، وقد تم تأسيس نظرية الوسائل الارشادية بين عامي 1920 و 1935 (35) ، ثم دخلت حيز القانون الخاص في تشريع 1972 اذ تم قبول الفحص المقارن للدم او اية وسيلة طبية لنفي الابوة ، وقد وسع المشرع من هذا الاجراء في قانون 8 يناير 1993 ومنح القاضي سلطة أكبر لمؤامة القانون مع الحقيقة البيولوجية (36) ، وفي مرسوم 2005 أكمل هذا التطور اذ نصت المادة (332) من القانون المدني على (يمكن الطعن في الأبوة من خلال تقديم دليل على ان الزوج او صاحب الاقرار ليس الأب ).
اما عن قيمتها القانونية في قاعة المحكمة كما بينا انها تعد قرائن قضائية وبالتالي فأنها تُمنح قوة القرينة القانونية (37) ، التي يتولى القاضي تحديد قوتها الاثباتية في ضوء حكمته ، وقبول القرائن القانونية بينته المادة (1382) في حالة اذا لم ينص عليها القانون بصورة صريحة ، وكانت رزينة ودقيقة ومتسقة ، وهذا فقط في الحالات التي سمح القانون بالاستعانة (بكافة الوسائل) اي في اثبات الحقائق في نظام الاثبات الحر، وفي حكم المحكمة الاستئناف حول اثبات النسب رفضت فيه اجراء اختبار الدم المقارن الا بناءً على إذا كانت هناك افتراضات أو مؤشرات جدية على وجود علاقة جنسية بين الأب المزعوم والأم في وقت الحمل للطفل (38) ، وفقاً لحكمها فاختبار الدم لا يعدو سوى قرينة قضائية ، وقد نص قانون نابليون في المادة (1349) على مفهوم القرائن القضائية بانها (النتائج التي يستخلصها القاضي من حقيقة معروفة الى حقيقة مجهولة ).
اما اذا تولى المشرع تنظيمها فتعد وسائل اثبات مستقلة (39) ، كما في وسيلة تنميط الحمض النووي (البصمة الوراثية) و التصوير الدماغي ، وقد تولى المشرع تنظيم وسيلة التنميط بموجب تنظيم خاص في قانون اخلاقيات البيولوجيا و القانون المدني ، واشترط اربعة شروط لازمة لمقبوليتها في قاعة المحكمة وهي : (1) ان تثبت الحالات التي نص عليها القانون وهي اما تحديد هوية الشخص، او اثبات أو نفي النسب ، أو الحصول على الاعانات أو سحبها (2) يجب ان يأمر بها القاضي و للقاضي سلطة تقديرية واسعة فيما يتعلق بمدى ملاءمة الإجراء المطلوب ، (3) يجب الحصول على موافقة صريحة و مسبقة من الطرف المعني ، (4) يجب أن يُعهد بتنفيذ الإجراء إلى مختبر معتمد خصيصا ويجب ان يكون القائم بالإجراء خبير من ضمن قائمة الخبراء القانونيين (40) ، ولا تعد هذه الشروط بمثابة (معيار المقبولية) اذ يتعلق المعيار بأساس النظرية العلمية ومدى احتمالية يقينها في عملية الاثبات .
______________
1 - قرار محكمة التمييز رقم 535/ تمييز / 968 في 1968/11/30 ، منشور في صفاء حسن العجيلي ، الأهمية الجنائية لتحديد لحظة الوفاة ، ط1 ، الحامد ، الاردن ، 2011، ص104
2- Stuart H. James , Jon J. Nordby , Suzanne Bell, Forensic Science An Introduction to Scientific and Investigative Techniques, 4th Edition, CRC Press, U.S., 2014, P27
3- Robert G. Meyer and Christopher M. Weaver, Law and Mental Health, The Guilford Press, New York, 2006, p39.
4- Stuart H. James, Jon J. Nordby, Suzanne Bell, Forensic Science An Introduction to Scientific and Investigative Techniques, 4th Edition, CRC Press, U.S., 2014, P27
5- Frye Is Now, and Once Again, the Standard for Expert Opinion Admissibility in online Available 20/11/2019 on Accessed Florida https://www.productliabilityadvocate.com/2018/10/frye-is-now-and-once-aqain-the-standard-for-expert-opinion-admissibility-in-floridal
6- Stuart H. James Jon J. Nordby, Forensic science: an introduction to scientific and investigative techniques, 1st Edition, CRC Press, U.S., 2002, P 583.
7- يعد معيار FRE معيار مغاير لمعيار Frye وبالنسبة لتسميته فما هي الا الأحرف الأولى من القانون الذي تضمن هذا المعيار Federal Rules Of Evidence
8- Stuart H. James, Jon J. Nordby, Suzanne Bell, 4th Edition, Op Cit, P27.
9- Daubert v. Merrell Dow Pharmaceuticals, Inc., 509 U.S. 579 (1993). Available Accessed on online https://caselaw.findlaw.com/us-supreme-court/509/579.html 18/11/2019
10- David E. Newton, DNA Evidence and Forensic Science, Infobase, New York, 2008, p72.
11-Ibid, 73.
12-Curt R. Bartol and Anne M. Bartol, Psychology and Law: Research and Practice, Sage Publications, Inc, UK,2015, p37.
13- Rule 401.
14- Curt R. Bartol and Anne M. Bartol, Op Cit, P38.
15- Deirdre Dwyer, Op Cit,p191.
16- Lawrence Hubert and Howard wainer, A Statistical Guide For The Ethically Perplexed, CRC Press, U.S., 2013, p168
17- Virginia A. Lynch and Janet Barber Duval, Forensic Nursing Science, 2nd Edition, Mosby, UK, p1948
18-Ibid
19- Lawrence Hubert and Howard wainer, Op Cit, p168.
20- Adrian Keane and Paul McKeown, Op Cit, p 536.
21- Melendez-Diaz v. Massachusetts, 557 U.S. 305 (2009)
22- Brent E. Turvey Stan Crowder, Forensic Investigations: An Introduction, Academic Press, Cambridge, 2017, p39
23- Schmerber v. California, 384 U.S. 757 (1966), 26/4/2020
https://supreme.justia.com/cases/federal/us/384/757/
24- Michael Freeman, Law and Neuroscience: Current Legal Issues Volume 13, OUP Oxford, uk, 2011, p350
25-Elkins v. Summit County, Ohio, 615 F.3d 671 (6th Cir. 2010) https://www.courtlistener.com/opinion/152604/elkins-v-summit-county-ohio/
2020/4/27
26- Éadaoin O'Brien; Niamh Nic Daeid; and Sue Black, Science in the court: pitfalls, challenges and solutions, Article published in Philos Trans R Soc Lond B Biol Sci., 2015, p2.
27- Adrian Keane and Paul McKeown , Op Cit, p14.
28-Robert J. Girod, Logical Investigative Methods: Critical Thinking and Reasoning for Successful Investigations Hardcover, Apple Academic Press Inc., us, 2014, p34.
29- SHIRLEY V REGINA: CACD 29 JUL 2003, https://swarb.co.uk/shirley-v-regina- cacd-29-jul-2003/
30- Paul Johnson and Robin Williams, Post-conviction DNA testing: the UK's first 'exoneration' case?, Published in Sci Justice, 2006, p3.
31- Alessia Farano, L'évaluation de la preuve scientifique, in Institut Michel Villey, Droit & Philosophie - vol. XI. - 1re ed.: Preuve, droit de la preuve et démocratie (Les fondements du droit) (French Edition), DALLOZ, 2020, p33.
32- Cour de cassation, civile, Chambre civile 1, 19 septembre 2019, 18-18.473, Publié au bulletin https://www.legifrance.gouv.fr/affichJuriJudi.do?oldAction=rechJuriJudi&idTexte=JUR ITEXT000039156982&fastReqId=1997247461&fastPos=1
33- Alessia Farano,,p33.
34- Art. L. 1134-1., LOI bioéthique, no 2011-814.
35- Frédéric Chauvaud, Le sacre de la preuve indiciale. De la preuve orale à la preuve scientifique (xixe-milieu du xxe siècle), in Bruno Lemesle, LA PREUVE EN JUSTICE de l'Antiquité à nos jours, Presses universitaires de Rennes, France, 2015, p221
36- Muriel Parquet, Op Cit, p.130.
37- Frédéric Chauvaud,, p 221
38- Rouen, 28 avril 2005 et 2 mars 2006,
https://www.leqifrance.gouv.fr/affich JuriJudi.do?idTexte=JURITEXT000007511064 5
39- Frédéric Chauvaud,, p 221
40-Muriel Parquet, Droit de la famille, 2e édition, Bréal, Paris, 2007, p.130.
الاكثر قراءة في قانون الاثبات
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
