هل التأويل يشمل جميع الكتاب أم بعضه؟
المؤلف:
الدكتور عبد الرسول الغفار
المصدر:
الميسر في علوم القرآن
الجزء والصفحة:
ص 46 - 48
2025-06-23
422
قيل أن التأويل يكون في بعض الآيات وهو ناطر إلى الخارج الذي سيقع كأهوال يوم القيامة والحساب والنشور والبرزخ وتطاير الكتب والذي يطابقه الخبر الصحيح المروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو ما جاء عن الكتب السماوية. لو التزمنا بهذا القول - أي أن التأويل هو الخارج المطابق - فهذا يعني أن التأويل يختص بالآيات المخبرة عن الصفات وبعض الأفعال وعن ماسيقع في يوم القيامة وأما الأحكام والقضايا التشريعية والأخلاقية وسنن الماضيين وتاريخ الأنبياء وقصص الأمم والشعوب - على ما تقدم - لا يشملها التأويل لأنها خرجت فلا معنى لتأويلها.
لأن الأحكام والقضايا التشريعية هي أوامر إنشائية وأما القضايا الأخلاقية فإن تأويلها معها وأما السنن الماضية وتاريخ الأنبياء وقصص الأمم فهي أخبار قد حدثت وأن تأويلها على هذا متقدم عليها.
والملاحظ في معاني لفظة (تأويل) الواردة في القرآن أنها تشمل جميع الآيات لا آية دون أخرى انظر سياق الآيات الكريمة من سورة يونس قوله تعالى: }وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (37) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (38) بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [يونس: 37-39] هذه الآيات وما بعدها الحديث فيها صريح عن أولئك الناس الذين كذبوا الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وكذبوا القرآن وقالوا أنه افتراه على الله وقد ردهم سبحانه ونهرهم ثم تحداهم من أن يأتوا بمثله بل ولو بسورة واحدة. ثم أنبأهم بتأويل هذا القرآن الذي كذبوا به لأنهم لم يحيطوا بعلمه.
هل علم التأويل منحصر بالله؟
القرآن الكريم يؤكد أن علم الغيب مخصوص بالله سبحانه حيث وردت آيات عديدة كان فيها الحصر. وما خفي من القرآن فإنما عند الله لأنه أعلم بما يريد ولأنه عالم الغيب والشهادة. لكن هذا لا ينافي لو استثنى من علمه أحدا ولو تم هذا الاستثناء فإنّما العلم بالتأويل يشمل الرسول والمعصومين من أهل البيت (عليهم السلام) : لأنهم خزان علم الله سبحانه وسره المستودع فيهم. وأمناء الوحي وحفظة الكتاب والتنزيل لهذا فإن الآية الكريمة شاملة لهم حيث قال جل شأنه: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا} [آل عمران: 7] وهذا كعلمه سبحانه فإن علم الغيب لم يطلع عليه أحد بل استأثره لنفسه وقد استثنى من هذا الاستئثار فقال تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26-27] . فالراسخون في العلم يعلمون تأويله وكلمة (يقولون) صفة أولئك الراسخين في العلم وقد توهم البعض من العلماء فجعل قوله تعالى: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران: 7].. أجنبي عن صدر الآية وهو قوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ} [آل عمران: 7].
ولكن من ظهور الآية يستفاد العطف ودليله الخبر المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) كما في الكافي قال (عليه السلام): نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله.
الاكثر قراءة في التأويل
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة