الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
تأثير الإسراف في الطعام والشراب على الجسد
المؤلف:
السيد حسين نجيب محمد
المصدر:
الشفاء في الغذاء في طب النبي والأئمة (عليهم السلام)
الجزء والصفحة:
ص224 ــ 232
2025-03-31
108
1- الأمراض:
عن الإمام علي (عليه السلام): ((إيَّاك والبطنة، فمن لزمها كثرت أسقامه وفسدت أحلامه))(1).
وعنه (عليه السلام): ((إدمان الشبع يورث أنواع الوجع))(2).
وعنه (عليه السلام): ((لا يجتمع الصحة والنهم))(3).
عن الإمام الرضا (عليه السلام): ((لو أنَّ النَّاس قصدوا في المطعم لاستقامت أبدانهم))(4).
عن الإمام الصَّادق (عليه السلام): ((وكل داء من التخمة))(5).
من تلك الأمراض:
ـ هجمة خناق الصدر: وخاصة إذا كانت الوجبة دسمة، وهي حالة من الألم الشديد والحارق خلف القفص يمتد للكتف والذراع الأيسر والفلك السفلي بسبب نقص التروية القلبية، تظهر هذه الحالة عادة عند المصابين بأمراض الأوعية القلبية إثر الجهد، فالوجبة الغذائية الكبيرة تشكل على القلب عبئاً يماثل العبء الناتج عن الجهد
العنيف.
ـ ازدراد كمية كبيرة من الطعام تعرّض الإنسان للإصابة ببعض الجراثيم، كضمات الكوليرا، وعصيات الحمى التيفية، والأطوار الاغتذائية لإميبا وذلك لعدم تعرّض كامل الطعام لحموضة المعدة وللهضم المبدئي في المعدة حيث أن حموضة المعدة هي المسؤولة عادة عن القضاء على مثل هذه الجراثيم.
ـ توسع المعدة الحاد، وهي حالة خطيرة قد تؤدي للوفاة إذا لم تعالج.
ـ انفتال المعدة، وهي إصابة خطيرة ونادرة تحدث بسبب حركة قوية معاكسة للأمعاء بعد امتلاء المعدة الزائد بالطعام.
ـ المعدة الممتلئة بالطعام أكثر عرضةً للتمزق إذا تعرضت لرضّ خارجي من المعدة الفارغة، وقد يتعرّض المرء للموت بالنهي القلبي إذا تعرّض لضربة على الشرسوف «فوق المعدة».
- مرض القلب: أعلن الاختصاصيون في حقل التغذية بعد دراسة دقيقة أنَّ أحد الأسباب الرئيسيَّة لمعضلات القلب هو استهلاك الكثير من الكلستيرول الناجم عن تناول دهن الحيوانات، ويقول «د. هوايت» المشهور عالمياً في أمراض القلب: ((إنَّ الخطر يكمن في أنَّ الإنسان يستهلك كميات كبيرة من الطعام)).
- السُمنَة: وهي زيادة في كمية الدهنيات الموجودة في الجسم فإنَّ الإسراف في تناول الأطعمة يُسبب البدانة، وخصوصاً النشويات والحلويات، فإنَّ كل غرام سكر زائد يتحوّل إلى دهن داخل الجسم وتحت الجلد ويكون عبئاً على الدورة الدموية ووظائف الأعضاء، كما أنَّ الطعام المحتوي على المواد النشوية لا يُعطي الإحساس بالشبع سريعاً فلذلك يأكله البعض بنهم زيادة عن الحاجة الطبيعية فتحدث السمنة والبدانة.
ـ الشيخوخة: يقول الدكتور قبّاني: ((ولا يسرع بالمرء إلى الشيخوخة مثل السهر الطويل، ونقص التغذية، والشقاء وفي طليعة ما يجذبنا نحو هوة الشيخوخة السموم
الفيزيولوجي... وفي طليعة ما يجذبنا نحو هوة الشيخوخة السموم الداخلة إلى الجسم عن طريق المشروبات والتدخين..
وقد أُجريت تجارب عديدة على ثلاث من الفئران فقدمت للفئة الأولى أطعمة دسمة غنية بالمواد المغذية، وأطعمت الفئة الثانية مقادير كافية من المأكولات العادية، وقدمت للفئة الثالثة كميات من الأطعمة لا تكاد تمسك الرمق، فلوحظ أنَّ الفئة الأولى انقرضت بعد الجيل الثالث.
من هذه التجارب ومن تجارب أخرى أُجريت في جامعة كورنل استخلص العلماء أنَّ فرط التغذية من دواعي إنقاص عمر الإنسان والسير به نحو الشيخوخة والفناء.
ـ الموت: في الحديث: ((إنَّ أكثر أهل المقابر من التُخمة))(6).
وقال بعض الحكماء؛ إذا كنت نهماً فعدَّ نفسك من الزَّمنى، واعلم أنَّ الشبع داعية البشم (التخمة)، والبشم داعية السقم، والسقم داعية الموت، ومن مات هذه الميتة فقد مات ميتة لئيمة لأنه قاتل نفسه.
أكدت الدراسات الطبية أن الزيادة في كمية الشحوم الناتجة عن الطعام الزائد عن الحاجة تؤدّي إلى الإصابة بالأمراض المُسببة للموت كالسكري والجلطة القلبية وتقول بعض التقارير: ((إنَّه كُلَّما زاد الوزن عن 30٪ من المعدل الطبيعي زادت نسبة الوفيات 30٪، وإذا زاد الوزن بسنة 30٪ ارتفعت نسبة الوفاة إلى 50٪، وإذا تضاعف الوزن صارت النسبة 100٪ )).
وقد أجريت في جامعة (كورنل) تجارب عجيبة غريبة حول هذا الموضوع؛ وكانت ساحة التجارب أقفاصاً رصّت بجانب بعضها في مختبرات الجامعة، وكانت ضحايا هذه التجارب زمراً مختلفة من الفئران فصلت وقسمت أقساماً متعددة وضعت في أقفاص، خصص لكل منها لوح تسجل عليه حياة تلك الزمرة ونوع مأكلها ووزنها وعمرها وطراز حياتها... فهذه الزمرة كتب عليها أن لا ترى نور الشمس طيلة حياتها، وتلك واكبها الحظ فجاءها رزقها يمشي إليها حاملاً كل ما يخطر على بال الإنسان من غذاء: لحم، سمن، جبن، سكاكر، خبز، وغيرها... والمعروف أنَّ الفئران تشارك الإنسان في جميع أنواع طعامه.
فئة ثالثة حرمت من الفيتامينات مدَّة حَتَّى استرخت أعضاؤها، ولانت عظامها.. تجارب فذَّة طريفة تضيق صفحات هذا الكتاب عن استيعابها، غير أن تجربة واحدة من هذه التجارب يحسن إجمالها والإلمام بها.
لقد قسّم العلماء فئران هذه التجربة إلى زمرتين: زمرة أُخذت للمقارنة كشاهد على نتائج التجارب، فتركت تتغذى تغذية جيدة بل مفرطة، فقدمت إليها جميع أصناف المآكل التي تستطيبها. وزمرة قنن لها الطعام، فاقتصر غذاؤها على كميات ضئيلة من الأطعمة لا تكاد تمسك الرمق، فنمت أجسام الزمرة الأولى المرباة تربية مترفة وترعرعت وزاد وزنها واستطال شعرها. غير أنَّها لم تعش أكثر من (700) يوماً، بينما الجرذان المؤخر نموها بسبب قلة غذائها بقيت حية نشيطة رغم نحولها، وقلة شعرها... فلما قدم إليها الطعام الدسم الوفير بعد (700) يوم أخذت تستعيد نماءها من جديد، وازداد وزنها فظلت حية بعد وفاة الزمرة الأولى (700) يوم آخر فأربى بذلك عمرها على (1400) يوم.
ثم كررت التجارب مرات عديدة فكانت النتائج حاسمة، والقانون صحيحاً. فما دام الحيوان يعيش عيشاً بسيطاً ويحيا حياة فقيرة فإنَّ نموه يبقى بطيئاً ولكن صحته تبقى خالية من الأمراض، فهو لا يترهل ولا يسمن ولا يموت بعد الـ (700) يوم، وهي متوسط حياة الفئران، فإذا أدخل الترف إلى غذائه بعد هذا نما من جديد، وأخذ يحيا حياة مديدة ضعف المدة التي كان مقرراً أن يعيشها، ومن هذه التجارب وغيرها خلّص العلماء إلى النظرية التالية:
إنَّ إرهاق جهاز الأطفال الهضمي بالأغذية الغنية يقصر من آماد أعمارهم، ويعرّضهم إلى شتى أنواع الأمراض، وأنَّ الأغذية النباتية كالفواكه والخضار الخالية من الدسم تساعد هؤلاء الأطفال على حياة هنيئة. وتسمح للدماغ بالقيام بأعماله ونموه، دون أن ترهقه السموم التي تتركها اللحوم والفضلات.
وما أظن أحداً من قرائي الأعزاء قد غـربـت عـن بـالـه عبـرة الدجاجة التي تقول الأسطورة أنَّها كانت تبيض كل يوم بيضة ذهبية، فأرادت صاحبتها أن تتخمها بالطعام لتزيد سمنها، وتضخم حجمها، وتستخلص منها أكثر من بيضة كل صباح يوم، فأمسكت بها وفتحت منقارها وما زالت تدسُ فيه الحب حَتَّى ماتت الدجاجة بين يديها... فخسرت المرأة كل شيء، بعد أنَّ مناها الجشع والطمع والشره بكل شيء، وقديماً قال عمارة اليمني:
تنمو قوى الشر بالتدريج إن رزقت لطفاً ... ويقوى شرار النَّار بالضرم(7)
- قلة النسل: وذلك أنَّ الإسراف في الطعام يورث السُمنة، وهذه السمنة تؤثر على نشاط الغدد الجنسية، ومن المعروف أن البدينين أقل نشاطاً جسمياً وجنسياً من النحيلين(8).
وقد حاولت جامعتان من جامعات (شيكاغو) للعلوم الحية، أن تكشفا حجب الغيوم عن هذا السر الغريب، وبعد تجارب عديدة، توصلت الجامعتان إلى الحقيقة التالية وهي: أن السبب في أنَّ الأغنياء لا ينجبون الأولاد بقدر ما ينجب الفقراء، هو إفراطهم في تناول الأطعمة الدسمة المغذية، أكثر مِمَّا تحتاجه أجسامهم.
وقد أجرى الدكتور (أنطوان كارلسون) يعاونه مساعده الدكتور (فريدريك هويلزل) تجارب طويلة ومملة في هذا الصدد، واختار لها مختبرات جامعة (شيكاغو) مسرحاً. أما الحيوانات المختارة لتطبيق هذه التجارب، فكانت جماعة الفئران. وذلك لتشابه تركيبها الجسماني بتركيب جسم الإنسان - وكلاهما من فصيلة الحيوانات اللبونة ـ، والأطعمة التي يتناولها الإنسان تصلح كذلك غذاء للفئران، مهما تبدلت أنواعها وتعددت أشكالها، فمن حبوب، إلى فواكه مجففة أو طازجة، إلى لحوم مقدّدة أو مطبوخة أو نيئة، إلى جبن وزبد وسمن وغيرها من الأغذية التي لا يتسنى لكثير من الحيوانات أن تجمع بينها في غذائها.
ولقد أجريت التجارب العلمية على ثلاث فئات من الجرذان، فقدمت للفئة الأولى أطعمة دسمة غنية بالمواد المغذية، وأطعمت الفئة الثانية مقادير كافية من المأكولات العادية، وقدمت للفئة الثالثة كميات من الأطعمة لا تكاد تمسك الرمق. ولوحظ أنَّ الفئة الأولى انقرضت بعد الجيل الثالث لعدم قدرتها على التناسل، بينما استطاعت الفئتان الأخريان أن تحافظا على النسل، رغم عسر الغذاء الشديد الذي كانت تعانيه الفئة الثالثة بتناولها مآكل خلت أو كادت من المواد المغذية.
وقد أعلن الدكتور (كارلسون) أنَّ نتائج تجاربه على الفئران هي صحيحة بالنسبة إلى الإنسان، فالمعروف في جميع أقطار العالم أن أنَّ الطبقات الأرستقراطية الغنية ذات ذرية قليلة ضئيلة شحيحة بإنجاب الأطفال، وكثيراً ما يكون هذا باعثاً على إنقراض هذه الطبقات. على عكس الطبقات الشعبية الفقيرة المعروفة بالتوالد والتكاثر كما في الصين والهند وأندونيسيا، وهذه الأصقاع من الأرض، مشهورة بقلة ما يتناوله سكانها من أطعمة مغذية.
وقد سبق للفيلسوف البريطاني (هربرت سبنسر) أن قال قبل مئة عام: إنَّ إفراط الإنسان بتناول الأطعمة المغذية قد يؤدي إلى عقمه. وأوضح أن تزايد نسبة الولادة في ايرلندا، وتضاؤل هذه النسبة في «إنكلترا» يعود إلى التباين الموجود بين ما تتناوله الأمتان من أطعمة بشكل عام(9).
- عسر التنفس: ففي الجزء العلوي جيبٌ ممتلىء بالهواء يُسمى جيب هواء المعدة، وهو يقع تحت الحجاب الحاجز، فكُلّما كان ممتلئاً بالهواء كلما كانت حركة الحجاب الحاجز سهلة، وكان التنفس ميسوراً، وكُلما امتلأ بالطعام والشراب تعرقلت حركة الحجاب الحاجز وكان التنفس صعباً.
ـ التجشؤ: عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((أطولكم جشاءً في الدُّنيا أطولكم جوعاً يوم القيامة))(10).
وعنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال لرجل كان يتجشأ: ((يا عبد الله أقصر من جشائك، فإنَّ أطول النَّاس جوعاً يوم القِيَامَة أكثرهم شبعاً في الدُّنيا))(11).
ـ عدم الجمال: وذلك لأنَّ الدورة الدموية لا تجري في الوجه بالشكل الطبيعي وبالتالي تضعف خلايا الوجه فيحدث إسوداد الوجه، ولذلك فغالباً ما نلاحظ أنَّ الإنسان يزداد جمالاً وإشراقاً في شهر رمضان حال الصيام.
في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((مرّ أخي عيسى (عليه السلام) بمدينة وفيها رجل وامرأة يتصايحان، فقال: ما شأنكما؟ قال: يا نبي الله هذه امرأتي وليس بها بأس صالحة ولكني أحبُّ فراقها، قال: فأخبرني على كل حال ما شأنها؟ قال: هي خلقة الوجه من غير كبر، قال لها: يا امرأة أتحبين أن يعود ماء وجهك طرياً؟ قالت: نعم قال لها: إذا أكلت فإيَّاك أن تشبعي، لأن الطعام إذا تكاثر على الصدر فزاد في القدر، ذهب ماء الوجه ففعلت ذلك فعاد وجهها طرياً(12).
ـ الكسل عن العمل: عن الإمام علي (عليه السلام): ((من شبع عوقب في الحال ثلاث عقوبات يلقى الغطاء على قلبه، والنعاس في عينه، والكسل على بدنه))(13).
وذلك لأنَّ التخمة والتغذية غير السليمة تبطيء حركة الدم وبالتالي ينقص الأوكسجين الذي يصل إلى الدماغ فيحصل الكسل والخمول في العمل.
ـ كثرة النوم: عن السيد المسيح (عليه السلام): ((يا بني إسرائيل لا تكثروا الأكل فإنَّه من أكثر الأكل أكثر النوم، ومن أكثر النوم أقلَّ الصَّلاة، ومن أقلَّ الصَّلاة كُتب من الغافلين))(14).
عن الإمام علي (عليه السلام): ((كثرة الأكل والنوم يفسدان النفس ويجلبان المضرّة))(15).
______________________________
(1) غرر الحكم.
(2) المصدر نفسه.
(3) غرر الحكم.
(4) طب الإمام علي (عليه السلام): ص 367.
(5) المصدر نفسه.
(6) فقه البيئة: ص 220.
(7) طبيبك معك: ص 65.
(8) طبيبك معك: ص 317.
(9) طبيبك.
(10) وسائل الشيعة: ج 16، ص 410.
(11) المحاسن: ص 447.
(12) بحار الأنوار: ص 334.
(13) طب المعصومين: ص 30.
(14) ميزان الحكمة.
(15) طب المعصومين ص391.