اخبار الساحة الاسلامية
أخبار العتبة العلوية المقدسة
أخبار العتبة الحسينية المقدسة
أخبار العتبة الكاظمية المقدسة
أخبار العتبة العسكرية المقدسة
أخبار العتبة العباسية المقدسة
أخبار العلوم و التكنولوجيا
الاخبار الصحية
الاخبار الاقتصادية
نقوش تروي حكاية سجين ومراسم الزيارة الخالدة
المؤلف: .aljawadain.org
المصدر:
الجزء والصفحة:
2025-01-29
79
من صمت الخشب إلى خلود الرسالة، ارتسمت على جدران العتبة الكاظمية المقدسة حكايات تُنقش بعمق في الذاكرة التاريخية والروحية، هي لوحات فنية صاغتها أنامل بحب وإبداع، لتكون شاهدة على عصرٍ من الصبر والمعاناة، ونورٍ يتسرب عبر الزمن ليضيء دروب الأجيال القادمة، في ورش وحدة النجارة والنقش والزخرفة، نُقشت هذه اللوحات المفعمة بعطر الإيمان، لتُضاف إلى سجل الإنجازات الخالدة التي تحكي عن الإبداع الذي لا يحده زمان ولا مكان.
اللوحة الأولى من بين تلك الأعمال كانت بمثابة مرآة تعكس جمال وروحانية مراسم الزيارة الرجبية والتشييع الرمزي للإمام موسى بن جعفر الكاظم "عليه السلام"، فقد تجلت فيها عظمة الزيارة بتفاصيلها، وبكل ما تحمله من شوق ومحبة وولاء للإمام الذي قدم حياته في سبيل الحق، أما اللوحات الأخرى فقد اختصت بتوثيق لحظات الحزن والظلام التي عاشها الإمام موسى بن جعفر الكاظم "عليه السلام" في قعر السجون وظلم مطامير بني العباس، حيث تجسد بين خطوطها وحروفها صورته وهو يعاني من الظلم، لتكون تلك اللحظات رمزية لفقدان الحرية، لكنها في الوقت ذاته تمثل قوة الإيمان والعزيمة التي لا تنكسر.
لم تكن هذه اللوحات مجرد أعمال فنية تزيّن جدران المكان، بل كانت نوافذ روحانية مفتوحة على الماضي، تنبض بالألم والأسى، لكن أيضاً بالأمل والخلود، فكل نقش وزخرفة على الخشب كانت تنطق بعظمة الحدث، وتروي قصة عاشها الإمام الكاظم "عليه السلام"، فضلاً عن تاريخ حافل بالكرامة والتضحية، لقد انتقت أيادي الحرفيين أنقى أنواع الخشب الصاج الفاخر لتصنع من كل قطعة فنية تحفة تحمل في طياتها روح تلك اللحظات العميقة، محققة التوازن المثالي بين الخامة الرفيعة والنقش الدقيق الذي يظل حياً في ذاكرة الأجيال.
وراء هذا الأعمال الإبداعية كان هناك مجموعة من الخدم الحرفيين المبدعين الذين بذلوا جهوداً مباركة في وحدة النجارة والنقش والزخرفة بالعتبة الكاظمية المقدسة، وهم كل من: صفاء عبد العباس محمد، وعبد الهادي حسين هادي، ومرتضى ملك عباس، الذين عملوا بحب وإخلاص، تحت إشراف ورعاية الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة، ليجسدوا في كل نقش وزاوية من هذه اللوحات معاني العطاء، ويخلدوا مشاهد الظلامة والتضحية والوفاء في قلوب كل محب لأئمة أهل البيت "عليهم السلام"، لقد كانت جهودهم بمثابة إحياء للماضي في صيغ جديدة، ولغة فنية قادرة على حمل رسائل تاريخية وروحية عميقة توثق الأحداث وتخلد الذكريات التي لا تمحى، لتبقى حية في وجدان كل من يطالعها، ويشعر بحضورها.
وإن العتبة الكاظمية المقدسة، بما تحمله من إرث فكري وروحي، ستظل مركزاً مشرقاً ينير الطريق للأجيال القادمة، وفي كل قطعة فنية تخرج من ورشها الفنية هي مفتاحاً لاستمرار الذاكرة الحية، وكذلك تعزز رصيدها في تقديم إبداع يربط الماضي بالحاضر ويُضيء مستقبلاً مفعماً بالإيمان والجمال.