التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
لوحة شيشنق الخاصة بالضرائب الدينية التصاعدية
المؤلف: سليم حسن
المصدر: موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة: ج9 ص 147 ــ 156
2024-12-28
196
ومن الآثار الهامة التي خلفها لنا الفرعون «شيشنق الأول» لوحة وجدت في «أهناسية المدينة» — التي كانت تعد المقر الأصلي لأسرته — في عام 1907، وهي محفوظة الآن بالمتحف المصري، ويبلغ ارتفاعها «57» سنتيمترًا، وعرضها «56» سنتيمترًا، وقد نقش عليها تسعة وعشرون سطرًا، غير أنها وصلت إلينا مهشمة بعض الشيء، وكان أول من درس نقوشها «أحمد بك كمال» عام 1909 (راجع Rec. Trav. XXXI. p. 33–38)، ثم فحصها «دارسي» عام 1913 (راجع Ibid XXXV p. 133)، كما درس الأسماء الجغرافية التي تحتويها (راجع Dic. Geog. (I-VI) & L. R. III. 312 et 324) ، وقد أضاف الأثري «مسبرو» بعض ملاحظات على مقال «أحمد بك كمال» قال فيها: «إن هذه اللوحة لها أهمية عظيمة من حيث موضوع الأوقاف في مصر القديمة. » هذا، وقد درست أخيرًا هذه اللوحة (راجع Melanges Maspero, T. II, p. 817ff)، وقد اختلف الأثريون في كنه هذا الأثر؛ فيقول «أحمد بك كمال» و«جوتييه»: إنها كانت في الأصل مائدة قربان قطعت من حجر مكعب الشكل، غير أن نوع الحجر لم يعرف على وجه التأكيد. ويقول «أحمد بك كمال» وكذلك الأثري «فاري»: إنه من الجرانيت الأسود أو الرمادي.
ويلاحظ أن سمك هذا الأثر قد نُقش من كل جوانبه ولم يبقَ منه واحد دون نقش، فعلى وجهين نجد سلسلة من التفاصيل حُفر فيها ثماني حفر ربما كانت لوضع أحجار الضامة فيها، وقد نقش على وجه آخر أربعة أحواض ربما كانت خاصة بوضع القربان فيها ويرجع عهدها للعصر القبطي، ونقش على الوجهين الباقيين المتن المصري القديم.
وهاك ترجمة المتن:
… السكتيو، ملك الوجه القبلي والوجه البحري، رب الأرضين (خبرحزت-رع-ستبن رع) ابن رع رب التيجان (مري آمون شيشنق)، (2) عندما كان جلالته له الحياة والفلاح والصحة يبحث (في نفسه) عن كل أنواع الأشياء المفيدة ليخبرها لوالده الإله «حرشف» ملك مصر وسيد «أهناسية المدينة»، وهو شيء كان على أية حال يحفظه في قلبه منذ توليه (3) العرش، وجاء إليه الأمر الملكي رئيس الجيش «نمروت» في حضرته وقال له: حقًّا، إن معبد الإله «حرشف» سيد مصر يتوق بشدة إلى ثور القربان اليومي؛ (أي الثور الذي كان يقدم قربانًا يوميًّا إلى هذا الإله)، وقد وجدت أن توريد هذا الثور قد تُغُوضِيَ عنه تقريبًا، مع أنه كان موجودًا منذ زمن بعيد قبلي في عهد (5) الأجداد، وإذا أعدنا تقريره ثانية كان ذلك شيئًا ممتازًا. فأجاب الملك: إني أهنئك يا ولدي الذي أنجبته؛ (6) فإن قلبك يشبه قلب من أنجبك وكأنه هو في شبابه، وإن والدي «حرشف» سيد مصر ورب أهناسية المدينة الذي جعل كل ما يخرج من فمك نافذًا أبديًّا في معبده، فليُعمل مرسوم في القصر (له الحياة والصحة والقوة) خاص بتموين معبد «حرشف» ملك مصر وسيد أهناسية المدينة؛ ليستمر توريد ثور القربان هذا يوميًّا كما كان يحدث في عهد الأجداد.
وقد صدر على ذلك المرسوم الخاص بتموين المحراب، وقد ضربت الضرائب من أجل الثور اليومي، ووضح تمامًا بألا يكون هناك أية مخالفة (10) من الضياع والأماكن والمستعمرات (الإقطاعات) التابعة لأهناسية المدينة، وأن يستمر توريد هذا الحيوان دائمًا طوال الأبد السرمدي — ملك الوجه القبلي والوجه البحري — رب الأرضين (خبر-حزت رع-ستبن رع) ابن رع رب التيجان (مري آمون شيشنق) معطي الحياة مثل رع سرمديًّا.
مقدار الضرائب التي تساوي «365 ثورًا»، وهي الضرورية لحاجيات السنة حتى نهاية الأبدية:
(12) رئيس جيش أهناسية المدينة نصيبه … لشَهْرَيْ؛ توت وبابه |
60 ثورًا |
السيدة الرئيسة العامة لحريم الإله «حرشف» ملك الأرضين وبنت الرئيس العظيم للجيش (التي تسمى) «استنخب» … |
10 ثيران |
(13) رئيس «توهارو»* الخاص بأوزير «ماعت رع» … |
10 ثيران |
رئيس توهارو «أهناسية المدينة» … |
10 ثيران |
كاهن الإله «ست» سيد «سسو» (؟) وهذا لشهر «هاتور» |
10 ثيران |
(14) رئيس مُسَمِّنِي الثيران لمعبد الإله حرشف ملك الأرضين … |
10 ثيران |
رئيس «أمي-باح» … |
6ثيران |
الأمين العام لمعبد مأوى الإله «حرشف» ملك مصر … |
10 ثيران |
مدير المعبد … |
1 ثور |
… |
3 ثيران |
* «توهارو» اسم قوم من الساميين قد أتى بهم الفراعنة إلى مصر من حملاتهم في آسيا، وتدل الأحوال على أنه كانت توجد طائفتان جيء بهما إلى مصر في عهدين مختلفين، وقد احتلت إحداهما مكانًا غير معروف في مقاطعة أهناسية المدينة، حيث وضعها «رعمسيس الثاني» كما يدل على ذلك اسمها «توهارو وسرماعت رع» (أي توهارو رعمسيس الثاني). أما الثانية فكانت تحمل اسم «توهارو» «أهناسية المدينة»؛ ولذلك يحق لنا أن نجعل مكانها في أهناسية المدينة أو بالقرب منها، وكان على رأس كل من هاتين الطائفتين رئيس يدعى كبير توهارو (راجع Melanges Maspero p. 838).
وهذه لشهر كيهك.
كاهن الإله «حرشف» ملك الأرضين … |
7 ثيران |
مدير مخزن هذا المثوى … |
1 ثور |
رئيس فرقة الحرس لمخازن هذا المثوى … |
1 ثور |
(16) … |
… |
وهذه لشهر طوبة.
… لمخزن … |
4 ثيران |
… القائد … |
8 ثيران |
رئيس مخازن القائد … |
8 ثيران |
… |
10 ثيران |
وهذه لشهر أمشير.
رئيس رماة أسطول الحرب للقائد … |
10 ثيران |
مدير بيت القائد … |
5 ثيران |
(18) … |
… |
وهذه لشهر برمودة.
رئيس كتبة الحامية التابعة للمكان المحصن «مري أم شعف» |
5 ثيران |
عظماء … «مري أم شعف» … |
6 ثيران |
كاتب الجنود … |
… |
(19) … «أهناسية المدينة» … |
2 ثَور |
مدير اﻟ … العاصمة للقائد … |
5 ثيران |
الخادم الأول لبيت جرسافيس … |
1 ثور |
وهذه لشهر برمهات.
(20) … مدينة «باسجري-ني حانتيت» ومدينة «تاعت-باقن-بامشع» |
2 ثور |
مدينة بوصير … |
2 ثور |
مدينة تاوحيت-سسو ومدينة … ومدينة باسيج نفر … |
1 ثور |
مدينة بابخن-ني-بانحسي … |
2 ثور |
وهذه لشهر بشنس.
مدينة بابخن |
… |
ومدينة بابخن-ني-نفررنبت … |
1 ثور |
مدينة تا إت-با … بست … |
1 ثور |
مدينة بر … تف … |
1 ثور |
مدينة بروازو … |
1 ثور |
مدينة تا-شات راسا … |
1 ثور |
… (23) مدينة إت-شات حرآس … |
1 ثور |
مدينة برنبت … |
1 ثور |
مدينة حات-نبت-منتو … |
3 ثيران |
وهذه لشهر بئونة.
مدينة سا واحت-كنت … |
1 ثور |
… (24) … |
1 ثور |
مدينة تا أت تات … |
1 ثور |
مدينة آت نيت وعب … |
1 ثور |
مدينة حات تيت نبس … |
2 ثور |
مدينة حات نزست … |
1 ثور |
مدينة تا-وحت إوا … |
1 ثور |
… (25) … مدينة: نكر … |
1 ثور |
قرية با-ا ﻫ-ني-شد-سوخنسو … |
1 ثور |
قرية با-ا ﻫ-ني-نب-سمن … |
1 ثور |
قرية-با-ا ﻫ-ني-بن-رع … |
1 ثور |
… (26) رئيس خدم حجرة القائد … |
2 ثور |
صناع رأس … |
1 ثور |
وهذه لشهر أبيب.
مدير مخزن سجلات القائد … |
2 ثور |
مدير … |
… |
(27) … رئيس ماعز بيت الإله «حرشف» … |
1 ثور |
السباكون وصانعو الحلوى … |
1 ثور |
البستانيون والعسالون … |
1 ثور |
رئيس الفلاحين (؟) … |
1 ثور |
(28) |
1 ثور |
العمال صانعو عربات الحرب … |
1 ثور |
كاهن آمون … |
1 ثور |
الحفارون … |
1 ثور |
صانعو الفخار … |
1 ثور |
البناؤون |
1 ثور |
وهذه لشهر مسرى.
مدينة |
4 ثيران |
كاهن معبد الإله «حرشف» التابع «لرعمسيس» … |
1 ثور |
وهذه لأيام النسيئ.
تعليق: لا نزاع في أن هذا المتن الذي خلفه لنا الفرعون «شيشنق الأول» له أهمية كبيرة؛ إذ يقدم لنا معلومات هامة من الوجهتين الدينية، والجغرافية عن مقاطعة أهناسية المدينة، كما أنه في الوقت نفسه يعد من المتون التاريخية الثمينة في تاريخ هذه الأسرة، وبخاصة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية من حيث توزيع الضرائب.
ويمكننا أن نؤكد هنا أن تاريخ هذا المتن معروف لنا دون أي ريب؛ لأنه على الرغم من وجود طغراء الفرعون «شيشنق الأول» مرتين فيه، فإنه يحتوي على إشارات وتلميحات تدل على حقائق تاريخية ثابتة من عهد هذا الفرعون؛ إذ ليس لدينا أي ريب في أن المتن الذي بين أيدينا يرجع إلى الفترة الأولى من عهد «شيشنق الأول»، وهو العهد الذي كانت فيه مصر خارجة من الاضطرابات والقلاقل التي كانت البلاد غارقة في لُجَّتها في عهد الأسرة الواحدة والعشرين حوالي عام 1090ق.م. ولدينا البرهان على التدهور فيما جاء على هذا الأثر نفسه الذي بين أيدينا وهو الخاص بعبادة الإله «حرشف» الإله الأعظم في مقاطعة «أهناسية المدينة»، ولا بد أن هذا التدهور كان يشمل كل البلاد، وقد شاهدنا من قبل ما كان في الواحة الداخلة من منازعات في بادئ حكم هذا الفرعون [الأسرة الثانية والعشرون الفرعون شيشنق الأول]. وليس لدينا من شك في أن «شيشنق» عندما أخذ مقاليد الأمور في يده قد بدأ إصلاحاته بمدينة أهناسية المدينة ومعبد الإله «حرشف» معبودها العظيم؛ إذ قد دلت البحوث على أن هذه المدينة كانت كما قلنا من قبل موطن هذه الأسرة وحصنها الحصين؛ ولذلك نجد أن رئيس كهنة الإله «حرشف» كان دائمًا في عهد هذه الأسرة من أفرادها كما ذكرنا ذلك من قبل، من أجل ذلك نجد أن أول اسم يصادفنا في متن هذه اللوحة هو «نمروت»، وهو — كما سنرى بعدُ — اسمٌ أُطلق على ثلاث شخصيات عظيمة في هذه لأسرة. والذي يعنينا هنا هو «نمروت» ابن «شيشنق» كما يدل على ذلك لقبه «ابن الملك»، وقد وصلت إلينا معلومات عنه من وثيقتين أخريين؛ أولاهما الجزء الأول الأسفل من تمثال من الجرانيت عثر عليه في «تل المقدام» (مركز ميت غمر) وهو محفوظ بالمتحف المصري راجع Gauthier. L. R. III. p. 324)، واسم «نمروت» الذي كان يحمله للمرة الأولى والد «شيشنق الأول» يلاحظ عليه ما يأتي:
(1) على الرغم من أن الاشتقاق اللغوي لاسم «نمروت» غير معروف فإنه يجب أن يُلحظ الصعوبة التي تعترضنا عندما نريد أن نقرب هذا الاسم من الكلمة العبرانية «نمرود». والواقع أن هذه الصعوبة ليست بأقل من الصعوبة التي تصادفنا عندما نريد أن نُرجع اسمي؛ «أوسركون» و«تاكيلوت» إلى الاسمين البابليين «سرجون» و«تجلات» (راجع Maspero, Hist. Anc. II. p. 769 note1). وعلى أية حال؛ فليس مدهشًا أن نجد أعضاء أسرة أصلها لوبي صريح ينسب اسم من أسمائها إلى أصل أجنبي تمامًا بدلًا من أن نبحث عن أصله في لغة السلالة نفسها.
(2) يجب أن نفرق بين اسم «نمروت» الذي ورد في السطر الثالث من اللوحة التي نحن بصددها الآن، وبين اسم الموظف الأهناسي الكبير الذي جاء ذكره في السطر الثاني عشر بنفس النطق والرسم، وذلك خلافًا لما ذكره «مسبرو» في ملاحظته عن هذا المتن (راجع Rec. Trav. XXXI. p. 38)؛ إذ يقول: «وهنا كان أحد أبناء الملك «نمروت»، وهو الذي كان قد عينه والده قائدًا حربيًّا في مقاطعة أهناسية المدينة العظيمة، وهو الذي على ما يظهر قد فكر أولًا واقترح بعد ذلك في عمل الإصلاحات.» والواقع أننا أمام شخصين مختلفين كان يقوم كل منهما بعمل مميز عن الآخر؛ فأحدهما — وهو الذي ذُكر في السطر الثاني عشر — قد عُين قائدًا لجنود أهناسية المدينة، في حين أن «نمروت» الآخر الذي ذكره في السطر الثالث كان يقوم بإدارة جيش مصر كلها كما يؤكد ذلك ما جاء على تمثال ليونتوبوليس (تل المقدام) (راجع L. R. III. p. 323-324).
والاسم الثالث الهام الذي يصادفنا في السطر الثاني عشر هو اسم السيدة «استنخب»، وهو بلا شك اسم امرأة ذات نسب عريق، ولا ريب في أنها من الأسرة المالكة، وهذا ما يوحي به لقبها: ابنة الرئيس الأعظم «للمشوش»، وكذلك توحي بذلك وظيفتها الرئيسية العامة لحريم الإله «حرشف» … ويمكن تقريب هذه الوظيفة من وظيفة «كبيرة الحريم لآمون رع ملك الآلهة» أو الرئيسة العظيمة الأولى لحريم «آمون رع ملك الآلهة»، وهذا اللقب كانت تحمله الملكات والأميرات في عهد الأسرة الواحدة والعشرين. ومن الأمور الهامة التي ينبغي الوصول إليها هو أن نتعرف على شخصية هذه الأميرة، وبخاصة أن ذلك يمكِّننا من تحديد تاريخ الحاشية التي جاءت في السطر الثاني عشر من هذا المتن، غير أن الوصول إلى حل هذا الموضوع يكاد يكون ضربًا من المستحيل، كما يؤكد لنا ذلك عدم إمكان إيجاد الروابط التي بين ثمانية الأميرات اللائي تحدث عنهن الأثري «جوتييه» في الجزءين؛ الثالث والرابع من كتاب «الملوك» وقد لُقِّبن بهذا اللقب، وكذلك كانت الحالة مع ابنة الملك «شبكا» (في الأسرة الخامسة والعشرين)؛ فقد ذُكرت كذلك باسم «استنخب»، ومن أجل ذلك نتساءل — على عكس ما قرره «مسبرو» وقد رأى أن هذه السيدة إما أن تكون أم الرئيس الحربي لمدينة أهناسية المدينة أو زوجه، إذا لم تكن هناك امرأة تُدعى «استنخب» ليست معروفة حتى هذا العهد، وأنها عاشت في عهد كان فيه سلطان «المشوش» مزدهرًا، وأنها قد أرادت أن تفخر به؛ أي إنها كانت على قيد الحياة في عهد الأسرة الثانية والعشرين، ويحتمل أن ذلك كان في السنين التي أعقبت موت الملك «أوسركون الثاني» حوالي عام 850 ق.م، وربما كان السبب في ذلك أن هذا الفرعون الذي نعرف نشاطه مدةَ حكمه الذي امتد نحو ثلاثين سنة والفرعون «شيشنق الأول» الذي كان يعد حارسًا غيورًا على الامتيازات الفرعونية، كان لا يسمح واحد منهما لأحد رعاياه — حتى ولو كان قد وصل إلى أعلى الرتب الاجتماعية — بأن يقوم بعمل أية إضافة في وثيقة رسمية يمزق وحدتها، وكان لا بد لأجل ارتكاب مثل هذه الجرأة أن تكون السلطة المركزية في البلاد قد أصبحت في أيدٍ ضعيفة تخضع لأية قوة. والواقع أن هذه كانت الحالة في عهد الفراعنة الخمسة الذين خُتمت بهم الأسرة الثانية والعشرون، وهؤلاء هم الذين تركوا «طيبة» بين عامي: 850–725ق.م؛ لتعلن من جديد استقلالها عن بيت الملك كما سنرى بعد، وبذلك سادت الفوضى في مصر الوسطى والدلتا. ولا نزاع في أننا نعترف هنا بأن هذا التفسير بعيد عن أن يحتل المكانة الأولى وأن يعد تفسيرًا مقنعًا تمامًا، ولكن من جهة أخرى يسمح لنا أن نستعرض النظرية القائلة: إن «استنخب» التي جاء ذكرها في هذا المتن لا بد كانت قد عاشت على ما يُظن ما بين عامي 850 و800 ق.م، وأنها في هذه الفترة نَقَشَتِ الإضافة التي نراها في اللوحة بارزةً، وأنها عملت من طريق الزهو والفخر كما يحدث الآن، فينسب شخص نفسه لأسرة عظيمة قد يكون يحمل اسمها عن طريق الصدفة.
ومما يلاحَظ في نقوش هذه اللوحة كذلك أنه قد جاء في السطر الثالث عشر ذكر الإله «ست»، غير أن الحيوان الدال على صورة هذا الإله وُجد مهشمًا، والواقع أن وجود اسم هذا الإله في وثيقة رسمية من الأسرة الثانية والعشرين يسترعي النظر؛ وذلك لأنه يبرهن على تقديس هذا الإله واحترامه في عهد ملوك «بوبسطة»، وقد يؤكد ذلك المكانة الخاصة التي كان يحتلها كاهن هذا الإله بين أهم الشخصيات في مقاطعة أهناسية المدينة؛ إذ نلحظ أنه كان بمفرده يورد عشرة ثيران، وقد استمر ذلك حتى نهاية عهد الأسرة الخامسة والعشرين. يضاف إلى ذلك أننا وجدنا هذا الإله يوحي بالأحكام بين المتخاصمين في الواحة الداخلة كما ذكرنا ذلك من قبل. هذا على الرغم من أن نجم هذا الإله قد أخذ في الأفول في عهد الأسرة الواحدة والعشرين على رأي «مونتيه» (راجع مصر القديمة الجزء الثامن). وتدل شواهد الأحوال على أن هذا الإله لم يكن مكروهًا في عهد هذه الأسرة، ولكن قد بدأ كرهه يشتد في العصور التي تلت هذه الأسرة، ويحتمل أنه قد ازداد من أول الأسرة السادسة والعشرين فما بعد.
الضرائب وتوزيعها كما جاءت في متن هذه اللوحة
قد لا نخطئ إذا قررنا أن جزء المتن من سطر 9 إلى 29 يعد نموذجًا لوثيقة رسمية عن الضرائب؛ فقد دوِّن بدقة مبتدئًا بأنواع الأقسام الثلاثة التي تَنْقَسِمُها مقاطعة أهناسية المدينة من الوجهة المالية، وأعني بذلك أنه ذُكر فيها المدن والقرى ثم الإقطاعات الصغيرة. وجاء في المتن بعد ذلك ذكر عدد الثيران التي كانت تجمع سنويًّا لتقدم قربانًا لمعبد الإله «حرشف»، وينتهي المتن بعد ذلك بقائمة طويلة ذُكر فيها الموظفون الحربيون والدينيون وأصحاب الوظائف العالية، ثم ذكرت الأماكن مبتدئة بالمدن بمعناها الصحيح، ثم القرى والضِّياع، ثم التجار والصناع وأصحاب الحرف.
وقد قسمت الضرائب التي جمعت من ذلك على الاثني عشر شهرًا التي تحتويها السنة المصرية، ثم شُفع اسم كل دافع ضرائب من الذين تحتويهم هذه الفئات بالرقم الذي كان يجب عليه دفعه ضريبة، وكانت تورد ثيرانًا كلٌّ على حسب المركز الذي يشغله في الحياة الإقطاعية. ويلاحَظ أنه قد روعي في الدفع ذكر العناصر الثلاثة التي كانت تتألف منها الأقسام الثلاثة التي ذكرناها، وعلى ذلك نجد أن المدن قد احتلت المكانة الأولى، ثم تلاها في المنزلة القرى التي كانت أقل من المدن مساحة، وأخيرًا الضِّياع أو المستعمرات أو العِزب الصغيرة، ويأتي بعد ذلك أصحاب الحرف والصناعات. أما الأمر الذي لم يمكننا الوقوف على كنهه من نفس الوثيقة فهو: هل كانت هذه الضرائب تُجْبَى على رءوس الأموال أو على الدخل السنوي الذي يَحصل عليه كل فرد من هؤلاء الأفراد الذين جاء ذكرهم في الوثيقة؟ وكذلك لم تُشِرِ الوثيقة فيما إذا كانت هذه هي الضريبة الوحيدة التي كانت تُجْبَى من هؤلاء الأفراد أو كانت تجبى منهم ضرائب أخرى؟
والمرجح أن هذه الضريبة كانت على الدخل السنوي؛ لأننا نجد من بين دافعي الضرائب صُنَّاعًا وموظفين، ومن ثم نفهم أنه كانت توجد في البلاد وقتئذ طائفة من رجال الدين كانوا أصحاب يسار، ثم طائفةُ فلاحين قاطنين القرى والضِّياعَ، وأخيرًا طبقة صناع وأصحاب حرف كانوا على ما يظهر يسكنون المدن، وكان كل هؤلاء يدفعون ضرائب للحكومة التي كانت على الأرجح تتولى منها الإنفاق على معابد الحكومة وغيرها، هذا فضلًا عن وجود طبقة رجال الجيش الذين كان لهم سلطان عظيم وثروة ضخمة، كما يدل على ذلك مقدار ما كانوا يدفعونه من ضرائب لإمداد معبد الإله «حرشف».