الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
حقيبة طفلك العاطفية
المؤلف: د. لورا ماركهام
المصدر: آباء مطمئنون أبناء سعداء
الجزء والصفحة: ص156ــ160
2024-12-24
119
إن قمع البشر لعواطفهم أمر غير مُجدٍ. عندما نتجاهل أو «نكبت» عواطفنا، ننبذها خارج الوعي، ونلقي بها في اللاوعي، حيث تصير خارج نطاق سيطرتنا. ومن سوء الحظ، يحول ذلك بيننا وبين تنظيمها، فتندلع، مع عواقب كارثية أحيانًا. من حسن الحظ، لسنا بحاجة إلى قمع عواطفنا لإدارتها. فمع تقدمنا في السن، يمكننا استخدام كلماتنا وقصصنا (إن مزاجي عكر اليوم لأنني متعب، لذلك أبالغ في ردة فعلي) لتنظيم مشاعرنا. يُشعرنا عقلنا المنطقي بأمان كافي لاختبار تلك العواطف القوية. وعندما نسمح لأنفسنا بالشعور بها، تمر عبرنا وتتبخر.
والأطفال، شأنهم شأن ذويهم من البشر، يحتاجون هم أيضًا إلى الشعور بعواطفهم كيما تتبدد وتختفي. لكن نظرًا إلى أن أدمغة الأطفال المنطقية غير مكتملة النمو، فلا يسعهم استخدامها لتعزيز شعورهم بالأمان. وعوضا عن ذلك، يستخدمك طفلك. يُشعره حضورك الدافئ بالأمان الكافي لاختبار دموعه ومخاوفه. إن لم تكن موجودًا - أو إن شعر بانفصاله عنك في تلك اللحظة - فهو يكدس تلك المشاعر في حقيبة عاطفية مجازية، ويحملها معه هنا وهناك. وإلى أن يشعر الطفل بأمان كافٍ لإفراغ الحقيبة، يظل شديد العصبية وهشًا عاطفيًا، يحاول منع محتوياتها من الانسكاب، فلا يستطيع الوصول إلى الموارد الداخلية التي يحتاج إليها للتعامل مع التحديات العادية للحياة اليومية.
من سوء الحظ، لا يمكن لطفلتك في العادة إخبارك بسبب انزعاجها. لم تتمرس بالعواطف بعد، لذلك لا تعرف كيف تطلب مساعدتك. كل ما تعرفه هو أنها تشعر بتعكر المزاج والضيق من حسن الحظ، أن تلك إشارة إليك لتتحرك، لأن شعور الأطفال بالسوء يجعلهم يسيئون التصرف، أو (يثورون) (act out). لعلك سمعت بذلك المصطلح المستخدم لوصف الطفل ذي السلوك السيئ. لكن يمكننا أيضًا أن ننظر إلى سوء السلوك بوصفه ثورانا لعاطفة قوية لا يستطيع الطفل التعبير عنها بالكلمات. لذلك، فإن جميع (السلوكيات السيئة) هي إشارة إلينا بوصفنا آباء بأن طفلنا يحتاج إلى مساعدتنا في التعامل مع عاطفة لا تسعه معالجتها، عاطفة تدفعه إلى إساءة السلوك.
بعض العلامات الدالة على أن طفلتك بحاجة إلى مساعدتك للتعامل مع عواطفها:
* تصير متعنتة، تعبر عن حاجة ماسة لا بد من إشباعها. وإذا لبيت مطلبها، تعلن فورًا عن مطلب جديد.
* تبدو عكرة المزاج وتعسة بشكل عام، ولا يمكنك إسعادها بتاتا مهما تفعل.
* (تسيء السلوك)، تنظر إليك مباشرةً أحيانًا فيما تخرق القواعد، مما يشير إلى فقدان اتصالها بك. (عندما يقع الأطفال في قبضة عواطف سلبية قوية يشعرون بفقدان الصلة والوحدة).
* «تثور» مرتكبة جريمة انفعال عاطفي، مثل ضرب أحدهم أو كسر شيء ما، مما يظهر لك أن مشاعرها أقوى من قدرتها على التحكم.
* تبدو كحفرة ليس لها من قرار، أو تنخرط مرارا وتكرارًا في السلوك السيئ نفسه، ولا يبدو أن حبك واهتمامك يغيران هذا النمط.
كيف يمكنك مساعدة طفلتك في تعاملها مع العواطف القوية؟ نظرا إلى أن الدموع والضحك كليهما يساعداننا على تفريغ القلق والعواطف، ساعِد طفلتك على اللعب عندما يسعها ذلك، وعلى البكاء عندما يتعين عليها ذلك. بعبارة أخرى، الجرعات المنتظمة من اللعب - ولا سيما اللعب الذي يمس أي مشكلة تواجه طفلتك من الناحية التنموية – ستعينها على اجتياز المخاوف والإحباطات العادية التي تصاحب المهام المناسبة تنمويا. يمكنك أيضا الاستجابة بمرح للسلوك (المنحرف) الذي يشير إلى فقدان الاتصال. على سبيل المثال، عندما ينظر طفلك إليك مباشرة ويخرق قاعدة بسيطة، حاول الإمساك به ومشاكسته ببعض اللعب الخشن الرقيق، وإشعال جذوة صلتك به بمرح أليس حريّاً بك أن تخبره بأنك جاد بشأن القاعدة التي خرقها لتوه؟ إنه على دراية بهذه القاعدة بالفعل. لقد خرقها بسبب حاجة ما غير ملباة أو عاطفة طاغية يحتاج إلى مساعدتك للتعامل معها. لكن قبل أن تصحح السلوك، لا بد أن تتواصل مع صاحبه. لن يفيد التأديب إلا في تقليص شعوره بالأمان. أما اللعب فيخلق إحساسا بالأمان، ويحرر هرمون التواصل (الأوكسيتوسين).
لذلك إن نظر طفلك إليك مباشرة، وسكب صحن حبوب الفطور خاصته، فهذا ليس لأنه يظن أنها تنتمي إلى الأرض. ربما هو بحاجة إلى التواصل معك. ربما يشعر بالتجاهل لأنك دائما بصحبة أخيه الرضيع. ربما هو قلق بشأن الرحلة الميدانية التي سيذهب فيها اليوم أو بشأن ذلك الشجار الذي خضتِه مع زوجك ليلة أمس. لست بحاجة في الواقع إلى معرفة ما الذي يسوق سلوكه، ستظل خطوتك الأولى دائما أن تعاودي الاتصال. بالغي في غضبك. ((ما الذي حدث لحبوب الفطور؟! أوه، لا! هذا مريع! تعال إلى هنا، يا ساكب حبوب الفطور، أنت! سأريك ما الذي يحدث لساكبي حبوب الفطور!)). أمسكي به واحمليه على ظهرك، واركضي به في أرجاء الغرفة. ثم أنزليه بالقرب من حبوب الفطور، وقبّليه على بطنه عشر مرات. ستعلمين أنك على المسار الصحيح عندما ترين قوة ضحكه - كلما كثر ضحكه زاد تفريغه للقلق الذي يشعر به حيال المسألة. وفي كثير من الأحيان، ستعيد هذه اللعبة البسيطة وحدها طفلك إلى طبيعته المشرقة، جاهزا لمساعدتك في تنظيف حبوب الفطور.
ومع ذلك، في بعض الأوقات على الأقل حينما يرسل طفلك إشارة من العبوس أو سوء السلوك أو التعنت، تكون عواطفه كثيفة إلى الحد الذي يكون معه أو ان اللعب قد فات ولا يتبقى لديك خيار سوى الدموع. لكن عندما نحتاج نحن البشر إلى البكاء غالبا ما نخشى تلك المشاعر الغاشمة والهشة. ولإيقافها عند حدها، نلجأ إلى العنف. لذلك عندما تنتاب طفلكِ مشاعر تخيفه حقا، يحاول ألا يشعر بها. فيغضب بدلا من ذلك. يُخرج تلك المشاعر في صورة تصرفات سيئة. من شبه المؤكد أنه (أذكى من ذلك) وأنه يريد (التأدب)، لكنه عالق في قبضة عواطف قوية لا يفهمها، مسوقا لإساءة التصرف، ويشعر ببساطة بأنه شخص سيئ. إن سوء سلوكه هو نداء استغاثة.
ما نوع المساعدة التي يحتاج إليها؟ إنه يحتاج إلى أن يُقبَل غضبه بعطف، حتى يمكنه اجتيازه والوصول إلى الدموع والمخاوف الكامنة تحته. يحتاج إلى أن يريك مدى تألمه، أن يعرف أنك تصغين إلى معاناته. نعم، سيجتاز هذه المشاعر، لكنه في البداية يحتاج إلى أن يعرف أنه ليس مذنبا لشعوره بهذا الغضب، ويحتاج إلى اهتمامك المحب لاختبار كل الخوف أو خيبة الأمل أو الحزن الكامن تحت الغضب، حتى يمكنه تجاوزه.