1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

القانون : القانون العام : القانون الاداري و القضاء الاداري : القضاء الاداري :

قواعد صدور الحكم الفاصل في المنازعة الادارية

المؤلف:  زينة فؤاد صبري الحيالي الحسني

المصدر:  التنظيم القانوني للترافع في الدعوى الإدارية امام قضاء مجلس الدولة

الجزء والصفحة:  ص 95-112

2024-11-17

266

يخضع صدور الحكم الفاصل في الدعوى الإدارية أمام قضاء مجلس الدولة بتشكيلاته المختلفة سواء محاكم القضاء الإداري أو قضاء الموظفين أو المحكمة الإدارية العليا لجملة من المراحل التي تسبق صدوره، نبينها من خلال تقسيم هذا الموضع على ثلاثة فروع يبين الفرع الأول: إعلان ختام المرافعة ويتضمن الفرع الثاني: المداولة القضائية، أما الفرع الثالث فسنستعرض فيه النطق بالحكم القضائي وكالآتي.
الفرع الأول
إعلان ختام جلسة المرافعة
بإختتام التحقيق القضائي وإعداد القرار النهائي للدعوى الإدارية يقوم القاضي الإداري بختام الجلسة وعدم استلام من الخصوم أي طلبات جديدة خاصة بالدعوى وبهذا تحجز الدعوى للنظر فيها من قبل القضاة، وقد عُرفت ختام الجلسة في الفقه القانوني بأنها: ( الإتمام والإنتهاء أي هي إنتهاء المناقشة بين الخصوم والتحقيقات وجهوزية الدعوى للفصل فيها وفق رؤية القاضي وسلطته التقديرية، وهي بمعنى حجز الدعوى الإدارية للحكم فيها) (1) والتعريف هنا بين كيفية إستكمال القاضي الإداري لإجراءات التحقيق في الدعوى وسماع اقوال وطلبات الخصوم والتحضير للفصل في الدعوى، والحجز هنا بمعنى إنقطاع كافة السُبُل للخصوم لإعادة التحقيق في الدعوى.
فإذا حجزت المحكمة الدعوى للحكم إنقطعت صلة الخصوم بها ولم يبقى لهم إتصال بالدعوى إلا بالقدر الذي تُصرح به المحكمة، كما أشار له قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري بنص مفاده "لا يجوز فتح باب المرافعة بعد تحديد جلسة للنطق بالحكم إلا بقرار تُصرح به المحكمة في الجلسة ولا يكون ذلك إلا لأسباب جدية مبينة في ورقة الجلسة وفي المحضر (2)، ويتضح من النص أعلاه أن هذا القرار ينهي دور الخصوم في الدعوى الإدارية فتدخل في حوزة القاضي لإصدار الحكم الفاصل فيها.
ويعني فتح باب المرافعة إعادة الدعوى للمرافعة مجدداً وهو من حق المحكمة أن تأخذ بهِ أما من تلقاء نفسها لتتبين بعض الأمور الغامضة التي تحتاج جلائها، أو بطلب من أحد الخصوم لتحقيق أمور متعلقة بالدعوى متى رأت أن في إجابة هذا الطلب ما يحقق العدالة بحسب ما تراه وهي سلطة تقديرية ممنوحة للقاضي الإداري (3)، ويوضح التعريف هنا مدى سلطة القاضي في إعطاء المجال للخصوم لغرض تقديم طلباتهم مرة أخرى لغرض توضيح بعض الأمور التي كانت غامضة أثناء التحقيق وإذا استجد أمراً جديداً يساهم في تحقيق العدالة في الدعوى وهذا الإجراء يبين مدى عدالة القضاء في إحقاق الحق وحسن سير القضاء على النحو الذي رسمة القانون، والسؤال الذي يُطرح هنا هل المحكمة ملزمة بالإجابة عن طلب فتح باب المرافعة أم هي غير ملزمة؟
من حيث الأصل متى كانت إجراءات المرافعة قد استوفت قانوناً فإن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة الخصم إلى ما يطلبه من فتح باب المرافعة مجدداً بعد ختامها والتهيؤ لإصدار الحكم فيها، لغرض تقديم مستندات تثبت دعواه أو براءته والواقع القانوني إن حق الدفاع الذي يتمتع به الخصم يخول له إبداء ما يعلن له من الطلبات طالما أن باب المرافعة مازال مفتوحاً (4) فالمحكمة ليست ملزمة بفتح باب المرافعة وبالتالي وعلى ما جرى به قضاء محكمة التمييز العراقية أنها ليست ملزمة حتى بالإشارة إلى هذا الطلب في حكمها، ولا جناح على محكمة الموضوع إن لم تستجب للطلب المقدم اليها بفتح باب المرافعة أو التصريح بتقديم صور تحقيقات أو تقديم مذكرات متى كان قد قدم اليها بعد انتهاء المرافعة في الدعوى (5) ، إذ يصبح رفض هذا الطلب من الإطلاقات التي لا يُعاب على المحكمة عدم الإستجابة إليها بمعنى إذا المحكمة فصلت في الدعوى دون أن تستجيب للمدعي على طلب إعادتها إلى المرافعة لتقديم مستندات أو من اجل الحكم بتقديم مذكرات فلا جناح عليها ، كما أن هذا الطلب لا يُعد دفعاً يتمسك به الطاعن أمام المحكمة الإدارية العليا ومن ثم فإنه في غير محله أن يُعول على المحكمة بأنها اخلت بحق المدعي في الدفاع، فضلاً عن إن اغفال الحكم الإشارة إلى الطلب يعد بمثابة رفض ضمني له لأن فتح باب المرافعة مجدداً وختامها مسألة جوازية للمحكمة استناداً أحكام المادة (157/ ثانياً) من القانون آنف الذكر (6).
وقد قضت محكمة التمييز الإتحادية في العراق بحكم مفادة وجد أن فتح باب المرافعة مجدداً بعد ختام المرافعة أمرٌ جوازي إذا كان ما يبررة وفقاً للفقرة الثانية من المادة (157) من قانون المرافعات المدنية (7)، وقد بيّن قانون المرافعات المدنية العراقي على أنه إذا تهيأت الدعوى لإصدار الحكم تقرر المحكمة ختام المرافعة ثم تصدر حكمها في ذات اليوم أو تُحدد للنطق به موعداً آخر لا يتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ تفهيم ختام المرافعة" (8)، ويتضح لنا من مفهوم النص بأن ختام الجلسة وغلق باب المرافعة مقيد بقيدين وهما:
اولاً: أن تكون الدعوى صالحة للفصل فيها ويُفهم منه إذا كانت غير صالحة فلا يجوز ختام جلسة المرافعة. ثانياً : أن يكون النطق بالحكم أما ذات اليوم الذي خُتم به باب المرافعة أو خلال مدة لا تتجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ إفهام ختام جلسة المرافعة وهذا يعني أنه لا يجوز تعيين مدة أطول من خمسة عشر يوماً لإصدار الحكم (9).
والإستثناء على السؤال المطروح حول إعادة فتح باب المرافعة مجدداً فقد أجاز قانون المرافعات المدنية العراقي في الفقرة ثانياً من المادة (157) للقاضي بفتح باب المرافعة بعد ختامه مجدداً إذا ظهر للمحكمة ما يستوجب ذلك على أن تدون ما يبرر ذلك القرار، أي أن تبين المحكمة الأسباب التي دعت إلى إعادة فتح باب المرافعة مجدداً في محضر الجلسة أو القرار، ولعدم ورود نص في قانون مجلس الدولة العراقي يجيز للقاضي الإداري ذلك فقد يلجأ الأخير إلى قانون المرافعات المدنية إذا تطلب إعادة فتح باب المرافعة من جديد بعد ختامها بإعتباره الشريعة العامة للترافع ويلتزم القاضي الإداري بنص القانون لتجنب خضوع إجراءه للطعن من قبل المحكمة الإدارية العليا.
ويرجع السبب في تبرير فتح باب المرافعة مجدداً هو أن سلطة المحكمة في ذلك ليست مطلقة بل هي خاضعة لرقابة المحكمة الأعلى منها - المحكمة الإدارية العليا في مجلس الدولة - وبغية منعها من إساءة استعمال هذه السلطة فيجب عليها بيان الأسباب التي دعتها إلى فتح باب المرافعة وبالتالي فلو أن المحكمة فتحت باب المرافعة من دون بيان الأسباب التي دعتها لذلك كان قرارها والإجراءات اللاحقة له يشوبها البطلان (10)، وهذه الآثار مبنية على أساس واحد وهو انقطاع صلة الخصوم بالدعوى بعد ختام الجلسة وغلق باب المرافعة وانتقال الدعوى من سيطرة الخصوم وحوزتهم إلى سيطرة القاضي الإداري ولا تنقطع الخصومة إذا طرأ سبب من أسباب الإنقطاع.
الفرع الثاني
المداولة القضائية
المداولة هي الإجراء الآتي لغلق باب المرافعة إذ تصبح الدعوى صالحة للحكم فيها بعد أن تتم المناقشة بين القُضاة حول وقائع القضية ووسائل الإثبات والأسانيد القانونية وعلى أثرها يتم النطق بالحكم فوراً إن كانت القضية جاهزة أو أن تؤجل إلى تاريخ محدد لنفس الغرض (11).
ويقصد بالمداولة القضائية التشاور في الحكم بين أعضاء المحكمة إذا تعددوا والتفكير في الحكم وتكوين الرأي فيه إذا كان واحداً) (12) ، وعرفت أيضاً بأنها : (مناقشة القضية بواسطة هيئة المحكمة وحاصل هذه المناقشة هو إتخاذ حكم في القضية بعد فحص جميع الأوراق والمستندات الموجودة في ملف الدعوى) (13).
وعرفها آخر بأنها: (التفكير من جانب القاضي الفرد أو تبادله الرأي فيما بين القضاة إذا تعددوا، إذ تتم المداولة في الجلسة فيتشاور أعضاء المحكمة همساً فيما بينهم ويصدرون الحكم ويمكن أن ينسحب القضاة إلى غرفة المشورة ويتبادلون فيها الرأي بعض الوقت ثم يعودون إلى الجلسة لإصدار الحكم، وقد تقدر المحكمة أن التفكير في الحكم يحتاج بعض الوقت فلا تصدر الحكم في نفس اليوم وإنما تؤجل النطق به إلى يوم لاحق تحدده وعليه تتم المداولة في أي يوم قبل النطق بالحكم) (14).
ومن التعاريف السابقة يتضح لنا أن المداولة القضائية تشتمل على معنيين فهي مشاورة في الحكم إذا كانوا قضاة متعددين، وهي تفكير فيه وتكوين قناعة ورأي للقاضي الإداري إذا كان وحده الذي ينظر في الدعوى. وتتم المداولة القضائية أما أثناء انعقاد الجلسة وبعد قفل باب المرافعة فوراً وتصدر المحكمة حكمها دون تأجيل أو تجري المداولة خلال الميعاد الذي تحدده المحكمة للنطق في الحكم (15).
والسؤال الذي يثار هنا هو هل تناولت التشريعات المقارنة التي تحكم المداولة القضائية نصاً عالج به حالة القاضي الفرد؟ وهل هو ملزم بإجراء المداولة مع غيره من القضاة في الدعوى التي نظرها بمفرده؟ وللإجابة عن هذا السؤال فقد نص قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري بأنه لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة وإلا كان الحكم باطلاً (16) ، وهو بهذا النص لم يعالج حالة القاضي الفرد إذ إن التشريعات التي تناولت المداولة القضائية لم تخضع المداولة التي يقوم بها القاضي الفرد لتنظيم قانوني يتضمن شكلاً معيناً أو إجراءات خاصة أما عملية التصويت على الحكم والحلول التي وضعت من جانب المشرع في حالة تشعب الآراء أو مكان المداولة ومن هم الذين يحق لهم الإشتراك في المداولة فجميعها إجراءات قصد منها المشرع ترتيب المداولة إذا ما تعدد القضاة المشاركين فيها أو بيان جزاء معين إذا ما تم مخالفة إحدى هذه الإعتبارات أو أكثر عند قيام المداولة القضائية (17) ، فضلاً عن أن قانون المرافعات المدنية العراقي أشار إلى أنه تصدر الأحكام بالإتفاق أو بأكثرية الآراء فإذا تشعبت الآراء وجب على العضو الأقل درجة أن ينظم إلى أحد الآراء لتكوين الأكثرية (18) ، وبتعبير أكثر توصيفاً فإن جانب من الفقه يرى أن معظم التشريعات التي تناولت موضوع المداولة لم تخضع المداولة التي يقوم بها القاضي المنفرد إلى تنظيم قانوني يتضمن شكلاً معيناً أم إجراء خاص (19)، أما الجانب الآخر من الفقه فيرى أن المشرع أجاز للقاضي أن يصدر حكمة منفرداً إذا كانت الدعوى من القضايا البسيطة جداً أو الأمور المستعجلة جداً، إذ أجاز المشرع للقاضي أن يصدر حكمة فوراً بعد انتهاء المرافعة أو رفع الجلسة مؤقتاً ثم يعيدها وينطق الحكم، كذلك أجاز له أن يؤجل النطق بالحكم إلى جلسة أخرى إذا كانت الدعوى بحاجة إلى فحص ودراسة (20).
ونحن نرى ولضرورة تحقيق العدالة بأنه يفترض تشكيل المحاكم على وفق نظام تعدد القضاة حتى وإن كانت القضايا من النوع البسيط أو القضايا المستعجلة فهي تتطلب من القاضي التمحيص والمشاورة مع غيره من القُضاة، لكي يتم الخروج من المداولة بالحكم السديد الذي لا غُبار عليه، وهذا ما أكده المشرع المصري في قانون المرافعات المدنية والتجارية والمشرع العراقي في قانون المرافعات المدنية، إذ أكدا على صدور الأحكام بأكثرية آراء القضاة بمعنى أن صدور الأحكام لا تقتصر على قاضي منفرد . ولصحة صدور المداولة القضائية يشترط تحقق الشروط الآتية:
أولاً: سرية المداولة
يشترط لصحة المداولة في الأحكام أن تكون سرية بين القضاة المتعددين (21) ، وذلك بقصد ضمان حرية القضاة في إبداء آرائهم وإفشاء السرية قيد وظيفي عام أكثر من ما هو شرط صحة وهو يعني عدم إفشاء ما دار فيها قبل الحكم وفي حالة حدوث ذلك فإنه يترتب عليه بطلان الحكم القضائي (22).
وإن سرية المداولة تُعد قاعدة عامة ومن الأصول الثابتة لدى غالبية التشريعات المدنية التي يتوجب على القضاة مراعاتها أياً كان تشكيلها حرصاً على رصانة الأحكام وهيبتها واحترامها في نفوس المتقاضين (23)، ويراد بها (اقتصار المداولة على القُضاة الذين سمعوا المرافعة في الدعوى المنظورة دون غيرهم وعدم جواز اشتراك غيرهم فيها مهما كانت صفته ولو كان من كبار رجال القانون، فضلاً عن ضرورة حصولها سراً بين القضاة أما فوراً بين أعضاء المحكمة وهم جلاس في قاعة المحكمة أو بالإنتقال إلى غرفة المشاورة المخصصة لهذا الغرض) (24)، وهذا ما أشار له قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري بالنص على أنه لا يجوز أن يشترك في المداولة غير القضاة الذين سمعوا المرافعة والاً كان الحكم باطلاً (25).
ويثار لدينا السؤال الآتي حول ماذا لو تم إفشاء سرية المداولة بعد الحكم القضائي؟ وإجابة هذا السؤال أنه يترتب على إفشاء سرية المداولة تقرير المسؤولية الجزائية للقاضي الذي قام بذلك، إذ يعد مرتكباً لجريمة من الجرائم الماسة بسير القضاء التي فرض لها المشرع العقاب كما بينها قانون العقوبات العراقي بالنص الآتي على "انه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من نشر بإحدى طرق العلانية : 3- مداولات المحاكم . 4 - ما جرى في الجلسات العلنية للمحاكم بغير أمانة وبسوء قصد... (26).
وعند الرجوع إلى أحكام المادة (7/ حادي عشر ) من قانون مجلس الدولة العراقي رقم (65) لسنة 1979 المعدل نلاحظ أنه أحال الإجراءات التي تتبعها محاكم مجلس الدولة فيما لم يرد فيه نص خاص في هذا القانون إلى قانون المرافعات المدنية وقانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون الإثبات وقانون الرسوم العدلية، إلا أنه لم يحيلها إلى قانون العقوبات ومن خلال العرف القضائي والتطبيق العملي تم الإستئناس بنص المادة ( 236/ثالثاً ورابعا ) منه، وجدير بالذكر أن قانون مجلس الدولة العراقي جاء خالياً من الأحكام التي تنظم قواعد صدور الحكم القضائي ومن ضمنها المداولة القضائية، فضلاً عن قانون المرافعات المدنية الذي خلا من أحكام سرية المداولة على عكس ما جاء به القانون المقارن فقد أقرت قواعد تنظيمية بنصوص واضحة وصريحة كما أشار لها قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم (13) لسنة 1968 النافذ في المادة (166) والتي نصت على أنه: " تكون المداولة في الأحكام سراً بين القضاة مجتمعين، وبرأينا أن ذلك حفاظاً على صحة المداولة إذ أن الإخلال بها يصعب معه قبول ما ينتج عنها من آثار تنعكس سلباً على الحكم القضائي مما يعرضه إلى الفسخ أو البطلان إذا ثبت ذلك، ونأمل من مشرعنا إلى وضع قواعد تنظيمية تنظم أحكام المداولة القضائية، وقد نصت المادة (160/ ثانياً) من قانون المرافعات المدنية العراقي (27) ، على عدم النطق بالمخالفة في الحكم بالنسبة للقاضي المخالف للأكثرية من زملاؤه القضاة أثناء المداولة وأوجب المشرع حفظ المخالفة في اضبارة الدعوة وعدم إعطاء صورة منها للخصوم حفاظاً على سرية المشاورة واختلاف الآراء بين القضاة (28).
لذا ومن مفهوم النص نرى بأن قانون المرافعات المدنية العراقي قد جعل من قاعدة سرية المداولة أساس وإن المشرع اعتمد على سرية المداولة بدلاً من علانيتها ولو لم يكن ذلك في نص صريح ونحن نأمل من المشرع أن يعدل النصوص الخاصة بسرية المداولة لتكون أكثر وضوحاً وجعلها شريعة للقُضاة في المرافعات الإدارية والمدنية، ورغم هذا النقص التشريعي إلا أن قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم (23) لسنة 1971 النافذ نص صراحةً في المادة (152) على أنه : تكون جلسات المحاكمة علنية ما لم تقرر المحكمة أن تكون كلها أو بعضها سرية لا يحضرها غير ذوي العلاقة بالدعوى ... ، ومن النص نرى بأن المشرع لم ينص صراحة على أن تكون المداولة سرية في الدعوى الإدارية أو المدنية كما هي في المحاكمة وهي سلطة تقديرية للقاضي إذا ارتأى على جعلها علنية أم سرية، إلا أنه وكما ذكرنا فإن قانون العقوبات إشترط أن تكون مداولات المحاكم سرية ويعاقب كل قاضي يتسبب في افشاؤها، ومن هذا المنطلق ندعو المشرع العراقي أن يوحد النصوص الخاصة بأحكام المداولة القضائية من حيث سريتها وعلانيتها بحسب الأحوال التي تستوجب ذلك.
ثانياً: اشخاص المداولة
يشترط أن لا يشترك في المداولة غير القُضاة الذين سمعوا المرافعة (29)، وفي ضوء هذا الشرط ينبغي أن يشترك في المداولة جميع القضاة الذين سمعوا المرافعة وتُحصر المداولة فيما بينهم، وعُدَّ هذا الشرط من الضمانات القوية لحرية القضاة في إبداء آرائهم واتجاهاتهم في القضية المعروضة أمامهم، وبالتالي يمنع أن يشترك أحد القضاة في المداولة القضائية إذا لم يحضر جلسات الدعوى ولم يسمع المرافعة من قبل وذلك لأن القاضي يكون قناعته وآرائه من خلال هذه الجلسات وسماعه للمعلومات ودراسة المستندات التي تتضمنها الدعوى (31).
وقد قضت الهيئة العامة في مجلس شورى الدولة الملغي مجلس الدولة الحالي بقرار لها مفاده "بأن مجلس الإنضباط العام أصدر قراره المميز بتشكيل يختلف عن التشكيل الذي ختم فيه المرافعة لغرض تفهيم القرار وحيث وجد أن أحد أعضاء المجلس لم يكن قد اشترك في الجلسة المؤرخة في 2008/11/14 عندما أُفهم المجلس ختام المرافعة، وحيث لا يجوز للقاضي الذي لم يكن أحد أعضاء الهيئة التي ختمت المرافعة أن يشترك في إصدار القرار ولا يجوز إصدار القرار في الدعوى إلا من القضاة الذين إشتركوا في إفهام ختام المرافعة في الدعوى وعليه تقرر نقض القرار المميز ..." (32).
واستثناء من هذا الشرط فإذا حدث وإن تغير أحد القضاة الذين سمعوا المرافعة قبل إجراء المداولة لأي مانع قانوني يزيل عنه صفته أو ولايته كالإستقالة أو الوفاة أو الرد أو العزل أو إحالته على التقاعد، فيحل محله قاضي جديد وبهذا لا يجوز الإشتراك في المداولة مباشرة وإنما يتعين عليه أن يفتح باب المرافعة مجدداً (33)، ويطلع على الوثائق والمستندات والأدلة الثبوتية واللوائح المتبادلة بين وكلاء الخصوم وبعد تكوين رأيه وقناعته يشترك في المداولة وهذا ما قضت به محكمة التمييز الإتحادية العراقية في قرار لها مفاده أن القاعدة أنه لا يشترك في المداولة إلا القضاة الذين سمعوا المرافعة والا كان الحكم باطلاً، فإذا تغير أحد القضاة الذين حصلت المرافعة امامهم لأي سبب من الأسباب وجب فتح باب المرافعة من جديد وإعادة الإجراءات أمام الهيئة الجديدة ليكون الحكم صادراً من نفس الهيئة التي سمعت المرافعة التي سبقت الحكم وانتهت به الدعوى ويكفي إذا وجدت الهيئة الجديدة أن الدعوى قد استكملت كافة إجراءاتها وأصبحت مهيأة لإصدار الحكم أن تفتح باب المرافعة وسماع طلبات طرفي الخصومة وحيث أن أحد قضاة هيئة الإستئناف التي نطقت بالحكم لم يسمع المرافعة التي جرت قبل ختامها لذا يكون الحكم المميز مخالفاً للقانون فتقرر نقضه.... (34).
أما في الأحوال التي لا يكون تغيير أحد القضاة بسبب الوفاة والذي اشترك في المداولة وحضروا المرافعة وتغير قبل النطق بالحكم فإنه لأي سبب من الأسباب الأخرى كالإستقالة أو الرد أو العزل أو التقاعد فإن توقيعه على مسودة الحكم تكون واجبة وإن مخالفة ذلك يبطل الحكم (35) ، أي إن عدم حضورة جلسة النطق بالحكم لا يعيبة ما دام قد وقع على مسودة الحكم.
وقد قضت محكمة التمييز الإتحادية بقرار لها مفادة بأن المبدأ توقيع القاضي على مسودة الحكم الذي يصدره إذ ينبغي أن يوقع على الحكم من قبله أو من قبل رئيس الهيئة وأعضاءها قبل النطق به، إذ لدى التدقيق والمداولة وجد أن الحكم المميز غير صحيح ومخالف للقانون ذلك لعدم مراعاة المحكمة لأحكام المادة (160/ اولاً) من قانون المرافعات المدنية حيث تبين عدم توقيعه من قبل القاضي مما يكون الحكم المذكور لا قيمة قانونية له ولا يترتب عليه اية آثار قانونية ويستوجب نقضه (36).
الفرع الثالث
النطق بالحكم القضائي
عرف الفقه النطق بالحكم القضائي بأنه : قراءة الحكم بصوت عالي في جلسة المرافعة وتضمنه أسبابه وفقراته الحكمية)(37)، فالنطق بالحكم القضائي له أهمية كبيرة لا سيما للمحكوم له إذ إنه لا يوجد قانون ولا يُعد حق إلا بعد النطق بالحكم القضائي وهو بهذا المعنى يُعد حقاً قانونياً ممنوح للمحكوم له وإصرار القضاة على لحظة النطق بالحكم، فقبل النطق بالحكم يمكن للقاضي أن يعدل عن الرأي الذي أبداه اثناء المداولة، وعند النطق بالحكم يحسم الأمر ويُحق الحق فيعتبر وفقاً لذلك النطق بالحكم بأنه قراءة الفقرات الحكمية وبيان أسبابها القانونية بصوت عالي وبحضور أطراف الدعوى والجمهور في قاعة المحكمة (38).
ويراد بالنطق بالحكم القضائي في التشريع بأنه: "تلاوته شفاهاً في الجلسة المحددة وذلك بقراءة جهرية لمنطوقه فقط أو لمنطوقه مع اسبابه (39)، والنطق بالحكم هو شرط لوجود الحكم القضائي، إذ لا يُعد الحكم صادراً بإنتهاء المداولة بل من لحظة النطق به وإن كان محرراً وموقعاً وفقاً للقانون، وبناءً على ذلك يجوز لكل قاضي أن يعدل عن رأيه ويطلب إعادة المناقشة مع زملائه قبل النطق بالحكم ، كما إنه إذا توفى أحد القضاة أو زالت عنه صفته قبل النطق بالحكم وجب فتح باب المرافعة وإعادة الإجراءات أمام الهيئة القضائية الجديدة (40)، وقد أكد المشرع المصري بأن النطق بالحكم القضائي يخضع لقواعد معينة وهي:
أولاً: يجب النطق بالحكم في جلسة علنية والاً كان الحكم باطلاً (41)، ولو كانت القضية قد نظرت في جلسة أو جلسات سرية ويجب أن يُشار في الحكم إلى صدوره علناً، وقد ألزم المشرع العراقي في قانون المرافعات المدنية المحكمة التي تُصدر الحكم أن تنطق به في جلسة علنية ،(42) سواء أكان هذا الحكم موضوعياً أم فرعياً وحتى لو كانت الدعوى التي نظرت جلساتها في غرفة المشورة بطريقة سرية ذلك لأن علنية الجلسة التي يتم النطق بالحكم فيها تُعد ضمانة أساسية من ضمانات التقاضي التي كفلها الدستور ونظمها وحماها القانون فيجب أن توفر قدر عالي من الطقوس الرسمية عند لحظة النطق بالحكم تتناسب مع أهمية هذه اللحظة التي يعرف بها الخصوم حكم القضاء في الدعوى (43) ، وقد أكد دستور جمهورية العراق لعام (2005) على علنية جلسات النطق بالحكم بالنص تكون جلسات المحاكم علنية (44) ولزاماً على القاضي الإلتزام بهذه القاعدة وجعل المحاكمات علنية (45) وإلا كانت الأحكام باطلة، كما وأشار قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي على علنية جلسات النطق بالحكم بالنص "تختلي المحكمة لوضع صيغة الحكم أو القرار... تستأنف الجلسة علناً وتتلى صيغته على المتهم أو يُفهم بمضمونة (46)، لذلك ومما تقدم نرى إذا تم النطق بالحكم في جلسة سرية كان حكمها باطلاً وإن كانت جلسات المداولة والمحاكمة سرية لأن علانية النطق بالحكم أمر واجب على القاضي كما ذكرنا سابقاً وكما نص عليه المشرع صراحة فضلاً عن أن النطق بالحكم في جلسة سرية يهدم الثقة المنشودة في القضاء ويضعف اطمئنان الأفراد به.
ثانياً: يجب أن يحضر النطق بالحكم جميع القضاة الذين اشتركوا في المداولة وكوّن رأيهم بالحكم والا كان الحكم باطلاً، فحضورهم يعني الإصرار على الرأي الذي أبدوه وعدم العدول عنه كما إن هذا الحضور يؤكد للجميع أن الحكم الذي ينطق به هو الذي يعبر عن فكر المحكمة، فإذا قام مانع قهري يمنع أحد القضاة من الحضور فيجب التفرقة بين مجرد المانع المادي كالمرض أو السفر فهذا لا يحول دون النطق بالحكم (47)، إذ يشترط أن يكون هذا القاضي قد قام بالتوقيع على مسودة الحكم الذي انتهى اليه الرأي عند المداولة (48) ، وبين المانع الذي يرجع إلى فقد القاضي لصفته كالوفاة أو عزله أو نقله أو استقالته فهذا يمنع من النطق بالحكم ولو وقع القاضي على مسودته إذ يُعد الحكم لو نطق به صادراً ممن ليس له ولاية إصداره، ويجب عندئذٍ فتح باب المرافعة وإعادة الإجراءات في الدعوى من جديد أمام الهيئة الجديدة كما سبق ذكره في الفرعين الأول والثاني (49).
ولم يُشر المشرع العراقي صراحةً على حضور جميع القُضاة الذين اشتركوا في المداولة عند جلسة النطق بالحكم القضائي وهذا يُعد نقص تشريعياً واضحاً مما يقلل من هيبة الحكم لعدم تلاوته من جميع القضاة الذين اشتركوا في المداولة ويصبح الحكم معرض للطعن من قبل الخصوم وإبطالة لكونة مخالف للنظام العام، فلا يُخفى أن النطق بالحكم علناً من جميع القضاة ينشر ثقافة الوعي القضائي بين الأفراد ويكون له تأثير على الرأي العام ويمنح القضاة الثقة العالية عند صدور الأحكام (50) ، وفي هذا الصدد نبين بأن عدم الإشارة إلى حضور جميعهم جلسة النطق بالحكم يُعد موقفاً سلبياً من قبل المشرع العراقي على عكس ما سار عليه المشرع المصري إذ أشار صراحة على حضور جميعا القضاة الذين اشتركوا في المداولة جلسة النطق بالحكم.
ثالثا : للمحكمة أن تنطق بالحكم في الجلسة عقب إنتهاء المرافعة والمداولة بالحكم، ولها إن احتاجت بعض الوقت لتكوين رأيها أن تؤجل النطق بالحكم إلى جلسة أخرى تحددها (51) ، والأصل أن على المحكمة أن تنطق بالحكم في هذه الجلسة فليس لها تأجيله مرة أخرى إلا لأسباب تقتضيها وعلى القاضي بيان الأسباب مع بيان تاريخ الجلسة الجديدة في كل من ورقة الجلسة ومحضرها (52) ، وقد منح المشرع المصري للمحكمة سلطة مطلقة بتأجيل النطق بالحكم إذ لا يعاب على حكمها إذا رفضت طلباً للخصوم لا يترتب عليه أي بطلان (53) للحكم عند تأجيلة أكثر من ثلاث مرات ولها أن تعيد فتح باب المرافعة من جديد وفقاً لما تراه من الأسباب للتأجيل أو إعادة المرافعة (54).
وقد اتخذ المشرع العراقي منحى مغاير لما سار عليه المشرع المصري كما بين في قانون المرافعات المدنية فقد أجاز للمحكمة تأجيل النطق بالحكم إذا رأت في ذلك ضرورة تقتضيها لغرض الحصول على أوراق أو مستندات تتعلق بالدعوى (55) ، ولا يجوز تأجيلها إلا لسبب مشروع ولا يجوز التأجيل لأكثر من مرة لذات السبب إلا إذا رأت المحكمة ما يقتضي ذلك لحسن سير العدالة (56) ، وقد حدد المشرع مدة تأجيل النطق بالحكم على أن لا تتجاوز عشرين يوماً إلا إذا اقتضت الضرورة ذلك (57) ، ونحن نرى بأن المشرع قد أجاد في هذه المادة كون عدم تأجيل النطق بالحكم لأكثر من مرة من اجل السرعة في حسم الإجراءات وإنجاز المعاملات وإعطاء كل ذي حق حقه دون الإطالة في الإجراءات التي تتطلب الوقت واهدار جهد المحكمة فضلاً عن عدم الاقتصاد في النفقات بالنسبة للمدعي.
إن المشرعان المصري والعراقي لم يحددا المكان الذي يجب على القضاة أن ينطقوا بالحكم فيه حتى تكون الجلسة علنية حتى يتحقق صحة هذا الشرط، فهي تكون في أثناء الجلسة أو في غرفة المشورة، ولكن أوجب على المحكمة بأن يكون النطق بالحكم بأي وقت بعد حضور القضاة أو القاضي وقبل مغادرتهم المحكمة ولو لم يحضر أحد القضاة ما دام موقعاً على مسودة الحكم ولو لم يحضر أحد الخصوم (58) ويتم النطق بالحكم في ذات اليوم المحدد له بالنطق (59)، ولا يلتزم رئيس الجلسة في هذه الحالة أن ينادي من خارج القاعة ببدء جلسة النطق بالحكم، وإذا نطق بالحكم في غرفة المشورة يجب على القاضي فتح باب الغرفة وأن ينادي بالدخول إلى القاعة لبدء جلسة النطق بالحكم فإذا توفرت هذه الشروط يكون قد نُطق بالحكم في جلسة علنية ويترتب على مخالفة هذا الشرط بطلان الحكم القضائي (60).
وقد اقتضى القانون على المحكمة تسبيب أحكامها وجعله عنصراً أصيلاً ومتطلباً جوهرياً في الحكم وإن انصراف القانون إلى التسبيب لغرض بيان الدلة والبراهين الواقعية والقانونية التي أسس القاضي عليها حكمة وأقام عليها منطوقة ووسيلة ذلك من الناحية العملية ما تم ذكره في نصوص قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري من المواد (174-179) إذ اوجب فيها المشرع المصري على المحكمة تسبيب أحكامها، وإن في ذلك يسترعي إنتباه المتلقي للحكم لدواعيه وموجباته وكما هو معلوم فإن الأسباب والتسبيب مدعاة لبث الثقة والطمأنينة في نفوس الخصوم والمتقاضين، كذلك الحظي بقبول الأطراف في الدعوى مما قد تكون للبعض من الخصوم سبباً لمباشرة الطعن في الحكم المنطوق به، ولأجل ذلك أكد المشرع على أن يشتمل الحكم على أسبابه (61)، وفي السياق ذاته فإن المشرع العراقي في قانون المرافعات المدنية أوجب على المحكمة تسبيب أحكامها التي بنيت عليها قناعتها على أن تستند على الأسباب الواردة في القانون (62) وبعد النطق بالحكم تذكر أسبابه في مسودة الحكم (63).
ولما كانت قوانين المرافعات قد استوجبت تسبيب الأحكام عند النطق بها وذلك بقصد جعل القضاة ألاً يحكموا على أساس فكرة مبهمة لم تتبين معالمها وأن يكون الحكم دائماً نتيجة لأسباب معينة محددة مناهجها، والتي جرت على أساسها المداولة بين القضاة قبل النطق بالحكم القضائي ولكي يكون للحكم وجود قانوني ويكون حجةً بما إشتمل عليه من منطوق وأسباب معاً يجب ان يكون موقعاً عليه من القاضي الذي اصدره (64) وإلا كان عبارة عن ورقة تحتوي على بيانات لا قيمة لها من الناحية القانونية والعبرة في الحكم تكون بنسخته الأصلية التي يحررها الكاتب ويوقع عليها القاضي وتحفظ في ملف الدعوى وتكون المرجع في أخذ الصورة التنفيذية وفي الطعن عليه من ذوي الشأن (65).
لذا نلاحظ أن التوقيع على مسودة الحكم يدل على أن المداولة قد تمت بصورة قانونية وبكامل أعضاء الهيئة القضائية حتى تكون الأسباب التي اشتمل عليها الحكم القضائي أسباب صحيحة أدت إلى قناعة القضاة بالحكم القضائي المنطوق به.
وقد قضت محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة المصري بمبدأ مفاده إن عدم توقيع رئيس المحكمة على نسخة الحكم الأصلية التي يحررها الكاتب يجعل هذا الحكم باطلاً بطلاناً جوهرياً ينحدر به إلى درجة الإنعدام ويترتب على ذلك أنه لا يجوز لمحكمة الطعن بعد أن يتبين لها بطلان الحكم المطعون فيه لعدم توقيعه أن تتصدى لنظر موضوع الدعوى لما يمثله ذلك من إخلال جسيم بإجراءات التقاضي وتفويت لدرجة من درجاته ويجعل محكمة الطعن أن تحكم ببطلان الحكم المطعون فيه وإعادته للمحكمة التي أصدرته لنظر الدعوى من جديد" (66).
وتحليلنا للحكم نرى بأن توقيع القاضي أو رئيس المحكمة أو رئيس الهيئة على نسخ الحكم الأصلية يُعدّ من الإجراءات الجوهرية لصحة إصدار الحكم، كون الحكم لا يُرتب آثاره القانونية إذا لم يشتمل على توقيع من اصدره والتوقيع هنا يُعدّ حجة قانونية بصحة الحكم الصادر من المحكمة وإلا كان مجرد ورقة لا قيمة لها، فضلاً عن إن المشرعين المصري والعراقي نصا في أحكام قانوني المرافعات المدنية والتجارية وقانون المرافعات المدنية على وجوب إشتمال نسخة الحكم الأصلية على توقيع رئيس المحكمة وهذا الأمر يُعدّ من النظام العام ويترتب على مخالفته إنعدام صحة الإجراء وبطلان الحكم ويُثار هذا الأمر إبتداءً عند الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا.
_______________
1- محمد هاشم المنكوشي: ختام باب المرافعة بحث ودراسة قانونية مقال منشور على موقع قانون العرب متاح على الشبكة الدولية للأنترنت https://2u.pw/tYni6c6 ، تاريخ آخر زيارة 10/ 12 / 2023 .
2- المادة (173) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 النافذ.
3- د. عباس زياد السعدي: مدى حدود مشروعية قرار المحكمة بإعادة فتح باب المرافعة مجدداً - دراسة قانونية تطبيقية مقارنة، بحث منشور في مجلة المفتش العام وزارة الداخلية العراق العدد 17، 2015، ص 2.
4- د. عباس زياد السعدي: مدى حدود مشروعية قرار المحكمة بإعادة فتح باب المرافعة مجدداً - دراسة قانونية تطبيقية مقارنة مصدر سابق، ص 4.
5- المادة (157) (اولاً) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل والتي نصت على أنه: "لا يجوز للمحكمة بعد ان تقرر ختام المرافعة ان تسمع توضيحات من أحد الخصوم إلا بحضور الخصم الآخر ولا ان تقبل مذكرات أو مستندات من أحد الطرفين ".
6- د. عباس زياد السعدي: مدى حدود مشروعية قرار المحكمة بإعادة فتح باب المرافعة مجدداً - دراسة قانونية تطبيقية مقارنة، مصدر سابق، ص12. ينظر في السياق ذاته المادة (157 ثانياً) من القانون آنف الذكر والتي نصت على أنه: "يجوز للمحكمة فتح باب المرافعة مجددا إذا ظهر لها ما يستوجب ذلك على أن تدون ما يبرر هذا القرار".
7- قرار محكمة التمييز الإتحادية في العراق رقم (21) قرار غير منشور ، نقلاً عن د. عباس زياد السعدي: مدى حدود مشروعية قرار المحكمة بإعادة فتح باب المرافعة مجدداً دراسة قانونية تطبيقية مقارنة، مصدر سابق، ص12.
8- المادة (156) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل.
9- محمد هاشم المنكوشي: ختام باب المرافعة بحث ودراسة قانونية مقال منشور على موقع قانون العرب متاح على الشبكة الدولية للأنترنت https://2u.pw/tYni6c6 ، تاريخ آخر زيارة 10/ 12 / 2023 .
10- محمد هاشم المنكوشي: ختام باب المرافعة بحث ودراسة قانونية مقال منشور على موقع قانون العرب متاح على الشبكة الدولية للأنترنت https://2u.pw/tYni6c6 ، تاريخ آخر زيارة 10/ 12 / 2023 .
11- د. عبد الرزاق زوينة: المداولة أحد مراحل إصدار الحكم المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والسياسية، المجلد 33، العدد 3، 1996، ص 440.
12- د. رمزي سيف الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية، ط7 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 1967، ص 591.
13- د. عبد الرزاق زوينة : المصدر السابق، ص 441.
14- حمدي ياسين عكاشة: موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، الأحكام الإدارية وطرق الطعن فيها في قضاء مجلس الدولة، ج 5، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2010، ص 19.
15- د. عماد سليم سعد المداولة وإصدار الأحكام والنطق بها وتصحيح الأحكام وتفسيرها ، ص1، بحث منشور في موقع وكالة اطلس الإخبارية متاح على الشبكة الدولية للأنترنت : https://2u.pw/wlpmcAd ، تاریخ آخر زيارة 2023/12/17.
16- المادة (167) من قانون المرافعات في المواد المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 النافذ.
17- عبد العزيز بن محمد بن سعد العجالين المداولة في الحكم القضائي في نظام المرافعات الشرعية السعودي - دراسة مقارنة، رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2008، ص56.
18- المادة (158) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969.
19- د. عباس زياد كامل السعدي: المداولة القضائية مفهومها - شروطها - ودورها في تدعيم ضمانات التقاضي، بحث منشور في مجلة كلية المأمون الجامعة العراق العدد 33، 2019، ص 294.
20- د. أحمد أبو الوفا: نظرية الأحكام في قانون المرافعات المدنية، ط4 ، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1980، ص 75.
21- المادة (166) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1986 النافذ.
22- د. عباس زياد السعدي: المداولة القضائية مفهومها - شروطها - ودورها في تدعيم ضمانات التقاضي، مصدر سابق، ص 294.
23- د. أحمد أبو الوفا التعليق على نصوص قانون المرافعات المدنية، ط 2 ، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1990، ص 538.
24- د. وجدي راغب مبادئ المرافعات، دار النهضة العربية القاهرة، 1986، ص 578.
25- المادة (167) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 النافذ.
26- المادة (236 / ثالثاً ورابعاً) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
27- المادة (160 ثانياً) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل والتي نصت على أنه: "يدون العضو المخالف رأيه واسباب مخالفته ولا ينطق بالمخالفة وتحفظ بإضبارة الدعوى ولا تعطى منها صور ......
29- د. احمد سمير محمد وقحطان عزيز محسن قاعدة سرية المداولة القضائية في الدعوى القضائية - دراسة مقارنة، بحث منشور في مجلة كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة كركوك، المجلد 10 ، العدد 38، 2021، ص 512.
30- المادة (167) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1986 النافذ.
31- د. عباس زياد السعدي: المداولة القضائية مفهومها - شروطها - ودورها في تدعيم ضمانات التقاضي، مصدر سابق، ص299.
32- قرار الهيئة العامة لمجلس شورى الدولة العراقي - مجلس الدولة الحالي رقم (266/ انضباط تمييز / 2008) في 2008/12/28. ينظر د. عباس زياد السعدي: النافع في قضاء المرافعات المدنية بين النص والتطبيق، ج 2، مكتبة الصباح، بغداد، 2016، ص 16.
33- المادة (157/ ثانياً) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل والتي نصت على أنه: "يجوز للمحكمة فتح باب المرافعة مجددا إذا ظهر لها ما يستوجب ذلك على أن تدون ما يبرر هذا القرار " . ينظر في السياق ذاته المادة (173) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 النافذ والتي نصت على أنه لا يجوز فتح باب المرافعة بعد تحديد جلسة للنطق بالحكم إلا بقرار تصرح به المحكمة في الجلسة، ولا يكون ذلك إلا لأسباب جدية تبين في ورقة الجلسة وفي المحضر". نلحظ بأن تغير أحد القضاة بعد سماع المرافعة وقبل المداولة يُعدّ من الأسباب القانونية التي اجازها المشرع لغرض إعادة فتح باب المرافعة مجدداً بعد ختام الجلسة.
34- د. عباس زياد السعدي: النافع في قضاء المرافعات المدنية - دراسة مقارنة، مصدر سابق، ص 19-20.
35- المادة (170) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 النافذ. ينظر في السياق ذاته قرار محكمة النقض المصرية المعقودة بجلسة (1986/1/28 س 37 -ق)، نقلاً ع .د. عباس زياد السعدي: المداولة القضائية مفهومها - شروطها - ودورها في تدعيم. ضمانات التقاضي مصدر سابق، ص 300.
36- قرار محكمة التمييز الإتحادية العراقية رقم (1576/ هيئة الأحوال الشخصية والمواد الشخصية (2012) في 2012/5/23. نقلاً عن د. عباس زياد السعدي: النافع في قضاء المرافعات المدنية - دراسة مقارنة ، مصدر سابق، ص 35-38.
37- د. عباس العبودي: شرح أحكام قانون المرافعات المدنية، مطبعة جامعة الموصل، 2000، ص 385.
38- حسام عبد محمد ظاهر : النطق بالحكم القضائي في قانون المرافعات المدنية العراقي - دراسة تأصيلية تحليلية بحث منشور مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية جامعة كركوك، المجلد 10 ، العدد 36، 2021، ص 323-324
39- المادة (174) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 النافذ التي نصت على أنه: "ينطق القاضي الحكم بتلاوة منطوقه أو بتلاوة منطوقه مع اسبابة ويكون النطق به علانية والا كان الحكم باطلاً.
40- د. عدي طلفاح محمد : ذاتية الحكم الجزائي، بحث منشور في مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية، جامعة كركوك، المجلد 13، العدد 46، 2023، ص 342
41- المادة (174) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 النافذ.
42- المادة (161) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 86 لسنة 1969 المعدل.
43- د. عباس العبودي: شرح أحكام قانون المرافعات المدنية، مطبعة جامعة الموصل، 2000 ، ص 385.
44- المادة (19/ سابعاً) من دستور جمهورية العراق لعام 2005.
45- المادة (6) من قانون السلطة القضائية العراقي التي نصت على أنه تكون جلسات المحاكم علنية".
46- المادة (223) (أ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي رقم 23 لسنة 1971 النافذ.
47- د. حمدي ياسين عكاشة: موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة الأحكام الإدارية وطرق الطعن فيها في قضاء مجلس الدولة، ج 5 ، مصدر سابق، ص 42.
48- المادة (170) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 النافذ.
49- حمدي ياسين عكاشة: موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، الأحكام الإدارية وطرق الطعن فيها في قضاء مجلس الدولة، ج 5، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2010 ، ص 43.
50- محمد سعيد عبد الرحمن الحكم القضائي اركانه وقواعد اصداره ،ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2001، ص292.
51- المادة (171) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 النافذ التي نصت على أنه: يجوز للمحكمة عقب انتهاء المرافعة أن تنطق بالحكم في الجلسة، ويجوز لها تأجيل إصداره إلى جلسة أخرى قريبة تحددها"
52- المادة (172) من القانون آنف الذكر التي نصت على أنه: "إذا اقتضت الحال تأجيل إصدار الحكم مرة ثانية صرحت المحكمة بذلك في الجلسة بذلك في الجلسة مع تعيين اليوم الذي يكون فيه النطق به وبيان أسباب التأجيل في ورقة الجلسة وفي المحضر، ولا يجوز لها تأجيل إصدار الحكم بعدئذ إلا مرة واحدة".
53- المادة (172) من القانون نفسه.
54- د. حمدي ياسين عكاشة: موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، الأحكام الإدارية وطرق الطعن فيها في قضاء مجلس الدولة، ج 5 ، مصدر سابق، ص 44.
55- المادة (62/ اولاً) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل التي نصت على أنه: للمحكمة ان تؤجل الدعوى إذا اقتضى الحال ذلك أو للحصول على اوراق أو قيود من الدوائر الرسمة، ولها عند الضرورة ان تأمر بموافاتها بهذه الاوراق أو صورها الرسمية ولو كانت القوانين والانظمة لا تسمح بالإطلاع عليها أو تسليمها".
56- المادة (62) (ثانياً) من القانون آنف الذكر التي نصت على أنه لا يجوز للمحكمة تأجيل الدعوى الا لسبب مشروع ولا يجوز التأجيل أكثر من مرة للسبب ذاته الا إذا رأت المحكمة ما يقتضي ذلك لحسن سير العدالة".
57- المادة (62) ثالثاً) من القانون نفسه التي نصت على أنه: "لا يجوز ان تتجاوز مدة التأجيل عشرين يوما الا إذا اقتضت الضرورة ذلك "
58- المادة (161) من القانون نفسه والتي نصت على أنه يتلى منطوق الحكم علناً . ويعتبر الطرفان مبلغين به تلقائياً إذا كانت المرافعة قد جرت حضورياً، حضر الطرفان أم لم يحضرا في الموعد الذي عين لتلاوة القرار".
59- المادة (156) من القانون نفسه والتي نصت على أنه: "إذا تهيأت الدعوى الإصدار الحكم تقرر المحكمة ختام المرافعة، ثم تصدر حكمها في ذات اليوم......
60- حسام عبد محمد ظاهر : النطق بالحكم القضائي في قانون المرافعات المدنية العراقي - دراسة تأصيلية تحليلية بحث منشور مجلة كلية القانون للعلوم القانونية والسياسية جامعة كركوك، المجلد 10 ، العدد 36، 2021، ، ص 331-330
61- د. حسام احمد العطار : تسبيب الأحكام القضائية - دراسة في قانون المرافعات المصري والفرنسي بحث منشور في مجلة كلية الحقوق، جامعة عين شمس، العدد 2، 2016، ص 654-655.
62- المادة (159/اولاً) من قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل والتي نصت على أنه: "يجب ان تكون الاحكام مشتملة على الاسباب التي بنيت عليها وان تستند إلى أحد اسباب الحكم المبينة في القانون".
63- المادة (161) من القانون آنف الذكر والتي نصت على أنه: " يُتلى منطوق الحكم علناً بعد تحرير مسودته وكتابة أسبابة".
64- المادة (163/ اولاً) من القانون نفسة والتي نصت على أنه يوقع القاضي أو رئيس الهيئة على نسخ من الحكم بقدر ما تدعو اليه حاجة كل دعوى ثم تختم كل نسخة بختم المحكمة ......
65- فواز فهاد العدواني: خصوصيات الدعوى الإدارية أمام القاضي الإداري في ضوء قانون المرافعات المدنية والتجارية الكويتي دراسة مقارنة مع فرنسا - مصر - الكويت، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة عين شمس، 2016، ص 283.
66- قرار محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة المصري رقم (3159) لسنة 38 -ق جلسة 1996/4/23 . ينظر د. حمدي ياسين عكاشة: موسوعة المرافعات الإدارية والإثبات في قضاء مجلس الدولة، الأحكام الإدارية وطرق الطعن فيها في قضاء مجلس الدولة، ج 5، منشأة المعارف، الإسكندرية، 2010 ، ص82

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي