x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
مرحلة البلوغ والشباب / مستقبل الأبناء
المؤلف: محمد جواد المروجي الطبسي
المصدر: حقوق الأولاد في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)
الجزء والصفحة: ص191ــ194
2024-08-20
407
مستقبل الأبناء من المسائل المهمة التي قد تشغل أذهان الأب والأم، فيأخذهما التفكير، وأنه ماذا سيكون مستقبل أطفالهما من حيث الدراسة والعمل والحياة؟
إن من الطبيعي كون التفكير بذلك من وظائف الأبوين، فإنّ بإمكانهما وضع البرنامج الصحيح وأخذ القيم الإسلامية في ذلك بنظر الاعتبار، وإعداد أرضية النجاح والمستقبل المشرق لأبنائهم، وإذا لم يكن لدرايتهما وتجاربهما في الحياة تأثير في حــل جـميع المشاكل استعانا بالآخرين فكراً وتجربة. وعليهما أن لا يغفلا عن هذه المسؤولية والوظيفة الحسّاسة؛ ذلك أن مستقبل الأبناء يكون في الغالب بيد الأبوين، فيجب على الأبوين دراسة جميع ما يرتبط بطفلهما من الأمور التي تتعلق بمستقبله، فإن ذلك ليس مما يجوز التسامح فيه وإيكاله إلى المستقبل، بل لابد أن يفكر الأبوان بذلك من الآن فإنّ الغد يفوت فيه الأوان.
إنه ليس من وظائف الأبوين رفع حاجة الغذاء والطعام والمسكن لأبنائهم فحسب، فإنّ ذلك سواء أردنا أم أبينا لابد منه لاقتضاء الغريزة العاطفية له، فإنّه لا يتمكن الأب والأم رؤية ولدهما عرياناً أو جائعاً، بل إنّ قلق الأبوين على مستقبل أبنائهم ومشاعرهم تجاه ذلك يقتضي ضرورة اهتمامهم بشغل أبنائهم في المستقبل وأخلاقهم وسلوكهم وما يُقَوّم شخصيّتهم، بمعنى أن لا يكون الشاب في المستقبل عـالـة عـلـى المجتمع فقيراً محتاجاً متسكعاً لا خير فيه، بل يكون له شغل مناسب وله كفاءة فــي
إدارة حياته:
أ. انتخاب العمل
من الأمور التي يواجهها كلّ أب وأم مشكلة العمل لولدهما في المستقبل، فإنّ الأبوين يعلمان أكثر من غيرهما ما يحبّ ولدهما الاشتغال به؛ إذ بإمكانهما تقوية استعداده في ذلك، ومساعدته لنيل هدفه.
فإن رأى الأبوان بأن لولدهما رغبةً في عمل لا يتناسب، وشأن العائلة لا ينبغي لهما الاستهزاء والسخرية به، بل يستمدان العون من المعلمين لكي ينمو ويتكامل استعداده في المجال الذي يرغب فيه، فلا ينبغي للوالدين أن يُكرهاه على اختيار العمل الذي يحبه والده أو على عمل تحبّه العائلة، أو إجباره على اختيار العمل الذي فيه المال الكثير أو الشهرة في المجتمع أو غير ذلك، فإنّه لو لم ينجح فيما أُجبر على اختياره سوف يفقد أمله وثقته بنفسه، وسوف يفقد الرغبة في غير ذلك من الأعمال.
إن على الأبوين ترغيب ولدهما ومساعدته لو اختار عملاً لا حرمة أو كراهة شرعيّتين فيه ليتكامل ويتطوّر في ذلك المجال.
فإنه سأل عمار بن إسحاق الإمام أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) عن العمل الذي يختاره لولده، فقال (عليه السلام): ((إذا عزلتَه عن خمسة أشياء فضعه حيث شئت، لا تُسَلِّمه صيرفيّاً، فإنّ الصيرفي لا يسلم من الربا، ولا تُسَلِّمه بياع أكفان، فإنّ صاحب الأكفان يسره الوباء إذا كان، ولا تُسلمه بياع الطعام، فإنّه لا يسلم من الاحتكار، ولا تُسَلِّمه جزاراً، فإنّ الجزار تسلب منه الرحمة، ولا تُسَلِّمه نخاساً، فإنّ رسول الله قال: شرّ الناس من باع الناس))(1).
وفي حديث عن الإمام الكاظم (عليه السلام) ورد فيه إضافة ((الصائغ والحناط))(2)، وجميع هذه الأعمال المنهي عنها لكراهتها توجد فيها آثار وضعيّة، وفيها بنحو من الأنحاء أثـر سلبي على الإنسان، فإنّ هذه الأعمال لا حرمة فيها إلا أن يتيقن الشخص بأنه لو اختار الصيرفيّة سوف يقع في الربا حينئذٍ يكون ذلك العمل محرّماً عليه؛ لأن مقدّمة التجارة هنا محرّمة.
ب. نقل تجارب الحياة إلى الأبناء
إن الأجيال إنما تتطوّر وتتكامل على أساس انتقال التجارب والمعلومات بينها فتبني الحضارة والثقافة على ذلك الأساس، وأن القسم الأعظم من هذه المسؤولية تقع على عاتق العوائل والآباء والأمهات الذين يتحتم عليهم نقل تجاربهم في الحياة إلى أبنائهم.
كتب أمير المؤمنين (عليه السلام) لولده الحسن (عليه السلام): ((... وإنما قلب الحَدَثِ كالأرض الخالية ما أُلقي فيها من شيء قبلته، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ويشتغل لبك لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته فتكون قد كفيت مؤونة الطلب، وعوفيت من علاج التجربة، فأتاك من ذلك ما قد كنّا نأتيه، واستبان لك منه ما ربما أظلم علينا فيه، أي بني، إنّى وإن لم أكن عمّرتُ عمر من كان قبلي فقد نظرتُ في أعمالهم... وسرت في آثارهم حتى عدتُ كأحدهم، بل كأني بما انتهى إليّ من أُمورهم قد عمّرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفت صفو ذلك من كدره، ونفعه مـن ضـره فاستخلصت لك من كل أمر نخيله وتوخّيت لك جميله، وصرفت عنك مجهوله ...))(3).
ج. المساعدة المالية للأبناء
إن الأولاد قطع من أفلاذ أكباد الآباء فمساعدة الآباء لهم، ومد يد العون إليهم إعانة لأنفسهم، والامتناع عن المساعدة المالية لهم يستتبع دفع ضريبة نفسية وروحية لا يمكن تعويضها، وقد يعرضهم ذلك إلى الانكسار والذلة أمام أصدقائهم والمجتمع، ومن البديهي أنه لا ينبغي الإفراط في المساعدة المالية فإنّه من الممكن أن يؤدّي ذلك إلى الفساد وانحراف الأولاد.
روى أبو هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: ((تَصَدّقوا))، فقال رجل: عندي دينار قال: ((أنفقه أو تصدق به على نفسك))، قال: عندي دينار آخر، قال: ((تصدق بـه عـلـى امرأتك»، قال: عندي دينار آخر قال ((تصدّق به على ولدك))، قال: عندي دينار آخر: قال: ((تصدق به على خادمك))، قال: عندي دينار آخر قال: ((أنت أبصر به))(4).
د. الحفاظ على الأولاد من العالة على المجتمع
روى عامر بن سعد عن أبيه أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) قال له: ((إنّك إن تترك ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تتركهم عالة))(5).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رجل من الأنصار أعتق خمس أو ستة رقــاب ولم يكن يملك سواها يخلّفه لولده الصغار: ((لو أعلمتموني أمـره مـا تـركتكم تدفنونه مـع المسلمين، ترك صبيةً صغاراً يتكفّفون الناس))(6).
_____________________________________
(1) وسائل الشيعة، ج 12، ص 97.
(2) نفس المصدر، ص 98.
(3) تحف العقول، ص 70.
(4) كتاب العيال، ج 1 ص 141.
(5) نفس المصدر، ص 149.
(6) تحف العقول، ص 365.