x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الدين برنامج لمخالفة الأهواء والدنيا أيضا مبرمجة على أساس مخالفة الأهواء
المؤلف: الشيخ علي رضا بناهيان
المصدر: النظام التربوي الديني
الجزء والصفحة: ص 139 ــ 143
2024-08-07
431
إن نقطة انطلاقك هي أن تعرف السبب الذي خلقت من أجله. فقد خلقت للعناء والمحن وتحمل الأذى والألم. فالبهائم لا تتألم وكذلك الملائكة لا تتألم، أما أنت فقد حظيت برغائب متضاربة، وإنك مجبور على ترك بعض الرغائب من أجل بعض أخر.
ثم يأتي الدين ويقول لك أن دع رغباتك واسع لنيل رغباتك الخفية والعميقة. ولا شك في أن هذا العبور صعب، إذن الدين صعب. لقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (واعْلَمُوا أَنَّهُ مَا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ شَيْءٌ إلَّا يَأْتِي فِي كُرْهِ ومَا مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ شَيْءٌ إِلَّا يَأْتِي في شهوة) (نهج البلاغة، خ 176). فهل قد أرحتُ بالك أم لا؟ هذه معلومة لابد أن نجعلها نصب أعيننا وهي أن الدين برنامج لمخالفة الأهواء.
طبعا لا يخلو الدين من لذائذ وليست مرارته بقدر مرارة كلامي، ولكن الكلام المعسول الذي يصوّر أجواء درب الحق كلها أجواء جمال وراحة واستقرار وأزهار وبلابل وعصافير فهذا كلام فارغ لا صحة له. بل ليس الدين برنامجا لمخالفة الأهواء فحسب، بل باعتبار أن أنسانيتك مرهونة بمخالفة الأهواء، فقد انطوت الدنيا أيضا على هذا البرنامج. فهي تفرض عليك المعاناة ومخالفة الأهواء بأشكال ثابتة ومتغيرة.
من أشكالها الثابتة هو الشيخوخة. ومن أشكالها الثابتة الأخرى هو فقد الحبيب، كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (الْهِجْرَانُ عُقُوبَةَ الْعِشق) (بحار الأنوار، ج 75، ص 11). لا أدري هل أقول هذه الحقائق بصراحة، أو أراعي مشاعركم وقلوبكم ولكنها حقائق نعيشها في حياتنا الدنيوية، فلابد أن نطلع عليها، بل لابد أن ننطلق منها في حركتنا الدينية. وهي أن كل ما تعشقه في هذه الدنيا، فلابد لك من مفارقته يوما، وإن الله يفرق بينك وبين أحبائك في هذه الدنيا.
كان لي صديق قبل سنين، ثم انقطعت عنه ولم أعرف أخباره. بعد فترة قال لي أحد الإخوة: (هل سمعت أن فلان قد توفيت زوجته؟) فسألته هل كان يعشقها كثيرا؟ قال: من أين عرفت ذلك؟ قلت: إن هذا العشق هو أحد أسباب الفقد والفراق في هذه الدنيا؛ إِذْ (الْهَجْرَانُ عُقُوبَةُ الْعِشق)، هذه هي إحدى مرارات الحياة الدنيا وهي سنة من سنن الله. فإذا أردت أن تكون حياتك الزوجية في غاية العشق والغرام، فقل من الذي تريد أن يموت أسرع زوجتك أم أنت؟! لعلك تقول شيخنا كلامك مر جدا. أقول: أخي كلامي جاد ومستوحى من قواعد هذه الدنيا، فلا تخدعك أكاذيب الأفلام بل هذا هو الواقع. طبعا لا أريد أن أقول إنه قانون شامل، لا استثناء له، ولكنه يمثل إحدى القواعد التي لابد أن تؤخذ بعين الاعتبار في معرفة هذه الدنيا.
أعرف أسرة، كان أهلها حساسين جدا في اختيار الزوج لبنتهم، إذ كانوا يريدون نسيبا بمستوى تدينهم وبمستوى مكانتهم الاقتصادية العالية وبمستوى اناقتهم العالية، وأن يكون جميلا بمستوى جمالهم، وأن يكون مثقفا جدا يليق بثقافتهم العالية، وأن يكون ألفا وباء وجيما ودالا وكذا وكذا. ولهذا كانوا يرفضون الخطّابة واحدا بعد الآخر. بعد فترة، قالوا: الحمد لله، لقد جاءنا خطيب ينسجم معنا في كل شيء؛ في اناقته، في غناه وثروته، في جماله، في تدينه وبكلمة واحدة (كامل مواصفات). يشهد الله أني خفت عليهم. وسرعان ما أنجبوا طفلا وإذا به كان مشلولا.
هذا هو واقع حياتنا جميعا. ولا يمكن أن يكون هذا الكلام كذبا، بل هو عين الواقع. طبعا هناك نماذج واضحة جدا من هذه الابتلاءات فنستشهد بها في أبحاثنا، وإلا فالكل محكومون بهذه السنن. وإذا تمعن الإنسان الفطن في حياته يستطيع أن يكشف هذه القواعد.