x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
ما الهدف من جهاد النفس
المؤلف: الشيخ علي رضا بناهيان
المصدر: النظام التربوي الديني
الجزء والصفحة: ص 414 ــ 424
2024-07-06
581
الهدف الرئيس من جهاد النفس هو إذلال النفس لرب العالمين / الفناء في الله يعني منتهى الذل لله سبحانه / إن الحكمة من جميع الآلام والمحن في مسار جهاد النفس هي إذلال النفس لله سبحانه
واحدة من الأهداف المهمة في مسار جهاد النفس هو إذلال النفس لرب العالمين. إن معنى إذلال النفس لله هو أن لا تخضع لغيره أبدا. إن الخضوع والذل لله هو الطريق الوحيد للعز مع غير الله عز وجل.
نحن نسجد مرتين في كل ركعة من الصلاة فننحني بكل وجودنا ونعفّر وجوهنا لله سبحانه. ولا نجد مثل هذه العبادة في باقي الأديان. نحن نسجد لله ونفتخر بسجودنا، مع أن السجود لا يعبر عن حالة جيدة من حالات الإنسان، ولكن لأن إظهار الذل هذا، هو لله عز وجل فنقوم به بكل فخر. إن الذل لله أمر مهم ولابد من ممارسته.
تكبيرة الإحرام التي بها تبدأ الصلاة ولعلها من أهم المواطن التي يجب أن نستحضر القلب فيها، هي في الواقع تعبر عن كبرياء الله وتشير إلى ذلنا في مقابل الله سبحانه. لابد لكل فرد منا من تكرار هذا المعنى دائما؛ وهو أنه يجب علي أن أتذلل لله. يعبر العرفاء عن هذا المعنى بالفناء في الله، والذي يعني منتهى الذل في مقابل رب العالمين.
إن أكثر المتكبرين لا يصدقون بأنهم متكبرون / ينمو التكبر يوميا ولا يمكن استئصاله بسهوله.
إن محاربة التكبر لأمر مهم جدا، لأنه مرض خطر جدا قد يقضي على الإنسان في أول ظهور له. فعلى سبيل المثال إن إبليس قد عصى ربه مرة واحدة. فقط عن كبر، فهوى بهذه المرة الواحدة؛ {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34]، وكذلك يعتبر القرآن المعرضين عن دعاء الله متكبرين؛ {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60]، وقد قال الإمام السجاد في شرح هذه الآية مخاطبا ربه: (فَسَمَّيْتَ دُعَاءَكَ عِبَادَةً، وتَرْكَهُ اسْتِكْبَارًا) (الصحيفة السجادية، الدعاء 45) فعلى الرغم من هذا المصداق الذي حدده القرآن من الكبر، ترى أكثر المتكبرين لا يصدقون بأنهم متكبرون وحري بالذكر أن الكبر ينمو يوميًا ولا يمكن استئصاله بسهولة.
الصلاة أهم برنامج تربوي في سبيل استئصال الكبر في مقابل الله / لا يمكن القضاء على الكبر بإظهار الحب لله وحسب
أهم برنامج تربوي يعين الإنسان على أن لا يكون في قلبه كبر في مقابل الله هو الصلاة، وأهم ذكر في الصلاة هو التكبير. فيجب عليك أن تحارب كبرك عن طريق تذكار كبرياء الله، وإلا فلا يمكن القضاء على الكبر عبر إرسال رسائل الحب والعشق لله وأن تقول له: (إلهى أحبك). إن طريق القضاء على الكبر هو أن يأتي متكبر فيفني كبرنا وهذا المتكبر هو الله فبكبره وبذكر كبريائه يزهق كبرنا.
من أهم أمنيات الإنسان الفطرية هي أن يكبر قدرا / الطريق الصحيح إلى الرفعة والعظمة هو الاتصال بالكبير لا التكبّر إذا رأى الإنسان نفسه في غاية الصغر، عند ذلك يتصل بالعظيم الكبير.
من أهم أمنيات الإنسان الفطرية هي أن يكبر قدرا. وإن الله هو الذي أودع في وجود الناس حب العظمة والرفعة. قد يتجسد الكبر أحيانا في حب المقام، حتى أن بعض الناس يفدون حب المقام بدنياهم وآخرتهم. إن حب المقام مظهر من مظاهر الكبر وهو آخر صفة تخرج من قلوب الصديقين. صحيح أن الكبر صفة سيئة ولكنه منطلق من نزعة فطرية غير أنها منحرفة. إن فطرتنا الإلهية تقتضي أن نود العظمة والرفعة، ولكننا إن استعجلنا في الاتجاه نحو العظمة والرفعة وسلكنا طريقا خاطئا لذلك، نصبح متكبرين.
الطريق الصائب إلى الرفعة والعظمة هو الاتصال بالله الكبير المتعال. فإن لبى الإنسان النزعة إلى الكبرياء المودعة في فطرته بغير صواب يهوى في هاوية الكبر. بينما إذا لباها عبر طريق صائب يتصل بالله العظيم الكبير. إذا رأى الإنسان نفسه في منتهى الصغر سوف يتصل بالله العظيم، أما ليس ذلك بأمر هين، فهو بحاجة إلى سجود كثير وتذلل طويل.
خمس خطوات من أجل التوجه والتذلل في الصلاة توجه إلى ظاهر جسدك وهيأتك أثناء الصلاة، وانظر في أي هيأة يكون جسدك إن وقفت للصلاة. فانظر إلى هذا الخشوع! السجود هو نوع من أنواع الأدب فأده بشكل صحيح. فإذا أردت أن تتوجه في الصلاة لابد لك أن تخطو هذه الخطوات الخطوة الأولى: هي الالتفات إلى السلوك والأفعال. الخطوة الثانية: هي الالتفات إلى عبارات الصلاة. الخطوة الثالثة: هي التفكر في العبارات. الخطوة الرابعة: هي التأمل في العواطف ومشاعر الحب الكامنة في أذكار الصلاة بشكل عام. الخطوة الخامسة: التأمل في العواطف ومشاعر الحب الكامنة في كل ذكر من أذكار الصلاة بشكل خاص. إن هذه الخطوات تعيننا على التذلل بين يدي الله. فليعلم أولئك الذين يطمحون إلى الرفعة والعظمة أن هذا طريقهم.
إن لله العظمة والكبرياء وقد صور كبرياءه في القرآن. لقد مدح الله نفسه كثيرا في القرآن والإنسان المتكبر لا يستحسن هذا الأسلوب من الله عز وجل. إن بعض الناس لا يعجبه الكلام عن تكبر الله، ولكن لا ينبغي أن نعتبر تكبر الله أمرا في مقابل رحمته، بل إن الغضب هو في مقابل رحمته. أما التكبر فلا تقابله صفة من صفات الله الأخرى. فلا يمكن أن نقول أن الله متكبر ومتواضع. إذ أن الله ليس بمتواضع ولا يتنازل عن كبريائه.
نحن لا ننفك عن صفة التكبر لحظة
نحن نصبو إلى لقاء الله، ولكن لابد أن نعرف أنه إله كبير ومتكبر. الصلاة تمرين للقاء الله وفي نفس الوقت تتضمن طلبا للقائه. إن أعظم فعل في الصلاة وأكثرها قيمة هو السجود وأهم فعل جدير بالتوجه هو تكبيرة الإحرام. إن علاقتنا مع الله هي علاقة الذليل مع المتكبر. طبعا ينمو التكبر في وجودنا يوميًا ولذلك فلابد من القضاء عليه وتبديله إلى التذلل عبر الصلوات اليومية. إن كثيرا من أمراضنا الروحية من قبيل الحسد والبخل والطمع وغيرها توجد في القلب تارة وتعدم تارة أخرى، أما الكبر فهو مشكلتنا الثابتة والدائمة.
إن أهم طموح نسعى إليه نحن البشر هو الطموح إلى الكبرياء والعظمة، ولكننا لا نرى هذا الطموح كالسمكة التي تسأل عن الماء وهي في بطن البحر؟ فنحن لا ننفك عن التكبر أو طلبه أو التحسر عليه. ومن جانب آخر لابد أن نعرف أن الكبر هو أم الرذائل كلها. ولذلك وجبت الصلاة التي هي برنامج لتذلل العبد إلى مولاه المتكبر أن درجات ذلنا لله ليست بسواء وكان طوبى لمن كان أكثرنا ذلاً وتذللاً لله سبحانه.
لابد لنا من التذلل حتى نتناسب مع رب العالمين / كيف يمكن الوصول من الحب إلى الذل؟ / إذا اشتد المحب حبا للمعشوق يتذلل إليه.
كيف نستطيع في طريقنا في جهاد النفس أن نصل من الحب إلى الذل؟ من أجل الإجابة عن هذا السؤال يجب أن نعرف أن الغاية القصوى من جهاد النفس هي لقاء الله. ثم إن كبرياء الله مقدمة على باقي مظاهره وجلواته، ولذلك فلابد لنا من التذلل حتى نتناسب مع كبرياء الله ونقدر على لقائه. لابد أن نقضي على أنانيتنا لنرتقي إلى درجة الفناء في الله. كلنا يتمنى أن يكبر شأنا وقدرا ولكن لا يجوز أن نتعاظم بغير صواب أو أن نتوهم العظمة، أو أن نسلك سبيلا غير مشروع لنيل هذه الغاية. فإنما أودعت فينا الرغبة في العظمة والرفعة من أجل أن نحب الله العظيم.
من العوامل التي تؤدي بالإنسان إلى ذل عميق الحب. فإن ترسخ الحب، وامتد بجذوره في أعماق قلب المحب، ينذل المحب للحبيب. فالحب الذي لا يذلك للحبيب ليس بحب عميق، بل هو حب مزيف. إن من طبيعة الحب أن يذل العاشق للمعشوق حتى يتقبل امتنانه.
إذا ذهبت إلى حرم أمير المؤمنين (عليه السلام) فذلل له روحك وقلبك. فهكذا استطاع إمامنا الخميني أن يقف إلى جانب ضريح أمير المؤمنين (عليه السلام) لمدة خمس عشرة سنة يوميًا ويزوره بزيارة الجامعة الكبيرة. فانظروا كم كان الإمام الخميني يظهر التذلل لأهل البيت (عليهم السلام).
أقصر طريق لجهاد النفس هو الاستعانة بأهل البيت (عليهم السلام) إن حب أولياء الله يذلل النفس لله سبحانه
العشق يذل الإنسان. إذا رأى الإنسان نفسه فاشلا في جهاد النفس مهما حاول وسعى، فليعلم أن هناك طريق مختصر. إن هذا الطريق هو الاستعانة بحب أهل البيت (عليهم السلام). إن أثر حب أولياء الله الذي هو أسهل من باقي أنواع الحب هو أن يذل النفس لله سبحانه. لأننا نحب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) من أجل الله، فعندما نحب أحدا لله، فكأننا أحبنا الله نفسه. (مَنْ أَحَبَّنَا فَقَدْ أَحَبَّ اللَّه) (أمالي الصدوق، 476) نحن نحب أمير المؤمنين (عليه السلام) وكلا من سادتنا المعصومين (عليهم السلام) لأنهم أولياء الله. وعندما يكون حب أهل البيت (عليهم السلام) هو العامل في إذلال نفسك لله، يصبح جهاد النفس كشرب الماء.
يقول الإمام الصادق (عليه السلام): الصراط المستقيم هو أمير المؤمنين (عليه السلام)
لقد قال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): (لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ وأَهْلِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وعِتْرَتِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ عِتْرَتِهِ وذَاتِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ ذاته) (أمالي الصدوق، 335).
وكذلك قال الإمام الصادق (عليه السلام) في دعاء له مشيرا إلى قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6]: (أَرْشِدْنَا إلى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ أَرْشِدْنَا لِلْزُومِ الطَّرِيقِ الْمُؤَدِّي إِلَى مَحَبَّتِكَ والْمُبْلَغَ إِلَى دِينِكَ والْمَانِعِ مِنْ أَنْ نَتَّبِعَ أهْوَاءَنَا فَنَعْطَبَ أَوْ نَأْخُذ بِآرَائِنَا فَنَهْلِكَ) (معاني الأخبار، للشيخ الصدوق، 33).
وكذلك قال الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث آخر له: الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمُ هُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ـ عليه السلام ـ) (التفسير الصافي، ج 4، ص 384، تأويل الآيات الظاهرة في فضائل العترة الطاهرة 31).
لقد أشار الله سبحانه في سورة الحمد بعد الآية المباركة: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] إلى أوليائه ليرى حالنا عند ذكرهم وموقفنا منهم. فعندما تقرأ هذا المقطع من سورة الحمد وتقول: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: 6، 7] لابد أن تكون متواضعا لأولئك الذين أنعم الله عليهم ولم يغضب عليهم، أي أهل البيت (عليهم السلام).
إن بعض الناس ينزعجون ولا يرتاحون عندما يرون أن الله قد أنعم على غيرهم فيسألون الله معترضين أن: ماذا نصيبنا إذن ولماذا لم تنعم علينا؟! ولكننا في هذه الآية المباركة نسأل الله أن يهدينا صراطهم لا أن ينعم علينا بالنعم التي أنعمها عليهم. فالإنسان الذي يدعو بهذا الدعاء في الواقع قد تواضع لولي الله. وأنتم عندما تقرأون سورة الحمد في الواقع تتواضعون لأولياء الله. لقد أشار الله في هذه السورة إلى صراط أوليائه وفي الواقع قد نسب هذا الصراط إلى أوليائه لا إلى التقوى أو الفضائل الأخلاقية أو الحسنات أو الجنة أو أي شيء آخر. وكأنه أراد أن نمرّر بولي الله أولا ليقيم حالنا ووضعنا عند مشاهدة أفضلية ولي الله على سائر العباد.