1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء

الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية

الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية

علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت

الفيزياء الحديثة

النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية

الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي

فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد

الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر

علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء

المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة

الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات

الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الحيوية

الفيزياء العامة

مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى

علم الفيزياء : الفيزياء الكلاسيكية : الكهربائية والمغناطيسية : الكهربائية :

الشرر المقدس

المؤلف:  والتر لوين ووارن جولدستين

المصدر:  في حب الفيزياء

الجزء والصفحة:  ص159–168

2024-01-13

1226

لا شك في أن البرق واحد من أشد أنواع التيار الكهربي خطورة، وهو أيضًا واحد من أروع الظواهر الكهربية هو ظاهرة كاسحة لا يمكن التنبؤ بها تنبوا كاملا، يشوبها الكثير من سوء الفهم، وغامضة كلها في وقت واحد. وفي جميع الأساطير، من الإغريقية إلى أساطير قبائل المايا، ظل البرق يعتبر إما رمزا للكائنات المقدسة، أو أنه من الأسلحة التي سبكتها تلك الكائنات ولا عجب في ذلك. ففي المتوسط، هناك نحو 16 مليون عاصفة رعدية كل عام، أي أكثر من 43,000 عاصفة كل يوم، أي 1800 كل ساعة من ساعات اليوم، وهي التي تنتج 100 ومضة برق في كل ثانية، أي 8 مليون ومضة في اليوم تتوزع على الكوكب بأسره.

يحدث البرق عندما تُشحن السحابات الرعدية عادة ما تصير قمة السحابة ذات شحنة موجبة بينما تصير قاعدتها ذات شحنة سالبة. أما السبب في ذلك فهو إلى الآن غير مفهوم بالكامل. صدق أو لا تصدق أن أمامنا الكثير لنتعلمه عن فيزياء الغلاف الجوي. لكن طلبًا للتبسيط سوف أتخيل الآن سحابة ذات شحنة سالبة في جانبها الأقرب إلى الأرض. بسبب الحث سوف تصير الأرض الأقرب للسحابة ذات شحنة موجبة مما يولد حقلًا كهربيا بين الأرض والسحابة.

إن فيزياء ضربات البرق غاية في التعقيد، لكن خلاصتها أن وميض البرق (الانهيار الكهربي) يحدث عندما يبلغ الكمون الكهربي بين السحابة والأرض عشرات الملايين من الفولتات. وبالرغم من ظننا بأن ضربة البرق تأتي من السحابة ضاربة الأرض فإنها في الحقيقة تسري من السحابة إلى الأرض ثم تسري مرة أخرى عائدة. من الأرض إلى السحابة. يبلغ قدر التيار الكهربي خلال عاصفة متوسطة نحو 50,000 أمبير (رغم أنه قد يبلغ بضعة مئات الآلاف من وحدات الأمبير). والحد الأقصى للطاقة الذي يمكن أن تحظى به عاصفة متوسطة يبلغ نحو تريليون واط (1012). لكن ذلك لا يستمر إلا لنحو أعشار قليلة من المايكروثانية. ومن ثم يندر أن يزيد إجمالي القوة التي تبثها ضربة واحدة عن مئات الملايين من وحدات الجول. وذلك يساوي الطاقة التي يستهلكها مصباح كهربي بقوة 100 واط في شهر واحد ومن ثم فإن جمع طاقة البرق هو ليس فقط بالأمر غير العملي وإنما هو كذلك غير ذي جدوى.

يعلم الغالب الأعم منا أننا نستطيع حساب مدى بعد ضربة البرق عن طريق ملاحظة الفاصل الزمني بين رؤية البرق وسماع هزيم الرعد. لكن السبب في ذلك يمنحنا نظرة عن كيفية عمل تلك القوى الكاسحة ولا علاقة لها بذلك التفسير الذي سمعته ذات مرة من أحد تلاميذي حين قال لي: إن البرق يخلق منطقة من مناطق الضغط المنخفض بشكل أو بآخر، أما الرعد فينتج عن اندفاع الهواء داخل تلك المنطقة واصطدامه بالهواء الآتي من الجهة الأخرى. لكن الواقع هو أن العكس بالضبط هو ما يحدث. حيث تسخن طاقة الصاعقة الهواء حتى تصل درجة حرارته إلى 30,000 سلزيوس أي ما يزيد عن ثلاثة أضعاف حرارة سطح الشمس. حينها يخلق ذلك الهواء فائق الحرارة موجة ضغط كاسحة ترتطم بالهواء الأقل حرارة الذي يحيطه به خالقا موجات صوتية تنتقل عبر الهواء. ولما كانت موجات الصوت تنتقل في الهواء بسرعة تبلغ نحو ميل كل خمس ثوان، فإنك تستطيع أن تحسب بسهولة نسبية مدى بعد ضربة البرق عن طريق عد الثواني.

ما تفعله صواعق البرق من تسخين شديد للهواء يفسر كذلك ظاهرة أخرى لعلك قد وجدتها في عواصف البرق. هل لاحظت يوما تلك الرائحة المميزة التي تعبق الهواء عقب حدوث العواصف الرعدية في الريف، رائحة بها نضارة من نوع ما، كما لو كانت تلك العاصفة قد غسلت الهواء من كل ما يشوبه؟ من العسير أن تلحظ تلك الرائحة في المدينة لكثرة ما بها من تلوث ناتج عن عوادم السيارات لكن حتى ولو لم تلحظ تلك الرائحة الرائعة – وإذا لم تكن فعلت فإني أنصحك أن تنتبه لها في المرة التالية التي تشهد فيها عاصفة برق في العراء – أراهن أنك لم تعلم أنها رائحة الأوزون الذي هو عبارة عن جزيء أكسجين مؤلف من ثلاث ذرات أكسجين. تتألف جزيئات الأكسجين العادية عديمة الرائحة من ذرتي أكسجين ونسميها O2. لكن حرارة البرق العظيمة تفصل بين جزيئات الأكسجين ليست جميعها وإنما قدر كاف معتبر منها. وذرات الأكسجين المنفردة تلك لا تكون ثابتة وهي وحيدة لذا فإنها تلتصق بمثيلاتها العادية الـ O2 مؤلفة الـ O3 أو الأوزون.

رغم أن الكميات الصغيرة من الأوزون تفوح برائحة محببة، فإن الكميات المركزة تركيزا كبيرًا منها ذات رائحة ليست بذات الطيب. تستطيع أن تجد تلك التركيزات العالية أسفل خطوط الجهد الكهربي العالي. ولو سمعت أزيزا من تلك الخطوط فمعنى ذلك أن هناك بعض الشرر المنبعث، وهو ما نسميه التفريغ الهالي، وهو ما يعني أن هناك أوزونًا يخلق. إذا كان الهواء ساكنا فستتمكن من استنشاق الرائحة.

والآن لنتفكر في فكرة كون الأحذية الرياضية تحميك من ضربات البرق. إن صاعقة البرق التي تتراوح شدتها بين 50,000 و100,000 أمبير، والقادرة على تسخين الهواء لدرجة حرارة تزيد عن ثلاثة أضعاف درجة حرارة سطح الشمس، إذا ما ضربت، فلا شك أنها ستحرقك فتحيلك إلى هشيم يابس، أو تجعلك تتشنج من الصدمة الكهربية أو تجعلك تنفجر عن طريق تحويل كل ما في جسدك من ماء إلى بخار فائق الحرارة، سواء كنت تنتعل حذاء رياضيا أم لا. وذلك بالضبط هو ما يحدث للأشجار، إذ تفجر عصارتها وتنزع عنها لحاءها مئة مليون جول من الطاقة – وهو قدر يساوي نحو خمسين رطلا من الديناميت – هو ليس بالكم القليل.

وماذا عن مدى أمانك داخل سيارتك ذات الإطارات المطاطية والبرق يضرب؟ في هذه الحالة قد تكون في مأمن – لا ضمانات هنا – لكن لسبب مختلف تماما. إذ إن التيار الكهربي يمر في الحدود الخارجية للموصلات، وهي الظاهرة التي تعرف باسم التأثير السطحي Skin Effect، وفي السيارة تكون أنت جالسا فعليا داخل صندوق معدني، وهو موصل جيد. بل إنك تستطيع أن تلمس باطن فتحة التهوية الموجودة في لوحة القيادة الأمامية دون أن تتأذى. لكنني أهيب بك ألا تحاول ذلك، وذلك لأن غالبية السيارات اليوم صارت تحتوي على أجزاء مؤلفة من ألياف زجاجية، وهي المادة التي لا يعمل بها التأثير السطحي. بعبارة أخرى أقول إن البرق لو ضرب سيارتك فقد تمر أنت – وسيارتك – بتجربة غير سارة بشكل غير مسبوق. من الجلي جدًّا أن ذلك ليس بالأمر الذي يجازف المرء به.

من حسن حظنا أن الأمر يختلف كثيرًا في حالة الطائرات التجارية. فتلك الطائرات تتلقى ضربات البرق فيما متوسطه أكثر من مرة في كل عام، لكنها تنجو منها بسبب التأثير السطحي.

أمر آخر لا ينبغي لك أن تجازف به متعلق بالبرق هي تجربة شهيرة تنسب إلى بنیامین فرانكلين والتي تتمثل في تعليق مفتاح في طائرة ورقية تحلق خلال عاصفة رعدية. أراد بنيامين فرانكلين كما افترض الناس أن يختبر فرضية مفادها أن السحب الرعدية تخلق النيران الكهربية. استنتج هو أنه إذا كان البرق فعلا مصدر الكهرباء، فإن الطائرة الورقية ما إن يبتل خيطها من جراء الأمطار حتى يصير موصلا جيدا لتلك الكهرباء (رغم أنه لم يستخدم تلك الكلمة) التي ستنتقل إلى ذلك المفتاح المربوط في قاعدة الخيط إذا قرب برجم إصبعه من المفتاح فسيشعر بالشرارة. وبالضبط كما لم يتوافر من دليل معاصر على زعم نيوتن في وقت متأخر من حياته أن إلهامه جاء من رؤيته لتفاحة تسقط من شجرة إلى الأرض، فليس هناك من دليل معاصر على أن فرانكلين أجرى هذه التجربة، إلا من ذكرٍ لها جاء في خطاب أرسله إلى الجمعية الملكية في إنجلترا، وذكر آخر أعقبه بخمس عشرة سنة من قبل صديقه جوزيف بريستلي Joseph Priestly مكتشف الأكسجين.

وسواء أكان فرانكلين قد أجرى تلك التجربة أم لا – وهي تجربة غاية في الخطورة وقد تكون قاتلة – فإنه نشر وصفًا لتجربة أخرى صممها كي يجلب البرق إلى الأرض عن طريق وضع قضيب حديدي على قمة برج أو قبة كنيسة. بعد ذلك بسنوات قام الفرنسي توماس فرانسوا داليبار Thomas–Francois Dalibard الذي التقى فرانكلين وترجم أطروحته إلى الفرنسية بإجراء نسخة مختلفة قليلا من تلك التجربة، وعاش ليحكيها فقد نصب قضيبًا حديديا يبلغ طوله 40 قدمًا مشيرًا نحو السماء واستطاع مراقبة الشرر في قاعدة القضيب التي كانت غير مؤرضة.

كان البروفيسور جورج فلهلم ريتشمان عالمًا مرموقاً، ولد في إستونيا وعاش في سانت بيترسبرج في روسيا، وكان عضوًا في أكاديمية سانت بيترسبرج للعلوم، وقد درس ظاهرة الكهرباء دراسة مستفيضة، وهناك من الدلائل ما يشير إلى أنه تلقى إلهامه من تجربة داليبار وقرر أن يجرب الأمر ذكر مايكل برايان شيفر في كتابه البديع أن ريتشمان ثبت قضيبًا حديديا في سطح منزله ومد سلسلة نحاسية بين القضيب وبين آلة قياس كهربية موجودة في معمله بالطابق الأول.

شاء الحظ – أو القدر – أن تحدث عاصفة رعدية أثناء اجتماع لأكاديمية العلوم في أغسطس من عام 1753. على الفور هرع ريتشمان إلى منزله آخذا معه الفنان الذي سيخط رسوم كتابه الجديد. بينما كان ريتشمان يراقب آلته ضرب البرق ضربته، فانتقل رسوم القضيب والسلسلة وقفز نحو قدم ريتشمان ضاربًا رأسه، فصعقه وقذف به عبر الغرفة، وضرب الفنان أيضًا فأفقده وعيه تستطيع أن تطلع على الكثير من الرسوم التي تصور ذلك المشهد رغم أنه ليس من المؤكد أن راسمها هو ذلك الفنان نفسه.

كان فرانكلين قد اخترع أداة غريبة مشابهة لكنها كانت مؤرضة، وهي التي نعرفها اليوم باسم قضيب البرق. تؤدي هذه الأداة عملا رائعًا في تأريض صواعق البرق، لكن يختلف عن ذلك الذي خمنه فرانكلين. فقد ظن هو أن قضيب البرق سيحدث تدفقا متواصلا بين السحابة المشحونة والمبنى، وهو الأمر الذي يحافظ على فارق الكمون منخفض المستوى مما يزيل خطر البرق. كان واثقًا من تلك الفكرة إلى درجة أنه أوعز إلى الملك جورج الثاني بأن يقيم تلك القضبان الحادة فوق القصر الملكي وفوق مخازن الذخيرة. رأى خصوم فرانكلين أن قضبان البرق تلك لن تفعل، إلا أنها سوف تجذب البرق، وأن تأثير ذلك التدفق الذي سيخفض الكمون الكهربي بين المبنى والسحب الرعدية لن يكون ذا بال. لكن الملك صدق فرانكلين وأقام تلك القضبان كما تقول الرواية.

لم يمض وقت طويل حتى ضربت إحدى صواعق البرق أحد مخازن الذخيرة فلم تحدث به من الضرر إلا القليل. إذن فقد نجح القضيب في تحقيق الهدف الذي أقيم لأجله، لكن لأسباب مختلفة تمامًا. كان منتقدو فرانكلين على حق، فقضبان البرق تجذب البرق بالفعل وذلك التدفق هو بالفعل غير ذي بال مقارنة بتلك الشحنة الهائلة الموجودة في السحب الرعدية. لكن القضيب ينجح فعلا في تحقيق غرضه؛ لأنه إذا كان من السمك الكافي لاحتواء ما بين 10,000 و100,000 أمبير فإن التيار سيظل محصورًا في القضيب ولسوف تنتقل الشحنة إلى الأرض. لم يكن فرانكلين مجرد عبقري وإنما كان محظوظا كذلك.

وستندهش أيما اندهاش لمعرفة أننا إذا فهمنا تلك القرقعة الضئيلة التي تحدث عند نزع المرء كنزته في الشتاء، فسنفهم أيضًا دقائق تلك العواصف البرقية العاتية التي تستطيع أن تضيء كامل السماء المظلمة، ونفهم كذلك واحدا من أكثر أصوات الطبيعة علوا وإثارة للرعب. إننا بصورة أو أخرى نحذو حذو بنيامين فرانكلين في محاولتنا لاكتشاف أمور تتجاوز فهمنا في أواخر ثمانينيات القرن الماضي تمكن العلماء من التقاط صور فوتوغرافية لأشكال من البرق تضرب في ارتفاعات تعلو السحب بمسافات بعيدة جدا جدا. أحد تلك الأنواع يسمى البرق الأحمر، ويتألف من تدفقات كهربية لونها برتقالي مائل إلى الحمرة، تعلو الأرض بمسافة تتراوح بين 50 و90 كيلومترا. وهناك أيضًا ما يسمى بالبرق النفاث الأزرق الذي يفوق سابقه في الحجم، لدرجة أن طوله يبلغ 70 كيلومترًا أحيانًا، ويشق الجزء العلوي من الغلاف الجوي. ولأننا لم نعلم بهذه الظواهر المدهشة إلا منذ ما يزيد قليلا عن العشرين عامًا فإن هناك الكثير جدا مما لا نعرفه عن أسبابها. ورغم كل ذلك الذي نعرفه عن الكهرباء فإن هناك ألغازا حقيقية في كل عاصفة رعدية من الـ 45,000 التي تحدث يوميا.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي