تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
موسيقى الرياح
المؤلف: والتر لوين ووارن جولدستين
المصدر: في حب الفيزياء
الجزء والصفحة: ص135–138
2024-01-13
1228
في خضم انشغالنا بالأوتار، أغفلنا وصف آلات الأوركسترا. فماذا عن الفلوت أو الأوبوى أو الترومبون؟ فليس لهذه الآلات أوتار لتتذبذب أو لوحة صوت لتضخم صوتها. رغم قدم هذه الآلات النفخية – رأيت منذ فترة قصيرة في إحدى الصحف صورة لفلوت عمره 35.000 عام، منحوت من عظمة نسر – فإنها أكثر غموضا من الآلات الوترية، وذلك معزو جزئيا إلى أن آلياتها غير مرئية.
هناك بالطبع أنواع مختلفة من آلات النفخ بعضها مثل الفلوت والريكوردر مفتوح من الطرفين، بينما البعض الآخر مثل الكلارينت والأوبوى والترومبون مغلقة عند أحد الطرفين رغم أن بها فتحات كي ينفخ المرء فيها. لكنها كلها تنتج الموسيقى عندما يتخللها تيار هواء يأتي عادة من فمك فيسبب تذبذبا لعمود الهواء داخل الآلة. إنك عندما تنفخ الهواء أو تجبره على الدخول في الآلة النفخية فإن فعلك هذا يماثل ما يفعله نقرك لوتر جيتار أو تمريرك لقوس على وتر كمان – إنك عندما تسلط طاقة على عمود الهواء، فأنت تسكب أطيافا متعددة من الترددات في التجويف الهوائي، ثم يقوم عمود الهواء نفسه باختيار التردد الذي يريد صداه، معتمدا بشكل شبه كلي على طوله. قد يصعب تخيل الأمر بشكل أو بآخر، لكن بحسابات بسيطة نسبيا لنا أن ندرك أن عمود الهواء ينتقي تردداته الأساسية، وبعض التناغمات العليا كذلك داخل الآلة الموسيقية، ويشرع في التذبذب على تلك الترددات ما إن يبدأ عمود الهواء في التذبذب حتى يحدث شد وجذب للهواء، مثلما حدث في حالة أسنان الشوكة الرنانة، باعثًا موجات الصوت إلى آذان المستمعين.
في آلات الأوبوا والكلارينت والساكسفون، ينفخ المرء في مزمار ينقل الطاقة إلى عمود هواء ويجعله يرن. وفي آلات الفلوت والبيكولو والريكوردر، فإن الطريقة التي ينفخ بها العازف عبر الفجوة، أو في داخل قطعة الفم هي التي تخلق الرنين. أما في آلات النفخ النحاسية، فيتعين على المرء أن يضيق ما بين شفتيه جدا وينفخ مُصدرًا بعض الضوضاء داخل الآلة – وإذا لم تكن قد تدربت على الأمر فستجد الأمر أقرب إلى المستحيل. فإنني شخصيا لم أستطع سوى البصق في تلك الآلة اللعينة.
إذا كانت الآلة الموسيقية مفتوحة من طرفيها، كما هو الحال في الفلوت والبيكولو، يستطيع عمود الهواء أن يتذبذب على تناغماته التي يكون كل واحد منها ضعفًا للتردد الأساسي كما هو الحال مع الأوتار. أما بالنسبة لآلات النفخ الخشبية المفتوحة من إحدى نهايتيها ومغلقة من الناحية الأخرى، فيكون لشكل الأنبوب فيها أهمية. فإذا كان تجويفها مخروطيَّا، كما في الأوبوا أو الساكسفون، فحينها ستنتج تناغمات كالتي في الفلوت. لكن إذا كان التجويف أسطواني الشكل كما في الكلارينت فلن يرن عمود الهواء إلا في أعدد فردية تفوق التردد الأساسي بمرات، على غرار ثلاثة أمثال أو خمسة أمثال أو سبعة أمثال، وهلم جرا. ولأسباب معقدة نجد آلات النفخ النحاسية ترن على جميع التناغمات كما الحال هو في الفلوت.
ومن البديهي هنا أنه كلما طال عمود الهواء، انخفض تردده وانخفضت حدة الصوت الذي ينتجه. إذا قل طول الأنبوب إلى النصف، فحينها سيتضاعف التناغم الأول. لذلك تصدر عن البيكولو تلك النوتات العالية، وتصدر عن الباسون تلك النوتات الخفيضة. وذلك المبدأ العام يفسر تدرج أطوال أنابيب الأرغن – بعض آلات الأرغن قادرة على إنتاج أصوات تتنوع ما بين تسعة من الأوكتافات. يتطلب إنتاج تردد أساسي قدره نحو 7.8 هرتز أنبوبًا ضخمًا يبلغ 64 قدمًا طولًا (19.5 متر مفتوح من طرفيه) وهو التردد الذي يقع حرفيًّا تحت نطاق ما تستطيع الأذن البشرية سماعه، رغم أن بإمكانك الإحساس بالذبذبات في العالم اثنتان فقط. من تلك الأنابيب الضخمة؛ وذلك لأنها غير عملية على الإطلاق والأنبوب الذي يقل طوله عن ذلك عشر مرات ينتج ترددًا أساسيًا أعلى بعشر مرات أي 87 هرتز. والأنبوب الأقصر بمائة مرة، ينتج ترددًا أساسيا يبلغ نحو 870 هرتز.
لا يقتصر دور عازفي آلات النفخ على النفخ في آلاتهم. وإنما يقومون أيضًا بفتح وغلق الثقوب في آلاتهم، مما له بالغ الأثر في تقصير أو إطالة عمود الهواء، ومن ثم زيادة أو تقليص التردد الذي تنتجه. ولذلك تجد نفسك عندما تلهو بصفارة أطفال تنتج نوتات خفيضة عندما تضع إصبعك على ثقب الصفارة؛ لأنك بذلك تطيل عمود الهواء. وذات المبدأ ينطبق على آلات النفخ النحاسية كلما طال عمود الهواء، حتى إذا كان يدور في حلقات، انخفضت حدة الصوت أي انخفضت ترددات جميع التناغمات.
فأقل آلات التوبا في حدة الصوت، والتي تعرف باسم بي فلات B–flat أو بي بي فلات BB–flat، لها أنبوب يبلغ طوله 18 قدمًا بتردد أساسي قدره نحو 30 هرتز؛ أما ما يسمى بالصمامات الدوارة الإضافية فتستطيع خفض النغمة إلى 20 هرتز؛ كما أن أنبوب آلة الترومبي البي فلات يبلغ طوله 4.5 قدم والأزرار الموجودة في الترومبيت أو التوبا هي التي تفتح أو تغلق الأنابيب الإضافية، والتي تغير حدة ترددات الرنين. أما عن آلة الترومبون، فهي الأسهل في إيضاح ذلك المبدأ بصريًّا، إذ إن الجزء الذي يحركه العازف فيها يزيد طول عمود الهواء مما يقلل من ترددات رنينه.
في قاعة الدرس، أعزف مقطوعة Jingle Bells على ترومبون خشبي منزلق، وهي مقطوعة يحبها طلابي – لكني لا أصارحهم بأنها اللحن الوحيد الذي يمكنني عزفه. بل أجد في ذلك مشقة لأنني مهما عزفتها مرارًا وتكرارًا، أجد نفسي في حاجة إلى التدرب قبل كل مرة أعزفها فيها. حتى إنني قد وضعت علامات على الجزء المنزلق – هي ملحوظات في الواقع – مرقمة على نحو 1، 2، 3 وهلم جرا؛ كما أنني لا أستطيع حتى أن أقرأ النوتات الموسيقية. لكنني كما قلتُ من قبل لم يمنعني افتقاري إلى الموهبة الموسيقية من تقدير جمال الموسيقى، أو من الاستمتاع كثيرًا بتجريبها.
وأثناء كتابتي لهذه السطور أستمتع بعض الشيء بتجريب عمود الهواء داخل زجاجة ماء سيلتزر، سعة لتر واحد هو ليس بعمود هواء مثالي على الإطلاق؛ لأن عنق الزجاجة يتسع تدريجيا حتى يصل إلى كامل قطر الزجاجة لك أن تتخيل أن فيزياء عنق الزجاجة يمكن أن تصير غاية في التعقيد. لكن المبدأ الأساسي الذي يحكم موسيقى آلات النفخ – الذي ينص على أنه كلما طال عمود الهواء انخفضت ترددات الرنين – ما زال ينطبق هنا تستطيع أن تجرب ذلك بكل سهولة.
خذ قارورة مياه غازية أو عصير فارغة واملأها بالماء، حتى يكاد يبلغ قمتها، ثم جرب النفخ عبر قمتها. قد يتطلب الأمر منك بعض التدريب لكنك لن تلبث أن تتمكن من جعل عمود الهواء يتذبذب بترددات رنينه. سوف تعلو حدة الصوت في البداية لكنك كلما شربت بعضًا من ذلك الماء لعلك أدركت الآن لماذا اقترحت عليك الماء دون غيره من المشروبات، استطال عمود الهواء وانخفضت حدة التردد الأساسي. كما اكتشفت أنه كلما طال عمود الهواء صار الصوت أجمل وكلما انخفض تردد التناغم الأول، ازدادت احتمالية القدرة على توليد تناغمات إضافية في ترددات أعلى وسيصير للصوت جرس أكثر تعقيدًا.
قد تظن أن تذبذب القارورة، كتذبذب الوتر، هو الذي ينتج الصوت، بل إنك كذلك تشعر بتذبذب القارورة كما يتذبذب الساكسفون لكن مرة أخرى، إنه عمود الهواء الذي يرن داخل القارورة كي تدرك هذه الفكرة عليك أن تفكر في اللغز التالي. إذا أتيت بكأسي عصير متطابقين في كل شيء غير أن أحدهما فارغ والآخر نصف ممتلئ، ثم أثرت التناغم الأول فيهما عن طريق الطرق على كل واحد منهما طرقًا رفيقا بملعقة أو بدعك حافتيهما بإصبع مبتل، أيهما سيكون أعلى ترددًا، ولماذا؟ ليس من العدل أن أسألك هذا السؤال، خاصة أنني كنت أُعِدّك لاختيار الإجابة الخاطئة – لذلك أعتذر! لكنك قد تتدارك الأمر.
ينطبق نفس المبدأ على تلك الأنابيب البلاستيكية المموجة المرنة التي يبلغ طول الواحدة منها 30 بوصة التي تسمي الأنابيب الدوارة، أو أي اسم آخر على غرار ذلك، والتي لعلك رأيتها أو لهوت بها سابقا. أتذكر كيف تعمل؟ عندما تشرع تدير واحدة منها فوق رأسك تسمع أولا نغمة ذات تردد منخفض. وبالطبع ظننت أنت أن ذلك هو التناغم الأول، تماما كما فعلتُ أنا في أول مرة لهوتُ بهذه اللعبة. لكنني بشكل أو بآخر لم أنجح في إثارة التناغم الأول. فدائما ما يكون التناغم الثاني هو الذي أسمعه أولا. وكلما أسرعت في الحركة تستطيع إثارة تناغمات أعلى وأعلى. تزعم الإعلانات الدعائية على شبكة الإنترنت أنك تستطيع أن تعزف أربع نغمات. من هذه الأنابيب، لكن في الحقيقة، لا يمكنك أن تعزف إلا ثلاثًا فقط؛ وذلك لأن النغمة الرابعة التي هي التناغم الخامس تتطلب تدويرًا غاية في السرعة. ولقد قمت بحساب ترددات التناغمات الخمس الأولى لأنبوب يبلغ طوله 30 بوصة فوجدتُها 223 هرتز (لم أصل أبدا إلى ذلك التردد و446 هرتز و669 هرتز و892 هرتز و1115 هرتز. تعلو الحدة علوا هائلا وبسرعة هائلة.