1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : التربية والتعليم : التربية الروحية والدينية :

الآثار الإيجابية للتقوى

المؤلف:  الشيخ / حسين الراضي العبد الله

المصدر:  التقوى ودورها في حل مشاكل الفرد والمجتمع

الجزء والصفحة:  ص115 ـ 126

2023-06-12

1350

من هذه الآثار الجليلة للتقوى يتبين لنا أنها كيف تكون حصناً منيعاً للإنسان في حياته وتحلّ مشاكله الفردية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وبذلك يتبين أهمية التقوى للإنسان نفسه.

1ـ الأمان من النوازل الكونية:

ففي الصحيح عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ:

عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عليه السلام)، قَالَ: أَيُّمَا عَبْدِ أَقْبَلَ قِبَل (1) مَا يُحِبُّ اللَّهُ ـ عَزَّ وَجَلَّ - أَقْبَلَ اللهُ قِبَلَ مَا يُحِبُّ وَمَنِ اعْتَصَمَ بِاللهِ عَصَمَهُ اللهُ (2)؛ وَمَنْ أَقْبَلَ اللهُ قَبْلَهُ وَ (3)، عَصَمَهُ لَمْ يُبَالِ لَوْ سَقَطَتِ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ، أَوْ كَانَتْ (4)، نَازِلَةٌ نَزَلَتْ عَلى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَشَمِلَتْهُمْ بَلِيَّةٌ (5)، كَانَ فِي حِزْبِ اللهِ بِالتَّقْوى مِنْ كُلِّ بَلِيَّةٍ، أَلَيْسَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - يَقُولُ: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } [الدخان: 51] (6).

2- التقي أكرم الناس:

روى الصدوق بسنده عَنْ جَمِيلِ بنِ صَالِحٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّادِقِ عَنْ آبَائِهِ (عليهم السلام) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله): مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللهَ وَمَنْ أَحَبُّ أَنْ يَكُونَ أَتقَى النَّاسِ فَلْيَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ تعالى (7).

وقال الصدوق: وَرَوَى يُونُسُ بْنُ ظَبْيَانَ عَنِ الصَّادِقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحمَّد (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: الاشْتِهَارُ بِالْعِبَادَةِ رِيبَةٌ إِنْ أَبِي حَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده (عليهم السلام) في حديث طويل أَنَّ رَسُولَ اللهِ (صلى الله عليه وآله) قَالَ: أَعْبُدُ النَّاسِ مَنْ أَقَامَ الْفَرَائِضَ، وَأَسْخى النَّاسِ مَنْ أَدَّى زَكَاةَ مَالِهِ، وَأَزْهَدُ النَّاسِ مَنِ اجْتَنبَ الْحَرَامَ، وَأَتقَى النَّاسِ مَنْ قَالَ الْحَقِّ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ - إلى قال - وَأَفْضَلُ النَّاسِ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلْقاً وَأَكْرَمُ النَّاسِ أَتْقَاهُمْ)(8).

وجَاءَ رَجُلٌ إلى النَّبِي (صلى الله عليه وآله) فَقَالَ: مَنْ أَكْرَمُ النَّاسِ حَسَباً؟

قَالَ: أَتْقَاهُمْ مِنَ اللَّهِ (9).

وقَالَ (صلى الله عليه وآله): كُن تقِيًّا تَكُنْ أَوْرَعَ النَّاسِ (10).

وفي وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي ذر: يَا أَبَا ذَرُ كُنْ بِالْعَمَلِ بِالتَّقْوَى أَشَدَّ اهْتِمَاماً مِنْكَ بِالْعَمَلِ فَإِنَّهُ لَا يَقِلُّ عَمَل بِالتَّقْوَى، وَكَيْفَ يَقِلُ عَمَلٌ يَتَقَبَّلُ يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]، يَا أَبَا ذَرِّ لَا يَكُونُ الرَّجُلُ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يُحَاسِبُ نَفْسَهُ أَشَدَّ مِنْ مُحَاسَبَةِ الشَّرِيكِ شَرِيكَهُ فَيَعْلَمَ مِنْ أَينَ مَطْعَمُهُ وَمِنْ اين مَشْرَبُهُ وَمِنْ أَيْنَ مَلْبَسُهُ أَمِنْ حِلْ ذَلِكَ أَمْ مِنْ حَرَامٍ.

يا أَبَا ذَرُ مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَ الْمَالَ لَمْ يُبَالِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَيْنَ أَدْخَلَهُ النَّارَ.

يَا أَبَا ذَرُ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللهَ عَزَّ وَجَل (11).

وَقَالَ (صلى الله عليه وآله): مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ أَعَزَّ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ (12).

3- التقوى عزّ بلا عشيرة:

عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) يَقُولُ: مَا نقل اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَبْداً مِنْ ذُلّ الْمَعَاصِي إِلى عِزَّ التَّقْوَى إِلَّا أَغْنَاهُ (13) مِنْ غَيْرِ مَالٍ، وَأَعَزَّهُ مِنْ غَيْرِ عَشِيرَةِ، وَأَنسَهُ مِنْ غَيْرِ بَشَرٍ (14)، (15).

وفي كنز الْكَرَاجُكِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله) أَنَّهُ قَالَ: خَصْلَةٌ مَنْ لزِمَهَا أَطَاعَتْهُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ وَرَبح الْفَوْزُ بِالْجَنَّةِ قِيلَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ التَّقْوَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ أَعَزَّ النَّاسِ فَلْيَتَّقِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ تلَا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2، 3](16).

4- التقي من خاف الله وحينئذ أخاف الله منه كلَّ شيءٍ:

قال الصدوق: رَوَى الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبِ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ الصَّادِقَ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ (عليه السلام) يَقُولُ: مَنْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذل الْمَعَاصِي إلى عزّ التَّقْوَى أَغْنَاهُ اللهُ بِلا مَالٍ، وَأَعَزَّهُ بِلَا عَشِيرَة وآنسهُ بِلا أَنيسٍ وَمَنْ خَافَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ، وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) (17).

وروى هذا الحديث الشيخ الطوسي في أماليه بسندين:

أ- بسنده عنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَهْزِيَارَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ سَيْفِ عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ (عليه السلام) قَالَ: مَنْ اخرَجَهُ اللهُ مِنْ ذُلُّ الْمَعَاصِي إِلَى عِزَّ التَّقْوَى أَغْنَاهُ اللهُ بِلا مَالٍ وَأَعَزَّهُ بِلَا عَشِيرَةٍ وَأَنسَهُ بِلَا بَشَرٍ، وَمَنْ خَافَ اللَّهَ أَخَافَ اللهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ أَخَافَهُ اللهُ مِنْ كُلِّ شَيْء (18).

ب- بسنده عَنْ مُحَمَّدِ بنِ عِيسَى الْكِنْدِي عَنِ الصَّادِقِ (عليه السلام) قَالَ مَنْ أَخْرَجَهُ اللهُ مِنْ ذُل الْمَعْصِيَةِ إلى عز التَّقْوَى أَغنَاهُ اللهُ بِلا مَالٍ وَأَعَزَّهُ بِلا عَشِيرَةٍ وَأَنسَهُ بِلا بَشَرٍ وَمَنْ خَافَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخَافَ اللَّهُ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخَافَهُ اللَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (19).

وفي نسخة الأمالي: قال حدثنا محمد بن عيسى الكندي، عن جعفر بن محمد (عليه السلام)، قال جاء أعرابي إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد، أخبرني بعمل يحبني الله عليه، قال: يا أعرابي ازهد في الدنيا يحبك الله عز وجل، وازهد في ما في أيدي الناس يحبك الناس.

 

قال: قال جعفر بن محمد (عليه السلام) من أخرجه الله (تعالى) من ذل المعصية إلى عزّ التقوى أغناء الله بلا مال وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله عز وجل أخاف الله منه كل شيء، ومن لم يخف الله عز وجل أخافه الله من كل شيء(20).

وروى الكليني بسنده عَنِ الْهَيْثمِ (21) بْنِ وَاقِدِ، قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (عليه السلام) يَقُولُ: مَنْ خَاف الله، أَخَافَ اللهُ مِنْهُ كُل شَيْءٍ وَمَنْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ، أَخَافَهُ اللهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ (22).

 وفي وصية النبي (صلى الله عليه آله) للإمام علي (عليه السلام): يا عَلِيُّ مَنْ خَافَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَافَ مِنْهُ كُلَّ شَيْءٍ وَمَنْ لَمْ يَخْفِ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَخَافَهُ اللهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (23). فهذه الأحاديث على مختلف الفاظها وتعدد نقلها وأسانيدها تعطي حقيقة أن من كان متقياً الله سبحانه ولم يخف أحداً إلا الله وسلّم أموره إليه، فإن الله سبحانه سوف يعطيه القوة والعزم والإرادة وسوف يخاف منه كل شيء حتى الدول العظمى المتغطرسة، وقد عاصرنا ذلك في حياة الإمام الخميني (قدس سره) عندما خاف الله أخف الله منه كل شيء حتى الولايات المتحدة الأمريكية ومن لفّ لفها بل والعالم كله كان يرهبه.

وهكذا اليوم إسرائيل تخاف من حزب الله وتحسب له ألف حساب وحساب، إسرائيل ترهب مجموعة مؤمنة خافت الله وتخشاه ولا تخشى أحداً غيره حتى طردت الصهاينة من جنوب لبنان وأخرجت إسرائيل تجر أذيال الخيبة والعار والشنار فلذلك إسرائيل تخاف هذه المجموعة. إن هؤلاء أمثلة حية لهذه الأحاديث.

وهذا مما يؤكد على أن الأشخاص الذين يصارعون الكفر والمستعمرين لبلاد المسلمين لا بد لهم أولاً أن يتسلحوا بالتقوى والخوف من الله قبل أن يتسلحوا بالآلات العسكرية وقبل أن يواجهوا العدو.

فمَنِ الْفَتْحِ بْنِ يَزِيدَ الْجُرْجَانِيِّ، قَالَ:

 

ضمني وَأَبَا الْحَسَنِ (عليه السلام) (24) الطَّرِيق فِي مُنْصَرَفِي مِنْ مَكَّةَ إلى خُرَاسَانَ، وَهُوَ سَائِرٌ إلى الْعِرَاقِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنِ اتَّقَى اللَّهَ يُتقى وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ يُطَاعُ، فَتَلَطَّفْتُ (25) فِي الْوُصُولِ إِلَيْهِ، فَوَصَلْتُ فَسَلَّمْتُ (26) عَلَيْهِ (27)، فَرَدَّ عَلَيَّ السَّلَامَ، ثُمَّ قَالَ:

يا فتْحُ مَنْ أَرْضَى الْخَالِقَ لَمْ يُبَالِ بِسَخَطِ الْمَخْلُوقِ وَمَنْ أَسْخَطَ الْخَالِقَ، فَقَمَنٌ (28) أَنْ يُسَلِّط اللهُ عَلَيْهِ سَخَطَ الْمَخْلُوقِ ....(29).

5- التقوى تحقق الرغبات:

عَنْ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمِيثَمِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالَ:

قرَأْتُ جَوَاباً مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ؛ فَإِنَّ اللهَ قَدْ ضَمِنَ لِمَنِ اتقاهُ أَنْ يُحَوِّلَهُ عَمَّا يَكْرَهُ إلى مَا يُحِبُّ، وَيَرْزُقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ، فَإِيَّاكَ (30) أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَخَافُ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ ذُنُوبِهِمْ وَيَأْمَنُ الْعُقُوبَةَ مِنْ ذَنْبِهِ؛ فَإِنَّ الله - عز وجل - لَا يُخْدَعُ عَنْ جَنته (31)ِ، وَلَا يُنالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ إِنْ شَاءَ الله (32)،(33).

قال المازندراني (وفيه وعد لمن اتقاه بأنه يحوله من الفتن والشدائد وضيق المعيشة إلى أضدادها ومن ظلمة الجهل وعداوة الخلق إلى نور العلم ومحبتهم له ومن طريق النار إلى طريق الجنة ومن ألم الفراق من الحق إلى لذة الوصال به إلى غير ذلك وإليه أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله واعلموا أن مَن يَتَّقِ اللهَ يُجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً من الفتن ونوراً من الظلم ويخلّده فيما اشتهت نفسه وينزله منزل الكرامة عنده في دار اصطنعها لنفسه، وهذه كناية عن الجنة ونسبها إلى نفسه تعظيماً لها وترغيباً فيها والجنة الحسية أشرف المقامات لأشرف المخلوقات، وكذا الجنة العقلية وهي درجات الوصول والاستغراق في المعارف الإلهية التي بها السعادة والبهجة الأبدية والتقوى أعظم الأسباب لهما إياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم ويأمن العقوبة من ذنبه) كمن وعظ وأمر ونهى غيره، وخالف ونسى نفسه ومن اغتاب أحداً على ذنبه أو كرهه وهو يعمله ولا يكره ذنب نفسه فان الله الله عز وجل لا يخدع عن جنته ولا ينال ما عنده إلا بطاعته إن شاء الله، أشار إلى أنه تعالى ليس بجاهل ولا غافل عما يعمله العباد من الطاعة والمعصية فيرد المستحق للجنة والثواب ويكرم المستحق للعقوبة والعذاب، كما هو شأن كثير من الناس بل هو عالم بكل شيء وحقيقته فنزل كل أحد في منزله ومرتبته) (34).

6ـ التقوى فيها الكفاية للإنسان:

وروي عن أَبِي ذَرِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وآله) يَا أَبَا ذَرٌ إِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ أَقْوَى النَّاسِ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ، وَإِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ أَكْرَمَ النَّاسِ فَاتَّقِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنْ سَرَّكَ أَنْ تَكُونَ أَغْنَى النَّاسِ فَكُنْ بِمَا فِي يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْثَقَ مِنْكَ بِمَا فِي يَدَيْكَ.

يَا أَبَا ذَرٌ لَوْ أَنَّ النَّاسَ كُلُّهُمْ أَخَذُوا بِهَذِهِ الْآيَةِ لَكَفَتْهُمْ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2، 3] (35).

 وَعَنْهُ (صلى الله عليه وآله): إِنِّي لَأَعْلَمُ آَيةٌ لَوْ أَخَذَ بِهَا النَّاسُ لَكَفَتْهُمْ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ} [الطلاق: 2]، الآيَةَ فَمَا زَالَ يَقُولُهَا وَيُعِيدُها (36).

7- التقوى تحقق الكرامة في الآخرة:

تعددت الأخبار والآثار أن التقوى كما أنها كرامة للإنسان في دار الدنيا وأهميتها فيها بمكان وأنه لا يستغني عنها، فمن باب أولى في الآخرة لأنها دار القرار وثمرت التقوى هناك تقتطف، ورياحينها هنا تفوح وتعبق بل تبدأ من عالم البرزخ وفي أول وصوله إلى قبره كما شرحه أمير المؤمنين (عليه السلام) في بعض خطبه حيث قال عنها: (وَجُنَّةٌ لِيَوْمٍ فَزَعِكُمْ (37) ، وَمَصَابِيحَ لِبُطُونِ قُبُورِكُمْ (38)، وَسَكَناً لِطُولِ وَحْشَتِكُمْ (39) ، وَنَفَساً لِكُرَبِ مَوَاطِنِكُمْ (40)، فَإِنَّ طَاعَةَ اللَّهِ حِرْزُ مِنْ مَتَالِفَ مُكْتَنَفةٍ (41)، وَمَخَاوِفَ مُتَوَقعَةٍ وَأَوَارٍ نِيرَانِ مُوقَدَةٍ (42)، (43).

 

ومنها قوله (عليه السلام): (وَأَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَى، وَجَعَلَهَا مُنْتَهَى رِضَاهُ، وَحَاجَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنتُمْ بِعَيْنِهِ، وَتَوَاصِيكُمْ بِيَدِهِ، وَتَقَلبُكُمْ فِي قَبْضَتِهِ، إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَهُ، وَإِنْ أَعْلَنتُمْ كَتَبَهُ قَدْ وَكُلِّ (44) بِذَلِكَ حَفَظَةٌ كِرَاماً لَا يُسْقِطُونَ حَقًّا وَلَا يُثبِتُونَ بَاطِلًا وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً مِنَ الْفِتَنِ وَنُوراً مِنَ الظُّلَم وَيُخَلَّدُهُ فِيمَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ وَيُنْزِلَهُ مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ (45) عِنْدَهُ فِي دَارٍ اصْطَنَعَهَا لِنَفْسِهِ ظِلْهَا عَرْشهُ وَنُورُهَا بَهْجَتُهُ وَزُوَّارُهَا مَلائِكَتُهُ وَرُفَقَاؤها رُسُلُه (46).

8- القيامة عرس المتقين:

فقد روي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْقَاسِمِ الْجَعْفَرِي عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليهم السلام) قَالَ: الْقِيَامَةُ عُرْسُ الْمُتَّقِينَ (47) فإذا كان الناس في حالة حساب وعذاب من أهوال القيامة وكل مشغول بنفسه ومع هذا كله فالمؤمنون المتقون في حالة عرس وهو كناية عن الفرح والسرور لأن العرس هو أهم مفصل من مفاصل حياة الإنسان الذي يصحبه الفرح والمرح والسرور والإنس فكذلك المتقون في يوم القيامة في حالة إنس ومسرة بما قدموا من تقوى الله

هذه جملة من آثار التقوى ومعطياتها الدنيوية والأخروية والتي يحتاجها الفرد والمجتمع والرئيس والمرؤوس والفقير والغني والعالم والجاهل والرجل والمرأة والشاب والكهل والشيخ الكبير وبعبارة مختصرة كل المجتمع على اختلاف طبقاته هو يحتاج إلى تقوى الله سبحانه كما يحتاج إلى الأكل والشرب وبقية الأمور الضرورية التي لا غنى له عنها، إنها الحياة التي يعيش فيها ونسيم الريح الطيبة العبقة التي يستنشقها. هذه الآثار والمعطيات استخرجناها من أحاديث أهل بيت العصمة والطهارة أطباء النفوس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ (قبل)، إما بكسر القاف وفتح الباء، وإما بضم الكاف وسكون الباء. والنسخ مختلفة

2ـ في نسخة (بس): (الله).

3ـ في نسختي (بر، بف): (من).

4ـ في نسخة (ب): (وكانت). وفي حاشية نسخة (ض): (ولو كان) كلاهما بدل (أو كانت).

5ـ في مرآة العقول: (فشملتهم بليّة، بالنصب على التميز أو بالرفع أي شملتهم بلية بسبب النازلة، أو يكون من قبل وضع الظاهر موضع المضمر).

6ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 3، ص 168، رقم 1594، باب 32. وفي الطبع القديم ج 2، ص 65، الوافي، ج 4، ص 282، ج 1949، الوسائل، ج 15، ص 211، ح 20303، البحار، ج 71، ص 127، ح4، وفي طبع لبنان ج 68، من 127، ج 4. وفي البحار ج 67 ص 285، نقل الحديث عن عدة الداعي: وفيه (ومن اعتصم بالله بتقواه عصمه الله ...... كان في حرز الله بالتقوى). وفي مشكاة الأنوار للطبرسي.

7ـ من لا يحضره الفقيه، ج 4، ص 400، ورواه في معاني الأخبار والأمالي له انظر: بحار الأنوار ج: 67، ص 291، ح 30، وج: 69، ص: 303، ح 1.

8ـ المصدر السابق، ج 4، ص 395، رقم 5840.

9ـ مستدرك الوسائل: ج 11، ص 267، رقم 12961، عن القطب الراوندي في لب اللباب.

10ـ المصدر السابق، ص 267، رقم 12961.

11ـ بحار الأنوار، ج 74، ص 88.

12ـ المصدر السابق، ص 171.

13ـ في نسخ (ص، ف، هـ): (الله).

14ـ في حاشية نسخة (ف): (إنسان).

15ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 3، ص 194، رقم 1627، باب 36، وفي الطبع القديم ج 2، ص 76، الفقيه، ج 410، ح 5890، والأمالي للطوسي، ص 721، المجلس 43، ح 5، بسند آخر، مع اختلاف يسير وزيادة في آخره، وفيه ص 140، المجلس 5، ح41، وص 201، المجلس 7، ح 46، بسند آخر مع زيادة في أوله وآخره. تحف العقول ص57، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، مع زيادة في آخره، وفي كلها مع اختلاف يسیر الوافي، ج4، ص308، ح1989، الوسائل، ج 15، ص241، ح 20385، البحار، ج70، ص282، ح1.

16ـ بحار الأنوار، ج 67، ص 285، ح7، وج: 74، ص 171، وكنز الفوائد للكراجكي ج 2 ص 10، ومجموعة ورام ج 2، ص 117.

17ـ من لا يحضره الفقيه ج 4، ص 410، رقم 5890، وسائل الشيعة ج 15، ص 241، رقم 20387، مستطرقات السرائر ص 593، وفي بحار الأنوار، ج 75، ص 270، عن مستطرقات السرائر لابن إدريس، مجموعة ورام ج 2، ص 90.

18ـ بحار الأنوار، ج 66 ص: 406، ح114.

19ـ المصدر السابق، ج 17، ص 289، رقم 22.

20ـ الأمالي للطوسي، ص 140، رقم 228، وص 202، رقم 344.

21ـ في نسخة (بر): (الهيثم) وهو سهو.

 والهيثم هذا هو الهيثم بن واقد الجزري، ترجمه النجاشي ولم يذكر توثيقه راجع: رجال النجاشي، ص 436، الرقم 1171، رجال البرقي، ص 40. ولكن قد نقل ابن داود في القسم الأول من رجاله ص 201، برقم 1687، توثيقه عن النجاشي، وقال السيد الخوئي لعله موجود في نسخته. فإذا ثبت ذلك فيثبت وثاقة الهيثم وتكون الرواية صحيحة.

22ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 3، ص 175، رقم 1605، وفي الطبع القديم ج 2، ص 68، وتقدم الفقيه، ج 4، ص410، ح 5890، معلقاً عن الحسن بن محبوب، مع زيادة في أوله وآخره. وفيه، ص 357، ضمن الحديث الطويل 5762، بسند آخر عن أبي عبد الله، عن أبائه (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع اختلاف يسير، الأمالي للطوسي، ص140، المجلس 5، ح 41، ص201، المجلس 7، ح46، بسند آخر، مع زيادة في أوله؛ وفيه، ص721، المجلس 43، ح5، بسند آخر. تحف العقول، ص57، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، وفيهما مع اختلاف يسير وزيادة في أوله وآخره الوافي، ج 4، ص 288، ح 1958، الوسائل، ج 15، ص 219، ح20322.

23ـ من لا يحضره الفقيه ج 4، ص 357، رقم 5762.

24ـ وأبو الحسن الثاني كما يظهر من العيون أو الثالث كما يظهر من كشف الغمة وغيره، (يتقي)، أي يخافه كل شيء (يطاع)، أي يجعل الله الخلق مطيعا له.

25ـ في نسخ (ب، ج، ض، بر، بف) وحاشية ميرزا رفيعا والوافي ومرآة العقول (فلطفت) و(التلطف): الترفق والمعنى: وصلت إليه بلطف ورفق. قال الفيض في الوافي: (ذهبت إليه بحيث لم يشعر به أحد يقال: لطف فلان في مذهبه، أي لم يدر أحد مذهبه لغموضه). وانظر الصحاح، ج 4، ص 1427 (لطف)، مرآة العقول، ج 2، ص 92.

26ـ في نسخة (بح) وشرح صدر المتألهين: (وسلمت).

27ـ في شرح صدر المتألهين والتوحيد: (عليه).

28ـ في الوافي (فقمين). وقال ابن الأثير: يقال: قمن وقيِن وقمين أي خليق وجدير، فمن فتح الميم لم يثن ولم يجمع ولم يؤنث؛ لأنه مصدر، ومن كسر ثنى وجمع وأنث؛ لأنه وصف وكذلك القمين، النهاية، ج 4، ص 11 (قمن).

29ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج1، ص: 337، رقم 352، وفي الطبع القديم ج 1، ص 138، التوحيد للشيخ الصدوق، ص 60، صدر الحديث الطويل 18، بسنده عن الفتح بن يزيد الجرجاني، كفاية الأثر، ص 11، بسند آخر عن النبي (صلى الله عليه وآله) من قوله: إن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به)، مع اختلاف يسير، تحف العقول، ص482، عن الهادي (عليه السلام) مع اختلاف الوافي، ج 1، ص 432، ج 355،

الوسائل، ج 16، ص 155، ذيل ح 21230.

30ـ في شرح المازندراني: (إياك).

31ـ في الوافي: (لا يخدع عن جنته)؛ يعني لا يمكن دخول جنته بالمخادعة معه سبحانه والمكر به تعالى عن ذلك.

وفي المرآة قوله (عليه السلام): لا يخدع عن جنته أي لا يمكن دخول الجنة بالخدعة.

بل بالطاعة الواقعية.

32ـ في نسخة (بف): (إن شاء الله).

33ـ الكافي (الطبعة الحديثة)، ج 10، ص: 133، رقم 14824، وفي الطبع القديم ج 88، ص 49، تحف العقول، ص 240، ضمن الحديث عن الحسين بن علي (عليه السلام) الوافي، ج 4، ص 305، ح 1985، البحار، ج 78، ص 224، ح 94.

34ـ شرح الكافي - الأصول والروضة، ج11، ص 343.

35ـ مستدرك الوسائل، ج 11، ص 216، رقم 12781 عن أمال الطوسي، بحار الأنوار ج 74 ص 89، اعلام الدين ص: 200، مجموعة ورام، ج 2، ص63، مكارم الأخلاق ص 468، تفسير نور الثقلين ج 5، ص 358.

36ـ بحار الأنوار، ج 67، ص 281، تفسير نور الثقلين ج 5، ص 356، عن كتاب جعفر بن محمد الدرويستي بإسناده إلى أبي ذر.

37ـ والجنة - بالضم - الوقاية فإذا خاف الإنسان المتقي نجاه الله سبحانه.

38ـ القبر مظلم فالتقوى تكون مصباحاً يضيء تلك الظلمة.

39ـ التكون سكناً ومؤنساً لطول الوحشة بل هي رافعة لها بينما غير المتقي يكون موحشاً.

40ـ فإن الإنسان لا بد وأن يتوجه إليه الهم والغم، فإذا كان متقياً نفس كربه وأزيل همه.

41ـ متالف جمع متلف أي محل التلف، ومكتنفة المحيطة بالإنسان.

42ـ الأوار - بالضم - حرارة النار ولهيبها والمراد نيران الحروب والفتن، وإنما شبهت بالنار لأنها توجب حرارة جسم الإنسان، وإفناء الأشياء كما أن النار توجب ذلك، وإيقاد النار إشعالها.

43ـ نهج البلاغة (طبع مؤسسة نهج البلاغة)، صفحة 233، رقم الخطبة 189.

44ـ (ض)، (ب): قد وكل بكم حفظة.

45ـ (ب) (ض) منزلة الكرامة.

46ـ نهج البلاغة (مؤسسة نهج البلاغة، صفحة 222، خطبة 182.

47ـ الخصال، ج 1، ص 13، ح 46، بحار الأنوار، ج 7، ص 176، ح7، وج67، ص 286، وج 67 ص 288، مشكاة الأنوار ص 44.