الادارة الهندسية
الانشاءات
الطرق والمواصلات
الموارد المائية
هندسة الجيوتكنك
التطور التاريخي لمفهوم إدارة الجودة الشاملة
المؤلف: أ.د. بهجت عطية راضي أ.م.د. هشام يوسف العربي
المصدر: إدارة الجودة الشاملة
الجزء والصفحة: ص 28- 29 الفصل الاول
2023-06-10
2423
مرت فلسفة إدارة الجودة الشاملة بمراحل متعددة منذ العصور القديمة وحتى الوقت الحاضر؛ بداية من الجودة كمفهوم، ثم الرقابة علي الجودة مروراً بتوكيد الجودة، وحتى إدارة الجودة الشاملة، حيث تعود جذور الاهتمام بالجودة إلى سبعة آلاف عام، حيث اهتم المصريون القدامى بها من خلال النقوش الفرعونية على المعابد، والتي اتسمت بالجودة ودقة التنفيذ وفقاً للمعايير الموضوعة، كما أن عملية بناء ودهان الحوائط في المعابد المصرية القديمة كانت تتضمن عملية فحص ورقابة على الأنشطة بهدف التأكد من مستوى الجودة الذي يتم به الأداء.
وفي الحضارة الإسلامية فإن الجودة في أداء الأعمال تعتبر منهجا وأسلوب حياة يطالب به الفرد المسلم حتى تقوم الساعة.
وقد ظهر ذلك في مواضع عدة من القرآن الكريم والسنة النبوية؛ منها - على سبيل المثال- قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ [الكهف:30]، وقوله تعالى: (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 88] وقوله : «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» [رواه البيهقي].
والجودة - بوصفها فكرة موجودة منذ آلاف السنين، ولكنها - مهنة وعملا إداريا- لم تنشأ إلا حديثاً فبعد الحرب العالمية الثانية وضع إدوارد ديمنج W. Edward Deming -أحد أهم رواد الجودة إن لم يكن الأب الروحي للجودة- مجموعة من الأفكار والمبادئ الرئيسة لما يطلق عليه إدارة الجودة الشاملة، والتي يرجع أساسها إلى اعتماد منظومة عمل متكاملة، ثم رفع كفاءتها؛ بحيث يصبح المنتج سواء سلعة أو الخدمة أمراً طبيعياً ناتجاً عن جودة الأساليب المستخدمة في العمل والأنظمة الحاكمة.
وتعد إدارة الجودة الشاملة من الاتجاهات الحديثة في الإدارة التي تتضمن مجموعة من المبادئ المرتبطة بعضها ببعض، والتي تجتمع معاً لتشكل مدخلاً شاملاً متكاملاً لأداء العمل بمستوى متميز من الجودة والنوعية. وتعرف بالجودة الشاملة لأنها تؤثر على كل شيء في المنظمة، وعلى كل عامل فيها، وتتطلب التزاماً كاملاً من جميع الإداريين والمنفذين.
وقد ظهر مفهوم إدارة الجودة الشاملة في الأربعينات من القرن العشرين على يد الأمريكي ديمنج كما سبق وتحدثنا، وهو الذي صنف ضمن الـ 50 شخصية الأكثر تأثيراً في القرن العشرين وخصوصاً دوره في إعادة بناء سمعة الصناعة اليابانية. وقد تمكن ديمنج أن ينشر أفكاره في كتابين هما: «خارج الأزمة» Out of Crisis و الاقتصاد الجديد للصناعة - للحكومة - التعليم العالي» The New.Economics for Industry, Education, Government
وتعد إدارة الجودة الشاملة من أكثر المفاهيم الفكرية والفلسفية الرائدة التي استحوذت على الاهتمام الواسع من قبل المتخصصين والباحثين والإداريين والأكاديميين الذين يهتمون بشكل خاص بقضايا تطوير وتحسين الأداء الإنتاجي السلعي والخدمي في مختلف المنظمات. وقد لعبت الإدارة اليابانية دوراً حاسماً في هذا المضمار؛ لا سيما في أوائل الثمانينيات وأواخر التسعينيات من القرن الماضي؛ من خلال استحواذها على تقديم سلع ذات جودة عالية بتكاليف منخفضة، وهذا ما أفرز النجاح المتحقق من جراء اعتمادها على حلقات السيطرة النوعية واستخدام أسلوب إدارة الجودة الشاملة التي زاد استخدامها بشكل واسع النطاق في شتى ميادين الإنتاج السلعية والخدمية.
ويعتبر عقد التسعينات عقد إدارة الجودة الشاملة، التي ترجع أصولها إلى الرواد الأوائل أمثال والتر شيوهارت Walter Shewhart ، وإدوارد ديمنج W. Edward Deming ، وجوزيف جورانJ.M. Joran ، وفيليب كروسبي Philip Crospy ، وأرمند في جنبوم Armend Figenbaum، وکاور Cower وايشيكاوا، وغيرهم من الذين ساهموا في وضع الركائز الأساسية لمبادئ إدارة الجودة الشاملة التي تقوم على فلسفة إرضاء العميل كهدف أولي وحتمي للمنظمات في أواخر القرن العشرين.