تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
اختلال التناظر
المؤلف: جون جريبين
المصدر: البحث عن قطة شرودنجر (فيزياء الكم والواقع)
الجزء والصفحة: (ص257 – ص261)
23-1-2023
1450
يُعد التناظر مفهومًا أساسيًا في الفيزياء. فالمعادلات الجوهرية تتسم بالتناظر الزماني على سبيل المثال؛ أي أنها تكون صالحة بالدرجة نفسها عند التقدم بالزمن للأمام أو العودة به للخلف. ويمكن فهم بعض الأنواع الأخرى من التناظر بالمصطلحات الهندسية. يمكن مثلا أن تنعكس كُرةً تدور في مرآة. وعند النظر إليها من أعلى، قد نراها تدور عكس عقارب الساعة، وفي هذه الحالة سنرى صورة المرآة تدور مع عقارب الساعة. كلٌّ من الكرة الحقيقية وصورة المرآة تتحركان بطرق تسمح بهما قوانين الفيزياء، وهي تناظرية بهذا المعنى (ولا شك بأنَّ صورة الكرة المنعكسة في المرآة تدور على النحو الذي كانت الكرة الحقيقية ستدور به إن تحرّك الزمن للوراء. أما إذا انعكس الزمن مع انعكاس صورة الكرة على المرآة أيضًا، فسنرجع إلى حيث بدأنا). يوجد العديد من الأنواع الأخرى من التناظر في الطبيعة. ومن هذه الأنواع ما يسهل فهمه بلغة الحياة اليومية؛ إذ يمكن على سبيل المثال أن نتخيَّل الإلكترون والبوزيترون على أنَّ كلا منهما صورة مرآة للآخر، كما يمكننا أيضًا تخيُّل أنَّ أحدهما يمثل نظيرًا معكوس الزمن للآخر. فالشحنة الموجبة المعكوسة هي شحنة سالبة. إنَّ أفكار الانعكاس في الفضاء هذه معا (تسمى تغير التكافؤ لأنها تبدل اليسار باليمين)؛ ويشكّل الانعكاس في الزمن وانعكاس الشحنة أحد أقوى المبادئ الأساسية في الفيزياء متمثلا في مبرهنة «التكافؤ - الشحنة الزمن» التي تنص على أن قوانين الفيزياء يجب ألا تتأثر بتغيير هذه العوامل الثلاثة كلها إلى نظائرها المضادة في الوقت نفسه. إنَّ مبرهنة «التكافؤ - الشحنة الزمن» هي أساس الافتراض القائل بأن انطلاق جسيم يكون مكافئًا تمامًا لامتصاص نظيره الجسيم المضاد.
شكل ٤: تناظر الانعكاس دوران الكرة في عالم المرآة هو نفسه انعكاس الزمن لدورانها في العالم الواقعي.
أما معظم أنواع التناظر الأخرى، فمن الصعب جدًّا استيعابها بلغة الحياة اليومية، حيث تتطلب لغةً رياضية حتى تُفهم كليةً لهذه الأنواع الأخرى أهمية كبيرة في فهم آخرِ الأخبار من جبهة الجسيمات، ومع ذلك، تصوّر مثالًا فيزيائيا بسيطًا: تخيَّل كرةً مستقرة على إحدى درجات سُلَّم. إذا حرَّكنا الكرة إلى درجة أخرى، فإننا نغير من طاقة وضعها في مجال الجاذبية الذي تقع فيه. ولا تهمُّ الطريقة التي نحرك بها الكرة، فمن الممكن أن نأخذها في رحلة حول العالم أو نرسلها بصاروخ إلى المريخ ثم نعود بها قبل وضعها على الدرجة الجديدة. ذلك أنَّ ما يحدِّد التغير في طاقة الوضع هو ارتفاع الدرجتين؛ الدرجة التي تبدأ منها والدرجة التي تستقر عليها ولا يهم أيضًا المكان الذي نختار أن نقيس منه طاقة الوضع. يمكننا قياسها من القبو، وإعطاء كل درجة طاقة وضع كبيرة، أو يمكننا قياسها من أسفل الدرجتين، وفي تلك الحالة ستكون طاقة وضع تلك الدرجة صفرًا. وسيظل «الفرْق» في طاقة الوضع بين الحالتين هو نفسه. وهذا نوع من التناظر، ولأننا نستطيع إعادة قياس خط القاعدة الذي بدأنا منه القياس، يُسمى هذا النوع من التناظر بتناظر المقياس.
ويحدث الشيء نفسه مع القوى الكهربية. ونتيجة لذلك، فإنَّ كهرومغناطيسية ماكسويل تتسم بعدم تغير القياس، وينطبق الأمر نفسه على الكهروديناميكيا الكمية التي تتبع هي أيضًا نظرية المقياس، وكذلك الديناميكا اللونية الكمية، التي صيغت نموذجا على أساس الكهروديناميكيا الكمية تظهر التعقيدات عند التعامل مع مجالات المادة على المستوى الكمي، غير أنه من الممكن التوصل إلى حلٌّ مقنع لجميع هذه التعقيدات من خلال نظرية تتسم بتناظر المقياس لكنَّ إحدى السمات الجوهرية في الكهروديناميكيا الكمية أنها لا تتسم بتناظر المقياس إلا لأن كتلة الفوتون صفر. ويتضح أنها إذا كانت للفوتون أي كتلة على الإطلاق، فستصبح إعادة تطبيع النظرية مستحيلة، ولن نستطيع التخلص من اللانهائيات. وتصبح هذه مشكلةً عندما يحاول الفيزيائيون استخدام نظرية المقياس الناجحة للتفاعل الكهرومغناطيسي كنموذج لبناء نظرية مماثلة للتفاعل النووي الضعيف، وهي العملية المسئولة، من بين أمور أخرى، عن الانحلال الإشعاعي وانبعاث جسيمات بيتا (الإلكترونات) من الأنوية المشعة. ومثلما أنَّ الفوتونات تحمل القوى الكهربية أو تصبح بمثابة وسيط لها، يبدو أن القوة النووية الضعيفة لا بد أن تنتقل بواسطة البوزون الخاص بها. لكن الوضع أكثر تعقيدًا؛ لأنه لكي تنتقل الشحنة الكهربية خلال التفاعلات الضعيفة، لا بد للبوزون الضعيف «فوتون» المجال الضعيف أن يحمل شحنة. ومن ثم، فلا بد من وجود زوج من هذه الجسيمات على الأقل وتُسمى: بوزون +W وبوزون -W، وحيث إن التفاعلات الضعيفة لا تتضمن انتقال شحنة في جميع الحالات، فقد اضطر المنظرون إلى استدعاء وسيط ثالث هو البوزون المتعادل z، ليكمل مجموعة الفوتونات الضعيفة. لقد استلزمت النظرية وجود هذا الجسيم، مما كان مصدر خجل للفيزيائيين في البداية؛ إذ لم يكن لديهم أية أدلة تجريبية على وجوده.
كان أول من توصَّل إلى أشكال التناظر الرياضية الصحيحة التي تضم التفاعل الضعيف والجسيمين: بوزون +W وبوزون W- (5) والجسيم المتعادل z، هو شيلدون جلاشو من جامعة هارفارد سنة 1960، ونشرها سنة 1961 ولم تكن نظريته قد اكتملت بعد، لكنها قدَّمت بصيصًا لإمكانية ظهور نظرية واحدة في النهاية تدمج كلا من تفاعلات القوة النووية الضعيفة والتفاعلات الكهرومغناطيسية. كانت المشكلة الرئيسية أن النظرية تطلبت وجود جسيمات W، وليس ذلك لحمل الشحنة فقط كما. هي الحال مع الفوتونات، بل استلزمت أن يكون لهذه الجسيمات كتلة أيضًا؛ مما يجعل إعادة تطبيع النظرية مستحيلة ويخلُّ بالتشابه مع الكهرومغناطيسية؛ حيث الفوتونات بلا كتلة. كان لا بد من وجود كتلة للجسيمات؛ لأن التفاعلات الضعيفة قصيرة المدى، ومن دون كتلة للجسيمات سيكون المدى لا نهائيًا. مثل مدى التفاعلات الكهرومغناطيسية. بالرغم من ذلك، لم تكن المشكلة تتمثل في الكتلة نفسها بقدر ما تمثلت في الحركة المغزلية للجسيمات. ذلك أنَّ قواعدَ الكَم تقتضي أن تكون الحركة المغزلية لجميع الجسيمات العديمة الكتلة، مثل الفوتونات موازية لاتجاه حركتها أو في الاتجاه المضاد لحركتها فقط. أما الجسيمات التي تمتلك كتلةً مثل جسيمات، فمن الممكن أيضًا أن تكون حركتها المغزلية عمودية على اتجاه حركتها، وهذه الحالة الزائدة من الحركة المغزلية تتسبب في كل المشكلات. لو كانت جسيمات W عديمة الكتلة لصار لدينا حينئذ نوع من التناظر بين الفوتونات وجسيمات W؛ ومن ثم بين التفاعلات الضعيفة والتفاعلات الكهرومغناطيسية؛ مما يجعل من الممكن الجمعُ بينهما في نظرية واحدة قابلة لإعادة التطبيع تُفسر كلتا القوتين. إنَّ اختلال هذا التناظر هو ما يسبب المشكلة.
كيف يختل التناظر الرياضي؟ يأتي أفضل مثال على هذا من المغناطيسية. لنتخيل قضيبا من مادة مغناطيسية يحتوي على عدد هائل من مغناطيسات داخلية دقيقة تشبه الذرات المفردة. وعندما تكون المادة المغناطيسية ساخنة، تتحرّك هذه المغناطيسات الداخلية الدقيقة حركتها المغزلية، ويزاحم بعضها بعضًا بصورة عشوائية متحركة في جميع الاتجاهات، ولا يوجد مجال مغناطيسي كلي للقضيب ولا عدم تناظر مغناطيسي. لكن عندما يبرد القضيب تحت درجة حرارة معينة تسمى درجة حرارة «كوري»، يتخذ فجأة حالةً ممغنطة؛ إذ تصطفُ كل المغناطيسات الداخلية الدقيقة بعضها مع بعض. في درجة الحرارة المرتفعة فإن أدنى حالة طاقة متاحة تقابل صفرًا من المغنطة، وفي درجات الحرارة المنخفضة فإن أدنى حالة طاقة تقابل اصطفاف المغناطيسات الداخلية الدقيقة (بصرف النظر عن طريقة اصطفافها). اختل التناظر وحدث التغير لأنه في درجات الحرارة المرتفعة تتغلب الطاقة الحرارية للذرات على القوى المغناطيسية، أما في درجات الحرارة المنخفضة، فتتغلب القوى المغناطيسية على الحركة الحرارية للذرات. في أواخر ستينيات القرن العشرين كان عبد السلام يعمل في الكلية الإمبريالية بلندن، وكان ستيفن واينبرج في هارفارد، وقد توصل كلٌّ منهما على حدة إلى نموذج للتفاعل الضعيف مطور من التناظر الرياضي الذي ابتكره جلاشو في بداية الستينيات من القرن العشرين، وطوره عبد السلام منفردًا بعد ذلك ببضع سنوات. في النظرية الجديدة يتطلب اختلال التناظر مجالًا جديدًا، هو مجال هيجز، والجسيمات المصاحبة له والتي سميت أيضًا بجسيماتِ هيجز. وقد دُمجت الكهرومغناطيسية والتفاعل الضعيف في مجال مقياسي متناظر واحد: التفاعل الكهربي الضعيف، وذلك من خلال البوزونات الوسيطة العديمة الكتلة. ونتيجةً لأبحاث الفيزيائي الهولندي جيرالد تهوفت، اتضح بعد ذلك في عام 1971 أن هذه النظرية قابلة لإعادة التطبيع، وحينها بدأ الناس يأخذون النظرية على محمل الجد. وبظهور دليل على وجود الجسيم z سنة 1973 ترسخت النظرية الكهربية الضعيفة. وهذا التفاعل المدمج لا ينجح إلا في ظروف الطاقة العالية الكثافة فقط، مثل تلك التي وجدت في الانفجار الكبير، وفي ظروف الطاقة الأقل كثافة، يتعطل التفاعل بالطريقة التي تظهر بها جسيمات W وجسيمات z الكثيفة الكتلة، وتنفصل التفاعلات الكهرومغناطيسية والتفاعلات الضعيفة كلٌّ في طريقه.
يمكن تقييم هذه النظرية الجديدة من حقيقة أن جلاشو وعبد السلام وواينبرج قد اقتسموا جائزة نوبل في الفيزياء عنها سنة ،1979، بالرغم من عدم وجود برهان تجريبي مباشر على صحة فكرتهم في ذلك الوقت. ومع ذلك، ففي بدايات عام 1983 أعلن فريق المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية «سيرن» في جنيف، نتائج تجارب أُجريت. على الجسيمات في ظروف طاقة عالية جدًّا تحققت هذه الظروف بتصادم شعاع بروتونات عالية الطاقة مباشرةً بشعاع من البروتونات المضادة العالية الطاقة)، وتُعَدُّ الطريقة الأفضل لشرحها بأنها جسيمات W وجسيمات Z تبلغ كتلتها 80 مليون إلكترون فولت و 90 مليون إلكترون فولت على التوالي. جاءت هذه النتائج متطابقة على نحو جيد للغاية مع تنبؤات النظرية، وتُعدُّ نظرية «جلاشو -سلام- واينبرج» نظرية «جيدة» لأنها تقدم تنبؤات يمكن اختبارها على خلافِ نظرية جلاشو السابقة التي لم تقدم ذلك. وفي الوقت نفسه لم يجلس المنظّرون خاملين؛ إذا أمكن دمج تفاعلين في نظرية واحدة، فلماذا لا يكون من الممكن إيجاد نظرية عظمى موحدة تضم كلَّ التفاعلات الأساسية؟ صار حلم أينشتاين قريبًا للغاية من التحقق بدرجة أكبر من أي وقت مضى، وليس في صورة التناظر فحسب، بل في صورة التناظر الفائق والجاذبية الفائقة.
هوامش
(5) The W+ and W- can also be considered, of course, as one particle and its antiparticle, like the electron (e-) and the positron (e+). In case you aren’t confused enough, the W also has another name, the intermediate vector boson.