تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
شيء مقابل لا شيء
المؤلف: جون جريبين
المصدر: البحث عن قطة شرودنجر (فيزياء الكم والواقع)
الجزء والصفحة: الجزء الثالث الفصل التاسع (ص195 – ص200)
21-1-2023
1308
في سنة 1935، اقترح هيديكي يوكاوا الذي كان في ذلك الوقت يبلغ من العمر ٢٨ عامًا ويعمل محاضرًا في الفيزياء بجامعة أوساكا تفسيرًا لكيفية تماسك النيوترونات والبروتونات في نواة الذرة بالرغم من الشحنة الموجبة التي تميل إلى تفجير النواة بواسطة القوى الكهربية. ومن الواضح أنه لا بد من وجودِ قوة أقوى تتغلب على القوى الكهربية تحت الظروف المناسبة. وتحمل الفوتونات القوى الكهربية، وقد أقر يوكاوا بأن هذه القوى النووية لا بد هي الأخرى أن تكون جسيمًا. أصبح الجسيم يُعرف بـ «الميزون»، وذلك باستخدام قواعدِ الكَم للنواة والميزونات مثل الفوتونات هي الأخرى بوزونات لكن بحركة مغزلية مقدارها الوحدة وليس صفرًا، وتختلف عن الفوتونات في أن متوسط عمرها قصير جدًّا، ولهذا السبب فإنها لا تُرى خارج النواة إلا تحت ظروف خاصة. وفي الوقت المناسب، اكتُشفت عائلة من الميزونات ليست بالضبط كما تنبأ يوكاوا، لكن قريبة من تنبئه بما فيه الكفاية، لتبين أن فكرة تبادل الجسيمات النووية للميزونات كحامل للقوى النووية القوية تعمل بشكل مشابه لتبادل الفوتونات كحامل للقوى الكهربية، وقد نال يوكاوا عن استحقاق جائزة نوبل في الفيزياء سنة 1949. هذا التأكيد على أن القوى النووية، إضافةً إلى القوى الكهربية، يمكن أن يُنظر إليها استنادًا إلى التفاعلات فحسب بمثابة حجر الزاوية لرؤية الفيزيائيين في العالم اليوم. وتُعدُّ كل القوى الآن تفاعلات.
ولكن من أين تجيء تلك الجسيمات التي تحمل التفاعلات؟ تجيء من لا مكان؛ أي التوصل إلى شيء من لا شيء، وفقًا لمبدأ عدم اليقين.
ينطبق مبدأ عدم اليقين على الخصائص التكاملية للزمان والطاقة، وينطبق أيضًا على الموقع والزخم فكلما قلَّ عدم اليقين بالنسبة إلى الطاقة المتضمنة في حدث على مستوى الجسيم زاد عدم اليقين لزمن هذا الحدث، والعكس صحيح. ولا يوجد إلكترون منعزل لأنه يستطيع أن يقترض طاقة من علاقة عدم اليقين لفترة وجيزة كافية من الزمن ويستخدم هذه الطاقة لتوليد فوتون والعقبة هنا أنه بمجرد تكون الفوتون لا بد له أن يمتص ثانية بواسطة الإلكترون قبل أن يلحظ العالم أن الحفاظ على الطاقة قد انتهك. وتوجد الفوتونات لجزء ضئيل جدًّا من الثانية – أقل من 10 -15 من الثانية – لكنها تظهر وتختفي طوال الوقت حول الإلكترونات. ويبدو الأمر وكأن كل إلكترون محاطٌ بسَحابة من الفوتونات «الافتراضية» التي تحتاج فقط إلى دفعة صغيرة؛ كمية قليلة من الطاقة من الخارج لتهرب وتصبح حقيقية. وعندما يتحرك إلكترون من حالة مثارة إلى حالة أقل إثارة في ذرةٍ ما، فإنه يعطي الطاقة الزائدة لواحد من الفوتونات الافتراضية ويجعله يطير حرا؛ فالإلكترون الذي يمتص طاقةً. يتصيد داخله فوتونا حرا. ويقدم النوع نفسه من العمليات المادة اللاصقة التي تمسك بمحتويات النواة بعضها مع بعض.
شكل9-9: في شكل فاينمان يتفاعل جسيمان بأن يتبادلا جسيما ثالثا. وفي هذه الحالة تحديدا من الممكن أن يكون الجسيمان إلكترونين يتبادلان فوتونا ويتنافران أحدهما مع الآخر.
وإذا تكلمنا بطريقة تقريبية، وحيث إن الكتلة والطاقة قابلتان للتبادل، فإن «مدى» أي قوى يتناسب عكسياً مع كتلة الجسيم الذي يُوجِد المادة اللاصقة أو مع كتلة أخفُ جسيم إذا كانت العملية تتضمن أكثر من جسيم. وحيث إن الفوتونات عديمة الكتلة فإن مدى القوى الكهرومغناطيسية يكون نظريا لا حدود له مع انه يصبح متناهي الصغر عند مسافة لا نهائية بعيدًا عن الجسيم المشحون. وللميزونات الافتراضية ليوكاوا مثل هذا المدى الدقيق ويُشار إليه بمدى القوى النووية القوية، ويجب أن تكون كتلتها ما بين 200 الى 300 ضعف كتلة الإلكترون. وكجسيمات تُعتبر الميزونات ثقيلة الكتلة. وقد وجدت الميزونات المعينة المتضمنة في التفاعلات النووية القوية في الأشعة الكونية سنة 1946 وأُطلق عليها ميزونات Pi أو بيونات. والبيون الذي لا يحمل شحنة أي متعادل له كتلة مساوية لـ 264 مرة كتلة الإلكترون، وكلٌّ من البيون الموجب والسالب يزن 273 ضعف كتلة الإلكترون وبصورة عامة فهي لها سبع كتلة البروتون. إلا أن بروتونين يتماسكان معا في النواة بالتبادل المتكرر للبيونات التي تزن جزءًا محسوسًا من وزن البروتون نفسه دون أن تفقد البروتونات نفسها أي كتلة. وهذا ممكن فقط لأن البروتونات قادرة على أن تستفيد من مبدأ عدم اليقين. يتخلق البيون ثم يقابل بروتونا آخر ويختفي، في ومضة من عدم اليقين مسموح بها بينما الكون لا يلاحظ. ويمكن للبروتونات والنيوترونات - النوويات - أن تتبادل الميزونات فقط عندما تكون متقاربة جدًّا، وبالضرورة عندما «تتلامس» إذا استخدمنا تعبيرًا غير ملائم من حياتنا اليومية خلافًا لذلك، فإن البيونات الافتراضية لن تستطيع عبور الفجوة خلال الزمن المسموح بواسطة مبدأ اليقين. وعليه فإن النموذج يشرح بشكل مفهوم جدًّا لماذا كان التفاعل النووي القوي هو قوة ليس لها أي تأثير على النوويات خارج النواة، ولها تأثير فعّال جدًّا على النوويات داخل النواة. (9)
وهكذا فإن البروتون هو مركز سحابة من النشاط أكثر من الإلكترون. وفي حين يتحرك البروتون الحر في مساره (عبر المكان والزمان) فإنه يطلق ويعيد امتصاص فوتونات افتراضية وميزونات افتراضية. ولا تزال هناك طريقة أخرى للنظر إلى هذه الظاهرة تخيل أن بروتونا واحدًا فقط ينبعث منه بيون واحد فقط ويُعاد امتصاصه. أمر بسيط. لكن لتنظر إلى ذلك بطريقة أخرى: أولا هناك بروتون واحد، ثم بروتون واحد وبيون، وفي النهاية بروتون واحد مرة أخرى. ولأن البروتونات جسيمات لا يمكن تمييز بعضها عن بعض فإننا أحرار لأن نقول إن البروتون الأول قد اختفى وأعطى طاقة كتلته علاوة على القليل الذي اقترضه من مبدأ عدم اليقين ليكون بيونًا وبروتونا جديدا، وفور ذلك يتصادم الجسيمان ويختفيان ليكونا في هذه العملية بروتونا ثالثا، وتحتفظ بتوازن الطاقة في الكون. ولماذا التوقف هناك؟ ولماذا لا يتنازل بروتوننا الأصلي عن طاقته القليل من الزيادة ليكون نيوترونا وبيونا موجب الشحنة؟ هذا ممكن. ولماذا حينئذ لا يستطيع بروتون أن يتبادل هذا البيون الموجب الشحنة مع نيوترون ليصبح نيوترونا والنيوترون يصبح بروتونا؟ وهذا أيضًا ممكن تماما مثل إمكانية حدوث العمليات العكسية المتضمنة للنيوترونات وهي تتحوّل إلى بروتونات وبيونات سالبة الشحنة.
بدأت الأمور تتعقد الآن؛ حيث لا يوجد أي سبب للتوقف هنا. فبالمثل يمكن لبيون وحده أن يتحول إلى نيوترون وبروتون مضاد، وذلك لمدة قصيرة قبل أن يعود مرة أخرى لحالته الطبيعية، ويمكن أن يحدث هذا لبيون افتراضي هو نفسه جزء من نسق فاينمان المكون من بروتون أو نيوترون ويمكن لبروتون أثناء تقدمه في طريقه أن ينفجر لينتج عن ذلك شبكة من الجسيمات الافتراضية تطن وتتفاعل جميعها بعضها مع بعض ثم تخفت عائدة إلى ما كانت عليه، ويمكن النظر إلى جميع الجسيمات كناتج اتحاد جسيمات أخرى متضمنة فيما أطلق عليه فريتوف كابرا (الرقص الكوني). ولم تنته القصة بعد. وحتى الآن لم نحصل على شيء من لا شيء، مع أننا قد حصلنا على الكثير مقابل القليل. والآن دعونا ندفع الأمور إلى أقصى ما يمكن. إذا كان هناك عدم يقين متأصل للطاقة المتاحة لجسيم لفترة قصيرة كافية من الزمن، فمن الممكن أن نقول أيضًا إن هناك عدم يقين متأصل عما إذا كان الجسيم موجودًا أم لا في زمن
شكل 9-10: الفكرة القديمة الفعل عن بعد إلى اليسار تم إحلالها بفكرة عمل الجسيمات كحاملات للقوى.
قصير كافٍ. وشريطة اتباع قواعد معينة مثل الحفاظ على الشحنة الكهربية والتوازن بين الجسيمات والجسيمات المضادة، ليس هناك ما يوقف ظهور مجموعة كاملة من الجسيمات من لا شيء يتَّحد بعضها مع بعض بعد ذلك، ثم تختفي قبل أن يلاحظ الكون ككل هذا التعارض. وقد يظهر إلكترون وبوزيترون من لا شيء على الإطلاق بشرط أن يختفيا بسرعة كافية، ويمكن لبروتون وبروتون مضاد أن يفعلا الشيء نفسه. ونستطيع القول بتحفظ شديد إن الإلكترون يستطيع فقط القيام بهذه الحيلة بمساعدة فوتون، وكذلك البروتونات بمساعدة ميزون ليقدما «التشتت» المطلوب. فالفوتون الذي ليس له وجود يكون زوجًا من بوزيترون / إلكترون يتلاشى بعد ذلك ليكون الفوتون الذي كان قد كونهما في بادئ الأمر، ولنتذكر لا يعرف الفوتون الفرق بين الحاضر والمستقبل. وكبديل عن هذا، يمكن أن نتصور الإلكترون وهو يقتفي أثر ذيله في دوامة من الزمن. يظهر أولا قافزًا من الفراغ كما يخرج الأرنب من قبعة الساحر، ثم يرحل إلى الأمام في الزمن لمسافة قصيرة قبل أن يلاحظ أنه أخطأ، معترفا بعدم واقعيته فيعود مرة ثانية من حيث أتى - إلى الوراء عبر الزمن إلى نقطة البداية. وهناك يغير من اتجاهه مرةً ثانية، وهكذا تتواصل الحلقة، وبمساعدة التفاعل مع فوتون - حدث تشتّت عالي الطاقة -عند كل طرف من الحلقة.
شكل 9-11: طريقتان مختلفتان للنظر إلى تفاعل الجسيم نفسه - بمجرد تغير نيوترينو داخل إلى نيوترينو مضاد خارج - وهذه عملية تفكك بانطلاق أشعة بيتا التي يتحول فيها النيوترون إلى بروتون وإلكترون ونيوترينو.
ووفقًا لأفضل نظرياتنا عن سلوك الجسيمات، فإن الفراغ ما هو إلا كتلة مضطربة من الجسيمات الخيالية في حد ذاتها، حتى إذا لم توجد جسيمات «حقيقية». وهذه ليست مجرد طنطنة عديمة الجدوى بواسطة المعادلات؛ لأنه من دون السماح لتأثير تلك التقلبات الفراغية، فإننا ببساطة لن نصل إلى الحل الصحيح للمشكلات المتضمنة لتشتت الجسيمات حيث يشتت بعضها بعضًا. وهذا دليل قوي على أن النظرية - المبنية مباشرة على علاقات عدم اليقين، لو نذكر - صحيحة. فالجسيمات الافتراضية وتقلبات الفراغ أمر واقعي كباقي نظرية الكم؛ واقعي كازدواجية الموجة / الجسيم، ومبدأ عدم اليقين، والفعل عن بعد. وفي عالم مثل هذا ليس من العدل مطلقًا أن نطلق على لغز قطة شرودنجر أنه تناقض بالمرة.
هوامش
(9) In fact, Yukawa made his calculations the other way around. He knew the range of the strong nuclear force, and this enabled him to set limits on the uncertainty of time involved in the nucleon interactions. That in turn gave him a rough idea of the energy, or mass, of the particles that carry (or mediate) the interaction.