تاريخ الفيزياء
علماء الفيزياء
الفيزياء الكلاسيكية
الميكانيك
الديناميكا الحرارية
الكهربائية والمغناطيسية
الكهربائية
المغناطيسية
الكهرومغناطيسية
علم البصريات
تاريخ علم البصريات
الضوء
مواضيع عامة في علم البصريات
الصوت
الفيزياء الحديثة
النظرية النسبية
النظرية النسبية الخاصة
النظرية النسبية العامة
مواضيع عامة في النظرية النسبية
ميكانيكا الكم
الفيزياء الذرية
الفيزياء الجزيئية
الفيزياء النووية
مواضيع عامة في الفيزياء النووية
النشاط الاشعاعي
فيزياء الحالة الصلبة
الموصلات
أشباه الموصلات
العوازل
مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة
فيزياء الجوامد
الليزر
أنواع الليزر
بعض تطبيقات الليزر
مواضيع عامة في الليزر
علم الفلك
تاريخ وعلماء علم الفلك
الثقوب السوداء
المجموعة الشمسية
الشمس
كوكب عطارد
كوكب الزهرة
كوكب الأرض
كوكب المريخ
كوكب المشتري
كوكب زحل
كوكب أورانوس
كوكب نبتون
كوكب بلوتو
القمر
كواكب ومواضيع اخرى
مواضيع عامة في علم الفلك
النجوم
البلازما
الألكترونيات
خواص المادة
الطاقة البديلة
الطاقة الشمسية
مواضيع عامة في الطاقة البديلة
المد والجزر
فيزياء الجسيمات
الفيزياء والعلوم الأخرى
الفيزياء الكيميائية
الفيزياء الرياضية
الفيزياء الحيوية
الفيزياء العامة
مواضيع عامة في الفيزياء
تجارب فيزيائية
مصطلحات وتعاريف فيزيائية
وحدات القياس الفيزيائية
طرائف الفيزياء
مواضيع اخرى
المادة المضادة
المؤلف: جون جريبين
المصدر: البحث عن قطة شرودنجر ( فيزياء الكم والواقع )
الجزء والصفحة: الجزء الثاني الفصل السابع (ص132 – ص135)
17-1-2023
882
وفقًا لمعادلات، أينشتاين، فإن طاقة الجسيم الذي كتلته m وزخمه p هي:
E2 = m2c4 + p2c2
وهي المعادلة التي تُختزَل إلى E = mc2 عندما يساوي الزخم صفرا. إلا أن هذه ليست كل القصة. ذلك لأن المعادلة الأكثر ألفة تأتي من حساب الجذر التربيعي للمعادلة كلها، وفي الرياضيات لا بد من الإشارة إلى أن E إما أن تكون موجبة أو سالبة. فكما أن2 = 4 × 2 ، فإن -2 = 4 ×-2 ، وعلى وجه الدقة E = ±mc2 عندما تظهر هذه «الجذور السالبة» في المعادلات، فإنها غالبًا تُستبعد لكونها بلا معنى ومن الواضح أن الناتج الوحيد الذي يعنينا هو الجذر الموجب. لم يتخذ ديراك هذه الخطوة الواضحة لأنه عبقري، بل أخذ يفكر فيما يتضمنه ذلك من معان. وعند حساب مستويات الطاقة في النسخة النسبية من ميكانيكا الكم، تظهر فئتان إحداهما موجبة بالكامل، ويقابلها mc2، والأخرى سالبة بالكامل ويقابلها .mc2- . وطبقًا للنظرية، فإن الإلكترونات لا بد أن تقع في أدنى حالة غير مشغولة للطاقة، ومعروف أنه حتى أعلى حالة طاقة سالبة تكون أقل من أدنى حالة طاقة موجبة. إذن ما الذي تعنيه مستويات الطاقة السالبة؟ ولماذا لا تقع كل الإلكترونات الموجودة في العالم في هذه الحالات وتختفي؟
اعتمدت إجابة ديراك على حقيقة أن الإلكترونات من الفرميونات، وأن إلكتروناً واحدًا فقط يستطيع الدخول إلى كل حالة ممكنة (إلكترونان لكل مستوى، إلكترون واحد لكل حركة مغزلية). واستنتج أنه لا بد وأن الإلكترونات لا تقع في حالات الطاقة السالبة؛ لأن كل تلك الحالات ممتلئة بالفعل. وما ندعوه «فضاءً فارغا» هو في الحقيقة بحر من الإلكترونات السالبة الطاقة. ولم يتوقف ديراك عند ذلك. فإذا أعطيت الإلكترون طاقة، فإنه سينتقل إلى أعلى سُلَّم حالات الطاقة. وهكذا إذا أعطينا إلكتروناً في بحر الطاقة السالبة ما يكفي من الطاقة، فإنه سينتقل حتمًا إلى أعلى العالم الحقيقي ليصبح مرئيا مثل إلكترون عادي. وللانتقال من الحالة mc2- إلى الحالة mc2، فإن الأمر يستلزم بوضوح إدخال طاقة مقدارها 2mc2 وهي بالنسبة إلى كتلة الإلكترون حوالي مليون إلكترون فولت، ويمكن الحصول عليها بسهولة في العمليات الذرية أو عندما تتصادم الجسيمات بعضها مع بعض. وأما الإلكترون ذو الطاقة السالبة الذي ارتقى حتى وصل إلى العالم الحقيقي فسيصبح إلكتروناً حقيقياً بكل المقاييس، ولكننه سيخلف وراءه فجوةً أو ثغرة في بحر الطاقة السالبة وهي غياب إلكترون سالب الشحنة. يقول ديراك إن مثل هذه الفجوة أو الثغرة لا بد أن تسلك مسلك جسیم موجب الشحنة (كما أن سالب زائد سالب يساوي موجبًا، فإن غياب جسيم سالب الشحنة من بحر سالب لا بد أن يظهر كشحنة موجبة). وعندما واتته الفكرة لأول مرة استنتج أنه نظرًا لتماثل الوضع، فلا بد أن تكون لهذا الجسيم الموجب الشحنة نفس كتلة الإلكترون ولكن عندما نشر الفكرة، اقترح في لحظة ضعف أن الجسيم الموجب يمكن أن يكون البروتون، وكان هذا هو الجسيم الآخر الوحيد المعروف في نهاية عشرينيات القرن العشرين. وكما يصف ذلك في كتاب «اتجاهات في الفيزياء»، كان الصواب يجانبه في ذلك، وكان لا بد له أن يتحلى بالشجاعة للتنبؤ بأن العلماء التجريبيين سيكتشفون حتمًا جسيمًا غير معروف مسبقا له نفس كتلة الإلكترون إلا أنه موجب الشحنة.
لم يكن أحد متأكدًا كيف ستكون وجهات النظر تجاه أبحاث ديراك في البداية. رفضت فكرةُ أنَّ البروتون هو النظير الموجب للإلكترون. ولم يأخذ أحد الفكرة على محمل الجد، إلى أن اكتشف الفيزيائي الأمريكي كارل أندرسون آثار جسيم موجب أثناء مشاهداته الرائدة للأشعة الكونية سنة 1932 والأشعة الكونية عبارة عن جسيمات حاملة للطاقة تصل إلى الأرض قادمة من الفضاء. وقد اكتشفها النمساوي فيكتور هيس قبل الحرب العالمية الأولى، واقتسم مع أندرسون جائزة نوبل سنة 1936. وقد تضمنت تجارب أندرسون تتبع مسار الجسيمات المشحونة أثناء حركتها في غرفة الضباب، وهي عبارة عن جهاز تترك فيه الجسيمات ذيلا مثل ذيل التكاثف في الطائرات، واكتشف أنَّ بعض الجسيمات تنتج مسارات تنحني بفعل المجال المغناطيسي بالمقدار نفسه الذي ينحني به مسار الإلكترون ولكن في الاتجاه المضاد وتكون لهذه الجسيمات نفس كتلة الإلكترون ولكنها موجبة الشحنة، وقد أطلق عليها اسم «بوزيترونات». حصل أندرسون على جائزة نوبل عن هذا الاكتشاف سنة 1936؛ أي بعد ثلاث سنوات من حصول ديراك على جائزته، وقد غير الاكتشاف وجهة نظر الفيزيائيين لعالم الجسيمات. فقد ظنوا لفترة طويلة وجود جسيم ذري متعادل وهو النيوترون، الذي اكتشفه جيمس تشادويك سنة 1932 (وحصل عنه على جائزة نوبل سنة 1935)، وكانوا متقبلين إلى حد ما فكرة أن نواة الذرة تتكون من بروتونات موجبة ونيوترونات متعادلة، تحيط بها إلكترونات سالبة. إلا أنه لم يكن هناك مكان للبوزيترونات في هذا التصور، وغيرت فكرة أن الجسيمات يمكن أن تنشأ من الطاقة من مفهوم الجسيمات الأساسية كليا.
من حيث المبدأ، يمكن توليد أي. جسیم من الطاقة عن طريق عملية ديراك، بشرط أن يكون ذلك مصحوباً بتوليد الجسيم المضاد المناظر له، أو «الثغرة» في بحر الطاقة السالبة. ومع أن الفيزيائيين يفضّلون النسخ الأكثر شمولاً من قصة نشوء الجسيمات اليوم، فإن القواعد لا تزال هي نفسها في معظمها، وإحدى هذه القواعد الرئيسية أنه عند التقاء جسيم بالجسيم المضاد له فإنه «يسقط في الثغرة»، مُطلقًا طاقة مقدارها 2mc2 ثم يختفي، ولا يكون ذلك في صورة حفنة من الدخان بقدر ما هو دفقة من أشعة جاما. وقبل سنة 1932 كان الكثير من الفيزيائيين قد شاهدوا مسارات الجسيمات في غرف الضباب، وكان الكثير من المسارات التي شاهدوها يُعزى حتمًا إلى البوزيترونات ولكن كان الافتراض السائد حتى بحثِ أندرسون أنَّ هذه المسارات دائما تُعزى إلى حركة الإلكترونات باتجاه أنوية الذرات وليس إلى حركة البوزيترونات بعيدًا عنها. كان الفيزيائيون متحيزين ضد فكرة وجود جسيمات جديدة، أما اليوم فالوضع تغير إلى النقيض، وكما يقول ديراك: «لا يميل الناس إلى التسليم بوجود جسيم جديد إلا إذا توفّر أقلُّ دليل على ذلك، سواء كان نظريا أو تجريبيا.» («اتجاهات في الفيزياء»، صفحة 18) وكانت النتيجة أن حديقة الجسيمات لا تشتمل فقط على الجسيمين الأساسيين المعروفين في عشرينيات القرن العشرين، بل على أكثر من 200 جسيم، يمكن إنتاجها جميعًا بتزويد مُعجلات الجسيمات بالطاقة الكافية ومعظمها غير مستقر استقرارًا تامًا، ويتفكك بسرعة ليعطي وابلا من جسيمات أخرى وإشعاع. ووسط تلك الحديقة ضاع تقريبًا البروتون المضاد والنيوترون المضاد اللذان اكتشفا في منتصف خمسينيات القرن العشرين، إلا أنهما رغم ذلك كانا تأكيدًا قويا لصحة الأفكار الأصلية لديراك.
صدرت كتب كاملة عن حديقة الجسيمات وبنى كثير من الفيزيائيين مسيراتهم المهنية بوصفهم مختصين في تصنيف الجسيمات. ولكن يبدو لي أنه لا يوجد شيء جوهري بشأن وجود الجسيمات بهذه الوفرة، ويشبه ذلك ما كان عليه الوضع في علم التحليل الطيفي قبل نظرية الكم، عندما كان في مقدور علماء التحليل الطيفي قياس العلاقات بين الخطوط في الأطياف المختلفة وتصنيفها، ولكن دون أن تكون لديهم أدنى فكرة عن الأسباب الكامنة وراء العلاقات التي رصدوها ولا بد أن يزودنا شيء يستند حقًا إلى أسس جوهرية أكثر بالقواعد الأساسية لإنتاج هذه الوفرة من الجسيمات المعروفة، وهي وجهة النظر التي صرح بها أينشتاين لكاتب سيرته الذاتية أبراهام بيه في خمسينيات القرن العشرين: «كان واضحًا أنه شعر بأن الوقت لم يحن بعد للانشغال بهذه الأمور، وأن هذه الجسيمات من شأنها أن تظهر في النهاية كحلول للمعادلات في نظرية المجال الموحد» (2) وعلى مدى ثلاثين عامًا، كان الأمر يبدو كما لو أن أينشتاين على صواب حقا، وسوف نتطرق في خاتمة الكتاب إلى وصف الخطوط العريضة التقريبية لنظرية موحدة محتملة تتضمن حديقة الجسيمات. أما الآن فيكفي أن نشير إلى أن الانطلاق الساحق لفيزياء الجسيمات منذ أربعينيات القرن العشرين يمتد بجذوره إلى التطور الذي أحدثه ديراك في نظرية الكم، أولى الوصفات في كتاب الطهي الكمي.
هوامش
(2) Subtle Is the Lord, page 8.