x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية والجنسية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
شغب الاطفال
المؤلف: د. علي القائمي
المصدر: الأسرة والطفل المشاكس
الجزء والصفحة: ص255ــ260
5/12/2022
2043
أحد المصاعب السلوكية التي يواجهها الوالدان والمربون في تربية الاطفال هو موضوع الشغب الذي يتجسد على هيئة الصخب المصحوب بالعنف. ويبدو ان الطفل يستشعر من جرائه اللذة والارتياح. والشغب نوع من الانفعال غير العقلاني الذي يجلب على الطفل والمحيطين به بعض الضرر والأذى.
اعتبره بعض علماء النفس ظاهرة تمهيدية يتعرض لها الانسان لغرض نضجه وتكامله والمساعدة على بقائه. أما البعض من امثال فرويد فيعتقد ان ظاهرة العدوانية والشغب تعتبر من مظاهر الموت لدى الفرد ومغروسة في فطرته.
وعندما يطرح الاسلام اسس الفطرة يشير الى وجود ميول شريرة لدى الانسان، ويرى ان الانسان مجبول على الشر ومطبوع عليه. فقد ورد عن الامام علي عليه السلام أنه قال: (الشر كان طبيعة كل احد(.
يعتبره بعض علماء التحليل النفسي نوعاً من رد الفعل التعويضي الذي يظهر بصورة حادة ويثير لدى الشخص شعوراً بالقدرة، فيما يعتبره آخرون رد فعل ناتج عن الانكسارات والاخفاقات التي يواجهها طوال فترة حياته. واخيراً فهو - اي الشغب - حالة نلاحظ بعض مظاهرها المزعجة لدى بعض الاطفال.
مظاهر الشغب
الطفل المشاغب يخلق الأذى لنفسه وللآخرين بطرق واساليب مختلفة وتكمن خطورة هذا العمل فى ما اذا اقترن بالعنف والقسوة. فالطفل المشاغب يضرب ويدمر، ويحطم ويهرب، واذا اتيحت له الفرصة يعض، ويجرح ويسيل الدماء، ويضرب الأبواب بعنف، ويصرخ، ويبكي، ويسب، ويخرب، ويخطف من يد الاطفال الأضعف أشياءهم، ويبدي الارتياح لبكائهم.
والشغب هذا قد تكون له صورة عضوية أحياناً؛ فيعمد الطفل المشاغب لالحاق اضرار بليغة بالآخرين مصحوبة بالعذاب والأذى، وبعد ايذاء الآخرين يشعر بالسعادة والهدوء والسكينة. ومن مظاهرها الأولية عند الطفل، الخصام، التمرغ في التراب، تخريب الاشياء المهمة، وقد يثير باعماله انفعال الوالدين والمربين فيدفعهم لمعاقبته ومن بعد العقوبة يركن للهدوء والسكينة.
حالة المشاغب
يتصف المشاغب بفقدان الاستقرار والسكينة، وكأن ناراً تضطرم في احشائه وهو حائر في كيفية اخمادها، واعماقه مستعرة لهباً يجعله في خصام مع الآخرين وكأنه بحاجة لانتهاج بعض التصرفات الطائشة الهوجاء.
ومما يتصف به أيضاً أنه يمارس ضد خصمه العنف والقسوة ويستشعر لذة فائقة مما يكابده من أمل وعذاب، فتعتريه بهجة لأنه أبكى شخصاً وأوجع قلبه وسلوكه مغاير للسلوك الاجتماعي ولكنه يتفاخر به. فهو مثلاً يضع قطعة الحلوى في يده ويناولها لطفل آخر وعندما يهم ذلك بأخذها يسحب يده فيبكيه.
وقد يندم أحياناً على فعلته ويدرك خطأ عمله ولكنه غارق في وضع وكأنه لايستطيع الكف عن ممارسته، ويتلفظ أيضاً بكلمات بذيئة ويؤكد على عدم تكرارها ثانية الا انه يعود الى نفس ذلك السلوك فى اليوم التالي.
سوء الفهم
وهنا تجدر لاشارة الى هذه النقطة أيضاً وهي ان ما يتصوره الابوان والمربون شغباً هو ليس شغباً في الواقع، بل أمر عادي لكن ضيق الوالدين وقلة تحملهما تدفعهما لاصدار مثل هذا الحكم بشأنه.
ان لكل طفل حالة من عدم الاستقرار تتناسب وسنه؛ فهو يركض ويقفز، وحب الاستطلاع يدفعه نحو لمس الاشياء، فيؤدي هذا الى اثارة حفيظة الأب والأم - اللذين يريدان منه الهدوء والسكينة وان يكون كالصنم - فيؤكدان على ان طفلهما مشاغب.
الشغب والنضج
وعلى هذا الاساس نود الاشارة الى أن الطفل يتعرض في ادوار حياته المختلفة - وبشكل طبيعي - لبعض انواع عدم الاستقرار، وتعتبر هذه الحالات ضرورية بالنسبة لحياته. واذا لم يكن من النوع الذي يتحرك ويلعب ويقفز ويعبث فهذا مما يثير التساؤلات عن حالته لئلا يكون مريضاً.
تظهر بعض الدراسات العلمية بأن بعض سلوك الطفل يتخذ طابع اللعب الذي يمهد الأرضية الخصبة للتطور والابداع لديه، ومما لا شك فيه انه بحاجة ماسة إليه. والمهم في هذا الصدد ان نقدم له في هذا اللعب الأسوة الصالحة التي لاتسبب لنا المتاعب.
يزداد الشغب لدى الاطفال في بعض الاعمار، فسن الرابعة مثلاً يبلغ فيها الشغب ذروته، ويتأزم سلوك الطفل، كما وتتكرر هذه الحالة في سن الحادية عشر ومطلع فترة المراهقة، اذ يحاول الطفل براز شخصيته عن هذا الطريق فيزداد تحركه ونشاطه البدني والفكري ويسعى لبلوغ حالة الاستقرار والسكينة من خلال الالعاب الخلاقة وبعض النشاطات المعينة، ومن المحتمل ان يجلب هذا على الوالدين والمربين بعض المتاعب.
الشغب والجنس
تتنامى روح الشغب والصراع لدى كل من الذكور والاناث وبشكل يتناسب مع نضجهم، الا ان نوعها واسلوب تطبيقها يتفاوت بتفاوت الانماط التربوية والثقافية. فكلا الجنسين سريع الاستثارة ويبذل جهوده ومساعيه في مختلف ميادين الحياة ويحاول كلاهما في سنوات معينة - وهي السنوات الحرجة في حياتهم - ضرب وايذاء واثارة الآخرين، الا ان تصرفاتهم تتفاوت بتفاوت الاوضاع والظروف.
فالذكور قد يعبرون عن شغبهم بالضرب والكلام البذي، أما الانثى فتقوم بسحب جدائل الفتيات الاخريات وايذائهن. والذكور قد يتجسد شغبهم حتى في استعمال الادوات الجارحة، بينما الاناث يستعملن الاظافر لالحاق الأذى بالاخريات. وبشكل عام يمكن القول ان نسبة الشغب لدى الفتيان اكثر وروح التمرد عندهم اشد وأقوى. وهذا الاختلاف نابع من التأثيرات الثقافية في المجتمع، ويعتقد بعض محللي السلوك النفسي بوجود دوافع عضوية وبيئية لهذه الظاهرة.
دلالات الشغب
اذا تجاوزت ظاهرة الشغب والايذاء حدها الطبيعي المتعارف او تحولت الى سلوك غير عادي لدى الطفل ينبغي القول حينذاك انها تنم عن وجود اسباب دفينة، وتشير الى قلق عميق كامن في اعماق النفس.
فالشغب يدل على وجود صراع داخلي يكشف عن عجز الشخص عن مجابهة الامور، والانسجام مع الظروف القائمة. وهو يعكس طبعاً حالة من الانفعالات الشديدة التي لايسعه اخمادها. أو أنه قد مر في فترة طفولته بمراحل صعبة ومواقف مريرة تركت في نفسه عقداً مستعصية لا يزال غير قادر على حلها. وهو لذلك يتشبث بكل وسيلة لتوفير مستلزمات الهدوء والسكينة لنفسه، ويمارس مختلف الاساليب العدوانية الحاقدة على امل الحصول على السكينة والاستقرار.
جذور ظاهرة الشغب
ظاهرة الشغب هذه لها جذور متأصلة في اعماق وناتجة من انانيته وحبه الشديد لذاته. ويرى المحللون النفسيون بأن الطفل المؤذي يمكن تصنيفه ضمن قائمة الاطفال الذين تلقوا الأذى الا انه قد يخطأ في محاولة التعويض هذه فيلحق الأذى بالآخرين من غير وجود اساب صحيحة.
يتميز مثل هذ الشخص بالمحبة الفائقة لذاته الى حد عدم القبول بأي أذى يصيبها ولهذا فهو ما ان يشعر بنزول الأذى حتى يسارع للانتقام. وهذا يكشف عن ضعف روح التسامح والتضحية لديه، وعلى العكس من ذلك يظهر قوة الانانية والغرور.
وقد ينطلق الشغب من عيب او نقص نفسي تارة او من العادات السيئة تارة أخرى. ويحتمل أيضاً صدور الشغب من شخص مع عدم اقتناعه بصحة فعله. ويلجأ مثل هذا الشخص عادة الى العثور على فريسة ضعيفة لممارسة العنف ضدها فينهال على الطفل الأضعف بالضرب والأذى، واذا لم يعثر على طفل ضعيف يضطر لافراغ حقده على الحيوانات. وإذا ما وقع في يده طيرٌ نتف ريشه، واذا شاهد قطة يمسك بذيلها وما الى ذلك.