x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
تأثير لسان الحال في بيان واقعة عاشوراء
المؤلف: معهد سيّد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسيني
المصدر: نهضة عاشوراء
الجزء والصفحة: ج3، ص71-104
1/9/2022
2656
إنّ [1] هناك وسائل متعدّدة وأساليب مختلفة من الأدوات التي قد تستخدم من أجل عرض ثورة عاشوراء وبيان دوافعها وأهدافها، مثل الشعر والقصّة والفيلم والمسرح وقراءة العزاء، ومن الواضح أنّ طرح واقعة عاشوراء في إطار فنّيٍّ هو أيسر وأفضل من أيّ إطار آخر.
وإنّ إحدى تلك الوسائل التي استعملت لبيان الأبعاد المختلفة لعاشوراء هي (لسان الحال), الذي يمكن الإستفادة منه في كثير من الفنون, وإن كان هو نفسه واحداً منها[2].
من هنا يمكن اعتبار لسان الحال أكثر الوسائل تأثيراً وجاذبيّة, من أجل عرض حقائق عاشوراء ودروسها والعبر المستفادة منها على أنواعها, وبشكل مفصّل ومساحات واسعة جدّاً، فيمكن الإستفادة منه لبيان القيم العاشورائيّة والتعريف بها، والوصول إلى أعماق الوجود الإنسانيّ, حيث لا يستطيع (لسان القال) أن يصل إليه. لقد كان استخدام لسان الحال موجوداً منذ القدم وما قبل ظهور الإسلام, حيث كان شعراء العصر الجاهليّ يستفيدون منه بدرجة كبيرة, سواءً في وصف المعشوق أو القبيلة أو أدوات الحرب, لا سيّما الجياد منها. واستعملت أيضاً هذه الوسيلة بعد ظهور الإسلام خصوصاً بعد واقعة كربلاء بشكل صحيح ومنطقيّ، على سبيل المثال- وحسب الروايات التاريخيّة- فإنّ بعض النّاس قالوا شعراً بلسان الحال تعزية وفي حضور الإمام زين العابدين عليه السلام, عند وصول قافلة الأسرى إلى المدينة المنوّرة[3]، وهذا ما استمرّ عليه الوضع بعد ذلك حين الحديث عن واقعة عاشوراء وتصوير أحداثها، إلّا أنّه وبالرغم من كلّ ذلك وبسبب عدم وضوح حدود وشرائط الإستفادة من تلك الوسيلة, فقد أصيبت بآفات عديدة نتيجة الإفراط أو التفريط الذي وقع فيه مستخدموها، حتّى وصل الحال إلى أنّ بعضاً من الخطابات والأشعار والأعمال التي تعرض باسم (لسان الحال), ليس فقط لا تعبّر عن دوافع عاشوراء وأهدافها فحسب، بل إنّها تعارض المباني الاعتقاديّة التي كان يحملها الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه، وهذا يعدّ من المصائب الكبرى التي أصيبت به السيرة العاشورائيّة العظيمة.
وعليه فإنّ عرض عاشوراء بلسان الحال مثل سيفٍ ذي حدّين، فمن جهةٍ يمكن أن يكون مفيداً ومن جهةٍ أخرى يمكن أن يكون مدمّراً ويحتوي على آثار سامّة ومضرّة، فإمّا أن يستخدم في سبيل نشر أهداف عاشوراء ورسالتها, وإمّا أن يصبّ في طريق تحريف ذلك وتشويهه، فإن استعمل بطريقةٍ صحيحة ومنطقيّة أمكنه بيان حقيقة ثورة كربلاء وشخصيّة الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه، وفي المقابل لو استخدم بأسلوب غير صحيح, فإنّه, فضلاً عن كونه عاجزاً عن بيان واقعة عاشوراء وأهداف الثورة الحسينيّة، سيشوّه حقيقة هذه الثورة وأصالتها ويقلبها رأساً على عقب.
من هنا، فإنّ طرح الأسئلة التالية والإجابة عنها في هذه المقالة سيبيّن المقصود من لسان الحال، وأقوال الفقهاء فيه وفي شرائطه وحدود استخدامه والإستفادة منه، وذلك على الشكل الآتي: ما المقصود من لسان الحال؟ هل يجوز استخدام لسان الحال في وصف عاشوراء؟ ولو كان جائزاً فهل يوجد شروط وقيود في ذلك أم لا؟ وإذا كان هناك حدود وشروط، فما هو حكم مخالفتها وما هو الواجب حينئذٍ؟ وما هي المساحة التي يمكن الإستفادة من لسان الحال فيها؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي سيُجاب عنها خلال بحثنا هذا.
مفهوم لسان الحال:
إنّ لسان الحال هو ما يقابل (لسان القال)، وقد جاء في أقرب الموارد في تعريفه:
ما دلّ على حالة الشيء أو كيفيّته من ظواهر أمره، فكأنّه قام مقام كلام يعبَّر به عن حاله فلم يفتقر معه إلى كلامٍ، يقولون: نطقت لسان الحال بكذا[4].
وكتب دهخدا في هذا الشأن:
لسان الحال هو كلّ ما يبيّن وضع شخص أو حالته أو بعض شؤونه... فكلّ ما ينسب إليه ممّا لم يقله, وقد وصفه به الشاعر أو الكاتب عن أحواله, بحيث إنّه لو أراد أن يقول شيئاً لعبّر بحسب حاله بما نسب إليه[5].
وقال العلّامة الملّا أحمد النراقيّ في تعريفه:
المراد من لسان الحال هو كون الشيء بحالةٍ تقتضي مثل هذا الكلام، فكأنّ حالة تلازم مثل ذلك القول وتتلاءم معه، بحيث إنّ تلك الحالة تقتضي مثل ذلك الفعل[6].
على الرغم من قصر بعض الكتب اللغويّة لسان الحال على الإنسان, إلّا أنّ استعماله أوسع من ذلك بكثير، وهذا ما يظهر من كلمة (الشيء) في أقرب الموارد، حيث تنطبق على الإنسان وغيره. ويعتقد العديد من مفسّري القرآن الكريم, أنّ المقصود من الآيات التي تتحدّث عن تسبيح وحمد المخلوقات: (الأرض - السماء - النجوم - الجبال - النّاس - الحيوانات - الأشجار وأوراقها و...), هو الحمد والتسبيح بلسان الحال[7]. وأمّا ما ورد في كلام النراقيّ من تطبيق لسان الحال على الإنسان فحسب, فهو باعتبار أنّ جواب النراقيّ جاء حسب السؤال الوارد حول جواز استعمال لسان الحال في الإمام الحسين عليه السلام، وإلّا فإنّ الفقهاء أيضاً يرون أنّ لسان الحال أعمّ من ذلك[8].
يتّضح ممّا سبق أنّ لسان الحال هو: بيان حالة الشيء وكيفيّته, بحيث إنّه لو كان ناطقاً أو أراد أن ينطق, لصرّح بما نسب إليه من لسان الحال.
طبعاً إنّ لسان الحال وكيفيّته يشمل مساحة واسعة من شؤون حياته, مثل أوضاعه الفرديّة والإجتماعيّة، ومسؤوليّاته وأهدافه, وظروفه المكانيّة والزمانيّة المحيطة به أيضاً.
إنّ لسان الحال ينطق بالحقيقة والواقع الذي لم يعبّر عنه بلسان القال، ولو عبّر عنه بالكلام لجاء كما نسب إليه بلسان الحال، وهذا واضح عند كثير من النّاس، فعندما نرى آثار التعب والألم والأرق على وجه أحدهم نقول له: مهما أخفيت آلامك التي أصابتك في الليلة الماضية فإنّ عينيك تحكيان لنا الأرق الذي عانيت منه، والشاهد على ذلك هيئتك الظاهرة عليك. إنّ لسان الحال يكون في بعض الأحيان قويّاً بحيث يغلب لسان القال ويكذّبه. وهنا يوجد أمران مهمّان يلزم الإشارة إليهما:
1- ينبغي الفصل والتمييز بين لسان الحال وبين المبالغات الشعريّة، فلسان الحال هو بيان للواقع والحقيقة، لذا يمكن نسبته إلى الأفراد والأشياء، وأمّا المبالغات الشعريّة فلا واقعيّة لها، فعندما يعبّر محتشم الكاشانيّ في أشعاره عن رأس الإمام الحسين عليه السلام بأنّه شمس ساطعة على رأس رمح طويل، من الواضح أنّ هذا للمبالغة فقط وليس كلاماً واقعيّاً، ولذا فإنّ إنشاد مثل هذه الأشعار أمر جائز, باعتبار أنّ معظم النّاس يعرفون أنّ هذا من باب المبالغة, وأنّ الشاعر لم يرد المعنى الحقيقيّ من ذلك[9].
2- التحقيق في تلك الحالة والكيفيّة التي نريد أن نتحدّث على أساسها بلسان الحال، وهذا أمر واضح الأهمّيّة باعتبار أنّ تلك الحال لو كانت صحيحة فإنّ لسان الحال الذي يعبّر عنها سيكون صادقاً، وأمّا لو كان تشخيص تلك الكيفيّة خاطئاً فإنّ لسان حالها سيكون غلطاً وبعيداً عن الحقيقة.
على سبيل المثال، عندما يكون أصل حضور ليلى (أمّ عليّ الأكبر) في كربلاء ونذرها باطلاً، وكذا عرس القاسم، فإنّ ما يبنى على ذلك الباطل بلسان الحال سيكون باطلاً أيضاً. وهكذا بالنسبة إلى أهداف ثورة الإمام الحسين عليه السلام عندما يكون الكلام عن الفداء كذباً, فإنّ لسان حاله سيكون أيضاً كذباً.
لسان الحال وواقعة عاشوراء:
إنّ كلّ ما قيل وكتب من الشعر والنثر ممّا لم يؤخذ من المصادر النقليّة إلّا أنّه يتحدّث عن أوصاف وأحوال وأفكار الإمام الحسين عليه السلام، وأصحابه استناداً إلى الميزات التي كانوا يتمتّعون بها، أو الأشعار والكتابات التي بيّنت الدوافع والأهداف التي كانت لديهم، أو التي حكت عن ساحة كربلاء في ليلة عاشوراء ونهارها بأبعادها المختلفة كلّ ذلك يطلق عليه لسان الحال.
إنّ عرض الوقائع التاريخيّة - ومنها واقعة عاشوراء - في قوالب أدبيّة وفنّيّة يحتاج إلى ساحة مميّزة وشخصيّات فاضلة، وهذا ما يؤثّر جدّاً في عرض ذلك بلسان الحال. فنحن نجد أنّ ساحة عاشوراء وشخصيّاتها لا نظير لهما على الإطلاق، فمن جهةٍ نجد أفراداً يتمتّعون بعاطفة جيّاشة مع تضحية وجهاد بأعلى المستويات، ومن جهة أخرى نلاحظ أنّ أجواء تلك الساحة كانت مليئةً بالمعنويّات والفضائل التي يمكن للأدوات الفنّيّة, ومنها لسان الحال, أن تبيّن قبساً من تلك الساحة وأبطالها الذين كانوا فيها.
الأقوال والآراء:
هل يجوز عرض واقعة عاشوراء بلسان الحال أم لا؟ ولو جاز فهل يجوز ذلك بصورة مطلقة ومن دون مراعاة أيّة قيود أو شروط في ذلك؟ في الجواب لدينا عدّة فرضيّات:
1- يمكن عرض حادثة كربلاء بلسان الحال بشكل مطلق من دون أيّة قيود في ذلك سواءً من جهة الأشخاص أو من جهة الشروط.
2- عكس الفرض السابق أي عدم جواز استخدام لسان الحال مطلقاً سواءً بالنسبة إلى الإمام الحسين عليه السلام أو بالنسبة إلى أصحابه.
3- عدم جواز ذلك بالنسبة إلى الإمام الحسين عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام وأمّا مع الآخرين فهو جائز.
4- يجوز استعمال لسان الحال مع مراعاة بعض القيود والشروط، ولا فرق في ذلك بين الإمام الحسين عليه السلام وبين غيره.
بالنسبة إلى الفرض الأوّل نقول: يظهر في كلام البعض أنّ في مدح الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل البيت عليهم السلام وتعزيتهم أجراً عظيماً وثواباً جزيلاً، لذا فإنّ كلّ ما يقوّي هذه المجالس يعدّ حلالاً سائغاً لأنّه سبب لزيادة الأجر والثواب.
يقول بعض الباحثين: إنّ أصحاب هذه النظريّة يؤمنون بالنظريّة القائلة (إنّ الغاية تبرّر الوسيلة)[10] فهؤلاء يقولون: ما دام لدينا هدف مقدّس، وهو بيان فضائل الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه وتعزيتهم لما فيه من الأجر الكبير، فكلّ ما يوصلنا إلى ذاك الهدف هو جائز لا إشكال فيه[11].
وقد أجاب الشهيد المطهّريّ ومن قبله المحدّث النوريّ عن هذا الكلام بالقول: لو كان الأمر كما يقولون لما بقي شيء من المعاصي إلّا وأصبح حلالاً، ولسقطت عن حرمتها حتّى الكبيرة منها، فعلى سبيل المثال: إنّ من أعمال الخير (إدخال السرور على قلب المؤمن) فهل يجوز من أجل الوصول إلى ذلك الهدف التوسّل بأيّ شيءٍ حتّى لو كان حراماً مثل التهمة والغيبة والسخرية؟! من الواضح أنّ هذا ليس مشروعاً، وعليه فلا يمكن القبول بهذا القول أبداً.
فيما يرتبط بالفرض الثاني والثالث فإنّه غير صحيح أيضاً، باعتبار أنّ الأدلّة والشواهد على خلافه، بل هي تدلّ على أنّ لسان الحال جائز مع مراعاة بعض الشرائط والقيود، ولا فرق في ذلك بين الإمام وبين غيره وإن كان يلزم مراعاة الدقّة بالنسبة إلى الإمام عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام أكثر من الآخرين.
وأمّا بالنسبة إلى الفرض الرابع فنقول: إنّ الكثير من العلماء والفقهاء يرون أنّ الحديث عن واقعة عاشوراء بلسان الحال هو أمر سائغ ولكن ليس بصورة مطلقة بل هو مشروط بعدّة أمور. على سبيل المثال فقد سئل العلّامة الملّا أحمد النراقيّ عن الشعراء الذين يختلقون بعض الأشعار والحوارات التي لا وجود لها في الروايات والأحاديث بل هي من تفريعاتهم وعنديّاتهم مثلما يتحدّثون عن شهادة العبّاس عليه السلام وأنّه قال لزينب عليها السلام الكلام الفلانيّ ولأمّ كلثوم وسكينة الحديث الكذائيّ وأنّ الإمام عليه السلام وضع الكفن على كتفه وغير ذلك، فهل هذا جائز أم لا؟ ولو كان حراماً فهل يعدّ من الذنوب الكبيرة؟[12].
تحدّث النراقيّ في جوابه عن لسان الحال بعد أن قسّم المبالغات والإغراقات إلى شعريّة وغير شعريّة وبيان حكم كلّ واحد منهما على هذا النحو:
وهناك قسم آخر يُنسب فيه كلام أو فعل إلى شخصٍ يُقال له لسان الحال، فكأنّ لسان حاله ينطق بذلك لا لسان مقاله، أو أنّ حاله يقتضي مثل هذا العمل وإن لم يقم به واقعاً، فالمراد بلسان الحال كون الشيء بحالةٍ تقتضي مثل هذا الكلام, بل إنّ حاله يتطلّب مثل ذلك الكلام الذي يتلاءم معه تماماً ومثله التعبير بلسان الحال عن فعل يقتضيه حاله[13].
ثمّ جاء بمثال على ذلك من أشعار محتشم الكاشانيّ، إلى أن قال: ولو وجدت قرينة حاليّة في لسان الحال يعرف من خلالها المخاطبون أو معظمهم أنّ مقصود المتكلّم أو الكاتب هو ذكر الحال والحكاية الخياليّة وليس الواقع, فهذا ممّا لا إشكال فيه وأمّا غير هذين القسمين من (المبالغات والإغراقات الشعريّة ولسان الحال) ممّا يتحدّث عن أمور غير واقعيّة فهو كذب وحرام، ولو عدّ من الذنوب الصغيرة فإنّ تكراره أكثر من مرّتين يجعله من الكبائر, لأنّ الإصرار على الصغيرة يحوّلها إلى كبيرة، فإذا نطق شخص بمثل ذلك وهو صائم فصيامه باطل يوجب القضاء والكفّارة[14].
وأشار المحدّث النوريّ أيضاً إلى أنّ الشعر أو النثر الذي يتضمّن المبالغة أو التشبيه أو الإستعارة وأمثال ذلك مع قصد المعنى الظاهريّ منه، فإنّه ليس فقط أمراً جائزاً بل هو سيضفي على الكلام والأشعار فصاحة وبلاغة ممّا يجعله رائعاً وراقياً. ثمّ تحدّث العلّامة النوريّ عن لسان الحال فقال:
وإمّا أنّ يكون ذلك من أجل أمر آخر متعارف عليه ومتداولٍ في النظم والنثر أيضاً بحيث إنّ إنساناً أو حيواناً أو نباتاً أو جماداً يكون بحالةٍ أو صيغة، وبعد الإطلاع عليها ننتقل إلى أمور أخرى بحيث إن صاحب تلك الحالة أو الصفة لو أراد أن يخبر عن تلك الأمور وكان يملك معرفةً ولساناً لأخبر عنها على ذلك النحو تماماً، فعندما ينسب الناقل تلك الأمور إلى ذاك الإنسان أو غيره فهو في الحقيقة صادق في ذلك يخبر عن واقع لا كذب فيه, لأنّ مقصود الناقل والمتكلّم هو التعبير عن إمتلاك ذاك الإنسان أو الشيء صفة أو حالة محدّدة تكشف عن تلك الأمور وهذا ما يعبّر عنه لسان الحال[15].
في هذه الفقرة نلاحظ المحدّث النوريّ قد عرّف لسان الحال من جهةٍ، وأخرجه عن الكذب والتحريف من جهة أخرى، ثمّ أيّد جواز استخدام لسان الحال بسيرة العلماء حيث كانوا يعملون به في النثر والشعر، بل كانوا يضفون به على كلماتهم رونقاً يثبتون من خلاله إدعاءاتهم وآراءهم. بعد ذلك تحدّث العلّامة النوريّ عن بعض الشرائط اللازمة في استعمال لسان الحال.
وقسّم الشهيد المطهّريّ لسان الحال - بعد أن أشار إلى عوامل ظهور التحريفات ووظيفة علماء الدّين اتجاه ذلك - إلى قسمين، فاعتبر أحدهما صحيحاً ومنطقيّاً، بينما يشكو ممّا يُقال ويُكتب تحت عنوان لسان الحال ممّا هو منتشر في هذا الزمان ويعتبره غير سائغٍ ولا مشروع، وهذه عبارته: إنّ نظرةً عامّة إلى استعمالات لسان الحال في عصرنا هذا تكفي لنعرف مدى التحريفات التي نُسبت إلى كثير من الأشخاص. نعم البعض منها يعتبر مرآة صافية تعكس شخصيّة الإمام الحسين عليه السلام الحقيقية مثل أشعار إقبال اللّاهوريّ وبعض أشعار حجّة الإسلام التبريزيّ وإن كان البعض منها يحمل تحريفاً لتلك الشخصيّة, مثل الأسى الذي يظهره الإمام عليه السلام لفقدان أمّه... وأمنيّته لو أنّ تراب كربلاء يمنحه أمّاً...
إنّ لسان الحال هذا ليس فقط يتنافى مع شخصيّة الإمام عليه السلام العظيمة بل هو لا ينسجم مع مسلكيّة رجل عادي يبلغ من العمر سبعاً وخمسين عاماً بحيث يطلب في تلك الظروف أمّه لتضمّه إلى صدرها، والحال أنّ الأمر بالعكس من ذلك تماماً حيث إنّ الأمّ هي التي تلجأ إلى ولدها الذي يبلغ من العمر ذلك الحدّ.
نعم إنّ الإمام الحسين عليه السلام تحدّث عن أمّه ولكن بصورة ملحميّة تحمل الإفتخار فقال: (أنا بن عليّ الطهر من آل هاشم... وفاطمة أمّي... يأبى الله
ذلك لنا ورسوله وحجور طابت وطهرت ونفوس أبيّة وأنوف حميّة) إلى غير ذلك من الكلام[16].
وصرّح أيضاً علماء آخرون منهم المحدّث القمّيّ في كتابيه: نفثة المصدور[17] ومنتهى الآمال[18]، بجواز عرض واقعة عاشوراء بلسان الحال ولكن مع مراعاة بعض الشرائط الخاصّة.
الأدلّة:
من أجل إثبات هذه النظريّة المشهورة لدى العلماء والفقهاء يمكن الإستناد إلى بعض الآيات والروايات وسيرة الأئمّة المعصومين عليهم السلام وأيضاً سيرة الفقهاء وعلماء الدّين، وهنا نشير إلى بعض من هذه الأدلّة:
1- الآيات:
يوجد آيات كثيرة في هذا الشأن[19]، نذكر هنا بعضاً منها:
أ- يقول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ﴾[20].
من الواضح أنّ المشركين لم يشهدوا على أنفسهم بالكفر بلسان القال، بل إنّ نوع أعمالهم وعباداتهم ومراسم حجِّهم هو الذي يعدّ شاهداً على كفرهم، أي لسان حالهم هو الذي ينطق بكفرهم.
ب- إعتبر السيّد المرتضى وجماعة من متكلّمي الشيعة أنّ الحوار الذي دار بين النملة وبين النبيّ سليمان وخوفها من جنوده، وكلام النمل مع بعضه البعض إنّما هو من باب الإستعارة والمجاز، فهو يقول: وتلك الحكاية البليغة الطويلة لا تجب أن تكون النملة قائلةً لها ولا ذاهبة إليها وإنّها لمّا خوّفت من الضرر الذي أشرف النمل عليه جاز أن يقول الحاكي لهذه الحال تلك الحكاية البليغة المرتّبة، لأنّها لو كانت قائلة ناطقة ومخوّفة بلسانٍ وبيان لما قالت إلّا مثل ذلك[21].
وقد صرّح أيضاً السيّد المرتضى في مورد آخر بعد ذكر هذه القصّة وآياتها القرآنيّة، بجواز هذه النسبة إلى النمل لأنّه من باب المجاز والإستعارة[22].
2- الروايات:
تُعدّ الروايات أيضاً في هذا المجال كثيرة[23]، وهنا ننقل بعضها:
ذكر المحدّث النوريّ في هذا الشأن روايتين، نورد إحداهما الآن والثانية في بحث شرائط لسان الحال. جاء في تفسير أبي الفتوح الرازيّ أنّ سائلاً كان يسأل النّاس فقال الحسين بن عليّ عليهما السلام: هل تعلمون ماذا يقول هذا السائل؟ قالوا: لا يا بن رسول الله - قال: يقول إنّ رسول الله إليكم من أعطاني شيئاً رجعت به إليه، وإن لم أُعْطَ رجعت إليه خالي اليدين[24].
من البيّن أنّ السائل لم يقل هذا الكلام بلسان القال بل إنّ كلام الإمام عليه السلام كان بلسان الحال.
وورد في بعض التفاسير التي جمعت أيضاً من الروايات الدالّة على تسبيح جميع الكائنات لله تعالى:
يظهر من مجموع هذه الآيات التي يحمل البعض منها معاني دقيقة وعميقة، أنّ تسبيح الكائنات يشمل كلّ شيءٍ بدون استثناء، وهذا ما يتلاءم تماماً مع التفسير الثاني (التسبيح بلسان الحال) الذي ذكرناه سابقاً[25].
3- تقرير الأئمّة المعصومين عليهم السلام:
لقد أمضى الأئمّة المعصومون عليهم السلام عرض واقعة عاشوراء بلسان الحال حيث كان الشعراء يقولون في الإمام الحسين عليه السلام شعراً وفي بعض الأحيان نثراً بلسان الحال في حضور الإمام المعصوم عليه السلام بدون أن يعترض عليهم، وهذا نفسه دليل آخر على جواز طرح حادثة كربلاء بلسان الحال.
نقل ابن طاووس:
ثمّ إنّ عليّ بن الحسين عليهما السلام رحل إلى المدينة بأهله وعياله ونظر إلى منازل قومه ورجاله فوجد تلك المنازل تنوح بلسان أحوالها وتبوح بأعلال الدموع وإرسالها لفقد حماتها ورجالها وتندب عليهم ندب الثواكل وتسأل عنهم أهل المناهل وتهيج أحزانه على مصارع قتلاه وتنادي لأجلهم واثكلاه[26].
رثاء الديار الخالية:
ثمّ بيّن ابن طاووس نياح تلك الدّيار بلسان الحال، ونحن ننقل ذلك كاملاً للتعرّف على كيفيّة الإستفادة الصحيحة من لسان الحال, وهذا أمر مفيد ومناسب جدّاً، فهو يصوّر الديار وكأنّها تقول: يا قوم اعذروني على النياحة والعويل وساعدوني على المصاب الجليل, فإنّ القوم الذين أندب لفراقهم وأحنّ إلى كرم أخلاقهم كانوا سمّار ليلي ونهاري, وأنوار ظلمي وأسحاري, وأطناب شرفي وافتخاري, وأسباب قوّتي وانتصاري, والخلف من شموسي وأقماري, كم ليلة شرّدوا بإكرامهم وحشتي, وشيّدوا بأنعامهم حرمتي, وأسمعوني مناجاة أسحارهم, وأمتعوني بإيداع أسراراهم, وكم يوم عمّروا نعي بمحافلهم, وعطّروا طبعي بفضائلهم, أو رووا عودي بماء عهودهم, واذهبوا نحوسي بنماء سعودهم, وكم غرسوا لي من المناقب, وحرسوا محلّي من النوائب, وكم أصبحت بهم أتشرّف على المنازل والقصور, وأميس في ثوب الجذل والسرور, وكم أعاشوا في شعابي من أموات الدهور, وحسدني عليهم حكم الأيّام فأصبحوا غرباء بين الأعداء, وغرضاً لسهام الإعتداء, وأصبحت المكارم تقطّع بقطع أناملهم, والمناقب تشكو لفقد شمائلهم, والمحاسن تزول بزوال أعضائهم, والأحكام تنوح لوحشة أرجائهم، فيا لله من روع أريق دمه في تلك الحروب وكمال نُكس علمه بتلك الخطوب, ولئن عدمت مساعدة أهل العقول وخذلني عند المصائب جهل العقول, فإنّ لي مسعداً من السنن الدّارسة والأعلام الطامسة, فإنّها تندب كندبي وتجد مثل وجدي وكربي، فلو سمعتهم كيف ينوح عليهم لسان حال الصلوات, ويحنّ إليهم إنسان الخلوات, وتشتاقهم طوية المكارم, وترتاح إليهم أندية الأكارم, وتبكيهم محاريب المساجد, وتناديهم مآريب الفوائد, لشجاكم سماع تلك الواعية النازلة, وعرفتم تقصيركم في هذه المصيبة الشاملة، بل لو رأيتم وحدتي وانكساري, وخلوّ مجالسي وآثاري لرأيتم ما يوجع قلب الصبور, ويهيج أحزان الصدور, لقد شمت بي من كان يحسدني من الدّيار, وظفرت بي أكفّ الأخطار, فيا شوقاه إلى منزل سكنوه ومنهل أقاموا عنده واستوطنوه، ليتني كنت إنساناً أفديهم حزّ السيوف وأدفع عنهم حرّ الحتوف, وأشفي غيظي من أهل السنان, وأردّ عنهم سهام العدوان, وهلّا إذا فاتني شرف تلك المواساة الواجبة كنت محلّاً لضمّ جسومهم الشاحبة, وأهلاً لحفظ شمائلهم من البلى, ومصوناً من لوعة هذا الهجر والقلى، فآه ثمّ آه لو كنت مخطّاً لتلك الأجساد, ومحطّاً لنفوس أولئك الأجواد, لبذلت في حفظها غاية المجهود, ووفيت لها بقديم العهود, وقضيت لها بعض الحقوق الأوائل, ووقيتها من وقع الجنادل, وخدمتها خدمة العبد المطيع لها وبذلت لها جهد المستطيع، وفرشت لتلك الخدود والأوصال فراش الإكرام والإجلال, وكنت أبلغ منيتي من اعتناقها, وأنوّر ظلمتي بإشراقها, فيا شوقاه إلى تلك الأماني, ويا قلقاه لغيبة أهلي وسكاني, فكلّ حنين يقصر عن حنيني وكلّ دواء غيرهم لا يشفيني, وها أنا قد لبست لفقدهم أثواب الأحزان وأنست بعدهم بجلباب الأشجان, وأيّست أن يلمّ فيَّ التجلّد والصبر, وقلت يا سلوة الأيّام موعدك الحشر[27].
4- سيرة علماء الدّين:
إستخدم علماء الدّين أيضاً في كثير من الحالات لسان الحال في الشعر والنثر، وكانوا في بعض الأحيان ينقلون ذلك، وهذا ما فعله العلّامة أحمد النراقيّ في كلا المجالين: فمن جهةٍ نجده قال شعراً بلسان الحال[28]، ومن جهةٍ أخرى نراه ينقل مثل تلك الأشعار عن الآخرين[29].
وذكر المحدّث النوريّ حول سيرة العلماء قائلاً:
يظهر من عمل العلماء وسيرتهم المشهورة، ومن خلال بعض القرائن أنّهم تسامحوا في إجراء حكم الكذب على الشعر والنثر اللذين يحملان في ظاهرهما كذباً ومخالفة للواقع[30].
وطبّق النوريّ تلك السيرة الشائعة على المبالغات الشعريّة ولسان الحال ثمّ تحدّث عن لسان الحال بقوله:
(كان العلماء الأخيار على الدوام يستخدمون (لسان الحال) في النثر والشعر بل كانوا يضفون به رونقاً وجمالاً على كلماتهم ويثبتون من خلال ذلك أقوالهم وآراءهم)[31].
هذا كلّه مضافاً إلى ملاحظة تأييد علماء الدّين لكثير من الأشعار التي كان ينشدها الشعراء السابقون من أمثال الكميت والحميريّ ودعبل، وأيضاً شعراء معاصرون مثل المحتشم وعمان السامانيّ، ونيّر التبريزيّ، وإقبال اللّاهوريّ وغيرهم كثير.
الشرائط اللّازمة لبيان واقعة عاشوراء بلسان الحال:
ذكرنا فيما سبق أنّ استعمال لسان الحال, إذا كان بطريقةٍ سليمة وملتزمة وملتزماً بشرائط محدّدة، فإنّه سيكون صحيحاً ومنطقيّاً ومورد قبول الفقهاء وعلماء الدّين لوجود فوائد كثيرة فيه، إلّا أنّه وللأسف في كثير من الأحيان بذكر لسان الحال في الكتابات أو على الألسن بما يوجب الخجل والهوان، مثل لسان الحال الذي ينافي مباني الإسلام العقائديّة وقيمه, ولا يتلاءم مع مقام الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه.
من هنا يلزم بيان بعض الشرائط والقيود اللازمة في طرح واقعة عاشوراء بلسان الحال ليتّضح الميزان والمعيار الحقّ الذي يميّز بين لسان الحال الصحيح وبين غيره.
1- اجتناب التداخل بين لسان الحال ولسان القال:
إنّ إسناد الشاعر والكاتب لسان الحال إلى الإمام الحسين عليه السلام أو أحد أصحابه تصريحاً أو تلويحاً أو... جائز كما في إسناد لسان القال إليهم، فيقول مثلاً بلسان الحال: قال الإمام عليه السلام كذا أو فعل كذا.. إلّا أنّ الأمر الهامّ هنا هو لزوم التصريح بلسان الحال في الموارد التي لا يميّز فيها السامع أو القارئ بين لسان الحال وبين لسان القال.
وعليه فإنّ البعض يفرّق ما بين لسان الحال في الشعر وبينه في النثر، باعتبار أنّ استخدام لسان الحال في الشعر كثير ورائج فلا يحتاج إلى قرينة أو تصريح، وأمّا في النثر فيحتاج في كثير من الأحيان إلى قرينة أو بيان باعتبار أنّ البعض قد يحسب ما يقال بلسان الحال هو من كلام الإمام الحسين عليه السلام حقيقة[32].
من هنا نجد الإمام عليّاً عليه السلام في الخطبة المفصّلة بعد تلاوته سورة ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ يتحدّث عن حال الموتى على هذا النحو:
"ولئن عميت آثارهم وانقطعت أخبارهم لقد رجعت فيهم أبصار العبر، وسمعت عنهم آذان العقول، وتكلّموا من غير جهات النطق، فقالوا: كلحت الوجوه النواضر، وخوت الأجسام النواعم، ولبسنا أهوام البلى، وتكاءدنا ضيق المضجع، وتوارثنا الوحشة، وتهكّمت علينا الرّبوع الصّموت فانمحت محاسن أجسادنا، وتنكّرت معارف صورنا، وطالت في مساكن الوحشة إقامتنا، ولم نجد من كرب فرجاً، ولا من ضيقٍ متسعاً"[33].
2- الإنسجام بين لسان الحال ولسان القال:
لا يصحّ أن يتنافى لسان الحال مع خطابات الإمام عليه السلام ورسائله ومواقفه، لذا يلزم اجتناب كلّ شعر أو نثر لا يتلاءم مع الدوافع والأهداف الواضحة التي صرّح بها الإمام عليه السلام في أقواله وكلماته. على سبيل المثال إنّ لسان الحال الذي يعتبر الإمام الحسين عليه السلامكان يتحرّك في ثورته بالإضطرار دون اختيار منه، أو أنّ الإمام عليه السلام وأصحابه استشهدوا من أجل التكفير عن عصاة هذه الأمّة ومذنبيها هو مخالف تماماً لما جاء في كلام الإمام الحسين عليه السلام لا سيّما في رسائله المشهورة[34]، حيث تحدّث فيها الإمام عليه السلام عن إصلاح أمور الأمّة، وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأمثال ذلك ممّا لا يتلاءم مع القول إنّ الهدف من ثورته هو تحصيل الشفاعة للمذنبين أو أنّ حركة الإمام عليه السلام كانت عن اضطرارٍ، وعليه فلا يصحّ طرح مثل هذه الأمور أو عرضها بعنوان لسان الحال.
3- التوافق مع مقام الإمام عليه السلام وثورته:
يلزم أن يكون لسان الحال منسجماً مع مقام الإمام عليه السلام وبقيّة أصحابه، وأن يكون بعيداً عن أيّ إفراط أو تفريط في هذا المجال. وعليه فلا يجوز أن يكون لسان الحال متنافياً مع علم الإمام عليه السلام وعصمته وعزّته وعزّة أصحابه, أو أن يكون متضمّناً لمعانٍ تحمل مفاهيم الغلوّ كما قد يُقال إنّ الإمام عليه السلام ليس من البشر أو أنّه في حدّ الإله، وما شابه ذلك من كلمات المدّاحين التي تحمل معاني الكفر, كما يعبّر بعضهم تقليداً لبعض الصوفيّين (الحسين هو إلهنا).
من المؤسف أنّ هذا النوع من لسان الحال الذي وقع في الإفراط أو التفريط كثير جدّاً، وهو يتناقض تماماً مع شخصيّة الإمام الحسين عليه السلام وسيرته. على سبيل المثال تصرّح بعض الأشعار بلسان الحال عن الإمام الحسين عليه السلام أنّه قال: أنا راضٍ عمّا حصل لزينب من الهوان حتّى أصبحت تُساق في الأزقّة والأسواق. إنّ ثورة الإمام الحسين عليه السلام تحمل معنى العزّة والإباء مضافاً إلى البعد العرفانيّ والتربويّ فيها، لقد كان الإمام عليه السلام قائداً مناهضاً للظلم والظالمين بكلّ عزّة وإباء، ولم يرض أبداً بالذّلّ والهوان لا لنفسه ولا لأحدٍ من المسلمين فضلاً عن عقيلة بني هاشم زينب الكبرى عليه السلام إنّ كلمات الإمام عليه السلام ومواقفه في كثير من الموارد كانت تعبّر عن العزّة والشرف والحرّيّة والإباء[35].
إنّ الذّلّ والهوان في نظر الإمام عليه السلام كان في التسليم لأمر يزيد والإستسلام أمامه، وأمّا الأسر الذي أصاب أهل البيت عليهم السلام ومنهم السيّدة زينب عليها السلام بسبب الدفاع عن الحقّ والدّين فهو عين العزّة والفخر والشرف.
هنا نذكر مثالاً من الأمثلة الكثيرة التي وقع التعبير فيها بلسان الحال بطريقة خاطئة وهو ما يرتبط بعليّ الأكبر ابن الإمام الحسين عليه السلام وهو أحد أبطال كربلاء الكبار، وأوّل شهيد من بني هاشم، ويوجد الكثير من الروايات التي تتحدّث عن شجاعته وشهامته وإيثاره وعشقه للشهادة في سبيل الله تعالى، إلّا أنّه وللأسف نجد بعض الأشعار التي قيلت فيه ممّا يحطّ من تلك الشخصيّة ويتسبّبُ ببعض النتائج السيّئة غير اللائقة به. تصوّر تلك الأشعار عليّاً الأكبر شابّاً يبلغ من العمر ثمانيَ عشرة سنةً، وهو يفتّش عن شريكة حياته ولكنّه لا يجدها فيصاب بالغمّ ويشعر والداه بالتقصير في حقّه من هذه الجهة، وقد كتبت بعض الأشعار في نسبة مثل هذا الكلام إلى الإمام الحسين عليه السلام ولو بعنوان لسان الحال لا ينسجم مع منطق الإمام عليه السلام ومقامه، وقد عبّر كثير من العلماء والباحثين عن الأسف والشكوى من أمثال هذه الأشعار فنرى مثلاً الشهيد المطهّريّ يقول: بالله عليكم انظروا إلى هذا الكلام الذي يتفوّه به أحياناً بعض العوامّ من النّاس فيقول: كنت أتمنّى أن أرى ولدي عريساً، فيأتي البعض وينسبه إلى الإمام الحسين عليه السلام في ظروف صعبةٍ جدّاً أيضاً بحيث إنّ الإمام عليه السلام لم يستطع أن يؤدّي صلاته بصورتها الطبيعيّة!![36].
إنّ هذه الأشعار تتنافى مع المصادر التاريخيّة المعتبرة, فضلاً عن أنّها لا تتناسب مع مقام الإمام عليه السلام ومقام عليّ الأكبر وبقيّة الأصحاب، وذلك باعتبار أنّ عمر عليّ الأكبر كان يبلغ أكثر من ثمانيَ عشرة سنة، وقد صرّح الشهيد القاضي الطباطبائيّ في تحقيقاته أنّ عمره كان في الثمانية والعشرين[37]، هذا مضافاً إلى أنّه كان متزوّجاً قبل واقعة عاشوراء.
4- عدم تحريف عاشوراء باسم لسان الحال:
لا ينبغي تحريف تاريخ عاشوراء وأهدافها ودوافعها تحت عنوان لسان الحال، ففي كثير من الأشعار حديث عن محاولة الإمام عليه السلام في يوم عاشوراء - الذي لم يستطع الإمام عليه السلام وأصحابه أن يؤدّوا فيه الصلاة بشكل عادي, بل أتوا بها بصورة صلاة الخوف في تلك الظروف - أن يعقد قران القاسم على ابنته فاطمة!! إنّ أمثال هذه الحكاية المطروحة بعنوان لسان الحال في النثر والشعر ليس له أيّ مستند تاريخيّ، وهو تحريف وكذب قطعاً. وقد صرّح بعض المحقّقين الإسلاميّين أنّ أوّل من نقل هذه القصّة هو الملّا حسين الكاشفيّ في كتابة (روضة الشهداء) على أنّها قضيّة واقعيّة يقيناً[38].
هذا بالإضافة إلى أنّ الإمام الحسين عليه السلام لم يكن لديه بنت تبلغ سنّ الزواج، وفي بعض الأشعار ورد أنّ فاطمة هذه كانت تعيش في المدينة المنوّرة تنتظر أخاها عليّاً الأكبر، ولم تذهب إلى كربلاء بل إنّ عليّاً طلب من أخته سكينة قلماً وورقاً ليخطّ لها رسالة.
ونجد أيضاً في الكثير من القصائد الشعريّة أنّ قتل الإمام الحسين عليه السلام وأسر زينب وشهادة عليّ الأكبر وما شابه ذلك كان من أجل الشفاعة للمذنبين من الأمّة، وفي بعضها ينقل قول الإمام عليه السلام أنّ كربلاء هي محلّ الفداء الذي سيقدّمه هو وأصحابه الإثنين والسبعين.
إنّ أمثال هذه الموارد كثيرة جدّاً في الأشعار, إلّا أنّها تناقض في الحقيقة منطق الإمام عليه السلام وفلسفة ثورته، باعتبار أنّ شهادة هؤلاء العظماء لو كانت من أجل التكفير عن ذنوب الأمّة وتحقيق الشفاعة لهم، فهذا يعني أنّ الإمام بثورته كان مروّجاً للمعاصي ومشجّعاً على ارتكاب الذنوب، والحال أنّ ثورة عاشوراء إنّما قامت من أجل الوقوف في وجه الظلم والفساد، وهذا ما صرّح به الإمام عليه السلام في بيان الهدف من نهضته.
للأسف إنّ الكثير من المواضيع التي تُطرح باسم لسان الحال مبتنية على أساس محرّف وكاذب، إلّا أنّ بعض المدّاحين وقرّاء العزاء يذكرونها اعتماداً على ما يسمعونه من الآخرين, أو ينقلونه من الكتب غير المعتبرة، فعندما تكون حكاية عرس القاسم وفداء الإمام الحسين عليه السلام من أجل المذنبين كاذبة ومجعولة, فكيف يمكننا أن نصوغ على أساسه شعراً أو نثراً نكتبه أو نلقيه على أسماع الناس؟.
من المؤسف جدّاً أنّ الإفتراء على أئمّة أهل البيت عليهم السلام بوساطة لسان الحال أصبح أكثر رواجاً من نسبة أمور كاذبة إلى أفراد من عامّة النّاس. إنّ إثبات هذا المدّعى يكفيه نظرة إلى بعض المجالس التي تقام باسم الإمام الحسين عليه السلام حيث نجد جرأة كبيرة في الإفتراء من أجل تقوية تلك المجالس وإنجاحها, بل إنّ بعض المتديّنين يشجّعون ذلك. وقد أشار العلّامة النراقيّ في حديثه عن مثل هذه القضايا بالقول: الحقيقة أنّ الشيطان اللعين وحيث إنّه كان في كلّ مكان ويأتي عن اليمين وعن الشمال والخلف والأمام، وكلّما كان أجر العمل أعظم كلّما كان سعيه لإفساده أكثر، نجد أنّ جماعة من قرّاء العزاء يأتون في مجالسهم بكلّ غثّ وسمين، ويرون لزوم التوسّل بكلّ ما يثير البكاء والحزن سواء كان صدقاً أو كذباً، وهذا ما يبطل عملهم ويحبط أجرهم, وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً، بينما هم يرتكبون بذلك المعصية ويتحمّلون الوزر[39].
سأل أحدهم آية الله الكلبايكانيّ:
أنا قارئ عزاء، ولكن لا معرفة لدي باللغة العربيّة، إلّا أنّ علاقتي بأبي عبد الله الحسين عليه السلام شديدة جدّاً، وأنا أقرأ المراثي بدون الإلتفات إلى صحّة ما أنقله أو خطئه، فهل يضرّ ذلك بصيامي في شهر رمضان؟
فكان الجواب على النحو التالي:
لا يجوز نسبة أمر إلى الإمام عليه السلام في الرثاء والتعزية ممّا هو مشكوك في صحّته، وهذا يوجب بطلان الصيام، نعم يصحّ نسبة ذلك إلى كتاب ينقل عنه[40].
وجاء في سؤال آخر حول هذه القضيّة:
إنّ بعض قرّاء العزاء ينقلون أشعاراً في شهر رمضان تحت عنوان لسان الحال ممّا يخالف الواقع فهل يوجب ذلك بطلان الصيام أم لا؟
فكان جوابه قدس سره: إنّ نقل الأشعار بلسان الحال في مورد المصائب والعزاء لا إشكال فيه ما دام يتلاءم مع الوقائع، وأمّا نقل القضايا التي لا أساس لها من الصحّة فهو أمر غير جائز، ولو نسب ذلك إلى الإمام المعصوم عليه السلام فإنّه يبطل الصيام[41].
5- القدرات اللازمة لعرض واقعة عاشوراء بلسان الحال:
إنّ طرح حادثة عاشوراء بلسان الحال ليس لكلّ أحد، فمن أراد إنشاد شعر أو كتابة نثرٍ في ذلك ينبغي أن يتمتّع بمعرفة واسعة في تاريخ عاشوراء وأبطالها، وكذا بالنسبة إلى الجبهة المقابلة من أعداء الإمام عليه السلام، مضافاً إلى القدرة على التحليل الصحيح لعاشوراء والقضايا المتعلّقة بها.
المساحة التي يستخدم فيها لسان الحال:
ذكرنا فيما سبق أنّ عرض واقعة عاشوراء بلسان الحال فنّ قائم بحدّ ذاته, إلّا أنّه في الوقت نفسه يمكن أن يكون له تأثير قوي في الوسائل الأدبيّة التي تصبّ في خدمة رسالة عاشوراء وبيان صورتها الحقيقيّة ووجهها الناصع.
ممّا لا شكّ فيه أنّ الوسائل الفنّيّة في عالمنا المعاصر لها تأثير كبير في تبليغ أيّة رسالة أو دعوة بين النّاس، فالفنّ هو أكثر الأدوات تأثيراً وأهمّها وأعمقها في بيان الوقائع والتاريخ الإسلاميّ. إنّ الوسائل الفنّيّة تستطيع أن تبيّن خطابات كثيرة وبلاغات عديدة في أقلّ مدّة زمنيّة بأبلغ لسان، فالدعوة الثابتة والخالدة هي التي تستفيد من تلك الأدوات بأكبر قدر ممكن، وهذا أحد وجوه الإعجاز القرآنيّ وخلوده، حيث كان يتمتّع بأبلغ بيان وأفصحه, وكذلك فإنّ سبب ثبات عاشوراء ورسوخها في أذهان النّاس وقلوبهم إنّما هو عرضها بوسائل فنّيّة قويّة وبليغة.
إنّ العناصر الفنّيّة الراقية الموجودة في نهضة عاشوراء والتي تحقّقت بإرادة الله تعالى على يدي الإمام الحسين عليه السلام متنوّعة وكثيرة جدّاً وكلّها يحتاج إلى تحليل ودراسة عميقة، وذلك مثل: الزمان والمكان - اختيار أفضل الأصحاب وأعظمهم - كيفيّة المسير إلى كربلاء - تسلسل الأحداث - خطب الإمام الحسين عليه السلام وكلمات أصحابه وأشعارهم المليئة بالفصاحة والبلاغة وغير ذلك..
نحن هنا وحيث إنّنا بصدد بيان العلاقة القائمة بين الوسائل الفنّيّة وبين لسان الحال، فإنّنا سنتعرّض بشكل مختصر إلى تلك الوسائل والعلاقة بينها وبين لسان الحال.
أ- الشعر:
يعدّ الشعر من أجمل الوسائل الأدبيّة وأكثرها جاذبيّة في بيان واقعة عاشوراء وتوضيح دروسها وعبرها، فبعد حادثة كربلاء أنشدت قصائد شعريّة كثيرة بلغات مختلفة لا سيّما العربيّة منها والفارسيّة، ولو أمكن جمع كلّ تلك الأشعار لظهرت بصورة عشرات الرسائل والكتب. وقد بيّن الشعراء المقتدرون في تلك القصائد الوجه الناصع لعاشوراء من عدّة جهات سواءٌ منها العاطفيّة والعرفانيّة والملحميّة وغيرها، كما أنّها كشفت القناع عن حقيقة أعداء عاشوراء من الأمويّين والعبّاسيّين وأتباعهم أمام الأمّة.
فيما مضى قام بهذه المسؤوليّة بشكل رائع شعراء من أمثال الكميت الأسديّ والحميريّ ودعبل الخزاعيّ وغيرهم، وهذا ما يظهر جليّاً في قصائد الكميت كما في الهاشميّات التي تعدّ من روائع الشعر الكبرى بحيث إنّ الكميت زلزل من خلالها أركان عرش الحكومة الأمويّة، وطالب فيها بحكومة العدل وفضح في طيّاتها جرائم الأمويّين ونشر من خلالها فضائل أهل البيت عليهم السلام بوساطة المدح والرثاء[42].
ومن الأعمال الأدبيّة العاشورائيّة العظيمة القصيدة المعروفة للسيّد إسماعيل الحميريّ (أمرر على جدث الحسين، فقل لأعظمه الزكيّة...)[43].
بعد تلك المرحلة استمرّ كبار الشعراء قرناً بعد آخر في بيان الأبعاد المختلفة لكربلاء, مثل البعد العاطفيّ والملحميّ والعرفانيّ بأعلى المستويات من خلال إنشاد القصائد الرائعة بمعانٍ بليغة جدّاً، مستفيدين في ذلك من كلمات الإمام الحسين عليه السلام ولسان حاله، وهذا ما انتشر واسعاً جدّاً في زماننا المعاصر، حيث عرضوا بلسان القال والحال مستلهمين من عاشوراء مفاهيم عالية مثل رفض الظلم والمطالبة بالعدل والتمسّك بالحقّ والعزّة والحرّيّة، وتطبيق الحقّ والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والشهادة في سبيل الله، ومظلوميّة أهل البيت عليهم السلام وحقّهم المغتصب.
على سبيل المثال تعدّ الفصول الاثنا عشر لمحتشم الكاشانيّ[44] من روائع الأدب العاشورائيّ بالّلغة الفارسيّة, وإن اقتصر في طرحه كربلاء بلسان القال والحال على البعد العاطفيّ والرثائيّ وحده.
وكذا عمان السامانيّ الذي سلّط الضوء على البعد العرفانيّ لعاشوراء, وإن تعرّض في بعض الموارد للبعد الملحميّ فيها حيث بيّن الوجه الرائع لأبطال كربلاء.
إنّ القصائد العاشورائيّة الرائعة كثيرة جدّاً، وقد جمعت في بعض الكتب أيضاً[45]، ويشكّل لسان الحال فيها جزءاً كبيراً وهامّاً منها. ومن أمثال ذلك أيضاً الأشعار المفصّلة لـ (فرا) تحت عنوان (عاشورا حماسه مكرّر) أي عاشوراء ملحمة متجدّدة، وكذلك الفصول الاثنا عشر للغرويّ الأصفهانيّ[46] والأشعار النيّرة للتبريزيّ[47] وإقبال اللّاهوريّ[48].
تحدّث الشاعر والمحدّث الكبير من أهل السنّة إقبال اللّاهوريّ عن الجانب الملحميّ من عاشوراء بصورة مفصّلة، وتعرّض موسّعاً في أشعاره إلى مفهوم الحرّيّة ورفض الظلم، وحثّ النّاس على أخذ العبر والدروس من المدرسة الحسينيّة[49]. وقد ذكر الأستاذ الشهيد المطهّريّ هذه الأشعار كنموذج على لسان الحال الذي يعكس الحقيقة والواقع من شخصيّة الإمام الحسين عليه السلام[50].
مضافاً إلى هذا الجانب يوجد شعراء استلهموا من خطب الإمام الحسين عليه السلام وشعاراته التي رفعها عالياً وقالوا فيها بلسان الحال العديد من القصائد التي تتناول البعد السياسيّ والإجتماعيّ من واقعة كربلاء, إلّا أنّه وللأسف هناك الكثير من الأشعار الضعيفة والتي لا أساس لها وهم كمّ ليس بقليل يصبّ في الحقيقة في الجهة المقابلة لأهداف عاشوراء، فبدلاً من التأكيد على شعارات مثل مقاومة الظلم والظالمين، ومواجهة الفساد والمفسدين نجدها تروّج لارتكاب المعاصي والإستهتار بالتكاليف الشرعيّة، وقد أشرنا سابقاً في طيّات البحث إلى طائفة من هذه الأشعار التحريفيّة.
ب- القصّة والمسرحيّة:
إنّ واقعة عاشوراء, وإن كانت أكبر من أن يحيط بها القصصيّون أو غيرهم من أصحاب الفنون, إلّا أنّ لكلّ من القصص المكتوبة والأفلام الممثّلة والمسرحيّات المعروضة تأثيره الخاصّ في تبليغ الرسالة العاشورائيّة وتجسيد العواطف والأحاسيس والملحمة الحسينيّة. إنّ كربلاء حادثة عظيمة يمكن أن يُكتب فيها آلاف المصنّفات من النثر الأدبيّ، فتصوير حركة الإمام الحسين عليه السلام من المدينة إلى مكّة، ومنها إلى كربلاء مادّة قيّمة جدّاً في يد الكتّاب والمصنّفين. ومن الواضح أنّ مؤلّف القصّة والتمثيليّة لن يكتفي هنا بنقل ما ورد في الروايات, بل سيستفيد من خصائص هؤلاء الأبطال وأحوالهم وسيرتهم، ومن خلال الخطب والحوارات ومسلكيّة الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه يمكن كتابة أجمل القصص وأكثر التمثيليّات جاذبيّة وتأثيراً من خلال عرض الخواطر الذهنيّة التي عاشها أولئك الأبطال المجاهدون والمضحّون.
من البديهيّ أنّه ينبغي لمن أراد الدخول في هذا الميدان أن يمتلك معرفة كافية عن أبطال هذه الواقعة من جهة خصالهم وسيرتهم الفرديّة والإجتماعيّة وعلاقاتهم بأقاربهم، وأن يكون لديه القدرة على التحليل الصحيح حول عاشوراء.
إنّ تأثير مثل هذه الأدوات الفنّيّة كبير جدّاً، ففي بعض الأحيان يمتدّ تأثير قصّة واحدة رائعة أو تمثيليّة ممتازة على كثير من النّاس ليوجد تغييراً وتحوّلاً جذريّاً فيهم. لذا ينبغي على الحوزات العلميّة والمراكز الثقافيّة والنظام الإسلاميّ أن يستفيد من هذه الوسائل الفنّيّة بشكل واسع، وأن يشجّع كتّاب القصص والمسرحيّات للتصنيف والإبداع في هذا المجال, بل ويمكننا الإستفادة من كثير من الأشخاص الذين لا يعادوننا وإن لم يكونوا معنا.
من المعروف لدى الجميع أنّ كتاب (بينوايان) يعدّ أثراً أدبيّاً رائعاً وخالداً، وهو كتاب يحتوي في قسمٍ كبيرٍ منه على الحروب الفرنسيّة بالرغم من أنّه ليس أكثر من قصّة وحكاية, إلّا أنّ المرء يجده حين مطالعته مليئاً بالوقائع التاريخيّة ويتضمّن جزءاً هامّاً من تاريخ فرنسا, ولكن بأسلوب أدبيّ واضح وجذّاب.
وإنّ واقعة كربلاء والمعركة التي دارت بين الإمام الحسين عليه السلام وبين يزيد تعدّ موضوعاً كاملاً ومادّة تامّة لإبداع مثل تلك القصص والحكايات.
ج- الفنون المسرحيّة:
إنّ حادثة عاشوراء وإن لم توجد من أجل التمثيل إلّا أنّها تحمل قابليّة كبيرة للعرض التمثيليّ والمسرحيّ، بل يمكن القول إنّ العناية الإلهيّة رسمت عاشوراء بأبهى الصور وأكملها قبل أن يتناولها أحد بالشرح والبيان والتحليل بالوسائل الفنّيّة والأدبيّة. يقول بعض الباحثين في هذا الشأن: عندما يقرأ المرء تاريخ عاشوراء يرى فيها استعداداً كبيراً لإبداع مثيل لها، فكما أنّ القرآن الكريم لم يوجد من أجل وقعه الموسيقيّ إلّا أنّه يتمتّع بهذه الصفة، كذلك واقعة عاشوراء على الرغم من أنّها لم توجد للتمثيل إلّا أنّ قابليّتها لذلك عظيمة جدّاً، ولعلّ لدى أبي عبد الله الحسين عليه السلام وجهة نظر في هذا الموضوع إلّا أنّ ظروف هذه الحادثة كأنّها تصرّح بأنّها وجدت من أجل أن تعرض في الواقع حيّة ومجسّدة[51].
تعدّ التعزية والتشبّه التمثيليّ بحادثة كربلاء من الوسائل الفنّيّة القديمة جدّاً، وقد لفتت أنظار العلماء والفقهاء إليها، فأيّدها بعض ورفضها آخرون، وإن كانوا في زماننا هذا لا يعارضون أصل التعزية والتمثيل العاشورائيّ, بل إنّ شكواهم من بعض الممارسات والشعارات التي تتناقض مع معارف الإسلام والثورة الحسينيّة.
نحن هنا، ومن أجل معرفة حدود الإستفادة من الفنون الإستعراضيّة والتمثيليّة بلسان الحال نشير إلى أركان هذه العروض الفنّيّة, فإنّ ذلك يعتبر مفيداً ومناسباً.
يعتمد كلّ نصّ تمثيليّ - سواء منه التاريخيّ وغير التاريخيّ - على ثلاثة عناصر رئيسيّة مضافاً إلى الهدف الذي دُوّن ذلك النصّ لأجله:
أ- الممثّلون: الذين ينفّذون النصّ التمثيليّ.
ب- العمل الذي يقوم به الممثّلون من أجل إظهار خصالهم وأمانيهم وتطلّعاتهم وأهدافهم، فإنّ الدور الذي يؤدّيه الممثّل يستطيع أن يجسّم أمام المشاهدين ما يمرّ على ذهنه ويخطر في باله ويتحرّك في داخله[52].
ج- الكلام والحوار الذي يقع أثناء التمثيل والعرض، وهذا له نتائج كثيرة وفوائد عديدة:
1- يوسّع الواقعة ويحرّك الأحداث.
2- يوضّح خصال وخصائص الممثّلين (سواءٌ المتكلّم منهم أو المخاطب بالكلام أو من يتكلّم عنه).
3- يبيّن العلاقات القائمة بين الممثّلين والروابط الموجودة بينهم.
4- يظهر الأفكار والعقائد التي يحملها الممثّلون.
5- يرسم ويصوّر الوقائع التي تقع في الخارج في أذهان المشاهدين تصويراً تامّاً.
6- يحدّد موقع الحادثة.
7- ويحدّد زمانها أيضاً.
8- يهيّئ مناخاً محدّداً لكلّ تمثيليّة, لأنّ كلّاً منها له أجواؤه الخاصّة به من الفرح أو الحزن أو غير ذلك، والحوار الذي يدور أثناء العرض هو المؤثّر الأكبر في تحقيق ذلك[53].
من الواضح أنّه لو أراد ممثّلو واقعة عاشوراء الوصول إلى عمق هذه الحادثة وما كان يرمي إليه أصحابها فإنّهم لن يقنعوا بما ورد في المنقولات التاريخيّة، بل سيستفيدون من القوّة الخياليّة لديهم من أجل تصوير حالات أصحاب الإمام الحسين عليه السلام وأفكارهم وأحوال أعدائهم وعقائدهم، فنحن نواجه في ثورة عاشوراء شخصيّات فاضلة رفيعة لا مثيل لها في التاريخ. إنّ بطل هذه الواقعة الكبرى في كربلاء هو الإمام الحسين عليه السلام الذي وقف معه أصحابه من أهل التضحية والإيثار للدفاع عن الدّين والقيم الإلهيّة بدون أن يخطر في بالهم خلال ذلك كلّه شيء غير رضا الله سبحانه حتّى تجاوزوا كلّ تلك العقبات والصعاب.
بعد كربلاء كان بطل هذه الحادثة السيّدة زينب الكبرى عليها السلام التي أوصلت رسالة دماء الشهداء إلى العالم كلّه وليس المسلمين فقط. من جهةٍ أخرى كان يقف في وجه هؤلاء أناس ليس لديهم غاية سوى الدّنيا والجاه والسلطة. إنّ في استطاعة الممثّلين تجسيد خصائص الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه خارجاً، وأيضاً خصال يزيد وابن زياد وأتباعهما وبيان أهداف كلّ من الطرفين من خلال المنقولات التاريخيّة ولسان الحال.
تعتبر الحركة في ساحة التمثيل الركن الثاني في أيّ عرض، ولها أهمّيّة خاصّة في إلقاء المفاهيم الدراماتيّة، وإظهار العروض التمثيليّة.
إنّ الأعمال الدراماتيّة هي الأعمال التي لها تأثير في ربط الوقائع المتلاحقة للقصّة، وفي إظهار خصائص الممثّلين وصفاتهم، وفي إيجاد الأجواء الملائمة للوقائع والأحداث، وبكلمة واحدة إنّ الأعمال الدراماتيّة هي التي تحقّق ما يلي: تهيئة الأجواء الملائمة، وتقوية الشخصيّات، وتفصيل النصّ التمثيليّ وتوسعته.
ومن الأعمال الفنّيّة في النصّ التمثيليّ إيجاد التنوّع في مسرح التمثيل للنجاة من الروتين وتوجّه المشاهدين إلى نقطة واحدة فقط.
إنّ واقعة عاشوراء تتمتّع بكلّ الخصائص التي ذكرناها حتّى الآن, ونجد لسان الحال له تأثيره الخاصّ فيها جميعاً, لأنّ توضيح وتفصيل كثير من الأمور والأعمال المذكورة آنفاً يعجز عنها لسان القال، على سبيل المثال ومن أجل إيجاد التنوّع يمكن الإستفادة من المزاح والضحك الذي حصل ليلة عاشوراء ونهارها لدى بعض الأصحاب لتصوير الحالات العاطفيّة والمعنويّة لأصحاب الإمام الحسين عليه السلام، وبذلك يمكننا الخروج من الروتين الذي قد يصيب العمل المسرحيّ والتمثيليّ.
ومن أجل توسعة النصّ التمثيليّ لواقعة عاشوراء يمكن طرح عدّة موضوعات مثل: حضور الأمّ ودورها في كربلاء، ودور المرأة والأطفال والفتية والفتيات فيها، بل الشيوخ والعجائز أيضاً، والرابطة بين الأصحاب وبين إمامهم، ونصرة أبي الفضل لأخيه الحسين عليه السلام وإيثاره له وتعاطفه معه وتضحياته أمامه. إنّ عرض مثل هذه الموضوعات المتوفّرة في حادثة كربلاء مع العبر والدروس المستفادة منها ضمن قوالب فنّيّة له أثر أكبر وأقوى وأشدّ وطأة في قلوب الناس وعقولهم.
النتيجة:
يتّضح ممّا سبق:
1- يعدّ لسان الحال من الوسائل التي استخدمها علماء الدّين عبر التاريخ حيث اعتبروها متوافقة مع الموازين الشرعيّة.
2- إنّ عرض واقعة عاشوراء بلسان الحال, وإن كان سائغاً, إلّا أنّه ليس مطلقاً ومن دون أيّة قيود وشروط، بل يجب اجتناب أيّة قضيّة تتنافى مع المباني الدينيّة والعقائديّة ومع مقام الإمام الحسين عليه السلام وبقيّة أصحابه.
3- بناءً على الشروط اللازمة لاستخدام لسان الحال فليس كلّ أحد يستطيع أن يتناول القضايا من خلاله، وإنّما يقدر على ذلك من كان لديه اطّلاع واسع على حادثة عاشوراء وسيرة الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه مضافاً إلى القدرة على التحليل الصحيح لنهضة الإمام عليه السلام وأهدافها.
4- إنّ أيّ مورد يفتقد فيه لسان الحال الشرائط اللازمة سيكون حراماً، ولو نسب للإمام المعصوم عليه السلام لكان مبطلاً للصيام أيضاً.
5- مع الالتفات إلى فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنّ التشجيع على نشر المعارف بوساطة لسان الحال بشرائطه يعدّ من المعروف، كما أنّ نشر لسان الحال الذي لا يلتزم بالموازين الشرعيّة يعتبر من المنكرات التي يجب النهي عنها ووقوف الجميع في وجهها لا سيّما علماء الدّين وفقهاؤه.
6- يجب الابتعاد عن المجالس التي يُقال فيها لسان الحال غير الملتزم وعدم الإصغاء إليها باعتبار أنّها من مجالس المعصية، فأيّ ذنب أكبر من نسبة أمر مشين أو فرية إلى الإمام المعصوم عليه السلام؟! فكما أنّ الكذب والتحريف والتوهين يعتبر حراماً لا سيّما بالنسبة إلى الإمام الحسين عليه السلام وأهل البيت عليهم السلام، كذلك فإنّ حضور تلك المجالس يعدّ حراماً.
7- إنّ دائرة استخدام لسان الحال واسعة جدّاً، وقد أشرنا إلى أنّ لسان الحال عامل مؤثّر جدّاً في كثير من الوسائل الفنّيّة والأدبيّة.
ونبقى على أمل باليوم الذي يستطيع فيه الكتّاب والباحثون والفنّانون نشر واقعة عاشوراء بكلّ دروسها وعبرها من خلال وسائلهم وأدواتهم الخاصّة بهم, لا سيّما الوسائل والأدوات الفنّيّة البليغة.
[1] الباحث محمّد صادق مزيناني, من كتاب: (نقش زنان در حماسه عاشوارء), (دور النساء في ملحمة عاشوراء).
[2] باعتبار أنّ لسان الحال أداة بيانيّة، وليس للفنّ مفهوم آخر غير هذا. راجع (هنر أز ديدكاه سيّد عليّ خامنئيّ).
[3] إبن طاووس, (الملهوف على قتلى الطفوف)، أو (آهي سوزان بر مزار شهيدان) ترجمة السيّد أحمد الفهريّ الزنجانيّ, ص 203 207.
[4] سعيد خوري الشرتونيّ اللبنانيّ، أقرب الموارد, ج2, ص1142.
[5] لغت نامه دهخدا, ج8, ص12644.
[6] رسائل ومسائل, ج1, ص245, تصحيح رضا أستادي.
[7] سورة الإسراء, الآية:44, وتفسير الأمثل, ج12, ص135.
[8] المحّدث النوريّ, لؤلؤ ومرجان, ص120.
[9] مستند الشيعة, ج2, ص109, والطبعة الحجريّة, ج10, ص256.
[10] هذه عقيدة موجودة منذ زمن طويل، وقد قام بعض المسلمين السذّج في صدر الإسلام في جعل بعض الروايات التي تحثّ على تلاوة القرآن وتتحدّث عن الأجر العظيم لذلك عندما رأوا إهمالاً لدى النّاس في تلاوته. وهذا ما نقل عن هؤلاء في كتاب (اللؤلؤ والمرجان) ص109.
[11] الملحمة الحسينيّة, ج1, ص84, المحدّث النوريّ, لؤلؤ ومرجان, ص174 175.
[12] الملّا أحمد النراقيّ, رسائل ومسائل, ج1, ص245.
[13] المصدر نفسه.
[14] رسائل ومسائل, ج1, ص246.
[15] لؤلؤ ومرجان, ص120.
[16] الشهيد المطهّريّ, مجموعة آثار, ج17, ص613.
[17] (نفثة المصدور فيما يتجدّد به حزن يوم العاشور) المحدّث القمّيّ, ص294.
[18] الشيخ عبّاس القمّيّ, منتهى الآمال, ج1, ص571.
[19] سورة الإسراء, الآية: 44, سورة النمل, الآية: 18, وقد ذكر السيّد المرتضى كلاماً دقيقاً في ذيل هذه الآية الشريفة (رسائل) الشريف المرتضى، بإشراف السيّد أحمد الحسينيّ والسيّد مهدي رجائيّ, ج1, ص355 356.
[20] سورة التوبة, الآية: 17.
[21] الشريف المرتضى, رسائل, ج1, ص356.
[22] السيّد المرتضى, الأمالي, ص352.
[23] راجع: تقسير الميزان, ج13, ص121 122, وتفسير الأمثل، ج12, ص139.
[24] المحدّث النوريّ, مستدرك الوسائل, ج7, ص203, ح 803 (نقلاً عن الشيخ أبي الفتوح الرازي, المصدر, ج1, ص267، موسوعة كلمات الإمام الحسين عليه السلام, ص762, والميرزا حسين النوريّ, لؤلؤ ومرجان, ص122).
[25] تفسير الأمثل, ج12, ص139.
[26] اللهوف على قتلى الطفوف, ص230, ترجمة عبّاس عزيزيّ, ص275.
[27] المصدر نفسه, ص230 233, ترجمة عبّاس عزيزي, ص275 279, وقد طبعت الترجمة مع المتن في هذا الكتاب.
[28] النراقي, مثنوي طاقديس, ص415.
[29] رسائل ومسائل, ج1, ص246 245.
[30] لؤلؤ ومرجان, ص119.
[31] المصدر نفسه, ص121.
[32] لؤلؤ ومرجان, ص119.
[33] نهج البلاغة, الخطبة221, ص253 254.
[34] بحار الأنوار, ج44, ص329.
[35] بحار الأنوار, ج44, ص381, و ج 45, ص9.
[36] الملحمة الحسينيّة, ج1, ص27 28.
[37] القاضي الطباطبائيّ, (تحقيق درباره أولين أربعين حضرت سيّد الشهداء) ص676.
[38] الميرزا حسين النوريّ, لؤلؤ ومرجان, ص184.
[39] النراقي, رسائل ومسائل, ج1, ص246.
[40] آية الله الكلبايكانيّ, مجمع المسائل, ج1, ص265.
[41] المصدر نفسه, ص266.
[42] العلّامة الأميني, الغدير, ج2, ص181, هاشميّات الكميت (البيت رقم 578).
[43] أبو الفرج الأصفهاني, الأغاني, ج7، ص240 -241.
[44] رضا معصومي, أشك شفق, ج1, ص256.
[45] المصدر نفسه, الفصل الخامس.
[46] المصدر نفسه, ص381.
[47] (كليات أشعار فارسي مولانا إقبال اللاهوري) مع مقدّمة أحمد سروش, ص74 75.
[48] نفس المصدر, ص342 345 376.
[49] المصدر السابق.
[50] الشهيد المطهّريّ, مجموعة آثار, ج17, ص613.
[51] الشهيد المطهّريّ, مجموعة آثار, ج17, ص368.
[52] إبراهيم مكي (شناخت عوامل نمايش), ص87.
[53] إبراهيم مكي (شناخت عوامل نمايش), ص105.