1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

النبي الأعظم محمد بن عبد الله

أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)

آبائه

زوجاته واولاده

الولادة والنشأة

حاله قبل البعثة

حاله بعد البعثة

حاله بعد الهجرة

شهادة النبي وآخر الأيام

التراث النبوي الشريف

معجزاته

قضايا عامة

الإمام علي بن أبي طالب

الولادة والنشأة

مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)

حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله

حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)

حياته في عهد الخلفاء الثلاثة

بيعته و ماجرى في حكمه

أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته

شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة

التراث العلوي الشريف

قضايا عامة

السيدة فاطمة الزهراء

الولادة والنشأة

مناقبها

شهادتها والأيام الأخيرة

التراث الفاطمي الشريف

قضايا عامة

الإمام الحسن بن علي المجتبى

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)

التراث الحسني الشريف

صلح الامام الحسن (عليه السّلام)

أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته

شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة

قضايا عامة

الإمام الحسين بن علي الشهيد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)

الأحداث ما قبل عاشوراء

استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء

الأحداث ما بعد عاشوراء

التراث الحسينيّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن الحسين السجّاد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)

شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)

التراث السجّاديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن علي الباقر

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)

شهادة الامام الباقر (عليه السلام)

التراث الباقريّ الشريف

قضايا عامة

الإمام جعفر بن محمد الصادق

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)

شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)

التراث الصادقيّ الشريف

قضايا عامة

الإمام موسى بن جعفر الكاظم

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)

شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)

التراث الكاظميّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن موسى الرّضا

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)

موقفه السياسي وولاية العهد

شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة

التراث الرضوي الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن علي الجواد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)

شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)

التراث الجواديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن محمد الهادي

الولادة والنشأة

مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)

شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)

التراث الهاديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام الحسن بن علي العسكري

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)

شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)

التراث العسكري الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن الحسن المهدي

الولادة والنشأة

خصائصه ومناقبه

الغيبة الصغرى

السفراء الاربعة

الغيبة الكبرى

علامات الظهور

تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى

مشاهدة الإمام المهدي (ع)

الدولة المهدوية

قضايا عامة

سيرة الرسول وآله : الإمام الحسين بن علي الشهيد : قضايا عامة :

حزن الموجودات على سيّد الشهداء عليه السلام دراسة وتحقيق

المؤلف:  معهد سيد الشهداء عليه السلام للمنبر الحسيني

المصدر:  نهضة عاشوراء

الجزء والصفحة:  ج1، ص111-153

7-8-2022

4934

تمهيد[1]:

تعدّ حادثة عاشوراء وشهادة الإمام الحسين عليه السلام فيها, من أهمّ الأحداث التي وقعت في تاريخ البشريّة كلّها. ويمكن تحليل عظمة هذه الحادثة من جهات عدّة، كالبحث في خلفيّاتها، وأسبابها، وكيفيّة حصول جزئيّات الأحداث فيها، وأخيراً آثارها والنتائج التي ترتّبت عليها. ومن المؤشّرات الدالّة على عظمة هذه الحادثة، وقوعُ بعض الأحداث التي في غالبيتها خارقة للعادة, بعد شهادة بَطل هذه الواقعة الإمام الحسين عليه السلام ، في سياق متّصل بتلك الواقعة العظيمة. وبعض هذه الوقائع التي تُنقل لها صلةٌ بأجزاء النظام الكونيّ كالشمس والقمر والنجوم والأرض. وبعضها له علاقة بالأنبياء والملائكة، وبعضها الآخر يختصّ بالجنّ والحيوانات، وبعضها مرتبط ببعض البشر. وسوف نحاول, في هذه المقالة, دراسةَ الروايات الواردة في كتب السنّة والشيعة، حول هذه الوقائع، وذلك في عشرة محاور تأتي تباعاً.

المقدّمة:

واقعة عاشوراء، من حيث الماهيّة والأهداف والآثار، من الوقائع الكبرى في تاريخ الإنسانيّة كلّها؛ وذلك لأنّ بطلها رجلٌ كالإمام الحسين عليه السلام ، قدّم نفسه قرباناً لحفظ آخر الأديان الإلهيّة وأكملها.

ومن الشواهد والمؤشّرات الدالّة على هذه العظمة الاستثنائيّة لثورة الإمام الحسين عليه السلام والفاجعة الأليمة لشهادة قائدها, ما ينقله المؤرّخون والمحدّثون عن بعض الأحداث الغريبة الخارقة للعادة التي تلت شهادته عليه السلام. ولا يحتاج العثور على هذه الروايات إلى الكثير من البحث والتقصّي في كتب السنّة والشيعة، بل يمكن التعرّف على بعض هذه الأحداث بنظرة عابرةٍ، ليكتشف المرء أنّ هذه الواقعة حادثة لا مثيل لها في تاريخ الإنسانيّة. ومن هنا، نرى أنّ هذه الأحداث, تستحقّ أن تُدرس ويُعاد النظر فيها مرّة بعد أخرى.

وكثرة هذه الروايات، وسخافة بعضها، وضعف أسناد بعضها الآخر- وعلى وجه الخصوص عندما نتحدّث عن المصادر غير الشيعيّة- أدّت إلى سوء الظنّ بهذه الروايات واتّخاذ موقفٍ سلبيّ منها. وقد افترض بعض الباحثين في هذه القضيّة أنّ ورود هذه الروايات بهذه الكثرة في المصادر غير الشيعيّة، يكشف عن رغبةٍ خفيّةٍ بإلهاء الناس عن الثورة الحسينيّة, وإشغالها بالخرافات التي حيكت حول الثورة، بدل التأمّل في الثورة وأهدافها وغاياتها. وخاصةً أنّ بعض هذه الروايات, يهدف إلى إعادة إحياء التقاليد الجاهليّة، بطريقة غير مباشرة. وذلك أنّ التراث العربيّ الجاهليّ يشتمل على الكثير من الروايات حول أحداثٍ غريبةٍ تلت موتَ بعض الوجهاء والأعيان من بعض القبائل العربيّة.[2]

ويردّ باحث آخر بعضَ هذه الروايات؛ لأنّ رواتها فيهم شيء من الميل إلى الأمويّين مثل ابن سعد؛ وذلك أنّ أكثر رواة بعض هذه الروايات من أهل الشام

أو البصــرة، ولــم يـرد في روايتهــم أيّ إدانـــةٍ ليــــزيــد أو غيره من قتلة الإمام الحسين عليه السلام.[3]  وفي المقابل يرى بعض المؤرّخين المتعصّبين من أهل السنّة، مثل ابن كثير الدمشقيّ، أنّ هذه الروايات من مخترعات الشيعة ومختلقاتهم. [4]

وتوجد مجموعة من النقاط لا بدّ من الالتفات إليها, في نقد الرؤية المشار إليها، وهي:

1- أنّنا نشارك صاحبَ هذه الرؤية موقفَه من ميل المؤرّخين الأمويّين وسعيهم إلى حجب الهدف الكامن وراء ثورة الإمام الحسين عليه السلام ، إلّا أنّ ذلك لا يعني بالضرورة إنكار بعض الأحداث الغريبة، بالاستناد إلى ذلك الميل، بل لا يمكن إنكار ما رُوِي أنّه وقع، إلّا بالتدقيق والنقد العلميّ والبحث التاريخيّ وغيره.

2- الروايات التي تنقل مثل هذه الوقائع العجيبة، ليست موجودة في مصادر أهل السنّة الروائيّة فحسب، بل نُلاحظ الكثيرَ منها في المصادر الشيعيّة الروائيّة، وهناك عدد كبير منها يُنقل عن الأئمّة المعصومين عليهم السلام.

3- إنّ بعض هذه الروايات لم يصل إلى حدّ معارضة البديهيّات العقليّة، والشواهد النقليّة. ثمّ إنّه نُقل ما هو أكثر منه غرابةً من خوارق العادات التي نُسِبت إلى الأنبياء والأئمّة عليهم السلام. ولا ينفي هذا كون بعض الروايات تستحقّ الإبعاد والاستبعاد؛ لأنّها بالقصص أشبهُ منها بالوقائع التاريخيّة التي يمكن تصديقها.

4- وعلى أيّ حال إنّ مثل هذه الروايات التي تتضمّن تلك الوقائع الغريبة، تشهد، بطريق مباشر أو غير مباشر، على صدق مسيرة الإمام الحسين عليه السلام وحقّانيتها، وبطلان ما يقابلها؛ أي الخطّ اليزيدي. ومن هنا، فإنّ كلّ من يطالع هذه الروايات بالتأمّل والتدبّر المطلوب سوف يستلهم منها العبر والدروس المناسبة.

وخاصّةً أنّ كثيراً منها يتضمّن الحديثَ عن البلاءات الدنيويّة التي ابتلِي بها قتلةُ الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه.

5- ثمّ إنّه لو افترضنا صحّة الدعوى القائلة إنّ المؤرّخين, من غير الشيعة وبخاصّةٍ رواة البصرة والشام، كانوا يهدفون من خلال التركيز على هذه الروايات، إلى طمس أهداف ثورة كربلاء، من خلال تسليط الضوء على بعض الوقائع الغريبة التي حصلت حولها وفي سياقها؛ إلّا أنّ صدق هذه الدعوى لا يدلّ, بأيّ وجه من الوجوه, على كذب تلك الروايات. ولنا في ما يحدث في عصرنا هذا من تصرّفات وسائل الإعلام العالميّة, شاهدٌ ودليلٌ، فإذا وجِدت رغبةٌ عند إمبراطوريّات الإعلام المعاصر بإخفاء حادثة والتغطية عليها، تعمد هذه الإمبراطوريّات إلى حادثة أخرى وتعطيها نصيباً أكبر من التغطية والتقارير الخبريّة، ولا تكون الحادثة الثانية بالضرورة غير صحيحة، بل كثيراً ما تكون صحيحةً. وبكلمةٍ موجزةٍ، إنّ السعيَ إلى لفت النظر إلى حادثة على حساب حادثةٍ أخرى، لا يدلّ بالضرورة على كذب الحادثة التي تنال ما لا تستحقّ من التغطية, على حساب منافستها الأخرى.

عود على بدء

والآن وبناءً على ما مرّ كلّه، ينبغي أن نمرّ على الروايات المتنوّعة المتعلّقة بالأحداث الغريبة التي حصلت بعد شهادة الحسين عليه السلام في سياق مرتبطٍ بنهضته المباركة. وسوف نحاول, في ما يأتي من هذه الدراسة, تصنيفَ هذه الروايات قبل دراستها وإبداء الرأي فيها. وتجدر الإشارة إلى أنّ موضوع بعض هذه الروايات, هو الكون وأجزاؤه الكبرى كالشمس، والنجوم، والرياح، والأمطار، والبحار، والجبال. وموضوع بعضها الآخر الجنّ والحيوانات. وموضوع طائفة ثالثة منها الأنبياء والملائكة. وتتحدّث بعض هذه الروايات عن العقوبات الدنيويّة التي أصابت قتلةَ شهداء كربلاء، وتبدّل ماهيّة الأشياء والأموال التي غُصِبت من الشهداء والأسرى. وبعضها يتحدّث عن جسم الإمام الحسين عليه السلام ، ورأسه، وقبره، وتربته المباركة. وعليه فسوف نبني هذه الدراسة على عشرة محاور كلّية، ونقدّم ما لدينا من تحليلٍ لبعض الروايات التي نستعرضها ونستشهد بها. ولا يخفى أنّ بعض الوقائع التي تخبر عنها هذه الروايات لا تقع في دائرة اطّلاع عامّة الناس؛

وذلك من قبيل الروايات التي تخبر عن بكاء الأنبياء والملائكة وما شابه. وبعض الوقائع ينبغي أن يكون في معرض اطّلاع الجميع مثل الكسوف والخسوف. وبعضها الآخر بين هذا وذاك، فربّما لا يراه إلّا من حصل له، مثل هبوب الرياح السوداء والحمراء، أو إصابة الرماد والدم بعض الأشخاص، أو تبدّل حقيقة بعض الأموال والأشياء التي نهِبت من الشهداء والأسرى، فمثل هذه الوقائع قد لا تحصل إلّا للشخص نفسه، أو لا تصيب إلّا أهل المناطق التي يغلب على أهلها العداء للإمام الحسين عليه السلام. والأمر نفسه يُقال على ما يرتبط, من هذه الروايات, برأس الإمام أو جسده الشريف عليه السلام, فليس بالضرورة أن يكون في معرض رؤية عامّة الناس.

الكسوف وظلمة السماء

من الوقائع الغريبة التي روِي أنّها حصلت بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء، الكسوف الذي أدّى, بحسب الروايات, إلى ظلمةٍ شديدةٍ في السماء سمحت للناس بمشاهدة النجوم[5]. وقد أدّى ظهور هذه الواقعة, مع بعض الأحداث الأخرى, إلى ظنّ الناس أنّ القيامة قد قامت[6]. ومضافاً إلى ذلك يروي بعض المحدّثين عن عددٍ كبير من المؤرّخين, اقتران الخسوف بالكسوف في الشام يوم عاشوراء[7]. وفي بعض الروايات أنّ النجوم تلاطمت واصطدم بعضُها ببعضِها الآخر[8]. وعلى أيّ حالٍ، وبغضّ النظر عن التفاصيل الواردة في هذا المجال، فإنّ المصادر الشيعيّة والسنيّة تتحدّث عن وقائع غريبة ترتبط بالسماء والشمس والنجوم، حصلت يوم عاشوراء[9].

وربّما لا يسع بعض الباحثين عند مواجهة هذه الروايات، إلّا أن يتذكّروا الرواية النبويّة الواردة في قضيّة الكسوف التي حصلت عند وفاة ابنه إبراهيم. حيث ينقل المحدّثون أنّه عندما توفّي إبراهيم ابن النبيّ صلى الله عليه واله وسلم من زوجته مارية القبطيّة، كُسِفت الشمس، فقال كثير من الناس: كُسِفت الشمس لفقد ابن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: "يا أيّها الناس إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإن انكسفتا أو واحدة منهما فصلّوا..." [10] وبناءً على هذه الرواية يسأل هؤلاء: كيف يمكن قبول الروايات التي تخبر عن كسوفٍ أو ظلمةٍ في السماء بعد واقعة عاشوراء وشهادة الإمام الحسين عليه السلام ؟

وفي الجواب نقول: إنّ ما ورد في الرواية النبويّة، هو نفي النبيّ وقوعَ الخسوف أو الكسوف لموت فردٍ، حتّى لو كان هذا الفرد ابن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، وما حصل في عاشوراء لم يكن موت شخص كما يموت سائر الناس، بل ما حدث هو فاجعة بل فجائع عدّة عظيمة بكلّ المقاييس في تاريخ البشريّة، وموت الإمام الحسين عليه السلام وهو ابن بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم هو الوجه الأكثر مرارةً فيها. ومثل هذه الوقائع لا يتأثّر لها المؤمنون من البشر فحسب، بل نظام الكون بأسره يشاركهم التأثّر بها, وليس فقط هذه الموارد العشرة التي نحن بصدد بيانها. وليس ذلك مستهجناً، فقد ورد أنّ موضع صلاة المرء ومحلّ نزول رزقه من السماء يبكي لموته، وسوف نذكر بعض الروايات الدالّة على هذا المعنى.

هبوب الرياح السوداء والحمراء، وهطول الدم والرماد من السماء

يروي ابن طاووس, في وصف ما حصل بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام ، فيقول: "فارتفعت في السماء في ذلك الوقت ريح حمراء لا تُرى فيها عينٌ ولا أثرٌ، حتّى ظنّ القوم أنّ العذاب قد جاءهم، فلبِثوا كذلك ساعةً ثمّ انجلت عنهم."[11]

ويبدو أنّ بين هبوب الرياح السوداء والحمراء وبين نزول الرماد تلازماً، تشير إليه بعض الروايات. وقد ورد هذا المعنى, في رواية صحيحة السند, رواها الشيخ الصدوق, عن الريّان بن شبيب, عن الإمام الرضا عليه السلام: "...لما قُتِل جدّي الحسين (صلوات ‌الله عليه) مطرت السماءُ دماً وتراباً أحمر."[12]

وفي رواية أخرى ينقلها الشيخ الصدوق، بسنده عن المفضل بن عمر، أنّ الإمام الحسن عليه السلام نظر إلى أخيه الحسين عليه السلام ، فبكى وعلّل بكاءه بقوله: "...ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجلٍ، يدّعون أنّهم من أمّة جدّنا محمّد صلى الله عليه واله وسلم ، وينتحلون دين الإسلام، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب ثقلك، فعندها تحلّ ببني أميّة اللعنة، وتمطر السماء رماداً ودماً، ويبكي عليك كلّ شيءٍ حتّى الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار."[13]

ويروي ميثم التمّار، بعضَ ما سمعه من أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، في روايةٍ مفصّلة نسبيّاً وردت فيها الإشارة إلى بعض القضايا الغريبة التي تلي استشهاد الإمام الحسين عليه السلام ، كالحديث عن نزول الرماد؛ ولأهميّتها نشير إلى بعض ما ورد فيها، وهذه الرواية وصلتنا عبر الشيخ الصدوق بسنده إلى جبلة المكيّة عن ميثم التمّار، وممّا جاء في الرواية: "والله لتقتلَنَّ هذه الأمّةُ ابنَ بنت نبيّها في المحرّم لعشر مضين منه، وليتخذنّ أعداء الله ذلك اليوم يوم بركةٍ، وإنّ ذلك لكائن، قد سبق في علم الله تعالى ذكره، أعلم ذلك بعهدٍ عهده إليّ مولاي أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، ولقد أخبرني أنّه يبكي عليه كلّ شيءٍ حتّى الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار، والطير في جوّ السماء، وتبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض، ومؤمنو الإنس والجنّ, وجميع ملائكة السماوات، ورضوان ومالك وحملة العرش، وتمطر السماء دماً ورماداً..."[14]  وقد ورد الحديث عن نزول التراب الأحمر من السماء عن ابن قولويه[15] ، كما ورد الأمر عينه في روايةٍ أخرى عن ابن عساكر.[16]  

كما أنّ الحديث عن نزول الدم من السماء بعد شهادة أبي عبد الله عليه السلام ، من أغرب الوقائع التي يُروى حدوثها. ولا مجال للشكّ في صدق هذه الواقعة لكثرة ما ورد الحديث عنها في كتب الشيعة والسنّة. ففي روايات عدّة أشرنا إلى بعضها آنفاً، كالرواية التي تنبــئ عـــن حــادثة كربلاء قبل وقوعها على لسان الإمام الحسن عليه السلام, وكذلك ما نقله ميثم التمّار عن أمير المؤمنين عليه السلام في مجال هذه الحادثة, فقد أُشيرَ فيهما إلى مطر السماء دماً ورماداً[17].

وفي روايةٍ عن الشيخ الطوسيّ عن عمّار بن أبي عمّار: "أمطرت السماء يوم قتِل الحسين عليه السلام دماً عبيطاً." [18] وفي بعض المصادر الروائيّة يُنقَل عن شخصٍ اسمه قرظه بن عبيد الله: "مطرت السماء يوماً نصف النهار على شملة بيضاء فنظرت فإذا هو دم، وذهبت الإبل إلى الوادي لتشرب فإذا هو دمٌ، وإذا هو اليوم الذي قتِل فيه الحسين عليه السلام." [19]  وفي رواية ينقلها ابن قولويه عن رجلٍ من أهل بيت المقدس، يقول فيها: "والله لقد عرفنا أهل بيت المقدس ونواحيها قتْلَ الحسين بن عليّ عليه السلام ، قلت: وكيف ذاك؟ قال: ما رفعنا حجراً ولا مدراً ولا صخراً، إلّا ورأينا تحتها دماً عبيطاً يغلي، واحمرّت الحيطان كالعلق، ومطرنا ثلاثة أيّام دماً عبيطاً..." [20] وعن حمّاد بن سلمة، أنّه قال: "مطر الناس لياليَ قُتِل الحسين عليه السلام دماً." [21] وفي رواية ينقلها الدولابيّ، عن إبراهيم النخعيّ، يقول: "لما قُتِل الحسين احمرّت السماء من أقطارها، ثمّ لم ‌نزل حتّى تفطّرت وقطرت دماً[22]. كما وينقل القاضي النعمان، عن امرأة اسمها أمّ سالم: "لما قُتِل الحسين بن عليّ عليه السلام مطرت السماء مطراً كالدم احمرّت منه البيوت والحيطان، فبلغ ذلك البصرة والكوفة والشام وخراسان, حتّى كنّا لا نشكّ أنّه سينزل العذاب"[23]. وفي رواية نضرة الأزديّة: "لمّا قتِل الحسين أمطرت السماء دماً وحبابنا وجرارنا صارت مملوءةً دماً"[24].

3- رؤية الدم في أماكن عدّة:

ومن الوقائع الغريبة التي رُوِي حصولها, بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام ، مشاهدة الدم في نقاط مختلفة من الأرض. وتنوّع الروايات الحاكية عن هذه الحادثة، وصحّة سند بعضها، يوجبان حصولَ الاطمئنان بصدقِ أصلِ وقوعها، ولو شككنا في بعض مصاديقها. ويمكن تقسيم الروايات المذكورة إلى مجموعات عدّة: فبعضها يتحدّث عن مشاهدة الدم تحت بعض الأحجار والصخور, في أكثر من محلّ. وبعضها يتحدّث عن مشاهدة مثل ذلك في الشام وبيت المقدس. وبعضها أشير فيه إلى تلوّن مياه الآبار والأنهار بلون الدم. ومنها ما يكشف عن احمرار بعض تراب كربلاء بلون الدم. وفي هذه الأخبار يُشار إلى شيءٍ من تراب كربلاء أودعه النبيّ صلى الله عليه واله وسلم أمَّ سلمة زوجته. وفي روايةٍ ما يدلّ على خروج الدم من بعض جدران دار الإمارة في الكوفة، عند دخولهم برأس الإمام الحسين عليه السلام إليه. وتخبر إحدى الروايات عن خروج الدم من شجرة أمّ معبد. وتوجد روايات أخرى غير ما أشرنا إليه, سوف نأتي على ذكرها تباعاً, في خلال تقويمنا لهذه الأخبار.

احمرار تراب كربلاء عند أمّ سلمة

وردت في عددٍ من المصادر الإماميّة وغير الإماميّة[25] روايةٌ عن أمّ سلمة، زوج النبيّ الأكرم صلى الله عليه واله وسلم ، تتحدّث عن قبضةٍ من تراب كربلاء تركها النبيّ صلى الله عليه واله وسلم عندها وديعةً، وهذه الرواية تستحقّ التأمّل والنظر فيها، وذلك بالنظر إلى تعدّد المصادر التي تنقلها، وبالنظر إلى شخصيّة أمّ سلمة بين نساء النبيّ صلى الله عليه واله وسلم. وممّن يروي هذه القضيّة ابن قولويه عن الإمام الصادق عليه السلام يقول: "نعى جبرائيل عليه السلام الحسينَ إلى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في بيت أمّ سلمة، فدخل عليه الحسين عليه السلام وجبرائيل عليه السلام عنده، فقال: إنّ هذا تقتله أمّتك، فقال: رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: أرِني التربة التي يسفك فيها دمه، فتناول جبرائيل عليه السلام قبضةً من تلك التربة، فإذا هي تربةٌ حمراء[26]. ثمّ أخبر النبيّ صلى الله عليه واله وسلم أمَّ سلمة الخبر، وأودع عندها تلك القبضة من التراب وقال لها: "اجعليها في زجاجة فليكن عندك، فإذا صارت دماً فقد قتِل الحسين عليه السلام. وبقيت تلك القبضة من التراب عند أمّ سلمة إلى زمان خروج الإمام الحسين عليه السلام من المدينة. ويُروى أنّها نصحته بعدم الخروج وذكّرته بنبوءة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، فقال لها إنّه سوف يُقتل سواء بقي في المدينة أم خرج إلى كربلاء. وفي رواية اليعقوبيّ أنّه لمّا حضر ذلك الوقت جعلت تنظر إلى القارورة في كلّ ساعةٍ، فلمّا رأتها قد صارت دماً صاحت: واحسيناه! وابن رسول الله! وتصارخت النسوة من كلّ ناحيةٍ، حتّى ارتفعت المدينة بالرجّة التي ما سُمِع بمثلها قطّ.[27] 

ب- ظهور الدم تحت الأحجار والصخور

ينقل ابن قولويه عن الإمام الصادق عليه السلام ، أنّ هشام بن عبد الملك قال للإمام الباقر عليه السلام: بم استدلّ الغائب عن المصر الذي قتِل فيه عليّ عليه السلام على قتله, وما العلامة فيه للناس؟ فإن علمت ذلك وأجبت، فأخبرني هل كانت تلك العلامة لغير عليّ؟

فقال عليه السلام: يا أميــر المؤمنــــين, إنّه لمّا كـــان تلك الليلة التي قتِل فيها أمير المؤمنين عليه السلام ، لم يُرفَع عن وجه الأرض حجر، إلّا وجِد تحته دمٌ عبيط حتّى طلع الفجر، وكذلك كانت الليلة التي قتِل فيها هارون أخو موسى عليه السلام ، وكذلك كانت الليلة التي قتِل فيها يوشع بن نون، وكذلك كانت الليلة التي رُفِع فيها عيسى بن مريم إلى السماء، وكذلك كانت الليلة التي قُتِل فيها شمعون بن حمون الصفا، وكذلك كانت الليلة التي قُتِل فيها عليّ بن أبي طالبٍ عليه السلام. قال: فتربّد وجه هشام حتّى انتقع لونُه وهمّ أن يبطش بأبي (الإمام الباقر عليه السلام )، فقال له أبي: يا أمير المؤمنين الواجب على العباد الطاعة لإمامهم والصدق بالنصيحة، وإنّ الذي دعاني إلى أن أجبت أمير المؤمنين في ما سألني عنه معرفتي إيّاه بما يجب له عليّ من الطاعة، فليحسن أمير المؤمنين عليّ الظنّ... ثمّ أذن له بالخروج فخرج. فقال له هشام عند خروجه: أعطني عهد الله وميثاقه أن لا توقع الحديث إلى أحدٍ حتّى أموت، فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه.[28]

وينقل ابن عساكر، فيقول: أرسل عبد الملك إلى ابن رأس الجالوت (من كبار علماء النصارى)، فقال: هل كان في قتل الحسين علامة؟ قال ابن رأس الجالوت: ما كُشِف حجر يومئذٍ إلّا وجِد تحته دمٌ عبيط[29]. ويروى المضمون نفسه في عددٍ من المصادر الأخرى الشيعيّة والسنيّة.[30]

وقد أشرنا في ما مرّ إلى أنّ بعض هذه الروايات التي تتحدّث عن هذه الظاهرة تخبر عن وقوعها في بيت المقدس. ومن ذلك رواية ينقلها الشيخ الصدوق عن فاطمة بنت عليّ عليه السلام ، تقول فيها: "...ولم يرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الأرض، إلّا وجِد تحته دمُ عبيط..." [31]

 ويروي ابن ‌قولويه عن رجلٍ من أهل بيت المقدس أنّه قال: والله لقد عرفنا أهل بيت المقدس ونواحيها, عشيّةَ قتل الحسين بن عليّ عليه السلام ، قلت: وكيف ذلك؟ قال: ما رفعنا حجراً ولا مدراً ولا صخراً، إلّا ورأينا تحتها دماً عبيطاً يغلي. [32]

ويرد المضمون عينه في رواية عن محمّد بن مسلم بن شهاب الزهريّ (من بلاط الأمويّين)؛ وذلك في جوابه عن سؤال عبد الملك بن مروان[33] ، وفي الرواية أنّ عبد الملك نهاه عن تحديث غيره بهذا الحديث! ثمّ إنّ الزهري نقل هذه الواقعة بعد موت عبد الملك[34].

وربّما يمكن القول إنّ ظهور مثل هذه الأمور في بلاد الشام وبيت المقدس، ناتج من كونها منطقة نفوذ بني أميّة وانتشار أعداء أهل البيت عليهم السلام. ولهذا كان ظهورها في هذه البلاد أكثر وأوضح من ظهورها في غيرها من البلاد.

ج- تحوّل مياه الآبار والأنهار إلى دم

أشرنا, في ما سبــق, إلـــى نــــزول الــــدم مـــن السماء, بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام. ومن الطبيعيّ, بناء على ما تقدّم, أن تتلوّن الأجسام التي ينزل عليها هذا المطر بلون الدم. وهناك روايات أخرى تدلّ على أنّ مياه الآبار والأنهار والبرك قد احمرّت, بعد شهادته، مع الإشارة إلى أنّ الروايات التي تتحدّث عن هذه الظاهرة, لا تشير إلى قضيّة المطر، أو إلى أنّ ذلك مسبّب عن ذلك المطر المشار إليه. ومن تلك الروايات رواية عن شخصٍ اسمه قرظة بن عبيد الله يقول فيها إنّ إبلَه وردت الوادي لتشرب يوم قتل الإمام الحسين عليه السلام فإذا ماؤه أحمر كالدم[35]. وعن عمرو بن زياد يقول: إنّهم وجدوا آبارهم مملوءةً دماً[36]. وعن النضرة الأزديّة[37]  من أهل البصرة[38] أنّها قالت: "لما قتِل الحسين أمطرت السماء دماً وحبابنا وجرارنا صارت مملؤة دماً"[39]. ويُروى ما هو قريب من هذا المضمون, عن رجلٍ اسمه عمّار بن أبي عمّار[40]. وفي بعض الروايات نقرأ: "أنّه يوم قتِل الحسين، أصبحوا من الغد وكلّ قِدرٍ لهم طبخوها صارت دماً، وكلّ إناءٍ لهم فيه ماء صار دماً"[41].

يفيد التأمّل في الروايات المشار إليها أنّ هذه الظاهرة حصلت في نقاطٍ خاصّة, دون غيرها. فرواية النضرة الأزديّة مثلاً تكشف عن وقوعها في منطقة البصرة. كانت البصرة موطناً لكثير من أعداء أهل البيت عليهم السلام. والروايات التي تدلّ على تبدّل الطعام والشراب في الأواني إلى دمٍ، يُستفاد منها أنّها أصابت من شارك في واقعة كربلاء فقط؛ وذلك أنّنا سوف نشير, لاحقاً, إلى بعض الروايات التي تدلّ على أنّ لحم الإبل التي سلبت من مخيّم الإمام الحسين عليه السلام قد تحوّلت, عند طبخها, إلى دمٍ، ولا يمكن القبول بأنّ جميع الناس وفي كلّ النواحي قد تبدل طعام وشراب آنيتهم إلى دم.

د- خروج الدم من شجرة أمّ معبد

أمّ ‌معبد الخزاعيّة، امرأة كانت تسكن هي وزوجها في الطريق بين مكّة والمدينة, فمرّ عليها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في أحدِ أسفاره هو, وجمعٌ من أصحابه، وقال (من القيلولة) في الخيمة حتّى أبرد، وكان يوماً قائظاً شديداً حرّه. فلمّا قام من رقدته دعا بماءٍ فغسل يديه فأنقاهما، ثمّ مضمض فاه ومجّه على عوسجة كانت إلى جانب خيمة أمّ معبد ثلاث مرّات، واستنشق ثلاثاً وغسل وجهه وذراعيه ثمّ مسح برأسه ورجليه، وقال: لهذه العوسجة شأن! فلمّا كان من الغد أصبح أهل

الحيّ وقد علت العوسجة حتّى صارت كأعظم دوحة عادية وأبهى، وخضد الله شوكها، وساخت عروقها وكثُرت أفنانها، واخضرّ ساقها وورقها، ثمّ أثمرت بعد ذلك وأينعت بثمرٍ كأعظم ما يكون من الكمأة في لون الوَرْس المسحوق، ورائحة العنبر، وطعم الشهد. وما أكل منها جائع، إلّا شبع ولا ظمآن إلّا روى...، ولا أكل من ورقها بعيرٌ ولا ناقة إلّا سمِنت ودرّ لبنها، ورأوا النماء والبركة في أموالهم منذ يوم نزل، فكانوا يسمّون تلك الشجرة بالشجرة "المباركة". ولم تزل كذلك، وقد أصبح الناس ذاتَ يومٍ وقد سقطت ثمارها، واصفرّ ورقها فأحزن أهلَ تلك الديار ذلك، وفرِقوا له، فما كان إلّا قليل حتّى أتى نعيُ رسولِ الله صلى الله عليه واله وسلم ، فإذا هو قد قُبِض ذلك اليوم، فكانت بعد ذلك تثمر ثمراً دون ما كانت تثمر في عهده في العِظَم والطعم والرائحة، فأقامت على ذلك ثلاثين سنةً، فلمّا كانت ذات يومٍ أصبحنا وإذا بها قد تشوّكت من أوّلها إلى آخرها.

فذهبت نضارة عيدانها وتساقط ثمرها، فما كان إلّا يسيراً، حتّى وافى مقتل أمير المؤمنين عليّ ابن أبي طالب عليه السلام ، فما أثمرت بعد ذلك. فأقامت على ذلك برهةً طويلةً ثمّ أصبحنا ذات يومٍ، فإذا بها قد انبعث من ساقها دم عبيط جارٍ وورقها ذابلة تقطر دماً كماء اللحم، فقلنا: أنْ قد حدث عظيمة، فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقّع الداهية، فلمّا أظلم الليل علينا سمعنا بكاءً وعويلاً من تحتها وجلبة شديدة ورجّةً، وسمعنا صوت باكية تقول:

أيا ابن النبيّ ويـــا ابــن الوصيّ       ويا من بقيّة ساداتنا الأكرمينا

ثمّ كثرت الرنّات والأصوات، فلم نفهم كثيراً ممّا كانوا يقولون، فأتانا بعد ذلك خبر قتل الحسين عليه السلام ، ويبست الشجرة وجفّت فكسرتها الرياح والأمطار بعد ذلك فذهبت واندرس أثرها[42].

قال عبد الله ‌بن ‌محمّد الأنصاري (أحد رواة الخبر): فلقيت دعبل بن عليّ الخزاعيّ بمدينة الرسول، فحدّثته بهذا الحديث فلم ينكره. وقال: حدّثني أبي عن جدّي عن أمّه سعيدة بنت مالك الخزاعيّة أنّها أدركت تلك الشجرة فأكلت من ثمرها، على عهد عليّ بن أبي طالب عليه السلام.[43]

هـ- خروج الدم من جدار قصر الإمارة في الكوفة

يروي ابن عساكر عن حاجب عبيد الله بن زياد، أنّه لما جيء برأس الحسين عليه السلام فوُضِع بين يديه، رأيت حيطان دار الإمارة تسايل دماً[44]. وتنقل بعض المصادر هذه الحادثة عن أيوب بن عبيد الله بن زياد[45]. ولا يبعد أن يكون شاهَدَ ما شاهَدَه البوّاب.

دراسة الروايات:

ليس ما استعرضناه من الروايات هو كلّ الموجود في المصادر الحديثيّة، بل يوجد غيره من الروايات وخاصّة في مصادر أهل السنة. وفي نظرة إجماليّة إلى هذه الروايات يبدو لنا أنّ من الصعوبة بمكانٍ التشكيك في أصل حدوث هذه الوقائع؛ وذلك بالنظر إلى كثرة الروايات التي تنقل هذه الحوادث، مضافاً إلى صحّة بعضها. وعليه لا شكّ في أنّ ظاهرة العثور على الدم, في بعض الأماكن، هي ظاهرة حقيقيّة حصلت بعد مقتل الإمام الحسين عليه السلام. هذا في أصل الحادثة، وأمّا الأخبار الضعيفة التي رواها بعض المجهولين، أو بعض الضعفاء وخاصّةً مثل الرواية التي تنقُل عن ابن عبيد الله بن زياد، خروجَ الدم من جدران دار الإمارة، أو رواية شجرة أمّ معبد التي ليس لها سندٌ معتبرٌ، أو مثل بعض الروايات التي تتحدّث عن تلوّن المياه في الآبار والأواني والأنهار؛ أمّا هذه الأخبار فإنّها رغم ضعفها يمكن تأييدها، بما ورد من أخبار صحيحة عن العثور على الدم تحت بعض الأحجار، وبكثرة هذه الروايات التي تتحدّث عن هذه الظاهرة في أماكن وحالاتٍ مختلفة. ويضاف إلى ذلك كلّه أنّ هذه الأخبار جميعاً حتّى الضعيف منها لا يخبر عن أمرٍ مستحيلٍ عقلاً، بل عن أمرٍ ممكنٍ في حدّ نفسه، وعلى أيّ حال، توصل هذه الأخبار مجتمعةً إلى اطمئنانٍ نسبيّ بحصول هذه الظاهرة. نعم نعترف أنّ كثيراً من هذه الروايات لا تكفي لإثبات هذا الأمر إذا جرّدناها من المؤيّدات والشواهد المشار إليها.

4-بكاء بعض أجزاء الكون

ورد في رواياتٍ عدّة أنّ السماء والأرض وغيرهما من أجزاء الكون بكت على الحسين عليه السلام بعد استشهاده. وكثرة الروايات التي تتضمّن هذه المعاني تحول دون الشكّ في صدورها وتحقّق مضمونها. ولكنّ المهمّ هو تحديد المعنى المراد من هذا البكاء في هذه الروايات. ولا يقتصر ورود هذا المعنى في روايات أهل البيت عليهم السلام ، بل ورد هذا المعنى في روايات أهل السنّة أيضاً.

وفي الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام يُشار عادةً إلى الآية 29 من سورة الدخان التي تتحدّث عن عدم بكاء السماء والأرض على هلاك فرعون وقومه، وهي قوله تعالى: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ﴾[46]. وتتحدّث هذه الطائفة من الروايات عن حالاتٍ أخرى بكت فيها السماء والأرض, عبر التاريخ, على بعض الأشخاص, كبكائهما على يحيى بن زكريّا عليه السلام ؛ ومن ذلك ما يرويه جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي (المحدّث الإماميّ المعروف)، في كتابه كامل الزيارات؛ حيث يعنون أحد أبواب كتابه بعنوان: "بكاء السماء والأرض على قتل الحسين ويحيى بن زكريّا عليه السلام "، ويروي فيه سبعاً وعشرين روايةً[47]. وفي بابٍ  آخر من أبواب كتابه يروي تسع روايات تحت عنوان: "بكاء جميع ما خلق الله على الحســـــين عليه السلام "، وفي ثالـــــث يــروي, تحـــت عنــوان: "بـــكاء المـــلائكــة علـــى الحسين عليه السلام " عشرين روايةً، وأخيراً يروي عشــر رواياتٍ في بابٍ بعنوان: "نَوْح الجنّ على الحسين عليه السلام ". [48]

وفي الرواية الثانية من الباب الثامن والعشرين، يروي بسنده عن إبراهيم النخعيّ: أنّ أمير المؤمنين عليه السلام خرج فجلس في المسجد واجتمع أصحابه حوله، وجاء الحسين عليه السلام حتّى قام بين يديه، فوضع يده على رأسه فقال: يا بنيّ إنّ الله عيّر أقواماً بالقرآن، فقال: ﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ﴾، وأيم الله ليقتُلُنَّك بعدي ثمّ تبكيك السماء والأرض. [49]

يُستفاد مــــن هـــــذه الرواية أنّ جميعَ ما في السماوات والأرض يبكي الإمام الحسين عليه السلام بعد استشهاده.[50] وقد ورد هذا المعنى بصورةٍ أوضح, في روايةٍ مفصّلةٍ عن الإمام الصادق عليه السلام يقول فيها مخاطباً زرارة: "يا زرارة إنّ السماء بكت على الحسين عليه السلام أربعين صباحاً بالدم، وإنّ الأرض بكت أربعين صباحاً بالسواد، وإنّ الشمس بكت أربعين صباحاً بالكسوف والحمرة، وإنّ الجبال تقطّعت وانتثرت, وإنّ البحار تفجّرت، وإنّ الملائكة بكت أربعين صباحاً على الحسين عليه السلام..." [51]

وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام يقول فيها: "إنّ أبا عبد الله عليه السلام لمّا مضى بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهنّ وما بينهنّ، وما يتقلّب في الجنّة والنّار من خلق ربّنا، وما يُرى ولا يُرى بكى على أبي عبد الله إلّا ثلاثة أشياء لم تبكِ عليه...، لم تبكِ عليه البصرة، ولا دمشق، ولا آل... [52]

وفي رواية عن أبي بصير عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "بكت الإنس والجنّ والطير والوحش على الحسين عليه السلام ، حتّى ذرفت دموعها".[53]

وعن الإمام الصادق في روايـــةٍ يقول فيها، بعد الإشــــارة إلــــى قولــه تعــالى: ﴿لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا﴾: "لم تبكِ السماء إلّا عليهما أربعين صباحاً. فقال الراوي: ما بكاؤها؟ قال: كانت تطلع حمراء وتغرب حمراء".[54]

وفي روايةٍ عن فاطمة بنت عليّ، تقول فيها: "وأبصر الناس الشمس على الحيطان حمراء كأنّها الملاحف المعصفرة، إلى أن خرج عليّ بن الحسين عليه السلام بالنسوة وردّ رأس الحسين إلى كربلاء". [55]

وفي روايةٍ عن الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام يقول فيها: "بأبي وأمّي المقتول بظهر الكوفة، والله كأنّي أنظر إلى الوحوش مادّة أعناقها إلى قبره من أنواع الوحش، يبكونه ويرثونه ليلاً حتّى الصباح، فإذا كان ذلك فإيّاكم والجفاء.[56]

 وفي الرواية المعروفة عن ابن شبيب عن الإمام الرضا عليه السلام يتحدّث فيها عن بكاء السماوات والأرضين السبع على الإمام الحسين عليه السلام.[57]

إذاً, وبناء على ما مرّ, لم يقتصر الحديث عن هذه الظاهرة على الإخبار عنها بعد وقوعها، بل في بعض الروايات حديث عنها قبل وقوعها، ففي روايةٍ أنّ الناس قالوا لأبي ذرّ عند نفيه إلى الربذة: "يا أبا ذرّ أبشر فهذا قليل في الله تعالى"! فقال: ما أيسر هذا! ولكن كيف أنتم إذا قتِل الحسين بن عليّ عليه السلام قتلاً؟ والله لا يكون في الإسلام, بعد قتل الخليفة, أعظم قتيلاً منه، وإنّ الله سيسلّ سيفه على هذه الأمّة لا يغمده أبداً... وإنّكم لو تعلمون ما يدخل على أهل البحار وسكّان الجبال في الغياض والآكام وأهل السماوات من قتله، لبكيتم والله حتّى تزهق أنفسكم..."[58]

 وفي روايةٍ أخرى مشابهةٍ في المضمون ينقل ميثم التمّار عن الإمام عليّ عليه السلام أنّه قال: "ولقد أخبرني أنّه يبكي عليه كلّ شيء حتّى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحر، والطير في السماء، ويبكي عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض، ومؤمنو الإنس والجنّ، وجميع ملائكة السماوات والأرضين، ورضوان ومالك وحملة العرش..."[59]

وفي مصادر أهل السنّة روايات مشابهة المضمون لهذه الروايات التي مرّت الإشارة إليها، ومن ذلك ما يرويه السيوطيّ، بعد إشارته إلى عجز القلب عن تحمّل تفاصيل ما حصل في كربلاء، يقول: "ولمّا قتِل الحسين مكثت الدنيا سبعة أيّام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة، والكواكب يضرب بعضها بعضاً. وكان قتله يوم عاشوراء، وكُسِفت الشمس ذلك اليوم واحمرّت آفاق السماء ستّة أشهر بعد قتله، ثمّ لا زالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك. ولم تر فيها قبله".[60]

وقد أشار عدد من الشعراء إلى هذه الظواهر في شعرهم، ومن ذلك، قول الشاعر العربيّ المعروف السيّد الحميريّ:

بَكـــــــتِ الأَرضُ فَقــــــدَه وَبَكَتْــــــــه             باحمِـــــرارٍ لــــــهُ نَـــــواحِـــــي السّـــــــــَماءِ           

بَكـــــتا فَقــــدَه أربعـــــينَ صَبــــاحاً                كُــــلَّ يَـــومٍ عنـــدَ الضُّحى والمســــــاءِ [61]  

وفي ما أنشده بعض الشعراء من غير الشيعة إشارة إلى هذا المعنى، كما في الشعر المنسوب إلى المعرّي، حيث يقول:

وعلى الدهرِ من دماءِ الشهيـــديــــنِ          علـــــــــــيٌّ ونجـــــلُـــــــه شــــاهــــــــدان

وهُـــما فــــــي أواخــرِ الليــلِ فجْـــرانِ             وفــــــي أوليـــــــــاته شفــــــــــــقــــــان[62]

ويقول سليمان بن قتّة العدويّ شعراً:

مـررت علــى أبــيات آل محمّــــــــــد                   فلــــم أر أمــــــــثالـــــــها يــــــوم حلّــــــت        

ألم تـر أنّ الشمس أضحت مريضةً                لفقـد الحســين والبلاد اقشعرّتِ[63]

دراسة الروايات السابقة

إنّ كثرةَ الروايات التي تتضمّن هذا المعنى، تمنع الباحث من التشكيك في أصل حدوث هذه الظاهرة بعد مقتل الحسين عليه السلام ، أضف إلى ذلك أنّ بعض هذه الروايات صحيحة السند بمقاييس علماء الحديث والرجال. ولكن لا بدّ من دراسة مضمون هذه الروايات والبحث فيها من جهاتٍ عدّة:

أوّلاً: إنّ مدّة بكاء الكائنات على الحسين عليه السلام بعد شهادته، تختلف من روايةٍ إلى أخرى. ففي بعض الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت عليهم السلام يُشار إلى البكاء دون تحديدِ وقتٍ له، وفي بعضها يُشار إلى سنة، وبعضها يتحدّث عن أربعين يوماً، وهذه الطائفة من الروايات هي الأكثر بين الروايات الواردة عن المعصومين عليهم السلام. وأمّا الروايات المنقولة عن أصحاب الأئمّة عليهم السلام فإنّ روايتي أبي ذرّ وميثم التمّار، لا تتضمّنان الإشارة إلى وقتٍ محدّد، ورواية فاطمة بنت عليّ تقيّد ذلك بخروج السبايا وإعادة رأس الحسين عليه السلام إلى كربلاء. وتتنوّع روايات أهل السنّة، بين: عدم التقييد بزمان، وبين التقييد بمدّة محدّدة تتراوح بين الأيّام، والشهر، والأربعين يوماً، وثلاثة أشهر، وتسعة أشهر والسنة.

ونقول, في تفسير الاختلاف في المدّة, إنّ هذه الظاهرة لا شكّ في كونها أوضح وأشدّ ظهوراً كلّما اقتربــــنا مـــن زمـــن الحادثة الأصل التي هي مقتل الإمام الحسين عليه السلام ، وبعض الحوادث كالكسوف والرياح الحمراء والسوداء، وإمطار السماء للدم والرماد, قد حصلت بعد القتل مباشرة. مثلاً في بعض الروايات حديثٌ عن احمرار الشمس في الأيّام الأولى من شهادته عليه السلام "كالعلقم"، وفي بعضها إشارة إلى تشبيهها بـ "وردة كالدّهان"، وفي بعضها بالملاحف المعصفرة؛ ولم تستمرّ هذه الظاهرة في الأيّام اللاحقة. فالسيوطيّ مثلاً يتحدّث عن سبعة أيّام، كانت الشمس فيها كالملاحف المعصفرة، ثمّ يتحدّث عن احمرار آفاق السماء ستّة أشهر بعد قتله عليه السلام ، وينتهي إلى أن هذه الحمرة بقيت ترى في السماء بعد ذلك. ولا بدّ من الالتفات إلى وجود فرق بين الحمرة في الأيّام السبعة الأولى, وفي الأشهر الستّة الأولى, وبين الحمرة بعد ذلك.

ثانياً: الأمر الآخر الذي يجدر بنا التوقّف عنده تجاه هذه الظاهرة الواردة في الروايات، هو بيان مصاديق الباكين على أبي عبد الله عليه السلام. وتكشف دقّة التعبير عن أنّ هذه الحادثة كان لها أثرها على مساحة الوجود كلّه. والتعبيرات الواردة في الروايات تتنوّع، على النحو الآتي: بكاء السماوات والأرضين السبع وما بينها، الشمس، النجوم، ما يُرى وما لا يُرى، الجنّة، النّار، أركان السماوات، البحار وسكّانها، السمك في أعماق البحار، الجبال، الغابات والصخور، الأشجار وأفنانها، ملائكة السماء والأرض، وحوش الفلوات، مؤمنو الإنس والجنّ، رضوان، مالك، حملة العرش، الكعبة، مقام إبراهيم، والمشعر الحرام.

وهذا الأمر عندما يُنسَب إلى الملائكة أو إلى الإنس أو الجنّ، لا يبدو مثيراً للتساؤل؛ ولكن عندما يُنسَب إلى الكائنات غير العاقلة، يطرح السؤال حول كيفيّة بكاء هذه الكائنات وهي لا تعقل ولا عاطفة لديها تدعوها إلى البكاء؟ فهل يُحمل ما ورد في هذه الروايات, على الاستعارة والكناية والتمثيل؟ أم يمكن تفسيرها بمعنى حقيقيّ؟

وبالنظر إلى صعوبة فهم كيفيّة بكاء الكائنات غير العاقلة، فقد قام بعضهم بتوجيهها بالقول إنّه: فُسِّر بكاء السماوات والأرض ببكاء أهلها. ويرى آخر أنّ البكاء المشار إليه هو تعبير كنائيّ (مجازي). وقال آخرون إنّ هذا التعبير هو تعبير أدبيّ كان رائجاً ومتعارفاً في ذلك الزمان, وهو موروث من الجاهليّة، حيث كانوا يستخدمون مثل هذه العبارات في رثاء أمواتهم.[64]

هذا ولكنّ قوله تعالى في القرآن الكريم: ﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إلّا يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ﴾[65] وقوله تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾[66] وغير ذلك من الآيات التي يتحدّث فيها سبحانه عن تسبيح الكائنات غير العاقلة له، كلّ ذلك يكشف عن أنّ هذه الكائنات تتوفّر على نوعٍ من الشعور، فلماذا لا يحدث فيها ما يدلّ على تأثّرهـــــا بشهـــادة مثل الحســـين عليه السلام ، نعم بكاء كلّ شيء بحسبه، كما أنّ تسبيح كلّ شيء بحسبه.

وبكاء هذه الكائنات في حالات خاصّة، كما دلّت الروايات على انحصار هذه الحالة بالبكاء على الحسين وعلى يحيى، يكشِف عن عظمة هاتين الشخصيّتين، مع الالتفات إلى أنّ ما ورد حول يحيى لا يتحدّث عن تأثر عالم الوجود الماديّ كلّه بقتله. وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض الروايات تتحدّث عن بكاء بعض الكائنات لموت المؤمن، ففي رواية عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال: "ما من مؤمنٍ إلّا وله في السماء بابان باب ينزل منه رزقه وباب يدخل منه كلامه وعمله، فإذا مات فقداه فبكيا عليه." [67]

5-بكاء الأنبياء والملائكة وعزاؤهم

وإذا كانت أجزاء عالم الوجود بأسرها قد بكت الإمام الحسين عليه السلام ، فليس غريباً أن يبكي على مصيبته العظيمة الأنبياء والملائكة ومؤمنو الجنّ. وهذا الأمر يُستفاد أيضاً من رواياتٍ كثيرةٍ وردت في المصادر الإماميّة كما في المصادر الإسلاميّة الأخرى. وهذا ما سوف نشير إليه في ما يأتي من دراستنا هذه. يروي ابن قولويه القمّي، بسنده إلى أبي بصير، أنّه قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام أحدّثه، فدخل عليه ابنه فقال له: مرحباً، وضمّه وقبّله، وقال: حقّر الله من حقّركم وانتقم ممّن وَتَرَكم، وخذَل الله من خذَلَكم ولعَن الله من قتلَكم، وكان الله وليّاً وحافظاً وناصراً، فقد طال بكاء النساء وبكاء الأنبياء والصدّيقين والشهداء وملائكة السماء. ثمّ بكى، وقال: يا أبا بصير إذا نظرْتُ إلى وُلد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أتى إلى أبيهم وإليهم...".[68]

ويـــروي ابن قولويه أيضاً عن الإمام الصادق عليه السلام حديثاً ورد فيــه: "وإنّ فــــاطمـــة عليها السلام إذا نظرت إليهم ومعها ألف نبيّ وألف صدّيق، وألف شهيد، ومن الكروبيّين ألف ألف يسعدونها على البكاء...".[69]

وتوجد روايات أخرى كثيرة تتضمّن الحديث عن بكاء الملائكة في مصادر عدّة[70]. وقد ورد هذا المعنى في خطبة للإمام السجّاد عليه السلام في مجلس يزيد، يقول فيها: "أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء..." [71] وكرّر المضمون نفسه في خطبة أخرى له عليه السلام عند دخول أسرى أهل البيت وسباياهم إلى المدينة: "أيّها القوم!... فأيّ رجالاتٍ منكم يسرّون بعد قتله، أم أيّ عينٍ تحبس دمعها وتضنّ عن انهمالها؟ فقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار والسماوات والأرض والأشجار والحيتان، والملائكة المقرّبون وأهل السماوات أجمعون"[72].

وفي رواية عن أبي حمزة الثماليّ عن أبي عبد الله الإمام الصادق عليه السلام: "لما قتِل جدّي الحسين عليه السلام ضجّت الملائكة إلى الله تعالى بالبكاء والنحيب، وقالوا إلهنا وسيّدنا أتغفل عمّن قتل صفوتك وابن صفوتك، وخيرتك من خلقك، فأوحى الله (عزَّ وجلّ) إليهم: قرّوا يا ملائكتي فوعزّتي وجلالي لأنتقمنّ منهم ولو بعد حينٍ..." [73].

كما يروي ابن قولويه رواياتٍ عدّة عن الإمامين الباقر والصادق عليه السلام ، يتحدّثان فيها عن جلوس الملائكة على قبر الحسين عليه السلام شعثاً غبراً، وعن أنّهم يستغفرون لزوّاره ويدعون لهم[74]. وفي إحدى الروايات عن صفوان الجمّال عن الإمام الصادق عليه السلام ، يقول صفوان: سألته في طريق المدينة ونحن نريد مكّة، فقلت: يا ابن رسول الله ما لي أراك كئيباً حزيناً منكسراً؟ فقال: لو تسمع ما أسمع لشغلك عن مسألتي. قلت: فما الذي تسمع؟ قال: ابتهال الملائكة إلى الله (عزَّ وجلّ) على قتلة أمير المؤمنين وقتلة الحسين عليه السلام ، ونَوْح الجنّ وبكاء الملائكة الذين حوله وشدّة جزعهم، فمن يتهنّأ مع هذا بطعامٍ أو بشرابٍ أو نومٍ...". [75]

6-بكاء مؤمني الجنّ وحزنهم

ورد في عددٍ من الروايات أنّ مؤمني الجنّ شاركوا بقيّة الموجودات في عالم الوجود الحزن على الإمام الحسين عليه السلام ، وما زالوا يفعلون. ويُستفاد هذا المعنى من قول الإمام الصادق عليه السلام في رواية سبقت منّا الإشارة إليها، حين يقول: "جميع ما خلق الله"؛ فإنّ هذه العبارة تشمل الجنّ وتنطبق عليهم[76]. وفي رواية أبي بصير عن الإمـــام الــــباقر عليه السلام: "بكت الإنس والجنّ والطير والوحش على الحسين بن عليّ عليه السلام حتّى ذرفت دموعها"[77]

وفي رواياتٍ غير هاتين الروايتين، ورد عن بعـــض الناس أنّ الجنّ يبكون الحسين عليه السلام وينوحون عليه، وممّن ذكر ذلك أمّ سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، التي قالت مرّة: "ما سمعت نوح الجنّ منذ قبض اللهُ نبيَّه إلّا الليلة، ولا أراني إلّا وقد أُصِبت بابني الحسين، قالت: وجاءت الجنيّة منهم وهي تقول:

أيــا عينيَّ فانهمـــــــلا بجهــــــدِ               فمـــن يبــكي علـــى الشهـداء بعدي            

علـى رهــطٍ تقـودهم المنـايا              إلى متجـــبّر مـن نسـل عبـــدِ[78]          

ويعقد ابن قولويه فصلاً في كتابه "كامل الزيارات" تحت عنوان: "نوح الجنّ على الحسين"، يروي فيه عشر روايات، منها هذه الرواية السابقة التي ينقلها عن أمّ سلمة. وفي المصادر التاريخيّة والحديثيّة السنيّة نماذج من هذا النمط من الروايات، ومن ذلك رواية أبي جناب الكلبيّ، الذي يقول: "ثمّ أتيت كربلاء، فقلت لرجلٍ من أشراف العرب بها: بلغني أنّكم تسمعون نوح الجنّ، فقال: ما تلقى أحداً، إلّا أخبرك أنّه قد سمع ذلك، قلت: فأخبرني ما سمعت أنت. قال: سمعتهم يقولون:

مســــحَ الرســــولُ جبـــــيــــنَــــــهُ         فـــــلــه بريـــقٌ فــــي الخــــــــــدودْ             

أبــواه مـــــن عُلـــــــــيا قريـــــش          وجـــــــــــدّه خيـــر الجـــــــدودْ[79]

ويروي بعض الأشخاص أنّهم سمعوا هاتفاً يهتف بعد شهادة الحسين عليه السلام ، في بعض المناطق ويقول شعراً في رثائه عليه السلام ، ويذكر رواة هذه الوقائع أنّهم لم يعرفوا مصدر الصوت، وربّما يكون صاحب الصوت من الجنّ أو من الملائكة. ومن ذلك ما يرويه ابن قولويه عن رجلٍ من أهل بيت المقدس يقول: "والله لقد عرفنا أهل بيت المقدس ونواحيها عشيّة قتل الحسين بن عليّ  عليه السلام ..." إلى أن يقول: "وسمعنا منادياً ينادي في جوف الليل، يقول:

أترجــــو أمّــــةٌ قتــــلت حسيــنا         شفــــــــاعـــةَ جــدّه يـــــوم الحســـــاب

مــعاذ اللـــه لا نلـــــتم يقيــــــناً          شفاعــــةَ أحمـــدٍ وأبــــــــي تــــــــــراب           

قتلـتم خيـر مـن ركــب المطايا         وخيــــر الشيــــــــب طراً والشباب[80]           

بكاء الحيوانات وحزنها

أشرنا سابقاً إلى رواية الحارث بن الأعور عن أمير المؤمنين عليه السلام حول بكاء وحوش الفلوات والحيوانات؛ لشهادة أبي عبد الله عليه السلام. وتوجد روايات أخرى غير هذه الروايات تتضمّن المعنى نفسه، بل فيها إنّ هذه المخلوقات تبقى في حالة حزنٍ دائم ومستمرّ. ومن ذلك رواية السكونيّ عن الإمام الصادق عليه السلام ، والمنقولة في المصادر الشيعيّة المعتبرة: قال: "اتّخذوا الحمام الراعبيّة في بيوتكم، فإنّها تلعن قتلة الحسين بن عليّ  عليه السلام ، ولعن الله قاتله".[81]

وفي رواية مشابهةٍ عن داود بن فرقد يقول فيها: "كنت جالساً في بيت أبي عبد

الله عليه السلام فنظرت إلى الحمام الراعبيّ يقرقر طويلاً. فنظر إليّ أبو عبد الله عليه السلام ، فقال: يا داود أتدري ما يقول هذا الطير؟ قلت: لا والله جعلت فداك، قال: تدعو على قتلة الحسين بن عليّ  عليه السلام  فاتّخذوه في منازلكم".[82]

والأغرب من ذلك هو ما ينقل في البوم. فقد روى ابن قولويه بسنده عن الحسين بن أبي غندر، أنّ الإمام الصادق عليه السلام سأل أصحابه عن البومة، فقال: "هل أحد منكم رآها بالنهار؟ قيل له: لا تكاد تظهر بالنهار ولا تظهر إلّا ليلاً، قال: أمَا أنّها لم تزل تأوي العمران أبداً، فلمّا أن قتِل الحسين عليه السلام آلت على نفسها أن لا تأوي العمران أبداً، ولا تأوي إلّا الخراب، فلا تزال نهارها صائمةً حزينةً حتّى يجنّها الليل، فإذا جنّها الليل فلا تزال ترنّ على الحسين عليه السلام حتّى تصبح".[83]

وفي رواية أخرى عن ابن قولويه بسندٍ إلى عليّ بن صاعد البربريّ (القيّم على قبر الإمام الرضا عليه السلام ) قال حدّثني أبي، قال: دخلت على الرضا عليه السلام ، فقال لي: ترى هذه البوم ما يقول الناس؟ قال: قلت جعلت فداك جئنا نسألك، قال فقال: هذه البومة كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم تأوي المنازل والقصور والدور، وتسقي وترجع إلى مكانها، فلمّا قُتِل الحسين عليه السلام خرجت من العمران إلى الخراب والجبال والبراري، وقالت: بئس الأمّة أنتم، قتلتم ابنَ بنت نبيّكم، ولا آمنكم على نفسي."[84]

تبدُّلُ الأشياءِ التي نُهِبت من حرم الإمام الحسين‌ عليه السلام وعياله بعد شهادته

تتحدّث بعض الروايات عن تبدّل الأموال والأشياء التي نهبت من مخيم الإمام الحسين عليه السلام بعد شهادته، إلى أشياء لا قيمة لها لمن نهبها، وفي ذلك لفتٌ لهم إلى فظاعة ما أقدموا عليه. وبعض هذه الأخبار وردت في المصادر الشيعيّة إلّا أنّ كثيراً منها، بل الأكثر ورد في المصادر السنيّة مثل تاريخ دمشق وغيرها. وربّما يحلو لبعض الناس تكرار الكلام الذي تقدّم آنفاً، حول كون الهدف من هذه الروايات لفت أنظار الناس عن حقيقة واقعة كربلاء وإشغالهم بمثل هذه الغرائب والعجائب، ما يدعو إلى الشكّ في كلّ ما ورد عن هذا النوع من الأحداث. وقد تقدّم الجواب عن هذا الاحتمال، وأنّ هذه النظرية في تفسير ورود هذا النوع من الروايات لا يمكن قبولها، والصحيح أن نقول: إنّ هذه الوقائع الخارقة للعادة والتي توضع في خانة العجائب وغرائب الحوادث، لم تترك مجالاً لكتمانها حتّى لمن هو مخالف للإمام الحسين وأهل البيت عامةً عليهم السلام ؛ خصوصاً وأنّ هذه الحوادث كانت بمنزلة الوعيد والإنذار بالعقاب المترتّب على هذه الجريمة, وقد حلت في المناطق التي يقطنها المخالفون لأهل البيت عليهم السلام وظهرت في تلك الأمكنة أكثر من غيرها, وبالتالي فمن الطبيعيّ أن يروي مثل هذه الوقائع أشخاص مثل ابن عساكر وغيره ممّن حاول جمع مثل هذه الوقائع والشهادات. وعلى أيّ حال، سوف نستعرض بعض هذه الروايات، ونحاول تحليل دلالتها ودراستها.

الغنائم المشتعلة ناراً

تفيد بعض الروايـــات الــواردة حول الغنائم التي نهِبت من مخيّم الإمام الحسين عليه السلام ، أنّها تحوّلت إلى شعلةٍ من النّار, حين أراد من وصلت إلى أيديهم, الاستفادة منها. ومن هذه الروايات ما يرويه يزيد بن هارون عن أمّه عن جدّته، أنّها قالت:

"إنّنا أوتينا بلحمِ جزور من إبل الحسين بن عليّ عليه السلام ، فوضعته تحت سريري، وذهبت أنظر فإذا هو يتوقّد ناراً." [85]

ويروي الطبرانيّ، عن أبي حميد الطحّان، قال:

"كنت في خزاعة، فجاؤوا بشيء من ترِكة الحسين، فقيل لهم ننحر أو نبيع، فنقسم؟ قال: فجلس على جفنة, فلمّا وضعت فارت ناراً."[86]

وتوجد غير هاتين الروايتين, روايات أُخَر تشتمل على مضامين مشابهة، يجدها المتتبّع في مصادر السنّة والشيعة[87]

ب- مرارة لحم الأبل وتحوّلها إلى دم

ورد في الروايات المنقولة في المصادر الشيعيّة والسنيّة، أنّ بعض الناس أغاروا على مخيّم الإمام الحسين عليه السلام بعد استشهاده، وممّا نهبوه في هذه الغارات الإبل، ثمّ إنّهم بعد نحْر هذه الإبل وطبْخها صارت مرّة الطعم كالعلقم, على حدّ تعبير بعض الأخبار[88] وفي رواية أخرى أنّ الجمل الذي حمِل عليه رأس الإمام عليه السلام صار طعمه أمرّ من الصبر[89].

ويروي الهيثميّ في مجمع الزوائد، عن أحد المقاتلين في كربلاء: "لمّا قتل الحسين انهبت جزوراً من عسكره، فلمّا طُبِخت فإذا هي دم".[90]

ج- تبدّل الدراهم والدنانير والذهب إلى حجر ونحاس

ويروي ابن شهر آشوب فيقول: وفي أثر عن ابن عبّاس أنّ أمّ كلثوم قالت لحاجب ابن زياد: ويلك هذا الألف درهم خذها إليك واجعل رأس الحسين أمامنا على الجمال... ليشتغل الناس بنظرهم إلى رأس الحسين عنّا. فأخذ الألف وقدّم الرأس فلمّا كان الغد أخرج الدراهم، وقد جعلها الله حجارةً سوداً على أحد جانبيها: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾[91] وعلى الجـــانب الآخر: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾[92].

وأمّا ابن نما، فيروي عن بعض مشايخ طيّ أنّ شمر ابن ذي الجوشن وجد في رحل الحسين عليه السلام ذهباً فدفع بعضه إلى ابنته، فدفعه إلى صائغ يصوغ منه حليّاً، فلمّا أدخله النّار صار نحاساً، وقيل ناراً. [93]

د- مصير الوَرْس والزعفران المنهوب

ورد في عددٍ من الروايات أنّ الزعفران أو الوَرْس وغيره من المواد أو النباتات المطيّبة التي نهِبت من معسكر الحسين عليه السلام وحرمه، لم يهنأ ناهبوها بها، بل تحوّلت إلى رمادٍ أو دمٍ، وأنّ الذين أكلوا منها أو استعملوها أصابهم البرص، وكان يحرقهم من شدّة الإحساس بحرارته. ومن ذلك ما يروى عن ابن الحاشر، قال: كان عندنا رجل خرج على الحسين ثمّ جاء بجمل وزعفران، فكلّما دقّوا الزعفران صار ناراً، فلطخت امرأته على يديها فصارت برصا[94]. وفي رواياتٍ أخر أنّ الوَرْس المنهوب من حرم الإمام الحسين عليه السلام ، صار رماداً.[95]

العقوبات الدنيويّة العجيبة التي حلّت بجُناة كربلاء

وردت روايات عدّة في المصادر الشيعيّة والسنيّة، تحكي عن نزول عقوباتٍ دنيويّة عجيبة، بحقّ قتلة الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء. وما يدعونا إلى تصديق مثل هذه الأمور العجيبة, هو كثرة هذه الروايات، وتماميّة أسانيد عددٍ منها من جهة، وانسجام مضمونها مع السنن الإلهيّة (المستفادة من الآيات والروايات) من جهة أخرى، فهذا بمجموعه يجعلنا نقبل مثل هذه الظواهر. ولا يضرّ هذه الروايات ضعفُ سندِ بعضِها، ولا غرابة مضمون بعضها الآخر والذي سنتجنب نقله ها هنا. وسوف نتابع, باختصار وقدر الإمكان, نقل الأخبار التي تكون بالكامل من نوع العقوبات, وذلك ضمن طوائف:

الإصابة بأمراض غريبة, ونقص بعض الأعضاء, وتغيّر ملامح الوجه

تدلّ بعض الروايات المعتبرة على أنّ كلّ من كان في معسكر يزيد ضدّ الإمام الحسين عليه السلام ، أصيب بالجنون أو الجذام أو البرص, وغير ذلك من الأمراض التي تذكر في هذه الروايات[96]. ومن هذه الروايات ما ورد حول جنون جابر بن زيد الأزديّ الذي سلب عمامة الإمام الحسين عليه السلام[97] .وقد مرّ, في ما سبق من هذه المقـــالة, أنّ بعض من استخدم الوَرْس والزعفران المنهوب من حرم الإمام الحسين عليه السلام ، أصيب بالبرص. ومن ذلك أيضاً ما ورد عن إصابة من نهب ملابس الإمام عليه السلام بالبرص وتغيّر ملامح وجهه وسقوط شعره.[98]

وورد أيضـــاً أنّ يـــدي أبجـــر بـــن كعـــب الــذي سلب بعض ملابس الإمام الحسين عليه السلام ، كانتا في الشتاء تنضحان الماء وفي الصيف تيبسان كأنّهما عودان، وفي رواية أخرى: كانت يداه تقطران في الشتاء دماً.[99]

كما ورد أيضاً أنّ بعض من شارك في منع الماء عن حرم الإمام الحسين عليه السلام ، أو أظهر الشماتة بالإمام عليه السلام ، أصابته دعوة الإمام بمرض الاستسقاء (العطش). ومن ذلك أنّ رجلاً من عسكر عمر ابن سعد قال للإمام عليه السلام: "يا حسين! لن تذوق من الفرات قطرةً حتّى تموت، أو تنزل على حكم الأمير." فقال له الإمام عليه السلام: "اللهم اقتله عطشاً، ولا تغفر له أبداً"، فغلب عليه العطش، فكان يعبّ المياه، ويقول: واعطشاه، حتّى تقطّع.[100]

وفي روايةٍ أنّه لمّا رماه الدارميّ بسهم، فأصاب حنكه جعل يتلقّى الدم ثمّ يقول: هكذا إلى السماء، فكان هذا الدارميّ يصيح من الحرّ في بطنه والبرد في ظهره، بين يديه المراوح والثلج، وخلفه الكانون والنّار، وهو يقول: اسقوني! فيشرب العس ثمّ يقول: اسقوني أهلكني العطش! حتّى انقدّ بطنه[101]

وقد أصيب بعض هؤلاء بنقص عضوٍ أو قطعه. مثلاً: يروي ابن عساكر في تاريخ دمشق: جاء رجل يبشّر الناس بقتل الحسين، فرأيته أعمى يُقاد[102] وسوف نعرض لاحقاً لرواية عبد الله بن رباح القاضي التي تدلّ على أنّ شخصاً آخر ممّن شارك في قتل الإمام الحسين عليه السلام ، أُصيب بالعمى. ويُروى أنّ سنان بن أنس افتخر بين يدي الحجّاج، ووصف قتْلَهُ الإمامَ الحسينَ عليه السلام ، بأنّه "بلاء حسن"، ثمّ رجع إلى منزله فاعتقل لسانه وذهب عقله، فكان يأكل ويحدث في مكانه.[103]

كما أنّ بعض المشاركين في قتال الإمام الحسين عليه السلام ، ابتلاهم الله, مضافاً إلى سواد وجوههم الباطنيّة، بسواد أصاب ظاهر وجوههم. ومن ذلك هذه الرواية التي يرويها القاسم بن الأصبغ بن نباتة، حيث يقول: "قدِم علينا رجل من بني دارم ممّن شهد قتل الحسين عليه السلام مسودّ الوجه وكان رجلاً جميلاً شديد البياض، فقلت له ما كدت أعرفك لتغيّر لونك. فقال: قتلت رجلاً من أصحاب الحسين يُبصَر بين عينيه أثر السجود وجئت برأسه...، ثمّ قال: ما نمت ليلةً منذ قتلته إلّا أتاني في منامي حتّى يأخذ بكتفي، ويقول انطلق فينطلق بي إلى جهنّم فيقذف بي فأصيح. قال فسمعت بذلك جارة له، فقالت: ما يدعنا ننام شيئاً من الليل من صياحه، قال: فقمت في شباب من الحيّ، فأتينا امرأته فسألناها، فقالت: قد أبدى على نفسه قد صدقكم. وممّا فعله هذا الرجل أنّه حمل رأس الشهيد الذي علّقه على رأس الفرس وهو يضرب ركبتيها.[104]

 وينقل ابن عطيّة، عن جدّه قوله: "كنّا نمرّ ونحن غلمان زمنَ خالد على رجلٍ في الطريق جالس، أبيض الجسد أسود الوجه، وكان الناس يقولون: خرج على الحسين عليه السلام ".[105]

ب- النّار في الدنيا والرؤى المخيفة

من العقوبات التي أصاب الله بها الذين شاركوا في القتال في عاشوراء، ابتلاؤهم بالنّار في الدنيا قبل نار جهنّم في الآخرة. ومن هذه الروايات ما يُنقَل في المصادر الروائيّة والتاريخيّة، عن حاجب ابن زياد، أنّه قال: دخلت القصر خلف عبيد الله بن زياد حين قتِل الحسين فاضطرم في وجهه ناراً، فقال: هكذا بَكَمَه على وجهه، فقال: هل رأيت؟ قلت: نعم. فأمرني أن أكتم ذلك[106] وهذه الرواية رغم أنّها لا تتّصف بصحّة السند بالنظر إلى راويها، إلّا أنّ ضعف سندها لا يضرّ بإمكان تصديقها؛ لأنّها مؤيّدة بغيرها من الروايات، مضافاً إلى أنّ مضمونها يشبه الإقرار على النفس؛ لأنّ راويها من أعداء الإمام عليه السلام وليس له مصلحة في الكذب، أو دافع يدعوه إلى ذلك.

ومن الروايات اللافتة في هذا المجال، ما يرويه الشيخ الطوسيّ, في أماليه, عن محمّد بن سليمان, وهو عن عمّه، قال: "لمّا خفنا أيّام الحجّاج، خرج نفرٌ منّا من الكوفة مستترين، وخرجت معهم فصرنا إلى كربلاء وليس بها موضع نسكنه، فبنينا كوخاً على شاطئ الفرات وقلنا نأوي إليه. فبينا نحن فيه إذ جاءنا رجلٌ غريب، فقال: أصير معكم في هذا الكوخ الليلة فإنّي عابر سبيل. فأجبناه وقلنا غريب منقطع به. فلمّا غربت الشمس وأظلم الليل أشعلنا، فكنّا نشعل بالنفط، ثمّ جلسنا نتذاكر أمر الحسين ابن عليّ عليه السلام ومصيبته وقتله ومن تولّاه، فقلنا: ما بقي أحد من قتلة الحسين إلّا رماه الله ببليّة في بدنه. فقال ذلك الرجل: فأنا قد كنت في من قتله، والله ما أصابني سوء له، وإنّكم يا قوم تكذبون. فأمسكنا عنه، وقلّ ضوء النفط، فقام ذلك الرجل ليصلح الفتيلة بإصبعه، فأخذت النّار كفّه، فخرج ونادى حتّى ألقى نفسه في الفرات يتغوّص به، فوالله لقد رأيناه يدخل رأسَه في الماء والنّار على وجه الماء، فإذا أخرج رأسَه سَرَت النّار إليه فتغوّصه إلى الماء، ثمّ يخرج فتعود إليه، فلم يزل ذلك دأبه حتّى هلك[107].

وقد ظلّت جريمة قتل الإمام الحسين عليه السلام تلاحق القتلة القساة، حتّى في منامهم، فتحوّل نومهم وأحلامهم إلى كوابيس مزعجة، تنبئ عن مآلهم وعاقبتهم بعد الموت. ومن النماذج التي تندرج في هذا الإطار، ما يرويه عبد الله بن رباح القاضي، عندما سُئِل عن سبب عماه، فقال: "كنت حضرت كربلاء وما قاتلت فنمت فرأيت شخصاً هائلاً، قال: أجب رسول الله، فقلت: لا أطيق، فجرّني إلى رسول الله، فوجدته حزيناً وفي يده حربة وبُسِط قدّامه نطع، وملك قبله قائم في يده سيف من النّار يضرب أعناق القوم وتقع النّار فيهم فتحرقهم، ثمّ يحيون ويقتلهم أيضاً هكذا، فقلت: السلام عليك يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت سهماً، فقال النبيّ صلى الله عليه واله وسلم: ألست كثّرت السواد، فسلّمني وأخذ من طست فيه دم فكحّلني من ذلك الدم، فاحترقت عيناي فلمّا انتبهت كنت أعمى".[108]

ج- تسليط الحيوانات

لمّا كان الوجود كلّه خاضعاً لإرادة الله، وكلّ أجزائه جنوده سبحانه وتعالى، فإنّ بعض الجناة الذين شاركوا في القتال ضدّ الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، نالوا عقابهم بوساطة بعض الحيوانات. وهو ما سوف نعرض له في هذا القسم من المقالة. ومن ذلك ما يُنقَل في المصادر السنيّة والشيعيّة، عن عمارة بن عمير التميميّ، حول رأس ابن زياد بعد قتله على يد المختار.

يروي الترمذيّ في سننه: "لمّا جيء برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه، نضدت في المسجد في الرحبة، فانتهيت إليهم وهم يقولون قد جاءت قد جاءت، فإذا حيّة قد جاءت تخلل الرؤوس حتّى دخلت منخريْ عبيد الله بن زياد، فمكثت هنيهة ثمّ خرجت فذهبت حتّى تغيّبت، ثمّ قالوا قد جاءت قد جاءت، ففعلت ذلك مرّتين أو ثلاثاً"[109]. وفي رواية الشيخ الطوسيّ في الأمالي، قال الراوي: "رأينا حيّةً بيضاءَ تخلّل الرؤوس حتّى دخلت في أنف ابن زياد وخرجت من أذنه، ودخلت في أذنه وخرجت من أنفــه"! ويكمل الشيخ الطوسيّ فينقل أنّ المختار أرسل بعض رؤوس قتلة الحسين عليه السلام إلى محمّد بن الحنفيّة، ثمّ وصلت بعد نقلها من مكانٍ إلى مكانٍ إلى ابن الزبير، "فوضعه رأس ابن زياد على قصبة، فحرّكتها الريح فسقط، فخرجت حيّة من تحت الستار فأخذت بأنفه، فأعادوا القصبة فحرّكتها الريح فسقط فخرجت الحيّة فأزمت بأنفه، فعل ذلك ثلاث مرّات. فأمر ابن الزبير فألقي في بعض شعاب مكّة [110].

وفي مورد آخر [111] يروى أنّ أحد الحاضرين في كربلاء وكان اسمه "عبد الله بن حويزة"[112] سأل عن الحسين عليه السلام فقال مخاطباً بعض الحاضرين في كربلاء: أفيكم حسين؟ فقال: من أنت؟ قال: أبشر بالنّار. فقال: بل ربّ غفور شفيع مطاع، قال: من أنت؟ قال: ابن حويزة، فقال الإمام: اللهمّ جرّه إلى النّار. فذهب فنفر به فرسه على ساقيه فتقطع فما بقي من غير رجليه في الركاب[113]. وفي رواية أخرى، أنّه قال له: "اللهمّ جُرّه إلى النّار وأذقه حرّها في الدنيا قبل مصيره إلى الآخرة". فنفر به فرسه إلى خندق فيه نار، فرماه فيهن واحترق، فسجد الإمام الحسين عليه السلام سجدتي الشكر[114].

وروِي أنّ الإمام الحسين قال في كربلاء: "اللهمّ إنا أهل بيت نبيّك وذريّته وقرابته، فاقصم من ظلمنــا وغصبنا حقّنا إنّك سميع قريب."، فقال محمّد بن الأشعث، وهو أحد المشاركين في كربلاء، وكان في الخبث كأبيه: "وأيّ قرابةٍ بينك وبين محمّد؟ فقرأ الحسين عليه السلام قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ﴾[115] ثمّ قال عليه السلام: "اللهمّ أرني فيه في هذا اليوم ذلّاً عاجلاً. فبرز ابن الأشعث للحاجة فلسعته عقرب...، فسقط وهو يستغيث ويتقلّب على حدثه"[116].

د- قصر العمر وقلّة التوفيق في الدنيا

تتحدّث الروايات الواردة حول القتلة أو المشاركين في قتل الإمام الحسين عليه السلام أنّه بعد تلك الفاجعة العظيمة قد نقص الكثير من أعمارهم وحرموا من الاستفادة ممّا كانوا يرجونه ويتمنونه بقتل الإمام عليه السلام ، ولم يحالف التوفيق كثيرين منهم. فقد روِي أنّ الإمام عليه السلام قال لعمر بن سعد: "... أما أنّه يقرّ عيني ألّا تأكل من برّ العراق بعدي إلّا قليلاً!" [117] فقال مستهزئاً: "يا أبا عبد الله، إنّ في الشعير خلف." [118]

 وما حصل بعد أحداث عاشوراء يؤكّد صحّة توقّع الإمام الحسين عليه السلام ، حيث قتله المختار، قبل أن تقرّ عينه بنيل حلمه القديم، ملك الريّ[119].

وعن يزيد نفسه يحدّثنا أحد الرواة فيقول: "فوالله لقد عوجل الملعون يزيد ولم يتمتّع بعد قتله، ولقد أخذ مغافصة بات سكراناً وأصبح ميتاً متغيّراً كأنّه مطليٌّ بقار..." [120].

وأقدم عددٌ من المجرمين الطامعين في متاع الدنيا، على الإغارة على معسكر الإمام الحسين عليه السلام ، طمعاً بنيل شيء ممّا كان مع الإمام أو مع أهل بيته، فابتلاهم الله بالفقر وما نالوا ما أرادوا. ومن ذلك ما يُروَى حول رجل اسمه مالك بن اليسر أتى الحسين بعدما ضعف من كثرة الجراحات، فضربه على رأسه بالسيف وعليه برنس من خزّ، فقال الإمام عليه السلام: لا أكلت ولا شربت وحشرك الله مع الظالمين، فألقى البرنس من رأسه فأخذه الكنديّ فأتى به أهله، فقالت امرأته: أسلب الحسين تدخله بيتي؟! اخرج فوالله لا تدخل بيتي أبداً، فلم يزل فقيراً حتّى هلك. [121]

الوقائع المتعلّقة بجسد الإمام عليه السلام وتربته الطاهرة

وردت في عددٍ من الروايات بعض الوقائع والأحداث الخارقة للعادة المرتبطة بجسد الإمام الحسين عليه السلام ، أو بتربته الطاهرة، ومزاره الشريف. وهذه الروايات مقبولة على نحو الإجمال؛ لأنّها منقولة بطرق متنوّعة، وبعضها ينتهي سنده إلى الأئمّة المعصومين عليهم السلام ، وقد تكرّرت الوقائع التي تتحدّث عنها هذه الروايات في عصور مختلفة، يمتدّ بعضها إلى عصرنا هذا، وذلك كلّه من الشواهد المؤيّدة لمضامين هذه الروايات. هذا ولا ننفي وجودَ بعض الروايات الضعيفة السند, في هذا الصنف الذي نتحدّث عنه، أو بعض المضامين التي يصعب تصديقها، إلّا أنّنا في غنىً عن نقلها، والاستناد إليها

تكلّم الرأس الشريف وقراءته القرآن

هناك عدد من الروايات تتحدّث عن سماع صوت القرآن من رأس الإمام الحسين عليه السلام ، في الكوفة والشام وكذلك خلال مسير قافلة السبايا والرؤوس من الكوفة إلى الشام. ومن هذه الروايات ما يرويه زيد بن أرقم عن سماعه قراءة القرآن من الرأس الشريف في أزقّة الكوفة: "مرّ به (برأس الإمام) عليّ وهو على رمح، وأنا في غرفة، فلما حاذاني سمعته يقرأ: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾[122]فقفّ والله شعري، وناديت: رأسك والله يا ابن رسول الله أعجب وأعجب." [123]

ويروي ابن شهر آشوب، فيقول: "روى أبو مخنف عن الشعبيّ، أنّه صلِب رأس الحسين بالصيارف في الكوفة، فتنحنح الرأس وقرأ سورة الكهف، إلى قوله تعالى: ﴿إنّهم فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ فلم يزدهم إلّا ضلالاً كذا في المناقب. وفي أثر آخر أنّهم لمّا صلبوا رأسه على الشجرة سمع منه: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا‌أيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾[124] وقد تكرّرت قراءة القرآن من الرأس الشريف في الشام كما في الكوفة، والآيات التي تنسب إليه قراءتها هي هذه الآيات من سورة  الكهف [125].

ومن الروايات المرتبطة بتكلّم الرأس الشريف في مسيرة السبايا, ما تنقله بعض المصادر على النحو الآتي: "لمّا جاؤوا برأس الحسين ونزلوا منزلاً يقال له قنّسرين، اطّلع راهب من صومعته إلى الرأس فرأى نوراً ساطعاً يخرج من فيه ويصعد إلى السماء، فأتاهم بعشرة آلاف درهم وأخذ الرأس وأدخله صومعته فسمع صوتاً ولم ير شخصاً، قال طوبى لك، وطوبى لمن عرف حرمته، فرفع الراهب رأسه وقال: يا ربّ بحقّ عيسى تأمر هذا الرأس بالتكلّم معي، فتكلّم الرأس وقال: يا راهب أيّ شيء تريد؟ قال: من أنت؟ قال: أنا ابن محمّد المصطفى، وأنا ابن عليّ المرتضى، وأنا ابن فاطمة الزهراء، وأنا المقتول بكربلاء، أنا المظلوم أنا العطشان. فسكت، فوضع الراهب وجهه على وجهه، فقال لا أرفع وجهي عن وجهك حتّى تقول أنا شفيعك يوم القيامة، فتكلّم الرأس، فقال: ارجع إلى دين جدّي محمّد، فقال الراهب: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله. فقبل له الشفاعة[126].

وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض المصادر الشيعيّة والسنيّة، تروي الخبر الآتي (قبل ذكر حادثة الراهب المشار إليها أعلاه، وفي بعضها دون الإشارة إليها): "...أنا أحد من كان في العسكر المشؤوم، عسكر عمر بن سعد عليه اللعنة، حين قتِل الحسين بن عليّ عليه السلام ، وكنت أحد الأربعين الذين حملوا الرأس إلى يزيد من الكوفة، فلمّا حملناه على طريق الشام، نزلنا على دير للنصارى، كان الرأس معنا مركوزاً على رمح، ومعه الأحراس، فوضعنا الطعام وجلسنا لنأكل، فإذا بكفٍّ في حائط الدير تكتب:

أتـــــرجـو أمّـــةٌ قتلـــت حسـيـــناً            شفــاعةَ جــــدّه يـــوم الحســــــابِ             

قال: فجزعنا من ذلك جزعاً شديداً، وأهوى بعضنا إلى الكفّ ليأخذها، فغابت، ثمّ عاد أصحابي إلى الطعام، فإذا الكفّ قد عادت تكتب مثل الأوّل:

فـــــلا والله ليـــس لهــم شفــــيعٌ               وهــم يـوم‌ القــيامة في العــــــــذابِ  

فقام أصحابنا إليها، فغابت ثمّ عادوا إلى الطعام فعادت تكتب:

وقد قتلوا الحســـــين بحــكم جورٍ             وخالفَ حكمُهــم حــكمَ الكتـابِ       

فامتنعت عن الطعام، وما هنأني أكله.[127]

ب- انبعاث النور وفوح العطر من الرأس الشريف

تقدّم في رواية سابقةٍ أنّ الراهب النصرانيّ اطّلع من صومعته ونظر إلى الرأس، فرأى نوراً ساطعاً يخرج مِنْ فيه ويصعد إلى السماء، وكان هذا الأمر أوّل ما شدّه للتعرّف على صاحب الرأس[128]. وهناك روايات أخرى تتحدّث عن الأمر عينه غير هذه الرواية التي تتحدّث عن انبعاث النور من وجهه وفمه الشريف عليه السلام. منها رواية الطبريّ التي يرويها عن امرأة خولي بن يزيد الأصبحيّ التي تقول: "... فقمت من فراشي فخرجت إلى الدار...، فجلست أنظر، فوالله ما زلت أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من السماء إلى الأجانة ورأيت طيوراً بيضاً ترفرف حولها..."[129] ويروي سهل بن سعد خرجت من شهرزور[130] أريد بيت المقدس، فصادف خروجي أيّام قتل الحسين عليه السلام ، فدخلت الشام، فرأيت الأبواب مفتّحة والدكاكين مغلّقة والخيل مسرّجة، والأعلام منشورة، والرايات مشهورة، والناس أفواجاً قد امتلأت منهم السكك والأسواق، وهم في أحسن زينةٍ يفرحون ويضحكون. فقلت لبعضهم: أظنّ حدث لكم عيد لا نعرفه؟ قالوا: لا. قلت: فما بال الناس كافّة فرحين مسرورين؟

فقالوا: أغريب أنت أم لا عهد لك بالبلد؟ قلت: نعم، فماذا؟ قالوا: فتح لأمير المؤمنين فتح عظيم، قلت: وما هذا الفتح؟ قالوا: خرج عليه في أرض العراق خارجيّ، فقتله، والمنّة لله تعالى، وله الحمد. قلت: ومَنْ هذا الخارجيّ؟ قالوا: الحسين بن عليّ بن أبي طالب. قلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، قلت: الـــحســين بــن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وإنّ هذا الفرح والزينة لقتل ابن بنت نبيّكم، أوَمَا كفاكم قتْلُه حتّى سمّيتموه خارجياً؟! فقالوا: يا هذا، أمسك عن هذا الكلام، واحفظ نفسك، فإنّه ما من أحدٍ يذكر الحسين بخيرٍ إلّا ضرِبت عنقه. فسكت عنهم باكياً حزيناً، فرأيت باباً عظيماً، قد دخلت فيه الأعلام والطبول، فقالوا: الرأس يدخل من هذا الباب؛ فوقفت هناك وكلّما تقدّموا بالرأس كــان أشــدّ لفرحــهــم، وارتفـــعــت أصواتــهــم، وإذا برأس الحسين عليه السلام ، والنور يسطع مِنْ فيه، كنور رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فلطمت على وجهي، وقطّعت أطماري، وعلا بكائي ونحيبي... ثمّ يتابع روايته، فيقول: وكان معي رفيق نصرانيّ يريد بيت المقدس، وهو متقلّد سيفاً تحت ثيابه، فكشف الله عن بصره، فسمع رأس الحسين، وهو يقرأ القرآن ويقول: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾[131]، فأدركته السعادة وقال: أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، ثمّ انتضى سيفه وشدّ به على القوم... [132]

ومن الأمور التي تندرج في هذا السياق قضيّة فَوْح العطر من الرأس الشريف، وهو الأمر الذي تتحدّث عنه بعض الأخبار، ومنها ما ينقله ابن شهر آشوب عن وقوع مثل هذا الأمر في مجلس يزيد بحيث غطّت رائحة عطره على العطور التي كانت تفوح من المجلس! [133]

ج- طيب رائحة تربة الإمام الحسين عليه السلام وخصوصيّتها الشفائيّة

كان بعض الناس يشمّون من تربة الإمام الحسين عليه السلام رائحة زكيّةً، وقد نقل عددٌ منهم مثل هذا الأمر ودوّنه المحدّثون في كتبهم. ومن ذلك ما يرويه ابن كثير: أنّ الماء لمّا أجرِي على قبر الحسين؛ ليمحو أثره نضب الماء بعد أربعين يوماً، فجاء أعرابيّ من بني أسد فجعل يأخذ قبضةً قبضةً ويشمّها حتّى وقع على قبر الحسين، فبكى وقال: بأبي أنت وأمّي ما كان أطيبك وأطيب تربتك! ثمّ أنشأ يقول:

أرادوا ليخفوا قبره عن عدوّه[134]      فطيبُ تراب القبر دلّ على القبر[135]   

وخاصيّة الشفاء في تربة قبر الإمام الحسين عليه السلام إحدى الخصائص والامتيازات التي اختص الله تعالى بها الإمام عليه السلام ، وقد دلّت على هذا المعنى روايات كثيرة ومعتبرة[136]. وقد شُفي الكثير من الأشخاص عبر التاريخ وحتّى عصرنا الحاضر, ببركة تراب قبره عليه السلام. ونكتفي ها هنا- كنموذج على ذلك- بذكر روايتين نقلهما الشيخ الطوسيّ في كتابه الأمالي:

الرواية الأولى ينقلها الشيخ في أماليه، عن شخص يقال له سالم أنّه قال: صلّيت في جامع المدينة وإلى جانبي رجلان على أحدهما ثياب السفر، فقال أحدهما لصاحبه: يا فلان، أما علمت أنّ طين قبر الحسين عليه السلام شفاء من كلّ داء، وذلك أنّه كان بي وجع الجوف فتعالجت بكلّ دواء، فلم أجد فيه عافيةً، وخفت على نفسي وأيست منها. وكانت عندنا امرأة من أهل الكوفة عجوز كبيرة، فدخلت عليّ, وأنا في أشدّ ما بي من العلّة، فقالت: يا سالم، ما أرى علّتك كلّ يومٍ إلّا زائدةً. فقلت لها: نعم.

 قالت: فهل لك أن أعالجك فتبرأ بإذن الله (عزَّ وجلّ)؟ فقلت لها: ما أنا إلى شيٍ أحوج منّي إلى هذا. فسقتني ماءً في قدح فسكتت عنّي العلّة، وبرئت حتّى كأن لم تكن بي علّة قط. فلمّا كان بعد أشهر دخلت عليّ العجوز، فقلت لها: بالله عليك يا سلمة، بماذا داويتني؟ فقالت: بواحدةٍ ممّا في هذه السبحة، من سبحـــة كانــت في يدها. فقلت: وما هذه السبحة؟ فقالت: إنّها من طين قبر الحسين عليه السلام. فقلت لها: يا رافضيّة داويتني بطين قبر الحسين! فخرجت من عندي مغضبة ورجعت والله علّتي كأشدّ ما كانت, وأنا أقاسي منها الجهد والبلاء، وقد والله خشيت على نفسي.[137]

وينقل الشيخ الطوسيّ روايةً أخرى تدعو إلى التوقّف عندها والتأمّل في دلالتها، وخاصّة لجهة ما تشتمل عليه من الحديث عن آثار الاستهتار بتربة القبر الشريف، ويبدو أنّ احترام شيعة الأئمّة عليهم السلام ، كان يثير حنق أعداء التشيّع. وهذه الرواية ينقلها أبو موسى بن عبد العزيز عن طبيب نصرانيّ، يقول فيها: لقيني يوحنّا بن سراقيون النصرانيّ المتطبّب في شارع أبي أحمد فاستوقفني، وقال لي: بحقّ نبيّك ودينك، من هذا الذي يزور قبره قوم منكم بناحية قصر ابن هبيرة؟ من هو من أصحاب نبيّكم؟ قلت: ليس هو من أصحابه، هو ابن بنته، فما دعاك إلى المسألة عنه؟ فقال: له عندي حديث طريف. فقلت: حدّثني به. فقال: وجّه إليّ سابور الكبير الخادم الرشيديّ في الليل، فصرت إليه، فقال لي: تعال معي، فمضى وأنا معه حتّى دخلنا على موسى بن عيسى الهاشميّ، فوجدناه زائل العقل متّكئاً على وسادة، وإذا بين يديه طست فيها حشو جوفه... فقال سابور لخادم من خاصّة موسى الهاشميّ: ويحك ما خبره؟ فقال له: أخبرك أنّه كان من ساعة جالساً وحوله ندماؤه، وهو من أصحّ الناس جسماً وأطيبهم نفساً، إذ جرى ذكر الحسين عليه السلام... فقال: إنّ الرافضة لتغلو فيه حتّى أنّهم, في ما عرفت, يجعلون تربته دواء يتداوون به. فقال رجل من بني هاشم كان حاضراً: قد كانت بي علّة غليظة فتعالجت لها بكلّ علاج، فما نفعني حتّى وصف لي كاتبي أن آخذ من هذه التربة، فأخذتها فنفعني الله بها وزال عنّي ما كنت أجده.

 قال: فبقي عندك شيء منها؟ قال: نعم. فوجّه فجاؤوه منها بقطعةٍ فناولها موسى بن عيسى فأخذها، فاستدخلها دبره استهزاءً بمن تداوى بها واحتقاراً وتصغيراً لهذا الرجل الذي هذه تربته (يعني الحسين عليه السلام )، فما هو إلّا أن استدخلها دبره حتّى صاح: النّار النّار، الطست الطست، فجئناه بالطست فأخرج فيها ما ترى، فانصرف الندماء

وصار المجلس مأتماً، فأقبل عليّ سابور، فقال: انظر هل لك فيه حيلة؟ فدعوت بشمعةٍ فنظرت فإذا كبده وطحاله ورئته وفؤاده[138] خرج منه في الطست، فنظرت إلى أمرٍ عظيم، فقلت: ما لأحدٍ في هذا صنع، إلّا أن يكون لعيسى الذي كان يحيي الموتى. فقال لي سابور: صدقت ولكن كن هاهنا في الدار إلى أن يتبيّن ما يكون من أمره. فبتّ عندهم وهو بتلك الحال ما رفع رأسه، فمات وقت السحر[139].

النتيجة

يتّضح ممّا تقدّم, بعد استعراضنا للروايات التي تتحدّث عن بعض الوقائع العجيبة المرتبطة بشهادة الإمام الحسين عليه السلام ، مجموعة من النقاط نوجزها في ما يأتي:

- إنّ واقعة استشهاد الإمام الحسين عليه السلام واقعة فريدة في التاريخ ليس لها نظير في مسيرة البشريّة كلّها على مستوى الآثار والنتائج والأمور المترتبة عليها.

- إنّ الروايات التي استعرضناها يمكن الاستفادة والاستنباط منها بشكل جيّد, ارتباطَ أجزاء الكون بعضها ببعض, وكون هذه الموجودات ذات شعور, هذا مضافاً إلى ما يمكن استفادته, في هذا المجال, من الأدلّة القرآنيّة والروائيّة والعقليّة.

- عقوبة الظلم لا تقتصر على الآخرة, والآثار التي تترتّب في ذلك العالم، بل إنّ ما يجنيه الإنسان بيديه من آثام ينال عقابه في الدنيا قبل الآخرة، كما حذّر القرآن الكريم من ذلك بقوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا﴾[140].

- إنّ المكانة الخاصة للإمام الحسين عليه السلام وثورته الخالدة، أضفتا على مزاره وتربته الشريفة أيضاً أثراً خاصّاً، بحيث إن الناس, على طول أدوار التاريخ, كانوا قد شاهدوا ظهور خوارق العادات والآثار العجيبة من هذا المكان المقدّس.

 

[1] محمّد رضا جبّاري (أستاذ مساعد في قسم التاريخ، في مؤسّسة الإمام الخمينيّ التعليميّة). السنة السادسة، العدد الثالث، خريف 1388 هجري شمسي، 67 – 121.

[2] انظر: أصغر قائدان، "تأملي چند پيرامون گـزارش حادثة كربلا در منابع مورخان اهل سنت" (تأمل في الروايات الواردة حول حادثة كربلاء في مصادر أهل السنّة)، مجموعة مقالات مؤتمر الإمام الخمينيّ الدولي وثقافة عاشوراء، المجلّد الثالث، ص70ـ72. يقول الكاتب بعد استعراضه مجموعة من الروايات حول الأحداث الغريبة، في كتب أهل السنّة: "تثير رواية الأحداث المتضمّنة للمعجزات وخوارق العادات، سؤالاً مهمّا وهو: لماذا يهتمّ المؤرّخ أو المحدّث بذكر هذه الوقائع ويغفل عن ذكر أهداف الثورة وأسبابها، وبخاصّة كلمات الإمام الحسين التي قالها في سياق أحداث كربلاء. وترتفع موجة الشكّ عندما نلاحظ أنّ هذه الوقائع الغريبة التي يصعب الدفاع عنها بمقاييس العقل والمنطق، يرويها من لا يؤمن بقداسة الإمام الحسين ولا يرى له ذلك المقام الذي يسوّغ وقوع مثل هذه الأحداث في سياق مرتبط به، والحال أنّ محدّثي الشيعة ومؤرّخيهم لم يذكروا بعض هذه الأحداث ولم يرووها.

[3] السيّد عبد الله الحسينيّ، معرّفي و نقد منابع عاشوراء، ص119ـ120.

[4] إسماعيل بن كثير الدمشقيّ، البداية والنهاية، ج8، ص219.

[5] جعفر بن محمّد بن قولويه، كامل الزيارات، ص161، باب 24، ح2.

[6] أبوبكر أحمد بن حسين البيهقيّ، السنن الكبرى، ج3، ص337.

[7] ونصّ كلام العلامة المجلسيّ في هذا المجال هو: "رأيت في كثيرٍ من كتب الخاصّة والعامة, وقوع الكسوف والخسوف في يومٍ عاشوراء وليلته." (محمّد باقر المجلسيّ، بحار الأنوار، ج 55، ص 153.)

[8] ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام, ص356، ح293؛ عليّ بن عيسي الإربلي، كشف الغمّة، ج2، ص268؛ شمس الدّين الذهبيّ، تاريخ الإسلام، ج5، ص15ـ16.

[9] انظر, مضافاً إلى ما مرّ ذكره من مصادر: محمّد بن عليّ السرويّ المازندرانيّ، ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج3، ص213؛ سليمان بن أحمد الطبرانيّ، المعجم الكبير، ج3، ص114؛ جلال الدّين السيوطيّ، تاريخ الخلفاء، ص207؛ أحمد بن محمّد بن حجر الهيثميّ، الصواعق المحرقة، ج2، ص 568.

[10] محمّد بن يعقوب الكلينيّ، الكافي، تحقيق علي أكبر الغفاريّ، ج 3، ص 208، ح 7؛ محمّد بن منيع بن سعد، الطبقات الكبرى، ج 1، ص 142؛ أحمد بن محمّد بن خالد البرقيّ، المحاسن، ج2، ص 313، ح 31.

[11] علي بن موسى بن طاووس، اللهوف في قتلى الطفوف، ص 75.

[12] محمّد بن عليّ بن بابويه الصدوق القمّي، عيون أخبار الرضا، ج 2، ص 268

[13] محمّد بن علي بن بابويه الصدوق القمّي، الأمالي، ص177-178.

[14] محمّد بن علي بن بابويه الصدوق القمّي، الأمالي ، ص189-190؛ والصدوق، علل الشرائع، ج 1، ص 228.

[15] لمّا قتل الحسين بن علي أمطرت السماء تراباً أحمرَ جعفر بن محمّد، ابن قولويه، كامل الزيارات، ص183.

[16] وسقط التراب الأحمر ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين ، ص354، ح288.

[17] محمّد بن علي بن بابويه الصدوق القمّي، الأمالي، ص178 و 189.

[18] محمّد بن الحسن الطوسيّ، الأمالي، ص330، ح106.

[19] محمّد باقر المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45 ص215 ح 38.

[20] كامل الزيارات، مصدر سابق، ص160، باب 24، ح2.

[21] القاضي النعمان التميميّ المغربيّ، شرح الأخبار، ج3، ص166.

[22] محمّد بن أحمد الدولابيّ، الذريّة الطاهرة النبويّة، ص135.

[23] شرح الأخبار، مصدر سابق، ج3، ص166.

[24] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص212؛ وعن نزول الدم من السماء، انظر، أيضاً: إسماعيل بن إبراهيم البخاريّ، التاريخ الكبير، ج4، ص 129ح2202؛ عبد الرحمان بن أبي حاتم الرازي، الجرح والتعديل، ج4، ص216؛ أبو حاتم محمّد ابن حبّان، الثقات، ج4، ص329؛ يحيى بن حسن المعروف بابن البطريق، العمدة، ص405؛ ابن نما، مثير الأحزان، ص63 و القندوزيّ، ينابيع المودّة، ج3، ص20.

[25] كنموذج لما ذكِر أعلاه انظر: الحافظ بن عبد الله بن محمّد ابن أبي شيبة، المصنف، ج8، ص632، ح258؛ الطبريّ، دلائل الإمامة، ص180؛ الطبرسي، إعلام الورى، ج1، ص428؛ مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص213؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين ، ص245، ح220؛ الخوارزميّ، مقتل الحسين ، ج2، ص107ـ، ح33؛ الطبريّ، ذخائر العقبى، ص147؛ الزرنديّ الحنفي، نظم درر السمطين، ص215؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج44، ص241، ح34.

[26] كامل الزيارات، مصدر سابق، ص128، باب17، ح2.

[27] أحمد بن أبي يعقوب اليعقوبيّ، تاريخ اليعقوبي، ج2، ص246؛ عليّ بن يونس البيّاضي العامليّ، الصراط المستقيم، ج2، ص179.

[28] كامل الزيارات، مصدر سابق، ص158ـ160.

[29] ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين ، ص364.

[30] انظر: الطبريّ، دلائل الإمامة، ص178؛ مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص218؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين ، ص355؛ ابن حجر الهيثميّ، الصواعق المحرقة، ج2، ص568.

[31] محمّد بن علي بن بابويه الصدوق القمّي، الأمالي، ص231

[32] كامل الزيارات، مصدر سابق، ص161، باب 24، ح2.

[33] ابن نما، مثير الأحزان، ص63؛ اربلي، كشف الغمّة، ج2، ص268؛ الذهبي، تاريخ الاسلام، ج5، ص16.

[34] الشيروانيّ، مناقب أهل البيت، ص249.

[35] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص212.

[36] القاضي النعمان التميميّ المغربيّ، شرح الأخبار، ج3، ص166.

[37] عدّ من أصحاب أمير المؤمنين؛ انظر: رجال الطوسيّ، ص89.

[38] أبو حاتم محمّد بن حبان، الثقات، ج5، ص487.

[39] المصدر نفسه، ص487؛ محمّد بن سعد، ترجمة الإمام الحسين من طبقات ابن سعد، ص90؛ مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص212؛ الطبريّ، ذخائر العقبى، ص145

[40] محمّد بن الحسن الطوسيّ، الأمالي، ص330.

[41] الزرنديّ الحنفيّ، نظم درر السمطين، ص220.

[42] ينقل الخوارزميّ، في: مقتل الحسين، ج2، ص111، ح 44، هذه الحادثة بالتفصيل، ويرويها بسندها أيضاً؛ وقد لخّصها ابن شهر آشوب في: مناقب آل أبي طالب، ج1، ص 105ـ106 وأمّا قطب الدّين الراونديّ، فقد رواها أيضاً ولكن بشيء من الاختصار والتغيير الطفيف، انظر: الخرائج والجرائح، ج1، ص146ـ147، ح234. ورواها العلامة المجلسيّ، في: بحار الأنوار، ج45، ص 233-235، مفصّلةً عن بعض الكتب المعتبرة، واختصرها في: ج 19، ص 75-76.

[43] الخوارزميّ، مقتل الحسين ، ج2، ص113ـ114؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص235.

[44] ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين، ص361؛ الطبريّ، ذخائر العقبى، ص145.

[45] محمّد بن يوسف الصالحي الشاميّ، سبل الهدى و الرشاد، ج11، ص80.

46-انظر كنموذج لذلك: الحافظ بن عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة، المصنّف، ج8، ص633؛ كمال الدّين وتمام النّعمة، ص532؛ محمّد بن سليمان الكوفيّ، مناقب الإمام أمير المؤمنين، ج2، ص26؛ سليمان بن أحمد الطبرانيّ، المعجم الكبير، ج3، ص111؛ الخوارزميّ، مقتل الحسين، ج1 ص241؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين ج14، ص274؛ قطب الدّين الروانديّ، قصص الأنبياء، ج3، ص1144؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج44، ص252.

[46] الدخان: 29.

[47] كامل الزيارات، مصدر سابق، باب28، ص179ـ188.

[48] المصدر نفسه، ص165، 171 و 189، الأبواب26, 27 و 29.

[49] كامل الزيارات، ص180، باب28، ح 2.

[50] كذا في الأصل ويبدو أنّ الرواية تدلّ على بكاء السماء والأرض وليس على بكاء جميع ما فيهما. (المترجم)

[51] المصدر نفسه، ص167، باب26، ح 8.

[52] المصدر نفسه، ص167، باب26، ح7.

[53] المصدر نفسه، ص165، باب 26، ح10.

[54] قطب الدّين الراونديّ، قصص الأنبياء، ص222، ح292.

[55] محمّد بن علي بن بابوية الصدوق القمّي، الأمالي، مصدر سابق، ص231ـ232.

[56] كامل الزيارات، مصدر سابق، ص165، باب26، ح3.

[57] محمّد بن عليّ بن بابويه الصدوق القمّي، عيون أخبار الرضا ج2، ص268.

[58] كامل الزيارات، مصدر سابق، ص153، باب23، ح15.

[59] محمّد بن عليّ بن بابويه الصدوق القمّي، علل الشرايع، ج1، ص228، ح3.

[60] جلال الدّين السيوطيّ، تاريخ الخلفاء، ص207.

[61] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق ، ج 3 ص 213.

[62] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق ، ج 3 ص

[63] مثير الأحزان ، مصدر سابق ، ص 88.

[64] محمّدي ري شهري، دانشنامه امام حسين، ج10، ص229.

[65] الإسراء:44.

[66] الجمعة:1.

[67] محمّد بن نعمان المفيد، أوائل المقالات، ص223؛ السيّد المرتضى، الأمالي، ج1، ص39؛ محمّد بن عيسى الترمذيّ، السنن، ج5، ص57؛ أمين الإسلام الفضل بن الحسن الطبرسيّ، مجمع البيان، ج9، ص109؛ محمّد باقر المجلسيّ، بحار الأنوار، ج79، ص181 و ج100، ص25.

[68] كامل الزيارات، مصدر سابق، ص169، باب26، ح9.

[69] المصدر نفسه، ص178، باب27، ح19.

[70] المصدر نفسه، باب27 ، وينقل صاحب كامل الزيارات عشرين روايةً تحت عنوان: "بكاء الملائكة على الحسين بن عليّ ".

[71] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص305.

[72] مثير الأحزان، مصدر سابق، ص91؛ عليّ بن موسى بن طاووس، اللهوف، ص؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص148

[73] محمّد بن عليّ بن بابويه الصدوق القمّي، علل الشرائع، ج1، ص160؛ وللاطلاع على روايةٍ عن الإمام الصادق ، مشابهة في المضمون لما هو مذكور أعلاه، انظر:(الكلينيّ، الكافي، ج1، ص534، ح19.)

[74] كامل الزيارات، مصدر سابق، باب27.

[75] المصدر نفسه، باب28، ح23.

[76] المصدر نفسه، ص166، باب 26، ح6.

[77] المصدر نفسه، ص165، باب26، ح1.

[78] في الشعر إشارة إلى فتح مكة وتحرير الأسرى المشركين ورحمة النبي ورأفته بهم (المصدر نفسه، ص 189، باب 29 ، ح1 ، القاضي النعمان التميمي المغربي، شرح الأخبار ج3، ص 167، ح7. 11 ، ابن أبي الدنيا كتاب الهواتف ص 87

[79] الذهبي، تاريخ الإسلام، ج5 ، ص 17 - 18.

[80] كامل الزيارات، مصدر سابق، ص165، باب26، ح3.

[81] الكلينيّ، الكافي، ج6، ص548، ح13؛ كامل الزيارات، مصدر سابق، ص198، باب30، ح1؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص213، ح32.

[82] الكليني، الكافي، ج6، ص547، ح10؛ ابن قولويه، كامل الزيارات، مصدر سابق، ص198، باب30، ح2.

[83] كامل الزيارات، مصدر سابق، ص199، باب31، ح1.

[84] المصدر نفسه، ح2.

[85] القاضي النعمان التميميّ المغربيّ، شرح الأخبار، ج3، ص165، ح1096.

[86] سليمان بن أحمد الطبرانيّ، المعجم الكبير، ج3، ص121؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين ، ص366، ح308.

[87] انظر: ابن معين، تاريخ ابن معين، ج1، ص361، ح2435؛ القاضي النعمان التميميّ المغربيّ، شرح الأخبار، ج3، ص541، ح1095 و 1096؛ الزرنديّ الحنفيّ، نظم درر المسمطين، ص220؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص302، ح3 و ص310، ح12

[88] الطبرسيّ، إعلام الورى، ج1، ص430؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين ، ص367؛ ابن حمزة الطوسيّ، الثاقب في المناقب، ص337؛ الذهبيّ، تاريخ الإسلام، ج5، ص16.

[89] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص218؛ ابن نما الحلّي، مثير الأحزان، ص63.

[90] الهيثميّ، مجمع الزوائد، ج9، ص196.

[91] إبراهيم: 42.

[92] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص217.

[93] مثير الأحزان، مصدر سابق، ص63.

[94] محمّد بن الحسن الطوسيّ، الأمالي، ص727، ح1528؛ مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص215؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص302.

[95] شرح الأخبار، مصدر سابق، ج3، ص 166، ح1097؛ محمّد بن سليمان الكوفيّ، مناقب أمير المؤمنين ، ج2، ص 263، ح 728.

[96] انظر: كامل الزيارات، مصدر سابق، ص131، باب17، ح8؛ شرح الأخبار، مصدر سابق، ج3، ص169، ح1114

[97] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص215؛ مثير الأحزان، مصدر سابق، ص57؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص301.

[98] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص215.

[99] المصدر نفسه، ص214.

[100] المصدر نفسه،.

[101] المصدر نفسه، ص214؛ ابن نما، مثير الأحزان، ص53؛ الطبريّ، ذخائر العقبى، ص144؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص301.

[102] ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين ، ص356، ح294.

[103] ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين ، ص368.

[104] محمّد بن عليّ بن بابويه الصدوق القمّي، ثواب الأعمال، ص218-219.

[105] محمّد بن الحسن الطوسيّ، الأمالي، ص727، ح1529؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص308، ح7، ج45، ص323، ح17.

[106] سليمان بن أحمد الطبرانيّ، المعجم الكبير، ج3، ص112، ح2831؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص309، ح11.

[107] محمّد بن الحسن الطوسيّ، الأمالي، ص163، ح269، شرح الأخبار، مصدر سابق، ج3، ص544، ح1114؛ الخوارزميّ، مقتل الحسين ، ج2، ص110، ح43؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ترجمة الإمام الحسين ، ص371، ح313؛ الطبريّ، ذخائر العقبي، ص145؛ مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص216.

[108] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص216؛ ابن نما، مثير الأحزان، ص61؛ عليّ بن موسى (ابن طاووس)، اللهوف، ص81؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص306؛ ويروي القاضي النعمان التميميّ المغربيّ، في: شرح الأخبار، ج3، ص171، ح1120 هذه الرواية بشيء من الاختصار عن جوير بن سعيد.

[109] الترمذيّ، السنن، ج5، ص325، ح3869؛ مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص218؛ يحيى بن حسن (ابن البطريق)، العمدة، ص404؛ أبو الفداء إسماعيل بن كثير، البداية والنهاية، ج8، ص315؛ محمّد باقر المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص305.

[110] محمّد بن الحسن الطوسيّ، الأمالي، ص242.

[111] وهذا المورد وربّما المورد اللاحق، قد حصل قبل شهادة الإمام الحسين، ولكن لغرابتهما نذكرهما في هذا السياق.

[112] وقيل في اسمه: ابن جويرة، وابن جوزة، وابن خوزة.

[113] الحافظ بن عبد الله بن محمّد (ابن أبي شيبه)، المصنف، ج8، ص40ـ41، ح17؛ حسين بن عبد الوهاب، عيون المعجزات، ص57؛ مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص214؛ محمّد باقر المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص301؛ وانظر: محمّد بن يوسف الصالحي الشاميّ، سبل الهدي والرشاد، ج11، ص79.

[114] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص214.

[115] آل عمران:33 و34.

[116] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص215؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص302.

[117] الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص132؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج45، ص48؛ الإربليّ، كشف الغمّة،ج2، ص218؛ الذهبيّ، تاريخ الإسلام، ج5، ص195.

[118] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص213؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص300، ح1.

[119] الطبريّ، تاريخ الطبريّ، ج4، ص531-532.

[120] كامل الزيارات، مصدر سابق، ص131ـ132، باب 17، ح8؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص309، ح10.

[121] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص215؛ ابن الدمشقيّ، جواهر المطالب، ص287؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص302.

[122] الكهف:9.

[123] الشيخ المفيد، الإرشاد، ج2، ص117؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص121.

[124]  مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص218.

[125] وقد روِيت هذه الرواية عن المنهال بن عمرو بطريقتين، تفيد إحداهما أنّ الرأس الشريف قرأ الآية والرجل الذي رأى المشهد علّق بقوله: "رأسك أعجب يا ابن رسول الله!"، وتفيد الأخرى أنّ شخصاً آخر تلا الآية, فأنطق الله تعالى الرأس فقال: أمري أعجب من أمر أصحاب الكهف والرقيم. انظر: ابن حمزة الطوسيّ، الثاقب في المناقب، ص333، ح 1 و2؛ وابن عساكر، تاريخ دمشق، ج60، ص370؛ والصالحي الشاميّ، سبل الهدى والرشاد، ج11، ص76.

[126] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص217.

[127] قطب الدّين الراونديّ، الخرائج والجرائح، ج2، ص578؛ مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص218؛ محمّد بن سليمان الكوفيّ، مناقب الإمام أمير المؤمنين ، ص583؛ الطبريّ، ذخائر العقبى، ص145؛ البياضي العامليّ، الصراط المستقيم، ج2، ص179؛ ابن النجار، ذيل تاريخ بغداد، ج4، ص159؛ الذهبيّ، تاريخ الإسلام، ج5، ص107؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج8، ص218؛ ابن حاتم العامليّ، الدرّ النظيم، ص562.

[128] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص217.

[129] محمّد بن جرير الطبريّ، تاريخ الطبريّ، ج4، ص348؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ج8، ص206؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص125.

[130] شهرزور: بالفتح ثمّ السكون و راء مفتوحة بعدها...، هي كورة واسعة في الجبال بين إربل وهمدان...، وأهل هذه النواحي كلّهم أكراد. وهي تقع غرب إيران الحالية. انظر: ياقوت الحمويّ، معجم البلدان، ج3 ص 375.

[131] إبراهيم:42.

[132] الخوارزميّ، مقتل الحسين ، ج2، ص67، ح31؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص127ـ128.

[133] مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص218؛ المجلسيّ، بحار الأنوار، ج45، ص305.

[134] في بعض المصادر : عداوةً ، وفي بعضها الآخر : وليّه.

[135] ابن كثير الدمشقيّ، البداية والنهاية، جزء 8، ص 222.

[136] كنموذج انظر: كامل الزيارات، ص465، باب 92، تحت عنوان: إنّ طين قبر الحسين شفاء وأمان.

[137] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص319، ح648؛ مناقب آل أبي طالب، مصدر سابق، ج3، ص220.

[138] لا شكّ أنّها مبالغة من الراوي لعظم ما رآه في الطست, وإلّا فلا يستقيم ما ذكره, فضلاً عن بقائه حيّاً كما هو ظاهر. فتدبّر.

[139] الشيخ الطوسيّ، الأمالي، ص320؛ مناقب آل أبي طالب، ج3، ص220.

[140] طه:124.

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي