x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
في رحاب المرتضى "عليه السّلام" (ج2)
المؤلف: مركز المعارف للمناهج والمتون التعليميّة
المصدر: سيرة الأئمة عليهم السلام، دروس في الحياة الأخلاقيّة والتربويّة والسياسيّة
الجزء والصفحة: ص43-53
17-7-2022
2483
الإمام علي عليه السلام من الهجرة إلى وفاة رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم:
1- الهجرة نحو المدينة:
هاجر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم نحو يثرب، ونزل في منطقةٍ تُدعى قباء بانتظار الامام عليّ عليه السلام ومَن معه، وكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قد أرسل رسالةً إلى الإمام عليّ عليه السلام أوكله فيها بمهمّة تأدية الأمانات التي كانت لا تزال في عهدة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. كذلك وقد هاجر جمع من ضعفاء المسلمين خفاءً نحو يثرب بأمر من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
أدّى إمامنا عليّ عليه السلام الشجاع مهمّته على مرأى من الجميع، فكان يقيم صارخاً يهتف غدوة وعشيّاً أمام الملإ: "من كان له قِبل محمّد أمانة أو وديعة فلْيأتِ لنؤدّي إليه أمانته". ثمّ أعدّ الإمام عليه السلام العدّة، واشترى الركائب للخروج برفقة الفواطم، وهنّ: السيّدة فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه وآله وسلم، وفاطمة بنت أسد، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطّلب.
وفي الطريق، عندما وصل خبر خروج القافلة إلى مسامع قريش، لحق بالركب سبعة فرسان من قريش ليحولوا بينهم وبين هجرتهم، فأرعبوا النساء وأمروا الإمام عليّاً عليه السلام بالعودة، لكنّ الإمام عليه السلام قاتلهم وتصدّى لهم ببسالته وشجاعته وأبعدهم عن القافلة، وقال لهم: "فإنّي منطلق إلى أخي وابن عمّي رسول اللَّه، فمن سرّه أن أفري لحمه وأريق دمه فليدنُ منّي".
ثمّ وصل الإمام عليّ عليه السلام بقافلته المباركة بعد خمسة عشر يوماً من قدوم النبيّ إلى قباء، والتقى بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم هناك، وكانت قدما الإمام عليه السلام قد تورّمتا وتقطران دماً، ولم يعد قادراً على المشي، فلمّا رأى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حاله تلك اعتنقه وبكى رحمةً له، وقال: "يا عليّ، أنت أوّل هذه الأمّة إيماناً باللَّه ورسوله، وأوّلهم هجرة إلى اللَّه ورسوله، وآخرهم عهداً برسوله، لا يحبّك، والذي نفسي بيده، إلّا مؤمن قد امتحن اللَّه قلبه للإيمان، ولا يُبغضك إلّا منافق أو كافر"[1].
شيّد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والإمام عليه السلام أوّل مسجد في قباء، ثمّ انطلقا ومن معهما نحو المدينة ودخلا يثرب معاً.
نزل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم برفقة عليّ عليه السلام عند أبي أيّوب الأنصاريّ، وهو أفقر رجل في المدينة، ومكثوا عنده شهراً إلى أن أتمّوا بناء المسجد النبويّ، وبيوت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وبيت الإمام عليّ عليه السلام، فتحوّلوا إليها[2].
ثمّ آخى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين المهاجرين والأنصار، وأخّر الإمام عليّاً عليه السلام عن الجميع، فآخى صلى الله عليه وآله وسلم بين نفسه وأمير المؤمنين[3] عليه السلام.
إنّ هذه الأفعال والمواقف كلّها التي سجّلها التاريخ للإمام عليّ عليه السلام والتي تفرّد وحده بها، تُبرز لنا بشكل عمليّ كيفيّة تطبيق العبوديّة الحقيقيّة والطاعة الخالصة لوليّ الأمر الإلهيّ في الحياة، كما تبيّن أنّ الإمام عليّاً عليه السلام كان الرجل الوحيد آنذاك القادر على القيام بمثل تلك الأفعال، وأنّه لم يقم للاسلام قائمة لولا سواعد أمير المؤمنين عليه السلام الإلهيّة، ولأنّه الذي أخلص وجهه للَّه تعالى، أبى - عزّ وجلّ - إلّا أن تكون بصمات عليّ عليه السلام المخلصة موجودة في كلّ خطوة يخطوها الإسلام العزيز، وأن تُخلَّد بطولاته وإنجازاته، على الرغم من البغض والحسد والحقد كلّه الذي ناله في حياته الشريفة.
2- اقتران الإمام عليّ عليه السلام بالسيّدة فاطمة عليها السلام:
في السنة الثانية للَّهجرة، وبعد أن بلغت السيّدة فاطمة عليها السلام مبلغ النساء، بدأ الخطّاب من الأصحاب والوجهاء يتسابقون في طلب الاقتران بها، لكنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يردّهم ردّاً جميلاً قائلاً: "إنّي أنتظر فيها أمر اللَّه"[4].
إلى أن تقدّم الإمام عليّ عليه السلام وطلب يد السيّدة الزهراء عليها السلام، وكان في قرابة الخامسة والعشرين من عمره الشريف، لكنّه كان فقيراً لا مال له، فجاء إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يريد أن يكلّمه في أمر فاطمة عليها السلام، لكنّه هابه واستحيا منه، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: ألك حاجة؟ فسكت. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لعلّك جئت تخطب فاطمة؟ فقال عليه السلام: نعم، ثمّ قال صلى الله عليه وآله وسلم: فهل عندك من شيء فتستحلّها به؟ قال: لا واللَّه، يا رسول اللَّه، فقال: ما فعلت بالدرع التي سلّحتكها؟، فقال عليه السلام: عندي[5]. لكنّ الإمام عليه السلام استرخص درعه ولم يجدها لائقة بأن تكون صداق فاطمة عليها السلام، فقال: والذي نفسي بيده إنّها لحطميّة[6] ما ثمنها أربعمئة درهم[7].
لكنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم صاحب القيم العليا، والذي أراد أن يكون من تزويجه لابنته سنّة يقتدي بها الجميع، رحّب بالصهر الكفوء ذي المعايير الأخرويّة الإلهيّة، والذي لا يملك من حطام الدنيا شيئاً، وقَبِل ذلك المهر القليل، والذي يمثّل ما كان يستطيع أن ينفقه الإمام عليه السلام، وذلك بعد أن كان وجهاء العرب قد قدّموا الأموال والثروات للاقتران بابنة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
ثمّ دخل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على فاطمة عليها السلام يسألها رأيها، فقال: إنّ عليّاً... قد ذكر من أمرك شيئاً... فسكتت، ولم يُرَ منها أيّ كراهة، بل كان سكوتها خجلاً وتأدّباً. فخرج صلى الله عليه وآله وسلم مهلّلاً يقول: اللَّه أكبر! سكوتها إقرارها! وتمّ الزواج المبارك[8]. وقد أشرف الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه على ترتيبات الزواج، فتولّى تقسيم المهر على حاجيات العروسين وبيتهما ووليمة العرس، ثمّ انتقلت العروس إلى بيتها الجديد[9].
وكان للإمام عليّ عليه السلام سبعة وعشرون ولداً ذكراً وأنثى: الإمام الحسن، والإمام الحسين، وزينب الكبرى، وزينب الصغرى المكنّاة أمّ كلثوم، والمحسن السقط، أمّهم جميعاً السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام. وبعد شهادة الزهراء عليها السلام تزوّج الإمام عليه السلام من أخريات وكان له منهنّ باقي الأولاد[10].
3- شذرات من حياة الإمام عليّ عليه السلام العائليّة:
لم يكن الإمام عليّ عليه السلام شخصاً عاديّاً أو يشبه أيّ شخص في جلّ حياته وعلاقاته، وقد أسّس هو وزوجته الحبيبة السيّدة فاطمة الزهراء عليها السلام أروع عائلة على الإطلاق، إذ أنبتت تلك الشجرة الطيّبة أطيب الثمر في صفحة الوجود، الإمامين الحسن والحسين عليه السلام والسيّدة زينب عليها السلام.
ومن يطّلع على الجوّ العائليّ، وقيم تلك العائلة الشريفة ومكوّناتها الأساسيّة (عليّ وفاطمة)، سوف لن يستغرب خروج مثل ذاك الثمر منهما. فالجوّ الإيمانيّ المعنويّ القيميّ المتّصل بالسماء مباشرة، والذي يملؤه الحبّ والاحترام والسكينة ومساعدة الآخر والفرح لفرحه والحزن لحزنه، هو الجوّ الذي كان يسود العائلة العلويّة الفاطميّة.
وتنقل لنا الأخبار كيف أنّ الإمام عليّاً عليه السلامعلى مستوى علاقته بالسيّدة فاطمة عليها السلام كان عوناً لها على الدوام، فناهيك عن الأعمال خارج المنزل، والتي تقع على عاتقه، من تأمين أمور المعاش وما شاكل، فإنّه ما كان ليقبل إلّا أن يشاركها القيام بأعباء المنزل ومتطلّباته، فكان يكنس البيت[11]، وكان يقدّم للسيّدة الزهراء عليها السلام يد العون في الطبخ أيضاً، فكان عليه السلام مثلاً ينقّي العدس، والسيّدة فاطمة عليها السلام جالسةٌ عند القدر تطهو الطعام[12]، كذلك فقد كان عليه السلام يطحن معها عليها السلام في الجاروش[13]. وكان يتألّم حين يراها وقد أعياها عمل المنزل، حتّى إنّه عليه السلام شجّعها على طلب أَمَةٍ من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تساعدها في تلك الأعمال، ونُقل في بعض الروايات أنّه هو من طلب لها خادمة من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن تحسّنت حال المسلمين جميعاً.
أمّا فيما يخصّ علاقة أمير المؤمنين عليه السلام بأولاده، ولا سيّما أبناء الزهراء عليها السلام، وبخاصّة بعد رحيل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن الدنيا وشهادة السيّدة فاطمة عليها السلام، فإنّ اهتمامه التربويّ بهم كان كبيراً، كيف لا، وهو من خطّ أسس المناهج التربويّة في الإسلام! فها هو يوصي ولده الإمام الحسن عليه السلام بأروع الوصايا وأدقّها، ويبيّن له المنهاج التربويّ الصحيح في التعامل مع النفس ومع الآخرين، فيقول عليه السلام - لِابْنِه الْحَسَنِ عليه السلام -: "يَا بُنَيَّ، احْفَظْ عَنِّي أَرْبَعاً وأَرْبَعاً، لَا يَضرُّكَ مَا عَمِلْتَ مَعَهُنَّ: إِنَّ أَغْنَى الْغِنَى الْعَقْلُ، وأَكْبَرَ الْفَقْرِ الْحُمْقُ، وأَوْحَشَ الْوَحْشَةِ الْعُجْبُ، وأَكْرَمَ الْحَسَبِ حُسْنُ الْخُلُقِ. يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ ومُصَادَقَةَ الأَحْمَقِ، فَإِنَّه يُرِيدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ، وإِيَّاكَ ومُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ، فَإِنَّه يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْه، وإِيَّاكَ ومُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ فَإِنَّه يَبِيعُكَ بِالتَّافِه، وإِيَّاكَ ومُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ، فَإِنَّه كَالسَّرَابِ يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ ويُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ"[14].
فهذه الوصيّة تُبرز حرص الأب العطوف على تعليم أطفاله والتودّد إليهم وتربيتهم على الأسس التوحيديّة الإسلاميّة، والمبادئ الأخلاقيّة والسلوكيّة.
4- جهاد الإمام عليّ عليه السلام:
تخلّلت حياةَ عليّ عليه السلام منذ هجرة الرسول حتّى وفاته صلى الله عليه وآله وسلم أحداثٌ كثيرة، والتي منها بشكل خاصّ تضحياته العظيمة في الغزوات وجبهات القتال. وقد كان لنبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم بعد هجرته إلى المدينة سبعٌ وعشرون غزوة مع المشركين واليهود والمتمرّدين[15]. وقد شارك الإمام عليّ عليه السلام في ستّ وعشرين منها، ولم يشارك في غزوة تبوك للظروف الحرجة والحسّاسة التي كانت تُنذر بتدبير مؤامرة من قبل المنافقين عند غياب رسول اللَّه عن المدينة، فأمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الإمام عليّاً عليه السلام بأن يخلفه في المدينة[16].
وقد كان لمشاركات الإمام عليّ عليه السلام في الغزوات والحروب المختلفة الدور الأبرز والأهمّ في انتصار المسلمين، حتّى قيل: "استوى الإسلام بسيف عليّ عليه السلام"[17]. وكذا كانت الحال في معارك بدر وأحد والخندق وخيبر وغيرها من الغزوات. وقد سطّر الإمام عليّ عليه السلام بشجاعته وبسالته أرقى البطولات الخالصة للَّه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم في العديد من المعارك، كقتله أكثر قتلى المشركين في معركة بدر[18]، وكان هو الوحيد الذي ثبت بدايةً مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يدفع عنه المشركين وسيوفهم في معركة أحد[19]، وهو من تصدّى لعمرو بن عبد ودّ وحيداً في معركة الخندق، وأرداه قتيلاً[20]، وقد قلع اللَّه باب خيبر بيده الشريفة، وكان هو قاتل مرحب أقوى فرسان خيبر[21].
إنّ الشجاعة والقوّة الفريدة للإمام عليّ عليه السلام وغير المسبوقة، كانتا مدعاةً للعجب على مرّ التاريخ، فبطولاته التي سطّرها التاريخ أكثر بكثير من أن تُذكر ولو سريعاً في هذا المختصر. هذا، مع أنّ الإمام عليّاً عليه السلام لم يكن ذا بنية ضخمة كحال الفرسان المشهورين بقوّة الجسد والذين يخافهم الناس لأشكالهم بداية، وكانت المفاجأة بالنسبة إلى هؤلاء أنّ النصر كان دائماً حليف الإمام عليه السلام حتّى قتل أشجع فرسان الجاهليّة وأعتاهم (عمرو بن عبد ودّ)، وأقوى فرسان اليهود (مرحب). لكنّ هؤلاء كانوا أضلّ من أن يفهموا سرّ قوّة عليّ عليه السلام، والتي لم تكن تكمن في جسده المادّيّ، بل في روحه ومتعلّقها، فعندما يخرج عليه السلام لقتال عمرو، يبيّن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذه الحقيقة فيقول: "خرج الإيمان كلّه إلى الشرك كلّه"[22].
أجل! إنّها تلك القوّة الإلهيّة التي كان يتحلّى بها الإمام عليّ عليه السلام، وهي التي مكّنته من قلع باب خيبر، حيث سُئل بعد قلع الباب: "يا أبا الحسن، لقد اقتلعت منيعاً، وأنت ثلاثة أيّام خميصاً، فهل قلعتها بقوّة بشريّة؟! فقال عليه السلام: ما قلعتها بقوّة بشريّة، ولكن قلعتها بقوّة إلهيّة، ونفس بلقاء ربّها مطمئنّة رضيّة"[23].
إنّ هذا الفهم هو ما يفسّر لنا استعانة الإمام عليّ عليه السلام بركبته ليكسر قرص شعيره، حيث جاء في خبر أنّه كان "بين يديه طبق من خوص عليه قرص أو قرصان من خبز شعير نخالته تبين في الخبز، وهو يكسره على ركبتيه ويأكله على جريش"[24]. فلمّا كان الإمام عليه السلام دائم التعلّق بالقوّة المطلقة، فلا قوّة له من نفسه البتّة، والإرادة الإلهيّة والقوّة الإلهيّة هي التي تحدّد متى لعليّ أن يتحلّى بالقوّة القاهرة التي تُذهل البشر ومتى يستعين بركبته ليكسر قرص شعيره، وما ذلك إلّا لأنّه العبد الحقيقيّ للَّه تعالى المُظهر لإرادة مولاه على الدوام.
5- حجّة الوداع ورحيل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم:
كان الإمام عليّ عليه السلام من الشخصيّات البارزة في التاريخ الإسلاميّ، ولم يكن في العالم الإسلاميّ شخص يرتقي إلى شيء من فضله وتقواه وفقهه وقضائه وجهاده وعلمه والصفات الإنسانيّة العالية كافّة باستثناء رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم. وعليه، فقد كان عليه السلام الشخص الوحيد المؤهّل لخلافة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وقد بيّن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ذلك في مناسبات عديدة، كحديث الدار، وحديث المنزلة، وغيرها الكثير. وأهمّ تلك المناسبات على الإطلاق هو ما حدث في غدير خمّ.
فبعد أن انتشر خبر الحجّة الأخيرة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، جاءت وفود المسلمين من أقطاب العالم الإسلاميّ كلّه للحجّ مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حجّة وداعه التي سيفارق الدنيا بعدها بقليل. وبعد إتمام مناسك الحجّ، وعند انصراف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم راجعاً إلى المدينة ومعه تلك الحشود الغفيرة من المسلمين، وصل إلى غدير خمّ من منطقة الجحفة التي تتشعّب فيها طرق المدينة والعراق ومصر، وكان ذلك في 18 ذي الحجّة.
نزل ملاك الوحي على قلب النبيّ قائلاً: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾[25]، وكان الأمر بإعلان عليّ عليه السلام وليّاً للمسلمين بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. ثمّ قام النبيّ في الناس خطيباً، وأعلن وجوب ولاية الإمام عليّ عليه السلام على كلّ من يوالي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فرفع يدَ الإمام عليه السلام وقال: "من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللَّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله". وجاء المسلمون يبابعون الإمام عليه السلام، ويهنّئونه بالمقام، ويسلّمون عليه بإمرة المسلمين، وممّا قاله له عمر: "بخٍ بخٍ لك يا عليّ أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة"[26]. ثمّ نزلت الآية: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾[27].
6- رحيل رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم عن الدنيا:
حان وقت المصاب، وجاء موعد الفاجعة الكبرى بانقطاع الوحي عن الأرض ورحيل خير خلق اللَّه محمّد صلى الله عليه وآله وسلم عن دنيا الفناء. وكانت آخر لحظات حياة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم الشريفة في بيت فاطمة عليها السلام وفي حِجر عليّ عليه السلام، حيث فارق صلوات اللَّه عليه الدنيا على صدره الشريف.
وقد تولّى الإمام عليّ عليه السلام مع خلّص الأصحاب وأهل البيت تجهيز النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وتكفينه ودفنه صلى الله عليه وآله وسلم. لكنّ العديد من المهاجرين والأنصار قد تغيّبوا عن حضور مراسم التغسيل والتكفين والصلاة على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ودفنه، منشغلين باجتماع عقدوه في سقيفة بني ساعدة يعدّون العدّة للاستيلاء على الخلافة، منتهزين فرصة انشغال الإمام عليه السلام والهاشميّين بفاجعة وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
شهدت سقيفة بني ساعدة الكثير من الجدال والنزاع حتّى استقر الأمر على بيعة أبي بكر. وبعد أن أنهى الإمام عليّ عليه السلام دفن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وانتهى إلى مسامعه ما حدث، انبرى هو ومجموعة من خلّص الأصحاب للدفاع عن الحقّ المغتصب، وطاف هو والزهراء عليها السلام ومعه الحسن والحسين عليهما السلام على منازل المهاجرين والأنصار لياليَ يستنهضهم لاسترداد حقّه الشرعيّ. ثمّ لمّا لم يجد من الأنصار عدداً يتجاوز الستّة، وكان الوضع ينبئ بانشقاق عصا المسلمين، اعتزل الناس وانكبّ على جمع القرآن.
لطالما كان أمير المؤمنين عليه السلام مشغولاً بالتكليف يؤدّيه على أتمّ وجه، وفي هذه الحادثة الأليمة أيضاً كان كذلك، فلم يكن أمير المؤمنين ليدع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مسجًّى عند علمه بمؤامرة القوم، ويذهب إلى السقيفة ليحتجّ على الجميع بما احتجّ به "بعضهم" بأنّه من عَشيرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وبذلك ينال الخلافة! فإنّ تصرف كهذا يمسّ بأحد القيم المقدّسة، وهي حرمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقدسيّته وكرامته، وما يكتنفها من تعظيم للدين، وما يمثّله، وتركُ النبيّ والسعي لأيّ شيء كان يوجب توهيناً شديداً واستهانة بحرمة النبيّ ودينه. هذا، مضافاً إلى أنّ الإمام عليّاًعليه السلام كان موصًى من قبل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بالصبر على ما سيحصل في الآتي من الأيّام.
ويذكر الإمام عليّ عليه السلام في خطبة الشقشقيّة هذا المفترق الصعب، وسبب اختياره للمهادنة في نهاية المطاف، فيقول: "فَسَدَلْتُ دُونَها ثَوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْها كَشحاً، وطَفِقْتُ أرتَئي بَين أن أصولَ بيد جَذّاء، أو أصْبِرَ على طَخية عمياء، يَهْرَمُ فيها الكَبير، وَيشيبُ فيها الصَغير، ويَكْدَحُ فيها مؤمِنٌ حَتّى يَلقى ربَّهُ، فَرَأيْتُ أنَّ الصَّبرَ على هاتا أحجى، فصبرتُ وفي العَيْنِ قَذى وَفي الحَلْقِ شَجى، أَرى تُراثي نَهباً"[28]، وقال: "لقد علمتم أنّي أحقّ الناس بها من غيري، وواللَّه لأسلِمنَّ ما سلمت أُمور المسلمين، ولم يكن فيها جَورٌ إلّا عليَّ خاصّة"[29]
مرحلة عهد الخلفاء الثلاثة
تركّزت نشاطات الإمام عليّ عليه السلام في هذه الفترة على الأُمور التالية:
1- الإجابة عن شبهات علماء الأديان المختلفة وتساؤلاتهم، كما تولّى مهمّة بيان الحكم الشرعيّ للمواضيع المستحدثة، والتي لم يكن لها سابقة في الإسلام أو للقضايا المعقّدة والغامضة بحيث يعجز غيره عن الحكم فيها[30].
2- عندما كانت الخلافة تصل إلى طريق مسدود في القضايا السياسيّة وبعض القضايا والمشاكل الأُخرى، كان الإمام عليه السلام المستشار الوحيد والمعتمد الذي يُعالج المشاكل بموضوعيّة وحلول واضحة، وقد سجّلت ذلك كتب التاريخ[31]، وقد تكرّر أكثر من مرّة على لسان الخليفة الثاني: "لولا عليّ لهلك عمر"[32].
3- صيانة الرسالة الإسلاميّة، حيث قام بجمع المصحف الشريف وشرحه وتفسيره وذكر أسباب النزول، والمحكم والمتشابه، وغيرها من الأمور المهمّة. وكان عليه السلام قبل ذلك قد قام بعمل مهمّ أيضاً وهو تدوين (الجامعة الكبرى)، وهذه الجامعة هي صحيفةٌ بإملاءٍ من رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم وخطّ الإمام عليّ عليه السلام. وقد احتوت هذه الجامعة على جميع الأحكام حتّى أرش الخدش، والأئمّة عليهم السلام كانوا يتوارثونها ويعتمدونها كمصدر أساس في الأحكام[33].
4- صيانة الأمّة والكيان الإسلاميّ ووحدة الصفّ، فبعد غياب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أحدقت بالأمّة الإسلاميّة أخطار كثيرة دفعت بالإمام عليه السلام إلى العمل باتّجاه صيانة الأمّة، ولذلك لم يُشهر سيفه للمطالبة بحقّه خوفاً من شقّ الصفوف مع الأخطار الداهمة في تلك الفترة بسبب أطماع الفرس والروم، وبروز الردّة عن الإسلام، كذلك لم يرفع الإمام سيفه للمطالبة بحقّ زوجته السيّدة فاطمة عليها السلام في فدك، بغية الحفاظ على وحدة الصفّ في الإسلام، وصيانة ما تبقّى منه.
إنّ الإيثار والانصياع للتكليف الإلهيّ، ونكران الأنا التي لم يكن لها وجودٌ أساساً عند الإمام عليّ عليه السلام، لهي مدعاةً للعجب، فلم يكن الوضع أنّه انكفأ واعتزل الناس وترك الأمور بيد الآخرين، بل إنّه، وبعد أن لم تُجدِ محاولاته لاسترجاع الخلافة نفعاً، وبعد أن بيّن الحقّ وأتمّ الحجّة على الجميع، وبعد أن استدعت الظروف وجود عليّ عليه السلام أثناء حركة الردّة، نزل أمير المؤمنين عليه السلام ساحة الأمّة بشكل قويّ جدّاً وفعَّالٍ للغاية، فقلّما نجد حدثاً جرى في حياة الأمّة آنذاك دون تدخّل الإمام عليه السلام ومشورته، فهو لم يكن بالشخص الذي يمكن تنحيته أو الاستغناء عنه البتّة، وهذا ما ساعد على ظهور أحقّيّة الإمام عليه السلام في خلافة الرسول وفضح الآخرين، وساهم في احتلال الإمام عليّ عليه السلام مكانة في وجدان الأمّة بعد رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم.
[1] الطوسيّ، الشيخ محمّد بن الحسن، الأمالي، الناشر: دار الثقافة، قم، 1414هـ، ط1، ص 472 - 468.
[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج8، ص 339-340.
[3] سليم بن قيس الهلاليّ، كتاب سليم بن قيس الهلاليّ، الناشر: الهادي، قم، 1405هـ، ط1، ج2، ص 640.
[4] البحرانيّ الأصفهانيّ، الشيخ عبد اللَّه، عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال (مستدرك سيّدة النساء إلى الإمام الجوادعليه السلام)، الناشر: مؤسّسة الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، 1413هـ، قم، ص 451.
[5] الإربليّ، الشيخ عليّ بن عيسى، كشف الغمّة في معرفة الأئمّة عليهم السلام، الناشر: بني هاشمي، تبريز، 1423هـ، ط1، ج1، ص 348.
[6] نسبةً إلى بطن من عبد القيس كانوا يعملون الدروع.
[7] الشيخ الإربلي، كشف الغمّة، مصدر سابق، ج1، ص 364.
[8] الشيخ الطوسي، الأمالي، مصدر سابق، ص 40.
[9] المصدر نفسه، ص 40 - 41.
[10] المفيد، الشيخ محمّد بن محمّد، الإرشاد في معرفة حجج اللَّه على العباد، الناشر: مؤتمر الشيخ المفيد، قم، 1413هـ، ط1، ج1، ص 354.
[11] البروجرديّ، السيد حسين، جامع أحاديث الشيعة، الناشر: منشورات فرهنك سبز، طهران، 1428ه، ط1، ج25، ص 508.
[12] المحدّث، النوريّ، الشيخ حسين، مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، الناشر: مؤسّسة آل البيت عليهم السلام، قم، 14078هـ، ط1، ج13، ص 49.
[13] الشيخ البحراني، عوالم العلوم والمعارف والأحوال من الآيات والأخبار والأقوال (مستدرك سيّدة النساء إلى الإمام الجواد، مصدر سابق، ج1، قسم1، فاطمة، ص 356.
[14] الشريف الرضيّ، السيد محمد الرضي بن الحسن، تحقيق صبحي الصالح، لا.ن، لبنان، بيروت، 1967، ط1، نهج البلاغة، ج4، ص 11.
[15] محيي الدين النووي، روضة الطالبين، الناشر: دار الكتب العلميّة، لبنان - بيروت، ج7، ص 410.
[16] الشيخ القميّ، تفسير القميّ، مصدر سابق، ص 292 - 293.
[17] الشيخ الإربلي، كشف الغمّة، مصدر سابق، ج1، ص 316.
[18] الشيخ المفيد، الإرشاد، مصدر سابق، ج1، ص 67.
[19] الشيخ الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج8، ص 110.
[20] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، مصدر سابق، ج13، ص 261.
[21] الشيخ الصدوق، الخصال، مصدر سابق، ص 561.
[22] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، مصدر سابق، ج13، ص 261.
[23] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج21، ص 40.
[24] البحراني، السيّد هاشم، حلية الأبرار في أحوال محمّد وآله الأطهارعليهم السلام، الناشر: مؤسّسة المعارف الإسلاميّة، قم، 1411هـ، ط1، ج2، ص 230.
[25] سورة المائدة، الآية 67.
[26] الشيخ الإربلي، كشف الغمة، مصدر سابق، ج1، ص 237.
[27] سورة المائدة، الآية 3.
[28] الشيخ الطبرسي، الاحتجاج، مصدر سابق، ج1، ص 192.
[29] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، مصدر سابق، ج6، ص 166.
[30] العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج40، ص 286.
[31] الكوفي، أحمد بن أعثم، الفتوح، الناشر: دار الأضواء للطباعة والنشر، بيروت، ط1، 1411هـ، ج1، ص 224.
[32] الحرّ العامليّ، محمّد بن حسن، وسائل الشيعة - قم، ط1، 1409هـ، ج9، ص 20.
[33] الشيخ الكليني، الكافي، مصدر سابق، ج1، ص 239.