x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
التوحيد
النظر و المعرفة
اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته
صفات الله تعالى
الصفات الثبوتية
القدرة و الاختيار
العلم و الحكمة
الحياة و الادراك
الارادة
السمع و البصر
التكلم و الصدق
الأزلية و الأبدية
الصفات الجلالية ( السلبية )
الصفات - مواضيع عامة
معنى التوحيد و مراتبه
العدل
البداء
التكليف
الجبر و التفويض
الحسن و القبح
القضاء و القدر
اللطف الالهي
مواضيع عامة
النبوة
اثبات النبوة
الانبياء
العصمة
الغرض من بعثة الانبياء
المعجزة
صفات النبي
النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
الامامة
الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها
صفات الأئمة وفضائلهم
العصمة
امامة الامام علي عليه السلام
إمامة الأئمة الأثني عشر
الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
الرجعة
المعاد
تعريف المعاد و الدليل عليه
المعاد الجسماني
الموت و القبر و البرزخ
القيامة
الثواب و العقاب
الجنة و النار
الشفاعة
التوبة
فرق و أديان
علم الملل و النحل ومصنفاته
علل تكون الفرق و المذاهب
الفرق بين الفرق
الشيعة الاثنا عشرية
أهل السنة و الجماعة
أهل الحديث و الحشوية
الخوارج
المعتزلة
الزيدية
الاشاعرة
الاسماعيلية
الاباضية
القدرية
المرجئة
الماتريدية
الظاهرية
الجبرية
المفوضة
المجسمة
الجهمية
الصوفية
الكرامية
الغلو
الدروز
القاديانيّة
الشيخية
النصيرية
الحنابلة
السلفية
الوهابية
شبهات و ردود
التوحيـــــــد
العـــــــدل
النبـــــــوة
الامامـــــــة
المعـــاد
القرآن الكريم
الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
الزهراء (عليها السلام)
الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء
الامام المهدي (عليه السلام)
إمامة الائمـــــــة الاثني عشر
العصمـــــــة
الغلـــــــو
التقية
الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة
الاسلام والمسلمين
الشيعة والتشيع
اديان و مذاهب و فرق
الصحابة
ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم
نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)
البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين
التبرك و الزيارة و البناء على القبور
الفقه
سيرة و تاريخ
مواضيع عامة
مقالات عقائدية
مصطلحات عقائدية
أسئلة وأجوبة عقائدية
التوحيد
اثبات الصانع ونفي الشريك عنه
اسماء وصفات الباري تعالى
التجسيم والتشبيه
النظر والمعرفة
رؤية الله تعالى
مواضيع عامة
النبوة والأنبياء
الإمامة
العدل الإلهي
المعاد
القرآن الكريم
القرآن
آيات القرآن العقائدية
تحريف القرآن
النبي محمد صلى الله عليه وآله
فاطمة الزهراء عليها السلام
الاسلام والمسلمين
الصحابة
الأئمة الإثنا عشر
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
أدلة إمامة إمير المؤمنين
الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام
الإمام المهدي عليه السلام
إمامة الأئمة الإثنا عشر
الشيعة والتشيع
العصمة
الموالات والتبري واللعن
أهل البيت عليهم السلام
علم المعصوم
أديان وفرق ومذاهب
الإسماعيلية
الأصولية والاخبارية والشيخية
الخوارج والأباضية
السبئية وعبد الله بن سبأ
الصوفية والتصوف
العلويين
الغلاة
النواصب
الفرقة الناجية
المعتزلة والاشاعرة
الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب
أهل السنة
أهل الكتاب
زيد بن علي والزيدية
مواضيع عامة
البكاء والعزاء وإحياء المناسبات
احاديث وروايات
حديث اثنا عشر خليفة
حديث الغدير
حديث الثقلين
حديث الدار
حديث السفينة
حديث المنزلة
حديث المؤاخاة
حديث رد الشمس
حديث مدينة العلم
حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه
احاديث متنوعة
التوسل والاستغاثة بالاولياء
الجبر والاختيار والقضاء والقدر
الجنة والنار
الخلق والخليقة
الدعاء والذكر والاستخارة
الذنب والابتلاء والتوبة
الشفاعة
الفقه
القبور
المرأة
الملائكة
أولياء وخلفاء وشخصيات
أبو الفضل العباس عليه السلام
زينب الكبرى عليها السلام
مريم عليها السلام
ابو طالب
ابن عباس
المختار الثقفي
ابن تيمية
أبو هريرة
أبو بكر
عثمان بن عفان
عمر بن الخطاب
محمد بن الحنفية
خالد بن الوليد
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
عمر بن عبد العزيز
شخصيات متفرقة
زوجات النبي صلى الله عليه وآله
زيارة المعصوم
سيرة وتاريخ
علم الحديث والرجال
كتب ومؤلفات
مفاهيم ومصطلحات
اسئلة عامة
أصول الدين وفروعه
الاسراء والمعراج
الرجعة
الحوزة العلمية
الولاية التكوينية والتشريعية
تزويج عمر من ام كلثوم
الشيطان
فتوحات وثورات وغزوات
عالم الذر
البدعة
التقية
البيعة
رزية يوم الخميس
نهج البلاغة
مواضيع مختلفة
الحوار العقائدي
* التوحيد
* العدل
* النبوة
* الإمامة
* المعاد
* الرجعة
* القرآن الكريم
* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
* فضائل النبي وآله
* الإمام علي (عليه السلام)
* فاطمة الزهراء (عليها السلام)
* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء
* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)
* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم
* العـصمة
* التقيــة
* الملائكة
* الأولياء والصالحين
* فرق وأديان
* الشيعة والتشيع
* التوسل وبناء القبور وزيارتها
* العلم والعلماء
* سيرة وتاريخ
* أحاديث وروايات
* طُرف الحوارات
* آداب وأخلاق
* الفقه والأصول والشرائع
* مواضيع عامة
خواصّ الواجب الوجود
المؤلف: محمّد آصف المحسني
المصدر: صراط الحق في المعارف الإسلامية والأُصول الاعتقادية
الجزء والصفحة: ج1- ص56-69
1-07-2015
5625
اعلم أنّ لكلّ من الواجب والممكن خواصّ ... نبدأ ببيان خواصّ الواجب وهي أُمور :
1 ـ إنّ إمكانه بالإمكان العام يكفي لثبوته
وجوباً وضرورةً ، ونسمّيه بقاعدة الملازمة ، ولم نرَ مَن ذكرها في خواصّ الواجب مع
أنّها مهمة ومفيدة جداً .
فنقول : الواجب إذا لم يكن بممتنع عقلاً يكون
موجوداً وثابتاً ، بلا حاجة إلى لمّية الثبوت والإثبات ؛ وذلك لاستحالة الإمكان
الخاصّ في حقّه ، فإنّه قسيم للوجوب ... فالممكن الخاصّ لا يوجد إلاّ بعد علّته
ثبوتاً ، ولا يصدق بوجوده إلاّ بعد سببه إثباتاً وإن كان إمكانه معلوماً على كل
تقدير ، فإنّه لا يلازم فعليته ووجوده كما لا يخفى ، وهذا بخلاف الواجب ؛ حيث إنّ
مجرّد إمكانه العام كافٍ في تحقّقه ثبوتاً وإثباتاً ، فالواجب المفروض إمّا ممتنع
أو متحقّق ، وهذا لا يقتضي زيادة إيضاح .
وتجري هذه القاعدة في صفاته الواجبة أيضاً ،
فيقال : القدرة الواجبة ـ مثلاً ـ غير ممتنعة لمبدأ الواجب فهي ثابتة له وهكذا ،
نعم بناءً على القول بإمكان الصفات وزيادتها على الذات ـ كما عليه أُمّة الأشعري ـ
لا مجرى لها فيها .
وقد استدلّ للقاعدة المذكورة أيضاً (1) ، بأنّ
صفاته الذاتية متى صحّت وجبت ؛ وإلاّ لافتقر في اتّصاف الذات بها إلى الغير ،
والافتقار عليه محال .
أقول : استحالة الافتقار ـ بهذا المعنى ـ أخفى من
نفس المدّعى .
1 ـ إنّ الواجب الوجود واجب من جميع الجهات ، قال
في الأسفار (2) : المقصود من هذا أنّ الواجب الوجود ليس فيه جهة إمكانية ، فإنّ
كلّ ما يمكن له بالإمكان العام فهو واجب له .
أقول : الاستدلال عليه بوجوه :
الأوّل : ما تجشّم بإقامته صاحب الأسفار ، وهو :
أنّ الواجب تعالى لو كان له ـ بالقياس إلى صفة كمالية ـ جهة إمكانية بحسب ذاته
بذاته للزم التركيب في ذاته ، وهو محال ، فيلزم أن يكون جهة اتّصافه بالصفة
المفروضة الكمالية وجوباً وضرورةً لا إمكاناً وجوازاً .
أقول : إن أراد بالإمكان اللازم فيه تعالى
الإمكان القياسي ففيه منع لزوم التركيب ، وإلاّ لجرى في الامتناع القياسي أيضاً ،
وقد صرّح نفسه (3) ، بأنّ الامتناع بالقياس إلى الغير يعرض لكل موجود ـ واجباً كان
أو ممكناً ـ بالنسبة إلى عدم معلوله أو عدم علّته .
وحلّه أنّ معنى الإمكان بالقياس ، هو عدم وجوب
الصفة له تعالى بالنظر إلى ذاته المقدّسة ، مع إمكانها بالإمكان العام على ضدّ
مفاد القاعدة ، أعني بها وجوب الواجب من جميع الجهات ، وأين هذا من التركيب ؟ ولذا
لو فرضنا الواجب متعدّداً كان كل واحد ممكناً بالقياس إلى الآخر وإلى معاليله ،
كما ذكره هو أيضاً ، فلا ملازمة بين التركيب والإمكان المذكور .
ثمّ إنّ الأمر في الأفعال أوضح ؛ لأنّا سنبرهن
على تبعيتها للمصالح والأغراض الزائدة على ذاته تعالى ، فلا يجب الفعل بالنسبة إلى
مجرّد ذاته تعالى .
فإن قلت : لا معنى للإمكان القياسي بين العلة
والمعلول .
قلت : نعم ، بيد أنّ المقام ليس من هذا الباب ،
لأنّا نبحث عن الشيء الممكن قبل إيجاده، فنقول مثلاً : إنّ هذا الفعل المعدوم
خارجاً بالفعل الموجود في الذهن ، هل يجب بالنسبة إلى الواجب أم لا ؟ فالاشتباه
إنّما هو من جهة خلط ما في الذهن بما في الخارج فتفطّن .
ومنع الإمكان القياسي في هذه المرتبة أيضاً
مصادرة واضحة ؛ لأنّه المدّعى فتحصّل أنّ جميع ما يمكن أن يتعلّق به قدرته تعالى
ممكن له ـ تعالى ـ بالإمكان القياسي بملاحظة ذاته ولا وجوب له أبداً ، نعم يجب
بالوجوب القياسي والغيري بلحاظ إرادته التابعة للأغراض الزائدة على ذاته تعالى .
وإن أراد من الإمكان القوة والاستعداد ، كما يظهر
من تلميذه اللاهيجي (4) في مقام الاستدلال على إثبات صفاته ، ففيه : أنّه لا يعقل
القوّة في حق الواجب بلا شك ، ولكن إنكار الوجوب المذكور لا يؤدّي إلى لزومها فيه
تعالى ، وقد قال هذا المستدل ـ أي صاحب الأسفار ـ في ربوبيات كتابه رداً على
استدلال المتأخّرين على عينية الصفات مع الذات : الأَوّل إنّا نقول : إنّ هاهنا
اشتباهاً من باب آخذ القبول بمعنى الانفعال الاستعدادي مكان القبول بمطلق الاتّصاف
، والبرهان لا يساعد إلاّ على نفي الأَوّل دون الثاني ... ـ إلى أن قال ـ :
والثاني إنّ الدليل منقوض بالصفات الإضافية له تعالى كالمبدئية والسببية وغيرهما ؛
لجريان الدليل بجميع مقدماته فيهما ، فيلزم إمّا اتّصافه بتلك الصفات ، أو عدم
كونها زائدةً على الذات ، وكلا القولين باطل ... إلخ .
أقول : فعليك بتطبيق كلامه على المقام أيضاً .
وإن أراد من الإمكان العدم ـ كما هو الظاهر من
كلامه في بيان برهانه العرشي على توحيده تعالى ، حيث قال : بل يكون ذاته بذاته
مصدقاً لحصول شيء وفقد شيء آخر من طبيعة الوجود ومراتبه الكمالية ، فلا يكون
واحداً حقيقياً ، والتركيب بحسب الذات والحقيقة ينافي الوجوب الذاتي (5) ... إلخ
بل هذا هو مراده جزماً ـ ففيه : أنّه لا دليل على امتناع مثل هذا التركيب ، بل
نمنع كون هذا تركيباً ، فإنّ التركيب من الوجود والعدم ، أو الوجدان والفقدان ، أو
الوجوب والإمكان ، أو ما شئت فسمِّه ليس تركيباً واقعياً ؛ إذ العدم أو الفقدان
ليس شيئاً له مطابق في الخارج كما هو لائح .
وأمّا ما ذكره السبزواري في حاشيته على المقام ـ
من أنّ شرّ التراكيب هو التركيب من الوجود والعدم ؛ إذا كان العدم عدم الخير
والكمال ؛ إذ العدم سنخ آخر مقابل الوجود .... وأمّا التركيب من وجود ووجود فليس
تركيباً واقعياً ، إذا كان ما به الامتياز في الوجود بما هو وجود عين ما به
الاشتراك ـ فهو من الشعريات .
ثمّ يمكن أن يقال بإرجاع الاحتمال السابق إلى هذا
الاحتمال ، وأنّ المراد بالقوة هو العدم.
ثمّ إنّ هذا الدليل ، وإن كان بظاهره مختصّاً
بالصفات الكمالية ، غير أنّ مراد المستدل تعميمه للصفات الإضافية أيضاً ، والحق
أنّ الأُولى عين ذاته ، وليس للحق جهة إمكانية بالنسبة إليها ... ، وأمّا الثانية
فهي ممكنة له مع قطع النظر عن إعمال قدرته تعالى ، فإنّ ما استدل على القاعدة
المبحوث عنها في المقام غير تام ، كما يظهر من بطلان هذا الوجه والوجوه التالية .
الثاني : ما لعلّه المشهور من أنّ ذاته لو لم تكن
كافيةً فيما له من الصفات ، لكان شيء من صفاته حاصلاً له من غيره ، فيكون وجود ذلك
الغير علّةً لوجود تلك الصفة فيه تعالى ، وعدمه علّةً لعدمها ، وحينئذٍ لا يكون
ذاته تعالى إذا اعتبرت من حيث هي بلا شرط يجب لها الوجود ؛ لأنّها إمّا أن يجب مع
وجود تلك الصفة أو يجب مع عدمها ، فإن كان الوجوب مع وجود الصفة المذكورة ، لم يكن
وجودها من غيره ؛ لحصولها بذات الواجب من حيث هي هي بلا اعتبار حضور الغير ، ولو
جُعلت القضية وصفيةً لم يكن الوجوب له تعالى ذاتياً أزلياً ، وإن كان مع عدمها لم
يكن عدمها من عدم العلة وغيبتها ، ولو جُعلت الضرورة مقيّدةً لم تكن ذاتيةً أزلية
، وإذا لم يجب وجودها بلا شرط لم يكن الواجب لذاته واجباً لذاته ، وهذا خلف .
أقول : في الأسفار زيادة على ذلك أتمّ بها نظم
الاستدلال فلاحظ (6) .
هذا وكونه غير تام ؛ لِما أُورد عليه من النقض
بالنسب والإضافات اللاحقة لذات المبدأ بجريان الحجة المذكورة فيها ، فيلزم أن يكون
تلك الإضافات واجبة الحصول له تعالى بحسب مرتبة ذاته بلا مدخلية الغير فيها ، وأن
يمتنع تجدّدها وتبدّلها عليه تعالى ، مع أنّ ذات الواجب غير كافية في حصولها ؛
لتوقّفها على أُمور متغايرة متجدّدة متعاقبة خارجة عن الذات بالضرورة ، وهذا ممّا
لا خفاء فيه ؛ ولذا اعترف به الشيخ ابن سينا في محكي الشفاء (7) حيث قال : ولا
نبالي بأن يكون ذاته مأخوذةً مع إضافة ما ممكنة الوجود ، فإنّه من حيث هي علة
لوجود زيد ليست بواجبة الوجود بل من حيث ذاته . انتهى .
وقَبِله كثير من الأتباع كما قيل ، فهذه الحجة
أيضاً سقيمة وفيه إشكال آخر أيضاً تركناه مخافة التطويل .
وأمّا ما نسجه في الأسفار في إبرام هذا النقض فهو
أليق بمقام الخطابة ، بل كلّه مغالطة من باب أخذ ما في الذهن مكان ما في الخارج ،
كما نبّهنا عليه سابقاً فلاحظ وتأمل حتى يظهر لك الحال ، نعم لو تمّ قاعدة كون
بسيط الحقيقة كلّ الأشياء لصح بيانه ، كما صحّحه السبزواري بها على ما يظهر من
حاشيته على المقام ، لكنّها مزيّفة جدّاً ...
الثالث : إنّ كلّ ما هو ممكن للواجب من الصفات
توجبه ذاته ، وكلّ ما توجبه ذاته فهو واجب الحصول ، أمّا الكبرى فظاهرة ، وأمّا
الصغرى ؛ فلأنّها لو لم تصدق لكان وجوب وجود بعض الصفات بغير الذات ، فذلك الغير
إن كان واجباً لذاته لزم تعدّد الواجب ، وإن كان ممكناً فإمّا توجبه الذات ، فيلزم
كونها موجبةً للبعض الذي فرضناها غير موجبة إيّاه من الصفات ؛ إذ الموجب للموجب
موجب أَوّلاً ، بل يكون وجوبه بموجب ثانٍ يوجبه وننقل الكلام إليه ، فإمّا أن تذهب
سلسلة الموجبات إلى غير النهاية ، أو ينتهي إلى موجب يوجبه الذات ويلزم خلاف
المفروض ، والحاصل أنّ الذات لو لم توجب الصفات بأسرها لزم أحد الأُمور الممتنعة
من ، تعدّد الواجب ، والتسلسل ، وخلاف المفروض (8) .
أقول : يرد عليه ـ مضافاً إلى ابتنائه على زيادة
الصفات القديمة الباطلة التي تتخيّلها الأشاعرة ـ أنّ لزوم هذه المحاذير إنّما هو
في صورة تحقّق الصفة خارجاً ، وأمّا إن قلنا بعدم تحقّقها له تعالى مع إمكانها فلا
يلزم شيء منها كما ليس بسر ، وأمّا الأفعال فخروجها عن مدلول الدليل المذكور ظاهر
؛ لأنّها تابعة للإرادة دون الذات نفسها ، والعمدة التي يترتّب عليها جملة من
المسائل المختلف فيها ، هو وجوب الأفعال الذي لا دلالة للدليل عليه ، وأمّا وجوب
الصفات وعينيتها مع الذات المقدّسة ، فهو ممّا لا شبهة فيه ...
الرابع : ما ذكره الحكيم اللاهيجي (9) وغيره ، من
أنّه لو لم يجب ما أمكن في حقّه ، لزم افتقاره إمّا إلى نفسه فيلزم أن يكون الله
فاعلاً وقابلاً ، وإمّا إلى غيره فيلزم أيضاً ذلك المحذور لانتهاء غيره إليه .
أقول : بطلان كونه تعالى فاعلاً وقابلاً غير
مبيّن بل مرّ منعه ، بل هو أيضاً حقّق عدم بطلانه في مثل الشقّ الأَوّل في كتبه (10)
، هذا مع أنّه لو تمّ لَما جرى في أفعاله ؛ فإنّ وجوبها بإرادته التابعة للمِلاكات
الواقعية ، فلا يلزم الافتقار .
فتحصل أنّ هذه القاعدة لم تثبت في خواصّ الواجب
القديم .
3 ـ امتناع كونه جزءً للغير ، فالأجزاء إمّا
عقلية تحليلية مثل الجنس والفصل ، وإمّا خارجية مقدارية كأجزاء السكنجبين مثلاً ،
وإمّا غير مقدارية ـ أي معنوية ـ نحو المادة والصورة ، ولا يعقل أن يكون الواجب
جزءً لغيره بجميع هذه المعاني .
أمّا عدم كونه جزءً عقلياً ؛ فلأنّه موجود خارجي
، وأمّا عدم كونه جزءً مقدارياً ؛ فلأنّه ليس بمادي ولا كم له ، فلا يعقل عروض
المقدار له ، وأمّا عدم كونه جزءً معنوياً ؛ فلأنّ المحل ملتمس إلى الصورة في
فعليتها ، والصورة لابدّ لها من مادة تحلها ، فكلاهما لا يناسب الوجوب. وإن شئت
فقل : احتياج الحال إلى محله ، إمّا في الوجود كما إذا كان عرضاً ، أو في التشخّص
إذا كان صورةً ، وعلى كلا التقديرين يكون الحال ممكناً ولا سيما إن تشخّصه ـ تعالى
ـ بنفس وجوده .
وأيضاً تحقّق التركّب بتأثير الأجزاء وتأثّرها
بالضرورة ، والواجب لا يتأثّر من غيره ؛ وأيضاً المركّب إمّا واجب وإمّا ممكن ، لا
يصحّ الأَوّل ... ولامتناع قوام الواجب
بالممكن كما في صورة إمكان الجزء الآخر ، ولا يصحّ الثاني ؛ لاجتماع الوجوب
والإمكان في شيء واحد ؛ ضرورة أنّ المركب نفس الأجزاء ، فتدبّر .
4 ـ استحالة التركيب عليه ، أمّا تركّبه من
الأجزاء الخارجية فبطلانه واضح ؛ ضرورة احتياج المركّب إلى كل جزء بنفسه في تحقّقه
، والجزء غير الكل ، فكل مركّب محتاج إلى غيره في وجوده ، وهذا هو الإمكان المضاد
للوجوب .
وأيضاً الواجب لا يكون متكمّماً فلا مقدار له ،
وأيضاً المركّب لابدّ له من مركّب ـ بالكسر ـ والواجب لا فاعل له .
وأمّا تركّبه من الأجزاء العقلية ـ وإن فرض
بساطته خارجاً ـ فيفسده :
أوّلاً : إنّه لو كان له جنس وفصل لكان جنسه
مفتقراً إلى الفصل لا في مفهومه ومعناه ، بل في أن يوجد ويحصل بالفعل ، فحينئذٍ
نقول : ذلك الجنس لا يخلو إمّا أن يكون وجوداً محضاً أو مهية غير الوجود ، فعلى
الأَوّل يلزم أن يكون ما فرضناه فصلاً لم يكن فصلاً ؛ إذ الفصل ما يوجد به الجنس ،
وهذا إنّما يتصوّر إذا لم يكن حقيقة الجنس حقيقة الوجود ، وعلى الثاني يلزم أن
يكون الواجب ذا مهية ، والحال أنّه نفس الوجود .
ذكره صاحب الأسفار (11) ولعلّه تفصيل ما ذكره
الفارابي في الفصّ السابع من فصوصه .
وثانياً : إنّ المركّب محتاج إلى أجزائه العقلية
فيصير ممكناً ، وتنظّر فيه بعض المتكلّمين (12) فقال : إنّ الممكن هو ما يحتاج في
وجوده الخارجي إلى غيره ، والواجب ما لا يحتاج كذلك ؛ إذاً التقسيم الثلاثي
المتقدّم إنّما هو بملاحظة الوجود الخارجي ، فلو فرض تركّب الوجود من الأجزاء
الذهنية لا يلزم إلاّ احتياجه في التحقّق الذهني إلى أجزائه العقلية ، وهذا لا
ينافي الوجوب .
ويمكن أن يجاب عنه بأنّ تقسيم المفهوم إلى الجهات
الثلاث وإن كان بحسب الوجود الخارجي ، إلاّ أنّ الأجزاء العقلية موجودة في نفس
الأمر ؛ ضرورة عدم كونها من الاختراعيات ، فحينئذٍ يتوقّف وجوده في نفس
الأمر على غيره ، وهذا النحو من الافتقار أيضاً ينافي الوجوب ؛ إذ وجود الواجب
ضروري في حد نفسه ، فافهم .
وقال الفارابي في الفصّ التاسع من فصوصه : وجوب
الوجود لا ينقسم بأجزاء القوام مقدارياً كان أو معنوياً ـ يريد به الصورة والمادة
فقط ، أو مع الجنس والفصل ـ وإلاّ لكان كلّ جزء منه إمّا واجب الوجود فيتكثّر واجب
الوجود ، وإمّا غير واجب الوجود فهو أقدم بالذات من الجملة ، فيكون الجملة أبعد من
الجزء في الوجود . انتهى .
وهذا برهان متين ؛ إذ الواجب أقدم في الوجود من
جميع الممكنات فلا جزء ممكن له ...
5 ـ امتناع كون وجوده واجباً بذاته وبغيره معاً ،
ووجهه ظاهر ؛ ضرورة أنّ الواجب الوجود إنّما يستند وجوب وجوده إلى ذاته لا إلى
غيره أيضاً .
طريق آخر وهو : أنّ الغير الذي يُفرض استناد
الوجوب إليه ، إن كان واجباً ننقل الكلام إليه ، ونسأل عمّا به وجوبه الغيري
ليتسلسل ، وإن كان ممكناً يلزم الدور ؛ ضرورة توقّف وجوده ووجوبه الغيري على
الوجوب الذاتي ، فلو استند وجود الواجب ووجوبه إلى الممكن المذكور لَدار.
وأيضاً الوجوب الغيري يعرض للمعلول ، والمعلول
ممكن ، والمسألة واضحة جداً ، والصحيح أنّها ليست من خواصّ الواجب لجريانها في
الممكن أيضاً كما لا يخفى .
6 ـ تشخّصه بذاته ونفسه ، وإن قلنا بأنّ تشخّص
الموجودات بالعوارض لا بنفس وجوداتها الخاصة ؛ وذلك لأنّ الواجب لو تشخّص بغير
نفسه لاحتاج إلى ذاك الغير ، والوجوب لا يجامع الاحتياج .
وأيضاً إن كان هذا الغير واجباً ننقل الكلام إلى
تشخّصه حتى يتسلسل ، وإن كان ممكناً لزم تقدّم الشيء على نفسه ، وهو محال .
7 ـ تفرّده وعدم تعدّده ، فإنّ التعدّد يستلزم
الإمكان ولا يجامع الوجوب ؛ إذ الواجبان إمّا أن يكونا متساويين في تمام الذات ،
أو متخالفين كذلك ، أو يتشاركان في جهة ويفترقان من جهة ، ولا شق رابع .
والأَوّل باطل ؛ لاستلزام افتقار كلّ منهما إلى
التمييز بما هو خارج عن ذاتيهما ، وبالجملة حالهما حينئذٍ حال فردين من نوع واحد
في الاحتياج إلى المشخّصات الفردية ، وهو عين الإمكان .
قال الفارابي في الفصّ الخامس من فصوصه : ( كل
واحد من أشخاص الماهية المشتركة فيها ليس كونه تلك الماهية ، هو كونه ذلك (13)
الواحد وإلاّ لاستحال تلك الماهية لغير ذلك الواحد، فإذن ليس كونها ذلك الواحد
واجباً لها من ذاتها ، فهي بسبب وهي معلولة ) هذا ، مع أنّ المائز المذكور إن كان
واجباً ننقل الكلام إلى مائزه حتى يتسلسل ، وإن كان ممكناً فلا يصلح للتمييز ؛ إذ
نسبة كل ممكن إلى الواجبين على حد سواء ، فتأمّل جيداً ، مع أنّ وجود الممكن قبل
تشخّص الواجب باطل لكونه دورياً ، كما لا يخفى .
والثاني : فاسد ، فإنّ حقيقة كلّ منهما إن كانت
نقصاً يصير كلّ منهما ممكناً ؛ لأنّ النقص من لوازم الإمكان ولا يكون الواجب إلاّ
كمالاً خالصاً ، وإن كانت كمالاً وبهاءً يلزم خلو كلّ منهما من الكمال ؛ لفرض أنّ
كلاً منهما فاقد في نفسه حقيقة الآخر ، والخلو من الكمال لا يلائم الوجوب ؛ لِما
قلنا من استلزام النقص للإمكان .
وأمّا الثالث : فضعفه جلي ؛ لأنّ التركيب يمتنع
في حقّ الواجب ... وبهذا التقرير اندفع شبهة ابن كمونة ، بل لم يبقَ لها مجال
أصلاً ، فهذا البرهان مع قلّة مؤونته ، ووضوح أركانه ، كثير المعونة جداً ، إلاّ
أنّه متوقّف على استحالة النقص على الواجب ، ولزوم اتّصافه بكل كمال ...
ثمّ إنّ الكلام في هذا المقام طويل الذيل ...
8 ـ في أنّ الواجب ماهيّته إنيّته ، بمعنى أنّه
لا ماهية له سوى الوجود الخاصّ المجرّد عن مقارنة الماهية ، بخلاف الممكن كالإنسان
مثلاً ، فإنّ له ماهية هو الحيوان الناطق ، ووجوداً وهو كونه في الأعيان ،
واستدلّوا عليه بوجوه .
الأوّل : لو لم يكن وجود الواجب عين ذاته يلزم
كونه مع بساطته قابلاً وفاعلاً ؛ لأنّ وجوده ـ لكونه عرضياً لماهيته ـ يكون
معلولاً ؛ لأنّ كلّ عرضي معلول إمّا لمعروضه وإمّا لغيره ، فلو كان معلولاً لغيره
يلزم إمكانه ؛ إذ المعلولية للغير ينافي الواجبية ، فإذن الماهية تكون قابلةً
للوجود من حيث المعروضية ، فاعلةً له من حيث الاقتضاء ، وهذا ـ أي كون الماهية
فاعلةً وقابلةً ـ مستلزم للتركيب .
الثاني : لو كان وجوده زائداً عليه لزم تقدّم
الشيء بوجوده على وجوده ، وبطلانه ضروري.
بيان الملازمة : أنّ الوجود حينئذٍ يحتاج إلى
الماهية احتياج العارض إلى المعروض ، فيكون ممكناً ضرورة احتياجه إلى الغير ،
فيفتقر إلى علّة هي الماهية لا غير ؛ لامتناع افتقار الواجب في وجوده إلى الغير ،
وكلّ علّة فهي متقدّمة على معلولها بالضرورة ، فيكون الماهية متقدّم على وجودها
بوجودها .
أقول : وإن شئت فقل : إنّ الكلام فيما يكون
العلّة فيه علّةً للوجود أو الموجود في الخارج، وبديهة العقل حاكمة بوجوب تقدّمها
عليه بالوجود ، كما أفاده المحقّق الطوسي قدّس سره ، فما تخيّله الرازي الأشعري من
قياس المقام بقابلية الماهية وغيرها مزيّف جداً .
الثالث : لو كان زائداً يلزم إمكان زوال وجود
الواجب وهو ضروري الاستحالة ؛ وذلك لأنّ الوجود إذا كان محتاجاً إلى غيره كان
ممكناً ، وكان جائز الزوال نظراً إلى ذاته وإلاّ لكان واجباً لذاته ، مستقلاً في
حقيقته ، غير متعلّق بالماهية ، وهذا خلف .
الرابع : ما ذكره صاحب التلويحات ، واستحسنه صاحب
الأسفار ، وأوضحه بقوله : إنّه لمّا كان الوجوب والامتناع والإمكان من لوازم
الماهيات والذوات ؛ إذ المنظور إليه في تقسيم الشيء إلى الأُمور الثلاثة حاله في
نفسه مقيساً إلى الوجود ، فلو كان المفروض واجباً معنىً غير نفس الوجود ، يكون
معنىً كلياً له جزئيات بحسب العقل ، ( فإنّ كلّ ما يفصّله الذهن إلى معروض وعارض
وهو الوجود ، كان في مرتبة ذاته مع قطع النظر عن وجوده كلياً لا محالة ، وكلّ ما
له ماهية كلّية فنفس تصوّره ، لا يأبى عن أن يكون له جزئيات غير ما وقع إلاّ لمانع
خارج عن نفس ماهيّته ) .
فتلك الجزئيات إمّا أن يكون جميعها ممتنعةً
لذاتها ، أو واجبةً لذاتها ، أو ممكنةً لذاتها ، والشقوق الثلاثة بأسرها باطلة ؛
إذ الأَوّل ينافي الوجوب والوجود ، والثاني ينافي العدم فيما لم يقع، والثالث
ينافي الوجوب فيما يُفرض واقعاً ، وبطلان شقوق التالي بأسرها مستلزم لبطلان
المقدّم، وهو كون الواجب معنىً غير الوجود .
فإذن ، إن كان في الوجود واجب بالذات ، فليس إلاّ
الوجود الصرف المتأكد المتشخّص بنفسه ، لا يلحقه عموم ولا خصوص ، وإن شئت أن تطلع
على بطلان ما أُورد على هذه الحجّة فلاحظ الأسفار .
الخامس : إنّ الوجود لو كان زائداً على ماهية الواجب
لزم وقوعه تحت مقولة الجوهر، فيحتاج إلى فصل مقوّم فيتركب ذاته ، وهو محال .
السادس : كلّ ما صحّ على الفرد صحّ على الطبيعة
من حيث هي ؛ لأنّ اللابشرط ولا سيما المقسمي عين الفرد ، فصحّة شيء على الفرد عين
الصحّة على الطبيعة ، وكلّ ما امتنع على الطبيعة امتنع على أفرادها ، ولمّا لزم
قول الإمكان على بعض الجواهر ضرورةً ، صحّ وقوع الإمكان على مقولتها لذاتها ، فلو
دخل واجب الوجود تحت مقولة الجوهر ، للزم فيه جهة إمكانية باعتبار الجنس ، فلا
يكون واجب الوجود بالذات ، وهذا خلف ، فكل ما له ماهية زائدة على الوجود فهو إمّا
جوهر أو عرض ، فلا يكون للواجب ماهية كذلك .
قلت هذه الوجوه الستة بتغيير عمّا في الأسفار (14)
.
السابع : لو كان للواجب تعالى ماهية سوى الوجود ـ
ولو كانت ماهيةً بسيطة نوعية ـ لكان زوجاً تركيبياً ، والتالي باطل ، فالمقدّم
مثله .
بيان الملازمة : أنّ الواجب حينئذٍ مجموع الماهية
والوجود لا الماهية فقط ؛ إذ المراد بها ما هي مقابلة للوجود ، فليست من حيث هي
إلاّ هي ، فلا يمكن كونها بلا وجود حقيقة الواجب تعالى وهو ظاهر ، ولا من حيث
كونها ملزومة الوجود بحيث يكون الوجود خارجاً، والحقيقة نفس الماهية اللاموجودة واللامعدومة ، بل مجموع الماهية والوجود حقيقته
تعالى، وهذا لا يرتفع بجعل أحدهما لازماً والآخر ملزوماً ، كما أنّ التركيب لا
يُسلب عن الممكن بجعل الوجود عارضاً والماهية معروضةً أو بالعكس .
الثامن : لو كان له ماهية لم يكن محيطاً بكل
التعيّنات ؛ لأنّ خصوصية أيّة ماهية كانت، لا تجامع خصوصيات الماهيات الأُخر ،
فلابدّ أن يكون هو تعالى وجوداً يجامع كلّ التعيّنات ، وينبسط على كلّ الماهيّات .
التاسع : لو كان له ماهية لزم إمكان تعقّله للبشر
، واللازم باطل عقلاً واتّفاقاً ، فالملزوم مثله .
بيان الملازمة : أنّ سنخ الماهية ممكن التعقّل
والاكتناه أينما تحقّقت ، كما اشتهر أنّ التعريف للماهية وبالماهية ، ولو لم تعقل
بالفعل فلا أقلّ من إمكان التعقّل ، كما أنّ ماهية الإنسان ممكنة التعقّل وإن لم
يعقلها العامّي بالفعل ، ولو فرض أنّ الممكن لم يكن له ماهية لم يمكن تعقّله أيضاً؛
إذ وجوده الخارجي لا يحصل في الذهن وإلاّ لانقلب .
ذكر هذه الوجوه الثلاثة الحكيم السبزواري في
حاشيته على الأسفار (15) في هذا المقام ، وله وجه رابع قرّره في حاشيته على إلهيات
الأسفار ، لكن لم نرَ لزوماً لنقله .
العاشر : لو كان وجوده زائداً عليه ، حتى يكون
ألفاً موجوداً مثلاً ، لم يكن في حدّ ذاته مع قطع النظر عن العارض موجوداً ولا
معدوماً ، كما حقّق في مبحث الماهية ، وكلّما كان كذلك فهو ممكن ؛ لأنّ اتصّافه
بالوجود إمّا بسبب ذاته وهو محال ؛ إذ الشيء ما لم يوجد لم يوجد ، فيلزم تقدّمه
بالوجود على نفسه وهذا خلف ، وإمّا بسبب غيره فيكون معلولاً فلا يكون واجباً بل
ممكناً.
نقله في إلهيات الأسفار ، وربّما يُقرّر (16)
بأنّ اتّصاف الشيء بالوجود لابدّ له من علّة بها يصير متصفاً بالوجود ، فتلك
العلّة إمّا ذات الشيء أو غيرها ، وعلى الأَوّل يلزم تقدّم الشيء على الوجود
بالوجود ؛ ضرورة تقدّم المحتاج إليه على المحتاج بالوجود ، فيلزم التسلسل أو تقدّم
الشيء على نفسه ، وعلى الثاني يلزم إمكان الواجب وهو واضح .
الحادي عشر : لو كان الوجود زائداً لكان ذاته
فاقداً في ذاته للوجود خالياً عنه ، فلم تكن موجوديته نظراً إلى ذاته بذاته ، بل
تحتاج موجوديته إلى غير الذي هو وجوده ، فيلزم إمكانه (17) .
الثاني عشر : إنّه لو كان للواجب ماهية ووجود ،
فإن كان الواجب هو المجموع لزم تركّبه ولو بحسب العقل ، وإن كان أحدهما لزم
احتياجه ؛ ضرورة احتياج الماهية في تحقّقها إلى الوجود ، واحتياج الوجود لعروضه
إلى الماهية ، نقله القوشجي في شرحه على التجريد (18) .
تحليل وتنقيد :
وهذه هي الوجوه التي استدلّوا بها على المدعى ،
وقبل التفتيش فيها لابدّ من إرجاع النظر إلى أصل الدعوى ؛ لتحليلها وتصويرها بصورة
معقولة ، فإنّ المسألة نفسها مجملة محجوبة ، فها هنا موقفان :
الموقف الأَوّل : في تحليل نفس المدعى ، وأنّه ما
هو مقصودهم من نفي الماهية عنه تعالى ، وأنّها عين وجوده ؟
فنقول :
إنّ كل ممكن زوج تركيبي له ماهية ووجود ، أحدهما
تأصلي والآخر اعتباري انتزاعي ، ولا يصح تأصّلهما معاً ؛ لِما ذكره السبزواري في
أوائل شرح منظومته وحاشيتها ، واختلفوا في الأصيل منهما فذهب بعضهم إلى أنّه
الماهية والمنتزع هو الوجود ، فالمجعول بالذات هو الماهية نفسها ، والوجود يُنتزع
من تحقّقها خارجاً ، وذهب الآخرون إلى أنّه الوجود والماهية هي المنتزعة من حدود
الوجود ، وقد استقرّ عليه المذهب من زمن صاحب الأسفار .
بيان ذلك : أنّه لا خلاف يعتد به بين المشّائين
وأهل الإشراق وغيرهم من المحقّقين ، في أنّ الكلّي الطبيعي المعبّر عنه بالماهية
في ألسنة الحكماء ـ أي المقسم للمطلقة والمجرّدة والمخلوطة ـ موجود ، إلاّ أنّ
الخلاف في أنّه بعد جعل الجاعل موجود بالأصالة والوجود واسطة في الثبوت، أو موجود
بالعرض والوجود واسطة في العروض .
والأَوّل هو معنى أصالة الماهية ، والثاني هو
معنى أصالة الوجود ، والمراد من الواسطة بالعروض هو قسم خاصّ منها ، وهو ما لا
تحصّل للمعروض بدون الواسطة ، كما صرّح به السبزواري في حاشية الأسفار (19) ، إذا
تقرّر ذلك فيتّضح لك معنى مسألتنا المبحوث عنها ، وأنّه يختلف باختلاف القولين
المتقدّمين .
أمّا على القول بأصالة الماهية فإليك ـ في تفسير
مقصود المسألة ـ تعبير الدواني الذي هو من المصرّين على أصالتها قال : هذا المعنى
العام المشترك فيه ( يعني به مفهوم الوجود) من المعقولات الثانية ، هو ليس عيناً
بشيء منها حقيقةً ، نعم مصداق حمله على الواجب ذاته بذاته، ومصداق حمله على غيره
ذاته من حيث هو مجعول الغير ، فالمحمول في الجميع زائد بحسب الذهن ، إلاّ أنّ
الأمر الذي هو مبدأ انتزاع المحمول في الممكنات ذاتها ، من حيثية مكتسبة من الفاعل
، وفي الواجب ذاته بذاته ، فإنّه وجود قائم بذاته ، فهو في ذاته بحيث إذا لاحظه
العقل انتزع منه الوجود المطلق بخلاف غيره (20) انتهى .
وهذا هو ظاهر المحقّق اللاهيجي أيضاً في ( گوهر
مراد ) .
وأمّا على القول بأصالة الوجود ، فإليك تقرير
صاحب الأسفار الذي هو كالمؤسس لهذا القول ـ أي أصالة الوجود ـ قال : فقولهم : إنّ
الوجود زائد في الممكن عين في الواجب ، معناه أنّ ذات الممكن وهويّته ليست بحيث
إذا قُطع النظر عن موجده ومقوّمه يكون موجوداً وواقعاً في الأعيان؛ لأنّ الهويات
المعلولية ـ كما مرّ ـ فاقرات الذوات إلى وجود جاعلها وموجدها ، فوجود الممكن حاصل
بالجعل البسيط ، فوجود الجاعل مقوّم للوجود المجعول ، فلو قُطع النظر إلى وجوده عن
جاعله لم يكن وجوده متحقّقاً ـ كما علمت ـ بخلاف الواجب جلّ ذكره ، فإنّه موجود
بذاته لا بغيره، فالممكن لا يتمّ له وجود إلاّ بالواجب ، فوجود الواجب تمام لوجود
غيره ، وهو غني الذات عن وجود ما سواه ، فثبت أنّ الوجود زائد في الممكن عين في
الواجب ، تأمّل فيه فإنّه حقيق بالتدقيق (21) انتهى . وقد ذكره في مبحث عموم علمه
تعالى أيضاً .
وقال في الشوارق : إنّ هذا المعنى هو مراد
الحكماء وهو المطابق للبرهان (22) .
أقول : فعلى هذا تصبح المسألة ـ على رغم اهتمام
الباحثين بها ـ لغواً لا أثر لها ؛ إذ معنى الواجب الوجود هو أن لا يكون له حيثية
تعليلية ، وأنّ ذاته بذاته مصداق لحمل الوجود الاعتباري عليه بلا جهة مكتسبة من
الغير ، أو أنّ وجوده قائم بنفسه لا بغيره ، فليس في هذه المسألة شيء زائد يكون
خاصة للواجب ، بل مفادها تشريح مفهوم الواجب فقط ، فتأمّل .
فإن قال قائل : إنّ الأدلة القائمة على وجود
الواجب تنفي الواسطة في الثبوت ، ولا تتكفل بإبطال الواسطة بالعروض ، بل هو من
ثمرة هذه المسألة .
نقول له : أمّا على القول بأنّه تعالى ماهيّة
مخالفة لسائر الماهيّات فلا مسرح لهذا الكلام ، فإنّ الأدلة المذكور إذا أبطلت
الواسطة في الثبوت ، تبطل الواسطة في العروض أيضاً ، كما هو غير خفي على مَن أمعن
النظر .
وأمّا على القول بأنّه وجود بحت قائم بنفسه ،
فالأدلة المزبورة وإن لم تكن كافيةً لنفي الواسطة في العروض ؛ لاحتمال أن يكون
لوجوده ماهية موجودة ـ كما في الممكن ـ ويحمل الوجود عليها بالواسطة في العروض ،
إلاّ أنّ نفيها غير لازم ، فإذا قيل : إنّ الواجب حقيقته وجود بحت لا علّة له ولا
واسطة في العروض له ، ولكن له ماهية اعتبارية تُنتزع من وجوده ، وهي
موجودة بسبب وجوده ، لا محذور فيه ، فتأمل جيداً
.
الموقف الثاني : في صحة تلك الوجوه وسقمها :
فنقول : أمّا الوجه الأَوّل فيزيّف بمنع استلزام
كونه فاعلاً وقابلاً تركّبه ... وحقّ الجواب أنّه لا علّية في المقام ؛ إذ الوجود
ـ بناءً على أصالة الماهية ـ ليس أمراً متحقّقاً ومتأصّلاً ، بل مفهوم انتزاعي على
الفرض فلا يقع معلولاً كما هو ظاهر جداً .
وأمّا بناءً على أصالته فالماهية شيء اعتباري ،
فلا معنى لتأثّرها من الوجود تأثر المسبّب من سببه . ولعمري إنّ حديث العلّية في
المقام ظاهر البطلان ، ومنه ينبثق ضعف الوجه الثاني أيضاً ؛ لابتنائه على تخيّل
السببية .
وأمّا الوجه الثالث فيفسده أنّ إمكان الوجود
الذاتي لا يستلزم إمكان زواله عن الماهية ؛ لاحتمال وجوبه لها كالزوجية للأربعة ،
وبعبارة صناعية : أنّ الإمكان الذاتي لشيء لا ينافي وجوبه الذاتي على نحو مفاد (
كان الناقصة ) .
وأمّا الوجه الرابع فهو متين ؛ تصويباً لنظر
الحكيم الشيرازي والشيخ السهروردي ، إلاّ أنّ مفاده أنّ حقيقة الواجب هو الوجود لا
الماهية ، فالباحث وإن قال بأصالة الماهية في الممكن ، لكن لابدّ له من القول
بأصالة الوجود في الواجب من جهة هذا الدليل ، وأمّا نفي الماهية المنتزعة عن
الوجود الخاصّ الخارجي ـ كما هو محلّ الكلام ـ فلا نظارة للدليل إليه، فتأمّل .
أمّا الوجه الخامس فهو ممنوع بما لا يخفى على
أهله ، ويلحق به الوجه السادس أيضاً .
وأمّا السابع فضعفه لائح لمنع لزوم التركّب فيه ؛
إذ حقيقة الواجب هو الوجود الخاص فقط أو الماهية فقط ؛ إذ كلّ منهما ـ على القول
بأصالة الآخر ـ أمر اعتباري محض ، فلا موضوع للتركّب أبداً .
وأمّا الثامن فهو ساقط ، فإنّه إن أُريد من
الإحاطة الإحاطة من حيثية القدرة والعلم والفيض ونحوها ، فالملازمة ممنوعة ، وسند
المنع واضح ؛ وإن أُريد منها ما يتضمّنه قاعدة : إنّ بسيط الحقيقة كلّ الأشياء ،
فالتالي غير باطل ... أنّ القاعدة المذكورة باطلة ولو على القول بأصالة الوجود ،
نعم إنّ الله داخل في الأشياء لكن لا كدخول شيء في شي ، كما أنه خارج منها لكن لا
كخروج شيء من شيء ، وتفصيل الكلام في غير المقام .
وأمّا التاسع فلا يتّسع ؛ إذ الماهية وإن كانت ـ
بسنخها ـ قابلةً للاكتناه بها ، إلاّ أنّه ما لم يمنع عنه مانع كما في المقام ؛ إذ
عدم تناهيها يُبطل إمكان تعقّلها واكتناهها للمدرك المحدود ، نعم لو التزمنا بوجود
ممكن غير محدود فنلتزم بإمكان تعقّلها له .
وأمّا العاشر فغير نافع ؛ إذ بناءً على أصالة
الماهية يكون الوجود يُنتزع عنها ، وهي منشأ لانتزاعه ، فكيف لا تكون موجودةً في
نفسها وإن منع من إطلاق لفظ الموجود ؟ فنقول : إنّها بنفسها متحقّقة واجبة الصدق
خارجاً فأنّى يلزم إمكانها ؟ وأمّا التقرير الثاني ففيه : إنّ اتّصاف الماهية
بالوجود لا يحتاج إلى علّة ؛ إذ هو ذاتي لها ، ونعني بالذاتي الذاتي في كتاب
البرهان .
وملخّص الكلام أنّ الوجود ضروري الثبوت للماهية
فهو من لوازمها ، وقد تقرّر أنّ الجعل لا يتعلّق باللوازم استقلالاً ، بل يتعلّق
بها بتبع الجعل المتعلّق بالملزومات ، وإذا كان الملزوم غير قابل للجعل ـ كما في
المقام ـ فلا يكون اللازم أيضاً مجعولاً لا مستقلاً ولا تبعاً ، فمرادنا من ضرورية
الوجود لماهية ، ليس هو الوجوب الغيري كما زعمه المحقّق اللاهيجي، بل الوجوب
الذاتي بنحو مفاد ( كان الناقصة ) ، ومثل هذه الضرورة لا تنافي الإمكان ، بل
المنافي له هو الضرورة بنحو مفاد ( كان التامّة ) وهذا واضح ، وبهذا البيان ينهدم
ما أورده المحقّق المذكور في شوارقه (23) ، والدواني في حواشيه على شرح القوشجي
فتأمّل .
وأمّا الوجه الحادي عشر فيفسده ما أفسد الوجه
العاشر ، ولا ينكره إلاّ القاصر .
وأمّا الوجه الأخير فلا خير فيه عند الخبير بما
تقدّم من النظير والله الهادي .
ويمكن أن يفسّر قولهم : إنّ ماهيّته إنيّته ،
وإنّ للممكن ماهيّة انتزاعية من وجوده ، بأن لا حدّ للواجب بخلاف الممكن فإنّه
محدود ؛ وذلك لأنّ الماهية تنتزع من حدود الوجود ، فما له ماهيّة يكون ذا حدّ
وتناهٍ ، وما ليس له ماهيّة لا حدّ له ولا نهاية له ، قال الحكيم الشيرازي في بعض
كلماته : والوجود الإمكاني لا تعيّن له إلاّ بمرتبة من القصور ودرجة من النزول ،
ينشأ منها الماهية ، وينتزع بحسبها المعاني الإمكانية ... (24) إلخ فتأمّل جيداً .
ونختم المقام بجملة من رواية هشام بن الحكم
المروية في الكافي ، وهي قول السائل للصادق ( عليه السلام ) : فله ـ أي الله تعالى
ـ إنيّة ومائية ؟ قال ( عليه السلام ) : ( نعم لا يثبت الشيء إلاّ بإنيّة ومائية
... إلخ ) (25) ، وللشرّاح حولها كلمات يراجع إليها طالبها والله الهادي .
وأمّا ما نُقل عن جمهور المتكلّمين (26) ، من أنّ
الوجود عرض قائم بالماهية في الواجب والممكن جميعاً قيام الأعراض ، ففيه منع جداً
.
____________________
(1) شرح الباب الحادي عشر / 16.
(2) الأسفار 1 / 122.
(3) الأسفار 1 / 159.
(4) سرمايه إيمان / 32.
(5) الأسفار 1 / 137.
(6) الأسفار 1 / 124.
(7) الأسفار 1 / 126.
(8) شرح الهداية / 149.
(9) لا يحضرني الآن موضع هذا الكلام في كتبه ،
نعم هو مذكور في الصفحة 16 من شمع اليقين لابنه الميرزا حسن .
(10) گوهر مراد / 193.
(11) المجلد الثاني .
(12) شرح القوشجي على التجريد / 52.
(13) في العبارة نوع غموض والمراد واضح .
(14) الأسفار 1 / 96 ـ 108.
(15) الأسفار 1 / 106 ـ 107.
(16) كما نقله في الشوارق 1 / 99.
(17) ذكره بعض محشي الشوارق 1 / 99.
(18) شرح التجريد / 57.
(19) الأسفار 1 / 38.
(20) نقله في الأسفار 2 / 11.
(21) الأسفار 2 / 11.
(22) الشوارق / 105. فبين كلامه هذا وما ذكره في
گوهر مراد / 144 تغاير.
(23) الشوارق 1 / 100.
(24) الأسفار 1 / 187.
(25) الكافي 1 / 84.
(26) الأسفار 1 / 249.