1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

التاريخ : التاريخ الاسلامي : السيرة النبوية : سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام :

النبي (ص) و حرب بدر

المؤلف:  السيد جعفر مرتضى العاملي.

المصدر:  الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله

الجزء والصفحة:  ج 5، ص 282- 320

15-6-2021

3750

النبي صلّى الله عليه وآله يستشير في أمر الحرب :

لما كان المسلمون قرب بدر ، وعرفوا بجمع قريش ، ومجيئها ، خافوا وجزعوا من ذلك ؛ فاستشار النبي «صلى الله عليه وآله» أصحابه في الحرب ، أو طلب العير.

فقام أبو بكر ، فقال : يا رسول الله ، إنها قريش وخيلاؤها ، ما آمنت منذ كفرت ، وما ذلت منذ عزت. ولم تخرج على هيئة الحرب.

فقال له رسول الله «صلى الله عليه وآله» : إجلس ؛ فجلس ؛ فقال «صلى الله عليه وآله» : أشيروا علي.

فقام عمر ، فقال مثل مقالة أبي بكر.

فأمره النبي «صلى الله عليه وآله» بالجلوس ، فجلس.

ونسب الواقدي والحلبي الكلام المتقدم لعمر ، وقالا عن أبي بكر : إنه قال فأحسن (١).

ثم قام المقداد فقال : يا رسول الله ، إنها قريش وخيلاؤها ، وقد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا : أن ما جئت به حق من عند الله ، والله لو أمرتنا : أن نخوض جمر الغضا (نوع من الشجر صلب) ، وشوك الهراس لخضناه معك ، ولا نقول لك ما قالت بن إسرائيل لموسى : (قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ)(٢).

ولكنا نقول : إذهب أنت وربك ؛ فقاتلا ، إنا معكم مقاتلون. والله لنقاتلن عن يمينك وشمالك ، ومن بين يديك ، ولو خضت بحرا لخضناه معك ، ولو ذهبت بنا برك الغماد لتبعناك (3).

فأشرق وجه النبي «صلى الله عليه وآله» ، ودعا له ، وسر لذلك ، وضحك كما يذكره المؤرخون (4).

فيلاحظ : أن الكلام كله قد كان من المهاجرين ، وقد ظهر منهم : أنهم لا يريدون حرب قريش ، وهم يتفادون ذلك بأي ثمن كان ، غير أن المقداد قد رد عليهم مقالتهم ، وخالفهم في موقفهم. ثم توجه النبي «صلى الله عليه وآله» إلى الأنصار ، حيث يقول النص التاريخي :

ثم قال : أشيروا علي ـ وإنما يريد الأنصار ، لأن أكثر الناس منهم ؛ ولأنه كان يخشى أن يكونوا يرون : أن عليهم نصرته في المدينة ، إن دهمه عدو ، لا في خارجها ، فقام سعد بن معاذ ـ وقيل ابن عبادة وهو وهم ؛ لأنه لم يشهد بدرا ؛ لأنه كان قد لدغ ، فلم يمكنه الخروج (5) ـ فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، كأنك أردتنا؟

فقال : نعم.

فقال : فلعلك قد خرجت على أمر قد أمرت بغيره؟

قال : نعم.

قال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ؛ إنا قد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به حق من عند الله ، فمرنا بما شئت.

إلى أن قال : والله ، لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك ، ولعل الله يريك ما تقر به عينك ؛ فسر بنا على بركة الله.

فسر النبي «صلى الله عليه وآله» ، وأمرهم بالمسير ، وأخبرهم بأن الله تعالى قد وعده إحدى الطائفتين ، ولن يخلف الله وعده ، ثم قال : والله ، لكأني أنظر إلى مصرع أبي جهل بن هشام ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة الخ ..

 

وسار حتى نزل بدرا.

ويظهر من بعض النصوص : أن الصحابة كانوا ـ في أكثرهم ـ يميلون إلى طلب العير ، وترك النفير (6).

وقد ذكر الله تعالى ذلك في قرآنه المجيد ، فهو يقول : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ)(7).

وقبل أن نمضي في الحديث نشير إلى الأمور التالية :

١ ـ إستشارة النبي صلّى الله عليه وآله أصحابه :

لقد تحدثنا فيما سبق حينما تكلمنا عن سر إرسال المهاجرين في الغزوات ، ولسوف نتحدث فيما يأتي في غزوة أحد في فصل : قبل نشوب الحرب إن شاء الله تعالى ، عن موضوع استشارة النبي «صلى الله عليه وآله» لأصحابه بما فيه الكفاية.

ولكننا نكتفي هنا بالإشارة إلى أنه قد كان من الضروري أن يستشير «صلى الله عليه وآله» أصحابه في حرب بدر التي كانت حربا مصيرية ، سوف يتقرر على أساس نتائجها مصير الإيمان والشرك في المنطقة في المستقبل المنظور على الأقل ، بل ومطلقا كما أشار إليه «صلى الله عليه وآله» في دعائه : «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد».

وواضح : أنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن بحاجة إلى رأيهم ، وإنما هو يستشيرهم لأنهم هم الذين سوف يتحملون أعباء الحرب ، ويعانون من نتائجها ، على مختلف الأصعدة.

ثم إنه يستخرج بذلك دخائل نفوسهم ، ويتميز المنافق من المؤمن ، والجبان من الشجاع ، والذي يفكر في مصلحة نفسه من الذي يفكر من منطلق التكليف الشرعي ، ويعرف أيضا الذكي من الغبي ، والعدو من الولي ، والضعيف من القوي إلى غير ذلك مما هو ظاهر لا يخفى.

ويدل على ما نقول : أن سعد بن معاذ يسأل النبي «صلى الله عليه وآله» : لعلك خرجت على أمر قد أمرت بغيره؟

فقال «صلى الله عليه وآله» : نعم.

فهذا يدل على أن أمر الحرب مقضي ومأمور به من قبل الله تعالى ؛ فليست استشارته «صلى الله عليه وآله» لهم إلا لما قلناه هنا ، وقدمناه ، وسيأتي في غزوة أحد.

 

٢ ـ حرب قريش هي الرأي :

ومن الواضح : أن الرأي الحق هو حرب قريش ، كما أراد الله ورسوله ؛ وذلك لأن الأمر يدور بين :

أن يرجع المسلمون دون أن يتعرضوا للعير ، ولا لقريش ، وفي ذلك هزيمة روحية ونفسية واضحة للمسلمين ، وإطماع لغيرهم بهم ؛ من المشركين ، واليهود والمنافقين.

أو أن يطلبوا العير فيدركوها ، فيأخذوها ، بعد قتل أو أسر رجالها. ولن تسكت قريش على هذا الأمر ، بل هي سوف تتعرض لحربهم على أوسع نطاق. وقد تتمكن من مهاجمة المدينة قبل رجوع المسلمين إليها ، وتقوم بإنزال الضربة القاصمة بالمسلمين ، فإن قريشا وهي بهذه العدة والعدد لن تسكت عن أمر كهذا ، بل سوف تحاول رد هيبتها ، والثأر لكرامتها.

فلم يبق إلا خيار واحد ، وهو أن يقفوا في وجه قريش بعد أن يعرضوا عليها عروضا مقبولة ، وعادلة ، ومعقولة.

إذن ، فحرب وقتال قريش هي الخيار الأفضل والأمثل في ظروف كهذه ، ولا سيما إذا طلبوا العير ، وربما يوجب ذلك أن يزيد الأمر تعقيدا وإشكالا بالنسبة إلى المسلمين بما لا قبل لهم به.

وتكون النتيجة هي أنه إذا أراد المسلمون العيش في عزة ومنعة ، وأن لا يطمع بهم من حولهم ، والمشركون ، واليهود ، والمنافقون ، فلا بد من المبادرة للقتال ، وليس ثمة خيار آخر أمامهم.

 

٣ ـ التربية النفسية :

وفي مجال آخر نشير إلى :

ألف ـ لقد كان هدف المسلمين أولا هو الحصول على المال ؛ فأراد الله ورسوله أن يرتفع بهم عن هذا الهدف الدنيوي إلى ما هو أغلى ، وأعلى ، وأسمى. وإلا فإن قريشا أيضا قد كانت تهدف من وراء جمعها الجموع ، وإثارة الحرب إلى أهداف دنيوية ، إقتصادية ، وإجتماعية ، وسياسية أيضا.

ب ـ لقد كان لحرب بدر أثرها في بث روح الاعتماد على النفس ، ومواجهة المسؤوليات بصلابة وشجاعة ، حيث لا بد من قتل فراعنة قريش ، وإفناء صناديدها وأسرهم (لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً)(8) ، ثم التهيؤ لحرب العرب والعجم بعد ذلك.

 

٤ ـ نظرة في الآراء حول الحرب :

ويلاحظ : أن أكثر المؤرخين قد حذفوا كلام عمر وأبي بكر هنا ، واكتفوا بقولهم : قام أبوبكر فأحسن ، ثم قام عمر فأحسن ، ثم قال المقداد كذا وكذا (9).

وربما ينسبون إلى بعضهم كلاما آخر لا ربط له بسؤال النبي «صلى الله عليه وآله» أصلا.

وأما الفقرات التي نقلناها عنهما فلم تعجب الكثيرين من المؤرخين ، فأضربوا عنها صفحا بالطريقة المشار إليها آنفا.

ولكن من الواضح : أن سرور النبي «صلى الله عليه وآله» بكلام المقداد ، ودعاءه له يدل على أن كليهما (أعني أبابكر وعمر) لم يكن منسجما مع ما كان يهدف إليه النبي «صلى الله عليه وآله» من مشاورته لهم ، بل كان مضادا لما كان يرمي إليه «صلى الله عليه وآله» ، ولو كان كلامهما لائقا لذكره محبوهم من المؤرخين والرواة وما أكثرهم.

وأما مشورة المقداد ، فكانت هي السليمة والمنسجمة مع المنطق ، ومع الأهداف السامية التي كان يرمي إليها الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله». وذلك هو ما كان يتوقعه «صلى الله عليه وآله» ويرمي إلى الوصول إليه ، والحصول عليه. ولذلك فقد استحق المقداد مدح النبي «صلى الله عليه وآله» ودعاءه له.

بل لقد ورد : أنه حين بلغ النبي «صلى الله عليه وآله» إقبال أبي سفيان شاور أصحابه ، فتكلم أبوبكر ، فأعرض عنه ، ثم تكلم عمر فأعرض عنه (10).

فإعراضه «صلى الله عليه وآله» عنهما ليس إلا لتخذيلهما عن النفير إلى حرب قريش ، ومدحهم لها بأنها : ما ذلت منذ عزت ، وما آمنت منذ كفرت الخ .. لا لأنه كان يريد من الأنصار أن يجيبوا وحسب. وإلا فلماذا سر من كلام المقداد ، ودعا له ، وهو من المهاجرين؟! حتى لقد قال ابن مسعود عن موقف المقداد هذا : لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به (11).

وعن أبي أيوب ، قال ـ في ضمن حديث له ـ : «فتمنينا معشر الأنصار لو أنا قلنا مثل ما قال المقداد أحب إلينا من مال عظيم» فأنزل الله عز وجل على رسوله : (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ)(12).

أضف إلى ذلك كله : أن كلام رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان عاما للجميع : للأنصار والمهاجرين على حد سواء ، كما أن المهاجرين كانوا كالأنصار من حيث إنهم لم يبايعوه على الحرب.

 

٥ ـ سر سروره صلّى الله عليه وآله بكلام سعد والمقداد :

وإن التأمل في كلام سعد بن معاذ والمقداد يفيد : أنهما لم يشيرا عليه لا بالحرب ، ولا بالسلام ؛ بل ما زادا على أن أظهرا التسليم والانقياد لأوامر النبي «صلى الله عليه وآله» ونواهيه ، وما يقضيه في الأمور. إنهما لم يبديا رأيا ، ولا قدما بين يديه أمرا. وهذا هو منتهى الإيمان ، وغاية الإخلاص والتسليم ، وقمة الوعي لموقعهما ، ووظائفهما ، وما ينبغي لهما.

فهما ما كانا يريان لنفسيهما قيمة في مقابل قضاء الله ورسوله على حد قوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)(13).

وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(14). ولهذا الإيمان العميق ، والتسليم المطلق ، كان سرور رسول الله واستبشاره «سلام الله عليه وعلى آله الطاهرين».

 

٦ ـ أين رأي علي عليه السّلام؟!

ويلاحظ هنا : أننا لا نجد عليا في هذا المقام يبدي رأيا ، ولا يبادر إلى موقف ، أو مشورة ، مع أنه رجل الحكمة ، ومعدن العلم ؛ فما هو السر في ذلك يا ترى؟!

ونقول في الجواب : إن موقف علي «عليه السلام» هو موقف نفس النبي «صلى الله عليه وآله». وقد وصفه الله سبحانه وتعالى في آية المباهلة بأنه نفس النبي ، فقال : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ)(15).

أضف إلى ذلك : أن عليا «عليه السلام» لم يكن ليتقدم بين يدي الله ورسوله في شيء وقد كان يرى أن من واجبه السكوت ، والتسليم ، والرضا بما قضاه الله ورسوله ، ولا يجد في نفسه أي حرج من ذلك.

 

الحباب ذو الرأي :

ويروون : أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» نزل أدنى ماء ببدر ؛ فأشار عليه الحباب بن المنذر بأن ينزل أدنى ماء من القوم ، ثم يصنع حوضا للماء ، ويغور سائر القلب ؛ فيشرب المسلمون ، ولا يشرب المشركون. ففعل الرسول «صلى الله عليه وآله» ذلك ، ثم صوب رأي الحباب.

فسمي الحباب حينئذ : «الحباب ذو الرأي» (16).

ولكن هذه الرواية لا تصح ، وذلك :

أولا : إنه قد دل الدليل على أن النبي «صلى الله عليه وآله» مصيب في كل ما يفعل ويرتتئي ، ولا يصغى لما يقال من جواز الخطأ عليه في الأمور الدنيوية ، فإنه مما يدفعه العقل والنقل. (وسيأتي البحث عن أن العصمة عن الخطأ والنسيان اختيارية عن قريب إن شاء الله تعالى).

وثانيا : إن العدوة القصوى التي أناخ بها المشركون كان فيها الماء ، وكانت أرضا لا بأس بها. ولا ماء بالعدوة الدنيا ، وهي خبار (17) تسوخ فيها الأرجل (18).

وثالثا : إن المشركين هم الذين سبقوا بالنزول في بدر كما سيأتي ؛ ولا يعقل أن ينزلوا في مكان لا ماء فيه ، ويتركوا الماء لغيرهم.

ورابعا : إن ابن إسحاق ينص على أن المشركين وردوا الحوض ، فأمر النبي «صلى الله عليه وآله» أن لا يتعرضوهم (19). وقد فعل أمير المؤمنين علي «عليه السلام» في صفين مثل ذلك ؛ حيث أباح الماء لأعدائه القاسطين ، مع أنهم كانوا قد منعوه إياه أولا (20).

ومن الواضح : أن منعهم من الماء لا ينسجم مع أخلاقيات ومبادئ الإسلام ونبيه الأعظم «صلى الله عليه وآله».

فالصحيح هو الرواية التي تقول : إن المسلمين لم يكونوا على الماء ، فأرسل الله السماء عليهم ليلا حتى سال الوادي ، فاتخذوا الحياض ، وشربوا وسقوا الركائب ، واغتسلوا وملأوا الأسقية (21) كما أشار إليه تعالى ، حين قال : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ)(22).

وذلك هو سر بناء الحوض ، وليس ما ذكروه.

 

عدة وعدد المسلمين والمشركين :

وكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد خرج في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، عدد أصحاب طالوت (وقيل : أكثر ، وأقل) والأول هو قول عامة السلف (23).

وكان معهم من الإبل سبعون بعيرا يتعاقبون عليها ، الاثنان والثلاثة ؛ فكان النبي «صلى الله عليه وآله» ، وعلي «عليه السلام» ، ومرثد بن أبي مرثد ، وقيل : زيد بن حارثة ، يعتقبون بعيرا.

وكان معه من الخيل : فرس للمقداد قطعا بإجماع المؤرخين.

قيل : فقط (24).

وروي ذلك عن أمير المؤمنين «عليه السلام» (25).

وقيل : وفرس للزبير ، أو لمرثد ، أو هما معا.

ومعهم من السلاح ستة أدرع ، وثمانية سيوف (26).

ومعه من المهاجرين ، قيل : أربعة وستون ، وقيل : سبعون ، وقيل : ستة وسبعون أو سبعة وسبعون ، وقيل : ثمانون ، وقيل : مئتان وسبعون من الأنصار ، وبقيتهم من سائر الناس ، وقيل غير ذلك (27).

والذين من الخزرج كانوا مئة وسبعين. وفي عدد الخزرج اختلاف أيضا.

أما المشركون ، فخرجوا وهم يشربون الخمور ، ومعهم القيان ، يضربن بالدفوف ، وقد أرجعوهن من الطريق.

وكان معهم سبعمائة بعير (28).

ومن الخيل ، قيل : أربعمائة (29) ، وقيل : مئتان ، وقيل : مئة فرس (30) ، وقيل غير ذلك. وكلهم دارع. ومجموع الدار عين فيهم ستمائة (31).

وكان يتبرع بالإطعام رجل منهم كل يوم ، فينحرون لهم تسعا ، أو عشرا من الإبل ، فكان المطعمون اثني عشر رجلا ، منهم : عتبة ، وشيبة ، والعباس ، وأبوجهل ، وحكيم بن حزام ؛ الذي أصبح فيما بعد من المؤلفة قلوبهم ، كما هو معروف.

 

المشركون يدركون بغيهم وعدوانهم :

والتقى بعض المسلمين ببعض عبيد قريش على ماء بدر ، فأخذوهم ، وسألوهم عن العير ، فأنكروا معرفتها ، فضربوهم ورسول الله «صلى الله عليه وآله» يصلي ، فانفتل من صلاته ، وقال : إن صدقوكم ضربتموهم ، وإن كذبوكم تركتموهم؟

ثم سألهم عن عدة قريش ، فقالوا : لا علم لهم بعددهم.

فقال «صلى الله عليه وآله» : كم ينحرون كل يوم من جزور؟

قالوا : تسعة إلى عشرة.

فقال «صلى الله عليه وآله» : القوم تسعمائة إلى ألف رجل (32) (وقيل : أكثر ، حتى لقد قال البعض : إنهم كانوا ثلاثة آلاف رجل ، وهو بعيد).

فأمر بهم «صلى الله عليه وآله» ، فحسبوا ، فعلم مشركو قريش ، ففزعوا ، وندموا على مسيرهم ، حيث إنهم بعد أن علموا بنجاة العير أصروا على المجيء إلى بدر لتهابهم العرب ، كما تقدم.

وقد اعترف عتبة بن ربيعة ، الذي كان ولده أبو حذيفة مع النبي «صلى الله عليه وآله» : بأن مسيرهم بعد نجاة عيرهم كان بغيا منهم وعدوانا. وبذلت محاولة للاتفاق على الرجوع ، لكن أبا جهل أبى ذلك ، وقال :

«لا ، واللات والعزى ، حتى نقحم عليهم بيثرب ، ونأخذهم أسارى ، فندخلهم مكة ، وتتسامع العرب بذلك ، ولا يقوم بيننا وبين متجرنا أحد نكرهه» (33).

ورجع بنو زهرة حينئذ بإشارة الأخنس بن شريق ، كما تقدم.

 

مواقع الجيشين :

وسبق المشركون إلى بدر ، فنزلوا في العدوة القصوى ، في جانب الوادي مما يلي مكة ، حيث الماء ، وكانت العير خلف المشركين (34).

قال تعالى : (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)(35). ومحل نزولهم كان صلبا. ونزل المسلمون في العدوة الدنيا ، أي جانب الوادي مما يلي المدينة ، حيث لا ماء ، وحيث الأرض رخوة ، لا تستقر عليها قدم ؛ مما يعني أن منزل المسلمين كان من وجهة نظر عسكرية غير مناسب.

ولكن الله أيد عباده ونصرهم على عدوهم ، وجاء المطر ليلا على المشركين ، فأوحلت أرضهم ، وعلى المسلمين ؛ فلبدها ، وجعلها صلبة ، وجعلوا الماء في الحياض (36).

معنويات المسلمين والعنايات الربانية :

ولما بلغ المسلمين كثرة المشركين ، خافوا ، وتضرعوا إلى الله وعن أبي جعفر الباقر «عليه السلام» : لما نظر النبي «صلى الله عليه وآله» إلى كثرة المشركين ، وقلة المسلمين ، استقبل القبلة ، وقال :

«اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض» ؛ فنزلت الآية : (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ)(37).

فالإمداد بالملائكة إذا ، ليس إلا للتطمين ، وإعطاء توهج روحي للمسلمين ، الذين يحسون بالضعف ، ويستغيثون ربهم ، حسب مدلول الآية الشريفة.

ثم ألقى الله النعاس على المسلمين ؛ فناموا ، وقد ذكر الله سبحانه ذلك ، وإرسال المطر عليهم ؛ فقال : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ)(38).

نعم ، لقد كان ذلك النعاس ضروريا لفئة تواجه هذا الخطر الهائل ، وهي تدرك أنها لا تملك من الإمكانات المادية شيئا يذكر لدفعه.

نعم ، لا بد من هذا النعاس ؛ لئلا تستبد بهم الوساوس في هذا الليل البهيم ، الذي تكبر فيه الأشياء وتتضخم ، فكيف إذا كانت الاشياء كبيرة بطبيعتها؟

وقد كان هذا النعاس ضروريا أيضا ليحصل لهم الأمن والسكون : «أمنة» ولتقوى قلوبهم بالإيمان والسكينة ، حتى لا يضعفوا عن مواجهة الخطر ، وحتى يمكن لعقولهم وفكرهم أن يسيطر على طبيعة تصرفاتهم ومواقفهم ، بدلا من الضعف والانفعال ، والتوتر. وبواسطة هذا النعاس وذلك المطر يربط الله على قلوبهم ، حيث يطمئنون إلى أن الله ناظر إليهم ، وإلى أن ألطافه وعناياته متوجهة نحوهم ، فلا يهتمون بعد ذلك بالحوادث الكاسرة ، ولا تهمهم الجيوش بكثرتها الكاثرة.

وفي مقابل ذلك ، فقد ألقى الله تعالى في قلوب الذين كفروا الرعب ، والخوف ، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.

وقد يقال : إن الله سبحانه قد أخبر في السور المكية ، كسورة محمد «صلى الله عليه وآله» بعد ذكره الذين تحزبوا ضد أنبيائهم ، وثمود ، وفرعون ، عن أن هناك حادثة شبيهة لما جرى لتلك الفئات ، ستقع للمسلمين ، فقال : (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ)(39) ، فكان ذلك وقعة بدر ، كما قاله البعض.

 

أهداف الحرب :

والملاحظة الهامة هنا هي : أن النبي «صلى الله عليه وآله» يصرح بأن حرب بدر حرب مصيرية ، وأن هدفه من هذه الحرب هو التمكين لعبادة الله تعالى ، وليس عبادة الذات ، أو المال ، أو الجنس ، أو الجاه ، أو السلطان ، ولا غير ذلك ، ولا سيما إذا شعرت قريش بالضيق والذل والضعف ، عن طريق جعلها في معاناة إقتصادية ونفسية ، حينما تدرك : أن طريق قوافلها إلى الشام ولبلدان أخرى أصبح مهددا ، وهذا ما سوف يضعف من عزائم القرشيين ، ويزلزل وجودهم ، ويجعلهم في الموقف الأضعف.

أما هدف المشركين ، فهم أنفسهم قد أفصحوا عنه ، وهو أن تهابهم العرب ، وأن لا يكون بينهم وبين متجرهم أحد يكرهونه.

وشتان ما بين الهدفين ، وكذلك ما بين نتائج الحرب ـ كما سنرى ـ بالنسبة إلى الفريقين.

 

في المواجهة :

ولما أصبح رسول الله «صلى الله عليه وآله» عبأ أصحابه. وكانت رايته مع أمير المؤمنين «عليه السلام» (40).

وكان «عليه السلام» صاحب لواء رسول الله «صلى الله عليه وآله» في بدر ، وفي كل مشهد (41) ، وسنثبت ذلك في غزوة أحد إن شاء الله تعالى.

فما يقال : من أنه كان لرسول الله «صلى الله عليه وآله» في بدر أكثر من لواء : مع مصعب بن عمير ، أو الحباب بن المنذر ، في غير محله ، إلا أن يكون مرادهم : أن لواء المهاجرين كان مع مصعب ، ولواء الأنصار كان مع الحباب ، ونحو ذلك.

وأما تفريقهم بين الراية واللواء في محاولة لرفع التنافي ، فهو أيضا محاولة فاشلة ؛ لأن كلا منهما قد ورد أنه كان مختصا بأمير المؤمنين «عليه السلام» ، كما يتضح من مراجعة النصوص في المصادر المشار إليها في الهامش (42).

أضف إلى ذلك : أن ابن سعد وابن إسحاق قد ذكرا : أن الراية قد اتخذت بعد وقعة بدر ، وبالذات في وقعة خيبر (43).

هذا لو سلم وجود اختلاف بين اللواء والراية ، وإلا فقد نص جماعة من أهل اللغة على ترادفهما (44).

 

هدوء ما قبل العاصفة :

وبعد أن عبأ النبي «صلى الله عليه وآله» أصحابه ، قال لهم : غضوا أبصاركم ، ولا تبدؤوهم بالقتال ، ولا يتكلمن أحد (45).

وسكت المسلمون ، وغضوا أبصارهم ، امتثالا لأمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» فأثر هذا الموقف في قريش بشكل واضح ، حتى إن أحدهم حين جال بفرسه حول المسلمين ؛ ليعرف إن كان لهم مدد ، أو كمين ، رجع للمشركين ، وقال : «ما لهم كمين ، ولا مدد. ولكن نواضح يثرب حملت الموت الناقع. أما ترونهم خرسا لا يتكلمون؟ يتلمظون تلمظ الأفاعي ، ما لهم ملجأ إلا سيوفهم؟! وما أراهم يولون حتى يقتلوا ، ولا يقتلون حتى يقتل بعددهم».

فشتمه أبوجهل ؛ لأنه رآه يجبن أصحابه.

وقال أبو جهل يشجع أصحابه مشيرا إلى قلة عدد المسلمين : «ما هم إلا أكلة رأس ، لو بعثنا إليهم عبيدنا لأخذوهم أخذا باليد».

وأرسل رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى المشركين يقول لهم : «معاشر قريش ، إني أكره أن أبدأكم بقتال ، فخلوني والعرب وارجعوا ؛ فإن أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا ، وإن أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمري».

ويقال : إن عتبة بن ربيعة رجح للمشركين قبول ذلك ، فرماه أبوجهل بالجبن ، وأنه انتفخ سحره (46) لما رأى محمدا وأصحابه ، وأنه خاف على ابنه أبي حذيفة الذي هو مع محمد.

فلما بلغ عتبة قول أبي جهل ، قال : سيعلم مصفر أسته (47) من انتفح سحره : أنا ، أم هو؟ وتحمس لذلك ، ولبس درعه ، هو وأخوه شيبة وولده الوليد وتقدموا يطلبون البراز.

ونحن هنا نشير إلى الأمور التالية :

ألف : سر رعب المشركين :

إن المشركين كانوا يدركون مدى تصميم المسلمين على الحرب ، وأنهم على استعداد لأن يموتوا جميعا ، بعد أن يقتلوا بعددهم على الأقل في سبيل دينهم وعقيدتهم.

وهذا من شأنه أن يبعث الرعب في قلوب المشركين ، الذين يقاتلون من أجل البقاء في هذه الدنيا ، والتمتع بلذاتها وخيراتها حسب زعمهم.

وإذا كان المسلمون ساكتين واجمين ، فإن ذلك يزيد الجو رهبة ، ويؤكد ويزيد الخوف والرعب في قلوب المشركين ، الذين سوف تزيد حيرتهم حيث لا شيء يشير إلى طبيعة الحرب التي سوف يخوضونها ، ومستواها ، والاتجاه والطابع الذي سوف يعطونها إياه.

وأما قول أبي جهل عن المسلمين : ما هم إلا أكلة رأس الخ .. فهو لا يدل على عدم الرعب لدى المشركين ، لأنه لم يقل ذلك إلا على سبيل التشجيع لأصحابه. ولا سيما بعد أن رأى ترددهم وجبنهم عن المواجهة.

أضف إلى ذلك : أننا لا بد أن نتذكر هنا : أنه تعالى في بعض مراحل المواجهة قد قلل المشركين في أعين المسلمين ، وقلل المسلمين في أعين المشركين ؛ ليقضي أمرا كان مفعولا ، ولسوف يأتي الكلام في هذا في أواخر الفصل التالي إن شاء الله تعالى.

ب : نظرة في عروض النبي صلّى الله عليه وآله على المشركين :

لقد حاول النبي «صلى الله عليه وآله» أن يكلم المشركين من الزاوية التي ينظرون منها ، وتتلاءم وتنسجم مع فكرهم ومنطقهم ، وتتلاقى مع مصالحهم التي يدعون أنهم جاؤوا يحاربون من أجلها. وذلك حينما قال لهم : «فإن أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا». فإن هذا ينسجم مع حبهم للرياسة والزعامة ، الذي كان من القوة والطغيان فيهم بحيث جعلهم يؤثرون تلك الرئاسات والزعامات على كل علاقاتهم النسبية والقبلية ، ويحاربون قومهم ، وحتى آباءهم وأبناءهم في سبيلها.

ثم هو يقول لهم : «وإن أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمري». وهذا ينسجم أيضا مع محبتهم للسلامة والحياة ، ومع مصالحهم الإقتصادية.

وذلك يعوض ما يرونه في رجوعهم عن حربه من تنازل ، واعتراف بقوته وشوكته.

مع إمكان تلافيهم ذلك بإظهار بعض الأعذار التي تحفظ لهم ماء الوجه بحسب نظرهم.

ولكن طغيان قريش ، وغطرستها يأبيان عليها الانصياع للمنطق الواعي ، والرأي السليم ، فتصر على الحرب والقتال ، ومواجهة نتائجها الساحقة لها ولكبريائها الزائف ، وصلفها الأحمق والمقيت.

ج : النبي صلّى الله عليه وآله لا يبدأ القتال :

ثم إننا نجد : أن النبي «صلى الله عليه وآله» لا يبدأ القتال ، ويأمر المسلمين أن لا يبدأوا به ، ويحاول أن يعطي الطرف الآخر الفرصة ، ويقدم له خيارات كلها فيها مخرج مشرف له ؛ فإذا أبى ذلك ، وطغى وبغى ، واعتدى على المسلمين ، فإن من حقهم أن يدافعوا عن أنفسهم ، وأن يردوا كيد المعتدي ، من كان ، ومهما كان.

وهكذا كان أمير المؤمنين «عليه السلام» مع أعدائه ، سواء في حياة النبي «صلى الله عليه وآله» ، أو بعد وفاته. ثم كان هو حال الحسين عليه السلام مع جيش يزيد «لعنه الله» ، بل إن ذلك كان هو شعار شيعة أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم ، اقتداء بإمامهم ، الذي يقتدي بالنبي الأعظم «صلى الله عليه وآله».

ولسوف تأتي الإشارة إلى ذلك حين الحديث حول خصائص الشيعة بعد الانتهاء من غزوة بدر مع أبحاث أخرى في فصل : «بحوث ليست غريبة عن السيرة» إن شاء الله تعالى. وقد تقدمت أيضا إشارة إلى ذلك.

 

النبي صلّى الله عليه وآله في العريش :

ويقولون : إنهم صنعوا للنبي «صلى الله عليه وآله» عريشا من جريد النخل فكان فيه وأبوبكر معه ، وليس معه غيره.

ويدّعون أيضا : أنه «صلى الله عليه وآله» قد وافق على أن يضعوا نجائب وركائب مهيأة عنده ، فإن انتصر فهو المطلوب وإن كانت الأخرى ركب النجائب ، ولحق بمن وراءهم من الصحابة في المدينة (48).

ولكن ذلك لا يصح بأي وجه ؛ فقد قال المعتزلي : «قلت : لأعجب من أمر العريش من أين كان لهم أو معهم من سعف النخل ما يبنون به عريشا ، وليس تلك الأرض ـ أعني أرض بدر ـ أرض نخل؟ والذي كان معهم من سعف النخل ، يجري مجرى السلاح يسير جدا.

قيل : إنه كان بأيدي سبعة منهم سعاف عوض السيوف ، والباقون كانوا بالسيوف والسهام والقسي. هذا قول شاذ ، والصحيح أنه ما خلا أحد منهم عن سلاح. اللهم إلا أن يكون معهم سعفات يسيرة ، وظلل عليها بثوب أو ستر ، وإلا فلا أرى لبناء عريش من جريد النخل هناك وجها» (49).

ونقول :

أولا : إن ما ذكره من وجود السلاح مع المهاجرين لا يمكن قبوله.

فقد تقدمت النصوص التي تتحدث عن مستوى تسلحهم ، وليس فيها ما ذكره المعتزلي. والظاهر هو أن عددا منهم كان مسلحا بالقسي ، كما يدل عليه أمر النبي «صلى الله عليه وآله» لهم برمي المشركين بالنبل إذا أكثبوهم. ولعل بعضهم كان معه رماح ، والبعض الآخر عصي ، وفريق كان لديه سيف ، أو حربة ، وفريق آخر كان معه سعف النخل ، يدفع بها عن نفسه ، ويهاجم العدو بها إن وجد فرصة لذلك.

وثانيا : إن استدراكه الأخير في غير محله ؛ فإن السعفات المظلل عليها بالثوب يقال لها : خيمة ، وليس عريشا ، بل لا يقال لها خيمة أيضا ، كما يرى البعض. كما أن ما ذكره من عدتهم وسيوفهم محط نظر يعرف مما تقدم.

ونضيف نحن هنا :

أولا : إن النبي «صلى الله عليه وآله» لا يمكن أن يفر من الزحف.

وثانيا : قوله «صلى الله عليه وآله» : «اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد» ـ وهو ما نقله مختلف المؤرخين ـ يكذب أن يكون «صلى الله عليه وآله» أراد الفرار على نجائبه ، لو ربح المشركون هذه الحرب. إذ إن الله تعالى لا يمكن أن يعبد في الأرض حتى ولو رجع النبي «صلى الله عليه وآله» إلى أهل المدينة ؛ فكيف يقول ذلك ثم يقدم على تصرف كهذا؟!

وثالثا : لو أن النبي «صلى الله عليه وآله» خسر حرب بدر ، فلن يتركه المشركون ينجو بنفسه منهم ؛ ولن يعطوه الفرصة ليجمع لهم الجموع من جديد؟!. ولسوف لن يتركوا مهاجمة المدينة ، والقضاء على مصدر متاعبهم فيها. وهم الآن بالقرب منها ، ويعيشون نشوة النصر والظفر ، ومعهم جيش على أحسن ما يرام في عدده وفي عدته.

ورابعا : كيف يكون «صلى الله عليه وآله» قد اتخذ العريش مكانا له ، وحرسه الحراس فيه ، وهم يقولون : إنه «صلى الله عليه وآله» رؤي يوم بدر في أثر المشركين مصلتا السيف ، يتلو قوله تعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)(50).

ويقولون أيضا : إنه قد اشترك في حرب بدر بنفسه ، وقاتل بنفسه قتالا شديدا (51).

ومما يدل على اشتراكه في الحرب أيضا ، قولهم : كان ثمة يوم بدر رجال يقاتلون ، واحد عن يمينه ، وآخر عن شماله ، وثالث أمامه ، ورابع خلفه (52).

ويروون عن علي «عليه السلام» أيضا قوله : لما كان يوم بدر اتقينا المشركين برسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فكان أشد الناس بأسا ، وما كان أحد أقرب إلى المشركين منه (53).

إذن ، فلا بد أن نسأل : أين كان أبو بكر آنئذ؟ أمع النبي «صلى الله عليه وآله» في ساحة القتال؟ أم في العريش وحده ، ليكون في موقع القائد والرئيس كما يريد الجاحظ أن يدّعي حسبما سيأتي؟ وسوف تأتي بقية الحديث حول موضوع شجاعة أبي بكر ، وحضوره في العريش في الفصل الذي يأتي بعد وقعة بدر إن شاء الله تعالى.

وخامسا : إنه إذا لم يكن معهم سوى فرس المقداد ، فمن أين جاءت النجائب المعدة لفرار رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟! ولماذا لم تشارك في الحرب ، للدفاع عن الدين وعن المسلمين؟!.

 

إشارة :

ولو فرض صحة الحديث المتقدم المروي عن علي «عليه السلام» ، فلا بد أنه كان يتحدث عن غيره لا عن نفسه ، لأن عليا لم يكن يخشى المشركين ، ولم يكن ليحتاج إلى ملجأ يحميه منهم. كيف وهو الذي قتل أكثر من نصف قتلى المشركين في بدر؟ وشارك في النصف الآخر كما سنرى؟

ويكون قوله «عليه السلام» ذلك نظير أن يقول شخص مثلا : إننا في بلادنا نأكل كذا ، أو نلبس أو نصنع الشيء الفلاني. مع أن هذا القائل لم يأكل ، أو لم يلبس ، أو لم يصنع ذلك الشيء شخصيا أبدا.

 

المبارزة :

وكان أول من برز للقتال عتبة ، وشيبة ، والوليد ؛ فبرز إليهم ثلاثة من الأنصار ، فقالوا لهم : ارجعوا ؛ فإنا لسنا إياكم نريد ، إنما نريد الأكفاء من قريش ، فأرجعهم النبي «صلى الله عليه وآله» ، وبدأ بأهل بيته ؛ لأنه كره أن تكون البدأة بالأنصار (54) ، وندب عبيدة بن الحارث ، وحمزة ، وعليا ، قائلا : «قم يا عبيدة ، قم يا عم ، قم يا علي ، فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم إلخ ..».

فسأل عتبة عنهم ، فأخبروه عن أنفسهم ، وسأل شيبة عن حمزة ، فقال له : أنا حمزة بن عبد المطلب ، أسد الله وأسد رسوله.

فقال شيبة : قد لقيت أسد الحلفاء ، فانظر كيف تكون صولتك يا أسد الله.

فقتل علي «عليه السلام» الوليد ، وجاء فوجد حمزة معتنقا شيبة ، بعد أن تثلمت في أيديهما السيوف ، فقال : يا عم طأطئ رأسك ، وكان حمزة طويلا ، فأدخل رأسه في صدر شيبة ؛ فاعترضه علي بالسيف فطير نصفه (أي نصف رأسه). وكان عتبة قد قطع رجل عبيدة ، وفلق عبيدة هامته ، فجاء علي فأجهز على عتبة أيضا.

فيكون أمير المؤمنين «عليه السلام» قد شرك في قتل الثلاثة (55).

ومما يدل على أنه شرك في قتلهم جميعا ، ما ورد في كتاب «المقنع» من أن هندا قالت :

ما كان لي عن عتبة من صبر *** أبي ، وعمي ، وشقيق صدري

أخي الذي كان كضوء البدر *** بهم كسرت يا علي ظهري (56)

وقال السيد الحميري رحمه الله في مدح أمير المؤمنين «عليه السلام» :

وله ببدر وقعة مشهورة          *** كانت على أهل الشقاء دمارا

فأذاق شيبة والوليد منية         *** إذ صبحاه جحفلا جرارا

وأذاق عتبة مثلها أهوى لها *** عضبا صقيلا مرهفا بتارا (57)

ويدل على ذلك أيضا : ما أجاب به بعض بني عامر حسان بن ثابت على أبيات له ، يقول ذلك البعض :

ببدر خرجتم للبراز فردكم        

شيوخ قريش جهرة وتأخروا

فلما أتاهم حمزة ، وعبيدة       

وجاء علي بالمهند يخطر

فقالوا : نعم ، أكفاء صدق ، فأقبلوا      

إليها سراعا إذ بغوا وتجبروا

فجال علي جولة هاشمية        

فدمرهم لما بغوا وتكبروا (58)

وقد كتب «عليه السلام» في رسالة له لمعاوية : «فأنا أبو الحسن حقا ، قاتل جدك عتبة ، وعمك شيبة ، وخالك الوليد ، وأخيك حنظلة ، الذين سفك الله دماءهم على يدي في يوم بدر ، وذلك السيف معي ، وبذلك القلب ألقى عدوي» (59).

 

بعد قتل الفرسان الثلاثة :

وحمل حمزة وعلي «عليه السلام» عبيدة بن الحارث ، وأتيا به إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فاستعبر ؛ وقال : يا رسول الله ، ألست شهيدا؟!

قال : بلى ، أنت أول شهيد من أهل بيتي (مما يشير إلى أنه لسوف تأتي قافلة من الشهداء من أهل بيته «صلى الله عليه وآله» ، وهكذا كان).

فقال عبيدة : أما لو كان عمك حيا لعلم أني أولى بما قال منه ، قال : وأي أعمامي تعني؟

قال : أبو طالب ، حيث يقول :

كذبتم وبيت الله يبزى محمد     

ولما نطاعن دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرع دونه       

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

فقال «صلى الله عليه وآله» : أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله ورسوله ، وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة؟!.

قال : يا رسول الله ، أسخطت علي في هذه الحالة؟

قال : ما سخطت عليك ، ولكن ذكرت عمي ، فانقبضت لذلك (60).

وقد روى كثير من المؤرخين هذه القضية من دون ذكر القسم الأخير منها.

قالوا : ونزل في هؤلاء الستة قوله تعالى : (هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ)(61).

وفي البخاري : أن أبا ذر كان يقسم : أنها نزلت فيهم (62).

ونزل في علي ، وحمزة ، وعبيدة أيضا قوله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ)(63).

وقيل : نزلت في علي وحده (64).

وثمة عدة آيات أخرى نزلت في بدر في الثناء على أمير المؤمنين «عليه السلام» (65) فراجع.

وبعد ما تقدم ، فإننا نشير إلى الأمور التالية :

ألف : غضب النبي صلّى الله عليه وآله لأبي طالب :

إنه إذا كان الرسول «صلى الله عليه وآله» يغضب لذكر عمه ، ولو بهذا النحو المهذب ، والمحدود ، فكيف إذا يكون موقفه ممن يرمي أبا طالب بالشرك والكفر ، ويعتبره مستحقا للعذاب الأليم في نار الله المؤصدة؟!

فهل تراه سوف يكون مسرورا ومرتاحا لهذا الكلام ، الذي لا سبب له إلا السياسة ، وما أدراك ما السياسة؟!

ب : بدء النبي صلّى الله عليه وآله بأهل بيته عليهم السّلام :

وقد رأينا : أن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي أرجع الثلاثة الذين هم من الأنصار ، وأمر حمزة وعليا وعبيدة بن الحارث بالخروج إلى ساحة القتال أولا (66) وهم من أهل بيته ، وقد قال علي «عليه السلام» عن النبي «صلى الله عليه وآله» :

«كان إذا حضر البأس ، ودعيت نزال ، قدم أهل بيته ، فوقى بهم أصحابه ، فقتل عبيدة يوم بدر ، وحمزة يوم أحد ، وجعفر يوم مؤتة الخ ..» (67).

ونقول :

إنه حين يبدأ الرسول «صلى الله عليه وآله» الحرب بأهل بيته فإنه يكون قد أثبت بالفعل لا بالقول فقط ، للأنصار وللمهاجرين : أنه ليس فقط لا يريد أن يجعلهم وسيلة للوصول إلى أهدافه ، ويدفع بهم الخطر عن نفسه وأهل بيته ، وإنما ثمة هدف أسمى ، لا بد أن يساهم الجميع في العمل من أجله وفي سبيله. وهو «صلى الله عليه وآله» شريك لهم في كل شيء ، في السراء والضراء ، والشدة والرخاء. وهو يضحي ويقدم قبل أن يطلب ذلك من غيره ، بل هو يحاول أن يدفع عن غيره ، ولو بأهل بيته ما استطاع إلى ذلك سبيلا.

وذلك هو ما يجب أن يكون المثل الأعلى لكل صاحب هدف ، ولكل سياسي وقائد. فإن عليه أن يقدم هو أولا التضحيات فإذا احتاج إلى معونة غيره ، فإن طلبه منهم تكون له مبرراته ، ويراه كل أحد : أنه صادق ومحق في طلبه ذاك. وليس له أبدا أن يجلس في برجه العاجي ، ثم يصدر أوامره للآخرين ، دون أن يرى نفسه مسؤولا عن التحرك في اتجاه الهدف إلا في حدود الكلام وإصدار الأوامر ، فإن الكلام لن يكون كافيا في تحقيق الأثر المطلوب في مجال التحرك نحو الهدف ، مهما كان ذلك الهدف مقدسا ، وساميا.

ج : سخرية شيبة :

لقد رأينا كيف أن شيبة يسخر من كون حمزة أسد الله وأسد رسوله ، ويعتز بكونه أسد الحلفاء ؛ مع أن مقتضى الإنصاف والواقع هو عكس ذلك تماما ، فقد تقدمت الإشارة إلى بعض الأهداف الوضيعة ، القائمة على أساس المنطق القبلي ، والمنافع الخاصة ، التي توخاها الحلفاء من حلفهم ثم هم يتوخونها من حرب بدر وغيرها ..

وكلنا يعلم ، وهم يعلمون : أن هدف الله ورسوله ، وأسد الله من التضحيات على وجه الأرض ليس إلا إسعاد البشرية ، ونجاة الإنسانية إن دنيا وإن آخرة.

د : الحق الذي جعله الله للمسلمين :

ثم ما هو هذا الحق الذي أشار إليه النبي «صلى الله عليه وآله» في قوله لعلي «عليه السلام» ، وحمزة وعبيدة : «فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم»؟. أليس هو حق حرية الرأي والعقيدة ، وحق الدفاع عن دين الله ، وعن النفس ، ورد البغي والعدوان؟ في مقابل القرشيين الذين عذبوهم ، وأخرجوهم من ديارهم ، وسلبوا أموالهم ، بل وقتلوا منهم من قتلوا ، وبغوا عليهم أقبح البغي؟!.

وخلاصة الأمر : أنهم يريدون أن يعيشوا أحرارا ، وأن يدافعوا عن دين الله في مقابل من يريد الاستمرار في الانحراف والتعدي. وللمظلوم حق في أن يطالب بإنصافه من ظالمه ، والباغي عليه ، ولا سيما بعد أن عرض النبي «صلى الله عليه وآله» على قريش تلك الخيارات المتقدم ذكرها ، فلم ترعو عن غيها. بل أرادت إطفاء نور الله ، وأصرت على حرب المسلمين وإذلالهم ، قال تعالى :

(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ)(68).

 

المعركة في ضرامها :

ولما رأى أبو جهل مقتل عتبة وشيبة والوليد ، حاول إنقاذ الموقف ؛ فقال : لا تعجلوا ، ولا تبطروا ، كما بطر ابنا ربيعة. عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا ، وعليكم بقريش ، فخذوهم أخذا ، حتى ندخلهم مكة ؛ فنعرفهم ضلالتهم التي هم عليها.

ويذكر ابن عباس ، في قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللهَ رَمى)(69) : أن النبي «صلى الله عليه وآله» ـ بأمر من جبرائيل ـ قال لعلي «عليه السلام» : ناولني كفا من حصباء ، فناوله كفا من حصباء (وفي رواية : عليه تراب) فرمى به في وجوه القوم ؛ فما بقي أحد إلا امتلأت عينه من الحصى.

وفي رواية : وأفواههم ، ومناخرهم ، ثم ردفهم المؤمنون يقتلونهم ، ويأسرونهم (70). فابن عباس إنما يطبق الآية على هذا العمل الإعجازي.

 

الملائكة في بدر :

وقد أمد الله المسلمين بالملائكة لتثبيت قلوبهم ، وفي كونهم حاربوا خلاف. وظاهر القرآن ربما لا يساعد عليه حيث يقول تعالى : (وَما جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ)(71).

 

ولكن ثمة آية أخرى تشير إلى اشتراكهم بالقتال ، وهي قوله تعالى : (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ)(72).

هذا إذا كان قوله تعالى : (فَاضْرِبُوا ..) خطابا للملائكة ، كما لعله الظاهر ، وإن كان خطابا للمقاتلين من الناس ، فلا دلالة في الآية على ذلك أيضا.

ومهما يكن من أمر ، فإن الملائكة كانوا يتشبهون بأمير المؤمنين علي «عليه السلام» (73).

ويروي الآخرون : أنهم كانوا على هيئة الزبير الذي كان عليه عمامة صفراء فنزلت الملائكة عليهم عمائم صفر كما في المستدرك للحاكم ج ٣ ص ٣٦١ ، وحياة الصحابة ج ٣ ص ٥٨٦ عنه ، وعن كنز العمال ص ٢٦٨ عن الطبراني وابن ولربما كانوا هم الوسيلة لتكثير المسلمين في أعين المشركين أثناء القتال ، كما قال تعالى : (وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ).

 

عائشة في حرب الجمل :

وبالمناسبة ، فإن عائشة قالت في حرب الجمل : ناولوني كفا من تراب ، فناولوها ؛ فحثت في وجوه أصحاب أمير المؤمنين ، وقالت : شاهت الوجوه ـ كما فعل رسول الله «صلى الله عليه وآله» بأهل بدر ـ فقال أمير المؤمنين : «وما رميت إذ رميت ولكن الشيطان رمى ، وليعودن وبالك عليك إن شاء الله» (74).

كما أن عائشة قد نظرت إلى علي «عليه السلام» وهو يجول بين الصفوف في حرب الجمل ، فقالت : انظروا إليه كأن فعله فعل رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوم بدر ، أما والله ما ينتظر بكم إلا زوال الشمس (75).

وهكذا كان .. صدق أمير المؤمنين «صلوات الله وسلامه عليه».

 

الخزي والهزيمة :

وهزم الله المشركين شر هزيمة ؛ وقتل أبو جهل. وكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد أوعده أن يقتله الله بأضعف أصحابه ، بل أخبر «صلى الله عليه وآله» بكل ما جرى في بدر قبل وقوعه (76). فقتله رجل أنصاري ، واحتز رأسه ابن مسعود.

وقيل : إنه وجده بآخر رمق ، فأجهز عليه ، ولكن الأقرب هو الأول ، لأن سلبه أخذه غير ابن مسعود.

وكان أول من انهزم في بدر إبليس لعنه الله ، فإنه كان قد تبدى للمشركين ـ كما جاء في الرواية ـ بصورة سراقة بن مالك المدلجي ، من أشراف كنانة ، حيث إن قريشا كانت قد خافت من بني بكر بن عبد مناف ، لدم بينهم ؛ فتبدى لهم إبليس بصورة سراقة ، وأعطاهم جواره ؛ فلما رأى ما جرى للمشركين ، ورأى الملائكة مع المسلمين نكص على عقبيه ، فانهزم المشركون.

وقال المكيون : هزم سراقة ؛ فقال سراقة : ما شعرت بمسيركم حتى بلغني هزيمتكم ؛ فلما أسلموا علموا أنه الشيطان.

وروي : أن أبا سفيان لما أبلغ العير إلى مكة رجع ، ولحق بجيش قريش ، فمضى معهم إلى بدر ، فجرح يومئذ جراحات ، وأفلت هاربا ، ولحق بمكة راجلا (77).

__________________

(١) راجع : مغازي الواقدي ج ١ ص ٤٨ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٠ ، والدر المنثور ج ٣ ص ١٦٦ عن دلائل النبوة للبيهقي ، والبحار ج ١٩ ص ٢٤٧ ، وتفسير القمي ج ١ ص ٢٥٨.

(٢) الآية ٢٤ من سورة المائدة.

(3) برك الغماد : يعني مدينة الحبشة كما في تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧٣ وموضع من وراء مكة بخمس ليال من وراء الساحل مما يلي البحر وهو على ثمان ليال من مكة إلى اليمن. راجع مغازي الواقدي ج ١ ص ٤٨.

(4) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧٣ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٠ عن الكشاف ومغازي الواقدي ج ١ ص ٤٨.

(5) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٠.

(6) الدر المنثور ج ٣ ص ١٦٣ و ١٦٩ عن ابن جرير ، وأبي الشيخ ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والكشاف ، والبيهقي ، وعبد بن حميد والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٣.

(7) الآية ٧ من سورة الأنفال.

(8) الآية ٤٢ من سورة الأنفال.

(9) راجع على سبيل المثال : البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٢ ، والثقات ج ١ ص ١٥٧.

(10) صحيح مسلم باب غزوة بدر ج ٥ ص ١٧٠ ، ومسند أحمد ج ٣ ص ٢١٩ بطريقين ، وعن الجمع بين الصحيحين ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٣ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٣٩٤.

(11) صحيح البخاري باب تستغيثون ربكم ج ٣ ص ٣ ط الميمنية ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٢ و ٢٦٣ وسنن النسائي.

(12) البداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٣ و ٢٦٤ عن أبي حاتم وابن مردويه.

(13) الآية ٣٦ من سورة الأحزاب.

(14) الآية ١ من سورة الحجرات.

(15) الآية ٦١ من سورة آل عمران.

(16) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٧٢ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧٦ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٥ ؛ والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٢٢ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٤٠٣ و ٤٠٢ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٧ ، وغير ذلك.

(17) الخبار : ما لان من الأرض واسترخى.

(18) راجع : فتح القدير ج ٢ ص ٢٩١ عن الزجاجو ٣١١ ، والكشاف ج ٢ ص ٢٢٣ و ٢٠٣ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧٥ ، وتفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٩٢ عن ابن عباس ، وقتادة ، والسدي ، والضحاك ، والدر المنثور ج ٣ ص ١٧١ عن ابن المنذر ، وأبي الشيخ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٤ ، وسيرة ابن كثير ج ٢ ص ٤٠٠ وعن الكشاف ، وأنوار التنزيل ، والمدارك ، وغير ذلك.

(19) وراجع : الكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٢٣.

(20) راجع كتابنا : الإسلام ومبدأ المقابلة بالمثل.

(21) راجع : الكشاف ج ٢ ص ٢٠٣ و ٢٠٤ ، وتفسير ابن كثير ج ٢ ص ٢٩٢ غير أنه لم يذكر اتخاذ الحياض.

(22) الآية ١١ من سورة الأنفال.

(23) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٤٩.

(24) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧١ عن الكشاف ، والمناقب لابن شهر آشوب ج ١ ص ١٨٧ ، والبحار ج ١٩ ص ٣٢٣ ، وهو عن تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٥ و ٥٤ ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٤٩٣ عن الترغيب ج ١ ص ١٣١٦ عن ابن خزيمة. وراجع : المغازي للذهبي (تاريخ الإسلام) ص ٥٦ و ٥٩ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٤٩ ، ودلائل النبوة للبيهقي ط المكتبة العلمية ج ٣ ص ٣٨ و ٣٩ و ٤٩ ، والمغازي للواقدي ج ١ ص ٢٧ ، وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٣٥.

(25) تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٣٥ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٤٩ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٣٨٨.

(26) راجع : مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ١ ص ١٨٧ ، والبحار ج ١٩ ص ٢٠٦ ، ومجمع البيان ج ٢ ص ٢١٤ ، وحسب طبعة دار إحياء التراث المجلد الأول ص ٤١٥ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧١.

(27) راجع : البحار ج ١٩ ص ٣٢٣ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٣ ص ٤٠ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٩ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٤٦ ، وحياة الصحابة ج ١ ص ٦٠٣ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧١ ، وأنساب الأشراف ج ١ ص ٢٩٠ ، ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٩٣ ، والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١١٨ ، وغير ذلك.

(28) راجع ما تقدم في المصادر المتقدمة في الهوامش المختلفة.

(29) تفسير القمي ج ١ ص ٢٦٢.

(30) راجع : مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٨٧ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٤٦ ، والبحار ج ١٩ ص ٢٤٤ و ٢٠٦ ، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١١٨ ، ومجمع البيان ، وغير ذلك ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٣٨٧.

(31) التنبيه والإشراف ص ٢٠٤ ، والسيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ٣٨٧.

(32) راجع : السيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ٢٩٨ و ٢٦٩ ، والمغازي للواقدي ج ١ ص ٥٣ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٣ و ٢٦٤ ، وراجع : دلائل النبوة ج ٢ ص ٣٢٧ و ٣٢٨ ، والسنن الكبرى ج ٩ ص ١٤٧ و ١٤٨ ، وزاد المعاد ج ٣ ص ١٧٥ ، وصحيح مسلم ج ٥ ص ١٧٠ ، وكشف الأستار ج ٢ ص ٣١١ ، والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٥ ، وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ١٣٢ ـ ١٣٤ و ١٤٢ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٢.

(33) البحار ج ١٩ ص ٢٥٠ عن تفسير القمي ، وراجع مغازي الواقدي ج ١ ص ٧١.

(34) لسوف يأتي : أن العير قد سلمت ، لأن أبا سفيان قد سلك بها طريق البحر وابتعد عن المدينة وعن مسير المسلمين.

(35) الآية ٤٢ من سورة الأنفال.

(36) السيرة النبوية لابن هشام ج ٢ ص ٢٧١ و ٢٧٢ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧٥ ، وتاريخ الأمم والملوك ط الإستقامة ج ٢ ص ١٤٤ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٤ ، والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٢٢ ، ودلائل النبوة للبيهقي ط دار الكتب العلمية ج ٣ ص ٣٥ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ٢٦٦.

(37) الآيتان ٩ و ١٠ من سورة الأنفال.

(38) الآية ١١ من سورة الأنفال.

(39) الآية ١١ من سورة ص.

(40) مناقب الخوارزمي ص ١٠٢ ، والآحاد والمثاني لابن أبي عاصم النبيل ، مخطوط في مكتبة كوبرلي رقم ٢٣٥ ، ومسند الكلابي في آخر مناقب ابن المغازلي ص ٤٣٤ ، ومناقب ابن المغازلي نفسه ص ٣٦٦ ، والإستيعاب هامش الإصابة ج ٣ ص ٣٣ و ٣٤ ، ومستدرك الحاكم ج ٣ ص ١١ ، وتلخيصه للذهبي بهامشه ، ومجمع الزوائد ج ٩ ص ١٢٥. ونقل ذلك عن : شرح النهج للمعتزلي ط أولى ج ٢ ص ١٠٢ ، وجمهرة الخطب ج ١ ص ٤٢٨ ، والأغاني ط دار الكتب ج ٤ ص ١٧٥ ، وتاريخ الطبري ط دار المعارف ج ٢ ص ٤٣٠.

(41) ترجمة الإمام أمير المؤمنين من تاريخ ابن عساكر ، بتحقيق المحمودي ج ١ ص ١٤٥ ، وذخائر العقبى ص ٧٥ عن أحمد في المناقب ، وطبقات ابن سعد ج ٣ قسم ١ ص ١٤ ، وكفاية الطالب ص ٣٣٦ عنه ، وفي هامشه عن : كنز العمال ج ٦ ص ٣٩٨ عن الطبراني ، والرياض النضرة ج ٢ ص ٢٠٢ ، وقال : أخرجه نظام الملك في أماليه.

(42) راجع المصادر في الهامشين السابقين.

(43) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٤٧.

(44) المصدر السابق ص ١٤٧ و ١٤٨.

(45) المصدر السابق.

(46) انتفاخ السحر : كناية عن الجبن. والسحر : الرئة.

(47) والظاهر أنه يرميه بالأبنة ؛ فإن الأنصار كانوا يرمونه بذلك. راجع : مجمع الأمثال ج ١ ص ٢٥١ عند قولهم : أخنث من مصفر أسته ، والبرصان والعرجان ص ١٠٢ و ١٠٣ متنا وهامشا ، والغدير ج ٨ ص ٢٥١ عن صواعق ابن حجر ص ١٠٨ عن الدميري في حياة الحيوان ، وراجع : الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة ج ١ ص ١٨٨.

(48) سيرة ابن هشام ج ٢ ص ٢٢٢ و ٢٧٩ ، ومغازي الواقدي ج ١ ص ٤٩ و ٥٥ ، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١٢٢ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ٤ ص ١١٨ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٥٥ و ١٥٦ و ١٦١ وغير ذلك من المصادر الكثيرة.

(49) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ١١٨.

(50) تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٧٢.

(51) السيرة الحلبية ج ٢ ص ١٢٣ و ١٦٧ ، لكنه حاول توجيه ذلك بما هو خلاف صريح الكلام ، فقال : إن المراد بالجهاد : الدعاء!!. كل ذلك من أجل أن يصح حديث العريش!!.

(52) مغازي الواقدي ج ١ ص ٧٨.

(53) راجع : تاريخ الطبري ج ٢ ص ١٣٥ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٢٣ ، والبداية والنهاية ج ٦ ص ٣٧ ، وحياة الصحابة ج ٢ ص ٦٧٧ عن أحمد ، والبيهقي.

(54) تفسير القمي ج ١ ص ٢٦٤ ، والبحار ج ١٩ ص ٣١٣ و ٢٥٣ ، وسعد السعود ص ١٠٢.

(55) راجع : المناقب ج ٣ ص ١١٩ عن صاحب الأغاني وغيره ..

(56) شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٨٣ ، والعثمانية ، قسم نقوض الإسكافي ص ٤٣٢ ، والبحار ج ١٩ ص ٢٩٢ ، والمناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ١٢١.

(57) ديوان السيد الحميري ص ٢١٥ ، والمناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ١٢٢.

(58) المناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ١١٩ ، والبحار ج ١٩ ص ٢٩١.

(59) الفتوح لابن أعثم ج ٢ ص ٤٣٥ ، ونهج البلاغة بشرح عبده ج ٣ ص ١٣ ، والغدير ج ١٠ ص ١٥١.

(60) تفسير القمي ج ١ ص ٢٦٥ ، والبحار ج ١٩ ص ٢٥٥ ، وفي شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٨٠ : أن رسول الله استغفر له ولأبي طالب يومئذ. والغدير ج ٧ ص ٣١٦. وفي نسب قريش لمصعب ص ٩٤ : أن عبيدة قال : «يا رسول الله ليت أبا طالب حيا حتى يرى مصداق قوله الخ ..».

وربما يقال : إن هذا هو الأنسب بأدب عبيدة وإخلاصه ، ولكن لا ؛ فإن قوله الآنف لا يضر في أدبه ولا في إخلاصه ، حيث يرى نفسه قد ضحى بنفسه في سبيل الدين ، فلا مانع من أن يقول ذلك.

(61) الآية ١٩ من سورة الحج.

(62) البخاري ط الميمنية ج ٣ ص ٤ ، ومناقب ابن شهر آشوب ج ٣ ص ١١٨ عن مسلم ، من دون قسم أبي ذر ، ومستدرك الحاكم ج ٢ ص ٣٨٦ ، وصححه هو والذهبي في تلخيصه ، والغدير ج ٧ ص ٢٠٢ عن : تفسير ابن كثير ج ٣ ص ٢١٢ ، وتفسير ابن جزي ج ٣ ص ٣٨ ، وتفسير الخازن ج ٣ ص ٦٩٨ ، وتفسير القرطبي ج ٢ ص ٢٥ ـ ٢٦ ، وصحيح مسلم ج ٢ ص ٥٥٠ ، وطبقات ابن سعد ص ٥١٨ ، وبهذا قال ابن عباس ، وابن خثيم ، وقيس بن عباد ، والثوري ، والأعمش ، وسعيد بن جبير ، وعطاء.

(63) الصواعق المحرقة ص ٨٠.

(6٤) مناقب الخوارزمي ص ١٨٨ ، والكفاية للخطيب ص ١٢٢.

(65) المناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ١١٨ وغيره.

(66) وفي أمالي المرتضى ج ١ ص ٢٧٥ ، وإعلام الورى ص ٣٠٨ ، والبحار ج ٤٨ ص ١٤٤ ، ومناقب ابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣١٦ أن الإمام الكاظم «عليه السلام» قال لنفيع الأنصاري :

«.. وإن كنت تريد المفاخرة ، فو الله ما رضوا مشركو قومي مسلمي قومك أكفاءهم حتى قالوا : يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش».

وأقول : لا منافاة بين الأمرين ، فلعل المشركين لم يرضوا به ، كما أنه «صلى الله عليه وآله» لم يرغب في البدأة بهم.

(67) أنساب الأشراف ج ٢ ص ٨١ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٧٧ ، وكتاب صفين لنصر بن مزاحم ص ٩٠ ، ونهج البلاغة باب الكتب الكتاب التاسع ، والعقد الفريد ج ٤ ص ٣٣٦ ، ومناقب الخوارزمي ص ١٧٦ ، ونهج البلاغة ج ٣ ص ١٠ و ١١.

(68) الآيتان ٣٩ و ٤٠ من سورة الحج.

(69) الآية ١٧ من سورة الأنفال.

(70) البحار ج ١٩ ص ٢٢٩ عن تفسير الثعلبي ، والمناقب لابن شهر اشوب ج ١ ص ١٨٩ ، وليراجع الحلبية ج ٢ ص ١٦٧.

(71) الآية ١٥ من سورة الأنفال.

(72) الآية ١٢ من سورة الأنفال.

(73) البحار ج ١٩ ص ٢٨٥ عن المناقب.

عساكر ، ومجمع الزوائد ج ٦ ص ٨٤ ، ولكن يعكر على هذا ما في دلائل النبوة لأبي نعيم ص ١٧٠ ، وحياة الصحابة ج ٣ ص ٥٨٦ عنه من أن الملائكة كان عليهم يوم بدر عمائم بيض.

(74) كتاب الجمل للشيخ المفيد ص ١٨٦ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١ ص ٢٥٧ ، وراجع الفتوح لابن أعثم ج ٢ ص ٣٢٥.

(75) الفتوح لابن أعثم ج ٢ ص ٢١٤.

(76) البحار ج ١٩ ص ٢٦٧ عن الاحتجاج ، والتفسير المنسوب للإمام العسكري «عليه السلام» ص ١١٨ و ١١٩.

(77) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٧٥.