1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

النبي الأعظم محمد بن عبد الله

أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)

آبائه

زوجاته واولاده

الولادة والنشأة

حاله قبل البعثة

حاله بعد البعثة

حاله بعد الهجرة

شهادة النبي وآخر الأيام

التراث النبوي الشريف

معجزاته

قضايا عامة

الإمام علي بن أبي طالب

الولادة والنشأة

مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)

حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله

حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)

حياته في عهد الخلفاء الثلاثة

بيعته و ماجرى في حكمه

أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته

شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة

التراث العلوي الشريف

قضايا عامة

السيدة فاطمة الزهراء

الولادة والنشأة

مناقبها

شهادتها والأيام الأخيرة

التراث الفاطمي الشريف

قضايا عامة

الإمام الحسن بن علي المجتبى

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)

التراث الحسني الشريف

صلح الامام الحسن (عليه السّلام)

أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته

شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة

قضايا عامة

الإمام الحسين بن علي الشهيد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)

الأحداث ما قبل عاشوراء

استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء

الأحداث ما بعد عاشوراء

التراث الحسينيّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن الحسين السجّاد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)

شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)

التراث السجّاديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن علي الباقر

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)

شهادة الامام الباقر (عليه السلام)

التراث الباقريّ الشريف

قضايا عامة

الإمام جعفر بن محمد الصادق

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)

شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)

التراث الصادقيّ الشريف

قضايا عامة

الإمام موسى بن جعفر الكاظم

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)

شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)

التراث الكاظميّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن موسى الرّضا

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)

موقفه السياسي وولاية العهد

شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة

التراث الرضوي الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن علي الجواد

الولادة والنشأة

مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)

شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)

التراث الجواديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام علي بن محمد الهادي

الولادة والنشأة

مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)

شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)

التراث الهاديّ الشريف

قضايا عامة

الإمام الحسن بن علي العسكري

الولادة والنشأة

مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)

شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)

التراث العسكري الشريف

قضايا عامة

الإمام محمد بن الحسن المهدي

الولادة والنشأة

خصائصه ومناقبه

الغيبة الصغرى

السفراء الاربعة

الغيبة الكبرى

علامات الظهور

تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى

مشاهدة الإمام المهدي (ع)

الدولة المهدوية

قضايا عامة

سيرة الرسول وآله : الإمام الحسين بن علي الشهيد : قضايا عامة :

بواعث الثورة عند الحسين (عليه السّلام)

المؤلف:  آية الله الشيخ محمد مهدي شمس الدين .

المصدر:  ثورة الحسين (عليه السلام) ظروفها الاجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة

الجزء والصفحة:  ص160-168.

7-5-2019

3217

إنّ العنصر الاجتماعي شديد البروز في ثورة الحسين (عليه السّلام) ويستطيع الباحث أن يُلاحظه فيها من بدايتها حتّى نهايتها ويرى أنّ الحسين (عليه السّلام) ثار من أجل الشعب المسلم .

لقد ثار على يزيد باعتباره مُمثّلاً للحكم الاُموي . هذا الحكم الذي جوّع الشعب المسلم وصرف أموال هذا الشعب في اللذات والرشا وشراء الضمائر وقمع الحركات التحرّرية . هذا الحكم الذي اضطهد المسلمين غير العرب وهدّدهم بالإفناء ومزّق وحدة المسلمين العرب وبعث بينهم العداوة والبغضاء . هذا الحكم الذي شرّد ذوي العقيدة السياسيّة التي لا تنسجم مع سياسة البيت الأموي وقتلهم تحت كلّ حجر ومدر وقطع عنهم الأرزاق وصادر أموالهم .

هذا الحكم الذي شجّع القبيلة على حساب الكيان الاجتماعي للاُمّة المسلمة . هذا الحكم الذي عمل عن طريق مباشر تارة وعن طريق غير مباشر تارة اُخرى على تقويض الحس الإنساني في الشعب وقتل كلّ نزعة إلى التحرّر بواسطة التخدير الديني الكاذب .

كلّ هذا الانحطاط ثار عليه الحسين (عليه السّلام) وها هو يقول لأخيه محمد بن الحنفيّة في وصيته له :  إنّي لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ ومَنْ ردّ عليّ هذا أصبر حتّى يحكم الله بيني وبين القوم بالحقّ وهو خير الحاكمين  . فالإصلاح في اُمّة جدّه (صلّى الله عليه وآله) هو هدفه من الثورة .

وهنا شيء اُريد أن أنبه عليه في قوله :  ... فمَنْ قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقّ  . إنّه لم يقل : فمَنْ قبلني لشرفي ومنزلتي في المسلمين وقرابتي من رسول الله وما إلى ذلك ... لم يقل شيئاً من هذا إنّ قبوله يكون بقبول الحقّ فهذا داع من دعاته وحين يقبل الناس داعي الحقّ فإنّما يقبلونه لما يحمله إليهم من الحقّ والخير لا لنفسه وفي هذا تعالٍ وتسامٍ عن التفاخر القبلي الذي كان رأس مال كلّ زعيم سياسي أو ديني في عصره (عليه السّلام) .

وظهر العصر الاجتماعي في ثورة الحسين (عليه السّلام) أيضاً حين التقى مع الحرّ بن يزيد الرياحي وقد كان ذلك بعد أن علم الحسين (عليه السّلام) بتخاذل أهل العراق عنه بعد بيعتهم له وبعد أن انتهى إليه نبأ قتل رسوله وسفيره إليهم مسلم بن عقيل وبعد أن تبيّن له ولمَنْ معه المصير الرهيب الذي ينتظرهم جميعاً فقد خطب الجيش الذي مع الحرّ قائلاً :  أيّها الناس إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال : مَنْ رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يُغيّر ما عليه بفعل ولا قول كان حقّاً على الله أن يدخله مدخله .

ألا وإنّ هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان وتركوا طاعة الرحمن وأظهروا الفساد وعطّلوا الحدود واستأثروا بالفيء وأحلّوا حرام الله وحرّموا حلاله وأنا أحقّ مَنْ غيّر . وقد أتتني كتبكم وقدمت عليّ رسلكم ببيعتكم وإنّكم لا تُسلموني ولا تخذلوني فإن تممتم عليّ بيعتكم تصيبوا رُشدكم ؛ فإنّي الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم فلكم فيّ اُسوة .

وإن لم تفعلوا ونقضتم عهدكم وخلعتم بيعتي من أعناقكم فلعمري ما هي لكم بنُكر ؛ لقد فعلتموها بأبي وأخي وابن عمّي مسلم بن عقيل والمغرور مَنْ اغترّ بكم فحظّكم أخطأتم ونصيبكم ضيّعتم ومَنْ نكث فإنّما ينكث على نفسه  . فهو هنا يبيّن لهم أسباب ثورته : إنّها الظلم والاضطهاد والتجويع وتحريف الدين واختلاس أموال الاُمّة .

ثمّ انظر كيف لمّح لهم إلى ما يخشون لقد علم أنّهم يخشون الثورة لخشيتهم الحرمان والتشريد فهم يؤثرون حياتهم على ما فيها من انحطاط وهوان على محاولة التغيير خشية أن يفشلوا فيعانوا القسوة والضّنك .

لقد علم منهم هذا فقال لهم : فإنّي الحسين بن علي وابن فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)  . فبيّن لهم مركزه أوّلاً ثمّ قال لهم :  نفسي مع أنفسكم وأهلي مع أهليكم فلكم فيّ اُسوة  فيما قد يحدث من اضطهاد وحرمان .

ويقف المتأمّل وقفة اُخرى عند قوله :  وأنا أحقّ من غيّر  . فيها تعبير عن شعوره بدوره التأريخي الذي يتحتّم عليه أن يقوم بأدائه .

ومرّة ثالثة حدّث الحسين (عليه السّلام) أهل العراق عن ثورته ومبرراتها وكانت خطبته هذه في الساعات الأخيرة التي سبقت اشتباك القتال بينه وبين الجيش الأموي . قالوا : إنّه (عليه السّلام) ركب فرسه فاستنصتهم فلم ينصتوا حتّى قال لهم :  ويلكم ! ما عليكم أن تنصتوا لي فتسمعوا قولي ؟! وإنّما أدعوكم إلى سبيل الرشاد فمَنْ أطاعني كان من المرشدين ومَنْ عصاني كان من المهلكين وكلّكم عاصٍ لأمري غير مستمع لقولي فقد مُلئت [ بطونكم ] من الحرام وطُبع على قلوبكم . ويلكم ! ألا تنصتون ؟ ألا تسمعون ؟  .

فتلاوم أصحاب عمر بن سعد بينهم وقالوا : أنصتوا له . فحمد الله وأثنى عليه وذكره بما هو أهله وصلّى على محمد وعلى الملائكة والأنبياء والرسل وأبلغ في المقال  .

ثمّ قال :  تبّاً لكم أيّها الجماعة وترحاً ! أحين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين سللتم علينا سيفاً لنا في أيمانكم وحششتم علينا ناراً أوقدناها على عدوّنا وعدوّكم فأصبحتم إلباً على أوليائكم ويداً عليهم لأعدائكم بغير عدل أفشوه فيكم ولا أمل أصبح لكم فيهم إلاّ الحرام من الدنيا أنالوكم وخسيس عيش طمعتم فيه من غير حدث كان منّا ولا رأي تفيّل لنا .

فهلاّ ـ لكم الويلات ! ـ إذ كرهتمونا وتركتمونا [ تجهزتموها ] والسيف مشيم والجأش طامن والرأي لمّا يستحصف ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدُّبا وتداعيتم إليها كتداعي الفراش . فسحقاً لكم يا عبيد الاُمّة وشذّاذ الأحزاب ونبذة الكتاب ونفثة الشيطان وعصبة الآثام ومُحرّفي الكتاب ومُطفئي السنن وقتلة أولاد الأنبياء ومُبيدي عترة الأوصياء ومُلحقي العهار بالنسب ومُؤذي المؤمنين وصُراخ أئمّة المُستهزئين الذين جعلوا القرآن عضين ولبئس ما قدّمت لهم أنفسهم وفي العذاب هم خالدون !

وأنتم ابن حرب وأشياعه تعضدون وعنّا تخاذلون ! أجل والله الخذل فيكم معروف ؛ وشجت عليه اُصولكم وتأزّرت عليه فروعكم وثبتت عليه قلوبكم وغشيت صدوركم فكنتم أخبث ثمرة شجيّ للناظر وأكلة للغاصب ألا لعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً فأنتم والله هم .

ألا وإنّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد ركز بين اثنتين ؛ بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلّة يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وجدود طابت وحجور طهرت واُنوف حمية ونفوس أبيّة لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام ...

ألا وإنّي قد أعذرت وأنذرت ألا وإنّي زاحف بهذه الاُسرة مع قلّة العدد وكثرة العدوّ وخذلان الناصر .

ثمّ قال :

فـإن نـهزِم فـهزّامونَ  قـدماً      وإن نُـغـلب فـغير  مُـغلّبينا

ومـا أن طـبّنا جـبنٌ  ولـكن      مـنـايانا  ودولــة  آخـرينا

إذا  مـا الموتُ رفّعَ عن  اُناسٍ      كـلاكـلَه أنــاخَ بـآخـرينا

فـأفنى ذلـكمْ سـرواتُ  قومي      كـما أفـنى الـقرونَ  الغابرينا

فـلو  خـلدَ الـملوكُ إذاً  خلدنا      ولـو بـقي الـكرامُ إذاً  بـقينا

فـقل  لـلشامتينَ بـنا أفـيقوا      سيلقى الشامتونَ كما لقينا

في هذه الخطبة حدّثهم الحسين (عليه السّلام) عن أنفسهم وعن واقعهم وعن زيف حياتهم . حدّثهم كيف أنّهم استصرخوه على جلاّديهم ثمّ انكفؤوا مع هؤلاء الجلاّدين عليه . هؤلاء الجلاّدون الذين لم يسيروا فيهم بالعدل وإنّما حملوهم على ارتكاب الحرام في مقابل عيش خسيس . خسيس في نفسه قليل دون الكفاية خسيس لأنّه يعمل على مدّ الأجل بحياة حقيرة ذليلة خسيس باعتباره أجراً لعمل خسيس .

وحدّثهم عن مواقفهم المتكرّرة من الحركات الإصلاحية إنّهم دائماً يُظهرون العزم على الثورة والرغبة فيها يُظهرون العزم على تطوير واقعهم السيِّئ حتّى إذا جدّ الجدّ انقلبوا جلاّدين للثورة بدل أن يكونوا وقوداً لها .

حدّثهم عن أعدائه باعتبارهم أعدائهم أيضاً ولكنّهم يُزيّفون حياتهم بأيديهم يُحاربون محرّريهم مَنْ يعلمون أنّهم المحرّرون . مع مَنْ ؟ مع أعدائهم مُذلّيهم وظالميهم .

هذه الخطبة بهذا الاُسلوب الثائر وبما فيها من تقريع وبما فيها من فضح لهم كانت ملائمة تمام الملاءمة للجو النفسي السائد آنذاك على الجيش الاُموي . إنّ محاربي ذلك الجيش كانوا على علم بمَنْ يُحاربون فأراد أن يُشعرهم بفداحة الإثم الذي يُقارفونه وعظم الأمر الذي يُحاولونه وأراد أن يُسمع المجتمع الإسلامي ـ هذا المجتمع الخاضع ـ صوته المدوّي . وبهذا اللون من البيان جعل الحسين (عليه السّلام) من كلّ مسلم بركاناً مدمّراً على أهبة الانفجار .

بواعث الثورة لدى الرأي العام

ولم يكن المغزى الاجتماعي للثورة مُدركاً من قبل الحسين (عليه السّلام) وحده فقد كان المسلمون يحسّون بضرورة العمل على تطوير واقعهم السيِّئ إلى واقع أحسن . أدرك هذا اُولئك الذين كتبوا إلى الحسين (عليه السّلام) يطلبون منه القدوم إلى العراق وأدرك هذا اُولئك الذين صبّروا أنفسهم على الموت معه .

والذين كتبوا إليه من العراق لم يكونوا أفراداً معدودين وإنّما كانوا كثيرين جدّاً ؛ ففي المؤرّخين مَنْ يقول : أنّ كُتب أهل العراق إلى الحسين (عليه السّلام) زادت على مئة وخمسين كتاباً .

وقال مؤرّخون آخرون : إنّه قد اجتمع عند الحسين (عليه السّلام) في نُوب مُتفرّقة اثنا عشر ألف كتاب من أهل العراق .

ونستطيع أن نكوّن فكرة صحيحة عن ضخامة عدد الكتب التي دعت الحسين (عليه السّلام) إلى القيام بالثورة إذا قرأنا هذا الخبر الذي رواه أغلب المؤرّخين وهو : أنّ الحسين (عليه السّلام) لمّا لقي الحرّ بن يزيد كان من جملة ما قاله للحرّ ومَنْ معه :  أمّا بعد أيّها الناس فإنّكم إن تتقوا الله وتعرفوا الحقّ لأهله يكن أرضى لله ونحن أهل البيت أولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدّعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان . وإن أنتم كرهتمونا وجهلتم حقّنا وكان رأيكم غير ما أتتني به كتبكم وقدمت به عليّ رسلكم انصرفت عنكم  .

فقال له الحرّ بن يزيد : إنّا والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر .

فقال الحسين (عليه السّلام) :  يا عقبة بن سمعان أخرج الخرجين اللذين فيهما كتبهم إليّ  . فأخرج خرجين مملوئين صحفاً فنشرها بين أيديهم .

من هنا نستطيع أن نكوّن فكرة عن ضخامة عدد الكتب التي اُرسلت إلى الحسين (عليه السّلام) تدعوه إلى الثورة وتعده بالنصر . ونلاحظ من ناحية اُخرى أنّ هذه الكتب ليست من أفراد ؛ فقد كانت كتباً من الرجل والاثنين والأربعة والعشرة فلسنا أمام حركة فردية وإنّما نحن أمام حركة جماعية قام بها المجتمع العراقي أو الكثرة الساحقة من هذا المجتمع .

وهذا نموذج للكتب التي وردت إليه : سلام عليكم . أمّا بعد فالحمد لله الذي قصم عدوّك وعدوّ أبيك من قبل الجبّار العنيد الغشوم الظلوم الذي انتزى على هذه الأمّة فابتزّها أمرها واغتصبها فيئها وتأمّر عليها بغير رضاً منها ثمّ قتل خيارها واستبقى شرارها وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وعتاتها فبعداً له  كما بعدت ثمود ! وإنّه ليس علينا إمام غيرك فأقبل لعلّ الله يجمعنا بك على الحقّ . والنعمان بن بشير في قصر الإمارة ولسنا نجتمع معه في جمعة ولا نخرج معه إلى عيد ولو قد بلغنا أنّك أقبلت أخرجناه حتّى يلحق بالشام إن شاء الله تعالى والسلام عليك ورحمة الله وبركاته يابن رسول الله  .

هذا نموذج للكتب التي أرسلت إلى الحسين (عليه السّلام) تدعوه إلى الثورة ويبرز العامل الاجتماعي فيه بوضوح عظيم فسياسة الإرهاب والتجويع هي التي حملت هؤلاء الناس على الثورة وكان الحسين (عليه السّلام) هو الشخصيّة الوحيدة التي يمكن أن تتزعّم ثورة كهذه ؛ إذ لم يكن في الزعماء المسلمين زعيم غيره يتجاوب مع آلام الشعب وآماله ومطامحه .

بواعث الثورة لدى الثائرين

فإذا نحن تجاوزنا هؤلاء الداعين إلى الثورة ثمّ المتخاذلين عنها إلى اُولئك الذين ثبتوا ثائرين مع الحسين (عليه السّلام) إلى اللحظة الأخيرة . اللحظة التي توّجوا فيها عملهم الثوري بسقوطهم صرعى رأيناهم يحملون نفس الفكرة ويبرّرون ثورتهم ويدعون الجيش الاُموي إلى تأييدهم بنفس تلك المبرّرات ؛ الظلم الاجتماعي وسياسة الإرهاب والإذلال التي يمارسها الحاكمون .

هذا زهير بن القين خرج على فرس له في السلاح فخطب الجيش الاُموي قائلاً : يا أهل الكوفة نذارِ لكم من عذاب الله نذارِ إنّ حقّاً على المسلم نصيحة أخيه المسلم ونحن حتّى الآن إخوة على دين واحد وملّة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف وأنتم للنصيحة منّا أهل فإذا وقع السيف انقطعت العصمة وكنّا نحن اُمّة وأنتم اُمّة .

إنّ الله قد ابتلانا وإيّاكم بذريّة نبيّه محمد (صلّى الله عليه وآله) ؛ لينظر ما نحن وأنتم عاملون إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية ابن الطاغية عبيد الله بن زياد ؛ فإنّكم لا تدركون منهما إلاّ بسوء عمر سلطانهما كلّه ؛ لَيُسملان أعينكم ويقطعان أيديكم وأرجلكم ويُمثّلان بكم ويرفعانكم على جذوع النخل ويقتلان أماثلكم وقرّاءكم أمثال حجر بن عدي وأصحابه وهاني بن عروة وأشباهه  .

فسبّوه وأثنوا على ابن زياد وقالوا : والله لا نبرح حتّى نقتل صاحبك ومَنْ معه أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير عبيد الله سلماً .