1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

النحو

اقسام الكلام

الكلام وما يتالف منه

الجمل وانواعها

اقسام الفعل وعلاماته

المعرب والمبني

أنواع الإعراب

علامات الاسم

الأسماء الستة

النكرة والمعرفة

الأفعال الخمسة

المثنى

جمع المذكر السالم

جمع المؤنث السالم

العلم

الضمائر

اسم الإشارة

الاسم الموصول

المعرف بـ (ال)

المبتدا والخبر

كان وأخواتها

المشبهات بـ(ليس)

كاد واخواتها (أفعال المقاربة)

إن وأخواتها

لا النافية للجنس

ظن وأخواتها

الافعال الناصبة لثلاثة مفاعيل

الأفعال الناصبة لمفعولين

الفاعل

نائب الفاعل

تعدي الفعل ولزومه

العامل والمعمول واشتغالهما

التنازع والاشتغال

المفعول المطلق

المفعول فيه

المفعول لأجله

المفعول به

المفعول معه

الاستثناء

الحال

التمييز

الحروف وأنواعها

الإضافة

المصدر وانواعه

اسم الفاعل

اسم المفعول

صيغة المبالغة

الصفة المشبهة بالفعل

اسم التفضيل

التعجب

أفعال المدح والذم

النعت (الصفة)

التوكيد

العطف

البدل

النداء

الاستفهام

الاستغاثة

الندبة

الترخيم

الاختصاص

الإغراء والتحذير

أسماء الأفعال وأسماء الأصوات

نون التوكيد

الممنوع من الصرف

الفعل المضارع وأحواله

القسم

أدوات الجزم

العدد

الحكاية

الشرط وجوابه

الصرف

موضوع علم الصرف وميدانه

تعريف علم الصرف

بين الصرف والنحو

فائدة علم الصرف

الميزان الصرفي

الفعل المجرد وأبوابه

الفعل المزيد وأبوابه

أحرف الزيادة ومعانيها (معاني صيغ الزيادة)

اسناد الفعل الى الضمائر

توكيد الفعل

تصريف الاسماء

الفعل المبني للمجهول

المقصور والممدود والمنقوص

جمع التكسير

المصادر وابنيتها

اسم الفاعل

صيغة المبالغة

اسم المفعول

الصفة المشبهة

اسم التفضيل

اسما الزمان والمكان

اسم المرة

اسم الآلة

اسم الهيئة

المصدر الميمي

النسب

التصغير

الابدال

الاعلال

الفعل الصحيح والمعتل

الفعل الجامد والمتصرف

الإمالة

الوقف

الادغام

القلب المكاني

الحذف

المدارس النحوية

النحو ونشأته

دوافع نشأة النحو العربي

اراء حول النحو العربي واصالته

النحو العربي و واضعه

أوائل النحويين

المدرسة البصرية

بيئة البصرة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في البصرة وطابعه

أهم نحاة المدرسة البصرية

جهود علماء المدرسة البصرية

كتاب سيبويه

جهود الخليل بن احمد الفراهيدي

كتاب المقتضب - للمبرد

المدرسة الكوفية

بيئة الكوفة ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الكوفة وطابعه

أهم نحاة المدرسة الكوفية

جهود علماء المدرسة الكوفية

جهود الكسائي

الفراء وكتاب (معاني القرآن)

الخلاف بين البصريين والكوفيين

الخلاف اسبابه ونتائجه

الخلاف في المصطلح

الخلاف في المنهج

الخلاف في المسائل النحوية

المدرسة البغدادية

بيئة بغداد ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في بغداد وطابعه

أهم نحاة المدرسة البغدادية

جهود علماء المدرسة البغدادية

المفصل للزمخشري

شرح الرضي على الكافية

جهود الزجاجي

جهود السيرافي

جهود ابن جني

جهود ابو البركات ابن الانباري

المدرسة المصرية

بيئة مصر ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو المصري وطابعه

أهم نحاة المدرسة المصرية

جهود علماء المدرسة المصرية

كتاب شرح الاشموني على الفية ابن مالك

جهود ابن هشام الانصاري

جهود السيوطي

شرح ابن عقيل لالفية ابن مالك

المدرسة الاندلسية

بيئة الاندلس ومراكز الثقافة فيها

نشأة النحو في الاندلس وطابعه

أهم نحاة المدرسة الاندلسية

جهود علماء المدرسة الاندلسية

كتاب الرد على النحاة

جهود ابن مالك

اللغة العربية

لمحة عامة عن اللغة العربية

العربية الشمالية (العربية البائدة والعربية الباقية)

العربية الجنوبية (العربية اليمنية)

اللغة المشتركة (الفصحى)

فقه اللغة

مصطلح فقه اللغة ومفهومه

اهداف فقه اللغة وموضوعاته

بين فقه اللغة وعلم اللغة

جهود القدامى والمحدثين ومؤلفاتهم في فقه اللغة

جهود القدامى

جهود المحدثين

اللغة ونظريات نشأتها

حول اللغة ونظريات نشأتها

نظرية التوقيف والإلهام

نظرية التواضع والاصطلاح

نظرية التوفيق بين التوقيف والاصطلاح

نظرية محاكات أصوات الطبيعة

نظرية الغريزة والانفعال

نظرية محاكات الاصوات معانيها

نظرية الاستجابة الصوتية للحركات العضلية

نظريات تقسيم اللغات

تقسيم ماكس مولر

تقسيم شليجل

فصائل اللغات الجزرية (السامية - الحامية)

لمحة تاريخية عن اللغات الجزرية

موطن الساميين الاول

خصائص اللغات الجزرية المشتركة

اوجه الاختلاف في اللغات الجزرية

تقسيم اللغات السامية (المشجر السامي)

اللغات الشرقية

اللغات الغربية

اللهجات العربية

معنى اللهجة

اهمية دراسة اللهجات العربية

أشهر اللهجات العربية وخصائصها

كيف تتكون اللهجات

اللهجات الشاذة والقابها

خصائص اللغة العربية

الترادف

الاشتراك اللفظي

التضاد

الاشتقاق

مقدمة حول الاشتقاق

الاشتقاق الصغير

الاشتقاق الكبير

الاشتقاق الاكبر

اشتقاق الكبار - النحت

التعرب - الدخيل

الإعراب

مناسبة الحروف لمعانيها

صيغ اوزان العربية

الخط العربي

الخط العربي وأصله، اعجامه

الكتابة قبل الاسلام

الكتابة بعد الاسلام

عيوب الخط العربي ومحاولات اصلاحه

أصوات اللغة العربية

الأصوات اللغوية

جهود العرب القدامى في علم الصوت

اعضاء الجهاز النطقي

مخارج الاصوات العربية

صفات الاصوات العربية

المعاجم العربية

علم اللغة

مدخل إلى علم اللغة

ماهية علم اللغة

الجهود اللغوية عند العرب

الجهود اللغوية عند غير العرب

مناهج البحث في اللغة

المنهج الوصفي

المنهج التوليدي

المنهج النحوي

المنهج الصرفي

منهج الدلالة

منهج الدراسات الانسانية

منهج التشكيل الصوتي

علم اللغة والعلوم الأخرى

علم اللغة وعلم النفس

علم اللغة وعلم الاجتماع

علم اللغة والانثروبولوجيا

علم اللغة و الجغرافية

مستويات علم اللغة

المستوى الصوتي

المستوى الصرفي

المستوى الدلالي

المستوى النحوي

وظيفة اللغة

اللغة والكتابة

اللغة والكلام

تكون اللغات الانسانية

اللغة واللغات

اللهجات

اللغات المشتركة

القرابة اللغوية

احتكاك اللغات

قضايا لغوية أخرى

علم الدلالة

ماهية علم الدلالة وتعريفه

نشأة علم الدلالة

مفهوم الدلالة

جهود القدامى في الدراسات الدلالية

جهود الجاحظ

جهود الجرجاني

جهود الآمدي

جهود اخرى

جهود ابن جني

مقدمة حول جهود العرب

التطور الدلالي

ماهية التطور الدلالي

اسباب التطور الدلالي

تخصيص الدلالة

تعميم الدلالة

انتقال الدلالة

رقي الدلالة

انحطاط الدلالة

اسباب التغير الدلالي

التحول نحو المعاني المتضادة

الدال و المدلول

الدلالة والمجاز

تحليل المعنى

المشكلات الدلالية

ماهية المشكلات الدلالية

التضاد

المشترك اللفظي

غموض المعنى

تغير المعنى

قضايا دلالية اخرى

نظريات علم الدلالة الحديثة

نظرية السياق

نظرية الحقول الدلالية

النظرية التصورية

النظرية التحليلية

نظريات اخرى

النظرية الاشارية

مقدمة حول النظريات الدلالية

أخرى

علوم اللغة العربية : علم اللغة : اللغة والكلام :

اللغة والكلام

المؤلف:  تمام حسان

المصدر:  مناهج البحث في اللغة

الجزء والصفحة:  ص30- 56

27-11-2018

2308


اللغة والكلام:
كثيرا ما نستعمل تعبيرات مثل "اللغة العربية" أو"اللغة التركية" أو"اللغة الفارسية"، وكثيرا أيضا ما نقول: "كلمته في الأمر" و"تكلم إلي في المسألة" و"خير الكلام ما كان لحنا"، فما المقصود باللغة، وما المقصود بالكلام؟
أما في الاستعمال الشائع، فكلنا يعطي الكلمة الأولى طائفة من المعاني المتباعدة، التي ربما نجد معنى الكلام واحدا منها، ويتضح ذلك إذا قارنت الجمل الآتية:
1- لغة القرآن.
2- لغة العيون.
3- لغة الطيور.
4- لغة الصعيد "في مقابل لغة الوجه البحري".
5- لغة أولاد البلد.
6- لغة الجزارين.
7- لغة قذرة.
8- هذا التعبير غير مستعمل في لغتي الخاصة أو لغة العائلة.
9- اللغة السامية الأولى.
10- محاضرات اللغة.
سيرى القارئ أن المثال الأول، قد استعمل كلمة "لغة" بمعنى أسلوب، وأن الثاني والثالث قد استعملاها بمعنى غير لغوي تقليدي، وأن الرابع قد استعملها.
بمعنى لهجة أو مجموعة من اللهجات المتناسبة، وأن الخامس والسادس قد استعملاها بمعنى اللهجات الخاصة المهنية أو الطائفية، وأن السابع والثامن قد استعملاها بمعنى الكلام تقريبا، وعبر التاسع والعاشر بها عن فكرة دراسية فحسب.
ولاستعمالات الكلام شيوع أيضا ربما اتضح في الأمثلة الآتية:
1- القرآن كلام الله.
2- كلام في كلام.
3- كلام فارغ.
4- علم الكلام.
5- كلام الراديو.
6- كلام جرائد.
7- كلام نسوان.
8- كلام الإنجليز.
9- كلام برابرة.
ومعاني ذلك على التعاقب:
1- إيحاء الله.
2- شيء لا يوثق بصحته.
3- هراء.
4- جدل.
5- أصوات صادرة عن الجهاز مبدؤها

ص30

كلام في مكان آخر، وربما كان في وقت آخر أيضا.
6- مقالة مكتوبة في الجريدة من النوع الذي يقصد به الدعاية.
7- تفكير غير متزن.
8- لغة الإنجليز.
9- أصوات مختلطة.
في الاستعمال الشائع العادي اتساع، تسمح به طبيعة التخاطب بين الناس، وهي طبيعة تميل إلى عدم التحديد المضبوط، الذي نلمحه في الاصطلاح العلمي، وتميل أيضا إلى استعمال الأساليب البلاغية، التي تقابل الحقيقة كالمجاز والاستعارة والكناية، ثم هي أخيرا طبيعة محكومة بمستوى ثقافي عام، لا يرقى بحال إلى مستوى المتخصصين، الذين ينظرون إلى التفريق بين الكلام، وبين اللغة نظرتهم إلى وسيلة من وسائل فهم كليهما، فما اللغة وما الكلام من وجهة النظر الدراسية؟
قلنا: إن دي سوسور قد خلق للغة منهجا شكليا تركيبيا مبنيا على وجهة نظر دوركايم إلى علم الاجتماع، وفي هذا المنهج يفرق دي سوسور بين اصطلاحات ثلاثة:
1- اللغة "بالمعنى الأعم أي بمعنى الظاهرة الاجتماعية" Le Langage
2- اللغة المعينة "وهي التي تتخذ موضوعا للدراسة كالعربية" La Langne
3- الكلام "وهو النشاط العضلي الصوتي الفردي" La Parale
واللغة باعتبارها ظاهرة اجتماعية، تقع في مجال علم الاجتماع، كما تقع في مجال
علم اللغة، ولها جانبان من جوانب الدراسة أحدهما اللغة المعينة، وثانيهما الكلام، يقول دي سوسور(1). "تشتمل دراسة اللغة على ناحيتين إحداهما جوهرية، موضوعها اللغة المعينة التي هي اجتماعية في جوهرها، ومستقلة عن الفرد وهذه الناحية نفسية فحسب، أما الأخرى فتتناول الدور الفردي للغة باعتباره موضوعا لها، أو بعبارة أخرى الكلام المكون من أصوت، وهذه نفسية وعضوية معا".
واللغة المعينية في نظره جزء من الوعي الجمعي، "أو العقل الجمعي كما يسميه بعض الباحثين" Conscience Collective، وهذا العقل الجمعي إنما يوصف به الكائن الاجتماعي الذي قال به دوركايم، وهذا الكائن الاجتماعي هو ملخص للمجتمع.
ص31

هذه اللغة المعينة ضرورية لفهم الكلام، كما أن الكلام ضروري لفهمها.
وهي مجموعة من العلامات المختزنة في العقل الجمعي، ولا تنطق؛ لأنها ليست فردية، ويشبه دي سوسور هذه الصورة بالقاموس، الذي توجد فيه الكلمات صامتة غير منطوقة صالحة للنطق والاستعمال، وإنما تستخرج منه فرادى بحسب الحاجة إليها، أو بحسب الاختيار، وليست اللغة المعينة في عقل أي فرد أو وعيه، وإنما هي شركة بين الفرد، وبين بقية أفراد المجتمع اللغوي الذي يعيش فيه فيه، توجد في حاصل جمع عقولهم جميعا، فإذا استطعنا كما يقول دي سوسور: أن نستخرج الصور الكلامية المختزنة في عقول جميع الأفراد في مجتمع لغوي واحد، فإننا سنلمس تلك الرابطة الاجتماعية، التي تربطهم جميعا وهي ما يسميه دي سوسور اللغة المعينة، ذلك الكنز المختزن يقوم على حراسته الكلام العملي للأفراد، الذين تربط بينهم هذه الرابطة، فاللغة المعينة إذا نظام جراماطيقي يوجد تقريبا في جميع العقول، أو لنعبر عن ذلك بدقة يحسن أن نقول في عقل مجموع الأفراد؛ أو كما سميناه الوعي الجمعي.
وذلك؛ لأن اللغة المعينة لا يمكن أن تكون كاملة في ذهن أي فرد بعينه؛ بل لا تكتمل إلا في الوعي العام، ويعبر دي سوسور عن هذه المعادلة الاجتماعية بما يأتي:
1+1+1+1=1 "وهذا الواحد الأخير يشمل جميع الآحاد قبله".
ويروي دي سوسور أن هذا الوعي الجمعي، ربما كان له وجود نفسي.
ولدراسة اللغة المعينة من وجهة النظر الزمنية ناحيتان: فهي إما أن ينظر إليها نظرة تاريخية، تأخذ في اعتبارها التطور، والتحول على مر العصور، فهذه النظرة يسميها دي سوسور diachronque، وإما أن تؤخذ منها مرحلة تاريخية بعينها etat de langue لتدرس فيها نظمها الجراماطيقية، أو الدلالية دون نظر إلى التطور والتحول، وهذا ما يسميه هو Synchrorique، ولقد وضح دي سوسور هاتين الفكرتين بالاتجاهين الرأسي والأفقي على الترتيب هكذا(2):
ص32

وقصد بذلك أن نقطة البداية في التطور في قمة الخط الرأسي، ثم يتجه خط التطور إلى أسفل متقدما مع الزمن، حتى يصل إلى أقرب مرحلة إلى وقتنا الحاضر، تدخل في نطاق بحثنا الذي نزمعه في هذا التطور، وكل شيء في هذه الدراسة التاريخية، متحول متطور لا يمكن أن يدرس باعتباره مستقرا، ويستطيع المرء أن يقسم هذا الخط الرأسي بخطوط أفقية متعددة، تماثل الخط الأفقي الذي تراه في الشكل، وترمز بما بين كل خطين من هذه الخطوط إلى etat de langue تدرس من الناحية السنكرونية، ولعل القارئ قد لاحظ أن الخط الأفقي غير ذي سهم في طرفه، حيث اصطلحنا على أن السهم دليل على قصد التنبيه إلى وجود حركة، وفي أي مرحلة لغوية تؤخذ لتدرس سنكرونيا، لا توجد حركة ولا تطور، ولا تحول بل تعرض الحالة ثابتة ثباتا تاما تمشيا مع هدف الدراسة: واللغة المعينة في رأي دي سوسور "نتاج اجتماعي لملكة اللغة، ومجموع حالات عرفية ضرورية، يكيفها المجتمع ليسمح لهذه الملكات الفردية بالعمل"(3)، فاللغة إذا ملكة أو طاقة، أو استعدادا أو سمها ما شئت، ولكن اللغة المعينة نتاج جمعي لهذه الملكة، ومجموعة من حالات التعارف الضرورية، مكيفة اجتماعيا لتسمح بالعمل للملكات الفردية.
ص33

ويقول في التفريق بين اللغة المعينة، وبين اللغة "وبهذه الطريق من طرق التقسيم يستطيع المرء أن يقول: إن اللغة تنبني على ملكة في طبيعتنا، على حين نجد اللغة المعينة شيئا مكتسبا، متعارفا عليه يمكن أن يخضع للغريزة الطبيعية، بدل أن يتقدم عليها(4)".
ومن المؤكد أن اللغة المعينة، لا بد أن تكون صامتة غير منطوقة، وقد سبق أن سقنا تشبيه دي سوسور لها بالقاموس، الذي يحتوي بين جلدتيه على محصول لغوي غير منطوق، ولكنه صالح للنطق والاستعمال بالإرادة، وفي الوقت المناسب.
ثم هي مجموعة من النظم، والعلامات التي تدخل في هذه النظم، فيستخدمها الفرد في الكلام.
وهذا التعدد في النظم، هو الذي برر وصف اللغة المعينة بأنها Polysystemic "أي متعددة النظم"، بمعنى أن فيها نظاما أصواتيا إلى جانب نظام صرفي، وآخر نحوي وهلم جرا، وهذه النظم المتعددة متماسكة متضافرة تتعاون جميعا في خلق هذه المنظمة الاجتماعية الكبرى -اللغة المعينة.
ويمكن أن ندرس اللغة المعينة مع قطع النظر عن دراسة الكلام بها، وكلنا يدرك إمكان دراسة اللغات الميتة، برغم أنها لم تعد تنطق، ولا تحيا على ألسنة المتكلمين، كالسنسكريتية والإغريقية واللاتينية، بل دعنا نجرؤ على التمثيل باللغة العربية الفصحى أيضًا، ويدرس طلبة الجامعة الآن لغات قديمة متعددة كالتي ذكرناها، وكالعبرية والسريانية والمصرية القديمة والقبطية، وقد يحسن بعضهم العلم ببعضها، مع أنها لغات لا يتكلمها الآن شعب من شعوب الأرض.
وبينا نجد "اللغة" تصدق على لغات مختلفة، غير متجانسة نجد "اللغة المعينة" على العكس من ذلك منسجمة في تجانسها؛ فهي نظام من العلامات التي ترتبط بمعانيها ارتباطا اعتباطيا، وتعبر هي ومعانيها على التساوي عن مدركات نفسية.
فإذا نظرنا مثلا إلى عملية إنتاج الأصوات الضرورية للكلام، فإننا سنجد
ص34

الأوتار الصوتية خارجة خروجا تامًّا عن مفهوم اللغة المعينة، كخروج الجهاز الكهربائي، الذي يستخدم في نقل رسائل التلغراف عن الأبجدية الرمزية للبرقيات، التي تتكون من نقط وخطوط، فاللغة المعينة كالسيمفونية، تستقل حقيقتها استقلالا تاما عن حركات العزف، التي يقوم بها اللاعب على الآلة. فإذا ارتكب العازف خطأ في العزف، فإن ذلك لا يطعن في قيمة السيمفونية ولا في حقيقتها.
وما يقال عن عملية إنتاج الأصوات، لا بد أن يقال عن بقية مكونات الكلام.
فنشاط المتكلم Sujet parlant، يجب أن يدرس باعتباره مجموعة من التدريبات التي يدخلها الباحث في علم اللغة لعلاقتها باللغة المعينة، ولكن كيف يتصل الكلام باللغة المعينة؟ إنه حاصل جمع ما يقوله المرء، ويشتمل على 1- مجموعات صوتية شخصية، تتوقف على رغبة المتكلم 2- أعمال تطوعية لإنتاج الأصوات ضرورية لإحداث هذه المجموعات.
فليس في الكلام ما هو جمعي، وكل ما فيه شخصي توي، وهو لبس أكثر من مجموعة من الخصائص، يمكن التعبير عنها مما يأتي:
"1+1،+,,+1،،،.... ...."
ولهذه الأسباب مجتمعة، يجب أن يفرق بين الكلام وبين اللغة المعينة، فاللغة المعينة نظام والكلام أداء نشاطي طبقا لصورة صوتية ذهنية، وهي مجرد تشويش للهواء؛ وتدرس هي عن طريق مناهج متعددة للدلالة، والأسلوب والمعجم والنحو والصرف والتشكيل الصوتي، ويدرس هو عن طريق منهج الأصوات. واللغة المعينة مكتوبة مسجلة، أو مفهومة صالحة للتطبيق الكلامي، أما الكلام فهو هذا التطبيق الصوتي والمجهود العضوي الحركي، الذي تنتج عنه أصوات لغويةمعينة.
واللغة المعينة توجد في المجتمع الناطق mass parlante، وأما الكلام فهو وظيفة الفرد المتكلم sujet parlant، واللغة جهاز من الحروف والكلمات والصيغ والعلاقات النحوية في مجتمع ما، ويتعلمها الفرد اكتسابا، فيدخل بذلك في زمالة اجتماعية، وأما الكلام فهو التنفيذ الفردي، والاستخدام الشخصي لهذا الجهاز.
وهي حقيقة اجتماعية، وهو عمل فردي يشمل ما ينطقه، أو ما يكتبه الفرد.

ص35

وواضح أن هذه نظرة خاضعة تمام الخضوع لأفكار دور كاتم في دراسة الاجتماع، وأنها إن صلحت للتفريق بينهما لغرض دراسي، فهي غير صالحة لشرح حقيقتها شرحا صحيحًا، ومعلوم أن بعض التعبيرات اللغوية، تأتي أولا عن طريق الأفراد، ثم يرضاها المجتمع فيستعملها، فكيف تحرم اللغة إذا من عنصرها الفردي حرمانا تاما؟ لاحظ مثلا الاستعمالات الآتية:
غير ذات موضوع -استنفدت أغراضها.
التأميم
ترشيد الصناعة
اللامركزية إلخ
كل أولئك بدأ تعبيرا فرديا، ثم أصبح في فسحة الاستعمال العام.
زد على ذلك أن دراسة سير التطور من حالة إلى حالة متعذر جدا، أما الممكن حقيقة فهو دراسة الاختلاف بين مرحلتين من مراحل اللغة المعينة، وهذا الاختلاف يمثل طرفي مرحلة التطور لا وسطها، أما النظرة إلى اللغة المعينة باعتبارها ذات وظيفة جمعية، فتتنافى بعض التنافي مع فكرة اختيار متكلم بلهجة ما، ليتخذ موضوعا لدراسة هذه اللهجة، كما أن الفكرة القائلة بالاعتراف بفرد متكلم غير معين sujef parlant تتنافى مع الاعتراف بشخصية الفرد، ولنوضح اصطلاحي دي سوسور الديا كرونية، والسنكرونية نسوق إلى القارئ الشكل الآتي، الذي تبدو فيه المراحل أحدثها فوق أقدمها:
رسم بياني لخط سير تطور اللهجة القاهرية "على المثال الفرضي"، من أيام محمد علي إلى اليوم.

ص36

فإذا أردنا دراسة هذا الخط باستقصاء كل دقائق أزمنته المتتابعة، فذلك قطعا في نهاية التعذر؛ أما إذا أردنا أن نختار نقطتين نعينهما عليه، كما هو واضح على الرسم، فتلك دراسة دياكرونية تاريخية، أما إذا اخترنا نقطة واحدة كحالة اللهجة القاهرية في سنة 1860 مثلا، أو في سنة 1940، فهذه دراسة سنكرونية أفقية لا رأسية.
هذا عرض سريع لفهم دي سوسور للفرق بين اللغة والكلام، وهو فهم وإن أخذ عليه بعض المآخذ، فإنه بعين طالب اللغة على تناول جهاتها الدراسية دون خلط بينها، ودون تأرجح في التفكير، وفي استعمال الاصطلاحات.
ويرى شارل بالي أحد تلاميذ دي سوسور، أن أستاذه قد بالغ في إعطاء اللغة كل هذه الصبغة الذهنية، بجعلها نتيجة الحكمة الجمعية، ويضغط هو على فكرة اللغة العاطفية، أو كما يسميها le langage affectif، وفي رأيه أن هناك صراعا دائما بين كلام الأفراد، وبين النظام اللغي الذي لا يمكن أن يرضي الجميع، فاللغة المنظمة العادية الثقافية، تكفي الرغبة في نقل الأفكار وفهمها؛ ولكن الكلام من ناحية أخرى، يقف في خدمة الحياة العملية؛ فأما ما يعبر الكلام عنه، فهو الإحساس والرغبة والعمل، وإنتاج الكلام عاطفي ذاتي في الغالب، وفي هذه الحرب الحصارية بين الكلام، واللغة ينجح الكلام دائما في إدخال بعض جنوده في القلعة المحاصرة؛ هذه الجنود هي الكلمات، أو الصيغ المتحدثة بالعاطفة.
وممن فرق بين اللغة والكلام من علماء اللغة، "السير ألان جاردنر"(5)، عضو الأكاديمية البريطانية، الذي يقول: إن عقل الإنسان في ساعات يقظته لا يستريح بل يفكر دائما، ولكن الإنسان لا يتكلم دائما بل يفكر وحيدا، وربما فكر دون كلام وهو في جماعة، وفي الكلام العادي لا بد من وجود شخص آخر على الأقل، ولا يستلزم حدوث الكلام وجود الآخرين، وقد يحدث الكلام في الوحدة على طريقة المونولوج، الذي يقوله الإنسان بينه وبين نفسه، ويتوقف حدوث الكلام في العادة على وجود شرطين: أولا إدراك شيء من الأهمية بدرجة تثير نشاطا، وثانيا وجود رغبة في إدخال آخر في الشركة في هذا الإدراك، وأشهر الدوافع التي تثير الكلام هي الرغب في إخبار شخص عن شيء، وبعبارة أخرى: بينا لا يتطلب
ص37

التفكير إلا عنصرين هما المفكر والموضوع، يتطلب الكلام عناصر ثلاثة بجانب الكلمات؛ هي المتكلم والسامع، وموضوع الكلام.
وهذه الحقيقة توضح أن الكلام عمل اجتماعي؛ لأنه يتطلب شخصين أو أكثر على الأقل، ويجب أن نفرق هنا بين العمل الاجتماعي، والعمل الجمعي(6)، فكل نشاط كلامي فردي؛ لأنه ينبع من شخص واحد، ولكننا نعتبر النشاط الكلامي عملا اجتماعيا؛ لأنه يتطلب سامعا له نشاطه السماعي الخاص، والأساس الأول من أسس الكلام في نظره أن الأفكار، والمشاعر الفردية لا ينفصل أحدهما عن الآخر؛ فلا يستطيع إنسان أن يفكر بعقل الآخر، ولا أن يدرك بحواسه، ولا يستطيع إنسان أن ينقل سرور من منظر ما نقلا مباشرا إلى ذهن صاحبه؛ فانعزال الحياة الداخلية للإنسان عن العالم عقوبة من عقوبات فرديته، كعدم إمكان المشاركة في الإحساس والإدراك، والعطف والفهم ممكنان، ولكن لا يستطيع عقل أن يتغلغل في عقل آخر، ولهذا كان لا بد من وجود عوض طبيعي عن هذا النقص، كلما أريد نقل شيء عقلي وعاطفي، وهذا العوض يسمى العلامات، وهي مشروطة بما يأتي:
1- أن يكون لها معنى سبق وضعه، والتواضع عليه.
2- وأن تكون موضوعات إدراكية في المتناول، يمكن نقلها بالإرادة، وكل منظمة مستقلة من هذه العلامات، تسمى "لغة" كلغة الكلام ولغة الكتابة، ولغة الإشارة، ولغة التلغراف إلخ.
ومن الواضح أن منظمة العلامات، التي يفضل النوع الإنساني أن يختارها دون بقية المنظمات، إنما هي العلامات الصوتية التي نسميها الكلمات، وما دام يجب أن تكون هذه العلامات عرضة للإنتاج السريع بحسب الإرادة، فقد كان من المحتمل أن تستغل فيها الحركات الطبيعية، التي لها صلة بردود الأفعال كتعبيرات الوجه، وحركات اليد والصيحات العاطفية، إلى جانب الأصوات نصف الإرادية والضحك، وقد بقي كل أولئك في صورة عوامل مساعدة للكلام، ومما هو بعيد عن الدقة أن يطلق لفظ "كلمة"، على ما يحدث بين المتكلم، والسامع من أصوات
ص38

خاصة، ولنوضح ذلك بأسلوب مجازي نقول: إن الأصوات الكلامية ليست طيارات، اخترعت لنقل الأفكار باعتبارها ركابا بين شخص وآخر، فيجب أن نكرر أن النشاط الطبيعي، لا يمكن أن يستبعد من فكرة الكلام، واستحالة نقل الأفكار، لا بد أن تظل مطلقة لا يمكن التغلب عليها، وإنما يستطيع السامع بالاستنتاج من أفكاره الخاصة، فحسب أن يقرر بفهمه أن المتكلم كان يقصد الشيء الفلاني؛ وأما ما يجري بين المتكلم والسامع، فهو مجرد عن كل معنى.
فالكلام إذا نشاط إنساني تثيره عوامل من الخارج، هذه العوامل هي نواة الشيء المقصود، ويمكن إطلاقه على عمليات النطق، التي يقوم بها المتكلم منظورًا إليها من زاوية شبيهة بزاوية السامع، وخصائص الكلام بهذا المعنى تتلخص في أنه يتصل بظروف خاصة، وسامع وشيء مقصود، وأنه نتيجة لإرادة المتكلم الذي تبدي أعماله النطقية علامات الكلمات المستعملة، وتمنحها حيوية لم تكن لها في الظروف الأخرى.
أما اللغة فاصطلاح جمعي تضم في دائرتها وحدات ذهنية، يستطيع المتكلم بمساعدتها أن يستعمل علامات الكلمات؛ ولكن المعرفة بهذه الوحدات الذهنية ليست بنت اليوم أو الأمس، بل ترجع إلى أيام الطفولة، فمحصولنا من الكلمات يتزايد يوما بعد يوم، ويزداد معنى بعض الكلمات سعة عما كان.
ومن العدل أن نعتبر الكلمات، وهي أهم مكونات اللغة وحدات، مع أنه يجب ألا يغيب عن الخاطر أن قواعد الجمع بين هذه الكلمات في السياق، وأنواع التنغيم في الكلام بهذه الكلمات وحدات لغوية أيضا، ويمكن أن يقال باختصار: إن الجملة وحدة الكلام، وإن الكلمة وحدة اللغة.
سيرى القارئ من هذا أن الكلام نوع من الدراما، التي تحتاج على الأقل إلى اثنين من الممثلين، وإلى منظر أو موقف خاص، وإلى عقدة أو شيء مقصود، وإلى كلمات مرتجلة، ويرى "جاردنر"، أن مما هو قريب من المعجزات أن واضعي نظرية اللغة، لم يفكروا في وصف أي واحد من هؤلاء، فنرى العقدة تذكر من حين إلى آخر؛ والكلمات مذكورة بكثرة، ونسمع هنا وهناك عن واحد من الممثلين أو كليهما، وقليل من الكتاب من أصر على ذكر الموقف أو المنظر، ويجب أن ننبه

ص39

هنا إلى ما يسميه النحاة أقسام الكلام، وهم يقصدون الاسم والفعل والحرف ليس في الواقع إلا أقسام اللغة "فقول صاحب الألفية: الكلام، وما يتألف منه يجب أن يصير إلى اللغة، وما تتألف منه".
والكتابة في نظر "جاردنر" كلام ثانوي، ولقد جاءت الكتابة وهي ابنة فن التصوير، وسيلة من وسائل ترجمة الكلام المسموع إلى وسط مرئي مستقل نسبيا عن الزمن والمسافة، وإذا كانت النظرية اللغوية تدعى أنها صحيحة، فيجب أن تطلق اصطلاح الكلام على المسموع، والمكتوب كليهما، ويدعو عامل الدوام في الكتابة، وعامل عدم المواجهة إلى تدقيق الكاتب في اختيار تعبيراته، أكثر مما يدقق المتكلم، ويقوم الترقيم في الكتابة مقام التنغيم، وحركات اليد والوجه في الكلام، ولكنه يقصر عنها غالبا، ومن الأشكال الأخرى للكلام الثانوي كتابة العميان البارزة، وإشارات التلغراف وإسطوانات الجراموفون.
واللغة نتيجة في نظره من نتائج الكلام، والكلمات ملخصات لتجارب سابقة، لا تشتمل على التجربة الحاضرة، ولكن في نفس الوقت الذي تخطر فيه أي كلمة في النطق، مطبقة على شيء مقصود، يحدث خلط يترك أثرا على هذا البند الخاص في محصول المتكلم من الكلمات، فإذا استعملت الكلمة في اتفاق تام مع تقاليد استعمالها، إن الأثر هنا أن تؤكد الملامح المركزية في المنطقة المقبولة للمعنى.
وكل استعمال خاطئ لهذه الكلمة، ولو اتضح المقصود في هذا الظرف الخاص باستعمالها خطأ، ليس له نفوذ عليها في المستقبل، فما يؤثر في مستقبل الكلمات، ليس الاستعمال الخاطئ، وإنما الاستعمال الذي يحود بها قليلا جدا عن تقاليدها.
وأما يسبرسن(7)، فيرى أن أعظم تقدم قد تم في الإدراك النظري لطبيعة اللغة، منذ بدأت دراسة اللغة دراسة جادة، هو أننا لم نعد نفعل ما كان يفعل غالبا في الزمنة الماضية من النظر إلى اللغة باعتبارها مادة، أو شيئا يوجد بنفسه أو "إذا اسعملنا التعبير الذي استعملوه كثيرا" كائنا عضويا يحيا، ويموت كالكائنات
ص40

العضوية الأخرى، ولكننا تعلمنا أن نرى اللغة في جوهرها نشاطا إنسانيا، ومجهودا فرديا للشخص الذي يفهم بها، أو يتصل بشخص آخر على الأقل.
ومع هذا، وكنتيجة له نجد أننا نلقى ضغطا على الشخص، كعامل ينتج ويستطيع أن ينتج في أي لحظة جملا أو كلمات، وقد ساعدنا اعترافنا بذلك على فهم كثير من الظواهر اللغوية، في ما يتصل بمرحلة خاصة من مراحلها، أو التغير الذي يطرأ
عليها من مرحلة إلى أخرى؛ أي من الناحيتين السنكرونية والدياكرونية، أو الاستاتيكية والديناميكية، أو بعبارة أبسط كموضوع للوصف أو للبحث التاريخي.
وما دمنا ننظر إلى اللغة باعتبارها العقلي، أي كوسيلة من وسائل الاتصال ونقل الأفكار، فسوف لا ندنوا أبدا من الفهم التام لطبيعتها، ونستطيع هنا أن نستحضر إلى الذهن عبارات ثلاث متقابلة بعض التقابل: أولاها أن اللغة توجد لتعبر عن أفكار الشخص، وثانيها عبارة تاليران الشهيرة أن اللغة توجد لتخفي أفكار المرء، وثالثها عبارة كير كجادر أن اللغة، إنما يستعملها كثير من الناس، ليخفي وراءها فقره إلى الأفكار.
وربما يتوقع المرء من المناطقة، أن يعطو عناية خاصة لاستخدام اللغة في التعبير عن الأفكار، وهكذا نرى عبارة جيفوتز(8) تقول: إن اللغة تخدم ثلاثة أغراض:
1- كوسيلة للاتصال:
2- كمساعد ميكانيكي للفكرة.
3- كوسيلة للتسجيل والرجوع إليها، ولكنه لا يفطن إلى أن العنصر الثالث فرع للعنصر الأول؛ لأن الإنسان إذا سجل شيئا للرجوع إليه، وعاد به في المستقبل إلى أفكاره القديمة، فإن هذا لا يختلف كثيرا عن مفهوم العنصر الأول، وهو نقل أفكار شخص إلى شخص آخر، حين يقرأ مذكراته الخاصة.
أما من ناحية أنها مساعد ميكانيكي للتفكير، فمن المؤكد أن معرفة اللغة
ص41

تساعد التفكير مساعدة جوهرية جدا، ومن ناحية أخرى يجب ألا ننسى أن بعض عميقي المفكرين، شكوا من أن اللغة التقليدية، قد عوقتهم أحيانا عن الغوص على الأفكار: فهي بمفرادتها وصيغتها الثابتة، ترغم الفكر على أن يسير على السبل المطروقة، وأن يفكر كما فكر الآخرون من قبل.
ولا يستطيع يسبرسن بحال أن يتبع جيفونز في قوله: إن اللغة في أصلها الأول، قد استعملت غالبا للغرض الأول، لا على سبيل نفي الأغراض الأخرى، أو في جعله هذه الأهداف الفكرية الثلاثة، هي الأهداف الوحيدة التي تستخدم اللغة من أجلها؛ فهي تنطبق على المفكرين فحسب، وعليهم في أعمق حالاتهم الدراسية فقط.
ثم يدعو القارئ إلى أن يفكر معه فيما قالته مدام دي ستايل(9)، عن الهدف من اللغة حين تكلمت عن اللغة الفرنسية: "أنها ليست قط وسيلة لنقل الأفكار والعواطف، والشئون، ولكنها أداة يهدف المرء إلى أن يلعب بها فيحيي الأرواح، كالموسيقى لبعض الناس، وكالمشروبات القوية للبعض الآخر". يرى يسبرسن أن هذا يثير الإعجاب، والغلطة الوحيدة التي يجدها في هذه العبارة، أنها تبدوا كما لو كانت قد سيقت لشيء يوجد في فرنسا فقط.
وفي كل مكان وزمان، يمكن أن نجد من الناس من تسكره شهوة التكلم ويتلذذون لسماع أصوات أنفسهم، ومن الناس من يتكلم إلى الخيل والكلام والحيوانات المستأنسة، ومنهم من يتكلم إلى نفسه، ويجب ألا ننسى أن الأوتار الصوتية بجانب استعمالها في نقل الأفكار، وقبل أن يبدأ في استعمالها في هذا الغرض، هي أكثر اللعب الإنسانية حبا إلى الإنسان، وأن الأطفال والرجال كليهما في المجتمعات البدائية، والمتمدنة على السواء يجدون سرورا عظيما في ترك أوتارهم الصوتية، وألسنتهم وشفاههم، تؤدي أنواعا مختلفة من اللعب.
وهكذا نصل إلى الجانب الاجتماعي للكلام، ويمكن أن يقال فيه نفس الشيء، ففي الاختلاط الاجتماعي، لا تنطق الكلمات في معظم الحالات لتقرر شيئًا
ص42

أو تنقل فكرة أو توضح غامضًا، ونادرا ما تعبر عن شعور مشترك، ولكن لتخلق استكفاء للغربة الاجتماعية.
وهذا الجانب من الموضوع، قد أكده مالينوفسكي في الماضي القريب في ملحق لكتاب في الايستيمولوجيا The Meaning of Meaning، لأوجدن وريتشارد.
وقد أجرى مالينوفسكي ملاحظاته في جزر تروبرياند بقرب غينيا الجديدة، حيث رأى كيف يسلك هؤلاء البدائيون، فيما يختص باستعمال اللغة. يرى مالينوفسكي أن اللغة في أشكالها البدائية، يمكن أن تدرس في ظل فهم أنواع النشاط الإنساني الأخرى، فتعتبر كإحدى طرق السلوك الإنساني في موقف عملي معين، وأهم ما في الأمر أن المرء يتصل بالآخر عن طريق الكلام، وكل إنسان يحب أن يلتقي مع أبناء جنسه، وهنا هو حيث تساعد اللغة المرء، وليس أكثر إيذاء لأحد الرجلين لا ثالث لهما من سكوت الآخر، فالرجل الصامت مخلوق رهيب، والغريب الذي لا يتكلم لغة البلاد، يعتبر عدوا في كل بلاد العلم، وأنواع التحية المختلفة كأنواع الأسئلة المرضية مثل "كيف حالك؟ أو "جاي من فين؟ " كل ذلك لا يقصد به نقل الأفكار، وإنما المقصود به إنشاء علاقة اجتماعية بين شخصين التقيا.
ويرى يسبرسن على عكس دي سوسور، أن أكثر الكلام فردية لا بد أن يكون مشروطا من الناحية الاجتماعية، وفي كل نطق كلامي عنصر اجتماعي إلا في حالة الطفل، الذي يناغي نفسه في المهد، أو في حالة الوحيد الذي يسلي نفسه بالغناء، أو الكلام المحرف، وإلا فكل متكلم لا بد أن يطابق في كلامه مقياسا اجتماعيا، فيتكلم كما يتكلم الآخرون، والسبب الوحيد الذي يدفعنا إلى الكلام هو الرغبة في التأثير في الآخرين، فلا بد لنا لهذا السبب أن نراعي ميولهم وما يرضيهم.
وكل شخص لهذا يفرض عليه مقياس من الخارج يقيس كلامه عليه، ويتعلم الشخص بملاحظته لكلام الآخرين، فاللغة إذا في نظر بسيرسن حاصل جمع بالنسبة للكلام؛ فكل الألسنة المختلفة تكون معا اللغة الشعبية، هذا صحيح فيما يختص بمجموع المفردات المستعملة من جميع الأفراد على الأقل، أما فيما يختص بالجوانب الأخرى للغة بما فيها النطق، فيمكن القول بأن اللغة الشعبية تعتبر متوسط الألسنة

ص43

الفردية لا حاصل جمعها، هنا نشتق من جميع الأفراد مدركا كليا كالمدرك الكلي الذي نسميه حصانا، والذي لا يتفق معه حصان واحد في أي ناحية، لو نظرنا إليه بدقة.
ولهذا يرى يسبرسن أن يقسم المسأل لا إلى كلام، ولغة كما فعل دي سوسور بل إلى لغة فردية، ولغة جماعية.
وكما أن دي سوسور يتكلم عن صورة صوتية ذهنية، ينسج المتكلم على منوالها، يقول يسبرسن بفكرة التقسيم إلى كلام بالفعل وكلام بالقوة؛ فالكلمة المنطوقة فعلية، والكلمة التي تبقى في الذهن غير منطوقة، أو تبقى في القاموس غير مستعملة كلمة بالقوة، وكلاهما مشروط اجتماعيا، والفرق بين دي سوسور، وبين يسبرسن كما يراه الأخير أن المرء إذا قال كلمة، لا معنى لها فهي كلام عندي دي سوسور؛ لأنها عمل فردي فحسب، وهي هراء عند يسبرسن؛ لأن الكلام عنده مشروط من الناحية الاجتماعية، بمطابقة مستوى صوابي معين.
ويقول هارولد بالمر(10): إن هذا الشيء المركب غير المتجانس الذي نسميه اللغة، يشتمل في الحقيقة على ناحيتين: أولا حاصل جمع أحوال النشاط الذهني والعضوي، الذي يقوم به شخص حين ينقل لشخص آخر "بالإشارة، أو النطق أو الكتابة" إدرا كاما "فكرة أو رأيا أو عاطفة"، وهذا هو الكلام، ثانيا حاصل جمع أوضع متعارف عليها منظمة ومقبولة من الجمهرة الاجتماعية التي تستعمل الناحية الأولى لتضمن الوضوح المتبادل بين أفراد هذه الجمهرة، وهذه هي اللغة. فالناحية الأولى طائفة من النشاطات الشخصية، والثانية طائفة من أوضاع التعارف، والكود التجاري يختلف عن الأعمال التي يستلزمها إرسال الرسائل به، ومنظمة الإشارات البحرية غير الأعمال، التي تستلزمها الإشارة بالأعلام، والكود الموسيقي من النغمات، والسكتات يختلف عن حركات العزف التي يؤديها الموسيقي، والكود الذي تجده
ص44

في جدول سير القطارات غير السفر بهذه القطارات، وبالاختصار يمكن القول: إن كل كود يختلف عن الأعمال، التي تتم بحسبه مطابقة لمقتضياته.
ولا ينطبق هذان الجانبان على النظر والعمل؛ لأن في كلامنا نظرا وعملا، وفي لغتنا كذلك، ونظرية الكلام من دراسة علم النفس، وتطبيقه من عمل المتكلم، ونظرية اللغة من دراسة علم اللغة، وتطبيق اللغة يقوم به هؤلاء الذين يعلمون ويدرسون كودها بأنفسهم، وكلما نجحنا في نقل مدركاتنا، فنحن نطبق الكلام، وكلما حللنا طريقة تعبيرية بنجاح، أو شرحناها، أو كونا جملة أجنبية بالطريقة التركيبية الخالصة، فنحن نطبق اللغة.
ويرى بلومفيلد(11)، وهو أحد تلاميذ وايس، ومن أتباع مذهب السلوكيين، أن أشق خطوة في دراسة اللغة هي الخطوة الأولى؛ لأن هذه الخطوة إذا كانت غير مضبوطة، أو كانت على الطريق الخاطئ، "فإنها ستقود المرء دائما في هذا الطريق الخاطئ، ولذلك يرى أن يبدأ دراسته بحدث كلامي بسيط، يفترضه بين فتى وفتاة يسيران في الطريق؛ فيرتب خطوات هذا الحادث كما يأتي:
1- تشعر الفتاة بالجوع.
2- ترى تفاحة على شجرة.
3- تحدث أصواتا بتكييف حنجرتها ولسانها وشفتيها.
4- يقفز الفتى على السور ويتسلق الشجرة، ويأخذ تفاحة ويحضرها إليها فيضعها في يدها.
5- تأخذ الفتاة التفاحة فتأ كلها.
يمكن أن يدرس هذا النسق من الحوادث بطرق مختلفة، ولكن الذين يدرسون اللغة سيفرقون بين الكلام والحوادث الأخرى التي نسميها أحداثا عملية.
ص45

فإذا نظرنا إلى هذه الحادثة بتلك الطريقة، نجدها تتكون من ثلاث مراحل بحسب الترتيب الزمني.
"أ" أحداث عملية سابقة للحدث الكلامي "الشعور بالجوع، ورؤية التفاحة".
"ب" كلام "إحداث الأصوات المذكورة".
"ج" أحداث عملية تالية للحدث الكلامي "القفز وإحضار التفاحة والأكل"
فإذا بحثنا الأحداث العملية، التي قبل الكلام والتي بعده، فسنجد أن ما قبل الكلام يتعلق بالفتاة؛ فهي جائعة بمعنى أن بعض عضلاتها كانت في حالة تقلص، في حين أن بعض السوائل، كانت تفرز وعلى الأخص في المعدة، وربما كانت عطشى أيضا بمعنى أن حلقها، ولسانها كانا في حالة جفاف، وقد وصلت الأشعة الضوئية المنعكسة من التفاحة الحمراء إلى عينيها، ورأت الفتى بجانبها، فدخلت تجاربها الماضية مع الفتى في الصورة، دعنا نفترض أن هذه التجارب ليست إلا علاقة عادية، مثل تلك التي بين الأخ وأخته، أو بين الزوج وزوجته؛ فكل ما يسبق الكلام، ويتعلق بالفتاة يمكن أن تسميه مثير المتكلم.
ثم نعود بعد ذلك إلى الأحداث العملية التي تلت الكلام، وسنجدها تتعلق بالفتى الذي هو السامع، تلك الأحداث هي إحضار التفاحة، وإعطاؤها للفتاة.
فالأحداث العملية التي تتلو الكلام، وتتعلق بالسامع يمكن أن تسمى استجابة السامع.
والحوادث التي تتلو الكلام تتعلق أيضا بالفتاة بطريقة هامة جدا؛ فهي تحصل على التفاحة في قبضتها، ثم تأكلها.
فإذا كانت الفتاة وحدها، فربما حصلت على التفاحة بنفسها إذا استطاعت، أو ظلت جاعة إن عجزت، وكذلك إذا كانت علاقاتها سيئة بالفتى، فالشعور بالجوع مثير يرمز له بالحرف S، والحركة في سبيل الحصول عليه رد فعل يرمز له بالحرف R.
وتتلخص الحالة حين وحدتها، أو سوء علاقتها بالفتى في:
لكن الفتاة في القصة الأولى، بدل أن تذهب بنفسها إلى التفاحة، استبدلت

ص46

بذلك كلاما جعل الفتى يقوم برد الفعل بدلا منها، فاللغة إذا قد تجعل الإنسان يصدر منه رد فعل أو استجابة R، حين يكون المثير مثيرا لإنسان آخر S.
وفي الحالات المثالية يتساوى الناس في القدرة الخاصة والقوة، ولكنهم يختلفون عمليا، والواقع أنه كلما اتسع مدى اختلافهم في ذلك، اتسع مدى القوة الخاصة التي يتحكم فيها كل إنسان، فلا يحتاج المجموع إلا إلى صائد واحد، وطباخ واحد وخياط واحد؛ وهذا هو المقصود بتقسيم العمل، وتقسيم العمل ككل شيء في المجتمع الإنساني، إنما يرجع إلى وجود اللغة.
يقول بلومفيلد: ولكننا لم نتكلم عن الكلام إلى الآن، مع أنه هو الجزء الذي يهمنا من القصة باعتبارنا من طلاب علم اللغة، فأما الحوادث العملية قبل الكلام وبعده، فإنما نهتم بها لصلتها بالكلام، إن المتكلم يحرك أوتاره الصوتية وفكه الأسفل، ولسانه وهلم جرا بطريقة ترغم الهواء على أن يأخذ شكل موجات صوتية، فحركات المتكلم هذه رد فعل، أو استجابة للمثير S. وبدل أن يقوم المتكلم برد الفعل R بنفسه يستبدل بهذه الاستجابة، تحريك جهازه النطقي بطريقة خاصة، ويمكن أن يرمز لهذا البديل بالحرف r، وبالاختصار يستطيع المتكلم أن يستعمل إحدى طريقتين للاستجابة، ورد الفعل الذي يسببه مثير ماهما:
وفي حالة اختيار الكلام، يكون المرء قد يكون المرء قد اختار الطريقة الثانية.
وتؤثر الموجات الصوتية التي في فم الفتاة في الهواء الخارجي، فتحدث به حركة موجبة مماثلة، وهذه الموجات التي في الهواء الخارجي، تصطدم بطبلة أذن الفتى، فتحدث بها ذبذبة تؤثر على أعصابه تأثيرا خاصا، وهنا يكون الفتى قد سمع الكلام.
فسماع الكلام مثير بالنسبة للفتى، جعله يجري ويحضر التفاحة، كما لو كان هو جائعا. ورد الفعل أو الاستجابة الذي قام به في هذه الحالة، قد يكون مسببا عن مثير له هو

ص47

نفسه S أو عن بديل كلامي من الفتاة، ويرمز لهذا بالحرف s، وتتمثل الطريقتان، فيما يأتي:
ولكن كلمة المجتمع ليست مجازا، فأي مجموعة إنسانية لا بد أن تكون وحدة أعلا من الحيوان الفرد، كما أن الحيوان ذا الخلايا المتعددة يعتبر وحدة أعلا من وحيد الخلية، وتتعاون الخلايا في الحيوان المتعدد الخلايا بطريق الجهاز العصبي، ويتعاون الأفراد في المجتمع بطريق الموجات الصوتية.
وتختلف الأصوات الخاصة، التي يستعملها مجتمع ما من المجتمعات عن الأصوات التي يستعملها مجتمع آخر، وهكذا يتكلم بنو الإنسان لغات مختلفة، وكل طائفة من الناس تستعمل نظاما واحدا للعلامات الكلامية، تسمى مجتمعا لغويا، ومن الواضح أن قيمة أية لغة، إنما تعتمد على من يستعملونها بنفس الطريقة، فكل عضو من الجماعة، ينطق الأصوات المضبوطة في مناسباتها المضبوطة، أو بعبارة أخرى، يستجيب استجابة مضبوطة.
وكل طفل يولد في جماعة يكتسب عاداتها الكلامية، واستجاباتها في السنين الأولى من حياته، وإذا ذهبنا إلى بلاد غربية، فإن علينا كذلك أن نتعلم نظما عرفية ثابتة في هذه البلاد لا نعرفها كنظام العملة، والمقاييس والمكاييل، والأطوال والمرور، وعادات السلوك وساعات الأكل وهلم جرا، ولا يجمع المسافر الإحصاءات عن هذه

ص48

الأشياء وإنما تضعه ملاحظاته الأولى على الطريق، حتى تعززها ملاحظات أخرى أو تعدلها، واللغوي محظوظ من هذه الناحية، فإن نشاط الجماعة لا يبدو مضبوطا في أي حالة من الحالات، كما يبدو في اللغة، فهناك مجموعات ضخمة من الناس تبني الجمل التي تتكلمها من نفس المفردات والتراكيب، ولذلك يستطيع اللغوي، ذو الملاحظة أن يصف العادات اللغوية لأي مجتمع دون الحاجة إلى إحصاء.
ولا نحتاج إلى القول: إنه إذا أراد دراسة اللغة، فإنه يجب أن يعمل جاهدا، وأن يسجل كل صيغة يجدها، وألا يعذر نفسه بالاعتماد على عقلية القارئ، أو على تراكيب لغة أخرى، أو على نظرية من نظريات علم النفس، ويجب فوق كل شيء ألا يختار بعض الحقائق، أو يشوهها طبقا لنظرته الخاصة إلى ما يجب أن يقوله المتكلم.
ولعل القارئ يرى أن بلومفيلد، قد جند نفسه لشرح نظرية الكلام، دون أن يعني بنظرية اللغة، وهو في شرحه لنظرية الكلام، يقرب إلى الدراسات الطبيعية قرب السلوكيين منها، ويوضح الحقائق الكلامية في ظل فهمهم للنفس الإنسانية؛ وهو مع ذلك يحذر الباحث من الاعتماد على نظرية من نظريات علم النفس.
ولا يعني بلومفيلد كثيرا في كتابه بالضغط على التقابل بين الفكرتين اللغوية والكلامية؛ وإما يلمح إلى النظم العرفية تلميحا حين يتكلم عن اللغات الأجنبية.
ويرى فندريس(12) أن من الحق الآن أن يقال: إن الإنسان كائن اجتماعي، وإحدى الخصال التي تشهد بفصاحة على الخاصية الاجتماعية في الإنسان، تكمن لاشك في الغريزة، التي تدفع الأفراد الذين يعيشون في مجتمعات أن يجعلوا لأنفسهم مصلحة مشتركة فيما يتعلق بظروفهم، وخصائصهم المتشابهة، ليتميزوا عن هؤلاء، الذين لا تتحقق فيهم هذه الخصائص إلى نفس المدى.
وكل فرد في الجماعة، يشعر بأنه يتكلم لغة تختلف عن لغة الجماعة المجاورة.
ولهذا فإن للغة وجودا حقيقيا في الإحساس المشترك بين هؤلاء الذين يتكلمونها، وهذا التحديد، وإن بدا لأول وهلة صريحا في ذاتيته، ينبني على حقيقة هي إضافة
ص49

وعى المتكلم بالإحساس بمثل لغوي أعلى معين، يحاول كل فرد أن يحقق به الشعور بالشركة في اللغة.
ويوجد تفاهم واضح بين الأفراد في نفس الجماعة، لتبقى اللغة مطابقة لقواعدها، ولكن العادة ليست اعتباطية، بل إنها على العكس تحددها دائما مصلحة الجماعة؛ وهذه المصلحة هنا هي أن يفهم كل فرد منها الفرد الآخر، ولهذا يعارض كل فرد منها خلق أي شيء اعتباطا، ومن السهل أن تتبع المخالفة الفردية للعادة ويهزأ بها، ويعاقب المخالف حتى لا تبقى له أية رغبة في ارتكاب مخالفة أخرى، ولا يمكن لمخالفة ما أن تصبح قاعدة، إلا إذا كان كل فرد في الجماعة ميالا إلى ارتكابها، أو بعبارة أخرى يجب أن ينظر إليها باعتبارها قاعدة لا خرقا لقاعدة.
وللناس فكرة دقيقة عن لغاتهم؛ فهم يحسون بمنتهى الدقة بأقل خروج على اللغة، ولذلك فإن خير من يستشار في أمور الاستعمال اللغوي هم العامة، أما المجامع اللغوية، فإنها يحق لها أن تبحث ما إذا كان الأتوموبيل مذكرا أو مؤنثا، أو بعبارة أخرى أن تبحث في المسائل النظرية.
هذه الرغب في توخي الصواب، وضمان ثبات العادة هما اللذان يخلقان اللغة في أي مجتمع؛ ولكننا إذا بحثنا عن التحقق التام للغة في فرد، فسوف لا نجده؛ وكثير هؤلاء الذين يتكلمون الفرنسية، ولكن ليس هناك متكلم واحد بالفرنسية، يستطيع أن يؤدي وظيفة القاعدة والمثال للآخرين، ومن هنا نقول: إن اللغة الفرنسية لا توجد في اللغة، التي يتكلمها أي كائن إنساني بمفرده، ويمكن أن يقال باختصار: إن اللغة شكل لغوي مثالي يفرض على الأفراد في الجماعة الواحدة، "وأعم تعريف للغة هو أنها نظام من العلامات(13)"، ويقصد بالعلامات هذه الرموز، التي تستخدم في خلق اتصال بين شخص وآخر، وما دامت أنواع هذه الرموز متعددة، فمن الواضح أن هناك لغات متعددة، فكل حاسة يمكن أن تستخدم في خلق لغة ما، فهناك لغة للشم، ولغة للمس وأخرى للسمع وأخيرة للبصر، ولكن
ص50

أهم لغة هي لغة السمع، التي ربما تساعدها أحيانا لغة بصرية هي الإشارات باليد والوجه، وأغلب اللغات البصرية المستعملة الآن مشتقة من اللغة السمعية، وهذا يصدق على الكتابة، ونظم الإشارة المختلفة، ولا تصبح اللغة حقيقة اجتماعية، إلا إذا كان العقل الإنساني ناميا ليستخدمها، وأصل اللغة من الناحية النفسية، يتلخص في خلق قيمة للرموز، وهذا ما يفرق بين لغة الإنسان، ولغة الحيوان.
والعلم الذي يدرس الكلام في اللغة "علم الأصوات"، يمكن أن يدرس ثلاث جهات من نشاطه، عملية إنتاج الصوت، ثم انتقاله بين المتكلم والسامع، ثم سماعه.
والإنتاج والسماع متساويان من ناحية الأهمية للغة؛ لأن اللغة إذا قدر لها أن توجد فلا بد لها له من شخصين متصلين على الأقل، ولا بد أن يقصد بالكلمة أن تكون مسموعة، ويلعب السماع دورا هاما في تغيرات اللغة، وبواسطة الأذن يحصل كل متكلم على عاداه النطقية، ولكن من الناحية النظرية، لا نستطيع أن نعطي السماع مكانا هاما في الدراسات اللغوي، ومن ثم أصبح علم الأصوات مقصورا زمنا طويلا على إنتاج الكلام.
ولا يضيف فندريس كثيرا إلى نظرية الكلام، وإنما يشرح الوسائل، والأجهزة التي تساعد على إنتاجه، وأما نظرته إلى اللغة، فهي في نطاق نظرة المدرسة الفرنسية التي على رأسها دي سوسور، وهو يتبع بالي في التفريق بين اللغة العقلية، واللغة العاطفية.
فعند أن "الفرق الأساسي بين اللغة العاطفية، واللغة العقلية إنما يتضح في تركيب الجملة؛ وهذا الفرق يبدو جليا حين نقارن لغة الكتابة بلغة الكلام(14)".
وإنما يكون الفرق في تركيب الجملة في نظره في اختيار المفردات، وفي طريقة ترتيب الكلمات في الجملة، أو ما يسميه البلاغيون "التقديم والتأخير".
أما لويس(15)، فإنه يعقد فصلا لعلاقة اللغة بالعقل الجمعي فيقول: إنه يقصد بالعقل الاتجاه النزوعي Conative للسلوك إلى إدراك Cognition البيئة عمليا أو نظريا
ص51

إدراكا قد يقتضي استجابة وجدانية affective للبيئة، والخاصية الجوهرية لهذا السلوك العقلي، أنه يستعمل الرموز سواء أكانت شفوية أم تصويرية، وربما يكون الشخص في أية لحظة واعيا ببعض سلوكه العقلي، وأقل وعيا ببعضه الآخر، وغير واع بالكثير منه، فالعقل الواعي Conscious mind يميل إلى استعمال الرموز الشفوية، ولكن العقل تحت الواعي Subconsious، والعقل غير الواعي Uncomscious يميلان إلى أن يرمز لهما بالصور، والتحولات الصورية للغة.
ولكل شخص عقد دائمة من الأفكار والإحساسات، والرغبات يبدو أثرها في سلوكه الظاهر، ولكنه هو يميل إلى أن بظل غير واع بها، ويسمح لها بالظهور في العقل الواعي، إذا كانت بصورة مقنعة فحسب، فكل السلوك العقلي إذا يستعمل الرموز سواء كانت من هذا النوع أو من ذاك، وتختلف الرموز باختلاف نوع النشاط العقلي، أي ما إذا كان إدراكيا، أو نزوعيا أو وجدانيا، والمدى الذي يسمح فيه للوعي أن يشمله، فيمكن القول إذا: بأن العقل سلوك في وسط من الرموز.
ومما يرجع إلى اهتمامنا باللغة، ووظائفها في المجتمع أن يصبح من الضروري أن نعترف بأن سلوك الجماعة الإنسانية، تصبح له خصائص معينة، كلما وجد الرمز الاجتماعي أي التفاهم؛ وهذا النوع ن النشاط، الذي يشتمل على رمزية يؤدي في المجتمع نفس الوظيفة، التي يؤديها النشاط العقلي في الفرد.
فالتذمر الجمعي والوضع الجمعي للخطط، والإحساس الجمعي والإرادة الجمعية كل أولئك يتعدل بوجود أشكال رمزية، للتفاهم في الجماعة، هذه الرموز الجمعية هي التي تمكن الجماعة من أن تباشر نشاطها، وتمكنها اللغة من أن تباشر هذا النشاط بإتقان أعظم، وتجعل اللغة في قدرة الجماعة أن تمنح الرمز لعقلها الجمعي، فتعطيه القوة التي يصبح بها عقلا جمعيا واعيا.
والاعتراف بكل أولئك هام جدا لفهم وظيفة اللغة في المجتمعات الحديثة.
وطبيعة العقل الجماعي لا تحس إلا إذا اعترفنا بأنه شكل من أشكال السلوك الجماعي، وكما أن علم النفس يرى العقل الفردي جزءا جوهريا من مجموع سلوك

ص52

الفرد، فيجب أن نرى العقل الجماعي أهم وسيلة تستخدمها الجماعة في نشاطها، فالسلوك الجماعي كما قلنا مختلف تمام الاختلاف عن السلوك الفردي، وأنواع النشاط التي يقوم بها الأشخاص، وهم في المجموع ذات أنماط تختلف عن أنواع النشاط، التي يقوم بها أفراد في وحدة وعزلة.
والسلوك الجمعي الإنساني، كما نعرفه الآن يظهر غالبا، أو دائما في وسط من رموز تفاهمية، وتلك هي الوسيلة التي تستطيع الجماعة بها، أن تنظم بقية سلوكها بالتأجيل، والتوجيه في ضوء ذكرياتها عن الماضي، وبعبارة أخرى تصبح رموز التفاهم الوسيلة التي ينسى المجموع بها سلوكه، والوسيلة التي ينمى بها المجموع عقله الجماعي.
فإذا كان هذا حقا، فقد يكون هناك تطور أعظم في بعض الجماعات منه في الجماعات الأخرى، طبقا لمدى استخدام الرموز التفاهمية، ولمظهرها المركب، ولربما تنغمس جماعة أحيانا في سلوك جماعي، ليس له رموز تفاهمية في داخل الجماعة، وهذا هو السلوك الجماعي غير الواعي، أو السلوك الذي لا تعيه الجماعة، كجماعة برغم أن الأفراد في هذا المجموع، ربما كانوا على وعي به، أما طبقا للمدى، والمظهر المركب للرمزية الجماعية في السلوك الاجتماعي، فلا بد أن يكون هناك اختلاف من جهة التوسع، والتدرج في الوعي الجماعي بالسلوك الاجتماعي.
وللغة مكان فريد بين الأنواع المختلفة من الرمزية التفاهمية؛ لأنها الوسيلة التي يصبح بها العقل الجمعي عقلا جمعيا واعيا، فالسلوك الجماعي إذا على ثلاث درجات:
بلا رموز جماعية، وبرموز جماعية غير شفوية، وبلغة، وفي الحقيقة أن السلوك الجماعي الإنساني، نادرا ما يكون من الصنف الأول، أو بعبارة أخرى يوجه العقل الجماعي دائما السلوك الجماعي الإنساني، مهما كان هذا العقل بدائيا أو ناقص الوعي، وحيثما يسيطر المجتمع على اللغة بدرجة عظيمة، يوجد العقل الجماعي الواعي وعيا تاما.
يقول سابير(16): إن الكلام ظاهرة عادية جدا في الحياة اليومية، حتى إننا لا نقف
ص53

لنفكر في تعريفه، وإنه ليبدو طبيعيا للإنسان، كما يبدو المشي -وهو أقل في طبيعيته من التنفي فحسب- ومع ذلك، فلا نحتاج إلا إلى لحظة من التأمل لنقتنع بأن الإحساس بالمظهر الطبيعي في الكلام، ليس إلا إحساسا خادعا، فعملية اكتساب الكلام في الحقيقة، تختلف عن تعلم المشي، وفي حالة المشي لا تظهر الثقافة على المسرح، فللطفل عوامل مركبة تسمى الوراثة العضوية، هي كل ما يحتاجه في التكييفات العضوية، والعصبية التي نسميها المشي، والحقيقة أن الإنسان الطبيعي مقدر له أن يمشي لا؛ لأن الكبار سيساعدونه على أن يتعلم المشي، ولكن؛ لأن أعضاءه قد أعدت لذلك.
ولكن اللغة ليست كذلك، وباعتبار معنى خاص يمكن القول بأن الإنسان مقدر له كذلك أن يتكلم، ولكن هذا يتوقف تماما على الظروف التي يولد فيها، لا من ناحية الطبيعة فحسب، ولكن من ناحية المجتمع الذي سيقوده في طريق التقاليد العامة، فإذا نفينا المجتمع من الصورة، فسوف يعلم الإنسان المشي، إن عاش، ولكنه سوف لا يتعلم الكلام أبدا، فإذا أخذت المولود من مجتمعه إلى مجتمع آخر فسوف يتعلم المشي، كما كان سيتعلم في مجتمعه الأول، ولكنه سيتكلم لغة المجتمع الثاني الذي نشأ فيه، فالكلام نشاط إنساني يختلف إلى غير حد بحسب انتقالنا من مجتمع إلى مجتمع؛ لأنه وراثة تاريخية للجماعة، ونتيجة من نتائج الاستعمال الجماعي المستمر في العصور الطويلة، وهو يختلف كما تختلف كل المجهودات الخالقة، وربما لا يكون ذلك بنفس الدرجة من الوعي، ولكن على أي حال بنفس الدرجة من الحقيقة، كما في الأديان والمعتقدات، والعادات والفنون في الشعوب المختلفة، وإذا كان المشي وظيفة عضوية غرزية للشخص، فإن الكلام وظيفة مكتسبة ثقافية غير غرزية.
وهناك حقيقة كثيرا ما دعت إلى أن تمنع الاعتراف باللغة، باعتبارها نظاما عرفيا من العلامات، وغررت بالعقل العام، فجعلته ينسب إليها أسسا غرزية ليست لها، تلك هي الملاحظة الشهيرة التي تقول: إنه تحت ضغط العاطفة كالألم والفرح مثلا، ننطق بحالة غير إرادية ببعض الأصوات، التي يأخذه السامع دلالة على العاطفة نفسها.

ص54

ولكن هناك بونا شاسعا بين هذا التعبير غير الإرادي عن الشعور، وبين النوع العادي للتفاهم، وهو الكلام، فالنوع الأول غرزي غير رمزي؛ لأنه لا يدل على نوع العاطفة، ولكنه فيضان آلي لطاقة العاطفة، وهو جزء من العاطفة نفسها؛ ثم هو لا ينقل فكرة على أي حال، فهو كالنباح والصهيل، وما إلى ذلك.
أما اللغة فهي طريقة إنسانية غير غرزية لنقل الأفكار، والعواطف والرغبات بواسطة نظام من الرموز، التي تستعمل بحسب الإرادة، هذه الرموز سمعية مبدئيا، وهي تنتج عما يسمى عادة أعضاء النطق، وربما جر الكلام عن أعضاء النطق إلى الظن بأن الكلام غرز، ولكن هذه الأعضاء في حقيقتها ليست وظيفتها النطق، وإنما تقوم بوظائف حيوية تساعد على جعل استمرار الحياة أمرا ممكنا.
وجوهر اللغة يتلخص في أنها تخصص رموزا صوتية للعناصر المختلفة للتجارب.
وهذه الرموز يجب أن تكون مخصصة بحسب التعارف، لا بحسب الطبيعة، ولا المنطق، أي أن العلاقة بين الكلمة، وبين مدلولها علاقة اعتباطية غير مسببة.
وللسيوطي(17) كلام وجيز يفرق بين اللغة والكلام، ولست أدري إن كان السيوطي واعيا بهذا التفريق أولا، حيث يقول: "فإن قال قائل: فقد يقع البيان بغير اللسان العربي؛ لأن كل من أفهم بكلامه على شرط لغته فقد بين، قيل له: إن كنت تريد أن المتكلم بغير العربية، قد يعرب عن نفسه حتى يفهم السامع مراده، فهذا أخس مراتب البيان؛ لأن الأبكم قد يدل بإشارات وحركات له على أكثر مراده، ثم لا يسمى متكلما فضلا عن أن يسمى بينا بليغا".
وهنا نقطتان هامتان من التفريق، أولاهما أن المتكلم إنما يتكلم على شرط لغة معينة، بمعنى أنه يأتي بكلامه مصوغا بحسب النظم الصوتية والصرفية، والنحوية من مفردات هذه اللغة ومادتها، فالكلام كما يبدو في نظره نشاط عضلي مصوغ من رموز معينة، موضوعة بحسب قواعد معينة هي اللغة، وثانيتها أن الذي يستعمل الإشارة، يستعمل اللغة لا الكلام.
ص55

وأما رأي ابن جني(18) في اللغة، فهو أنها أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم. وهذا في الواقع تعريف للكلام، لا للغة. ويقول في مكان آخر(19):
غير أن أكثر أهل النظر على أن أصل اللغة، إنما هو تواضع واصطلاح، لا وحي ولا توقيف، إلا أن أبا علي رحمه الله قال لي يوما: هي من عند الله، واحتج بقوله سبحانه: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} ، وهذا لا يتناول موضع الخلاف، وذلك أنه قد يجوز أن يكون تأويله، أقدر آدم على أن واضع عليها، وهذا المعنى من عند الله سبحانه لا محالة، فإن كان ذلك محتملا غير مستنكر سقط الاستدلال به.
ثم يشرح ابن جني(20) طريقة المواضعة بقوله: "ثم لنعد فلنقل في الاعتلال لمن قال بأن اللغة لا تكون وحيا، وذلك أنهم ذهبوا إلى أن أصل اللغة لا بد فيه من المواضعة، قالوا: وذلك كأن يجتمع حكيمان أو ثلاثة فصاعدا، فيحتاجوا إلى الإبانة عن الأشياء المعلومات، فيصفوا لكل واحد سمة ولفظا، إذا ذكر عرف به ما مسماه ليمتاز من غيره، وليغني بذكره عن إحضاره إلى مرآة العين، فيكون ذلك أقرب وأخف، وأسهل من تكلف إحضاره، كبلوغ الغرض في إبانة حاله".
ثم يعود، فيذكر نظرية أخرى عن أصل اللغة(21)، هي أن منبع اللغة الأصوات الطبيعية، والصيحات البدائية التي كان الإنسان الأول يؤديها كتعبيرات طبيعية عن انفعالاته، "راجع ما قاله سابير ص54-55"، فيقول: "وذهب بعضهم إلى أن أصل اللغات كلها، إنما هو من الأصوات المسموعات كدوي الريح، وحنين الرعد وخرير طاء، وشحيح الحماء، ونعيق الغراب، وصهيل الفرس، ونزيب الظبي ونحو ذلك. ثم ولدت اللغات عن ذلك فيما بعد، وهذا عند وجه صالح متقبل".
ثم يعود ابن جني في نفس الصفحة إلى القول: بأنها من عند الله عز وجل، ويقوى في نفسه اعتقاد كونها توقيفا من الله سبحانه، وأنها وحي.
ص56
__________
)1) Cours de Linguisique Generale, P. 37.
(2) انظر ص115 من كتابه.
(3) ص25.
(4) ص25.
(5) Speech & Language.
(6) الجمعي من النشاط ما صدر عن جماعة، والاجتماعي ما صدر عن المجتمع، أو نسب إليه، والفرق بينهما هو الفرق بين Social activity group activity.
(7) Mankind, Nation & the individual, London, 1946.
(8) عالم إنجليزي في المنطق، والاقتصاد عاش في القرن التاسع عشر.
(9) كاتبة فرنسية من واضعي أسس المذهب الرومانتيكي في الأدب.
)10) ملخص من كتاب يسبرسن mankind, Nation & the indvidual ص14.
(11) Language, p. 22.
(12) Language, p. 239.
)13) p. 7.
(14) Language, p. 145.
(15) Language in Society. p 92.
(16) Language p.1.
(17) المزهر ص187.
(18) الخصائص ص31.
)19) ص39.
(20) ص42.
(21) ص44.


 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي