يعتبر الزواج من السنن الحياتية التي لا تنفك عن الكيان الاجتماعي البشري، وقد أكد الدين الإسلامي على استحبابه ووجوبه في أحيان كثيرة فقال خاتم الأنبياء والرسل محمد-صلى الله عليه وآله-: "النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني".
إن فكرة اقتران الذكر والأنثى أمر فطري، وحاجة نفسية وبيولوجية لا ينكرها إلا مكابر أو لديه قناعات مغلوطة، فانتشار الجنس البشري تم من خلال العلاقة الزوجية، وتعد الأسرة هي النواة الأولى لبناء المجتمع.
ومن خلال قيم التراحم والمحبة في العش الزوجي يدرك الإنسان لذة العيش الكريم ويشم عطر التواشج الأسري عبر حنان الزوجة ودعمها، ويشعر بالأنس والاستقرار في ظل أسرة تجمعه ...
كثيرة هي المرغبات التي تدعو الى الزواج، وتحث عليه كل الأديان والمجتمعات والمستويات العلمية والأخلاقية، ولكن لماذا يعزف كثير من الشباب عن الزواج والاقتران؟
نذكر خمسة أسباب واقعية تجعل الشباب يعزفون عن التفكير بالزواج:
أولا-الروتين الذي تصنعه المجتمعات عبر العادات والتقاليد والأعراف، والشروط التي تجعل صورة الزواج في ذهن الشباب أشبه بتسلق الجبال العظيمة.
ثانيا-غلاء المهور لدى الكثير من الأسر وغلبة الجانب المادي وأوليته أثناء التفاوض مع الخاطب، وتناسي الهدف الأساسي من الزواج وهو بناء أسرة كريمة، ودعم عفة الشاب والفتاة عبر تزويجهما.
ثالثا-شيوع قصص الخيانة الزوجية وانتشارها عبر مواقع التواصل والسوشيال ميديا عموما، عبر المسلسلات والأفلام والمقاطع الهابطة التي تبعث برسالة مفادها: أن الفتاة حتى بعد الزواج تبقى على علاقات مشبوهة بغير زوجها !! وقد ولدت هذه الثقافة السلبية قناعات لدى بعض الشباب بعدم الثقة بعفة أي فتاة!
رابعا-المعايير الذوقية والشروط التعجيزية؛ حيث يتمسك بعض الشباب بوجهات نظرهم عن شريكة الحياة، فإذا تحدث عن ما يرغب به من صفات تظنه يتحدث عن حوريات الجنة، أو أنه يعاني من أزمة في القناعة، فهو لا يدري ما الذي يجعله يتقبل الزواج بإحداهن! أو أنه يعاني من الشك المفرط بنزاهة سمعة الفتيات؛ بسبب ما يسمعه ويقرأ عنه في المواقع التواصلية أو الجامعات بأن لا فتاة تخلو من علاقة مشبوهة! فتولدت لديه قناعة شخصية عن ذلك .
خامسا-الصدمة المحبطة؛ لقد نشأ في الآونة الأخيرة جيل الديجتال الذي يجد تفاعله في العالم الرقمي، فهو يقضي كل أوقاته على التواصل مع الآخرين، وربما يحاول أن يبني علاقاته الاجتماعية على ذلك ويختار شريكة حياته من العالم الرقمي، فيعيش قصة حب إلكترونية تمتد فترة من الزمن بالوعود والأحلام الوردية ...، ثم يتفاجأ في عالم الحقيقة بأن تلك الفتاة التي جذبته صورتها في (الأنستا) مثلا وحصلت على مئات المعجبين هي غير شكلها في الواقع ! ، أو أن تلك التي تتحدث عن الفضيلة والعفاف غير التي في الواقع ! مما يوقعهم في صدمة تجعلهم محبطين، ويشعرون بنفور من الارتباط الزوجي.