لا يوجد شريكان لا تمر عليهما لحظات من الاختلاف وتصادم الآراء، وهذا أمر اعتيادي في حياة الناس غير مستغرب، لأنهم مختلفين في مستوياتهم الفكرية والنفسية والتربوية، والعلاقة الزوجية ليست بمعزل عن تلك الحقيقة، فالزوجان يشتركان في بناء العش الزوجي، و متقاربان في كل أنماط الحياة ... ، فما يحصل من اختلاف وخلاف قد يصل الى الشجار والزعل أحيانا ، ما هو إلا صورة ناطقة عن تباين الطباع والشخصيات !
وعليهما أن يعيا حقيقة وجود ذلك التباين والاختلاف في شخصيتهما مهما كانا حريصين على ديمومة التوافق والانسجام بينهما، جميل ورائع أن تصطبغ علاقتهما بالوئام، لكن إنكار وجود التباين النفسي والفكري والشخصي ينتهي الى تفسير حصول الاختلاف بينهما على أنه إساءة ومدعاة للتقاطع!
كما وعليهما أن يتفهما ضرورة التقبل والاحتواء لما تحمله ذات الشريك من مفاهيم وملكات وأخلاق وعادات ... وعدم إقصائه عن مركز القرار والحوار، فالتفرد والتسلط دمار الأسرة وفتيل التفكك الذي يشعل نيران المشاجرات بنحو ملازم لمسير العلاقة الزوجية لتتحول الى جحيم قد ينهي كيان الأسرة الى ما لا تحمد عقباه ...
ولكي يعالج الزوجان علاقتهما بعد كل حالة اختلاف وشجار عليهما أن يحددا المرهم المناسب لعلاج كل حالة ريثما تعود الروابط الى وضعها السليم في الصفاء والانسجام والعافية ..
فإليكم أربعة مراهم تعالج حالات الاختلاف بين الزوجين، وما يعقبها من آثار سيئة:
- مرهم للالتهابات: وهذا المرهم يجب تعاطيه بعد كل حالة اختلاف بسيطة، وعدم إهمال الشريك إلا بعد تطييب خاطره بعبارات جميلة وكلام لطيف وبما يؤكد الاحترام لشخصيته، كأن نقول مثلا: (أرجو أني لم أقلل من الاحترام لحضرتك)، (أتمنى أن لا أكون قد أزعجتك) (لا تؤاخذني إن بدوت قاسيا في طرح رأيي) (قد كان أسلوبي خشنا في بيان وجهة نظري) (سامحني لأني لم أكن متفهما لوجهة نظرك)
- مرهم الجروح: وهذا المرهم هو للمشاجرات التي يتفاقم فيها الخلاف بين الزوجين الى درجة أن يجرح أحدهما أو كلاهما مشاعر الآخر بالكلمات القاسية والتعدي، فربما كلمة (أنا آسف) أو (أعتذر) لا تداوي تلكم الجروح ولا تطيب خاطر المجروح! فلابد من مرهم ناجع وعلاج نافع والتدرج بخطواته في تطييب مشاعر الشريك:
أولا: إختر الفرصة المناسبة بعد هدوء الأعصاب، وأظهر ندمك وأقر بقسوة أسلوبك وتعديك واعتذر بطريقة تتوقع أنها ترضي الآخر وتعيد له اعتباره.
ثانيا: عاقب نفسك طبقا للضوابط الشرعية أو ما تعارف بين المجتمع كقصاص عادل يجعل الشريك يتحسس منك صدق الندم وإرادة الاعتذار.
ثالثا: بادر إلى اختيار مناسبة لتفاجئ الشريك بهدايا أو حفلة عائلية تعيد فيها اعتباره إليه، وتثبت له حبك واحترامك لشخصيته.
مرهم تقيح العلاقة واحتقانها: هذا المرهم يجب أن يستخدمه الزوجان عندما تتراكم المشاجرات و يتكرر الخلاف ، فيتثاقلان عن معالجة ما تخلفه المشاحنات بينهما من آثار نفسية سلبية كالشعور بالتنافر، والتعامل برسمية و فتور ، و قد يتهاجرا الى درجة قد يناما منعزلين، وربما لا يجتمعان على مائدة الطعام ! ، وكثيرا ما ينشب شجار بينهما ولأتفه الأسباب ، وهو من أشد حالات الخلاف بين الزوجين؛ بسبب إهمالهما معالجة علاقتهما بعد كل اختلاف ومشاجرة الى درجة أن العلاقة يصيبها التقيح والتورم و دائما ما تكون الأجواء ملغومة في المنزل، ولعل المرهم الناجع والواقعي هو الفضفضة والانفجار السليم، بأن يقرر الزوجان المكاشفة والإفصاح عما يشعر به كل فرد منهما تجاه الآخر، ويستفرغ كل منهما ما بداخله ، ولا يترك صغيرة أو كبيرة إلا ويقولها وبالأسلوب الذي يراه منفسا عما في داخله، وحذار من بث ذلك لغير الشريك! ، وعلى الطرف الآخر أن يتقبل من شريكه ويسمح له بأن يعبر عن كل ما أزعجه و يصغي باهتمام لكل ما يبوح به من عتب وتذمر كمرحلة أولى، ليبادله هو أيضا إن كان الحال مناسبا أو يؤجل دوره لما بعد هدوء أعصاب شريكه وقدرته على التقبل والإصغاء؛ لينتقلا الى مرحلة الصلح وعودة الروابط الى وضعها الطبيعي بالحب والصفاء .
- مرهم لتجميل الروابط وتزيينها: وهذا المرهم هو عبارة عن كلمات الحب والمغازلة والنظرة الدافئة والتحفيز المعنوي والمادي، الذي يجب أن يتبادله الزوجان لمعالجة التشقق العاطفي حينما يكونا منشغلين بحياتهما الأسرية والمهنية، والتي تجعلهما يستغرقان وقتهما برعاية الأطفال أو العمل، فيجب أن يستعملا هذا المرهم يوميا لإدامة سلامة الحالة العاطفية، و لتغذية الروابط النفسية بالحب والمودة والتراحم و لتأكيد مشاعر التقدير والاهتمام والاحترام بينهما ..