تزامناً مع ذكرى شهادة الإمام زين العابدين(عليه السلام) وإحياءً وتخليدا ًلمآثره ومنها "رسالة الحقوق" ومواقفه في توحيد الأمّة الإسلاميّة وتحت شعار: (رسالة الحقوق للإمام زين العابدين-عليه السلام- أسسٌ وقواعد لمجتمعٍ مزدهر) انطلقت عصر هذا اليوم الأربعاء (24محرّم الحرام 1438هـ) الموافق لـ(26تشرين الأوّل 2016م) النسخة الثالثة من المهرجان الدوليّ تراتيل سجّادية الذي سيستمرّ لثلاثة أيّام بمشاركة وفود وشخصيّات دوليّة وعربيّة ومحلّية من رجال دينٍ وكتّاب وأُدباء ومؤلّفين ومهتمّين بالشأن الحقوقيّ، خصوصاً من لبنان وتونس وفرنسا وسويسرا وألمانيا وأمريكا وروسيا، فضلاً عن العراق البلد المضيِّف.
استُهِلَّ حفلُ الافتتاح الذي شهد حضوراً واسعاً لشخصيّاتٍ دينيّة وثقافيّة فضلاً عن وفودٍ مثّلت عتبات العراق المقدّسة ومزاراته الشريفة ومن ضمنهم الأمين العام للعتبة العبّاسيّة المقدّسة السيد محمد الأشيقر(دام توفيقه) بالإضافة الى جمعٍ كبيرٍ من الزائرين بتلاوة آياتٍ من الذكر الحكيم وكلمةٍ لممثّل المرجعيّة الدينيّة العُليا والمتولّي الشرعي للعتبة الحسينيّة المقدّسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزّه) وكان ممّا جاء فيها:
"إنّ الإنسان الذي خَلَقه الله تعالى ليكون خليفته في الأرض ولتتجلّى في حياته انعكاسات الصفات الإلهيّة ضمن عالم الإمكان اللّائق به من العدل والرحمة واللّطف والنظم والخلق الإلهيّ في عموم صوره، وليصل إلى الكمال المتّسق مع محدوديّته المجعولة في عالم العقل والمعقولات، وارتقائه في منظومة الخلق والمشاعر والعواطف التي جَعَلها مِلْكاً لأشرف المخلوقات وأكرمها، ثمّ أودعه فطرته وهدايته التي تسوقه سَوْقاً نحو تجلّيّات تلك الصفات، فكان من العبث أن يُترك من دون رسم المسار الصحيح لبلوغ هذه الغاية، وحيث أنّ الإنسان يرتبط بما حوله بروابط متعدّدة وهو في نفسه معقّد في نشأته وتركيبه من أعضائه غاية في التعقيد، كان لابُدّ من نظم تلك الروابط وسوق ذلك التركيب نحو الكمال والخير والسعادة التي ينشدها جنس البشر".
موضّحاً: "لا ارتقاء ولا ازدهار من دون أن يؤدّي كلُّ إنسانٍ التزاماته الفطرية والتشريعيّة المجعولة من خالقه نحو كلّ ما يُحيط به، ومن هنا كان من ضروريّات الحياة نَظْم ذلك بما يُعرف بحقوق الإنسان، التي لا يجد فيها هذا المخلوق ضالّته الموصلة الى غايته إلّا من خلال ما شرّعه خالقُ الإنسان وفاطره وسائقه نحو الكمال، ولقد عاشت الإنسانيّة على مرّ العصور تبحث عن مناها ومبتغاها في تكامل هذه المنظومة الحقوقيّة، وهي وإن وصلت بفعل تراكم تجربتها ونزعتها الى إعمال العقل والحكمة في تشريعاتها، إلّا أنّها بقيت عاجزةً قاصرةً عن الوصول الى الكمال في ذلك.. حتى جاءت الشرائعُ السماويّة لتهدي أممها الى تلك الحقوق، وكان الإسلام –وهو الخاتم لهذه الشرائع السماويّة- قد استكمل واستجمع تلك المنظومة مطويّةً ضمن آيات كتاب الله الكريم، وأحاديث مبيّني الكتاب الكريم وتراجمته وأمنائه ابتداءً من النبيّ الأكرم(صلّى الله عليه وآله) والى أوصيائه الاثني عشر(عليهم السلام)".
مبيّناً: "وجوهرة هذه النُظُم هو ما كشف عن كنوزه وجواهره الإمامُ السجّاد(عليه السلام) في رسالة الحقوق الجامعة لذلك، إلّا أنّ ما يُدمي القلب ويجعل النفس باخعةً همّاً وكمداً لضياء هذه الكنوز والجواهر الحقوقيّة هو عدم تفعيل آلية تحويلها إلى أعماق الوجدان الإنسانيّ والتفاعل معها، وتثقيف المجتمع عليها وتحبيبها للقلوب والأرواح، وعدم الإشعار لموقعها الحسّاس والخطير في نظم حياة الإنسان وسعادته واستقراره وازدهاره، حيث لم تلقَ من الاهتمام بتعليمها وتربية الناس عليها، وعلى الخصوص في مدارسنا ومراكزنا التعليميّة، بل حتى على مستوى الاهتمامات الجماهيريّة العامّة ضمن مؤسّسات المجتمع المدنيّ".
مُشيراً: "لذلك لا محيص لنا عن توجيه الاهتمام والعناية على الأقلّ بجَعْل هذه المنظومة ضمن أحكام التعليم المعرفيّ في المدارس الأهليّة بل الحكومية أيضاً، وفي جميع مراكز التعليم ضمن وسائل التثقيف العام، ومن خلال وسائل الاتّصال التي غزت كلّ زاويةٍ من زوايا حياتنا، ويأتي هذا المهرجان الدوليّ الثالث ليُساهم ولو بمقدارٍ بسيط في لفت الأنظار أوّلاً وتوجيه القلوب ثانياً وتحفيز العقول ثالثاً، الى الاهتمام اللّائق بجوهرة الحقوق لعالم الإنسان وذاته كفردٍ ومجتمع، ألا وهي رسالة الحقوق للإمام السجّاد(عليه السلام) التي جمعت وأوفت واستكملت كلّ ما يتعلّق بهذه الحقوق، ولا عجب في ذلك؛ فمصدرها من نَهْل علومه ومعارفه من الكمال المطلق وعبر رسوله الأكمل خُلُقاً وعلماً في جنس بني البشر، ألا وهو زين العبّاد وسيّد أهل السجود والخشوع".
هذا وقد شهد حفلُ الافتتاح كذلك كلمات عديدة كانت منها كلمة السيّد عبد القادر الآلوسي رئيس رابطة علماء الرباط المحمدي ورئيس علماء الفلوجة، وكلمة الوفود الأجنبيّة للسيد بيير ايمانيال ديبون مستشار رئيس الوزراء الفرنسي، وقصيدة من الشعر الفصيح للشاعر مصطفى الموسوي من كربلاء، وكلمة الوفود العربيّة التي ألقاها د.خالد شوكت الوزير السابق ونائب رئيس البرلمان التونسي، وكلمة السيد نجم الدين بريادي مفتي السليمانيّة وكردستان، وغيرهم. هذا وقد تمّ تسليم درع المهرجان من قبل الشيخ الكربلائيّ لقناتَيْ كربلاء و(bnb) اللّبنانيّة الفضائيّتين على تغطيتهما فعّاليات حفل افتتاح المهرجان بشكلٍ خاصّ ومباشر.