في توظيف جديد منها ونقلة نوعية في آليات طرحها لرؤاها ، طرحت المرجعية الدينية العليا عبر ممثلها في كربلاء المقدسة سماحة السيد احمد الصافي جملة أفكار ومواضيع بأسلوب قرآني يعتمد على المصاديق الحياتية .
المواضيع والأفكار التي وظفت كمصاديق لبعض الأيات القرآنية ومنها ما تلاه الصافي وأوجز تبيانه وبالتحديد الآية (177) من سورة البقرة ، بداعي احتوائها على مضامين كبيرة خصوصا وأن " الموازين التي أرادها الله تبارك وتعالى لنا ، تشمل الإنسان بما هو ، بغض النظر عن أي موقع من المواقع التي هو فيها " .
كما أكد ممثل المرجعية وإمام جمعتها في كربلاء المقدسة خلال الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي أقيمت بإمامته في الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة 17 شوال 1437هـ الموافق 22 تموز2016م ، اكد على " الله تعالى يريد ان ينظم سلوكنا من خلال معنى البر " باعتبار أن " هناك بر وهناك ما هو نقيض البر ، والذي قد يكون فجور او أي شيء آخر " .. واضاف سماحته " أن مجمع الخيرات كلها هو البر " .
وكشف الصافي في حديثه القرآني الذي بيّن انه غير داخل في تبان أسباب نزول الآية المباركة مورد البحث ، كشف عن ان البر الذي تريده الآية الكريمة هو " البر الواقعي الذي يمس شغاف القلب والذي له علاقة بالاعتقاد والالتزام ، وله علاقة بالفعل الخارجي " .
وفي مورد شرحه لـقوله تعالى (( وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ ... )) ، اكد الصافي على ان معنى ( وأتى المال على حبه )) لها موردين أما ان يراد به إعطاء المال على حب المال نفسه او يراد به إعطاء المال على حب الله تعالى " معتبرا أن من " افضل المجاهدات والقربات الى الله تعالى هو إعطاء المال " .
وربط سماحته ذلك بمصداق اجتماعي يعانيه العراقيون ؛ وهو كثرة اليتامى في بلدهم ، معتبرا ذلك " أمانة في أعناق الجميع ، ولا يعفى احد من مسؤوليتهم ، مع اختلاف هذه المسؤولية باختلاف الثراء والعطاء " على ان يبقون " جزء من تكليفنا أمام الوضع الاجتماعي الذي نعيشه الآن " ..
وبخصوص الصبر والصابرين مما ورد في الآية الشريفة (( وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ )) ، قال السيد الصافي : " ساعد الله العراقيين جميعاً بما تحملوا وصبروا في ظروف يندر ان يمر بها شعب مثل الشعب العراقي ومتعلقات صبرهم على حر او الخدمات او الفقر او القتل " ، معتبرا ذلك منهم فضيلة من الفضائل التي يوسم بها الإنسان المؤمن " .
وفيما يلي النص الكامل للخطبة .
اخواتي ... أخواتي ...
اقرأ على مسامعكم الكريمة الآية (( 177 )) من سورة البقرة ؛ لاحتوائها على مضامين كبيرة ؛ اقرأها وارجع عليها على نحو الايجاز :
(( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ )) ( البقرة ـــ 177 ) .
طبعاً لا يخفى على حضراتكم الموازين التي ارادها الله تبارك وتعالى لنا، وهذه الموازين تشمل الإنسان بما هو ؛ مع غض النظر عن أي موقع من المواقع التي هو فيها ...
الله تعالى يريد ان ينظم سلوكنا من خلال معنى البر .. هناك بر وهناك ضد البر قد يكون فجور شيء آخر المهم ليس من البر .. مجمع الخيرات هو البر .. ما هو البر ؟! الآية فيها نفي وفيها إثبات تقول (( لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)) ..
نحن لا نتحدث عن أسباب النزول ولكن نريد ان نبين ان البر الذي تريده الآية الشريفة هو البر الواقعي الذي يمس شغاف القلب والذي له علاقة بالاعتقاد والالتزام ، ثم ايضاً له علاقة بالفعل الخارجي ، مجمع هذا البر ، المسألة ليست في تفاصيل ما تريده الآية وانما في الخطوط العريضة التي تبين .
ما هو البر ؟! قالت الآية (( وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ...)) هذه في مسألة الاعتقادات ..
إخواني ...الذي يؤمن بهذا الفعل الذي افعله من يؤمن بأن فعلي ما وراءه جزاء .. لا يظلم ولا يحاول ان يسرق ولا يفكر في انه يعتدي لأنه يؤمن بالله ويؤمن باليوم الآخر .. اليوم الاخر فيه انتصار وانتصار من الظالم بحق المظلوم ..
الإنسان الآن في الدنيا يرى كل شيء ولا يقوى على مجابهة كل شيء ، لكن الذي يؤمن بأنه يوجد يوم آخر فيعيش مطمئن البال لأنه سيأتي يوم تقول انت من اخذ اموالي من سرقني من اعتدى عليَّ من اهانني ... لا يذهب منك شيء .. هذا الاعتقاد حماية لك، ايضاً اذا تبوأت مكاناً او موقعاً عليك ان تمنع نفسك من التعدي لأنك اذا آمنت بالله وباليوم الاخر سيتهذب سلوكك بالشيء الحسن ..
(( وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ ... )) .
أي اعطى المال على حبه اما على حب المال لان الانسان يحب المال ومع ذلك يعطي المال او على حبه الله يعطي المال لأنه يحب الله تعالى وإعطاء المال ؛ إخواني من افضل المجاهدات والقربات الى الله تعالى وذكرنا سابقاً في خدمتكم بعض الأيات (( الذين يجاهدون بأموالهم وأنفسهم ... )) ، قدّم المال لشدة حرص الانسان على المال قد يحب المال اكثر من ان يحب أولاده .. تقول الآية الكريمة : (( وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ ... )) .
لاحظوا أكثر المصاديق موجودة الآن عندنا في البلد و خصوصاً اليتامى ...
أقول اليتامى .. اليتامى .. وهؤلاء اليتامى بالنتيجة أمانة في اعناق الجميع لا احد يعفى من المسؤولية .. نعم.. قد المسؤولية تختلف باختلاف الثراء وباختلاف العطاء .. نعم .. ولكن بالنتيجة هذا جزء من تكليفنا امام الوضع الاجتماعي الذي نعيشه الآن ..
والمساكين ... إنسان ليس يتيماً لكنه مسكين ، والمسكين يقال سميّ مسكين لأن حركته سكنت من فقره .. ثم تبيّن الآية : وابن السبيل والسائرين وفي الرقاب ..
لاحظ الآية الشريفة بينت الاعتقاد اولا ً ثم الجانب المالي قدّمه .. القرآن قدّم المال .. ثم قال : (( وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا )) .
الوفاء بالعهد إخواني لعله بعض الانبياء غير اسماعيل ابن النبي ابراهيم عليه السلام وهو النبي إسماعيل صادق الوعد وهو نبي غير النبي اسماعيل ابن النبي ابراهيم عليه السلام .. بعض ما يقال انه وعده شخص ان يلتقيه في المكان الفلاني وجاء على الموعد وتخلف ذلك الشخص .. بقي سنة في هذا المكان ينتظره الى العام القادم جاء فوجده فقال اني انتظرك .
الإنسان عندما يعطي وعداً خصوصاً للمواقع التي بيدها ما تستطيع ان تنفذ .. الوفاء من الصفات الممدوحة والمحمودة (( وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ )) .
في الحقيقة إخواني انا فقط اريد ان اقول ساعد الله العراقيين جميعاً ، واقعاً تحملوا وصبروا في ظروف يندر ان يمر بها شعب مثل الشعب العراقي ومتعلقات الصبر ايضاً كثيرة يصبر على حر او يصبر على خدمات او على فقر او على قتل .. يصبر ويصبر .. لا شك ان هناك مسؤولية تتعلق على غيرنا لا نتكلم بها .. ما يعنينا ان هذه الفضيلة فضيلة الصبر من الفضائل التي يوسم بها الانسان المؤمن والتي يتحدث عنها القران ضمن هذه المنظومة من الفضائل التي ذكرتها هذه الآية الشريفة .
(( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ )) .
طبعاً إخواني التقوى ولعله آيات كثيرة تتحدث عن التقوى والجميل في هذه الآية الشريفة بعد ان استعرضت هذه المسائل تشير وتقول (( أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا )) والصدق صفة من صفات الله والله هو اصدق القائلين .. ثم يشير الى ان اولئك هم المتقون وانما يتقبل الله من المتقين .
فالتقوى ميزان مهم جعله الله تعالى ميزاناً لقبول الاعمال .
نسال الله تعالى ببركة القران الكريم ان يتقبل منّا ومنكم .. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات .. اللهم ارنا في بلدنا وشعبنا كل خير واراحنا الله تعالى من كل شر .. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل الطيبين الطاهرين ..