العلامة الدكتور حسين علي محفوظ هذه الشخصية المتميزة والمدرسة العبقرية التي عرفت بأدوارها الإنسانية ورصانتها العلمية والفكرية والثقافية، حيث كرس محفوظ رحمه الله وقته وجهوده في خدمة العلم والمعرفة، واستطاع أن يواصل المشوار في مدينته الكاظمية المقدسة بإحياء مجالسها العلمية والثقافية واحتضانه لكوكبة من الشباب المثقف الواعي وسعى إلى تربيتهم على تحمل أعباء المسؤولية لأجل القيام بمهام نشر رسالته الإنسانية، أما الحديث عن نتاجاته فقد يطول حيث امتدت أغصانها لتنشر بذور الحضارة العربية والإسلامية بين الأوساط الاجتماعية، وهذا اليوم نجد تلامذته ومحبيه ورواد مجالسه قد اجتمعوا ليحتفوا بصرح مكتبته العظيمة وما تركه من إرث وتراث ثقافي وإنساني وحضاري ومقتنيات ومخطوطات نفيسة لتكون محط أنظار وفائدة الدارسين والباحثين وللأجيال القادمة. وبكل فخر واعتزاز شاركت العتبة الكاظمية المقدسة بحضور أمينها العام أ. د جمال عبد الرسول الدباغ وعدد من أعضاء مجلس إدارتها وخَدَمَتها، في حفل افتتاح مكتبة العلامة الدكتور حسين علي محفوظ العامة، برعاية مكتب سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني "دام ظله الوارف" عصر يوم الجمعة 10/4/2015م الموافق 20جمادى الأولى 1436هـ تزامناً مع ذكرى ولادة سيدة نساء العالمين السيدة الزهراء "عليها السلام"، كما حضر الحفل الأستاذ كمال الساعدي ممثل نائب رئيس الجمهورية الاستاذ نوري المالكي ، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور حسين الشهرستاني ، ونائب رئيس مجلس النواب الدكتور همام حمودي، وعدد من الشخصيات الدينية والاجتماعية والعلمية والأكاديمية ورؤساء الجامعات وعدد من المهتمين بالشأن الثقافي. استهل الحفل بتلاوة معطرة من الذكر الحكيم شنف بها أسماع الحاضرين الحاج عبد الرضا الحلبي، بعدها ألقى مدير مركز الدراسات والأبحاث العقائدية سماحة الشيخ محمد الحسون كلمة بهذه المناسبة بيّن فيها طبيعة المكتبة، وكيف شرعوا بها، وما هو المأمول بمستقبل هذا المعلم العلمي والحضاري، مبيناً أنها قد مرت بمرحلتين: الأولى استطاعوا من خلالها الحفاظ على الكتب من التلف والسرقة، والمرحلة الثانية بدأت بتصنيف وفهرسة الكتب وإعمار المكتبة، وكشف الشيخ الحسون إنها قد تحتوي ما يقارب (30 ) ألف عنوان من الكتب القديمة والحديثة ومصادر في التراث والأدب، والأدب المقارن والتراجم والسير، و (7) الآف عنوان من أمهات الكتب التاريخية باللغة الفارسية، و( 500 ) عنوان لصحيفة ومجلة باللغات العربية والفارسية والتركية والأوردية، فضلاً عن مشجرات الأنساب والمخطوطات النفيسة. وأضاف قائلاً: "نأمل أن تتحول هذه المكتبة إلى مركز علمي ومؤسسة ثقافية تقوم بإحياء التراث" مؤكداً على ضرورة تضافر جهود جميع المثقفين لأجل الارتقاء بهذا المشروع المبارك. تلاها كلمة نائب رئيس الجمهورية الأستاذ نوري كامل المالكي ألقاها نيابة عنه الاستاذ كمال الساعدي، جاء فيها: نحن نقف اليوم إجلالاً وإكباراً لأحد مقامات العلم والمعرفة وعلم من أعلام العراق، العلامة الدكتور محفوظ، واستشهد بقول رسول الله "صلى الله عليه وآله" : (مداد العلماء خير من دماء الشهداء)، وأوضح فيه الدور الكبير للعلماء والمفكرين كيف يستطيعون أن يحافظوا على الإنسان والمجتمع من منزلق الهاوية والانحراف الفكري والعقائدي والغزو الثقافي. كما أشار في حديثه إلى أحد مؤلفات الدكتور محفوظ ودعوته إلى التقارب والوحدة الإسلامية، وأكد أن هذه المناسبة الكريمة تستحق منا أن تكون لتكريم علماء العراق وكفاءاته. بعدها كلمة وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور حسين الشهرستاني تحدث فيها قائلاً: نتقدم بالشكر والتقدير للمرجعية الرشيدة التي أولت اهتماماً خاصاً لإحياء هذا المعلم الشامخ بميادين الحضارة. وأضاف ان العلامة الدكتور حسين محفوظ المتخصص في اللغات والدراسات الشرقية، كان "ملجئاً للعلماء والأدباء والمفكرين وحرص على أن يبقى العلم مترعرعاً في هذه التربة الصالحة، وكان شجرة باسقة في سماء العراق ينهلوا من نبعها الصافي" وأمل أن لا ينتهي هذا الجهد النبيل بهذه البناية بل يستمر بدعوة طلاب العلم والجامعات والمدارس ليتعرفوا على كنوزها، وأدعوا الجامعات أن تساهم هذه المكتبة بكل إصداراتها وبمختلف المجالات. وكانت هناك كلمة لرئيس جامعة بغداد الدكتور علاء الموسوي وصف فيها العلامة محفوظ بأنه موسوعة الفكر والثقافة التي حملت هموم العراق والعراقيين، الذي ذهب بجسده ولكن بقي حاضراً مستنيراً بروحه وفكره وعلمه ومكتبته الزاخرة المعطاء التي ستفتخر بها أجيال العراق. وتخلل الحفل إلقاء قصائد شعرية بهذه المناسبة حيث ارتقى المنصة الشاعر القدير الأستاذ محمد سعيد الكاظمي ليتحفنا برائعة من روائعه الشعرية ومنها هذه الأبيات: مكتبة المحفوظ قد أُزلفت جنّتُها الخضراءُ للمتَّقينْ تأريُخها (مُنْبٍ عَلا بابَها إنا فتحنا لك فتحاً مبينْ) 1436هـ شيخ بغداد صُنْتَ بغداد صرحاً شامخاً في عراقنا المحفوظِ عادَ ميلاد فجرها اليوم أرّخ (يا حسين في إرثِكَ المحفوظِ) 2015م بعدها ألقى الدكتور علي محفوظ نجل العلامة الفقيد كلمة العائلة قائلاً: كان محفوظ يدعو الجميع إلى التحابب والتودد والعناق.. ويدعو الجميع إلى المحبة، لا شقاق ولا انشقاق. انطلاقاً من حبه المخلص للعراق، فإنني أرى مكتبة محفوظ هي مكتبة العراق كله، ورمز وحدته وأصالته. بعدها ألقيت قصيدة متميزة بعنوان "محفوظ فقيد المداد" لخادم الإمامين الجوادين "عليهما السلام" الأستاذ رياض عبد الغني الكاظمي ومنها هذه الأبيات: يا شيخ بغداد زرعتَ المدى حَبَّ الهدى واليومَ يومُ الحصادْ جُدتَ على الخلقِ بما نالَهُ منكَ فأبدى ظمأً واستزادْ وينتهي حيث انتهى أرخوا حسينُ محفوظٌ فقيدُ المدادْ 1436هـ وتزدهي الدنيا وتاريخُها بشيخ بغدادَ وجيهِ البلادْ 2015م وكان مسك ختام الحفل قراءة سورة الفاتحة المباركة ترحماً على فقيد العلم والأدب العلامة محفوظ وبعد قص شريط الافتتاح تجول الحضور في أروقه المكتبة ليطلعوا على معروضاتها القيّمة وتحفها النادرة .