من أجل إدامة الإرث القيّم من الكتب والمخطوطات النادرة وللمحافظة عليها من التلف سعت العتبةُ العباسيّةُ المقدّسة الى إيجاد السبل والوسائل اللازمة لترميم ومعالجة هذه الكتب والمخطوطات، فتولّدت الفكرةُ بإنشاء مركزٍ لترميم وصيانة المخطوطات يتبع شعبة المكتبة في قسم الشؤون الفكرية والثقافية ليتولّى ترميمها وفق طرقٍ علميةٍ متّبعةٍ عالمياً، هذا ما تحدّث به لشبكة الكفيل نائب مسؤول المركز السيد كمال عبدالحميد.
وأضاف: "يعلم الجميع أنّ معظم المخطوطات مصنوعةٌ من موادّ عضوية سريعة التأثّر والتغيّر كالجلود وغيرها، لذا كان لابُدّ من إيجاد طريقةٍ علميةٍ حديثةٍ لإطالة عمرها والمحافظة عليها، فقمنا بالدخول في دورات داخل وخارج العراق من أجل الإلمام بالطرق الحديثة الفاعلة لإدامة المخطوطات والمحافظة عليها، وكان أوّل هذه الدورات داخل البلد وبالتحديد في بغداد وبعدها في إيران لكنّ الطموح لم يقف عند هذا الحدّ فتوجّهنا الى دولة (التشيك) التي تُعَدّ من الدول المتقدّمة في مجال ترميم المخطوطات لما تملكه من كوادر متخصّصة في هذا المجال، وبعد اكتساب الخبرة اللازمة تمّ شراء الأجهزة اللازمة وتهيئة المكان المناسب لها كما جُهّز المركزُ ببعض الأجهزة التكميلية من داخل العراق بنفس المواصفات العالمية، أمّا بخصوص عملية الترميم فلا يمكن وضع وقتٍ محدّد لأنّ ذلك يتوقّف على عدد صفحات المخطوط ودرجة تضرّره".
مُبيّناً: "إنّ عملية ترميم الكتاب أو المخطوط تمرّ بعدّة مراحل هي:
أوّلاً: الفحص البيولوجي: يُفحص المخطوط من ناحية وجود الأعفان والفطريات والبكتريا وذلك بأخذ مسحات وزرعها في أجهزة الأطباق والحضن وتُترك لمدّة يومين في الحضانة لتتمّ معرفة مستوى الأعفان الموجودة وهل يستحقّ الكتاب التعقيم أم لا، ليتمّ بعد ذلك تحويله الى المختبر الكيميائيّ.
ثانياً: المختبر الكيميائي: يقوم هذا المختبر بفحص الكتب كيميائيّاً أي يتضمّن فحص الأحبار والأختام والورق ودرجة حموضته، كذلك يفحص الجلد ومدى تحمّله للترميم أمّا المهمة الثانية له فهي تحضير الموادّ اللازمة في العمل كالأصماغ والأصباغ، وبعد إجراء عمليات الفحص يتمّ تدوين ذلك بتقريرٍ ليتمّ رفعه الى المرمِّم ويحدّد له إمّا أن يرمّم هذا الكتاب بالعجينة أو يرمّمه بالورق.
ثالثاً: الترميم: أوّل إجراءٍ يتّخذه المرمِّم هو ترقيمُ المخطوط حسب التسلسل ليتمّ بعد ذلك التصوير التوثيقيّ من خلال أخذ صورٍ مختلفة لأكثر الأماكن ضرراً في الكتاب، بعدها يتمّ تدوين معلوماتٍ عن حالة الكتاب لتبدأ عمليةُ الترميم التي تكون على مراحل، أوّلها التنظيفُ الميكانيكيّ اليدوي من خلال المساحات، وفي حال ذكر التقرير الكيميائي ضرورةَ غسل الكتاب تتمّ عملية غسله وتدعيمه، وبعد غسله يمكن لنا ترميمه بواسطة العجينة بعد فصل الأوراق الملتصقة بمساعدة البخار، وبعد الانتهاء نجد أنّ هناك ثقوباً صغيرة لم تكن واضحة في الجهاز فنقوم بترميمها يدويّاً، بعدها نقوم بقصّ الزيادات الورقية في الكتاب ليتمّ بعدها جمع الكتاب ثمّ تبدأ مرحلة الخياطة بنفس الطريقة القديمة، وفي حال عدم وجود غلافٍ خارجيّ للكتاب يتمّ تحضير غلافٍ له من الجلد الطبيعيّ، ثمّ يرجع الكتاب الى التصوير التوثيقيّ لتتمّ المقارنة بين حالة الكتاب قبل وبعد الترميم".
وتابع عبد الحميد: "أمّا الأجهزة التي يتضمّنها المركز فبعضها تابعٌ للفحص البيولوجي وهي:
1. جهاز (الأوتو كليف): يتمّ فيه تحضير الوسط الغذائي للبكتريا في أطباق وتوضع هذه الأطباق في الثلاجة الى وقت الاستخدام.
2. الحاضن والأوفن: يقوم بحضن الأطباق التي تمّ تجهيزها.
3. المجهر يقوم بفحص الأطباق لمعرفة البكتريا والفطريات.
4. جهاز التعقيم: يدخل فيه الكتاب للتعقيم من خلال وجود إناءين أحدهما للماء والآخر للكحول حيث يتبخّر الماء ويلمس الأوراق فتنشط الأعفان والبكتريا وتنمو فيصعد الغاز الناتج من الكحول ليقوم بقتل هذه البكتريا.
أمّا الأجهزة التابعة للمختبر الكيميائيّ فهي:
1. الخلّاط الذي يتمّ فيه تحضير اللواصق.
2. مسخّن اعتيادي (الهيتر) لتحضير نوع من الصمغ يسمّى الصمغ الحيواني.
3. هود الكيمياء الذي يتمّ فيه إجراء التحضيرات الكيميائية.
4. مسخّن (هيتر) حراري وهو جهاز لفحص حموضة الورق.
أمّا أجهزة الترميم فهي:
1. المكبس العمودي لكبس الكتب.
2. مقطّع يدويّ يقوم بتقطيع الكارتون.
3. الفاكيوم بلو وهذا الجهاز له ثلاثة أعمال هي: (غسل الأوراق, فصل الأوراق المتلاصقة, الترميم بواسطة العجينة)".