يتميّز معرض تونس الدوليّ للكتاب بوجود الجلسات الفكرية والحوارية في كثيرٍ من أجنحته، وكان لجناح جمعيّة العميد نصيبٌ هام في هذا المضمار، إذ خصّصت زاويةً للحوارات ضمن الجناح في المشاركة الأولى للجمعية في هذا المعرض بدورته الـ 38. وشهد المعرض حراكًا ثقافيًا متميزًا، خصوصاً حول جناح جمعية العميد العلميّة والفكريّة، الذي أصبح محطةً للحوارات الفكرية العميقة وتبادل الآراء بين الزوّار من مختلف الأعمار والتخصّصات. وتوافدَ جمهورٌ غفير على الجناح، ليس فقط لاقتناء الكتب، بل أيضًا للمشاركة في النقاشات الغنية التي تُجسّد روح التلاقح الثقافي. واستطلعنا آراء الزوّار ووجدنا إشادات واسعة بجودة الإصدارات والتنظيم الفعال، حيث عبّروا عن تقديرهم للمساعي الحثيثة التي تبذلها الجمعيّة في سبيل دفع عجلة الثقافة والعلم. وتنوّعت الحوارات بين تاريخية تارةً وفكرية تارةً أخرى، فيما كان للعراق نصيب من أسئلة وحوارات المختصّين وعموم الجمهور، الذين قادتهم قلوبهم قبل أرجلهم لدخول الجناح وتصفّح إصداراته. وكانت لدى الأستاذ مصطفى كريم وهو موظّف سابق في المنظّمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الالكسو)/ جامعة الدول العربية، تساؤلات عمّا تروّجه مواقع التواصل الاجتماعي عن مدرسة أهل البيت(عليهم السلام)، ومدى صحّة ما يقوله بعض مدّعي العلم بشأن هذه المدرسة، وكانت لإدارة الجناح إجابات مدعمة بالأدلّة والوثائق العلمية تكشف عن ضلال وجهل أولائك المدّعين وحقيقة نقاء علم وعلماء هذه المدرسة. فيما تساءل الإعلاميّ نور حمدي وهو تونسي من أصلٍ لبنانيّ عن تطوّرات الحركة الثقافية في عراق ما بعد التغيير، وقدّمت له إدارة الجناح شرحاً مفصّلاً عن حجم التطوّر الفكريّ والمعرفيّ والانفتاح على العالم، بعد الانغلاق الذي فرضته الديكتاتورية طوال 35 سنة، مبيّنة بعض الإنجازات العلمية والفكرية في هذا المضمار. وحاورت إدارة الجناح الدكتور رحمن المستشار الثقافي ونائب القائم بالأعمال في سفارة جمهورية العراق في العاصمة التونسية الباحث والمؤلّف في مجال الفلسفة، حول إصدارات الجناح بعد أن تساءل عن نوعيّتها والمراكز التي أصدرتها، مطالباً بتكرار المشاركة وتوسعة الإصدارات بعد الثناء على نوعيّتها وتعدّدها وحجمها. المهندس محمد الحدراوي رئيس مجلس إدارة مؤسّسة العطاء لتنمية المواهب الفنّية والإعلامية من النجف الأشرف الذي كان في زيارة عملٍ للمعرض، تناول في حواره ضرورة الانفتاح على الآخر ونشر وتبادل الثقافات، لكون أن المشاركة في هذه المعارض تمثّل فرصة رائعة لاكتشاف الثقافات والأفكار المتنوّعة، وتمثّل المشاركة العراقية في معرض تونس للكتاب منبرًا هامًا لنشر الفكر المتقدّم، والمساهمة في الحوار الثقافي على الصعيدين الإقليمي والدوليّ. بينما بيّن المشرف التربويّ التونسي المتقاعد الأستاذ جعفر بن يزيد في حواره داخل الجناح: من الفرص الطيّبة أن أجد جناحاً عراقياً بهذا التنوّع والغزارة المعرفية، وهو ما زادني فرحاً فوق فرحتي بإيجاد جناحٍ عراقيّ، فللعراق مكانة خاصّة في قلوب التونسيّين مذ كان يهدي كتب المناهج إلى مدارسهم، وتناول مع إدارة الجناح مجريات تطوّر الثقافة العراقية بعد زوال الديكتاتورية، مستفهماً عن أحوال العراق وحقيقة ما ينقله الإعلام عنه.
وسأل باحثٌ تونسيّ في مجال اللغة العربية إدارة الجناح، عن أصول بعض الكلمات في اللهجة العراقية وعلاقتها بلغات العراق القديمة، إذ أجابته محيلةً إليه مصادر الإجابة إلى بعض المراجع اللغوية في هذا المجال. وناقش الأستاذ الهادي ضرغام الناشط المدني التونسيّ مسألةً تكرّرت من عشرات الضيوف والزوّار، ألا وهي حقيقة النظام الديكتاتوري السابق، مستفهماً عن سبب كره الأعمّ الأغلب من الشعب العراقي للطاغية المقبور وحبّ الكثير من العرب بل ربّما أغلب مواطني دول المغرب العربي، فأجابته إدارة الجناح بشرحٍ وافٍ وبالأدلّة عن تلك الأمور، فكان ذلك مدعاةً لتعجّبه وغياب هذه الحقيقة أو هذه الحقائق عن أغلب مواطني تلك الدول، وكان هذه التعجّب مشتركاً مع كلّ من سأل عن تلك الأمور من زوّار المعرض طيلة أيّامه. بينما كان حوار الأستاذ عبد الغني الفقيه مدير مركز نماء للبحوث والدراسات (يماني يسكن المغرب)، حول ظاهرة التراشق المذهبي بين مدّعي العلم الدينيّ من الفريقين، واستفهم عن بعض الحقائق فيما يخصّ مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) وأهمّية وميزة النجف الأشرف كمحورٍ وقطب معرفيّ في تلك المدرسة عن باقي المواقع الدينية، إذ اختتم اللقاء شاكراً إدارة الجناح على ما استحصله من إجابات، لكونها ستساعده بالإضاءة على بعض الجوانب العلمية في هذا المجال.