أكّدت العتبة العبّاسية المقدّسة، حرصها على تكريم كلّ من تنتهج المبادئ الفاطمية والزينبية من بناتنا، وعلى وجه الخصوص طالبات المدارس والجامعات. جاء ذلك في كلمة ألقاها ممثّل العتبة المقدسة الدكتور أحمد الشيخ علي ضمن فعّاليات مهرجان (أميرة الشام) الذي ينظّمه قسم العلاقات العامة بالتعاون مع جامعة الإمام الصادق(عليه السلام)، ضمن مشروع فتية الكفيل الوطنيّ في محافظة ميسان. وقال الشيخ علي: "إنّه لشرف كبير أن أقف بينكم اليوم ممثّلاً الأمانة العامّة للعتبة العباسية المقدسة في هذا المِهرجان المبارك، الذي نُشارك في إطلاق نسخته الأولى جامعةَ الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) فرع ميسان، والشرف كلّه منوط بعنوان هذا المِهرجان ودرّة تاجه وواسطة عقده (أميرة الشام) العقيلة الطاهرة زينب الكبرى(سلام الله عليها)". وأضاف، "اسمحوا لي أن أنقل لكم بادئ ذي بدء تعازي سماحة المتولّي الشرعي للعتبة العبّاسية المقدسة السيد أحمد الصافي (دام عزّه) في هذه الذكرى الأليمة، أنقلها مشفوعةً بتحياته ودعائه، ومباركته إقامة هذا المِهرجان، الذي نأمل أن يكون عملاً صالحاً يُنتهج ويعدّ له الإعداد الأمثل على غرار ما دأبت العتبة العباسية المقدسة على إقامته من مِهرجانات، في عديد الجامعات والمعاهد التعليمية على امتداد خارطة الوطن العزيز". وأوضح، "لعلّنا اليوم ونحن نجتمع على أرض الطيبة والكرامة والعزّة والنخوة، أرض الأجداد أرض الجود والسخاء، أرض التاريخ العريق، أرض ميسان الأبية، وفي حرم جامعةٍ مجيدة حملت اسم إمامنا الصادق(عليه السلام) عنواناً لها، فإنّنا إذن في مقام الفخر، فكيف بنا وقد زاد على ذلك فخراً إطلاق الدورة الأولى من مِهرجان أميرة الشام؟ إنه لا شكّ الذروة الأسمى من الفخر، ويحقّ لنا ذلك". وبيّن، "من المهمّ أن نستعيد ظلامة أئمّتنا، وكلّ ما في ذلك من شواهدَ حَريّة بإثارة الأحزان في قلوبنا، واستدرار الدموع التي لا سبيل لأن تجفّ في مآقينا، ما دامت فينا تلك الجذوة من الانتماء والولاء، ولكن الأهمّ في هذا المقام المبارك أن نستلهم الدرس الأعظم الذي تركه لنا أئمّة الهدى، الذين هم عِدل القرآن، بل هم القرآن الناطق، وكلّ موقفٍ من مواقفهم وكلّ صفحةٍ في تلك المواقف الجليلة لهو درس علينا أن نعرف مراميه ونتقصّى أبعاده، ونستفيد من علاماته التي ستبقى حيّةً ما بقي الزمان". وتابع بالقول: "ما دمنا في حضرة علامة سامقة من علامات الطهر والإباء علامات أهل بيت النبوّة ومهبط وحيه، وأعني بها ذكرى ارتقاء السيدة الجليلة القدر زينب الكبرى، فنحن في دعوة مفتوحة لاستنطاق ما تركته هذه السيدة خالداً من الأثر العظيم، فمنها نتعلّم الصبر وقد شهدت المصيبة الأدهى والأكبر التي أصابت الإسلام في كبده". وذكر "نتعلّم منها التضحية وهي التي قدّمت القرابين العظيمة، والشجاعة وهي التي وقفت بكلّ شموخ وكبرياء أمام أعتى الطغاة، والإباء وهي التي لم تعطِ إعطاء الذليل، وقارعت الفعل بالفعل والقول بالقول، وكانت كلمتها هي العُليا، كذلك نتعلّم المنطق ولا أبلغ من حجّتها وحرصها على أن يكون القرآن مرجعها، وما تشرّبته من علم جدّها النبيّ الأكرم وعلم أبيها الإمام الأعلم وسيلتها ودليلها، ومنها نتعلّم العفّة والشرف والصدق والإيمان وأن تكون المرأة فكرة سامية، لا تطالها الأيدي ولا تبتذلها الأعين ولا تكون عرضةً لكلّ لسان". وأكّد الشيخ علي "لقد كانت العقيلة الطاهرة في ذلك كلّه مدرسة شامخة ودرساً بليغاً، وحقّ لها من بعد ذلك أن تخلّد وتكون صنو الأئمّة المعصومين وشريكتهم في المنزلة، لقد كان للعتبة العبّاسية المقدّسة دور في تكريس الدرس الزينبي، وقد باركت العتبة عبر أنشطتها المختلفة والعديدة لا سيّما تلك التي مهّدت لها شعبة العلاقات الجامعية في قسم العلاقات العامّة المبارك ضمن مشروع فتية الكفيل، فكان الحرص على تكريم كلّ من تنتهج المبادئ الفاطمية والزينبية من بناتنا وعلى وجه الخصوص طالبات المدارس والجامعات، وقد تشرّفت آلاف الفتيات الزينبيات بتكريم العتبة العباسية المقدسة، وسيكون للعشرات منهنّ اليوم نصيب من هذا التكريم، آملين أن تلتحق بهنّ من يُجِدن قراءة المشهد ويُحسنَّ فهمه، واستيعاب ما فيه من منعرجات ومخاطر فيتجنّبنها".
وذكر، "لا شكّ أن الخطر الذي يحدق بنا بفعل ما ينتجه الخطاب العالميّ الجديد تحت مسمّياتٍ شتى، والمتمثّل بهذا العصف الفكري والتقني الذي يسمّم الأرواح والعقول قبل الأبدان، يشكّل تحدّياً كبيراً على الإنسان وفطرته، ويتساوى في ذلك جميع من أراد أن يتمسّك بالعروة الوثقى من أبنائنا وبناتنا، لكنّنا نخصّ بناتنا بهذا الأمر لكوننا نحتفي اليوم بذكرى امرأة لا ككلّ النساء في عصرها، استطاعت أن تتحدّى خطاب الطغيان في زمانها، وتنتصر عليه، فما أحوجنا الآن وفي المستقبل لمن تقف هذا الموقف وتنتصر على هذا التحدّي، وما أحوجنا لزينباتٍ كثر ينصرن دينهنّ وينتصرن لأنفسهنّ، وتكون كلّ واحدة منهنّ أمّاً وأمّةً وإمامةً في خلقها وعفّتها وثقتها بنفسها ومعرفة ما لها وما عليها، وبما يحقّق مرضاة الله سبحانه وتعالى". واختتم الشيخ علي بالقول: "إن أملنا بأجيالنا الواعية كبير، وثقتنا بهم راسخة، وهم لا شكّ ممّن يعملون على الارتقاء بعقيدتهم وعلمهم، ويسعون جاهدين بتوفيق من الله لأن يكونوا ممهّدين لدولة العدل والصلاح والنجاة إن شاء الله، وفي الختام أشكر القائمين والداعمين والباذلين لإنجاح هذا المهرجان المبارك، جزاهم الله خير جزاء المحسنين".