ألقى معتمد المرجعية الدينية العُليا في الهند السيد أحمد علي العابدي محاضرةً حول منزلة أمير المؤمنين(عليه السلام)، ضمن فعّاليات مهرجان أمير المؤمنين(عليه السلام) الثقافي السنويّ السابع في الهند. وتقيم المهرجان العتبة العبّاسية المقدسة تحت شعار (أَمِيرُ المُؤمِنِينَ -عَلَيْهِ السَّلام- هارُونُ الإمَامَةِ وَالشّاهِدُ يَوْمَ القِيَامَة)؛ بذكرى ولادة الإمام علي(عليه السلام)، في مسجد موكال – بمدينة مومباي، ويستمرّ لمدّة ثلاثة أيام؛ بهدف نشر ثقافة أهل البيت(عليهم السلام) ومعرفتهم. وأدناه موجز لما ورد في المحاضرة: أمّا بعد.. فقد قال رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلم): (يا علي أنت منّي بمنزلة هارون من موسى، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي). نتشكّر ونتشرّف بالعتبات العاليات المقدّسات والإخوة المؤمنين، الذين جاءوا إلى هذا المكان وفتحوا هذه المشروعات، وندعو الله أن يعطيهم الثواب الجزيل إن شاء الله تعالى، فإن موضوع هذا المؤتمر (أمير المؤمنين -عليه السلام- هارون الإمامة والشاهد يوم القيامة)، فنقول إن الله سبحانه وتعالى جعل علياً(عليه السلام) هارون هذه الأمّة، وهذا كافٍ لإثبات ولاية عليّ(عليه السلام) وأنه خليفة رسول الله(صلّى الله عليه وآله) بلا فصل، والقرآن الكريم بيّن منزلة هارون وموسى بأحسن صورة.
كما قال الله تعالى في سورة المزمل، (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولًا). فلابدّ أن يُقاس بين هذه الأمّة وأمّة موسى، فما فعل موسى مع هارون؟! وما فعل الرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله) مع أمّته؟ يوجد هناك شبه بين موسى(عليه السلام) ورسول الله(صلّى الله عليه وآله)، وكذلك يوجد شبه بين هارون وعلي(عليه السلام)، فإن الله جعل نبيّنا سيّد المرسلين ولكن الأمّة جعلت موسى ونبيّنا محمد في رتبةٍ واحدة. قال الله تعالى لموسى؟ (اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ)، في وقت الذهاب ماذا دعا موسى؟ قالَ: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي). إنّ موسى(عليه السلام) لم يبدأ العمل إنّما طلب من الله سبحانه وتعالى أن يكون له وزير من أهله، ثمّ قال (اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي)، سيدنا موسى(عليه السلام) يدعو الله تعالى أن يشرك أخاه هارون في أمره، ولو نحن قلنا إن علياً(عليه السلام) شريك في رسالة نبينا(صلّى الله عليه وآله) لقالت أمّة محمد(صلّى الله عليه وآله) إنّ هذا شرك. ثمّ قال: (كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا)، فقال الله تعالى جواباً على طلب موسى(عليه السلام)، (قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَىٰ * وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَىٰ). فإن موسى(عليه السلام) قبل أن يبدأ عمل التبليغ، دعا من الله بأن يكون الوزير من أهله، فأعلن موسى أن الوزير لابدّ أن يكون من أهلي وأخي وإلّا فلا يكون أحد غيره، ثم لمّا ذهب موسى إلى جبل الطور أربعين ليلة ماذا قال؟ (وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)، قال موسى(عليه السلام): (وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)، فذهب موسى وما طلب الوزارة من الله سبحانه، بل جعل خليفةً في قومه من دون طلب من الله سبحانه، فكّروا في الأمر!!! إنّ موسى لم يترك الأمّة بدون خليفة فكيف يمكن لنبيّنا محمد(صلّى الله عليه وآله) أن يترك الأمّة بدون خليفة؟ لذلك حين أمره الله تعالى بتبليغ العشيرة قال:(وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)، فقال النبي(صلّى الله عليه وآله) مَن يساعدني فهو يكون خليفتي، فما تقدّم أحد إلّا علي(عليه السلام)، حينئذٍ طلب الوزارة لعليّ(عليه السلام)، ثمّ بعد ذلك أعلن في يوم الغدير (من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه). إن موسى(عليه السلام) ذهب أربعين يوماً وجعل خليفة من بعده، فكيف يُمكن لنبينا محمد(صلى الله عليه وآله) أن يتوفّى ولم يجعل خليفةً من بعدِه؟ فكّروا في الأمر!!! ثمّ ماذا وقع مع الذي جعل خليفةً غير خليفة موسى؟ وكيف عاقب الله تعالى مَن ترك خليفة الله تعالى، فإذا جاء نبيّنا(صلّى الله عليه وآله) غداً ورأى الأمّة قد جعلت لها خليفة غير علي(عليه السلام) كيف سيكون الموقف؟! قال الله تعالى: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).