أكدت العتبة العباسية المقدسة، اتخاذها إحياء مناسبات أهل البيت (عليهم السلام) منبرًا، ومنصة لنشر أُصول العقيدة وترسيخ قيم الدين في وجدان الأمة الإسلامية. وقال عضو مجلس إدارة العتبة المقدسة الدكتور عباس الددة الموسوي في كلمة الاحتفاء بذكرى ولادة الإمامين الباقر والهادي (عليهما السلام)، "أنّنا في العتبة المقدسة نَعدُ الاحتفاء بهذه المناسبة وما شاكلها، جزءًا لا يتجزأ من الانتساب لديننا، فنجدد بها انتسابنا إلى الرسالة ومشرفها، كما نستثمرها لنوثق بها صلاتنا الروحية به، ونعبر عن تمسكنا وولائنا له، ولصاحبي الذكرى صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين". وجاء في نص الكلمة: العتبة العباسية المقدسة تولي عناية بالغة، بإحياء مناسبات آل البيت (عليهم السلام)، وتُعدّ العدّة للاحتفاء بها، وإيلائها ما تستحقه من الرعاية والاهتمام، وتقف وراء ذلك أسباب منها: أولا: لأنّهم (عليهم السلام) المتقون الذين نصّ عليهم الذكر الحكيم، في الآية الكريمة: بسم الله الرحمن الرحيم، (والعاقبة للمتقين) صدق الله العلي العظيم، وهذا حسب توجيه من الراسخين في العلم، وهو صاحب الذكرى أبو جعفر محمد الباقر (عليه السلام)، حيث قال: (( أَيُّهَا النَّاسُ أَيْنَ تَذْهَبُونَ وَ أَيْنَ يُرَادُ بِكُمْ بِنَا هَدَى اللَّهُ أَوَّلَكُمْ وَ بِنَا يَخْتِمُ آخِرَكُمْ فَإِنْ يَكُنْ لَكُمْ مُلْكٌ مُعَجَّلٌ فَإِنَّ لَنَا مُلْكاً مُؤَجَّلًا وَ لَيْسَ بَعْدَ مُلْكِنَا مُلْكٌ لِأَنَّا أَهْلُ الْعَاقِبَةِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)) وهو (عليه السلام) القائل بحق منزلتهم: "نحن ولاة أمر الله، وخزائن علم الله، وورثة وحي الله، وحملة كتاب الله، طاعتنا فريضة وحبنا إيمان وبغضنا كفر".
ثانيًا: لأنّنا في العتبة المقدسة نَعدُ الاحتفاء بهذه المناسبة وما شاكلها، جزءا لا يتجزأ من الانتساب لديننا، فنجدد بها انتسابنا إلى الرسالة ومشرفها، كما نستثمرها لنوثق بها صلاتنا الروحية به، ونعبر عن تمسكنا وولائنا له، ولصاحبي الذكرى صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين. ثالثًا: نجعل منها مناسبة لإظهار فروض الحب والطاعة والولاء لأهل البيت (عليهم السلام)، الذين جعل الله (مودتهم) أجرًا لرسالة محمد صلى الله عليه وآله، فالرعاية والاهتمام والعناية تدخل في باب أجر رسالته وقوله، عزّ من قال: ((قُل لاَّ أَسأَلُكُم عَلَيهِ أَجراً إِلاَّ المَوَدَّةَ فِي القُربَى )) (الشورى:23) فالاحتفال مصنّف ضمن ترجماتنا لمودتهم (عليهم السلام)، كما أنّنا نريد أن نستثمر المناسبة من أجل تأصيل الولاء لهم. رابعًا: أننا نجد أنّ إحياء هذه المناسبة، وما شاكلها هو تطبيق عملي واقعي لقوله تعالى (ورفعنا لك ذكرك)، فذكرهم، هو امتداد لذكره صلوات الله وسلامه عليه وعليهم، لذلك يكون هذا الإحياء واعيًا هادفًا نستحضر معه صاحبي الذكرى، ونستحضر معها الذكر المبارك للرسول الأكرم؛ وفي هذا رفع لذكره، وإعلاء لمقامه، لأننا نستعيد مع كل احتفاء بهم ذلك الذكر العليّ والخلق العظيم. خامسًا: أنهم (عليهم السلام)، أمرونا بإحياء أمرهم، من خلال تسليط الضوء على سيرتهم العطرة لنجعل منها منهجًا حياتيًا، ونستلهم من شخصياتهم أخلاقها وآدابها ونستوحي من سيرهم السجايا النبيلة والأخلاق الفاضلة، ونتأمل كل ذلك، ونتدارس ما أُثر من كلماتهم وغرر حكمهم ومواعظهم، وسيرهم ومكارمِ أخلاقهم.. جعلنا الله ممن خلقوا من فاضل طينتهم، وعُجنوا بماء ولايتهم، وجعلنا مما يحزنون لحزنهم ويفرحون لفرحهم ويحيون أمرهم. سادسًا: نتخذ من المناسبة منبرًا، ومنصة لنشر أُصول العقيدة وترسيخ قيم الدين في وجدان الأمة الإسلامية، وتمثُّل سجاياهم ومحاسنِ خصالِهم، ونروّي منهم ظمأ الروح في صحراء هذا العالم المادي، ونقتبس من كنوزهم ما نرد به الشبهات وإبطال الاتهامات الباطلة التي تروج لها التيارات المغرضة، سليلة الماكنة الإعلامية الأموية.. أيها الأخوة إنّ صاحبَي الذكرى في شهرنا المبارك هذا، هما الأمام الخامس والإمام العاشر من سلسلة الأنوار الربانية المنبعثة من نور النبي الأكرم صلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين، وهما من حلقات الهداية الإلهية للإنسان، أئمتنا المعصومين (عليهم السلام)، أبو جعفر محمد بن علي الباقر، وأبو الحسن علي محمد الهادي اللذان أشرقت الأرض بنورهما في المدينة المنورة – في شهر رجبٍ الأصب. علينا، إذن، أن نفيَهما حقّهما، ونؤدي بهما، ولهما أجر رسالة جدهما صلى الله عليه وآله، من خلال إحياء هذه المناسبة عبر الفعاليات والنشاطات المختلفة..