تيمناً بذكرى إشراقة النورَين العظيمين، والصادقَين المصدّقَين، النبي الأكرم محمد "صلّى الله عليه وآله وسلّم"، وحفيده الإمام السادس جعفر بن محمد الصادق "عليه السلام"، تواصل الأمانة العامة للعتبة الكاظمية فعاليات مهرجان ربيع الولادة الخامس المُقام تحت شعار: (على صراط أحمد)، بإقامة حفل تكريم كوكبة من طلبة دورات الحفظ في مركز القرآن الكريم بحضور مسؤولي المؤسسات القرآنية ونخبة من أساتذة وقرّاء وحفظة القرآن الكريم، وطلبة الدورات القرآنية وذويهم، وجمعٌ غفير من زائري الإمامين الجوادين "عليهما السلام".
استهل الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم شنّف بها أسماع الحاضرين الطالب الحافظ علي جابر، بعدها كلمة الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة وألقاها أمينها العام بيّن فيها قائلاً: (ها نحن نلتقيكم في أيام مباركات على مائدة من موائد القرآن الكريم تزامنا مع ذكرى ولادة من نزل على قلبه ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه.. وذكرى ولادة حفيده الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام وبهاتين المناسبتين الكريمتين نرفع إلى صاحب العصر والزمان الحجة بن الحسن العسكري وإلى مراجعنا العظام وإليكم أيها القرآنيون الكرام أسمى آيات التهاني والتبريكات سائلين العلي القدير أن يعيدها عليكم بالأفراح والمسرات وأنتم ترفلون بنفحات كتاب الله العزيز وتنعمون بقربكم من القرآن الكريم.
ونحن إذ نحتفي بكم ضمن فعاليات مهرجان ربيع الولادة الخامس الذي تقيمه الامانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة تحت شعار (على صراط أحمد) لا بد لنا أن نتمعن بهذا الشعار كي لا يكون مجردا من معناه الروحي.. فعندما ننسب الصراط إلى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فنعني به الصراط المستقيم الذي ندعو الله تعالى أن يهديَنا إليه كل يوم في صلاتنا عشر مرات.. فالصراط هو الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه.. طريق الحق والاستقامة.. إذن نحن نعلن بشعارنا هذا أن نكون على نهج النبي ونستن بسنته ونلتزم وصاياه وتعاليمه النابعة من الله عز وجل فهو كما وصفه تعالى (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى). لقد كان رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم أعظم معلم عرفته البشرية على الإطلاق، فلقد غيّر أمة بأكملها، وانتشلها من الضياع والتشتت حتى أصبح للأمة كيان وسيادة بين الأمم وإذا كانت الدراسات التربوية الحديثة ترى أن أفضل طرق قياس لمستوى المعلم يعتمد على تقييم طلابه، فعلينا أن ننظر إلى المجتمع الذي تعلم من الرسول ما تعلم حتى تحول من ظلمة الجهالة إلى نور العلم والحكمة والمعرفة عندئذ سيؤشر لدينا عظمة هذا المعلم صلوات الله عليه وعلى آله فلقد كان للقرآن الكريم دور كبير في عملية التربية والتعليم وتهذيب السلوك لذلك كان اهل البيت عليهم السلام يعظمون كتاب الله تعالى ويوجهون بجعل تفكيرنا بالقرآن الكريم والتعلق به بصورة كبيرة.. فالاهتمام بالقرآن الكريم وإبراز قداسته ومحوريته في حياة الإنسان المسلم من أهم الأهداف الإسلامية في صياغة الفرد والمجتمع.
وبينَ: إن حفظكم للقرآن الكريم هو مبعث سرور لنا وهو دليل على رغبتكم في حمل القرآن الكريم أينما ذهبتم.. مع الإشارة إلى أن الحمل الأهم هو حمل مفاهيم القرآن وانعكاس آياته على حياتنا اليومية وممارساتنا الحياتية وبهذا نتحول شيئا فشيئا إلى أشراف هذه الامة وذلك ما تحدث به رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم قائلا: (أشراف أمتي حملة القرآن)، فلا بد إذن أن نعيش بصدق ولادة النبي وولادة منهجه ونزول الكتاب على صدره وأن نتعايش مع كل هذه المفردات ونستحضرها باستمرار، إلى درجة أن نعيشها في أسلوب تفكيرنا وسلامة أسلوبنا، وفي تطهير نفوسنا وتنقية سريرتنا.
فحافظو القرآن ينبغي أن يُعرفوا بيقظتهم والناس غافلون، وبسهرهم والناس نائمون، وبجدهم واجتهادهم والناس يلهون ويلعبون، حافظ القرآن يصبح متميزا باستعداده، متميزا بسريرته، متميزا بطهارة قلبه، من خلال تأمل اﻵيات والنظر في كتاب الله عز وجل، فالذي يحفظ القرآن هو إنسان من طراز آخر، له ميزات تختلف عن سائر الناس، وحتى نصل إلى هذه الدرجة لا بد من جد واجتهاد ومثابرة، وهذا حتما يحتاج إلى مساعدة اﻷم والأب والمعلم وحتى الزميل فضلا عن توفير الاجواء المناسبة في الدروس).
وكانت هناك كلمة لمركز القرآن الكريم ألقاها مديره الخادم عمار الموسوي أشار خلالها قائلاً: ( نبارك لجميع إخوتنا الحفظة الأعزاء هذا الجهد الكبير في الحفظ والقراءة والتفسير بعد عدة اختبارات متواصلة خلال الفترة المنصرمة، والحمد لله تعالى فقد تعدى عدد الحافظين حتى يومنا هذا المئتين وخمسين حافظاً بين فتيان وفتيات.
ونعلن دعمنا الكامل لأساتذة الحفظ الكرام الذين وصل عددهم حتى الآن إلى التسعة من كلا الجنسين ونحييهم على جهدهم الكبير والمستمر في إعطاء المعلومات للطلبة خلال الأشهر بل السنوات المنصرمة.. فإن الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة ماضية قدماً نحو بناء جيل قرآني واعٍ من خلال دعمها اللامحدود لنشاطات مركز القرآن الكريم بكل مفاصلها وجزئياتها بتوفير كل المتطلبات التي يحتاجها الأستاذ والطالب على حد سواء.. فها هو مركز القرآن الكريم بفضل الله وحمده يستقطب مئات الطلبة من كلا الجنسين ومن كافة الأعمار والمستويات لتحقيق الغاية المرجوة التي يريدها الله ورسوله وأهل البيت منا وهي العمل بكتاب الله والموالاة لمحمد وآل محمد "عليه وعليهم السلام".
كما شهدت فعاليات الحفل مشاركة للطالبة الحافظة زهراء أحمد بتلاوة قرآنية مباركة، أعقبها تقديم فيديو مرئي استعرض فيه أهم أعمال وإنجازات مركز القرآن الكريم من إنتاج قناة الجوادين التابعة لشعبة الإعلام في العتبة المقدسة بعدها مشاركة بتلاوة قرآنية بالطريقة العراقية لفرقة فتية الجوادين للإنشاد القرآني، واختتم الحفل بتوزيع الشهادات التقديرية والهدايا الحفظة من بركات الإمامين الكاظمين الجوادين "عليهما السلام".