بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل مداد العلماء ودماء الشهداء سبيلين لحفظ الدين والمقدسات والصلاة والسلام على أشرف الموجودات محمد المئصطفى سيد الكائنات وعلى آله الأطهار أصحاب الكرامات وأهل المكرمات..
السلام على الإمامين الهمامين الكاظمين الجوادين ورحمة الله وبركاته.. السلام على صاحب العصر والزمان ورحمة الله وبركاته.. السلام على الشهداء السعداء ورحمة الله وبركاته..
السادة الحضور مع حفظ الألقاب والمقامات.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قال تعالى في محكم كتابه العزيز: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) وقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) وفي آية أخرى قال تعالى:
(وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ).
في البدء ومن هذه الرحاب القدسية الطاهرة لا بد من توجيه أسمى آيات الشكر والعرفان إلى صمام أمان العراق والعراقيين سماحة المرجع الديني آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله الوارف).. فلولاه لما كانت لنا هذه الوقفة الطيبة اليوم وهذا التجمع المبارك ولولاه لاستبيح العراق.. كل العراق أرضا وشعبا وعِرضا ومقدساتٍ لا سمح الله.. وستستمر هذه الوقفات بإذنه تعالى حتى ظهور القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
"إن طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي ومن هنا فإن على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس"
بهذه الكلمات وبهذه الفتوى هرع النشامى من أبناء العراق من فورهم في مثل هذا اليوم الرابع عشر من شعبان المعظم سنة 1435 هجرية ليسجلوا أروع الدروس في طاعتهم للمرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف وليسطروا أسمى معاني التضحيات وبذل الغالي والنفيس وهجر ملذات الدنيا ومغادرة العيش الرغيد ليفترشوا التراب ويلتحفوا السماء ويرابطوا على الثغور والسواتر لمواجهة خطر الدواعش التكفيريين دفاعا عن الأرض والعرض والمقدسات ليترجموا بوقفتهم هذه عبارة (يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما) و (هيهات من الذلة) التي طالما رددوها في حرم سيد الشهداء الإمام أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
لا يخفى على الحضور الكريم أن للمرجعية الدينية بصمة لا يمكن مغادرتها في تاريخ العراق المعاصر والتي كان لها دور لا ينكر في تأسيس الدولة العراقية، فقد تعرض العراق إلى شتى أنواع المحن والخطوب بسبب ما عاناه من ظلم وبؤس جراء الاحتلال الذي نشر الجهل والفقر بين أفراد الشعب للهيمنة على مقدرات البلاد.. ولوجود مرجعية دينية عليا تنظر إلى الأمور بعين الحكمة ولها بُعد نظر في كل ما يدور مما جعلها تستنهض الهمم لمحاربة الاحتلال في بدايات القرن العشرين حتى اندلعت الثورة العراقية الكبرى (ثورة العشرين) قبل أكثر من مئة عام تحت إشراف المرجعية الدينية آنذاك بإعلان الجهاد وإشعال فتيل الثورة لطرد المحتلين.
وبعدها بمئة عام تكرر المشهد بعد الاحتلال الأخير للعراق.. ولم تقف المرجعية الدينية مكتوفة الأيدي فصدرت فتاوى وبيانات من المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف لبناء الدولة وكتابة الدستور وتنظيم الانتخابات وكذلك فتوى الدفاع الكفائي في العام 1435 هجرية الموافق للعام 2014 ميلادية ضد عصابات داعش التكفيرية، فكان لها دور فعال في حفظ كرامة العراق والعراقيين.
ختاما أشكر لكم تلبية الدعوة بحضوركم الكريم فهذه المناسبة هي محط افتخار وعلامة فارقة يشار لها بالبنان تمثل نصرا عزيزا على أعداء الأنسانية في العصر الحديث أسأله تعالى أن يحفظ البلاد والعباد من كل سوء وبلاء وأن يرحم الشهداء السعداء ويلبس الجرحى ثوب العافية إنه سميع مجيب وإيمانا منا بأن هذه الفتوى المباركة وما تلاها من جهاد وتضحيات هي إحدى سبل التمهيد لدولة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) فبقلوب مؤمنة ونيات صادقة لنتوجه في هذا المقام بدعاء تعجيل الفرج لإمام عصرنا وزماننا:
(اللّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الْحُجَّةِ بْنِ الْحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِهِ في هذِهِ السّاعَةِ وَفي كُلِّ ساعَةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً وَقائِداً وَناصِراً وَدَليلاً وَعَيْناً حَتّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَتُمَتِّعَهُ فيها طَويلاً برحمتك يا أرحم الراحمين) والحمد لله أولا وآخرا وصلواته وسلامه على رسوله وآله دائما سرمدا.. والسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.