اشار ممثل المرجعية الدينية العليا، في خطبة الجمعة، ان التعلم والثقافة من المواضيع المهمة التي تستوجب الوقوف عندها والتأمل بها لمعرفة الحدود الدنيا التي يمكن للانسان ان يحصن نفسه بها.
وقال السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة من الصحن الحسيني الشريف اليوم الجمعة (31 /8 /2018)، سبق ان تم الحديث عن البصيرة الا ان البصيرة تختلف عن التعلم، مبينا ان الانسان يمكن ان يكون متعلما لكنه قد لا يتمتع ببصيرة.
واضاف ان هناك تدني في مستوى الثقافة في المجتمع، موضحا ان المقصود بمستوى الثقافي هي حالة التحضر، مشيرا الى ان الانسان حينما يكون مثقفا ومتحضرا فانه يتعاطى مع الامور بطريقة يحفظ فيها حق الطرفين.
واكد ان العراق ليس بلداً متطفلاً على الحضارة، كما انه ليس بلداً حديثاً فجذوره وحضارته قديمة، لافتا الى ضررة الابتعاد عن الغرور والاتكاء على حضارة سابقة لانه امر غير صحيح، وانما الهدف من ذكر ذلك ليتحمل الجميع مسؤولية الحفاظ على هذه الثقافة بالحد الأدنى.
واوضح ان بعض الامور يُراد لها ان تبقى في خانة الجهل، لان هنالك نُفرة بين العلم والجهل وصفها اهل المنطق بعلاقة تضادّ، لان العلم يأبى ويرفض الجهل وكذلك الجهل يرفض العلم، موضحا انه في حال مناقشة الجاهل، فانه الجاهل سيغلب العالم بسبب حالة العناد وانعدام المشتركات بين الطرفين.
وبين السيد الصافي انه كلما زاد الوعي ضعف الدجل والدجالون، وكلما جاء العلم ضعف الجهل، لان الجهل يتوطن في موارد ليس فيها علم وثقافة رصينة.
واكد السيد الصافي اننا بحاجة للعلم والثقافة اكثر من احتياجنا للاكل والشرب، مبينا ان خريج الجامعة يفترض منه ان يتمتع بثقافة جيدة، لكن نجده في بعض الاحيان من الصعب عليه ان يكتب اسمه واذا كتب قطعة نثرية تكون مملؤة بالاخطاء الاملائية والنحوية.
وتساءل السيد الصافي اذا كان طالب الجامعة بهكذا مستوى فكيف يكون بمستويات اخرى هو بعيد عنها، موضحا ان من الطبيعي انه سيصدق باي فكرة تتسرب اليه سواء اكانت تربوية او اقتصادية او اجتماعية او سياسية لانه غير محصن.
واكد ان شريحة الشباب يمثلون الامل، الا انه ما يؤسف له ان الشاب يسهر ليله على مواقع لاتسمن ولاتغني من جوع ويكون انسانا كسولا.
وتوجه السيد الصافي بخطابه للشباب قائلا "الشمس لاتشرق الا على الكسالى"، وان غير الكسول يجلس قبل الشمس لان لديه عمل وبيت ومعمل وبلد.
واضاف في خطابه ان على الشاب ان لا يتعمد ان يكون كسولا، وانه مسؤولا عن الفتوة التي يتمتع بها، وان البلد والاسرة بحاجة لهذه الطاقة، وعليه ان لايتعامل مع الامور بخلاف الطبيعة لانه سيكون بحالة من التراهي والهزال، موضحا ان الليل خصص للسكن والراحة والنهار للعمل، وان من غير الصحيح قلب الحالة لان ذلك سيجلب الندم الطويل له كونه يرى بانه في هذه الحالة يحاول قتل الوقت ولا يعلم بان الوقت قتله، متسائلا عن الثقافة والرؤيا التي سيحصل عليها الشباب بهذه الطريقة التي يتعامل بها مع الوقت.
وتأسف ممثل المرجعية الدينية العليا من ان يكون الشاب في ذروة النشاط وهو لايفهم شيئا، كونه لايجلس الا في نهاية النهار.
وطالب السيد الصافي شريحة الشباب بضروة التعلم من الطيور والمخلوقات الاخرى في كيفية تخصيص النهار لشيء والليل لشيء اخر، موضحا ان الذي يقنع الشاب بغير ذلك فانه يضحك عليه.
واوضح ان الاسرة والمجتمع والبلد بحاجة للشباب وان العمر لايتحمل فالانسان سرعان ما يجد نفسه في المرآة قد انتشر البياض في شعره ولحيته.
وحذر من ان يتثقف الشاب بالثقافات الهجينة لانه بذلك سيكون وبال على المجتمع، مطالبا بضرورة ان يلتفت الشاب الى مصدر ثقافته وان يعي بان اجمل شيء عند الانسان عقله، وعليه ان يختار المعلومة التي تنضج العقل وان يكون حريصا على اختيار الثقافة النظيفة كحرصه على اختيار الاكل النظيف.
ووجه السيد الصافي خطابه للمعلمين والمدرسين والشرائح الاخرى المعنية وبالخصوص الاباء قائلا لهم "ايها الاب انت كنت فيما مضى شابا فتُحس بِما يحس به الشاب، وان الشاب لم يكن أب فقد لا يحس بذلك، لذا فانه يحتاج الى إيقاف".
كما وجه خطابه للابناء قائلا "ايها الابناء رجاء اسمعوا وعُوا، اخجل والله عندما اقرأ لشاب بلغ من العمر 24 او 25 عاما، تعلمون هذا العمر كان عمراً يتحدى فيه الجبال..! الآن هذا الشاب هزيل وضعيف وعقلهُ في استراحة لا أعلم من أقنع هؤلاء الشباب على ان يتركوا عقولهم ويلجأوا الى هذه التفاهات..!!، انتم سواء في الجامعات وفي الاعداديات انتم ذخيرة، لابد ان تفهموا ماذا يُراد منكم والتفتوا إلى ماذا يُراد بِكُم ؟!!!.
ولفت السيد الصافي الى ان الشباب اليوم في خطر ثقافي وان بعض التفاصيل مُرعبة بمعنى الكلمة.
وطالب ممن وصفهم بالأيادي النظيفة ان تتلقف هؤلاء الشباب ليَعوا دورهم ومسؤوليتهم وقدراتهم، وان لديهم قدرات كبيرة من الضروري ان يُحسن استخدامها بالشكل الجيد.