لم يكن صباح ذلك اليوم الذي عرف فيه الاصم (عدي) بسقوط احدى مدن العراق تحت تنظيم داعش الارهابي يوما عاديا, الا انه استبشر خيرا بعد اخباره باطلاق فتوى للدفاع الكفائي من قبل المرجعية الدينية العليا.
فـ"عدي" الذي ينتمي لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة "الصم" لم يكترث لعوقه بل التحق للانضمام الى صفوف الملبين لنداء المرجعية الدينية العليا لمواجهة عصابات داعش التكفيرية.
التخطيط للالتحاق
كان "عدي حسن عبد الله " يمارس مهنة عامل خدمة في احدى المدارس القريبة من محل سكنه في محافظة بابل.
بابتسامة وحركات وايماءات ورموز خاصة يقول عدي ان " قصة التحاقي في جبهات القتال جاءت بعد انتشار خبر احتلال داعش لبعض المحافظات العراقية، فتولدت لدي خطة الالتحاق في صفوف "الحشد الشعبي" .
والحشد الشعبي تشكيل عسكري ضم صفوف الملبين لفتوى الدفاع الكفائي التي اطلقتها المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف تمكنت بالتعاون مع القوات الامنية دحر تنظيم داعش الارهابي، وادرج مؤخرا ضمن تشكيلات القوات الامنية في العراق.
فبعد الخطة التي رسمها " عدي " فاتح عائلته ليخبرهم انه سيلتحق في الحرب فكانت الصدمة على وجوه عائلته وزوجته كونه من فئة الصم وصعوبة التعامل مع اتون الحرب وقوتها .
وتابع "عدي" تم الاتفاق مع رفاقي الصم من محافظة بابل على التوجه الى القتال في الحرب وبعد ثلاث اشهر من المحاولات نجحنا في التسجيل كمقاتلين ضمن تشكيلات الحشد الشعبي".
ويروي " عدي " بعد نجاحنا في الدخول بدانا نفكر في كيفية سد احتياجات عوائلنا التي بقت متحيرة من دون مال ولا معيل، الا ان اصرارنا على الدفاع عن العراق ومقدساته كان يدفعنا بشدة لمقاتلة داعش دون الاكتراث الى مثل هكذا امور، وان جل مخاوفنا تتمثل في ان نعود يوما من دون تحقيق النصر".
الحلم يتحقق
لم يتوقع "عدي" ان يتحقق حلم الصغر بان يلتحق بالسلك العسكري بسبب حالته الخاصة التي لا تسمح له ان يكون جنديا، الا ان فتوى المرجعية الدينية العليا كانت البوابة لتحقيق ذلك الحلم ولازالت امنيته التي لم تتحق تتمثل بنيل الشهادة دفاعا عن ارض وعرض البلد ومقدساته.
وفاة والد " حسن "
بعد الالتحاق بقافلة المقاتلين مع رفاقه بثلاثة اشهر ونصف وصل خبر وفاة والد "عدي" الى سوح القتال في صلاح الدين، فكان ذلك الخبر كالصاعقة على قلب عدي واثر بشكل كبير على نفسيته فبات لا يأكل ولا يشرب ولا يضحك كالسابق حسب قول صديقه "علاء جاسم "
ويضيف "عدي" عدت من صلاح الدين لأشيع جثمان "ابي" الذي توفي اثر حادث سير على طريق كربلاء – بابل والناس كلها تنظر لي نظرة شهامة وقوة لمشاركتي بالحرب .
اصابته في الحرب
يتابع "عدي" اشتد لهيب المعركة مع عناصر داعش في تكريت وكان الجميع مندفع لدحرهم، وحدث خلال المعركة سقوط "قذيفة مدفع" بالقرب منهم فاصيب قدمه الايسر ونقل على اثرها الى مستشفى في سامراء ليستقر هناك لمدة اسبوعين وعاد بعدها الى الحرب .
المشاركة في الدعم اللوجستي
بعد اصابته لم يستطع "عدي" ان يعود كسابق قوته فتم اقناعه من قبل رفاقه للمشاركة بدعم الجنود بالمواد اللوجستية .
ويقول "عدي" كنا نقوم بجمع الاموال انا واصدقائي لنشتري بها الطعام والملبس وبعض الاحتياجات الضرورية ونسلمها الى الجنود ليعيلو بها عوائلهم وسد احتياجاتهم الخاصة .
التحاقه بالعتبة الحسينية المقدسة
انضم عدي للمركز الذي انشأته العتبة الحسينية لشريحة الصم بعد سماعه الخبر، والتحق بدوراته التطويرية.
ويقول باسم العطواني خبير لغة الاشارة و مدير مركز الامام الحسين علي السلام للصم ان " المركز اسس من قبل العتبة الحسينية بسبب الغياب والتهميش الذي يعاني منه الصم في العراق، واسس ايضا من اجل تطوير قابلياتهم وجعلهم ذو قوة وتأثير فاعل في المجتمع .
ويضيف , المركز يقوم على اساس تاسيس قاموس اشاري ديني وهي خطوة مهمة بسبب افتقار هذه الشريحة الى هكذا نوع من القواميس .
ويوضح , بلغ عدد المقاتلين المنتمين الى المركز حوالي 50 مقاتلا من محافظة بابل وبغداد والبصرة .
واشار العطواني الى ان " المركز قام بتكريم عدد من المقاتلين والمشاركين بعد الانتصار على داعش التكفيري "
ويستدرك "عدي" ان الانضمام لمركز الامام الحسين عمل نقلة كبيرة في نفوسنا وجعلنا واثقين في حياتنا وان لا نخجل من حالتنا بل حققنا الكثير ونحن صم .
ويشير عدي الى ان " لمركز الامام الحسين دور في مساعدتنا وتواصلنا مع الجنود والاصدقاء الصم من خلال مترجمين لغة الاشارة .
ويطالب , على كل مؤسسة او جهة ان تحذو حذو العتبة الحسينية من خلال الاهتمام بالفئة المهمشة الصم لانهم شريحة مهمة وكبيرة ومؤثرة .
الانتصار
وختم "عدي" قصته بانه شارك في جميع المعارك وتمكن من الوصول الى عقر تنظيم داعش الارهابي في الموصل ليرفع هنالك مع رفاقه الصم راية النصر على داعش رغم ظرفهم الصحي العصيب.