المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

ساها ، مينجاد
11-11-2015
معنى كلمة عتل‌
17-12-2015
The replacement of interdental fricatives [θ, ð] by stops [t, d]
2024-04-02
التنسيق الشكلي للسيناريو
27-3-2021
قوم لوط وعمل المنكر
18-11-2014
تصنيف الجسيمات والأعداد الكمية
19-1-2022


الإعتقاد السليم في مسألة الجبر والاختيار والتفويض  
  
4102   10:50 صباحاً   التاريخ: 11-4-2018
المؤلف : السيد إبراهيم الموسوي الزنجاني النجفي
الكتاب أو المصدر : عقائد الإمامية الإثني عشرية
الجزء والصفحة : ج2 ، 132- 144
القسم : العقائد الاسلامية / العدل / الجبر و التفويض /

إن من أهم البحوث العقائدية عند المسلمين هو البحث عن الجبر و الاختيار و التفويض، وقد ذهب علماء الإسلام في البحث عنها مذاهب شتى و دونوا العديد من الكتب و المؤلفات ومما تجدر الإشارة إليه أن كل من كتب و ألف سلك فيما كتب مسلكا علميا لا يهتدي إلى فهمه إلا من ألم بعلم الكلام الفلسفة الإلهية إلماما تاما و عرف مصطلحاتها و تمكن من حلّ قضاياها على ضوء القواعد العلمية الخاصة بعلم الفلسفة الإلهية، و لما كانت معرفة ذلك من واجب عامة المكلفين لمساسها بالعقيدة و المبادئ الإسلامية، وجدنا من الواجب بسط الموضوع بسطا واضحا يسهل فهمه على عامة المكلفين.

الجبر: لغة هو الإكراه و القهر، و المراد منه في الفلسفة الإلهية علم الكلام هو إجبار اللّه تعالى عباده على الفعل خيرا كان أو شرا حسنا كان أو قبيحا دون أن يكون للعبد إرادة و اختيار و قدرة على الرفض و الامتناع.

التفويض: لغة هو ايكال فعل الشي‏ء إلى الآخرين على وجه الاستقلال في التصرّف دون أن يكون للمفوض (بكسر الواو) سلطان على فعل المفوض (بفتح الواو) و المراد منه في هذا البحث هو أن اللّه تعالى فوّض أفعال العباد إليهم يفعلون‏ ما يشاءون على وجه الاستقلال دون أن يكون للّه سلطان على أفعالهم و أباح لهم فعل ما يشتهون.

الاختيار: لغة هو وجود الإرادة و التمكن في الفاعل على فعل الشي‏ء و تركه و المراد منه هنا هو إن اللّه تعالى كلّف عباده ببعض الافعال و نهاهم عن بعضها و أمرهم بطاعته فيما أمر به و نهى عنه بعد أن أوضح لهم الدليل و هداهم إلى ما يريد فعله و ما يريد تركه بواسطة الأنبياء و المرسلين، و جعل لهم الاختيار فيما يفعلون دون أن يجبر أحدا على الفعل خيرا كان أو شرا إيمانا كان أو كفرا و ترك لعباده الاختيار فيما يفعلون بعد أن منحهم القوة في الفعل و الترك، فمن اهتدى فلنفسه و من ضلّ فعليها، و إذا عرفت أيها القارئ الكريم ما هو الجبر و ما هو التفويض و الاختيار هلم نبحث ما اختلف فيه المسلمون.

قالت الأشاعرة و الجهمية والمرجئة بالجبر كما عرفت معناه إن اللّه تعالى هو الخالق لكل شي‏ء، و منه الخير و الشر و الهدى و الضلال و الكفر و الإيمان و كل أفعال العبد مستندة إليه تعالى و ليس للعبد قدرة و إرادة و اختيار في فعل الشي‏ء و تركه لأنه مجبر و مكره على كل ما يفعله من خير وشر، فالقدرة والمقدور واقعان بقدرة اللّه و ليس لقدرة العبد أثر في أفعاله واستدلوا على ذلك بأدلة أهمها هي:

أولا: إن اللّه تعالى لو أراد من الكافر الإيمان و أراد الكافر الكفر و حصلت إرادة الكافر كان اللّه تعالى مغلوبا و كانت إرادة الكافر الكفر أقوى من إرادة اللّه تعالى له الإيمان، و لما كان اللّه لا يغلب على أمره، كانت إرادة الكفر للكافر من اللّه.

ثانيا: إن كل ما علم اللّه تعالى وقوعه فهو واقع لا محالة و ما علم امتناع وقوعه فهو يمتنع حتما، فإذا علم اللّه وقوع الكفر من الكافر استحالت على الكافر إرادة الايمان.

ثالثا: قالوا ان في القرآن من الآيات ما يثبت إن اللّه تعالى هو خالق العباد و خالق أفعالهم، و ان الحسنات و السيئات آتية من اللّه تعالى و كلها من عنده، و من تلك الآيات قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } [الصافات: 96]. {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [النساء: 78]. وهكذا تمسكوا بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [إبراهيم: 4] وقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } [النحل: 93].

وغيرها من الآيات التي وردت فيها كلمة الهدى و الضلال كما سيأتي في بيان الردّ لهذا الفريق من المسلمين.

بطلان الجبر:

و قالت الشيعة الإمامية الاثنى عشرية بالاختيار و هو أن اللّه تعالى كلف عباده بما يريد و نهاهم عما لا يريد بعد ان أقام الحجة و أوضح لهم الدليل و هداهم إلى ما يريده منهم و ما نهاهم بعد أن أعطاهم القوة على فعل الشي‏ء و تركه و استدلوا على رأيهم هذا بقوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } [الإنسان: 3]. {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10]. {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} [البقرة: 256]. {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ } [الكهف: 29] إلى غير ذلك من الآيات.

و قالوا لو كان اللّه تعالى يجبر بعض عباده على فعل الشر و الكفر و القبيح و يجبر البعض الآخر على الهدى و الإيمان و الخير لبطل الثواب و العقاب و الوعد و الوعيد و لتساوى المؤمن و الكافر بالطاعة، لأن كل واحد منهما يفسد إرادة اللّه تعالى و لا يخالف أمره و ثبت إن اللّه تعالى يريد الشي‏ء و يكره، يأمر بفعل و ينهي عنه و يرغم الكافر على الكفر و يعاقبه عليه ويجبر المؤمن على الايمان ليثيبه عليه.

امور تدل على بطلان الجبر:

أولا: قالت الشيعة الإمامية الاثنى عشرية في مقام الردّ على من قال بالجبر لو كان اللّه تعالى يجبر بعض العباد على الإيمان و الخير و الهدى، و تجبر الآخرين على الكفر و الشر و الضلال، و كان البعض منهم مكرها على الطاعة، و الآخر مرغما على العصيان لبطل التكليف و ألغيت كل التعاليم و الأوامر الصادرة منه تعالى إلى المكلفين لأن من شروط التكليف أن يقع الفعل من الفاعل بمحض اختياره و إرادته، أما إذا كان المكلف مرغما و المأمور مجبرا على تنفيذ الأمر، و كان المكلف (بكسر اللام) قد خلق الفعل في الفاعل و أوجده فيه دون أن يكون له اختيار و إرادة في خلق الفعل و لا قوة له و لا قدرة على مخالفته و الامتناع من حدوثه لم يتم الفعل تكليفا لأن المكلف به محقق الوجود، و ما كلف به العبد تحصيل حاصل و لا معنى لتكليف العبد بفعل حاصل بقدرة المكلف بكسر اللام و إرادته لأنه متمم الوقوع إن شاء العبد ذلك أو لم يشأ إرادة العبد أم لم يرده لأنه مسلوب الإرادة و الاختيار.

ثانيا: إذا كان المؤمن مجبرا على الإيمان و الكافر على الكفر بإرادة اللّه و قدرته و مشيئته، كان الكافر و المؤمن متساوين في الطاعة، لأن الكافر لم يختر الكفر بإرادته و المؤمن لم يرد الإيمان باختياره، و وجب على اللّه تعالى أن يعامل المؤمن و الكافر معاملة واحدة فيعاقبهما معا أو يثيبهما معا لأنهما لم يختار الكفر و الإيمان لنفسهما، و إنما تم الاختيار بإرادة اللّه و مشيئته لهما، و على هذا الزعم يبطل الحساب و العقاب و الجنة و النار و الوعد و الوعيد، و يكون الظالم الشريد و الخير العادل و المؤمن و الكافر في حكم واحد و وجب أن يشطب من تعاليم اللّه تعالى كلمة الطاعة و المعصية و الكفر و الإيمان.

ثالثا: لو كان الكافر مجبرا على الكفر و الظالم مكرها على فعل الظلم لكان للكافر و الظالم الحجة على اللّه إذا أدخلهما النار و عاقبهما على فعلهما لأنه هو الخالق‏ فيهما الكفر و الظلم و هذا يخالف ما جاء في القرآن الكريم: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} [الأنعام: 149].

رابعا: إذا كان اللّه تعالى هو خالق الشر و الكفر و الضلال في الإنسان و لا إرادة للإنسان و لا قدرة على مخالفته، و إذا كان اللّه يجبر بعض العباد على الإيمان و بعض الآخر على الكفر، كانت الشرائع و الأديان و الكتب المنزلة من عنده على أنبيائه و رسله عبثا، و كانت دعوة الأنبياء الناس إلى الإيمان باللّه و فعل الخير و التجنب من الشر و الفساد باطلة، و لا أثر للشرائع و الأديان في توجيه الإنسان و لا يترتب عليها شي‏ء من أفعال الإنسان و لا تلزم الناس أحكامها لأنهم جميعهم مسيّرون بإرادة اللّه الذي خلق فيهم أفعالهم من خير و شر و كفر و إيمان و لا قدرة لهم على مخالفة ما أراده اللّه لهم، و كانت دعوات الأنبياء للناس: آمنوا باللّه، اقيموا العدل اجتنبوا الفحشاء، لا أثر لها في نفوس العباد لأن الذي خلق اللّه فيه الكفر لا يقدر على الإيمان و من خلق فيه الايمان لا يقدر على الكفر كما يقول الأشاعرة و المجبرة و الجهمية و غيرهم.

خامسا: لو صح ما ذهب إليه الأشاعرة و رفاقهم من أن الإنسان لا إرادة له و لا اختيار فيما يفعل من خير و شر، و إن القدرة و المقدورة واقعان بقدرة اللّه تعالى و ليس للعبد قدرة و إرادة واختيار لكانت القوانين الشرعية و الوضعية الخاصة بالعقاب و التأديب غير ملزمة للإنسان، وأنها مهما و صفت بالعدل كانت ظالمة للإنسان الذي يرتكب الشر و يقترف الجرائم بفعل غيره فهو إذ يقتل يقتل لا بإرادته و هو إذ يسرق لا يسرق باختياره، و إنما يفعل ذلك مجبورا ومكرها ومرغما على فعل القتل و السرقة، لا سبيل له غير تنفيذ إرادة من قهره و أجبره فأخذ القاتل بالقتل و قطع يد السارق و معاقبة أي مجرم في ذلك ظلم لا يتفق مع العدل و ترك القاتل يقتل و المفسد يفسد في الأرض لا يتفق و المحافظة على الكيان البشري و لا يقول به أي إنسان لأن في العقاب سلامة المجتمع و أمنه، وفي القصاص من القاتل حياة الإنسان وبقاءه، كما في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179].

سادسا: على زعم المجبرة واتباعهم لا يوجد في الدنيا من هو أظلم من اللّه تعالى اللّه عما يقول الجاهلون: وأي ظلم أعظم وأفظع من ظلم اللّه تعالى للإنسان والعياذ باللّه لأنه على زعم المجبرة يجبر الإنسان على فعل الشر ويكرهه عليه ثم يعاقبه في الدنيا بحكم ما شرعه من الأحكام الموجبة للعقاب، و في الآخرة يأخذه و يدخله النار و يخلده في عذاب أليم جزاء لما ارتكبه من فعل الشر المرغم عليه إن فلت من عقاب الدنيا.

ولنا أن نسأل المجبرة إذا كان اللّه تعالى أجبر بعض عباده على الإيمان وأكره بعض الآخر على الكفر، فما وجه السؤال في {وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 93].

أيسألهم عن فعل خلقه هو فيهم و أجبرهم بقدرته و قوته على عمله.

و الجواب لا يخرج من وجهين إما أن يكون السؤال عن عملهم الذي عملوه باختيارهم فيبطل بذلك الجبر و يثبت الاختيار، و إما أن يكون السؤال عن أفعال أرادها لهم، و أجبرهم على القيام بها. فعلى هذا لا وجه للسؤال إذ هو العالم بكل شي‏ء والفاعل لكل شي‏ء، فلا العالم بالشي‏ء يحتاج أن يسأل عنه، و لا الفاعل للشي‏ء يحتاج إلى من يعلمه فعله الذي تم على يده، ثم أليس هو الفاعل و العامل و الخالق لأفعال عباده من خير و شر و حسن و قبيح، و العباد مجبرون على تنفيذ ما أراده اللّه لهم، فما هو الشي‏ء الذي يترتب على سؤال العباد من المسئولية التي نفاها اللّه تعالى عن المكره والمرغم على فعل الشي‏ء بقوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ } [النحل: 106].

القرآن الكريم ينفي الجبر:

من أدلة الشيعة الإمامية الاثنى عشرية على نفي الجبر عن اللّه تعالى وإثبات‏ الاختيار للعبد في أفعاله هي ما ورد في القرآن المجيد من الآيات البيّنات الدالة على وجود الاختيار للإنسان، و أنه لم يكن مجبرا و لا مكرها في كل ما يعمله و يفعله من خير و شر، و قد صنف بعض العلماء من الشيعة الآيات الكريمة الدالة على ذلك بعشرة أصناف:

الصنف الاول:

الآيات الدالة على إضافة الفعل إلى العبد و نسبته إليه، و إنه مطلق التصرف فيما يفعله من خير أو شر و هي على سبيل المثال لا الحصر، قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ} [البقرة: 79]. { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد: 11]. {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } [يوسف: 18]. {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 30]. { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } [المدثر: 38]. {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } [الطور: 21]. {نْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } [فصلت: 46]. { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: 286].

الصنف الثاني:

الآيات الدالة على نفي الظلم من اللّه تعالى و يكاد يكون الظلم مصداقا لكل الشرور بل هو محور الشر و ركيزة القبائح كلها، و قد تكرر نفي الظلم عن اللّه تعالى في مواطن عديدة و في آيات كثيرة، و منها قوله تعالى ينفي عن نفسه الظلم ويسنده إلى العبد: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [الحج: 10] ، {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [غافر: 17] , { إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 40]  , { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل: 118] ، {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [يس: 54] .

الصنف الثالث:

الآيات الدالة على وجود الإرادة و الاختيار في العباد على احداث أفعالهم و أنهم مخيّرون في ما يعملونه من خير و شر و حسن و قبح نورد منها على سبيل المثال قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40]. {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا } [الكهف: 29] {كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ } [المدثر: 54، 55]. {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} [الإنسان: 29] .

الصنف الرابع:

الآيات الدالة على ذم المخالفين لأوامر اللّه تعالى عن طريق الاستفهام الإنكاري :

 {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى} [الإسراء: 94]. {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ } [النساء: 39] .{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف: 12]. {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 28]. {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} [المدثر: 49].{ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } [آل عمران: 71].

الصنف الخامس :

الآيات الدالة على أن اللّه تعالى يجزي العباد على أعمالهم و ما كسبته أيديهم و هي كثيرة، منها قوله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [غافر: 17]. {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [الجاثية: 28] .{مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى } [طه: 15]. {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} [الأنعام: 93]. {لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [إبراهيم: 51]. {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا } [طه: 124].

الصنف السادس:

الآيات الدالة على المسارعة إلى الأعمال الخيرية لطلب المغفرة من اللّه تعالى و تلبية أوامره و تعاليمه ، منها قوله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133]. {وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ} [الأحقاف: 32] {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمر: 54] . {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ } [الزمر: 55].

الصنف السابع:

الآيات الدالة على اعتراف المجرمين بذنوبهم في يوم القيامة، منها {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ} [الملك: 8، 9]. {فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ } [الملك: 11]. {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} [المدثر: 42 - 48].

الصنف الثامن:

الآيات الدالة على ندم المجرمين و طلبهم العودة إلى الدنيا ليعملوا الصالحات عند ما يحدق بهم العذاب واعترافهم بذنوبهم و ما عملوها من السيئات، منها قوله تعالى: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ} [غافر: 11]. { قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا} [المؤمنون: 99، 100] {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} [السجدة: 12]. {أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الزمر: 58].

الصنف التاسع:

الآيات الدالة على الاستعانة باللّه و طلب الرحمة و الهداية منه على الأعمال الخيرة، منها قوله تعالى: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا} [الأعراف: 128]. {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 200]. {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } [النحل: 98]. {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5].

الصنف العاشر:

الآيات الدالة على طلب المغفرة و العفو و الصفح منه تعالى على ما صدر ما يخالف أمر اللّه تعالى، كقوله تعالى: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23]. {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [البقرة: 285]. {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ } [ص: 24] {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 135]. {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 41]. { إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ } [يوسف: 53] . {وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ} [الشعراء: 86]. {قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: 47].

من المناسب أن نذكر الحديث الذي دار بين الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السّلام و بين أبي حنيفة كما يرويه الشيخ المفيد في كتابه تصحيح الاعتقاد. قال إن أبا حنيفة سأل الإمام الكاظم موسى بن جعفر عليه السّلام عن أفعال العباد، فقال‏ الإمام عليه السّلام إن أفعال العباد لا تخلو من ثلاثة، إما أن تكون من اللّه خاصة أو من اللّه تعالى و من العبد على وجه الاشتراك أو تكون من العبد خاصة، فلو كانت من اللّه تعالى خاصة، كان اللّه أولى بالحمد على صنعها و الذم على قبحها و لم يتعلق بغيره حمد و لا لوم، و إن كانت من اللّه تعالى و من العبد على وجه الاشتراك كان الحمد لهما و الذم عليهما معا، و إذا بطل الوجهان ثبت أنها من العبد، فإن عاقبه اللّه تعالى على جنايته بها فله ذلك، و إن عفى عنه فهو أهل التقوى و المغفرة.

بطلان التفويض :

التفويض له معان :

الاول: تفويض اللّه الأمر إلى العباد بحيث لا يكون لأوامره تعالى و نواهيه و بواعثه و زواجره و توفيقه و إحسانه و تأييده و تسديده وخذلانه مدخل فيه و يلزم إخراج القادر المطلق عن سلطانه و نسبة العجز الظاهر إلى من لا يدخل النقص في شأنه.

الثاني: هو رفع الحظر عن الخلق في الأفعال و الإباحة لهم مع ما شاءوا من الأعمال.

الثالث: هو تفويض أمر الخلق و الرزق إلى بعض عباده كما ذهب إليه المفوّضة .

وكل أقسامه باطلة عقلا ودينا، فالعقل والكتاب- القرآن والسنة المحمدية وإجماع المسلمين على خلافه.

أما دليل بطلانه عقلا فهو لو صح التفويض لكان اللّه تعالى بعد أن خلق الخلق و مكنهم من أفعالهم عجز عن تدبير أمرهم و إدارة شئونهم، ففوّض خلقه بذلك و هذا يثبت عجز الخالق وقدرة المخلوق ... وأن واجب الوجود لذاته لا يتصف بالعجز لأن العجز يجعله في عداد الممكنات أي المخلوقات المفتقرة إلى الكمال.

أما إبطاله بالكتاب و السنة فهو لا يحتاج إلى دليل لاشتمالهما على أوامر اللّه تعالى ونواهيه التي حددت للعباد أعمالهم و إلزامهم بفعل ما هو حسن و منعهم من القبائح بالزجر والتخويف والوعد والوعيد، ولم يكن اللّه تعالى في تمكين عباده‏ مجبرا لهم عليها كما تقدم، ولا مفوّضا إليهم أعمالهم، و بالعكس جعل من كمال العبادة والطاعة تفويض العباد أمرهم إليه تعالى لقوله: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44].

أما بطلانه بدليل الإجماع هو أن المسلمين جميعا لم يختلفوا في أن اللّه تعالى كلف عباده بالطاعة والعبادة و نهاهم عن معصيته و الكفر و الشرك به.

وأما بطلانه بالسنة فقد ورد عن الإمامين الصادق و الرضا عليهما السلام ما ينفي الجبر والتفويض.

وعن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السّلام قال: سألته، فقلت له: اللّه فوّض الأمر إلى العباد، فقال اللّه: أعز من ذلك، قلت: فاجبرهم على المعاصي، قال اللّه: أعدل و احكم من ذلك، ثم قال: قال اللّه يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك، و أنت أولى بسيئاتك مني، عملت بالمعاصي بقوتي التي جعلتها فيك .

وعن سليمان بن جعفر الجعفري عن الرضا عليه السّلام قال: ذكر عنده الجبر والتفويض، فقال: ألا أعطيكم في هذا أصلا لا تختلفون فيه و لا تخاصمون فيه أحدا إلا كسرتموه، قلنا: إن رأيت ذلك، فقال: إن اللّه عزّ و جل لم يطمع بالإكراه و لم يعص بغلبة و لم يهمل العباد في ملكه هو المالك، لما ملككم و القادر على ما أقدرهم عليه، فإن استمر بمعصية اللّه فشاء أن يحول بينهم و بين ذلك فعل، و إن لم يحل و فعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه.

ففي كتاب توحيد الصدوق (ره) في باب نفي الجبر والتفويض بسنده عن المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام قال : لا جبر و لا تفويض، و لكن أمر بين أمرين .

فالجبر والتفويض عند الشيعة الإمامية الاثنى عشرية باطل واعتقادهم هو أن العبد في أفعاله مختار وهو ما أشار به الإمام الصادق عليه السّلام لا جبر ولا تفويض، و لكنه أمر بين أمرين وأقربه فخر الرازي من أعاظم علماء العامة في‏ تفسيره حيث قال : والحق ما قاله في هذا المقام جعفر بن محمد لا جبر و لا تفويض بل أمر بين أمرين .

الخير من اللّه تعالى والشر من نفس الانسان:

وقالت الإمامية الاثنى عشرية الخير من اللّه بمعنى أنه أراده و أمر به، و من العبد أيضا لأنه صدر منه باختياره و مشيته، أما الشر فمن العبد فقط لأنه فاعله و ليس من اللّه لأنه نهى عنه والقبائح يستحيل فعلها على اللّه عزّ و جل، و قالت السنة: الخير و الشر من اللّه و أنه هو الذي فعل و يفعل الظلم و الشر و جميع القبائح لأنه خالق كل شي‏ء.

والدليل على ما ذهبت إليه الإمامية قوله تعالى : {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79].

وأيضا إذا كان اللّه تعالى هو خالق الشر والكفر و الضلال في الإنسان، ولا إرادة للإنسان ولا قدرة على مخالفته، وإذا كان اللّه يجبر بعض العباد على الإيمان وبعض الآخر على الكفر.

كانت الشرائع والأديان والكتب المنزلة من عنده تعالى على أنبيائه و رسله عبثا، وكانت دعوة الأنبياء الناس إلى الإيمان باللّه و فعل الخير و التجنب من الشر و الفساد باطلة كما تقدم مفصلا في مسألة الجبر.

 

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.