المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
مدى الرؤية Visibility
2024-11-28
Stratification
2024-11-28
استخدامات الطاقة الشمسية Uses of Solar Radiation
2024-11-28
Integration of phonology and morphology
2024-11-28
تاريخ التنبؤ الجوي
2024-11-28
كمية الطاقة الشمسية الواصلة للأرض Solar Constant
2024-11-28

Airstream mechanisms
25-7-2022
آداب التجارة
4-1-2020
وسائل الرقابة الإدارية
2024-07-03
انواع البيئة - البيئة الاجتماعية
26-11-2020
Jamaican Creole and Jamaican English: phonology The language situation
2024-04-04
معنى كلمة غيب
19-1-2022


أمير المؤمنين في آخر أيامه وشهادته (عليه السلام)  
  
9091   01:40 مساءً   التاريخ: 18-01-2015
المؤلف : السيد عبد الله شبر
الكتاب أو المصدر : جلاء العيون
الجزء والصفحة : ج1,ص215-224.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة /

 روى الكليني بأسناد معتبر عن الحسن بن الهجم، قال : قلت للرضا (عليه السلام) : ان أمير المؤمنين (عليه السلام) قد عرف قاتله والليلة التي يُقتل فيها والموضع الذي يقتل فيه، وقوله لما سمع صياح الاوز في الدار : صوائح تتبعها نوائح، وقول ام كلثوم : لو صليت الليلة داخل الدار وأمرت غيرك يصلي بالناس، فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح، وقد عرف (عليه السلام) أن ابن ملجم قاتله بالسيف، كان هذا مما لم يجز تعرضه؟ فقال (عليه السلام) : ذلك كان، ولكنه خير تلك الليلة لتمضي مقادير الله عز وجل.

بيان : أي خير بين البقاء واللقاء، فاختار اللقاء، وحاصل الجواب انه (عليه السلام) لما علم رضاء الله في ذلك، اختاره ولم يحترز منه، وقد اوضحنا الجواب عن هذا الاشكال بما لا مزيد عليه في كتابنا : (مصابيح الانوار في حل مشكلات الاخبار)، وينبغي ان يعلم مجملا ان تكاليف الانبياء والاوصياء ليست كتكاليف غيرهم من سائر الناس، وان كل ما صدر منهم فهو موافق لرضاء الله تعالى، وهو عين الحكمة والصلاح والتفكر والتعمق في ذلك في أسرار القضاء والقدر المنهي عن الخوض فيها.

وفي بعض الكتب المعتبرة عن أم كلثوم بنت أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال : لما كانت ليلة تسعة عشرة من شهر رمضان قدمت الى ابي عند افطاره طبقا فيه قرصان من خبز الشعير وقصعة فيها لبن وملح جريش، فلما فرغ من صلاته أقبل على فطوره.

فلما نظر اليه قال : يا بنية، اتقدمين لي لونين في طبق واحد، تريدين ان يطول وقوفي غدا بين يدي الله تعالى! انا اريد ان اتبع اخي وابن عمي رسول الله (صلى الله عليه واله) فانه ما قدم له ادامان في طبق واحد الى ان قبضه الله تعالى.

يا بنية، ما من رجل طاب مطعمه ومشربه الا طال وقوفه بين يدي الله تعالى يوم القيامة، وقد اخبرني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه واله) ان جبرئيل نزل ومعه مفاتيح كنوز الارض، فقال : يا محمد، ان الله يقرئك السلام، ويقول لك : ان شئت سيرت معك جبال تهامة ذهبا وفضة، وخذ مفاتيح كنوز الارض وما ينقص ذلك من حقك يوم القيامة قال (صلى الله عليه واله) : يا جبرئيل، ثم ما يكون بعد ذلك، قال : الموت، فقال (صلى الله عليه واله) : لا حاجة لي في الدنيا، دعني أجوع يوما، واشبع يوما، فاليوم الذي أجوع فيه اتضرع الى ربي، واليوم الذي أشبع فيه احمد ربي واشكره، فقال جبرئيل : وفقت لكل خير.

ثم قال (عليه السلام) : يا بنية، ان الدنيا دار غرور ودار ذل، ومن قدم منها لأخرته شيئا وصل نفعه اليه ؛ يا بنية، والله لا اتناول شيئا حتى ترفعي احدهما.

قالت ام كلثوم : فرفعت اللبن واكل (عليه السلام) مع الخبز والملح، وحمد الله وأثنى عليه، ثم قام (عليه السلام) الى صلاته، ولم يزل تلك الليلة قائما وقاعدا وراكعا وساجدا ويتضرع ويبتهل الى الله تعالى، ثم يخرج ساعة بعد ساعة ينظر الى الكواكب، ويقلب طرفه الى السماء ويبكي، ثم تلا (عليه السلام) سورة يس الى آخرها، ثم نام (عليه السلام) قليلا، وانتبه فزعا مرعوبا، فتناول رداءه وقام قائلا : اللهم بارك لي في الموت، وأكثر من قول : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، ثم قام الى مصلاه فصلى حتى ذهب أكثر الليل، ثم جلس للتعقيب، ثم نامت عيناه وهو جالس، ثم انتبه من نومه مرعوبا، فجمع أولاده وأهله وقال لهم : اني مفارقكم في هذا الشهر، وقد رأيت في هذه الليلة رؤيا عظيمة أهالتني؛ إني رأيت في هذه الساعة رسول الله (صلى الله عليه واله) في منامي وهو يقول : يا أبا الحسن، أنت قادم إلينا عن قريب، وسيخضب لحيتك أشقى هذه الامة من دم راسك، وانا مشتاق الى لقائك وانت قادم الينا في العشر الأواخر من هذا الشهر، فهلم الينا، فالذي عندنا خير لك وأبقى.

فلما سمعوا كلامه ضجوا بالبكاء والنحيب والعويل، فأمرهم بالسكوت، ثم أقبل يوصيهم ويأمرهم بالخير، وينهاهم عن الشر، ولم يزل تلك الليلة قائما وقاعدا وراكعا وساجدا، ثم يخرج ساعة بعد ساعة ينظر الى الكواكب ويقلب طرفه الى السماء وهو يقول : والله ما كذبت ولا كذبت، إنها الليلة التي وعدني بها رسول الله (صلى الله عليه واله)، ثم يعود الى صلاته والى مصلاه ويقول: اللهم بارك لي في الموت، ويكثر من قول : لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم، ويصلي على النبي ويستغفر الله كثيرا.

قالت ام كلثوم : فلما رأيت ما عرض لأبي (عليه السلام) من القلق والاضطراب لم يأخذني النوم، وقلت : يا أبت، لم حرمت على نفسك النوم في هذه الليلة، ولم لا تستريح يا أبت؟.

فقال : يا بنية، اني كثيرا ما قتلت الشجعان وقاسيت الاهوال العظيمة ولم يحصل لي رعب واضطراب مثل هذه الليلة ثم قال (عليه السلام) : انا الله وانا اليه راجعون، فقلت : يا اب، لم اراك تنعى الينا نفسيك في هذه الليلة؟

فقال : يا بنية، قد قرب الأجل، وانقطع الامل.

قالت ام كلثوم : فلما سمعت ذلك بكيت كثيرا، فقال (عليه السلام) : يا بنية، لا تبكي، فاني ما اخبرتك الا بما عهده الي حبيبي رسول الله (صلى الله عليه واله)، ثم غفا (عليه السلام) قليلا ثم انتبه وقال : يا بنية، اذا قرب وقت الاذان فأخبريني، ثم جعل يتضرع ويدعو، فلما قرب وقت الصلاة قدمت اليه وضوءا، فقام (عليه السلام) وجدد وضوءه ولبس ثيابه وتوجه الى المسجد، فلما صار في صحن الدار، وكان في الدار وز قد اهدي الى الحسن، فلما راينه رفرفن باجنحتهن وصحن في وجهه، ولم يعهد منهن ذلك سابقا، فقال (عليه السلام) : لا اله الا الله، صوائح يلحقها نوائح، وسيظهر قضاء الله تعالى غدا.

فقالت ام كلثوم : يا ابت، لم تتفأل بالشر؟ فقال (عليه السلام) : ليس احد منا اهل البيت يتفال بسوء، ولا يؤثر فال السوء فينا، ولكن قد جرى الحق على لساني  ثم قال (عليه السلام) : يا بنية، بحقي عليك الا ما اطلقته، فلقد حبست ما ليس له لسان فاطعميه واسقيه والا خلي سبيله ياكل من حشيش الارض، فلما وصل (عليه السلام) الى الباب وهو مغلوق فعالجه فانحل ميزره، فشده وهو يقول :

أشدد حيازيمك للموت       فان الموت لاقيكا

ولا تجزع من الموت       اذا حل بناديكا

ولا تغتر بالدهر             وان كان يواتيكا

كما اضحكك الدهر          ذاك الدهر يبكيكا

ثم قال : اللهم بارك لي في الموت، وبارك لي في لقائك، قالت ام كلثوم : وكنت أمشي خلفه، فلما سمعت قوله : قلت : واغوثاه يا اباه، ما لي أراك تنعى نفسك مثل هذه الليلة ان لا نراك ابدا، فقال : يا بنية، انها دلالات وعلامات الموت يتبع بعضها بعضا، ثم فتح الباب وخرج.

قالت ام كلثوم : فأتيت الى الحسن (عليه السلام) فقلت : يا أخي، قد كان من أمر ابيك الليلة ما هو كذا وكذا، وقد خرج في هذه الليلة فالحقه، فقام الحسن فلحقه قبل ان يدخل المسجد، فقال : يا أبت، ما الذي أخرجك في هذه الليلة الى المسجد؟.

فقال : يا بني لرؤيا رأيتها في هذه الليلة أهالتني، فقلت : خيرا رأيت وخيرا يكون يا أباه، فقصها فقال (عليه السلام) : يا بني، رايت كان جبرئيل (عليه السلام) قد نزل من السماء على جبل ابي قبيس فتناول منه حجرين ومضى بهما الى الكعبة وضرب أحدهما على الاخر فصارا كالرميم، ثم ذراهما في الهواء فما بقي بمكة ولا في المدينة بيت إلا ودخله من ذلك الرماد شيء فقلت : يا ابتاه، وما تأويله؟ فقال : يا بني، ان صدقت رؤيتي فان اباك مقتول ولا يبقى بمكة ولا في المدينة بيت الا ودخله غم من أجلي فقال (عليه السلام) : وهل ترى متى يكون ذلك يا أباه؟.

فقال : يا بني، ان الله تعالى يقول {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ } [لقمان: 34] ، ولكن عهد الي حبيبي رسول الله (صلى الله عليه واله) ان يكون في العشر الاواخر من هذا الشهر، يقتلني عبدالرحمن بن ملجم.

فقلت : يا أباه، اذا علمت منه ذلك فاقتله، فقال : يا بني، لا يجوز القصاص الا بعد الجناية، والجناية لم تحصل منه.

ثم قال (عليه السلام) : يا بني، ارجع الى فراشك، فقال الحسن (عليه السلام) : يا اباه، اريد المضي معك الى موضع صلاتك، فقال : بحقي عليك الا ما رجعت الى فراشك لئلا يتنغص عليك نومك، ولا تعصني في ذلك.

قال : فرجع الحسن (عليه السلام) فوجد أخته ام كلثوم خلف الباب، فدخل اليها وجلسا يتحادثان وهما محزونان، وسار امير المؤمنين (عليه السلام) حتى دخل المسجد والقناديل قد خمد ضوؤها فصلى في المسجد ركعات وعقب بعدها، ثم انه (عليه السلام) علا على المئذنة وجعل اصبعيه في اذنيه، وأذن، وكان (عليه السلام) اذا اذن لم يبق في الكوفة بيت الا اخترقه صوته، وأما ابن ملجم (لعنه الله) فانه احيى تلك الليلة مفكرا في أمره، واتت اليه قطام (لعنها الله) في نصف الليل وقالت له : ان من يريد مثل هذا الامر العظيم حرام عليه النوم قم واقتل عليا وارجع لحصول مرادك مني.

فقال لها الملعون : إني اقتل عليا، وأعلم اني لا أصل الى مرادي، وبينا هما كذلك اذ سمعا اذانه (عليه السلام) ، فقالت : عجل واغتنم الفرصة ولا تفوتك الفرصة.

وفي رواية اخرى : (انه لعنه الله) كان نائما في المسجد ومعه شبيب بن بجرة ينتظران امير المؤمنين (عليه السلام) ،فلما أذن ونزل من المئذنة جعل يسبح الله تعالى ويقدسه ويكثر من الصلاة على النبي (صلى الله عليه واله) وعبر على قوم نيام في المسجد وفيهم ابن ملجم (لعنه الله) فقال : الصلاة، الصلاة، حتى انتهى الى ابن ملجم وهو مكبوب على وجهه.

فقال له (عليه السلام) : قم الى الصلاة ولا تنم هكذا، فانه نوم الشياطين، بل نم على يمين، فانه نوم المؤمنين، والنوم على القفا نوم النبيين ثم قال : (عليه السلام) له : لقد اضمرت امرا عظيما تكاد السماوات يتفطرن منه والارض، وتخر الجبال هدا، ولو شئت لاخبرتك بما أخفيته تحت ثيابك.

ثم انه (عليه السلام) تقدم الى المحراب ودخل في الصلاة، وأطال ركوعه وسجوده كما هي عادته (عليه السلام) ، فجاء اللعين ابن ملجم ووقف حذاء الاسطوانة التي كان (عليه السلام) يصلي عندها، وأمهله حتى صلى الركعة الاولى وسجد السجدة الاولى، فلما رفع راسه منها رفع اللعين سيفه وضربه، وتعمد بالضربة راسه، فوقعت الضربة على الموضع الذي ضربه عمرو بن عبد ود، فشقت الضربة راسه الى موضع سجوده.

فقال (عليه السلام) : بسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله (صلى الله عليه واله).

فزت ورب الكعبة.

فلما سمع أهل المسجد صوته (عليه السلام) أسرعوا الى المحراب، وكانت الضربة مسمومة، وقد جرى السم في راسه وبدنه (عليه السلام) .

فلما أحاط الناس بأمير المؤمنين (عليه السلام) رأوه وقد شد راسه بمزيره والدم يجري على لحيته، ووجهه، وهو يتلو هذه الاية : { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] أتى امر الله وصدق رسول الله.

قال الراوي : وكان قد ضربه اللعين شبيب بن بجرة (لعنه الله) فأخطأه، ووقعت الضربة في الطاق، فلما ضربه اللعين ابن ملجم زلزلت الارض، وماجت البحار، ورجفت السماء، واصطكت ابواب الجامع، ثم احاط الناس بأمير المؤمنين (عليه السلام) وشدوا راسه بردائه والدم يجري على لحيته ووجهه وهو يقول : هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، وضجت الملائكة في السماء بالدعاء، وهبت ريح عاصف مظلمة سوداء، ونادى جبرئيل بين السماء والارض بصوت يسمعه كل مستبصر ومستيقظ : تهدمت والله اركان الهدى، وانطمست اعلام التقى، وانفصمت العروة الوثقى، قتل أبن عم محمد المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل علي المرتضى، قتله اشقى الاشقياء, قال : فسمعت ام كلثوم نعي جبرئيل (عليه السلام) فلطمت خدها، وشقت جيبها، وصاحت : وا ابتاه، واعلياه، وا محمداه، فانتبه من صوتها كل من في الدار، وخرج الحسن والحسين (عليهما السلام) فسمعا الناس يضجون وينوحون ويقولون : وا إماماه، وا أمير المؤمنيناه، والله لقد قتل امام العابدين المجاهدين الذي لم يسجد لصنم قد، قتل اشبه الخلق بالنبي (صلى الله عليه واله)، فدخلا (عليهما السلام) المسجد باكين معولين قائلين : وا ابتاه، واعلياه، ليت الموت أعدمنا الحياة ولا نرى يومك هذا، فاقبلا الى المحراب فوجدا اباهما طريحا في المحراب وأبو جعدة ومعه جماعة يعالجونه للصلاة بهم، وهو (عليه السلام) لا يستطيع؟, فلما رأى ولده الحسن (عليه السلام) جعله في موضعه وأمره ان يصلي بالناس، وأتم به جالسا مؤميا للصلاة والدم يجري على وجهه وهو يميل يمينا وشمالا، فلما فرغ الحسن من الصلاة وضع رأسه أبيه في حجره وقال : يا ابتاه، كسرت ظهري، كيف أراك بهذه الحالة، ففتح امير المؤمنين عينيه في وجهه، وقال : يا بني، لا غم على أبيك بعد هذا اليوم ولا جزع ولا ألم، اليوم الاقي جدك محمد المصطفى وجدتك خديجة الكبرى، وامك فاطمة الزهراء، والحور العين ينتظرون اباك ويترقبون قدومه ساعة فساعة، فلا بأس عليك يا بني، فلا تبك فقد بكت ملائكة السماء لبكائك.

ولما انتشر هذا الصوت في الكوفة خرج الناس رجالا ونساء من بيوتهم مسرعين الى المسجد، فراوا امير المؤمنين (عليه السلام) قد وضع راسه في حجر ولده الحسن (عليه السلام) والدم يسيل على وجهه ولونه قد مال من الصفرة الى البياض ينظر الى آفاق السماء يسبح الله ويقدسه ويذكره ويقول : الهي اسالك مرافقة الانبياء والاوصياء واعلى درجات جنة الماوى، ثم غشي عليه (عليه السلام) فبكى الحسن (عليه السلام) ودموعه تتناثر على خديه، فسقطت من دموعه قطرة على خد أمير المؤمنين، ففتح (عليه السلام) عينه فوجده باكيا، فقال : ما هذا البكاء يا بني لا خوف ولا جزع على أبيك بعد اليوم، ان جدك محمد المصطفى، وجدتك خديجة الكبرى، وامك فاطمة الزهراء، والحور العين قد حضروا عند أبيك ينتظرون قدومه اليهم، وان الملائكة قد ضجت الى الله تعالى. يا بني، لا تبك علي وانت تقتل مسموما مظلوما، ويقتل اخوك الحسين بالسيف هكذا، وتلحقان بجدكما وأبيكما.

ثم قال الحسن : من قتلك يا أباه؟.

قال علي (عليه السلام) : قتلني ابن اليهودية عبدالرحمن ابن ملجم المرادي (لعنه الله).

فقال : يا ابتاه، من أي طريق مضى حتى نلحقه؟, فقال علي (عليه السلام) : لا يمضي أحد منكم في طلبه وانه سيطلع عليكم من هذه الباب، واشار بيده الى باب كندة، فلم يزل السم يسري في راسه (عليه السلام) ، ثم أغمي عليه، واقبل الناس ينظرون الى باب كندة وقد غص المسجد بالعالم ما بين باك وباكية ومحزون، واذ بالصيحة قد ارتفعت وقد جاءوا باللعين عبدالرحمن بن ملجم، قال : فوقع الناس بعضهم على بعض يتزاحمون عليه، وهو مكشوف الراس، هذا يلطمه وهذا يضربه، وهذا يلعنه، ويبصقون في وجهه ، ويعضون لحمه باسنانهم ويقولون : يا عدو الله، أهلكت الامة وقتلت خير الناس، واللعين ساكت لا يتكلم وبين يديه رجل يقال له : حذيفة النخعي قد جرد سيفه، وبرد الناس عن قتله، حتى ادخلوه نحو الحسن (عليه السلام) ، فلما نظر اليه قال له : يا ملعون، قتلت أمير المؤمنين وإمام المسلمين، هذا جزاؤه منك حين آواك وقربك وادناك وآثرك على غيرك، هل كان بئس الامام لك حتى تجازيه بهذا الجزاء يا شقي؟.

قال :فلم يتكلم، ثم ضج الناس بالبكاء والعويل، ثم التفت الحسن (عليه السلام) الى الذي جاء به وقال : كيف ظفرت بعدو الله وأين لقيته؟.

قال : يا مولاي، حديثي عجيب، وذلك أنني كنت نائما في داري، وزوجتي الى جنبي؛ اذ سمعت ناعيا يعنى امير المؤمنين (عليه السلام) وهو يقول : انهدمت والله اركان الهدى، وانطمست والله أعلام التقى، وانفصمت والله العروة الوثقى، قتل ابن عم المصطفى، قتل الوصي المجتبى، قتل علي المرتضى قتله اشقى الاشقياء، فأيقظتني، وقالت لي : انت نائم وقد قتل امامك علي؟! فانتبهت من كلامها فزعا، وقلت : يا ويلك ما هذا الكلام فض الله فاك، لعل الشيطان قد ألقاه في سمعك، إن امير المؤمنين ليس أحد له قبله تبعة ولا طلبة، انه لليتيم كالأب الرحيم، وللأرملة كالزوج العطوف، ومع ذلك فمن ذا الذي يقدر على قتل امير المؤمنين وهو كالأسد الضرغام، والبطل الهمام، فأكثرت علي بالكلام وقالت : اني سمعت ما لم تسمع وما اظن بيتا في الكوفة الا وقد دخله ذلك النهي، فبينا انا وهي في مراجعة الكلام واذا بصيحة عظيمة وقائلا يقول : قُتل امير المؤمنين، فحس قلبي بالشر، فمددت يدي الى سيفي وسللته من غمده، واخذته ونزلت من داري فلما صرت في وسط الحارة واذا بعدو الله يجول فيها يطلب مهربا، وقد انسدت أبواب الطرق في وجهه، فلما نظرت اليه وهو كذلك فقلت له : ويلك، من أنت في وسط هذا الطريق قال : من منزلي، قلت : والى اين تريد؟.

قال : الى الحيرة، قلت : فلم لا ادركت صلاة الصبح مع أمير المؤمنين (عليه السلام) ؟.

قال : خفت فوات حاجتي، قلت : سمعت صيحة عظيمة وقائلا يقول : قتل امير المؤمنين، هل عندك من ذلك خبر؟.

فقال : لا، فقلت : ولم لا تمضي معي حتى نحقق هذا الخبر؟.

قال أنا ماض في شيء أهم منه.

فقلت له : ويلك وأي حاجة هي أهم من قتل أمير المؤمنين! ثم قلت له : ويلك لعلك انت الذي قتلت امير المؤمنين وامام المسلمين اذا والله ما لك عند الله من خلاق، وهممت عليه بسيفي ان اعلوه به، فراغ عني، فانكشف سيفه، فرايته يبرق، فقلت : يا ويلك ما هذا السيف تحت ثيابك لعلك قاتل امير المؤمنين، فاراد ان يقول : لا فقال : نعم، فرفعت سيفي وضربته، فرفع هو سيفه وهم ان يعلوني به، فانحرفت عنه، فضربته على ساقه، فوقع لحينه ووقعت عليه، وصرخت صرخة شديدة، فخرج أهل الحارة فأعانوني حتى أوثقته كتافا وجئتك به، فها هو بين يديك جعلني الله فداك، فاصنع به ما شئت , فقال الحسن (عليه السلام) : الحمد الله الذي نصر وليه، وخذل عدوه، ثم انكب الحسن (عليه السلام) على أبيه يقبله، ففتح (عليه السلام) عينيه، وهو يقول : ارفقوا يا ملائكة ربي بي.

فقال له الحسن (عليه السلام) هذا عدو الله وعدوك ابن ملجم (لعنه الله) قد أمكن الله منه، وقد حضر بين يديك.

قال : ففتح امير المؤمنين (عليه السلام) عينيه وقال له بضعف وانكسار صوت : يا هذا، لقد جئت شيئا عظيما، وارتكبت امرا جسيما، ابئس الامام كنت لك جازيتني بهذا الجزاء؟! ألم اكن شفيقا عليك أؤثرك على غيرك، واحسن اليك، وزدت في عطائك، وقد كنت أعلم انك قاتلي لا محالة، ولكن رجوت بذلك الاستظهار عليك يا شقي الاشقياء، قال : فدمعت عينا ابن ملجم وقال : يا امير المؤمنين، أفانت تنقذ من النار؟ فقال (عليه السلام) : صدقت، ثم التفت (عليه السلام) الى الحسن وقال : يا بني ارفق بأسيرك وارحمه وافق عليه الا ترى الى عينيه قد صارتا في ام راسه، وقلبه يرجف خوفا، فقال له الحسن (عليه السلام) : يا أبت قد قتلك هذا اللعين فأطعمه مما تأكل، واسقه مما تشرب، فان انا مت فاقتص منه بان تقتله ثم تحرقه بالنار ولا تمثل بالرجل، فاني سمعت جدك (صلى الله عليه واله) يقول : إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور، وان انا عشت فانا اعلم ما افعل به، وانا اولى بالعفو، فنحن أهل بيت لا نزداد على المذنب الينا الا عفوا وكرما.

قال محمد بن الحنفية : ثم ان ابي (عليه السلام) قال : احملوني الى داري، فحملناه اليه والناس حوله قد اشرفوا على الهلاك من البكاء والعويل، فالتفت الحسن الى ابيه (عليه السلام) وهو باك حزين وقال : يا ابت، من لنا بعدك، وان مصابنا بك اليوم مثل مصابنا برسول الله (صلى الله عليه واله)، كانا ادخرنا البكاء لك يا ابتاه.

فقرب امير المؤمنين ولده الحسن اليه وادناه، فلما نظر اليه ورأى عينيه مقروحتين من كثرة البكاء، فمسح (عليه السلام) الدموع من عينيه ووضع يده على صدره، وقال : يا بني، اسكن الله قلبك بالصبر، وعظم عينيك، فان الله يؤجركم بقدر مصابكم بي ثم حصل (عليه السلام) الى موضع مصلاه من حجرته، واقبلت زينب وام كلثوم حتى جلستا معه على فراشهن واقبلتا تندبانه وتقولان : يا ابناه، من للصغير حتى يكبر، ومن للكبير بين الملأ يا أبتاه، حزنا عليك طويل، وعبرتنا لا ترقا.

قال : فضج الناس من وراء الحجرة بالبكاء والنحيب، وفاضت دموع أمير المؤمنين عند ذلك، وجعل يقلب طرفيه وينظر الى أهل بيته، ثم دعا الحسن والحسين (عليهما السلام) وجعل يحضنهما ويقبلهما، ثم اغمي عليه ساعة طويلة، ثم افاق وكذلك كانت علة النبي (صلى الله عليه واله) يغمى عليه ساعة ويفيق اخرى كانه (عليه السلام) مسموم، فلما افاق ناوله الحسن قعبا من لبن، فشرب منه قليلا، ثم نحاه عن فمه، وقال : احملوه الى أسيركم بحقي عليكم، طيبوا طعامه وشاربه، وارفقوا به الى حين موتي.

وروى الشيخ وغيره : انه لما حمل امير المؤمنين (عليه السلام) الى منزله جاءوا باللعين ابن ملجم مكتوفا الى بيت من بيوت القصر فسجنوه، فقالت ام كلثوم وهي تبكي : يا عدو الله، قتلت امير المؤمنين، فقال لها اللعين : انما قتلت اباك ولم اقتل امير المؤمنين، فقالت له: أرجو من الله ان يشفيه وان الله يخزيك في الدنيا، وان مصيرك الى النار خالدا فيها، فقال لها ابن ملجم (لعنه الله) : ابك ان كنت باكية، فوالله لقد اشتريت سيفي بألف، وسممته بألف، ولو كانت ضربتي هذه بجميع أهل الارض ما نجا منهم أحد.

قال محمد بن الحنفية : وبتنا ليلة عشرين من شهر رمضان مع ابي وقد نزل السم الى بدنه الشريف، وكان يصلي تلك الليلة من جلوس، ولم يزل يوصينا بوصاياه ويعزينا عن نفسه، فلما اصبح استأذن الناس عليه، فأذن لهم، فدخلوا عليه واقبلوا يسلمون عليه، وهو يرد عليهم السلام، ثم قال : ايها الناس، سلوني قبل ان تفقدوني، وخففوا سؤالكم لمصيبة امامكم.

قال : فبكى الناس عند ذلك بكاء شديدا، واشفقوا ان يسالوه تخفيفا عنه، فقام اليه حجر بن عدي الطائي، فلما نظر اليه قال : كيف يا حجر اذا دعيت الى البراءة مني، فما عساك ان تقول؟ فقال : والله يا أمير المؤمنين لو قطعت اربا اربا، واضرم لي النيران والقيت فيها لآثرت على  البراءة منك، صلى الله عليك، فقال (عليه السلام) : وفقت لكل خير يا حجر، وجزاك الله عن بيت نبيك خيرا، ثم تناول (عليه السلام) شربة من لبن فشربها وقال : هذا آخر شرابي من الدنيا ولما كان ليلة احدى وعشرين جمع (عليه السلام) اولاده وأهل بيته، ثم قال : الله خليفتي عليكم، وهو حسبي ونعم الوكيل، وأمرهم وأوصاهم بجميع الاحكام التي وصاه بها رسول الله (صلى الله عليه واله) قال : - نحن ننظر الى يديه ورجليه وقد احمرتا جميعا، فكبر ذلك علينا وأيسنا منه، ثم عرضنا عليه المأكول فأبى، وجعل جبينه يرشح عوقا وهو يمسحه بيده، فقلت له : يا أبت، اراك تمسح جبينك؟.

قال : يا بني، ان المؤمن اذا نزل به الموت عرق جبينه، وسكن انينه، ثم نادى أولاده كلهم بأسمائهم صغيرا وكبيرا، واحدا واحدا وهو يقول : الله خليفتي عليكم، وهم يبكون، فقال له الحسن (عليه السلام) : بالله يا أبت ما دعاك الى هذا.

فقال : اني رايت رسول الله (صلى الله عليه واله) في منامي قبل هذه الكائنة بليلة، فشكوت ما أنا فيه من التكدر والاذى من هذه الامة، فقال : ادع الله عليهم، فقلت : اللهم ابدلهم بي شرا مني، وابدلني بهم خيرا منهم، فقال صلوات الله عليه : قد استجاب الله دعاك، وان الله سينقلك الينا بعد ثلاثة ايام، وقد مضت الثلاثة. يا أبا محمد، أوصيك بأبي عبدالله خيرا، فأنتما مني وانا منكما ثم التفت الى اولاده من غير فاطمة وأوصى بهم وأوصاهم بان لا يخالفوا أولاد فاطمة – يعني الحسن والحسين (عليهما السلام) – ثم قال (عليه السلام) : أحسن الله لكم العزاء، الا واني منصرف عنكم وراحل في ليلتي هذه، ولاحق بحبيبي رسول الله (صلى الله عليه واله) كما وعدني، فاذا انا مت فغسلني يا ابا محمد، وكفني، وحنطني ببقية حنوط رسول الله (صلى الله عليه واله) جدك، فانه من كافور الجنة، جاء به جبرئيل، ثم ضعني على سريري، ولا يحمل احد منكم مقدم السرير واحملوا مؤخره، فحيث وضع السرير فهو موضع قبري، ثم صل علي يا أبا محمد سبعا، واعلم انه لا يجوز ذلك لأحد غيري الا على رجل يخرج آخر الزمان اسمه القائم المهدي من ولد أخيك الحسين، فاذا صليت علي يا أبا محمد فنح السرير عن موضعه، ثم اكشف التراب عنه، فترى قبرا محفورا ولحدا مشقوقا، وساحة منقورة، فأضجعني فيها، فاذا اردت الخروج من قبري فتفقدني فانك لا تجدني، فاني لاحق بجدك رسول الله (صلى الله عليه واله) واعلم انه ما من نبي يموت وان كان بالمشرق ويموت وصيه بالمغرب الا ويجمع الله تعالى بين روحيهما وجسديهما، ثم يفترقان، فيرجع كل واحد منهما الى الموضع الذي خط له فيه، ثم أهل التراب على القبر، وأخف موضع القبر، فاذا صار الصبح فضع تابوتا على ناقة وامر قائدا يقودها الى جانب المدينة حتى لا يدري الناس أين دفنت.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.