أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2017
2540
التاريخ: 5-12-2017
2391
التاريخ: 20-10-2017
2629
التاريخ: 5-10-2017
2740
|
عرف ابن زياد أنّ أهم أعضاء الثورة هانئ بن عروة الزعيم الكبير ، وفي بيته مسلم بن عقيل ، فأرسل وفداً خلفه كان منهم حسّان بن أسماء بن خارجة زعيم فزارة ، ومحمّد بن الأشعث زعيم كندة ، وعمرو بن الحجّاج وهو من زعماء مذحج ، ولمّا التقوا به قالوا له : ما يمنعك من لقاء الأمير ؛ فإنّه قد ذكرك وقال : لو علم أنّه شاكٍ لعدته .
فاعتذر لهم وقال : الشكوى تمنعني , فلم يقنعوا بذلك ، وأخذوا يلحّون عليه في زيارته ، فاستجاب لهم على كره وسار معهم ، فلمّا كان قريباً من القصر أحسّت نفسه بالشرّ ، فقال لحسان بن أسماء : يابن الأخ ، إنّي والله لخائف من هذا الرجل ، فما ترى ؟
فقال له حسان : يا عمّ ، والله ما أتخوّف عليك شيئاً ، ولم تجعل على نفسك سبيلاً , وأخذ القوم يلحّون عليه بمقابلة ابن مرجانة فاستجاب لهم ، ولمّا مثل أمامه استقبله ابن مرجانة بعنف ، وقال له : أتتك بخائن رجلاه .
وذعر هانئ فقال له : ما ذاك أيها الأمير ؟
فصاح به الطاغية : إيه يا هانئ ! ما هذه الأمور التي تتربّص في دارك لأمير المؤمنين وعامة المسلمين ؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك ، وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك ، وظننت أنّ ذلك يخفى عليّ ؟
فأنكر هانئ وقال : ما فعلت ذلك ، وما مسلم عندي .
ـ بلى ، قد فعلت .
وطال النزاع واحتدم الجدال بينهما ، فرأى ابن زياد أن يحسم النزاع ، فدعا الجاسوس معقلاً ، فلمّا مثل أمامه قال لهانئ : أتعرف هذا ؟
ـ نعم .
وأسقط ما في يدي هانئ ، وأطرق برأسه إلى الأرض ، ولكن سرعان ما سيطر على الموقف ، فقال لابن مرجانة : قد كان الذي بلغك ، ولن أضيع يدك عندي ؛ تشخص لأهل الشام أنت وأهل بيتك سالمين بأموالكم ؛ فإنّه جاء حقّ مَنْ هو أحقّ من حقّك وحقّ صاحبك .
وثار ابن زياد فرفع صوته : والله ، لا تفارقني حتّى تأتيني به ـ أي بمسلم ـ .
وسخر منه هانئ ، وردّ عليه : لا آتيك بضيفي أبداً .
وطال الجدال بين هانئ وبين ابن مرجانة ، فانبرى مسلم بن عمر الباهلي وهو من خدام السلطة إلى ابن زياد طالباً منه أن يتخلّى بهانئ ليقنعه ، فسمح له بذلك ، فاختلى به وقال له : يا هانئ ، اُنشدك الله أن لا تقتل نفسك وتدخل البلاء على قومك ؛ إنّ هذا الرجل ـ يعني مسلماً ـ ابن عمّ القوم ، وليسوا بقاتليه ولا ضائريه ، فادفعه إليه ، فليس عليك بذلك مخزاة ولا منقصة ، إنّما تدفعه إلى السلطان .
ولم يحفل هانئ بهذا المنطق الرخيص ؛ فهو على علم لا يخامره شكّ أنّ ابن زياد لو ظفر بمسلم لقطّعه إرباً ، ومن الطبيعي أنّ ذلك يعود بالعار والخزي على هانئ ، فكيف يسلّم وافد آل محمّد إلى هذا الإنسان الممسوخ ؟
وقال هانئ : بلى والله ، عليَّ في ذلك أعظم العار أن يكون مسلم في جواري وضيفي وهو رسول ابن بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأنا حيّ صحيح الساعدين ، كثير الأعوان ، والله لو لم أكن إلاّ وحدي لمّا سلّمته أبداً .
وحفل كلام هانئ بمنطق الأحرار الذين وهبوا حياتهم للمُثل العليا والقيم الكريمة . ولمّا يئس الباهلي من هانئ قال لابن زياد : أيّها الأمير ، قد أبى أن يسلّم مسلماً أو يُقتل .
والتفت الطاغية إلى هانئ فصاح به : أتأتيني به أو لأضربنّ عنقك .
فلم يعبأ به هانئ ، وقال : إذن تكثر البارقة حولك .
فثار ابن مرجانة وقال : والهفا عليك ! أبالبارقة تخوّفني ؟
وصاح بغلامه مهران وقال له : خذه . فأخذ بضفيرتي هانئ ، وأخذ ابن زياد القضيب فاستعرض به وجهه ، وضربه ضرباً قاسياً حتّى كسر أنفه ، ونثر لحم خديه وجبينه على لحيته حتّى تحطّم القضيب ، وسالت الدماء على ثيابه ، وعمد هانئ إلى قائم سيف شرطي محاولاً اختطافه ليدافع به عن نفسه فمنعه منه ، فصاح به ابن زياد : أحروري أحللت بنفسك ، وحلّ لنا قتلك ؟!
ثمّ أمر ابن زياد باعتقاله في أحد بيوت القصر ، وانتهى خبره إلى اُسرته من مذحج ، وهي من أكثر قبائل الكوفة عدداً إلاّ أنّها لم تكن متماسكة ، وقد شاعت الانتهازية في جميع أفرادها .
وعلى أيّ حال ، فقد سارعت مذحج بقيادة العميل الخائن عمرو بن الحجّاج وقد رفع عقيرته لتسمعه السلطة قائلاً : أنا عمرو بن الحجّاج ، وهذه فرسان مذحج ووجوهها ، لم نخلع طاعة ولم نفارق جماعة .
ولم يعنَ به ابن زياد ولا بقومه ، فالتفت إلى شريح القاضي فقال له : ادخل على صاحبهم فانظر إليه ثمّ اخرج إليهم فأعلمهم أنّه حيّ . وخرج شريح فدخل على هانئ ، فلمّا نظر إليه صاح مستجيراً : يا للمسلمين ! أهلكت عشيرتي ! أين أهل الدين ؟ أين أهل المصر ؟ والتفت هانئ إلى شريح فقال له : يا شريح ، إنّي لأظنّها أصوات مذحج وشيعتي من المسلمين ، إنّه إن دخل عليّ عشرة أنفر أنقذوني .
[ ولم ] يحفل شريح بكلام هانئ ، وإنّما مضى منفّذاً لأمر سيّده ابن مرجانة ، فخاطب مذحج قائلاً : قد نظرتُ إلى صاحبكم وإنّه حيّ لم يُقتل .
وبادر عمرو بن الحجّاج قائلاً : إذا لم يُقتل فالحمد لله .
وولّوا منهزمين كأنّما اُتيح لهم الخلاص من سجن ، وقد صحبوا معهم الخزي والعار ، وانطلقت الألسنة بذمّهم ، وقد ذمّهم شاعر أخفى اسمه حذراً من بطش الاُمويِّين ونقمتهم ، قال :
فإن كنتِ لا تدرينَ ما الموت فانظري ... إلـى هـانئٍ في السوقِ وابنِ عقيلِ
إلـى بـطلٍ قـد هشّمَ السيفُ وجههُ ... وآخـر يـهوى من طمارِ قتيلِ
أصـابهما فـرخُ الـبغيّ فـأصبحا ... أحـاديثَ مَـنْ يـسيري بكلّ سبيلِ
تـرى جـسداً قـد غيّرَ الموتُ لونهُ ... ونـضحُ دمٍ قـد سـالَ كـلّ مسيلِ
فـتىً كـان أحـيا مـن فتاةٍ حييَّةٍ ... وأقـطع مـن ذي شـفرتينِ صقيلِ
أيـركـبُ أسـماءُ الـهماليجَ آمـناً ... وقـد طـلبتهُ مـذحجٌ بـذحولِ
تـطـوفُ حـواليهِ مـرادٌ وكـلّهم ... عـلى رقـبةٍ مـن سـائلٍ ومسولِ
فــإن أنـتمُ لـم تـثأروا بـأخيكمُ ... فـكونوا بـغايا أُرضيت بقليلِ
لقد تنكّرت مذحج لزعيمها الكبير فلم تفِ له حقوقه ومعروفه الذي أسداه عليها ، وتركته أسيراً بيد ابن مرجانة يمعن في إرهاقه والتنكيل به حتّى أعدمه في وضح النهار بمرأى ومسمع منهم .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|