أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2017
372
التاريخ: 18-10-2017
318
التاريخ: 18-10-2017
612
التاريخ: 18-10-2017
245
|
ذكر استيحاش مؤنس وأصحابه من القاهر:
في سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة استوحش مؤنس المظفر ويلبق الحاجب وولده علي والوزير أبو علي بن مقلة من القاهر وضيقوا عليه وعلى أسبابه وكان سبب ذلك أن محمد بن ياقوت تقدم عند القاهر وعلت منزلته وصار يخلو به ويشاوره فغلظ ذلك على ابن مقلة لعداوة كانت بينه وبين محمد فألقى إلى مؤنس أن محمدا يسعى به عند القاهر وأن عيسى الطبيب يسفر بينهما في التدبير عليه فوجه مؤنس علي بن يلبق لإحضار عيسى الطبيب فوجده بين يدي القاهر فأخذه وأحضره عند مؤنس فسيره من ساعته إلى الموصل واجتمعوا على الإيقاع بمحمد بن ياقوت وكان في الخيام فركب علي بن يلبق في جنده ليكبسه فوجده قد اختفى فنهب أصحابه واستتر محمد بن ياقوت ووكل علي بن يلبق على دار الخليفة أحمد بن زيرك وأمره بالتضييق على القاهر وتفتيش كل من يدخل من الدار ويخرج منها وأن يكشف وجوه النساء المنقبات وإن وجد مع أحد رقعة دفعها إلى مؤنس ففعل ذلك وزاد عليه حتى أنه حمل إلى دار الخليفة لبن فأدخل يده فيه لئلا يكون رقعة ونقل يلبق من كان بدار القاهر محبوسا إلى داره كوالدة المقتدر وغيرها وقطع أرزاق حاشيته فأما والدة المقتدر فأنها كانت قد اشتدت علتها لشدة الضرب الذي ضربها القاهر فأكرمها علي بن يلبق وتركها عند والديه فماتت في جمادى الآخرة وكانت مكرمة مرفهة ودفنت بتربتها بالرصافة، وضيق علي بن يلبق على القاهر فعلم القاهر أن العتاب لا يفيد وأن ذلك برأي مؤنس وابن مقلة فأخذ في الحيلة والتدبير على جماعتهم وكان قد عرف فساد قلب طريف السبكري وبشري خادم مؤنس ليلبق وولده علي وحسدهما على مراتبهما فشرع في إغرائهما بيلبق وابنه وعلم أيضا أن مؤنسا ويلبق أكثر اعتمادهما على الساجية أصحاب يوسف بن أبي الساج وغلمانه المنتقلين إليهما بعده وكانا قد وعدا الساجية بالموصل مواعيد أخلفاها فأرسل القاهر إليهم يغريهم بمؤنس ويلبق ويحلف لهم على الوفاء بما أخلفاهم فتغيرت قلوب الساجية ثم إنه راسل أبا جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله وكان من أصحاب ابن مقلة وصاحب مشورته ووعده الوزارة فكان يطالعه بالأخبار وبلغ ابن مقلة أن القاهر قد تغير عليه وأنه مجتهد في التدبير عليه وعلى مؤنس ويلبق وابنه علي والحسن بن هارون فأخبرهم ابن مقلة بذلك.
القبض على مؤنس ويلبق:
في هذه السنة أول شعبان قبض القاهر بالله على يلبق وابنه ومؤنس المظفر وسبب ذلك أنه لما ذكر ابن مقلة لمؤنس ويلبق ما هو عليه القاهر من التدبير في استئصالهم خافوه وحملهم الخوف على الجد في خلعه واتفق رأيهم على استخلاف أبي أحمد بن المكتفي وعقدوا له الأمر سرا وحلف له يلبق وابنه علي والوزير أبو علي بن مقلة والحسن بن هارون وبايعوه ثم كشفوا الأمر لمؤنس فقال لهم لست أشك في شر القاهر وخبثه ولقد كنت كارها لخلافته وأشرت بابن المقتدر فخالفتم وقد بلغتم الآن في الاستهانة به وما صبر على الهوان إلا من خبث طوبته ليدبر عليكم فلا تعجلوا على أمر حتى تؤنسوه وينبسط إليكم ثم فتشوا لتعرفوا من واطأه من القواد ومن الساجية والحجرية ثم اعملوا على ذلك فقال علي بن يلبق والحسن بن هارون ما يحتاج إلى هذا التطويل فان الحجبة لنا والدار في أيدينا وما يحتاج ان نستعين في القبض عليه بأحد لأنه بمنزلة طائر في قفص وعملوا على معاجلته فاتفق أن سقط يلبق عن الدابة فاعتل ولزم منزله واتفق ابنه علي وأبو علي بن مقلة وزينا لمؤنس خلع القاهر وهونا عليه الأمر فأذن لهما فاتفق رأيهما على ان يظهروا أن أبا الطاهر القرمطي قد ورد الكوفة في خلق كثير وأن علي بن يلبق سائر إليه في الجيش ليمنعه عن بغداد فإذا دخل على القاهر ليودعه ويأخذ أمره فيما يفعل قبض عليه فلما اتفقا على ذلك جلس ابن مقلة وعنده الناس فقال لأبي بكر بن قرابة أعلمت أن القرمطي قد دخل الكوفة في ستة آلاف مقاتل بالسلاح التام قال لا قال ابن مقلة قد وصلنا كتب النواب بها بذلك فقال ابن قرابة هذا كذب ومحال فإن في جوارنا إنسانا من الكوفة وقد أتاه اليوم كتاب على جناح طائر تاريخه اليوم يخبر فيه بسلامه فقال له ابن مقلة سبحان الله أنتم أعرف منا بالأخبار فسكت ابن قرابة وكتب ابن مقلة إلى الخليفة يعرفه ذلك ويقول له إني قد جهزت جيشا مع علي بن يلبق ليسير يومنا هذا والعصر يحضر إلى الخدمة ليأمره مولانا بما يراه فكتب القاهر في جوابه يشكره ويأذن له في حضور ابن يلبق فجاءت رقعة القاهر وابن مقلة نائم فتركوها ولم يوصلوها إليه فلما استيقظ عاد وكتب رقعة أخرى في المعنى فأنكر القاهر الحال حيث قد كتب جوابه وخاف ان يكون هناك مكر وبينا هو في هذا إذا وصلت رقعة طريف السبكري يذكر أن عنده نصيحة وأنه قد حضر في زي امرأة لينهيها إليه فاجتمع به القاهر فذكر له جميع ما قد عزموا عليه وما فعلوه من التدبير ليقبض ابن يلبق عليه إذا اجتمع به وأنهم قد بايعوا أبا أحمد بن المكتفي فلما سمع القاهر ذلك أخذ حذره وأنفذ إلى الساجية أحضرهم متفرقين وكمنهم في الدهاليز والممرات والرواقات وحضر علي بن يلبق بعد العصر وفي رأسه نبيذ معه عدد يسير من غلمانه بسلاح خفيف في طيارة وأمر جماعة من عسكره بالركوب إلى أبواب دار الخليفة وصعد من الطيارة وطلب الإذن فلم يأذن له القاهر فغضب واساء ادبه وقال لا بد من لقائه شاء أو أبى وكان القاهر قد احضر الساجية كما ذكرنا وهم عنده في الدار فأمرهم القاهر برده فخرجوا إليه وشتموه وشتموا أباه وشهروا سلاحهم وتقدموا إليه جميعهم ففر أصحابه عنه وألقى نفسه في الطيارة وعبر إلى الجانب الغربي واختفى من ساعته فبلغ ابن مقلة الخبر فاستتروا واستتر الحسن بن هارون أيضا فلما سمع طريف الخبر ركب في أصحابه وعليهم السلاح وحضروا دار الخليفة ووقف القاهر فعظم الأمر حينئذ على ابن يلبق وجماعتهم وانكر يلبق ما جرى على ابنه وسب الساجية وقال لا بد من المضي إلى دار الخليفة فإن كان الساجية فعلوا هذا بغير تقدم قابلتهم بما يستحقونه وإن كان بتقدم سألته عن سبب ذلك فحضر دار الخليفة ومعه جميع القواد الذين بدار مؤنس فلم يوصله القاهر إليه وأمر بالقبض عليه وحبسه وأمر بالقبض على أحمد بن زيرك صاحب الشرطة وحصل الجيش كلهم في الدار فانفذ القاهر وطيب نفوسهم ووعدهم الزيادة وأنه يوقف هؤلاء على ذنوبهم ثم يطلقهم ويحسن إليهم فعادوا وراسل القاهر مؤنسا يسأله الحضور عنده ليعرض عليه ما رفع عليهم ليفعل ما يراه وقال أنه عندي بمنزلة الوالد وما أحب أن أعمل شيئا إلا عن رأيه فاعتذر مؤنس عن الحركة ونهاه أصحابه عن الحضور عنده فلما كان الغد أحضر القاهر طريفا السبكري وناوله خاتمه وقال له قد فوضت إلى ولدي عبد الصمد ما كان المقتدر فوضه إلى ابنه محمد وقلدتك خلافته ورياسة الجيش وإمارة الأمراء وبيوت الأموال كما كان ذلك إلى مؤنس ويجب أن تمضي إليه وتحمله إلى الدار فإنه ما دام في منزله يجتمع إليه من يريد الشر ولا نأمن تولد شغل فيكون ههنا مرفها ومعه من أصحابه من يخدمه على عادته فمضى إلى دار مؤنس وعنده أصحابه في السلاح وهو قد استولى عليه الكبر والضعف فسأله أصحاب مؤنس عن الحال فذكر سوء صنيع يلبق وابنه فكلهم سبهما وعرفهم ما أخذ لهم من الأمان والعهود فسكتوا ودخل إلى مؤنس وأشار عليه بالحضور عند القاهر وحمله عليه وقال له إن تأخرت طمع ولو رآك نائما ما تجاسر أن يوقظك وكان موافقا مؤنس وأصحابه فسار مؤنس إليه فلما دخل الدار قبض القاهر عليه وحبسه ولم يره قال طريف لما أعلمت القاهر بمجيء مؤنس ارتعد وتغيرت أحواله وزحف من صدر فراشه فخفته أن أكلمه في معناه وعلمت أنني قد أخطات وندمت وتيقنت انني لاحق بالقوم عن قريب وذكرت قول مؤنس فيه إنه يعرفه بالهوج والشر والأقدام والجهل وكان أمر الله قدرا مقدورا وكانت وزارة ابن مقلة هذه تسعة أشهر وثلاثة أيام واستوزر القاهر أبا جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله مستهل شعبان وخلع عليه وأنفذ القاهر وختم على دور مؤنس ويلبق وابنه علي وابن مقلة وأحمد بن زيرك والحسن بن هارون ونقل دوابهم ووكل بحرمهم وأنفذ استقدم عيسى المتطبب من الموصل وأمر بنقل ما في دار ابن مقلة وإحراقها فنهب وأحرقت ونهبت دور المعتقلين بهم وظهر محمد بن ياقوت وقام بالحجبة ثم رأى كراهية طريف السبكري والساجية له فاختفى وهرب إلى أبيه بفارس فكاتبه القاهر يلومه على عجلته بالهرب وقلده كور الأهواز وكان السبب في ميل طريف السبكري والساجية والحجرية إلى القاهر ومواطأتهم على مؤنس ويلبق وابنه ما نذكره وهو أن طريفا كان قد أخذ قواد مؤنس وأعلاهم منزلة وكان يلبق وابنه ممن يقبل يده ويخدمه فلما استخلف القاهر بالله تقدم يلبق وابنه وحكما في الدولة كما ذكرناه وأهمل ابن يلبق جانب طريف وقصده وعطله من أكثر أعمالها فلما طالت عطلته استحيا منه يلبق وخاف جانبه فعزم على استعماله على ديار مصر ليقضي حقه ويبعده ومعه أعيان رفقائه ليأمنهم وقال ذلك للوزير أبي علي بن مقلة فرآه صوابا فاعتذر يلبق إلى طريف لسبب عطلته وأعلمه بحديث مصر فشكره وشكر الوزير أيضا فمنع علي بن يلبق من إتمامه وتولى هو العمل وأرسل إليه من يخلفه فيه فصار طريف عدوا يتربص بهم الدوائر وأما الساجية فإنهم كانوا عدة مؤنس وعضده وساروا معه إلى الموصل وعادوا معه إلى قتال المقتدر ووعدهم مؤنس المظفر بالزيادة فلما قتل المقتدر لم يروا لميعاده وفاء ثناه عنه ابن يلبق واطرحهم ابن يلبق أيضا وأعرض عنهم وكان من جملتهم خادم أسود اسمه صندل وكان من اعيانهم وكان له خادم اسمه مؤتمن فباعه فاتصل بالقاهر قبل خلافته فلما استخلف قدمه وجعله لرسائله فلما بلي القاهر بابن يلبق وسوء معاملته كان كالغريق يتمسك بكل شيء وكان خبيرا بالدهاء والمكر فأمر مؤتمنا أن يقصد صندلا الساجي الذي باعه ويشكو من القاهر فإن رأى منه ردا لما يقوله أعلمه بحال القاهر وما يقاسي من ابن يلبق وابنه وإن رأى منه خلاف ذلك سكت فجاء إليه وفعل ما أمره فلما شكا قال له صندل وفي أي شيء هو الخليفة حتى يعطيك ويوسع عليك إن فرج الله عنه من هذا المفسد احتجت أنا وغيري إليك والله على صوم وصدقة إن ملك الخليفة أمره واستراح وارحنا من هذا الملعون فأعاد مؤتمن الحديث على القاهر فأرسل على يده هدية جميلة من طيب وغيره إلى زوجة صندل وقال له تحمله إليها وزوجها غائب عنها وتقول لها إن الخليفة قسم فينا شيئا وهذا من نصيبي أهديته غليكم ففعل هذا فقبلته ثم عاد إليها من الغد وقال أي شيء قال صندل لما رأى انبساطي عليكم فقالت اجتمع هو وفلان وفلان وذكرت ستة نفر من أعيانهم ورأوا ما أهديت إلينا فاستعملوا منه ودعوا للخليفة فبينما هو عندها إذ حضر زوجها فشكر مؤتمنا وسأله عن أحوال الخليفة فأثنى عليه ووصفه بالكرم وحسن الأخلاق وصلابته في الدين فقال صندل غن ابن يلبق نسبه إلى قلة الدين ويرميه بأشياء قبيحة فحلف مؤتمن على بطلان ذلك وأن جميعه كذب ثم أمر القاهر مؤتمنا أن يقصد زوجة صندل ويستدعيها إلى قهرمانة القاهر فتحضر متنكرة على انها قابلة يانس بها من القاهر لما كانوا بدار ابن طاهر وقد حضرت لحاجة بعض أهل الدار إليها ففعلت ذلك ودخلت الدار وأتت عندهم فحملها القاهر رسالة إلى زوجها ورفقائه وكتب إليهم رقعة بخطه ويعدهم بالزيادة في الأقطاع والجاري وأعطاها لنفسها مالا فعادت إلى زوجها وأخبرته بما كان جميعه فوصل الخبر إلى ابن يلبق أن امرأة من دار ابن طاهر دخلت إلى دار الخليفة فلهذا منع ابن يلبق من دخول امرأة حتى تبصر وتعرف وكان للساجية قائد كبير اسمه سيما وكلهم يرجعون إلى قوله فاتفق صندل ومن معه على إعلام سيما بذلك إذ لا بد لهم منه وأعلموه برسالة القاهر إليهم فقال صواب والعاقبة فيه جميلة ولكن لا بد أن يدخلوا في الأمر بعض هؤلاء القوم يعني أصحاب يلبق ومؤنس وليكن من أكابرهم فاتفقوا على طريف السبكري وقالوا هو أيضا متسخط فحضروا عنده وشكوا إليه ما هم فيه وقالوا لو كان الاستاذ يعنون مؤنسا يملك أمره لبلغنا مرادنا ولكن قد عجز وضعف واستبد عليه ابن يلبق بالأمور فوجدوا عنده من كراهتهم أضعاف ما أرادوا فأعملوه حينئذ حالهم فأجابهم إلى موافقتهم واستحلفهم أنه لا يلحق مؤنسا ويلبق وابنه مكروه وأذى في أنفسهم وأبدانهم وأموالهم وإنما يلزم يلبق وابنه بيوتهم ويكون مؤنس على مرتبته لا يتغير فحلفوا على ذلك وحلف لهم على الموافقة وطلب خط القاهر بما طلب فأرسلوا إلى القاهر بما كان فكتب إليهم بما أرادوا وزاد بأن قال أنه يصلي بالناس ويخطب أيام الجمع ويحج بهم ويغزو معهم ويقعد للناس ويكشف مظالهم إلى غير ذلك من حسن السيرة ثم إن طريفا اجتمع بجماعة من رؤساء الحجرية وكان ابن يلبق قد أبعدهم عن الدار وأقام بها أصحابه فهم حنقون عليه فلما أعلمهم طريف الأمر أجابوه إليه فظهر شيء من هذا الحديث إلى ابن مقلة وابن يلبق ولم يعلموا تفصيله فاتفقوا على أن يقبضوا على جماعة من قواد الساجية والحجرية فلم يقدموا عليهم خوف الفتنة وكان القاهر قد أظهر مرضا من دماميل وغيرها فاحتجب عن الناس خوفا منهم قلم يكن يراه أحد إلا خواص خدمه في الأوقات النادرة فتعذر على ابن مقلة وابن يلبق الاجتماع به ليبلغوا منه ما يريدون فوضعا ما ذكرناه من أخبار القرامطة ليظهر لهم ويفعلوا به ما أرادوا ولما قبض القاهر على مؤنس وجماعته استعمل القاهر على الحجبة سلامة الطولوني وعلى الشرطة أبا العباس أحمد بن خاقان واستوزر أبا جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله وأمر بالنداء على المستترين وإباحة مال من أخفاهم وهدم داره وجد في طلب أحمد بن المكتفي فظفر به فبنى عليه حائطا وهو حي فمات وظفر بعلي ابن يلبق فقتله.
قتل مؤنس ويلبق وولده علي والنوبختي:
وفيها في شعبان قتل القاهر مؤنسا المظفر ويلبق وعلي بن يلبق وكان سبب قتلهم أن أصحاب مؤنس شغبوا وثاروا وتبعهم سائر الجند وأحرقوا روشن دار الوزير أبي جعفر ونادوا بشعار مؤنس وقالوا لا نرضى إلا بإطلاق مؤنس وكان القاهر قد ظفر بعلي بن يلبق وأفرد كل واحد منهم في منزل فلما شغب الجند دخل القاهر إلى علي بن يلبق فأمر به فذبح واحتز رأسه فوضعوه في طشت ثم مضى القاهر والطشت يحمل بين يديه حتى دخل على يلبق فوضع الطشت بين يديه وفيه رأس ابنه فلما رآه بكى وأخذ يقبله ويترشفه فأمر به القاهر فذبح أيضا وجعل رأسه في طشت وحمل بين يدي القاهر ومضى حتى دخل على مؤنس فوضعهما بين يديه فلما رأى الرأسين تشهد واسترجع ولعن قاتلهما فقال القاهر جروا برجل الكلب الملعون فجروه وجعلوا رأسه في طشت وأمر بالرؤوس فطيف بها في جانبي بغداد ونودي عليها هذا جزاء من يخون الإمام ويسعى في فساد دولته ثم أعيدت ونظفت وجعلت في خزانة الرؤوس كما جرت العادة وقيل إنه قتل يلبق وابنه مستخف ثم ظفر بابنه بعد ذلك فأمر به فضرب فأقبل ابن يلبق على القاهر وسبه أقبح سب وأعظم شتم فأمر به القاهر فقتل وطيف برأسه في جانبي بغداد ثم أرسل إلى ابن يعقوب النوبختي وهو في مجلس وزيره محمد بن القاسم فأخذه وحبسه ورأى الناس من شدة القاهر ما علموا معه أنهم لا يسلمون من يده وندم كل من أعانه من سبك والساجية والحجرية حيث لم ينفعهم الندم.
وزارة أبي جعفر محمد بن القاسم للخليفة وعزله ووزارة الخصيبي:
لما قبض القاهر بالله على مؤنس ويلبق وابنه سأل عمن يصلح للوزارة فدل على أبي جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله فاستوزره فبقي وزيرا إلى يوم الثلاثاء ثالث عشر ذي القعدة من السنة فأرسل القاهر فقبض عليه وعلى أولاده وعلى أخيه عبيد الله وحرمه وكان مريضا بقولنج فبقي محبوسا ثمانية عشر يوما ومات فحمل إلى منزله وأطلق أولاده واستوزر أبا العباس أحمد بن عبيد الله بن سليمان الخصيبي وكانت وزارة أبي جعفر ثلاثة أشهر واثني عشر يوما.
ذكر القبض على طريف السبكري:
لما تمكن القاهر وقبض على مؤنس وأصحابه وقتلهم ولم يقف على اليمين والأمان اللذين كتبهما لطريف وكان القاهر يسمع طريفا ما يكره ويستخف به ويعرض له بالأذى فلما رأى ذلك خافه وتيقن القبض عليه والقتل فوصى وفرغ من جميع ما يريده واشتغل القاهر عنه بقبض من قبض عليه من وزير وغيره ثم أحضره بعد أن قبض على وزيره أبي جعفر فقبض عليه فتيقن القتل إسوة بمن قتل من أصحابه ورفقائه فبقي محبوسا يتوقع القتل صباحا ومساء إلى أن خلع القاهر
ذكر أخبار خراسان:
في هذه السنة سار مرداويج من الري إلى جرجان وبها أبو بكر محمد بن المظفر مريضا فلما قصده مرداويج عاد إلى نيسابور وكان السعيد نصر بن أحمد بنيسابور فلما بلغها محمد بن المظفر سار السعيد نحو جرجان وكاتب محمد بن عبيد الله البلغمي مطرف بن محمد وزير مرداويج واستماله فمال إليه فانتهى الخبر بذلك إلى مرداويج فقبض عليه مطرف وقتله وأرسل محمد بن عبيد الله البلغمي إلى مرداويج يقول له أنا أعلم أنك لا تستحسن كفر ما يفعله معك الأمير السعيد وإنك إنما حملك على قصد جرجان وزيرك مطرف ليرى أهلها محله منك كما فعله أحمد بن أبي ربيعة كاتب عمرو بن الليث حمل عمرا على قصد بلخ ليشاهد أهلها منزلته من عمرو فكان منه ما بلغك وأنا لا أرى لك مناصبة ملك يطيف به مائة الف رجل من غلمانه ومواليه وموالي أبيه والصواب أنك تترك جرجان له وتبذل عن الري مالا تصالحه عليه ففعل مرداويج ذلك وعاد عن جرجان وبذل عن الري مالا وعاد إليها وصالحه السعيد عليها.
ولاية محمد بن المظفر على خراسان:
ولما فرغ السعيد من أمر جرجان وأحكمه استعمل أبا بكر محمد بن المظفر بن محتاج على جيوش خراسان ورد إليه تدبير الأمور بنواحي خراسان جميعها وعاد إلى بخارى مقر عزه وكرسي ملكه وكان سبب تقدم محمد المظفر أنه كان يوما عند السعيد وهو يحادثه في بعض مهماته خاليا فلسعته عقرب في إحدى رجليه عدة لسعات فلم يتحرك ولم يظهر عليه أثر ذلك فلما فرغ من حديثه وعاد محمد إلى منزله نزع خفه فرأى العقرب فأخدها فانتهى خبر ذلك إلى السعيد فأعجب به وقال ما عجبت إلا من فراغ بالك لتدبير ما قلته لك فهلا قمت وأزلتها فقال ما كنت لأقطع حديث الأمير بسبب عقرب وإذا لم أصبر بين يديك على لسعة عقرب فكيف أصبر وأنا بعيد منك على حد سيوف أعداء دولتك إذا دفعتهم عن مملكتك فعظم محله عنده وأعطاه مائتي ألف درهم.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|