أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-8-2017
329
التاريخ: 23-8-2017
412
التاريخ: 23-8-2017
367
التاريخ: 11-2-2018
369
|
تعتبر النظرية التوليدية من أشهر النظريات اللغوية حالياً، ويعد (نوام تشومسكي) رائد هذه النظرية، وبالرغم من أن تشومسكي عاد بالبحث الدلالي إلى الطابع العقلاني الذهني إلا أن نظريته استطاعت أن تقدم تفسيرات علمية لظواهر لغوية تخص الدلالة، وتستند هذه النظرية على آلية توليد جمل صحيحة اعتماداً على كفاية المتكلم (الكاتب) اللغوي ويعني ذلك توفر قواعد تنظيمية ذهنية في عقل متكلم اللغة تتيح له ما شاء من الجمل، وقد انطلق (تشومسكي) للتدليل على وجود هذه الكفاية، من تعلم اللغة عند الطفل، بحيث ألفى الطفل ينتج جملاً لم
ص94
يسبق له أن سمعها من قبل بناء على القواعد الكائنة ضمن كفايته اللغوية، والنظرية التوليدية "تتخذ شكل قاعدة "إعادة كتابة" أي أنها تعيد كتابة رمز يشير إلى عنصر معين من عناصر الكلام برمز آخر أو بعدة رموز"(1). وتكون هذه الكتابة بالنسبة للجملة المشتملة على ركن فعلي (مؤلف من فعل وفاعل ومفعول به وشبه جملة عائدة للفعل)، وعلى شبه جملة. على النحو التالي:
ج Ù رف + شج (حيث ج: ترمز إلى الجملة)، وعليه يمكن كتابة الركن الفعلي بمؤلفاته على النحو التالي:
رفÙ ف + رأ + رأ + شج (حيث ف ترمز إلى الفعل، ورأ ترمز إلى الركن الاسمي ويتم اشتقاق الجملة:
جÙ رف شج.
رفÙ ف + رأ + رأ + شج.
رأÙ تعر + رأ (تعر ترمز إلى تعريف).
شجÙ ج + رأ .
تعرÙ ال.
ف Ùكتب ، ذهب، سأل،…
أÙ رجل، رسالة، أستاذ، أمس..
وباستبدال الرموز بعناصر الكلام في نظام اللغة تحصل جمل كثيرة من بينها الجملة:
كتب الرجل الرسالة إلى الأستاذ بالأمس. ويمكن رسم تلك الرموز التي تدل على القواعد التنظيمية ضمن كفاية المتكلم اللغوية" بالمشجر(2) "arbre".
ص95
ويبدو أن اعتماد هذه القواعد من شأنه أن يعقد عملية التواصل والإبلاغ، ولذلك تشترط القاعدة التوليدية وجود متكلم ومتقبل مثاليين، لأن عملية التحام المعنى بالبنى اللغوية هي ليست بالعملية السهلة ذلك أنها تقتضي علماً كافياً بقواعد الإسقاط وبناء على ذلك "يحتوي المكون الدلالي إذاً على المعجم أو اللائحة بمفردات اللغة وعلى القواعد الإسقاطية التي تشكل قدرة المتكلم على استدلال معنى الجمل من خلال معنى المفردات"(3)..
لقد تحدث (تشومسكي) على وجهي الظاهرة اللغوية السطحي والعميق، أو كما سماه الظاهر والخفي وعليه حدد مصطلح "الكفاية اللغوية" و"الأداء اللغوي" وقد أرجع العلماء هذه الفكرة إلى أصول فلسفية تعود إلى نظرية أفلاطون حول العالم. " تقول نظرية أفلاطون أن للعالم وجه ظاهري نعتمد في إدراكه على شهادة الحواس وقد تكون هذه الحواس خادعة لا موضوعية فيها ووجه خفي حقيقي يدرك بالعقل.. أو كما يقول كانط أن العالم الظاهري يخفي عالماً حقيقياً(4)، فالأداء اللغوي يمثل ظاهرة الخطاب في النظرية التوليدية، والكفاية اللغوية تمثل حقيقة الخطاب، وعلى اللغوي ـ كما يقول (تشومسكي)ـ أن لا يبني أحكامه على بنية اللغة السطحية، وإنما عليه أن يصل إلى البنية التحتية العميقة،
ص96
ليطلع على القواعد الذهنية التي تنتظم اللغة. وقد توصل (تشومسكي) إلى أن العقل الإنساني يحوي آلية مكونة من مجموعة قواعد متناهية بمقدورها تحليل الجمل ومساعدة متكلم اللغة على إنتاج جمل لا متناهية بمعجم لغوي متناه فضلاً على فهم الجمل التي لم يسبق له أن سمعها، ورصد الالتباس الحاصل في الجملة، وقد أضاف (تشومسكي) فكرة جريئة لا زالت موضع بحث وجدل بين علماء اللغة وهو ما سمي بالعموميات اللغوية، وتعني أن جميع اللغات متشابهة في بنياتها الداخلية وهو ما يفسر خضوع التركيب في أي لغة لتلك المدخلات العميقة، وما يشد من عضد هذه الفكرة هو أن المعاني كما تنص نظرية الأوضاع ـ لا تتموقل في عالم اللغة إنما توجد في عالم الأوضاع وقد تمخض عن هذه الفكرة، البحث عن العلاقة بين البنية الدلالية والعوالم الدلالية "فإن كانت الكلمة على مستوى الدال عبارة عن صرّة من الأصوات"، وإذا كانت كذلك فلم لا تكون على مستوى المعنى "صرّة من الوحدات البدائية للمعنى"(5). وعوّض التحليل المفهومي في النظرية التوليدية التحليل التوزيعي، الذي اتبعته النظريات السابقة في اللغة، فما الدلالة إلا مجموعة سمات تتحدد بواسطة المشير الدلالي وذلك "في تعيين العلاقات الدلالية بين الكلمات المترادفة والمتزايلة أو المتضمنة الواحدة الأخرى"(6)..
إن الهدف الأسمى الذي رسمته النظرية التوليدية هو معرفة الطاقة الكامنة في اللغة على مستوى التعبير ولذلك تأثراً بآراء المدرسة الفلسفية العقلانية التي سادت القرن السابع عشر، اتخذ ( تشومسكي) منهجاً عميقاً لا يعتمد الوصف، وإنما التحليل والتفسير للوصول إلى وضع معايير تحدد قدرة اللغة على الخلق والإبداع والابتكار بإعادة بناء "نسق المعاني" عن طريق قواعد التوليد والتحويل، ولذلك عُدّت النظرية التحويلية التوليدية من أحدث النظريات التي قدمت تفسيراً علمياً موضوعياً لنظام اللغة ووضعت قواعد مرنة تصلح لأي لغة، لأنها قواعد تتسم بالشمولية والعالمية، وهذه المرونة في التقعيد النظري ضرورية للنظام اللغوي الذي ينزع نحو التجدد والتكيف والتطور فضلاً على شمولية التناول والدراسة، وغدا (تشومسكي) يرسم المنهج القويم في الدرس اللغوي مميزاً بين الميتودولوجيا والنظرية، فقد كان اشتغال البنيويين ـ قبل تشومسكي ـ منحصراً على وصف
ص97
الاتجاه ووضع نظريات تقوم بتطبيق مجموعة عمليات وإجراءات على العينات اللغوية، مهمتها معاينة الوحدات الدالة الصغرى، فأشار (تشومسكي) في كتابه (البنى التركيبية) إلى ضرورة الاهتمام بالمنهج الذي يكمن في الطرق التي تمكن من بناء الأنحاء، وغدا المبحث اللساني مع (تشومسكي) يهتم بالجهاز الداخلي الذهني للمتكلمين بدلاً من الاهتمام بسلوكهم الفعلي، فلم يعد الإنتاج الكلامي الذي هو عبارة عن سلاسل فيزيائية بمفهوم الفونولوجيا قادراً على تقديم تفسير كاف لآليات حدوث التركيب اللغوي، ولذلك اتجه الدرس اللساني، لا إلى تحديد ما هو موجود من السلاسل اللغوية السليمة فحسب، بل أيضاً إلى ما يمكن أن يوجد من التراكيب اللغوية غير اللاحنة بواسطة مجموعة من القواعد التوليدية. يكون بذلك موقف (تشومسكي) قد انحرف بالدرس اللغوي إلى وجهة جديدة تختلف عن وجهة البنيويين الذين لم يميزوا بين صورة النحو، والوسيلة التي تقود إلى اكتشافه، وهو ما عكف تشومسكي على اتخاذه مبدأ للدراسة اللغوية بحيث فرق بين المنهج والنظرية وولج بذلك إلى كل ما يشكل العالم الداخلي الذهني للمتكلم، وشأن كل نظرية دلالية فإن النظرية التوليدية، وصلت إلى الباب المسدود، وإن نجحت في الكشف عن البنية العميقة لعدد لا متناه من الجمل إلا أنها عجزت عن تفسير عدم التوافق بين معاني المفردات المنتظمة في جملة واحدة، وهو ما فسح المجال لنظرية كاتز وفودر التي تعتبر مكملاً لقواعد (تشومسكي) التوليدية التي ارتكزت على ما يسمى بالمؤلفات الأساسية لمعاني الكلمات وهي مؤلفات تتجاوز الرموز التي اعتمدها (تشومسكي) في القواعد التوليدية، وعلى ضوء نظرية كاتزوفودر يمكن مثلاً تحليل كلمة "رجل" على النحو التالي:
اسم + محسوس + معدود + حي + بشري + ذكر + بالغ..
وتختلف عنها كلمة "امرأة" بمؤلف "الجنس" فقط (7) وهكذا بالنسبة للكلمات الأخرى..
ص98
______________________
([1]) د. ميشال زكريا، الألسنية، علم اللغة الحديث، ص 203.
(2) د. ميشال زكريا، انظر الألسنية، علم اللغة الحديث، ص 202 إلى 205.
(3) د.ميشال زكريا، المكون الدلالي في القواعد التوليدية والتحويلية، مجلة الفكر العربي المعاصر، رقم 18/19، لسنة 1982.
(4) د.محمد فهمي زيدان. في فلسفة اللغة، ص 142.
(5) علم الدلالة، بيار جيرو ترجمة: د.منذر عياش ، ص 187.
(6) د.ميشال زكريا، المكون الدلالي في القواعد التوليدية والتحويلية، مجلة الفكر العربي المعاصر، العدد رقم 18/19 السنة 1982.
(7) موريس أبو ناضر، مدخل إلى علم الدلالة الألسني: ص 26، مجلة الفكر العربي المعاصر العدد 18/19، السنة 1982.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|