أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-5-2017
3314
التاريخ: 17-5-2017
3103
التاريخ: 2024-11-04
1142
التاريخ: 15-11-2015
9563
|
... في ذلك اليوم الذي كانت عرفات تشهد فيه اجتماعا عظيما وحشدا بشريا هائلا، لم يشهد مثله شعب الحجاز من قبل حتى ذلك اليوم، كان نداء التوحيد وشعار الاسلام يدوّي في ربوع تلك المنطقة التي كانت فيما مضى من الزمان موطن المشركين ومسكن الوثنيين ولكنها قد تحولت الآن إلى قاعدة الموحّدين، وملتقى عباد الله المؤمنين.
في هذه المنطقة بالذات ( أي أرض عرفات ) نزل رسول الله (صلى الله عليه واله) وصلّى الظهر والعصر وهو يؤم مائة الف، ثم خطب فيهم خطابه التاريخيّ وهو راكب على راحلته، وكان أحد اصحابه ـ وكان رفيع الصوت قويه ـ يكرر كلماته (صلى الله عليه واله) ليسمعه آخر من في ذلك الحشد.
لقد بدأ رسول الله (صلى الله عليه واله) ذلك الخطاب هكذا :أيّها الناس اسمعوا قولي واعقلوه فاني لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا.
أيّها الناس إنّ دماءكم واموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربّكم.
وتأكيدا لحرمة أموال المسلمين ودمائهم قال (صلى الله عليه واله) لربيعة بن أميّة :
قل يا أيّها الناس إن رسول الله (صلى الله عليه واله) يقول : هلاّ تدرون أيّ شهر هذا ؟
فأجابوا : الشهر الحرام الذي يحرم فيه القتال واراقة الدماء. فقال النبي (صلى الله عليه واله) لربيعة : قل لهم : إن الله قد حرّم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا.
ثم قال (صلى الله عليه واله) لربيعة : قل : يا أيّها الناس إن رسول الله يقول هل تدرون أيّ بلد هذا؟
فأجابوا جميعا : البلد الحرام، الذي يحرم فيه القتال والعدوان. فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) لربيعة : قل لهم : إن الله قد حرّم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربّكم كحرمة بلدكم هذا.
ثم قال (صلى الله عليه واله) لربيعة : قل لهم : هل تدرون أي يوم هذا؟.
فأجابوا بأجمعهم : يوم الحج الاكبر.
فقال رسول الله (صلى الله عليه واله) لربيعة : قل لهم : إنّ الله قد حرّم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربّكم كحرمة يومكم هذا.
أيّها الناس : إن كل دم كان في الجاهلية موضوع، وإن أول دمائكم أضع دم ابن ربيعة بن الحارث ( وكان من أقرباء النبي ).
وهكذا ألغى رسول الله (صلى الله عليه واله) عادة الثارات الجاهلية المشؤومة وبدأ بأقربائه.
ثم قال (صلى الله عليه واله) : إنّكم ستلقون ربّكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلّغت فمن كانت
عنده أمانة فليؤدّها إلى من ائتمنه عليها.
أيّها الناس إنّ كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون وإنّ ربا عباس بن عبد المطلب موضوع كله.
أيها الناس إن الشيطان قد يئس من أن يعبد بأرضكم هذه أبدا، ولكنه إن يطع فيما سوى ذلك فقد رضي به ممّا تحقرون من أعمالكم ( أو رضي منكم بمحقّرات الأعمال )، فاحذروه على دينكم.
أيّها الناس إن النسيء زيادة في الكفر يضلّ به الذين كفروا يحلّونه عاما ويحرّمونه عاما ليواطئوا عدّة ما حرّم الله فيحلّوا ما حرّم الله ويحرّموا ما أحلّ الله وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ( ذو القعدة وذو الحجة وشهر المحرم ورجب ).
أيّها الناس إن لكم على نسائكم حقا ولهنّ عليكم حقا : لكم عليهم أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه ( أي لا تضيّفن في بيوتكم من تكرهونه ).
وعليهن أن لا يأتين بفاحشة مبيّنة فإن فعلن فان الله قد أذن لكم أن تهجروهنّ في المضاجع، وتضربوهنّ ضربا غير مبرّح، فان انتهين فلهنّ رزقهنّ وكسوتهن بالمعروف واستوصوا بالنساء خيرا فإنّهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهنّ شيئا، وإنكم انما أخذتموهنّ بأمانة الله واستحللتم فروجهنّ بكلمات الله فاعقلوا أيها الناس قولي فاني قد بلّغت وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلّوا أبدا أمرا بيّنا كتاب الله وسنة نبيّه أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه تعلّمنّ أنّ كل مسلم أخ للمسلم وإنّ المسلمين إخوة فلا يحلّ لأمرئ من أخيه إلاّ ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلمنّ أنفسكم ألا فليبلّغ شاهدكم غائبكم لا نبيّ بعدي ولا أمّة بعدكم.
ألا كل شيء من أمر الجاهليّة تحت قدمي موضوع .
وهنا قطع النبي (صلى الله عليه واله) خطابه، ورفع سبّابته نحو السماء ( كعلامة على الشهادة ) وهو ينكتها الى الناس وقال :
اللهم اشهد
اللهم اشهد
اللهم اشهد
ولقد مكث رسول الله (صلى الله عليه واله) في عرفات حتى غروب اليوم التاسع، وعند ما اختفى قرص الشمس عن الافق، واظلمّ الفضاء بعض الشيء ركب ناقته، وافاض إلى المزدلفة وامضى فيها شطرا من الليل ولم يزل واقفا من الفجر إلى طلوع الشمس في المشعر، ثم توجّه في اليوم العاشر إلى منى وأدّى مناسكها من رمي الجمار والذبح والتقصير ثم توجّه نحو مكة لأداء بقية مناسك الحج.
وهكذا علّم رسول الله (صلى الله عليه واله) الناس مناسك الحج بصورة عملية، وحدّد أو أكّد على مشاعره بصورة دقيقة.
ويطلق على هذه الحجة التاريخية في كتب التاريخ والحديث حجة الوداع تارة، و حجة البلاغ اخرى، و حجة الإسلام ثالثة، وإنما يطلق كل عنوان من هذه العناوين على هذه الحجة لمناسبة لا تخفى على القارئ البصير.
هذا ونلفت نظر القرّاء الكرام في خاتمة هذا الفصل إلى أن المشهور بين المحدثين هو أن رسول الله (صلى الله عليه واله) ألقى هذا الخطاب التاريخي الخالد في يوم عرفة ولكن يذهب بعض المؤرّخين إلى أن هذه الخطبة القيت في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، ويرى آخرون أن النبي (صلى الله عليه واله) خطب خطبا عديدة في هذه الحجة مستغلا كل فرصة سانحة لإبلاغ مبادئ رسالته الإلهية.
هذا وقد وقعت في أثناء هذه الرحلة المقدسة قضايا ووقائع لطيفة وجديرة بالدرس والتأمل والتملي، وقد تركنا ذكرها هنا رعاية للاختصار.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|