أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-4-2017
2925
التاريخ: 26-3-2022
1847
التاريخ: 27-3-2022
2160
التاريخ: 22-11-2015
3733
|
يومَ صدَعَ رسولُ اللّه (صـلى الله علـيه وآله) بما اُمر وجَهر بدعوته للناس وأيس سادة قريش من قبوله لأيّ اقتراح من إقتراحاتهم بعد ما سمعوه يقول : واللّه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتّى يُظهِرَه اللّه أو أهلك دونه ما تركُته بدأ في الحقيقة واحداً من أشدّ فصول حياته واكثرها متاعبَ ومصاعبَ لأن قريشاً كانت لا تزال إلى ذلك الوقت تراعي حرمته وتحترمه وتسيطر على أعصابها ولكنها عند ما فشلت في خططها لجرّه إلى مساومتها اضطرَّت إلى تغيير نهجها واُسلوبها معه لتقفَ دون إنتشار دينه مهما كلَّف من الثمن مستفيدة في هذا السبيل من كل الوسائل الممكنة.
من هنا قرّر سادة قريش بالأجماع أن يتوسَّلوا بسلاح الاستهزاء والسخرية والإيذاء والتهديد بهدف صرفه عن المضيّ في دعوته .
ولا يخفى أن المصلح الّذي يفكر في هداية العالم البشريّ كله يجب ان يتزود بقدر كبير من الصبر والتحمل أمام جميع المشكلات والمتاعب والمكاره والشدائد ليتغلب عليها شيئاً فشيئاً كما كان دأب كل المصلحين الآخرين.
ونحن هنا نورد طرفاً من أذى قريش لرسول اللّه وأتباعه ليتضح مدى صبر النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) وثباته واستقامته على طريق الدعوة.
ولقد كان رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) يتمتع ـ مضافاً إلى العامل الروحي والمعنويّ الباطني الّذي كان يساعده من الداخل أعني الإيمان والصبر والإستقامة والثبات ـ بعامل خارجيّ تولّى حراسته وحمايته وذلك حماية بني هاشم وعلى رأسهم أبو طالب له (صـلى الله علـيه وآله) لأنه عند ما عرف ابو طالب بعزم قريش القاطع على إيذاء إبن أخيه ( محمَّد ) دعا بني هاشم عامة وطلب منهُم جميعاً حماية النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) والقيام دونه فلبَّوا نداء سيّدهم وأجابوه إلى ما دعاهم من حماية رسول اللّه وحراسته بعضٌ بدافع الايمان وآخر بدافع الرَحم الاّ أبو لهب ورجلان آخران انضموا إلى اعداء النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) ولكن هذا السياج الدفاعيّ لم يقدر ـ مع ذلك ـ على صيانته (صـلى الله علـيه وآله) من بعض الحوادث المرّة لأنّ قريشاً ألحقت به الأذى وأنزلت به مكروهاً كلما وجدته وَحيداً بعيداً عن أعين حُماته.
وإليك فيما يأتي بعض النماذج من ذلك الأذى :
1 ـ مَرَّ أبو جهل برسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) عند الصفا فآذاه وشتمه ونال منه ببعض ما يُكره من العيب لدينه والتضعيف لأمره فلم يكلّمه رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) ومولاة لعبد اللّه بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك ثم انصرف عنه فعمد إلى ناد من قريش عند الكعبة فجلس معهم فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب رضي اللّه عنه أن أقبلَ متوشحاً قوسَه راجعاً من قَنص له وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتّى يطوف بالكعبة وكان إذا فعل ذلك لم يمرّ على ناد من قريش إلاّ وقف وسلَّم وتحدَّث معهم وكان أعز فتى في قريش وأشدّ شكيمة.
فلما مرّ بالمولاة وقد رجع رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) إلى بيته قالت له : يا أبا عمارة ( وتلك هي كنيته ) لو رأيت ما لقي ابنُ أخيك محمَّد آنفاً من أبي الحكم بن هشام ( وتعنى أبا جهل ) : وجده هاهنا جالساً فآذاه وسبَّه وبلَغَ منهُ ما يُكرَه ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمَّد (صـلى الله علـيه وآله).
فغضب حمزة لذلك فخرج يسعى ولم يقف على أحد مُعِدّاً لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به.
فلمّا دخل المسجد نظر إليه جالساً في القوم فاقبل نحوه حتّى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجَّهُ شجة منكرة ثم قال : أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول. فردَّ ذلك عليَّ أن استطعتَ .
فقامت رجالٌ من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أباجهل فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة فاني قد سبَبْتُ ابن أخيه سبّاً قبيحاً ، وبهذا منع أبو جهل الّذي كان ممن يدرك خطورة مثل هذه المواقف من وقوع شجار وقتال.
إنَّ التاريخ الثابت والمسلَّم يشهد بأنّ وجودَ رجال ذوي بأس وقوة بين صفوف المسلمين مثل حمزة الّذي أصبح في ما بعد من كبار قادة الإسلام قد كان له أثرٌ كبيرٌ في حفظ الإسلام والحفاظ على حياة الرسول (صـلى الله علـيه وآله) ودعم جماعة المسلمين وتقوية جناحهم فهذا ابن الاثير يقول عن حمزة : لما اسلم حمزة عرفت قريش أن رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) قد عزّ وامتنع فكفوا عما كانوا يتناولون منه.
من هنا أخذت قريش تفكّرُ في إعداد خطط اُخرى لمواجهة قضية الإسلام والمسلمين سنذكرها في المستقبل.
هذا ويرى بعضُ المؤرّخين مثل ابن كثير الشامي على أن رُدود فعل إسلام أبي بكر و عمر واثرهما لم تكن بأقلّ من تاثير إسلام حمزة وانَّ الدين قويَ جانبه باسلام هذين الرجلين وكسَبَ المسلمون بذلك القوة والحريّة في العمل والتحرك والحقيقة انه لا شك في انه لكل فرد تأثيره في تقوية ودعم الإسلام إلاّ أنه لا يمكن ـ القولُ بحال بأن تأثير إسلام الشيخين كان يعدل تأثير إسلام حمزة فإن حمزة ما انْ سمع بأن قريشاً أساءت إلى رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) الاّ وتوجه من دون أن يُعرّج على أحد إلى المسيء وانتقم منه في الحال أشدّ انتقام ولم يجرؤ أحد على الوقوف في وجهه ومنع المسيء منه ومن غضبه وانتقامه بينما يكتب ابن هشام في سيرته عن أبي بكر امراً يكشف عن أن أبابكر يوم دخل في صفوف المسلمين لم يكن قادراً على حماية نفسه ولا على الدفاع عن النبيّ (صـلى الله علـيه وآله). واليك نصُّ الواقعة :
مرَّ رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) ذاتَ يوم على جماعة من قريش وهم جلوسٌ عندَ الحجر فوثبوا إليه وثبة رجل واحد وأحاطوا به يقولون : أنتَ الّذي تقول : كذا وكذا لما كان يقول من عيب آلهتهم ودينهم فيقول رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) : نعم أنا الّذي اقولُ ذلك فأخذ رجلٌ منهم بمجمع ردائه ( وهم يقصدون قتله ) فقام أبو بكر دونه وهو يبكي ويقول : أتقتلون رجلا يقول رَبّي اللّه؟ فانصرفوا عنه ( ولم يقتلوه لأمر رأوه ) فرجع رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) إلى منزله ورجع أبو بكر يومئذ وقد صدعوا فرق رأسه .
إن هذه الرواية التاريخية إذا دلّت على مشاعر الخليفة تجاه النبيّ (صـلى الله علـيه وآله) إلاّ أنها تدل قبل أي شيء على عجزه وضعفه.
إنه يدلُّ على أنه لم يملك ذلك اليوم لا أية مقدرة بدَنية وروحية ولا أية مكانة اجتماعية تُرهَب وحيث أنَّ إلحاق الأذى بشخص رسول اللّه (صـلى الله علـيه وآله) كان ينطوي ـ في نظر قريش ذلك على عواقب لا تحمد ـ لذلك تركوا رسولَ اللّه وَوَجَّهُوا ضربتهم إلى رفيقه وصدعوا فرق رأسه.
ولو أنك قارنت بين هاتين الحادثتين وقايست بين موقف حمزة الشجاع وموقف الخليفة الأوّل هذا لاستطعت أن تقضي بسهولة بأنَّ عزة الإسلام وقوة المسلمين وتعزيز موقفهم وخوف الكفار كان يعود إلى الإسلام أيّ واحد من ذينك الرجلين؟
هذا وستقرأ في القريب العاجل كيفية إسلام عمر . وسترى بأنَّ إسلامه ـ كإسلام صديقه ـ لم يزد هو الآخر من قدرة المسلمين الدفاعية وأنهم بالتالي لم يعتزوا باسلامه.
فيوم أسلم عمر كادَ أن يُقتل لولا العاص بن وائل السهمي لأنه هو الّذي خاطب الذين قصدوا قتل عمر قائلا : رَجُلٌ اختار لنفسه أمراً فماذا تريدون منه؟ أترونَ بني عَدِيّ بن كعب يسلمون لكم صاحبَهم هكذا خلوُّا عن الرجل .
إن هذه العبارة الّتي قالها العاص لانقاذ الخليفة الثاني من أيدي الذين اجتمعوا على قتله تفيد ـ بوضوح ـ أن الخوف من قبيلة عمر هو الّذي كان وراء تركهم إياه وعدم قتله وقد كان دفاعُ القبائل عن أبنائها سنة فطرية وعادة متعارفة يومذاك وكان يتساوى فيها الكبير والصغير والشريف والوضيع.
أجل إنّ بني هاشم هم كانوا ـ في الواقع ـ الحصن الحقيقي للمسلمين وقد كان القسط الأكبر من هذا الأمر يتحمله أبو طالب وذووه وإلاّ فانَّ الاشخاص الآخرين الذين كانوا ينضمُّون إلى صفوف المسلمين لم يكن لديهم القدرة على الدفاع عن أنفسهم فكيف بالدفاع عن الإسلام وجماعة المسلمين ليقال بأن المسلمين اعتزوا بهم؟
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|